المجموع : 45
دعاه ثم اكتوى علي كبده
دعاه ثم اكتوى علي كبده / وأن من شوقه ومن كمده
لم تبق أحزانه لمقلته / دمعاً فيبكي به على جسده
من مبلغ الشوق فيه غايته / شوقاً إلى من فؤاده بيده
فليله ليلة الأسير كما / يبيت يخشاه في صباح غده
صافحته فاشتكت أنامله
صافحته فاشتكت أنامله / وكاد يندى بنانه بيدي
وكدت من لينه ونعمته / أفك من زنده إلى العضد
لو رمقته العيون مدمنةً / لذاب من لحظها فلم يجد
يا زفراتٍ نفين عن كبدي
يا زفراتٍ نفين عن كبدي / وما عليلُ السقامِ في جسدي
ويا جفوناً تقطرت بدمٍ / عن ناظرٍ موقفٍ على السهدِ
إن نلتِ وصلاً بذا عجبٌ / أو كنتِ حرباً فلا على أحدِ
واكبداً ما انثنت إلى فرحٍ / إلا رأت مثله من الكمدِ
يا من سلا كيف كان من يجد
يا من سلا كيف كان من يجد / كيف يكونُ العليلُ والكمدُ
تشهدُ لي عبرةٌ موكلة / بجفنِ عينٍ أذابَه السهدُ
طعم الكرى أين كيف مذ غبت عن / عيني وهل نام بعده أحد
نعم ينام الذي كلِفتُ به / هنا الأحباءُ كلما رقدوا
وَجَوهريّ المثالِ ذي غُنُجٍ
وَجَوهريّ المثالِ ذي غُنُجٍ / متصلٍ بالجمالِ منفَرِدِ
لا يبلغُ الوصفُ كُنهَ صورتهِ / نُورٌ تراقى فصارَ في جسدِ
ما منظر ما له إلى حسن / نجا به طرفه إلى أحدِ
لو طلبت فيه غيرَ حُجتِها / عينٌ على العاذلينَ لم تجدِ
ما كنتُ أخشى ممَّن أسرُّ به
ما كنتُ أخشى ممَّن أسرُّ به / خلفاً ولا اضطرني إلى الحذرِ
أيأملُ من لم يَراك تعش / نفسي من الاجتماعِ والنظر
قد ضَمِنَ الشوقُ لي الوفاءَ على / حافظِ عهدي سراً من القدرِ
فحالَ بيني وبينَهُ مطرٌ / ينتقِمُ اللَه لي من المَطَرِ
لو أنَّ طرفي يراهُ ما سهرا
لو أنَّ طرفي يراهُ ما سهرا / ولا جرى منه دمعهُ دُررا
لا أمل القلبُ عندَ سلوتهِ / ولا أرادَ السلوَّ ما قدرا
أشكو إلى اللَه من محاسنهِ / أكثرَ مما أن يشبهَ القمرا
لو أنَّ من لينهِ ورقتهِ / بقلبهِ ما جفا ولا هجرا
أيا كحيلَ الجفونِ بالحورِ
أيا كحيلَ الجفونِ بالحورِ / مبايناً في الجمالِ للبشرِ
وشادناً جل من محاسنهِ / في الوصفِ عن مشبهٍ وعن قدرِ
أما تخافُ الإلهَ في دنفٍ / كحلتهُ بالدموعِ والسهرِ
دعاكَ يا ذا الذي تعبدني / وجداً ولم يشتفِ من النظرِ
لم يَروَ من ماءِ وجهه بصري
لم يَروَ من ماءِ وجهه بصري / ولا اجتنى وَرد خَده نَظري
ولا تمتعتُ من محاسنه / مُذ صِرتُ في مُلكِه من الحذَرِ
مَن هلَّ للشمسِ حينَ تطلعُ مِث / لَ الشمسِ عند النجومِ والقمرِ
فارقتُ حُسنَ الدنيا وبهجتها / ساعةَ فارقتُ أحسنَ البشرِ
يا كَبدِي في الهَوى ويا بَصري
يا كَبدِي في الهَوى ويا بَصري / أصبحتما في عناً على خطرِ
لا تبليا لا شقيتما أبداً / إلا بما نلتما من النظرِ
دوما على طاعة الهَوى دعةً / فالطرفُ بينَ الدموعِ والسهرِ
يا راقداً لم يُحِط به حذرٌ / لم يبقِ من مُهجَتي ولم يذرِ
أذكرُ وجداً فيدَّعي صوناً
أذكرُ وجداً فيدَّعي صوناً / ثم يكونُ التراثُ لي هَجرا
لا وأخذ الله من أساء بمَِن / كانَ ضنى جسمهِ له عذرا
ولا ابتلى اللَهُ بالهوى حسناً / ابتدى التجني وآثرَ الغدرا
وكيدَ حتى كأنهُ حنقٌ / أو طالبٌ في جفائِه وترا
نسيتُ لما الحبيبُ لي هَجرا
نسيتُ لما الحبيبُ لي هَجرا / لومي ولمتُ الفؤادَ إذ صَبرا
هَذا مُدل بحسنِ صورتهِ / وذاك لم يقضِ من هوى وطَرا
لا عذَّبَ اللَه من بلي بهوى / ولا ابتلى بالصدودِ من غَدرا
فقد سئمتُ الحياةَ بينَهما / وأبدلاني من صَفوِها كدرا
أولُ طَرفٍ بَكى فأتبعه
أولُ طَرفٍ بَكى فأتبعه / طالَ ملامي فليسَ ينفعُه
يُفرِّقُ الدمعَ حسرةً دُرراً / ومر بي والرداءُ يجمعُه
والقلبُ من لوعةٍ يُباشرهُ / بالوَعدِ حتى يكادَ يصدعُه
بحيثُ من لا يزالُ يعذلُه / باللَهِ أمسِك فلستُ أسمعُه
بدا فراقَ العيون إذ طَلعا
بدا فراقَ العيون إذ طَلعا / معَمما بالجمال مُدرَعا
تبثُّ عيناهُ من فتورهِما / على العيونِ الفتونَ والبِدَعا
ظَبيٌ بدينِ المسيح مُتصِلٌ / فبثهُ أهلُ دينهِ وَرَعا
لو أدركَ اللاحظونَ صورتَهُ / يوماً لقالوا المسيحُ قد رَجَعا
علم نَومي الجفاءَ بي فَجَفا
علم نَومي الجفاءَ بي فَجَفا / فزادَ جسمي بقدِّهِ دَنفَا
يا أحسنَ العالمين منزلةً / عندَ فؤادٍ أذابَهُ أسفا
أصبحَ بدرُ الدُجى يقول بأن / نكَ منهُ أبهى ومعترفا
بحسبِ قلبي هواكَ يا ملكَ الن / ناسِ لقلبٍ بحسنهِ وكفَى
كفاكَ إن قال أنهُ دنفُ
كفاكَ إن قال أنهُ دنفُ / به من الوجدِ فوقَ ما تصِفُ
باللَهِ فاردد فؤادَ مكتئبٍ / ليسَ له من فؤادهِ خَلفُ
من ليلهُ ساهرٌ ومقلتُهُ / عبرى عليهِ دموعُها تكفُ
لم يدعِ الشوقُ من تحمله / إلا كما كان يتركُ الأسفُ
أمنتهى الواصفين إن وصفُوا
أمنتهى الواصفين إن وصفُوا / ولا يدانوا له وإن كلَفوا
وغايةَ العينِ عند لَحظتِها / ومن عليهِ دموُعها تكِفُ
قد صرفَ العاذلون عذلهُمُ / عني والوجد ليسَ يَنصرِفُ
وطالَ شوقي فما أحاولُ أن / أشكو إلى اللَهِ أنني دَنِفُ
أهديتُ قلبي إليكَ مملوكا
أهديتُ قلبي إليكَ مملوكا / فاقبلهُ فالجسمُ سوفَ يأتيكا
واعطِف عليهِ فقد فجعتُ بهِ / هدياً من الحادثاتِ يهديكا
يا أملكَ الناس للقلوبِ أجب / قلباً بأحزانهِ يُناجِيكا
فكن رحيماً بهائمٍ دَنِفٍ / يفتِنه فيكَ حسنُ ما فيكا
يا دنِفَ القلبِ ما الذي شَغلك
يا دنِفَ القلبِ ما الذي شَغلك / لم تُعطِ ممن تحبهُ أملك
لا تشكُ طولَ الهوى إلى أحدٍ / فإنه لم يزل عليكَ ولك
وَاشفع إلى وَجه مَن وهَبت وعذ / بهِ فما مثلُ وجههِ جذلك
وخلِّ من لامَ في ملامته / فلو رأى ما رأيتَ ما عذَلك
إن يخلُ جفني من المنامِ بكى
إن يخلُ جفني من المنامِ بكى / وطالَ ما رُعتُ طرفه فشكا
يا حسَنَ الوجهِ ليسَ ذا حسنا / أكلَّ ما بي فعلتَ حلَّ لكا
أصبحتُ عبداً لِمن كلفتُ به / فكيفَ رقَّ المولى لمن ملَكا
يا قلبُ صَبراً فلا تزِد كمدِي / ليلحقنكَ الهَوى بمَن هلَكا