المجموع : 18
ما قال أَوَّهْ لفقده واهَا
ما قال أَوَّهْ لفقده واهَا / كمستريحٍ لقوله آهَا
تَبَرَّمُ النفِس من بلابلها / يُفْسد إقرارَها ودعواها
إن يَحْجُبوا وصلَها فما حجبوا / عنِّي سُرَى طيفها وذكراها
بعيدةُ الدّار وهي دانيةٌ / منّي على بعدها ومَنْآها
في ناظر القلب شخصُ مَرْآها / وفي صميم الفؤاد مَثْوَاها
غَرّاء للِّدعْصِ مِلءُ مِئْزَرِها / وللقضيب الرَّطيب أعلاها
أعارِت الراحَ لونَ وجنتها / وطَبْعَ ألحاظها ومعناها
فالخمرُ لو لم تكن كمقلتها / في الطّبْع ما أسكرتْ نَدَامَاها
وليلةٍ بتُّها على طَرَبٍ / آخِرُها مُشْبهٌ لأُولاها
أُقبِّل البرقَ من تَرائبها / وألْثَمُ الشمسَ من مُحيّاها
سَقَتْنِيَ الرّاحَ وهي خدّاها / بأكؤس اللّحظ وهي عيناها
إذا أرادت مزاجها جعلت / بآخر اللحظ في فمي فاها
فيا لَها قهوةً معتّقةً / وليس إلاّ الخدودَ مأواها
حَبابُها الثَّغْرُ حين تُمْزَجُ لي / ونَقْلُها اللَّثْمُ حين أُسْقَاها
تخالُها الشمسَ في تَلأْلُئها / لا بل تخالُ الشموس إيّاها
سَل الصِّبا والأنامَ عن شِيَمي / والمجدَ عن راحتي وجَدْواها
ألستُ أُعطِي العُلاَ حقائقها / منّي وأُجرى اللّذّاتِ مُجْراها
وإن تَدِب الخُطوبُ جامحةً / لَقِيتُها لا أخاف عُقْباها
ومن عيون الظِّبا تَسْحَرُني / أضعفُها لحظةً وأضناها
ولستُ أَرضَى من الأمور بما / لا أجد المكَرْمُات ترضاها
واسمَعْ فعندي من كلّ صالحةٍ / ألطَفُ أسرارِها وأخفاها
لا أدّعي الفضلَ قبل يشهدُ لي / به أداني الدُّنَا وأقصاها
ولا أرى لي على الصديق يداً / تُفْسِدُ إنعامَها بنُعماها
من أصطفاني بودّه فله / عندي يَدٌ كالجبال صُغراها
لله أيّامُنا التي سَلَفتْ / بدار حُزْوَى ما كان أحلاها
فالقَصْرِ من صيرة الملوك إلى / أعلى رُباها إلى مُصلاّها
إذ نَجْتَنِي اللهو من أصائِلها / والعزَّ من فجرها ومَغْداها
إن عَرَضَتْ لذَّةٌ مَلكناها / أو صَعُبت خُطَّة حَوَيناها
أو يممَّتْنا تروم نُصْرتنا / صارخةٌ باسمنا حَميْناها
وإن رَمتْنا الخُطوبَ عن عُرُضٍ / فاضَ نزارٌ لها فَجلاّها
المُطْفئ الحرب كلّما أضطرمتْ / وفارسُ الخيل حين يَلقاها
كأنّما الدهرُ من مخافته / يُعَلّ بالخَمر أو حُمَيّاها
بذَّ الملوكَ الألى فغادَرها / تَذُمّ سلطانَها وعَلْياها
قَصّر عنه اقتدارُ قيصرها / وجاز سَابُورَها وكِسْرَاها
وفات فَيْرُوزَها ورُسْتَمَها / وزاد عزًّا على جُلُنْدَاها
لكلّ مَلْكٍ من الورَى شَبَهٌ / وما أرى للعزيز أشْباها
أقول يا مالكَ الملوك ولا / أقول في مدحه شَهِنْشاها
سعى وطال النجومَ مَبتَدِئاً / بهمّةٍ يَستقلّ مَسْعاها
نفسٌ كأنّ السماءَ مسكنُها / وهِمّةٌ كالزمان أدناها
لم يَسَعِ الدّهرُ حين حلّ به / صُغْرَى عُلاَه فكيف كُبْرَاها
خلافةٌ أصبح الزمانُ لها / مسْتخَدم السَّعْي مذ تولاّها
تَنْهاهُ عن بطشه وتأمرُه / وليس يَسْطِيعها فيَنْهاها
يا مَلِيكاً يفخَر الفَخَارُ به / منَّا على حيّها ومَوْتاها
وتستقِلّ الملوك عِزّتَها / إذا رأتْ عزّة ودنياها
ولو تبدّت لها سجيّتُه / ما حمَدتْ بعده سَجَاياها
لو أمَّهُ من عُفاته أحَدٌ / يقول هَبْ لي عُلاكَ أعطاها
ليست بناسٍ لَوعْدِه وإذا / جاد بنُعماه فهو ينساها
إن أخلف الغيثُ بات نائلهُ / يَخْلُف أنواءه وسُقْيَاها
مُفْترِقُ الحالتين مُجْتمِعُ ال / آراء في سَلْمها وهَيْجاها
دانت له الأرضُ والعبادُ معاً / والوحشُ في وَعْرها وصحْرَاها
فهو لسان التُّقَى ومقلتُه / وهو يمين العُلا ويُسَراها
صُور من جوهر النبوّة إذ / كان الورى طينةً وأمواها
فَمنْ يُطِعْه يفُزْ بطاعته / ومن عصاه فقد عَصَى اللهَ
خُذْها تُباهِي بها الملوكَ فما / جاء بها مالكٌ ولا بَاهَى
لا سيّما من أخي مُحافَظةٍ / حاز بها المَكْرُماتِ والجاها
هذا ولم تَحْوِ من مَناقبك الغرْ / رِ سوى بعض عُشْر أجزاها
مجدك يَستغرِق الثناءَ ولو / كان الورى ألْسُناً وأفواها
إليك مَدّتْ رقابَها العَرَبُ
إليك مَدّتْ رقابَها العَرَبُ / والمُلْكُ ماءٌ عليك مُنْسَكِبُ
وأنتَ من دَوْحة النبوّة لا / تَألَفُ إلاّ عُدَاتك الرِّيَب
ألستَ مَنْ يَرْهَب الإلهَ ولا / يَصُدّه عن حدوده سبب
وكلّما مال بَدْءُ عَزْمته / لمذهب لم تُخَالِف العُقَب
فهكذا تَصْدَع الملوكُ إذا / صالَت وتَنْفي الضَّلالةَ الشُّهُب
ويَزْدَهِي الدِّين بالمُعِزّ لدي / ن الله والمُرْهَفَاتُ واليَلَبُ
وكلُّ رَجْراجةٍ عزائمُه / دِلاَصُها والرِّماح والقُضُب
وهذه الدولةُ التي زَخَرتْ / فلم يَسَعْها الزمانُ والحِقَب
يا حبّذا دَهْرُك الزُّلالُ إذا / أَمَرّ دهرٌ وعصرُك الشَّنِب
وحبَّذا الشَّمْسةُ التي نَصبتْ / يَقْصُر عنها المديحُ والخُطَبُ
قايَستِ العِيدَ وهي حُلْتُه / وأخفت اليومَ وهو مُنْتَصب
يَنْهَب ياقوتُها العيونَ فما / يَكْملُ إلاَّ من حيث يَنْتَهب
دائِرةٌ أحدقتْ بعُزتها / أهِلةٌ لا تُجِنّها السُّحُب
كأنما دُرّها وجوهرُها / نجومُ ليل سماؤها ذَهَبُ
كأنما رُصِّعتْ مَناقبُك ال / غُرّ عليها وأٌفْرغ الحَسَبُ
حقّ على الشمس طولُ نِقْبتها / منها وذاتُ الحياء تُنْتَقب
وقد أراها ولا مُدامَ بها / فكيف قالوا لدُرّها الحَبَبُ
نَظمتَها للهُدَى ولَبَّتِه / وإن سَخِطن الكواعبُ العُرُبُ
في كِبِد المسجِد الحرام لها / شوقٌ وللبيت نحوها طربُ
فلا تَمَشَّى بأهله زمنٌ / إلاّ بما تَشْتهي وتَرْتَقب
صلّى عليك الإلهُ ما طَلعَتْ / شمسٌ وما أنهلّ عارِضٌ لَجِبُ
أَسْهرني طولَ ليلتي رَشَاٌ
أَسْهرني طولَ ليلتي رَشَاٌ / يَمْزُج لي ريقَه بأقداحِهْ
عاجَتْ على عاج خدّه ظُلَمٌ / كأنها الليلُ فوق إصباحِهْ
يا حسنَ كافور عارِضَيْه وما / أَعْبَق فيه اللِّثامُ من راحِهْ
كأنما صَوْلجانُ عارِضِه / في الخدّ يَهْوِي لضرب تُفَّاحِهْ
بِشارةٌ بالفتوح والظَفر
بِشارةٌ بالفتوح والظَفر / رؤياك فاسعَدْ بها على البَشَرِ
أنبأك الله في المنام بما / تبصره مقلتاك في السهر
رأيت آباءك الملوك وفي / أيديهم كلُّ صارمٍ ذَكَرِ
فضاربوا أرؤس العُدَاة كما / تضِربها في الرواح والبُكَر
وإن رنا نحوك السَقامُ فقد / عاد غضيضَ الجفونِ والنظر
وقد كفى الله ما نحاذِره / فيك وإن كنت غير ذي حَذَر
يا صفوة الله في بريَّته / وسرّه في الكتاب والسُوَر
مِعْصَمها من سوارها اعتَقرا
مِعْصَمها من سوارها اعتَقرا / وخدُّها من لِحاظها انفطرا
رِقَّة خَصْر ولين مُحتضَن / كرِقَة الماء إذا صفا فجرى
تكاد عند الكلام إن نطقت / تنحَلّ من كل مَفْصِل خَفرا
من لي بتقبيل مَن هوِيت وقد / أذَبتُها قبل لمسها نظرا
كأنما المسك ذاب من فمها / والصبح من صحن خدّها سفرا
وأسودَّ للحسن فَرْقُ لِمَّتها / واحمرَّ مُبيضُّها ليستعرا
فصار لليل فرعُها غَسَقا / وصار للنار لونها شَررَا
لو حملتها العيون ما ألِمتْ / ولو حواها الفؤاد ما شعرا
كأنها خَطْرة النسيم إذا / وافى من الروض لِينُه سَحَرا
أو مُنْية نالها مؤمِّلها / من قبل أن يستتمّها فِكرا
تفترُّ عنْ كالجمان منتظِم / يُصافح اللثم بارداً خَصِرا
لو صوّرت خَلْقَها إرادتُها / ما قدَّرته كمثل ما قُدِرا
كالمسك نَشْراً والبرق مبتسَما / والغصن قدّاً والحِقْف مؤتَزرا
سارَقها الصبحُ ضوءَ غُرَّتها / إلى اللَّمَى والشقيقَ والحَوَرا
والتقطت لفظَها مواشِطُها / فنظّمته لِعقدها دُرَرا
ومازج الليل شمس مبسمها / وابتزَّ منها لأُفْقه قمرا
ما سِرُّكم يستسرُّ بِي وَلَهٌ / منكم إذا قلتُ قد خَفَى ظهرا
يستوقِف الصبرَ عن لجاجته / ويستحثُّ الدموع والسهرا
لا نائلاً منكُم ولا بخلا / ولا وروداً بكم ولا صَدَرا
ليتِك لمَّا قدَرتِ سالكةٌ / طُرْق نِزار في الفضل إذ قدرا
بدا بمعروفه ونائلِه / واحتقر السيّئات واغتفرا
سما فطال النجومَ مبتدِئاً / وجاد عفواً فأخجل المطرا
أرقَّ أملاكِ هاشمٍ أدبا / وخيرهم منظَراً ومختبرَا
يبذل قبل السؤال نائِلَهُ / ثم يلاقي العُفَاة معتذرا
تكرُّماً كان قبل مولِده / يَدْرسُه في حياته سُوَرا
أبلج يستعصِم الأنامُ به / ويسمع الدهرُ منه ما أمرا
يُعِدّ للخطب صَوْلة فَرَطا / وعزمة هاشميَّة ذكرَا
حزماَ يَرَى الأمير قبل موقِعه / به وعزماً يسابق القَدَرا
وللمعالي عليه أُبَّهةٌ / تملأ قلبَ الشجاع والبصرا
بَذَّ قريشاً وطال هاشمَها / وفات في كلّ صالح مُضَرا
كأنك الشمس مَن ينافسها / لكي يرى مثلها فقد حَسِرا
يا مَلِيكاً أُمُّ مالِه أبداً / تَفْقِده قبل يبلغُ الكبرا
جوداً يصوب الأنامَ عارضُه / منك وينهّل مُزْنه دِرَرا
يختصر الناسُ بذلَ نائلهم / ولست تأتيه أنت مختَصِرا
يأنس قلبُ العلا إليك إذا / فَرَّ من المدّعين أو نفرا
هَنَاك عِيدٌ زجرتُ أحرفه / فألاً وقِدْماً أصاب من زجرا
فكان معناه أن يعود به / عليك سعدٌ يقرِّب الظفرا
فقُلْ لوفد السعود قَدْك نوىً / وقُلْ لكيد الحسود سوف ترى
لم يخلق الله فيك ساقطة / تُسخن عين العلا ولا كَدرا
يا بن معزّ الهدى وحسبُك أن / تغُدو به سامياً ومفتخرا
يا صفوة الله من بَرِيَّتِهِ / وسِرَّ عليائه الذي ظهرا
إنك من معشر همُ جمعوا / شمل المعالي ودوّخوا البشرا
لم يألف الدينُ غيرهم نفَراً / له ولم يرض غيرهم زُمَرا
فهاكها سِمطَ دُرّ مَعْلُوةٍ / منتظِماً لفظُه ومنتثرِا
وأجعله حَلْيا لجِيد مجدك في الدْ / دهر وسيفاً له ومنتصرا
مِن لوذعيِّ الطباع منتصح / ما خان نُعماك لا ولا غدرا
كم لك عندي من نعمةٍ ويد / مشكورة والوفيّ مَنْ شكرا
رقَّ عن الحس وهْو محسوس
رقَّ عن الحس وهْو محسوس / وباين اللمس وهْوَ ملموس
وغاب عن كل مقلة فَرَقا / وحبّه في القلوب محبوس
مباين للعيونِ منظرُه / وشخصه في النفوسِ مغموس
يشرِق مِن نورِهِ النهارُ كما / تطلع من شَعْرِه الحنادِيس
مبتسِم عن مقبَّلٍ يَقَقٍ / كأنما الدر فيه مغروس
ما حظّ عشَّاقِهِ لديهِ سِوى / أن تعترِيهِم به وساوِيس
لولاه لم يَعْصِ ربَّه أحد / ولا أضلّ العِبادَ إِبليس
والله ما قلتُ بئس ما صنعا
والله ما قلتُ بئس ما صنعا / ولا قطعت الهوى ولو قطعا
وكيف يسطيع قلعَ مُقْلِته / مَنْ أوجعته لِيُذْهِب الوجعا
يا قمراً لم يجُدْ لِعاشِقه / ببعضِ ما يشتهِيهِ مذ طلعا
هاك حديثي فما انتفعت به / من حين فارقتَني ولا انتفعا
أحدّث النفس عنك خاليةً / بالوصل كيما أسّرها خدعا
وأُكثر السعي في البقاع إذا / هِمْتُ لعلِّي أراك مطَّلعا
وربما قد نقشت شِبْهك في / كفّي وقبلت وجهه طمعا
وَجْنةُ من شفّني هواه وَمن
وَجْنةُ من شفّني هواه وَمن / أفنيت فيه دموعَ آماقي
كأنّما الصَّيْرَفِيّ دَنَّرَ ما / يَحْمَرُّ فيها ودَرْهَمَ الْباقي
يا عَذْبَةَ الرشفِ هل لمكتئبٍ
يا عَذْبَةَ الرشفِ هل لمكتئبٍ / صبٍّ سبيلٌ لفوز لقياكِ
يشكو إليكِ الفؤادُ لوعتَه / وتَشْتكي العينُ فَقدَ رُؤْياكِ
بي لوعةٌ منكِ ليس يُطْفِئها / إلاّ جَنَى الظَّلِمْ من ثَناياكِ
فَنَوِّلِي منْ قَتَلْتِ مُهجَتَهُ / هدِيَّةً مِنْحَةً على ذاكِ
أو فابعَثي مِن جَنَى رُضابِك ما / يَشْفِي غليلي في رَأْسِ مِسْواكِ
ولو خَشِيتِ الإلهَ ما فَتَكت / بابن وَصِيِّ النَّبي عيناكِ
ملكتُ مملوكةً وقد طَفِقَتْ / مَمْلوكَتي وهي بَعْضُ مُلاّكي
يُطرِب سَمعي مقالُ عائدتي / لها ألاَ كيف حالُ مولاكِ
إِنْ عَبَقَتْ قلتَ مِسْكُ نافجةٍ / أو سَفَرَتْ قلتَ بدرُ أَفْلاكِ
كأنّما طَرْفُها إِذا لَحَظَتْ / مِثليَ في الحبّ مُدنَفٌ شاكي
جُرحي بِعينِيك ليس يندمل
جُرحي بِعينِيك ليس يندمل / وصبوتِي فِيكِ ليس تنفصِلُ
فلا تخافِي عَلَيَّ عاذِلتي / شرُّ الهوى ما يُزيله العَذَلُ
لم أَضْنَ إلا تَشبها بضناً / يشكوه فِي جفنِ عينكِ الكَحَلُ
فلا تظنّي ضنايَ مِثلَ ضَنى / عينيكِ ذا صحّةٌ وذا عِلَلُ
أَيُّ السَّقِيمينَ مُوجَعٌ كَمِدٌ / جِسْمِيَ أم لحظُ عَيْنِكِ الثَّمِلُ
أمَا وبِيضُ الثُّغور لائحةٌ / وما اجتنَتْ مِن رُضابِها القُبَلُ
لولا فُتورُ العيونِ ما قوِيَتْ / ولا غَدَتْ دونَ لحظِها الأَسَل
والنُّجْلُ لو لم يكن بها نَجَلُ / ما تَمّ في عاشِقٍ لها عَمَلُ
يا سحرُ إنّ الذينَ قد زعَموا / أنّ المسمَّى سِوى اسمِهِ جَهِلوا
قالوا ولو عاينوكِ كاسمِكِ ما / أصبح في ذاكِ بينهمْ جَدَل
أهواكِ في القربِ والبِعادِ معاً / وخالصُ الحبِّ ليس ينتقِل
إذا غَدَا الوصلُ لِلهَوى ثمناً / طارَ بذيّالِكِ الهوَى المَلَلُ
يُعجبنِي البُخْلُ إِن بِخِلتِ ولا / يُعجِبُني الجودُ مِنكِ والنَّفَلُ
فشرُّ ما في الرجالِ بُخْلُهُمُ / وخيرُ ما في الكواعِبِ البْخَلُ
قالت وقد راعها البُكاءُ دماً / ما بالُه قلتُ عاشقٌ خَبِل
قالت ومن شَفَّه وتَيَّمَه / قلت الّتي عن غَرامِه تَسَلُ
قالت أمِن نظرةٍ يكونُ هَوىً / هذا مُحبٌّ هواه مُرْتَجَلُ
فقلتُ عيناكِ كادتاه بما / تَعْجِز عن بعضِ حَلِّهِ الحِيلُ
ما يفعل الضَّربُ بالمنَاصِل ما / تفعلهُ للواحظ المُقَلُ
ومَا لها قدرةٌ تَصُول بِها / على الورى غَيْرَ أَنَّها نُجُلُ
إنّ عيونَ الملاحِ واصلةٌ / قاطعةٌ حَبْلَ كلِّ من يَصِل
لا تَجْحَد السفكَ للدِّماءِ ولا / تنكِر مِن ذاك ما هِي الفِعَل
دمُ المحِبِّين في تَرائِبِها / وفي مَبادِي خُدُودِها خَضِل
تَقْتُل عُشّاقَها العيونُ ولا / يحْقِدُهُمْ أَنَّهمْ بها قُتِلوا
يا سحرُكَم أَبتغي رِضاكِ وكم / أُغْضِي على حُرْقةٍ وأَحْتَمِل
وكم أَعَضُّ البَنانَ مِن غَضَبٍ / كأنّه بين أَضلُعِي شُعَل
يا سحرُكم تَنْثَنِي الحفائِظُ بي / عليكِ والإِنتظارُ والمَهَل
يا سحرُ إنّ السُّلُو عَنكِ على / قلبِي حرامٌ ما أُنْسئ الأَجَل
أنتِ مُنَى النَّفْسِ عندَ خَلْوتها / وسُؤْلُها والمرادُ والأَملُ
كأنِك الشمسُ يومَ أَسْعُدِها / إذا تبدّت وبُرْجُها الْحَمَلُ
ما زادَ في حسنِكِ الحُلِيُّ ولا / غَيَّرَه قبلَ حَلْيِكِ الْعَطَلُ
قضيبُ بانٍ ندٍ ودِعْصُ نَقاً / وبدرُ تِمٍّ وفاحِمٌ رَجِل
أَمَاءُ خَدّيكِ في كؤوسِكِ أَمْ / ثَغْرُكِ مِسكٌ يَشُوبُه عسل
أَم لفظك الدُّرُّ حِينَ نَنْثُره / أَم قدُّكِ الْغُصْنُ حين ينفتِل
لولا اشتِغالي بِحفظِ مَعْلُوَتي / ما كان لِي عنك في الهَوى شُغُل
لِي سَلفٌ ليس مِثْلهُمْ سَلَفٌ / مُطَّلِبيُّون سادَةٌ فُضُل
سادُوا وقادُوا الورَى وما احْتَلمَوا / وكَمَّلوا حِلْمَهمْ وما اكْتَهلوا
أَشِيد ما شيّدوا وما رَفَعوا / وأَفعلُ الخيرَ مثلمَا ما فَعلوا
أنا ابْنُ من بَشَّرَ المَسِيحُ بِهِ / وقَدَّمَتْ نعتَ وَصْفهِ الرُّسُلُ
محمد خير من بدَا وهَدَى / وخيرُ مَنْ يَحْتَفِي ويَنْتَعِل
أبي الوصِيُّ الذِي بِه اتَّضَحَتْ / للناسِ طُرْقُ الرَّشادِ والسُّبُلُ
وأُمِّيَ الْبَرّةُ البَتولُ ومَنْ / كُلُّ نِساءِ الورى لَها خَوَل
رَهْطُ نَبِيِّ الهُدَى وأُسْرَتُه / والخلفاءُ الأئمَّةُ الذُّلُل
يا مستعِدُّون للفَخارِ بنا / ومَنْ بنا أدرَكوا الذي سألوا
زعمتُمُ أَنْكم لنا غَضَباً / قمتمْ وبالزَّعْمِ يَكْثُرُ الخْطَلَ
مَتى غضِبْتُمْ لنا وأَنْفُسُنا / لِبِيضِكم مُذْ وَلِيتُمُ نفَلَ
شَرَّدْتُمُ جَعْفَراً وشِيعَتَهُ / بغيرِ ذَنْبٍ جَنَوْا ولاَ افْتَعلوا
والحسَنِيُّون طالمَا تَلِفوا / بِحدّ أَسْيافِكُمْ وما قتلوا
ثم قَتَلْتُمْ موسَى الرِّضا خُدَعاً / لأُمِّكمْ بعدَ قَتْلِه الْهَبَل
غَدْراً وحِقْداً طَوَيْتُمُوه لنا / كَذا يعادِي المَوالِيَ الخوَلُ
وَيْحَ بنِي عَمِّ أَحْمَدٍ خَسِروا / وعِندَه دونَ هاشمٍ خَذَلوا
دماءَ أَبناء أَحْمدٍ شرِبوا / ولحمَ أَبناءِ بِنْتِهِ أَكَلوا
أَرحامَهُمْ قَطَّعوا وَحَدَّهُمُ / فَلُّوا وأَزوارَ قَوْمِهمْ حَمَلوا
يا آلَ عَبَّاسَ أَنْتُمُ لِبنِي الزْ / زهراءِ ثأرٌ وقَدْ دَنا الأجل
لا صَحَبْتَنِي يَدِي وَلا اتَّسَعَت / إلى بلوغِ العُلاُ بيَ السُّبُل
إن لم أَزُرْكُمْ بَجَحْفَلٍ لَجِبٍ / سماؤُه البِيضُ والقْنَا الذُّبُل
يَسُدُّ شرقَ الدُّنا ومَغْربَها / به الكُماةُ الضَّراغِم البُزُل
في كَبِد الأرض منه مُنْخَسِفٌ / وفي فُؤادِ السُّهالهُ وَجَلُ
يُصْبِحُكُمْ في خِلالِ دارِكُمُ / به هِزَبْرٌ منْ هاشمٍ بَطَل
لا يَسكُنُ الرَّوْعُ بين أَضْلُعِهِ / ولا يَفُلُّ اعْترامَهُ الفَشَل
أنا زعيمٌ لكُمْ بواحِدةٍ / تَقْتَصُّ مِنكمْ بِرُزْئِها الْجُمَل
للعَلَويَّين فوقَكُمْ شَرَفٌ / لولاه لم تَبْلُغوا ولم تَصلوا
بهمْ فخَرْتُمْ على مُخالفكُمْ / حتّى علا الْكَعْبُ واسْتَوى الْمَثَلُ
وقَبْلُهْم كان فيكُمُ قِصَرٌ / وكان فيكُمْ عن العُلا ثِقُل
أَجَدّكُمْ كان مِثلَ جدِّهِم / والحربُ بالمشركينَ تَشْتعِل
حينَ تولَّتْ قريشٌ أَجْمعَهُا / وكذَّبوا بالنّبيّ واقْتَتَلوا
كَذَّبَهُ قومُه وأُسْرَتُه / وكان فينا لأَمرِه عَجَلُ
بَدْرٌ وأُحْدٌ وخيْبَرٌ ورُبا / مَكَّةَ يَعْلَمْنَ مَن لَهُ الأُوَلُ
ومن أطاعَ النَّبيَّ مُجْتَهداً / مجاهِداً لا يَعُوقُه كَسَلُ
لله آلُ الوصِيِّ منْ نَفَرٍ / ما نَكَّبُوا عن تُقىً ولا عَدَلوا
هُمُ لُيوثُ الأنام إنْ جَبُنوا / وهُمْ هُداةُ العباد إن جَهِلوا
إن أفضَلوا أجْزَلُوا وإنْ عَقَدوا / شَدَّوا وإن حكَّموهُمُ عَدَلَوا
تَرْتَحِلُ المُكْرمُاتُ إنْ رَحَلوا / وتَنْزِل الصالحاتُ إنْ نَزَلُوا
يا آلَ عَباسَ ما ادِّعاؤُكُمُ / إِرثاً لنا السهلُ منه والجبَلُ
إنْ نَتَقَدّمْ عَلَيْكُمُ فلنَا / سوابقُ المكْرُمات تَتَّصلُ
قدّمَنا اللهُ ثُمّ أخَّرَكُمْ / عنّا فما إنْ لَكُمْ بنا قِبَلُ
شادَ لنا الحَقُّ بيتَ مَعْلُوَةٍ / في حِينَ شادتْ عُلاكُمُ الحيَلُ
نحن بنو أحْمَدَ الذين بهمْ / يدعُو إلى رَبّه ويَبْتَهلُ
نحن كَفَلْنا النّبيّ مُنْذُ بدا / حتى اسْتطالَتْ بأمْره الطُّوَلُ
فنحنُ أَبْنَاؤُهُ وعِتْرَتُهُ / ونحنُ أنْصارُ دِينِه القُتُلُ
كأنّنا في دُجى الأمور ضُحىً / وأنْتُمُ في صَوابها خَطَلُ
صلّى علينا الإلهُ ما نُصِرتْ / بنا العُلاَ والسَّماحُ والْمِلَلُ
الآن قَدَّ الفؤاد نصفَينِ
الآن قَدَّ الفؤاد نصفَينِ / فيه وأَجَرى الدموعَ نوعَين
لما انحنتْ نونُ صُدْغِهِ فرمى / عن قوسِها واتَّقَى بعَيْنين
وانتصَبتْ نِصفُ صادِ شاربه / وخطّ مِن عارِضَيهِ لامَيْن
ومَدَّ صُدْغيهِ في بياضِهما / ليلَينِ صُبَّا على نهارين
وردّ رأسَ العِذار منحرِفاً / عن لدغ جفنين بابليَّين
ضرّجَ خدّيه ثم جَرّد عن / غنْجِ ضنَى مقلتيهِ سيفينِ
فآهِ للمدنَف المعذَّبِ مِن / هذين حسناً وآهِ مِن ذينِ
يَحمل دِعْصَين من روادِفِه / قوامُه في ذُبُولِ خَصْرين
لام عِذارٍ فما أُمَيْلِحَه / أخاف عيني عليه مِن عيني
يا صارِمَي لحظهِ فديتكما / لا تُسلماني إلى العِذاريِن
ويا عذارَيه ما أُحَيْسِنَ ما / برزتما فيه لي بعُذْرَين
كأنّ خدّيه في سوادكما / صُبْحان قد طُرِّزا بليلين
أعاد شمسَ النهار شمسين / به وبدرَ الظلامِ بدرين
أرقّ جلداً إذا تأمّل مِن / شكوَى بدت بين سَفْك دَمْعَين
حسبُك عينٌ يَلَذّ مؤلِمهُا / دأباً وقلبٌ يَحِنّ للحَيْن
والحبّ عذبٌ ما قلّ منه فإن / زاد دعا للشَّقاءِ والشَّين
إن الإمام العزيزَ أكرمُ من / بَثّ الندى مرّة وثنْتَين
المخجلُ الغيثَ راحتاه إذا / جاد بِغيثين مِرزميَّيْنِ
لِيهن مِصَر العُلا وما جَمَعتْ / بِه من المكُرماتِ والزَّينِ
فاض ندَى بَحر جُودِ راحتِهِ / وبحرُها فهيَ بين بحرين
لو طاولت أرضها النجوم علت / به على النَّسْرِ والسِماكينِ
يا بن نبيِّ الهدى وأفضلَ من / يسمو بجدَّين هاشِمِيَّين
من ذا كمنصورِك المبارك أم / مُعِزِّك الرافِعَينِ هذينِ
أم من يدانيك في أبوّتِهِ / مِن عَلَوِيّينِ فاطِمِيّينِ
من لم يَدنْ رَبَّه بطاعتِكْم / كان كغاوٍ يدين بِاثنينِ
إِنِّيَ لم أغد مِنك منقبِضاً / ولم أَرُحْ فِيك ذا مُرادَين
ألقاك دون الجميع منبسِطاً / أُدِلّ كالمقتضي لحقَّين
ليس لأنَّي ابنُ والدٍ وأخٌ / يَجمع مِنّا النِّصابُ غُصْنَينِ
لكن لِوُدّي وطاعتي لك إذ / وجدْتني أنصحَ الولِيَّينِ
أَعدُّ شانيك مِن ذوي رَحمي / ولُحمْتي أكبَر العَدُوَّين
متى لبِسْنا لك الوفاءَ فلم / أُصبِحْ ولي وافرُ النّصيبين
لا فسَحَ اللهُ لي مدى عُمُري / وأشَمت الله بي الحسودينِ
إن كنت لا أشتهي بقاءكَ لي / بالصِدقِ لا بِالرِّياء والمَيْنِ
وأغتدي في عُلاك مِن شَفَقي / عَيْنين أرعى العِدا وأُذْنينِ
وأبذلُ النُّصحَ غيرَ متَّهَمٍ / دون النَّصوحَيْن والمحِبَّين
ولستُ كالمُظهِرينِ مِن حَذَرٍ / وُدَّيْن واستشعَرَا نِفاقَين
ويُبدِيان الرضا وقد طَوَيَا / على القِلىَ والشِقاقِ كَشْحينِ
تخبِرُنا عنهما عيونهمُا / أنّهما يَحملان حِقديَن
ها ذاك يسعَى يكشف سِرك لل / زّاري وهذا يرِيك وجهينِ
كم كَفَرا بالإِلهِ إذ منعَا / مُلكَك كالطالِبَيْه دَيْنين
كم شَنَّعا عنَّي القبِيحَ وكم / سَلاَّ حُسامينِ مَشْرَفيَّيْنِ
كي يستفِزّاك أو لِتقطَع ما / بينك من لحُمةٍ وما بيني
أو يَلحَقا رُتبتي لديك وهل / يَلحَق حافٍ بِذي جَناحين
وأنتَ لا تجعلُ المشارِكَ في / حُلْوِك والمُرِّ كالغَويَّيْن
عَضَّا على الكفِّ واهلكَا أَسَفاً / بَغْياً ومُوتاً كذا بِدَاءَيْنِ
إنّ الإمامَ العزيزَ بانَ لَه / وبانَ ما تحت كلِّ حِسَّين
فلعنةُ اللهِ غيرُ مقلِعةٍ / تَتْرى على أَغْدَرِ الفرِيقين
وهل أنا غيرُ راحةٍ برزتْ / منكَ وكفّاك للذراعينِ
وما رأينا وإن وَشَت عُصَبٌ / أبقَى على الوِدّ من شقِيقين
هَنَّتك أعيادُك الّتي بك قد / هُنِّئن يا أوحدَ الزمانين
نحن مِن العيدِ إذ سلمِتَ لنا / ومنك في تهنئاتِ عِيدينِ
برزتَ كالشمس يومَ أسعدها / بل زدت نوراً على المنيرَين
كأنّ في السَّرْج منك منتِصباً / بدرَ سماءٍ وليثَ شِبْلين
في جَحْفل جَرَّ مِن فوارِسه / كَتائباً تملأ الفضَاءَين
فمن مشيرٍ براحة صُرفتْ / إليك أو ناظرٍ بلحظين
تأَمَّلوا مِن نبيهِّم خُلقُاً / فيك وخلَقْاً محمَّديَّين
حتى إذا ما علوتَ منبرَهم / وقمتَ للحمد في اللِّواءيَن
خوّفتَ بالله ثمّ جئتَ به / مبشِّراً مُسْهَبَ الطّريقَين
تَضُمّ تحميدةً إلى عِظةٍ / لهمْ ووعداً إلى وعِيدَين
أنت الإمام المبينُ حكمتَه / والعالمُ الفردُ ذو الِّلسانين
صلّى عليك الإله من مَلِكٍ / عَدَّ يديه النَّدَى يمينَين
وهاكَها كالعروس باقيةً / غرّاء تختال بين حُسْنين
أحرَّ من وَقفْة الودَاع ومِن / دمعٍ تقاضتْه روَعة البَينْ
تُزري بألفاظها العذابِ على / صَوْلَج لامَيْن في عِذارَيْن
وتختفي قِلةً إذا ذُكرتْ / في ذَهبيّين جوهريّين
وذاكَ أن الذي مَدحتُ بها / أحق الاثنين بالثَناءَيْن
وأنّ مَن صاغَ تلك ضمَّنها / إفكَينِ في إفكٍ وزُورَين
يأيّها الراحِلُ المَشُوقُ إذا
يأيّها الراحِلُ المَشُوقُ إذا / أزعَجَه شوقُه إلى الوَطنِ
أودَعْتُك القول والأَمانةُ لا / تُودَعُ إلاّ لِكلّ مؤتمَن
بلّغ لِبغدادَ إِن حللتَ بها / عنّي بلاغَ المبلِّغِ الفَطِن
بأنّها السُّؤلُ والمُرادُ وإن / أَصبحَ في غيرِ أرضها بدني
وأنّه قد دنا البِعيدُ لنا / وحانَ مِنه ما كان لَم يَحِنِ
وأحَرَّ شَوْقاه لِلحُلولِ بِها / وقد بَلَغْتُ المرادَ مِن زمني
يا عَذبةَ الوَصْلِ والصدودِ ويا
يا عَذبةَ الوَصْلِ والصدودِ ويا / أَعْبَقَ ثَغْراً مِن ابنةِ الدَّنِّ
و لم أَذُقْه ولا سَمِعتُ بمَنْ / ذاقَ ولكِنّه كذا ظَنِّي
بَلىَ تعشَّقتُها بِلا حرَجٍ / كان وقبّلتُها ولا أَكْني
ولم تكن قبْلتي موافَقةً / بل خِلْسةً نِلتُها بِلا إِذنِ
يا دَجْنَ ليلٍ بدا على قَمَرٍ / وبدرَ تِمٍّ يغيب في دَجْنِ
وغصنَ بانٍ يميس فوقَ نقاً / أعجِبْ بِهِ من نقا ومِن غُصْنِ
يا حَسَناً كامِلَ الصّفاتِ إِذا / لَم يُضْحِ خَلْقٌ بِكامِلِ الحُسْنِ
حَسْبُك حُسْنٌ غدت بدائِعهُ / أوسعَ مِن فِطنتي ومِن ذِهْني
كم ذا التجنِّي عليَّ ظالمةً / وكم على حَتْفِ مهجتي أَجْني
أتَسْتَحِّلين في الجفا سَقَمي / أم تستَطيبِين في الهوى غَبْني
مالَك لا تَهدِمِين مُنعِمةً / مِن ظُلْمِكِ المستِطيل ما يَبْني
وَيْلاه وَيلاه يا ظَلومُ أما / يكفِيك ما قد سلبِتِه مِنّي
تَلوُّنا في الهوى ومَعْتِبةً / كذاك حَقّاً تلوُّنُ الجنِّ
مُنِّي ولو بالسّلامِ منعِمةً / ثم اخِلطي ما مَنَنْت بالمَنِّ
صامتةٌ فوق صامت أبداً
صامتةٌ فوق صامت أبداً / يَضمَن ما يَضمن الحياةَ لنَا
نَرشُف من بَرْد ريقها دُفعاً / أعذب من مجتنَي أحبّتِنا
مهفهَف القَدِّ ينثني لِينَاً
مهفهَف القَدِّ ينثني لِينَاً / قد حكّم السُقمَ والضَّنَى فِينَا
سَلَّ حُساما مِن لحظَه فبه / يقتُلنا تارةً ويُحيينا
ومرَّ يُهدي إلى لواحظِنا / ممّا حَمَت عَقْرَباه نِسْرينا
لَم يَسمعِ القلبُ فِيهِ للنّاهي
لَم يَسمعِ القلبُ فِيهِ للنّاهي / نَهياً ولا راحَ عنه بالسّاهي
يلهو إذا ما شكوتُ مشتغِلاً / عنّي وما القلبُ عنه بِاللاّهي
والله لا قلتُ في هوايَ له / آهاً لكي أستريح في آه
فليُزْهَ وليَسْتَطِل عليَّ فما / أعشَق إلاّ الظَّلومَ والزّاهي
كأنّما عينُه مجرِّدةٌ / عليَ سيفَ العزيز باللهِ
الملِك الوارث الإمامةَ عن / كلّ إمامٍ أغَرَّ أَواهِ
سَقِّ أبا جعفرِ الدِّمَشْقِيّا
سَقِّ أبا جعفرِ الدِّمَشْقِيّا / صِرْفاً كَلونِ الخدودِ وردِيَّا
أما ترى السُكرَ كيف نازَعَه / عقلاً يُرِيه صَوابَه غيَّا
كأنّه والكؤوس تَحفِزُه / ظبيٌ رأى خَلْفَه سَلُوقيّا
فَتْرتُه من فتورِ عَيْنَيْهِ
فَتْرتُه من فتورِ عَيْنَيْهِ / وحَرُّه من لهيب خدَّيْهِ
أسكرَني لحظُ مقلتيه كما / أسكر عينيه لدغُ صُدْغيهِ
يا صَوْلَجَانيْهِ مَن أعارَكُما / شقيقتَيْهِ وليلَ فَرعَيهِ
حتَى تعبّدتما القلوبَ له / وقمتما في الهوى بِعُذْرَيه