المجموع : 10
مل بي عن الوردِ واسقني القدحا
مل بي عن الوردِ واسقني القدحا / فوردُها من خدودكَ افتضحا
وقد شكى للنسيمِ خجلتهُ / فحينَ مرَّ النسيمُ بي نفحا
وقم بنا نصطبحُ معتقةً / واسمح بها فالزمانُ قد سمحا
كأنها فرحةً على كبدٍ / تنقضُ عنها الهمومَ والترحا
فاجلُ بها لنفسَ إنها صدأتْ / وآس بها القلب إنهُ قرِحا
وقل لمن لامني على سفهٍ / ما ضرَّنا أنْ نابحاً نبحا
أما ترى الدَّنَّ قد جرى دَمُهُ / كأنه من لحاظكَ انجرحا
يمجُّ راحاً كأنَّ شعلتها / تحت الدياجي شعاعُ شمسِ ضحى
أخفُّ عندي ممن ضنيتُ به / روحاً وأخفى من الضَّنا شبحا
وإن ترَ الهمَّ قاتلاً فرحي / فانظر كيف تبعثُ الفرحا
الفجرُ ما كان ينزوي حزناً / في الأفقِ حتى رآكَ فانشرحا
والطيرُ قد كانَ فوقَ منبرِهِ / عياً فلما سكبتها صَدَحا
والفلُّ والياسمين من حسدٍ / كلاهما فوقَ غصنِهِ انطرحا
تنافسا في الجمالِ آونةً / فحينَما لاحَ وجهكَ اصطلحا
تضربُ كالقلبِ شفَّهُ السقمُ
تضربُ كالقلبِ شفَّهُ السقمُ / كأن فيها الهمومَ تصطدِمُ
ذاتُ محيا أظلُ أقرأ من / خطوطهِ ما يخطهُ القلمُ
تذكرني ما يمرُ من عمري / فكلُّ يومٍ يجدُّ لي ندمُ
وليسَ إما سعتْ عقاربها / يدبُّ في غير مهجتي الألمُ
ولا إذا عجلت فجائعها / في غيرِ ضيقِ القلوبِ تزدحمُ
ما إن تراعي لأهلها ذمما / إن رعيت عند أهلها الذممُ
وما أراها سوى الزمان أما / يدورُ فيها النعيمُ والنقمُ
يا أختَ ذاتِ البروجِ هل حجبتْ / طوالعُ السعدِ هذهِ الظلمُ
وهل تعودُ الجدودُ ثانيةً / من بعدِ هذا العبوسِ تبتسمُ
وما أثبتَ الهمّ في الصدورِ إذا / أمستْ ليالي الحياةِ تنهزمُ
ويحكَ يا قلبُ عدتَ للنزقِ
ويحكَ يا قلبُ عدتَ للنزقِ / أما رمتكَ الظباءُ بالحدقِ
وهل نسيتَ الهوى وما بعدتْ / أيامُ ذاكَ الودادِ والملقِ
وكيفَ ينسى الغريقُ روعتهُ / إذا نجتْ روحهُ من الغرقِ
رحماكَ يا قلبُ ليسَ من شيمي / أني أبيعُ الوفاءَ بالحمقِ
فاقبرْ بلحدِ الهوى لواعجهُ / إنكَ إن تمتْ فيهِ لم تفقِ
ما خُلقَ القلبُ للغرامِ ولم / تخلقْ عيوني لذلكَ الأرقِ
أرقني يا حمامُ ذا الكمدِ
أرقني يا حمامُ ذا الكمدِ / فهل وجدْتَ الهوى كما أجدُ
بتُّ على الغصنِ نائحاً غرِداً / وبتُّ أبكي الذينَ قدْ بعدوا
وأعيني ما تزالُ واكفةً / وأضلعي ما تزالُ تتقدُ
إنا كلانا لعاشقٌ دنفٌ / طارَ بنومي ونومكَ السهدُ
فنحِّ رويداً فما سوى كبدي / تذوبُ يا باعثَ الجوى كبدُ
لي مهجةٌ تعشقُ الجمالَ وهلْ / يلامُ في حبِّ روحهِ الجسدُ
عذبها بالصدودِ ذو هيفٍ / أغيدٌ قد زانَ جيدَهُ الجيدُ
تعزُّ في حسنهِ الظباءُ وقد / ذللَ في ملكِ حسنِهِ الأسدُ
قفا على دارهِ فاسألاهُ / أقلُ من وعدِهِ الذي يعدُ
وغنيا إن رأيتما طللاً / أقفرَ بعدَ الأحبةِ البلدُ
حكمةُ اللهِ في القلوبِ فما
حكمةُ اللهِ في القلوبِ فما / ترحمنا عينُهُ من الحورِ
وما أرى قلبهُ يرقُ لنا / كأنما قلبهُ من الحجرِ
يا فاتنَ الناسِ حسنَ صورتهِ / ما تتقي اللهَ خالقَ الصورِ
غصنٌ إذا مالَ قمتُ من شغفٍ
غصنٌ إذا مالَ قمتُ من شغفٍ / أمجِّدُ اللهَ كيفَ سوَّاهُ
قالوا سبا مهجتي فقلتُ لهم / ما في يدِ العبدِ ملكُ مولاهُ
يا من يرى أنني بخلتُ بما
يا من يرى أنني بخلتُ بما / عندي عليهِ فلستُ ذا وجدِ
كفاكَ بالنفسِ وحدها هبة / فإن نفسي أعزُّ ما عندي
رأيتُ نجليكَ فرقدَي أفقِِ
رأيتُ نجليكَ فرقدَي أفقِِ / وما جميعُ النجومِ اشباهُ
كلاهما في علاك طالعهُ / وفي جبينِ السعودِ سيماهُ
لو خُلقَ المجدُ كالانامِ لما / كان سوى ناظريك عيناهُ
فاهنأ وباهِ السما وانجمها / بالفرقدينِ رعاهما اللهُ
رأيتُ ذا الكونَ كلهُ تعبُ
رأيتُ ذا الكونَ كلهُ تعبُ / سيانَ فيهِ الوجودُ والعدمُ
والناسُ كالنائمينَ ما لبثوا / فكلُّ ما يشهدونهُ حلمُ
أبدعَ ذاتُ العمادِ مبدعُها / فأينَ راحت بأهلها إرمُ
ليتَ أهلَ الغرامِ ما عشقوا
ليتَ أهلَ الغرامِ ما عشقوا / بل ليتهم قبلَ ذاكَ ما خلقوا
إني وجدتُ الحياةَ سائغةً / كالماءِ لكنْ لها الهوى شرقُ
ومن يجدْ عاشقاً يعيشُ فما / ينجو القتيلُ الذي بهِ رمقُ
وكيفَ يبقى العودُ الذي علقتْ / بأصلهِ النارُ وهو يحترقُ
يا قمراً في الفؤادِ مطلعهُ / ومن سُوَيدائِهِ لهُ غسقُ
إن تلقَ في مهجتي سواكَ فما / يريكَ غيرَ الكواكبِ الأفقِ
وكانَ زمانٌ كليلةٍ حلكتْ / هواكَ عندي لصبحها فلقُ
وأنتَ وردي فما يعيبكَ أن / ينبتُ يا وردُ قبلكَ الورقُ
أنبتكَ اللهُ مثمراً شغفاً / وهذهِ أضلعي لهُ طبقُ
يا ربِّ إن القلوبَ قد ضعفتْ / عن فتنتينِ الخدودُ والحدقُ