القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أَبو الطَّيِّب المُتَنَبّي الكل
المجموع : 21
أَحسَنُ ما يُخضَبُ الحَديدُ بِهِ
أَحسَنُ ما يُخضَبُ الحَديدُ بِهِ / وَخاضِبَيهِ النَجيعُ وَالغَضَبُ
فَلا تَشينَنهُ بِالنُضارِ فَما / يَجتَمِعُ الماءُ فيهِ وَالذَهَبُ
يا ذا المَعالي وَمَعدِنَ الأَدَبِ
يا ذا المَعالي وَمَعدِنَ الأَدَبِ / سَيِّدَنا وَاِبنَ سَيِّدِ العَرَبِ
أَنتَ عَلِيمٌ بِكُلِّ مُعجِزَةٍ / وَلَو سَأَلنا سِواكَ لَم يُجِبِ
أَهَذِهِ قابَلَتكَ راقِصَةً / أَم رَفَعَت رِجلَها مِنَ التَعَبِ
جارِيَةٌ ما لِجِسمِها روحُ
جارِيَةٌ ما لِجِسمِها روحُ / بِالقَلبِ مِن حُبِّها تَباريحُ
في كَفِّها طاقَةٌ تُشيرُ بِها / لِكُلِّ طيبٍ مِن طيبِها ريحُ
سَأَشرَبُ الكَأسَ عَن إِشارَتِها / وَدَمعُ عَيني في الخَدِّ مَسفوحُ
ما سَدِكَت عِلَّةٌ بِمَورودِ
ما سَدِكَت عِلَّةٌ بِمَورودِ / أَكرَمَ مِن تَغلِبَ بنِ داوُّدِ
يَأنَفُ مِن ميتَةِ الفِراشِ وَقَد / حَلَّ بِهِ أَصدَقُ المَواعيدِ
وَمِثلُهُ أَنكَرَ المَماتَ عَلى / غَيرِ سُروجِ السَوابِحِ القودِ
بَعدَ عِثارِ القَنا بِلَبَّتِهِ / وَصَربِهِ أَرؤُسَ الصَناديدِ
وَخَوضِهِ غَمرَ كُلِّ مَهلَكَةِ / لِلذِمرِ فيها فُؤادُ رِعديدِ
فَإِن صَبَرنا فَإِنَّنا صُبُرٌ / وَإِن بَكَينا فَغَيرُ مَردودِ
وَإِن جَزِعنا لَهُ فَلا عَجَبٌ / ذا الجَزرُ في البَحرِ غَيرُ مَعهودِ
أَينَ الهِباتُ الَّتي يُفَرِّقُها / عَلى الزَرافاتِ وَالمَواحيدِ
سالِمُ أَهلِ الوِدادِ بَعدَهُمُ / يَسلَمُ لِلحُزنِ لا لِتَخليدِ
فَما تُرَجّي النُفوسُ مِن زَمَنٍ / أَحمَدُ حالَيهِ غَيرُ مَحمودِ
إِنَّ نُيوبَ الزَمانِ تَعرِفُني / أَنا الَّذي طالَ عَجمُها عودي
وَفيَّ ما قارَعَ الخُطوبَ وَما / آنَسَني بِالمَصائِبِ السودِ
ما كُنتَ عَنهُ إِذِ اِستَغاثَكَ يا / سَيفَ بَني هاشِمٍ بِمَغمودِ
يا أَكرَمَ الأَكرَمينَ يا مَلِكَ ال / أَملاكِ طُرّاً يا أَصيَدَ الصيدِ
قَد ماتَ مِن قَبلِها فَأَنشَرَهُ / وَقعُ قَنا الخَطِّ في اللَغاديدِ
وَرَميُكَ اللَيلَ بِالجُنودِ وَقَد / رَمَيتَ أَجفانَهُم بِتَسهيدِ
فَصَبَّحَتهُم رِعالُها شُزَّباً / بَينَ ثُباتٍ إِلى عَباديدِ
تَحمِلُ أَغمادُها الفِداءَ لَهُم / فَاِنتَقَدوا الضَربَ كَالأَخاديدِ
مَوقِعُهُ في فِراشِ هامِهِمُ / وَريحُهُ في مَناخِرِ السيدِ
أَفنى الحَياةَ الَّتي وَهَبتَ لَهُ / في شَرَفٍ شاكِراً وَتَسويدِ
سَقيمَ جِسمٍ صَحيحَ مَكرُمَةٍ / مَنجودَ كَربٍ غِياثَ مَنجودِ
ثُمَّ غَدا قَيدُهُ الحِمامُ وَما / تَخلُصُ مِنهُ يَمينُ مَصفودِ
لا يَنقُصُ الهالِكونَ مِن عَدَدٍ / مِنهُ عَلِيٌّ مُضَيَّقُ البيدِ
تَهُبُّ في ظَهرِها كَتائِبُهُ / هُبوبَ أَرواحِها المَراويدِ
أَوَّلُ حَرفٍ مِنِ اِسمِهِ كَتَبَت / سَنابِكُ الخَيلِ في الجَلاميدِ
مَهما يُعَزُّ الفَتى الأَميرَ بِهِ / فَلا بِإِقدامِهِ وَلا الجودِ
وَمِن مُنانا بَقائُهُ أَبَداً / حَتّى يُعَزّى بِكُلِّ مَولودِ
أَهلاً بِدارٍ سَباكَ أَغيَدُها
أَهلاً بِدارٍ سَباكَ أَغيَدُها / أَبعَدُ ما بانَ عَنكَ خُرَّدُها
ظَلتَ بِها تَنطَوي عَلى كَبِدٍ / نَضيجَةٍ فَوقَ خِلبِها يَدُها
يا حادِيَي عيرِها وَأَحسَبُني / أَوجَدُ مَيتاً قُبَيلَ أَفقِدُها
قِفا قَليلاً بِها عَلَيَّ فَلا / أَقَلَّ مِن نَظرَةٍ أُزَوِّدُها
فَفي فُؤادِ المُحِبِّ نارُ جَوىً / أَحَرُّ نارِ الجَحيمِ أَبرَدُها
شابَ مِنَ الهَجرِ فَرقُ لِمَّتِهِ / فَصارَ مِثلَ الدِمَقسِ أَسوَدُها
بانو بِخُرعوبَةٍ لَها كَفَلٌ / يَكادُ عِندَ القِيامِ يُقعِدُها
رِبَحلَةٍ أَسمَرٍ مُقَبَّلُها / سِبَحلَةٍ أَبيَضٍ مُجَرَّدُها
يا عاذِلَ العاشِقينَ دَع فِئَةً / أَضَلَّها اللَهُ كَيفُ تُرشِدُها
لَيسَ يُحيكُ المَلامُ في هِمَمٍ / أَقرَبُها مِنكَ عَنكَ أَبعَدُها
بِئسَ اللَيالي سَهِرتُ مِن طَرَبي / شَوقاً إِلى مَن يَبيتُ يَرقُدُها
أَحيَيتُها وَالدُموعُ تُنجِدُني / شُؤونَها وَالظَلامُ يُنجِدُها
لا ناقَتي تَقبَلُ الرَديفَ وَلا / بِالسَوطِ يَومَ الرِهانِ أُجهِدُها
شِراكُها كورُها وَمِشفَرُها / زِمامُها وَالشُسوعُ مِقوَدُها
أَشَدُّ عَصفِ الرِياحِ يَسبِقُهُ / تَحتِيَ مِن خَطوِها تَأَيُّدُها
في مِثلَ ظَهرِ المِجَنِّ مُتَّصِلٍ / بِمِثلِ بَطنِ المِجَنِّ قَردَدُها
مُرتَمِياتٌ بِنا إِلى اِبنِ عُبَي / دِ اللَهِ غيطانُها وَفَدفَدُها
إِلى فَتىً يُصدِرُ الرِماحَ وَقَد / أَنهَلَها في القُلوبِ مَورِدُها
لَهُ أَيادٍ إِلَيَّ سابِقَةٌ / أُعَدُّ مِنها وَلا أُعَدِّدُها
يُعطي فَلا مَطلَةٌ يُكَدِّرُها / بِها وَلا مَنَّةً يُنَكِّدُها
خَيرُ قُرَيشٍ أَباً وَأَمجَدُها / أَكثَرُها نائِلاً وَأَجوَدُها
أَطعَنُها بِالقَناةِ أَصرَبُها / بِالسَيفِ جَحجاحُها مُسَوَّدُها
أَفرَسُها فارِساً وَأَطوَلُها / باعاً وَمِغوارُها وَسَيِّدُها
تاجُ لُؤَيِّ بنِ غالِبٍ وَبِهِ / سَما لَها فَرعُها وَمَحتِدُها
شَمسُ ضُحاها هِلالُ لَيلَتِها / دُرُّ تَقاصيرِها زَبَرجَدُها
يا لَيتَ بي ضَربَةً أُتيحَ لَها / كَما أُتيحَت لَهُ مُحَمَّدُها
أَثَّرَ فيها وَفي الحَديدِ وَما / أَثَّرَ في وَجهِهِ مُهَنَّدُها
فَاِغتَبَطَت إِذ رَأَت تَزَيُّنَها / بِمِثلِهِ وَالجِراحُ تَحسُدُها
وَأَيقَنَ الناسُ أَنَّ زارِعَها / بِالمَكرِ في قَلبِهِ سَيَحصِدُها
أَصبَحَ حُسّادُهُ وَأَنفُسُهُم / يُحدِرُها خَوفُهُ وَيُصعِدُها
تَبكي عَلى الأَنصُلِ الغُمودِ إِذا / أَنذَرَها أَنَّهُ يُجَرِّدُها
لِعِلمِها أَنَّها تَصيرُ دَماً / وَأَنَّهُ في الرِقابِ يُغمِدُها
أَطلَقَها فَالعَدُوُّ مِن جَزَعٍ / يَذُمُّها وَالصَديقُ يَحمَدُها
تَنقَدِحُ النارُ مِن مَضارِبِها / وَصَبُّ ماءِ الرِقابِ يُخمِدُها
إِذا أَضَلَّ الهُمامُ مُهجَتَهُ / يَوماً فَأَطرافُهُنَّ تَنشُدُها
قَد أَجمَعَت هَذِهِ الخَليقَةُ لي / أَنَّكَ يا اِبنَ النَبِيِّ أَوحَدُها
وَأَنكَ بِالأَمسِ كُنتَ مُحتَلِماً / شَيخَ مَعَدٍّ وَأَنتَ أَمرَدُها
فَكَم وَكَم نِعمَةٍ مُجَلِّلَةٍ / رَبَّيتَها كانَ مِنكَ مَولِدُها
وَكَم وَكَم حاجَةٍ سَمَحتَ بِها / أَقرَبُ مِنّي إِلَيَّ مَوعِدُها
وَمَكرُماتٍ مَشَت عَلى قَدَمِ ال / بِرِّ إِلى مَنزِلي تُرَدِّدُها
أَقَرَّ جِلدي بِها عَلَيَّ فَلا / أَقدِرُ حَتّى المَماتِ أَجحَدُها
فَعُد بِها لا عَدِمتُها أَبَداً / خَيرُ صِلاتِ الكَريمِ أَعوَدُها
أَزائِرٌ يا خَيالُ أَم عائِد
أَزائِرٌ يا خَيالُ أَم عائِد / أَم عِندَ مَولاكَ أَنَّني راقِد
لَيسَ كَما ظَنَّ غَشيَةٌ عَرَضَت / فَجِئتَني في خِلالِها قاصِد
عُد وَأَعِدها فَحَبَّذا تَلَفٌ / أَلصَقَ ثَديِي بِثَديِكِ الناهِد
وَجُدتَ فيهِ بِما يَشِحُّ بِهِ / مِنَ الشَتيتِ المُؤَشَّرِ البارِد
إِذا خَيالاتُهُ أَطَفنَ بِنا / أَضحَكَهُ أَنَّني لَها حامِد
وَقالَ إِن كانَ قَد قَضى أَرَباً / مِنّا فَما بالُ شَوقِهِ زائِد
لا أَجحَدُ الفَضلَ رُبَّما فَعَلَت / ما لَم يَكُن فاعِلاً وَلا واعِد
لا تَعرِفُ العَينُ فَرقَ بَينِهِما / كُلٌّ خَيالٌ وِصالُهُ نافِد
يا طَفلَةَ الكَفِّ عَبلَةَ الساعِد / عَلى البَعيرِ المُقَلَّدِ الواخِد
زيدي أَذى مُهجَتي أَزِدكِ هَوىً / فَأَجهَلُ الناسِ عاشِقٌ حاقِد
حَكَيتَ يا لَيلُ فَرعَها الوارِد / فَاِحكِ نَواها لِجَفنِيَ الساهِد
طالَ بُكائي عَلى تَذَكُّرِها / وَصُلتَ حَتّى كِلاكُما واحِد
ما بالُ هَذي النُجومِ حائِرَةً / كَأَنَّها العُميُ ما لَها قائِد
أَو عُصبَةٌ مِن مُلوكِ ناحِيَةٍ / أَبو شُجاعٍ عَلَيهِمُ واجِد
إِن هَرَبوا أَدرَكوا وَإِن وَقَفوا / خَشوا ذَهابِ الطَريفِ وَالتالِد
فَهُم يُرَجّونَ عَفوَ مُقتَدِرٍ / مُبارَكِ الوَجهِ جائِدٍ ماجِد
أَبلَجَ لَو عاذَتِ الحَمامُ بِهِ / ما خَشِيَت رامِياً وَلا صائِد
أَو رَعَتِ الوَحشُ وَهيَ تَذكُرُهُ / ما راعَها حابِلٌ وَلا طارِد
تُهدي لَهُ كُلُّ ساعَةٍ خَبَراً / عَن جَحفَلٍ تَحتَ سَيفِهِ بائِد
وَمَوضِعاً في فِتانِ ناجِيَةٍ / يَحمِلُ في التاجِ هامَةَ العاقِد
يا عَضُداً رَبُّهُ بِهِ العاضِد / وَسارِياً يَبعَثُ القَطا الهاجِد
وَمُمطِرَ المَوتِ وَالحَياةِ مَعاً / وَأَنتَ لا بارِقٌ وَلا راعِد
نِلتَ وَما نِلتَ مِن مَضَرَّةِ وَه / شوذانَ ما نالَ رَأيُهُ الفاسِد
يَبدَءُ مِن كَيدِهِ بِغايَتِهِ / وَإِنَّما الحَربُ غايَةُ الكائِد
ماذا عَلى مَن أَتى يُحارِبُكُم / فَذَمَّ ما اِختارَ لَو أَتى وافِد
بِلا سِلاحٍ سِوى رَجائِكُم / فَفازِ بِالنَصرِ وَاِنثَنى راشِد
يُقارِعُ الدَهرَ مَن يُقارِعُكُم / عَلى مَكانِ المَسودِ وَالسائِد
وَلَيتَ يَومي فَناءِ عَسكَرِهِ / وَلَم تَكُن دانِياً وَلا شاهِد
وَلَم يَغِب غائِبٌ خَليفَتُهُ / جَيشُ أَبيهِ وَجَدُّهُ الصاعِد
وَكُلُّ خَطِّيَّةٍ مُثَقَّفَةٍ / يَهُزُّها مارِدٌ عَلى مارِد
سَوافِكٌ ما يَدَعنَ فاصِلَةً / بَينَ طَرِيِّ الدِماءِ وَالجاسِد
إِذا المَنايا بَدَت فَدَعَوتُها / أُبدِلَ نوناً بِدالِهِ الحائِد
إِذا دَرى الحِصنُ مَن رَماهُ بِها / خَرَّ لَها في أَساسِهِ ساجِد
ما كانَتِ الطَرمُ في عَجاجَتِها / إِلّا بَعيراً أَضَلَّهُ ناشِد
تَسأَلُ أَهلَ القِلاعِ عَن مَلِكٍ / قَد مَسَخَتهُ نَعامَةً شارِد
تَستَوحِشُ الأَرضُ أَن تَقِرَّ بِهِ / فَكُلُّها مُنكَرٌ لَهُ جاحِد
فَلا مُشادٌ وَلا مَشيدٌ حَمى / وَلا مَشيدٌ أَغنى وَلا شائِد
فَاِغتَظ بِقَومٍ وَهشوذَ ما خُلِقوا / إِلّا لِغَيظِ العَدوِّ وَالحاسِد
رَأَوكَ لَمّا بَلَوكَ نابِتَةً / يَأكُلُها قَبلَ أَهلِهِ الرائِد
وَخَلِّ زِيّاً لِمَن يُحَقِّقَهُ / ما كُلُّ دامٍ جَبينُهُ عابِد
إِن كانَ لَم يَعمِدِ الأَميرُ لِما / لَقيتَ مِنهُ فَيُمنُهُ عامِد
يُقلِقُهُ الصُبحُ لا يَرى مَعَهُ / بُشرى بِفَتحٍ كَأَنَّهُ فاقِد
وَالأَمرُ لِلَّهِ رُبَّ مُجتَهِدٍ / ما خابَ إِلّا لِأَنَّهُ جاهِد
وَمُتَّقٍ وَالسِهامُ مُرسَلَةٌ / يَحيدُ عَن حابِضٍ إِلى صارِد
فَلا يُبَل قاتِلٌ أَعاديهِ / أَقائِماً نالَ ذاكَ أَم قاعِد
لَيتَ ثَنائي الَّذي أَصوغُ فِدى / مَن صيغَ فيهِ فَإِنَّهُ خالِد
لَوَيتُهُ دُملُجاً عَلى عَضُدٍ / لِدَولَةٍ رُكنُها لَهُ والِد
اِختَرتُ دَهماءَتَينِ يا مَطَرُ
اِختَرتُ دَهماءَتَينِ يا مَطَرُ / وَمَن لَهُ في الفَضائِلِ الخِيَرُ
وَرُبَّما قالَتِ العُيونُ وَقَد / يَصدُقُ فيها وَيَكذِبُ النَظَرُ
أَنتَ الَّذي لَو يُعابُ في مَلَإٍ / ما عيبَ إِلّا بِأَنَّهُ بَشَرُ
وَأَنَّ إِعطائَهُ الصَوارِمُ وَال / خَيلُ وَسُمرُ الرِماحِ وَالعَكَرُ
فاضِحُ أَعدائِهِ كَأَنَّهُمُ / لَهُ يَقِلّونَ كُلَّما كَثُروا
أَعاذَكَ اللَهُ مِن سِهامِهِمِ / وَمُخطِئٌ مَن رَمِيُّهُ القَمَرُ
أَهوِن بِطولِ الثَواءِ وَالتَلَفِ
أَهوِن بِطولِ الثَواءِ وَالتَلَفِ / وَالسِجنِ وَالقَيدِ يا أَبا دُلَفِ
غَيرَ اِختِيارٍ قَبِلتُ بِرَّكَ بي / وَالجوعُ يُرضي الأُسودَ بِالجِيَفِ
كُن أَيُّها السِجنُ كَيفَ شِئتَ فَقَد / وَطَّنتُ لِلمَوتِ نَفسَ مُعتَرِفِ
لَو كانَ سُكنايَ فيكَ مَنقَصَةً / لَم يَكُنِ الدُرُّ ساكِنَ الصَدَفِ
أَعدَدتُ لِلغادِرينَ أَسيافا
أَعدَدتُ لِلغادِرينَ أَسيافا / أَجدَعُ مِنهُم بِهِنَّ آنافا
لا يَرحَمُ اللَهُ أَرؤُساً لَهُم / أَطَرنَ عَن هامِهِنَّ أَقحافا
ما يَنقِمُ السَيفُ غَيرَ قِلَّتِهِم / وَأَن تَكونَ المِئُونَ آلافا
يا شَرَّ لَحمٍ فَجَعتُهُ بِدَمٍ / وَزارَ لِلخامِعاتِ أَجوافا
قَد كُنتَ أُغنيتَ عَن سُؤالِكَ بي / مَن زَجَرَ الطَيرَ لي وَمَن عافا
وَعَدتُ ذا النَصلِ مَن تَعَرَّضَهُ / وَخِفتُ لَمّا اِعتَرَضتَ إِخلافا
لا يُذكَرُ الخَيرُ إِن ذُكِرتَ وَلا / تُتبِعُكَ المُقلَتانِ تَوكافا
إِذا اِمرُؤٌ راعَني بِغَدرَتِهِ / أَورَدتُهُ الغايَةَ الَّتي خافا
لامَ أُناسٌ أَبا العَشائِرِ في
لامَ أُناسٌ أَبا العَشائِرِ في / جودِ يَدَيهِ بِالعَينِ وَالوَرَقِ
وَإِنَّما قيلَ لِم خُلِقتَ كَذا / وَخالِقُ الخَلقِ خالِقُ الخُلُقِ
قالوا أَلَم تَكفِهِ سَماحَتُهُ / حَتّى بَنى بَيتَهُ عَلى الطُرُقِ
فَقُلتُ إِنَّ الفَتى شَجاعَتُهُ / تُريهِ في الشُحِّ صورَةَ الفَرقِ
بِضَربِ هامِ الكُماةِ تَمَّ لَهُ / كَسبُ الَّذي يَكسِبونَ بِالمَلَقِ
الشَمسُ قَد حَلَّتِ السَماءَ وَما / يَحجُبُها بُعدُها عَنِ الحَدَقِ
كُن لُجَّةً أَيُّها السَماحُ فَقَد / آمَنَهُ سَيفُهُ مِنَ الغَرَقِ
قَد شَغَلَ الناسَ كَثرَةُ الأَمَلِ
قَد شَغَلَ الناسَ كَثرَةُ الأَمَلِ / وَأَنتَ بِالمَكرُماتِ في شُغُلِ
تَمَثَّلوا حاتِماً وَلَو عَقَلوا / لَكُنتَ في الجودِ غايَةَ المَثَلِ
أَهلاً وَسَهلاً بِما بَعَثتَ بِهِ / إيهاً أَبا قاسِمٍ وَبِالرُسُلِ
هَدِيَّةٌ ما رَأَيتُ مُهديها / إِلّا رَأَيتُ العِبادَ في رَجُلِ
أَقَلُّ ما في أَقَلِّها سَمَكٌ / يَلعَبُ في بِركَةٍ مِنَ العَسَلِ
كَيفَ أُكافي عَلى أَجَلِّ يَدٍ / مَن لا يَرى أَنَّها يَدٌ قِبَلي
أَبعَدُ نَأيِ المَليحَةِ البَخَلُ
أَبعَدُ نَأيِ المَليحَةِ البَخَلُ / في البُعدِ ما لا تُكَلَّفُ الإِبلُ
مَلولَةٌ ما يَدومُ لَيسَ لَها / مِن مَلَلٍ دائِمٍ بِها مَلَلُ
كَأَنَّما قَدُّها إِذا اِنفَتَلَت / سَكرانُ مِن خَمرِ طَرفِها ثَمِلُ
يَجذِبُها تَحتَ خَصرِها عَجُزٌ / كَأَنَّهُ مِن فِراقِها وَجِلُ
بي حَرُّ شَوقٍ إِلى تَرَشُّفِها / يَنفَصِلُ الصَبرُ حينَ يَتَّصِلُ
الثَغرُ وَالنَحرُ وَالمُخَلخَلُ وَال / مِعصَمُ دائي وَالفاحِمُ الرَجِلُ
وَمَهمَهٍ جُبتُهُ عَلى قَدَمي / تَعجِزُ عَنهُ العَرامِسُ الذُلُلُ
بِصارِمي مُرتَدٍ بِمَخبُرَتي / مُجتَزِئٌ بِالظَلامِ مُشتَمِلُ
إِذا صَديقٌ نَكِرتُ جانِبَهُ / لَم تُعيِني في فِراقِهِ الحِيَلُ
في سَعَةِ الخافِقَينِ مُضطَرَبٌ / وَفي بِلادٍ مِن أُختِها بَدَلُ
وَفي اِعتِمارِ الأَميرِ بَدرِ بنِ عَم / مارٍ عَنِ الشُغلِ بِالوَرى شُغُلُ
أَصبَحَ مالٌ كَمالُهُ لِذَوي ال / حاجَةِ لا يُبتَدى وَلا يُسَلُ
هانَ عَلى قَلبِهِ الزَمانُ فَما / يَبينُ فيهِ غَمٌّ وَلا جَذَلُ
يَكادُ مِن طاعَةِ الحِمامِ لَهُ / يَقتُلُ مَن مادَنا لَهُ أَجَلُ
يَكادُ مِن صِحَّةِ العَزيمَةِ ما / يَفعَلُ قَبلُ الفِعالِ يَنفَعِلُ
تُعرَفُ في عَينِهِ حَقائِقُهُ / كَأَنَّهُ بِالذَكاءِ مُكتَحِلُ
أُشفِقُ عِندَ اِتِّقادِ فِكرَتِهِ / عَلَيهِ مِنها أَخافُ يَشتَعِلُ
أَغَرُّ أَعداؤُهُ إِذا سَلِموا / بِالهَرَبِ اِستَكبَروا الَّذي فَعَلوا
يُقبِلُهُم وَجهَ كُلِّ سابِحَةٍ / أَربَعُها قَبلَ طَرفِها تَصِلُ
جَرداءَ مِلءِ الحِزامِ مُجفَرَةٍ / تَكونُ مِثلَي عَسيبِها الخُصَلُ
إِن أَدبَرَت قُلتَ لا تَليلَ لَها / أَو أَقبَلَت قُلتَ ما لَها كَفَلُ
وَالطَعنُ شَزرٌ وَالأَرضُ واجِفَةٌ / كَأَنَّما في فُؤادِها وَهَلُ
قَد صَبَغَت خَدَّها الدِماءُ كَما / يَصبُغُ خَدَّ الخَريدَةِ الخَجَلُ
وَالخَيلُ تَبكي جُلودُها عَرَقاً / بِأَدمُعٍ ما تَسُحُّها مُقَلُ
سارَ وَلا قَفرَ مِن مَواكِبِهِ / كَأَنَّما كُلُّ سَبسَبٍ جَبَلُ
يَمنَعُها أَن يُصيبُها مَطَرٌ / شِدَّةُ ما قَد تَضايَقَ الأَسَلُ
يا بَدرُ يا بَحرُ يا عَمامَةُ يا / لَيثَ الشَرى يا حَمامُ يا رَجُلُ
إِنَّ البَنانَ الَّذي تُقَلِّبُهُ / عِندَكَ في كُلِّ مَوضِعٍ مَثَلُ
إِنَّكَ مِن مَعشَرٍ إِذا وَهَبوا / ما دونَ أَعمارِهِم فَقَد بَخَلوا
قُلوبُهُم في مَضاءِ ما اِمتَشَقوا / قاماتُهُم في تَمامِ ما اِعتَقَلوا
أَنتَ نَقيضُ اِسمِهِ إِذا اِختَلَفَت / قَواضِبُ الهِندِ وَالقَنا الذُبُلُ
أَنتَ لِعَمري البَدرُ المُنيرُ وَلَ / كِنَّكَ في حَومَةِ الوَغى زُحَلُ
كَتيبَةٌ لَستَ رَبَّها نَفَلٌ / وَبَلدَةٌ لَستَ حَليَها عُطُلُ
قُصِدتَ مِن شَرقِها وَمَغرِبِها / حَتّى اِشتَكَتكَ الرِكابُ وَالسُبُلِ
لَم تُبقِ إِلّا قَليلَ عافِيَةٍ / قَد وَفَدَت تَجتَدِيكَها العِلَلُ
عُذرُ المَلومَينِ فيكَ أَنَّهُما / آسٍ جَبانٌ وَمِبضَعٌ بَطَلُ
مَدَدتَ في راحَةِ الطَبيبِ يَداً / وَما دَرى كَيفَ يُقطَعُ الأَمَلُ
إِن يَكُنِ البَضعُ ضَرَّ باطِنِها / فَرُبَّما ضَرَّ ظَهرَها القُبَلُ
يَشُقُّ في عِرقِها الفِصادُ وَلا / يَشُقُّ في عِرقِ جودِها العَذَلُ
خامَرَهُ إِذ مَدَدتَها جَزَعٌ / كَأَنَّهُ مِن حَذافَةٍ عَجِلُ
جازَ حُدودَ اِجتِهادِهِ فَأَتى / غَيرَ اجتِهادٍ لِأُمِّهِ الهَبَلُ
أَبلَغُ ما يُطلَبُ النَجاحُ بِهِ ال / طَبعُ وَعِندَ التَعَمُّقِ الزَلَلُ
اِرثِ لَها إِنَّها بِما مَلَكَت / وَبِالَّذي قَد أَسَلتَ تَنهَمِلُ
مِثلُكَ يا بَدرُ لا يَكونُ وَلا / تَصلُحُ إِلّا لِمِثلِكَ الدُوَلُ
لا تَحسَبوا رَبعَكُم وَلا طَلَلَه
لا تَحسَبوا رَبعَكُم وَلا طَلَلَه / أَوَّلَ حَيٍّ فِراقُكُم قَتَلَه
قَد تَلِفَت قَبلَهُ النُفوسُ بِكُم / وَأَكثَرَت في هَواكُمُ العَذَلَه
خَلا وَفيهِ أَهلٌ وَأَوحَشَنا / وَفيهِ صِرمٌ مُرَوِّحٌ إِبِلَه
لَو سارَ ذاكَ الحَبيبُ عَن فَلَكٍ / ما رَضِيَ الشَمسَ بُرجُهُ بَدَلَه
أُحِبُّهُ وَالهَوى وَأَدأُرَهُ / وَكُلُّ حُبٍّ صَبابَةٌ وَوَلَه
يَنصُرُها الغَيثُ وَهيَ ظامِئَةٌ / إِلى سِواهُ وَسُحبُها هَطِلَه
واحَرَبا مِنكِ يا جَدايَتَها / مُقيمَةً فَاِعلَمي وَمُرتَحِلَه
لَو خُلِطَ المِسكُ وَالعَبيرُ بِها / وَلَستِ فيها لَخِلتُها تَفِلَه
أَنا اِبنُ مَن بَعضُهُ يَفوقُ أَبا ال / باحِثِ وَالنَجلُ بَعضُ مَن نَجَلَه
وَإِنَّما يَذكُرُ الجُدودَ لَهُم / مَن نَفَروهُ وَأَنفَدوا حِيَلَه
فَخراً لِعَضبٍ أَروحُ مُشتَمِلَه / وَسَمهَرِيٍّ أَروحُ مُعتَقَلَه
وَليَفخَرِ الفَخرُ إِذ غَدَوتُ بِهِ / مُرتَدِياً خَيرَهُ وَمُنتَعِلَه
أَنا الَّذي بَيَّنَ الإِلَهُ بِهِ ال / أَقدارَ وَالمَرءُ حَيثُما جَعَلَه
جَوهَرَةٌ يَفرَحُ الكِرامُ بِها / وَغُصَّةٌ لا تُسيغُها السَفِلَه
إِنَّ الكِذابَ الَّذي أَكادُ بِهِ / أَهوَنُ عِندي مِنَ الَّذي نَقَلَه
فَلا مُبالٍ وَلا مُداجٍ وَلا / وانٍ وَلا عاجِزٌ وَلا تُكَلَه
وَدارِعٍ سِفتُهُ فَخَرَّ لَقىً / في المُلتَقى وَالعَجاجِ وَالعَجَلَه
وَسامِعٍ رُعتُهُ بِقافِيَةٍ / يَحارُ فيها المُنَقِّحُ القُوَلَه
وَرُبَّما أُشهِدُ الطَعامَ مَعي / مَن لا يُساوي الخُبزَ الَّذي أَكَلَه
وَيُظهِرُ الجَهلَ بي وَأَعرِفُهُ / وَالدُرُّ دُرٌّ بِرَغمِ مَن جَهِلَه
مُستَحيِياً مِن أَبي العَشائِرِ أَن / أَسحَبَ في غَيرِ أَرضِهِ حُلَلَه
أَسحَبُها عِندَهُ لَدى مَلِكٍ / ثِيابُهُ مِن جَليسِهِ وَجِلَه
وَبيضُ غِلمانِهِ كَنائِلِهِ / أَوَّلُ مَحمولِ سَيبِهِ الحَمَلَه
ما لِيَ لا أَمدَحُ الحُسَينَ وَلا / أَبذُلُ مِثلَ الوُدِّ الَّذي بَذَلَه
أَأَخفَتِ العَينُ عِندَهُ خَبَراً / أَم بَلَغَ الكَيذُبانُ ما أَمَلَه
أَم لَيسَ ضَرّابَ كُلِّ جُمجُمَةٍ / مَنخُوَّةٍ ساعَةَ الوَغى زَعِلَه
وَصاحِبَ الجودِ ما يُفارِقُهُ / لَو كانَ لِلجودِ مَنطِقٌ عَذَلَه
وَراكِبَ الهَولِ لا يُفَتِّرُهُ / لَو كانَ لِلهَولِ مَحزِمٌ هَزَلَه
وَفارِسَ الأَحمَرِ المُكَلِّلَ في / طَيِّئٍ المُشرَعَ القَنا قِبَلَه
لَمّا رَأَت وَجهَهُ خُيولُهُمُ / أَقسَمَ بِاللَهِ لا رَأَت كَفَلَه
فَأَكبَروا فِعلَهُ وَأَصغَرَهُ / أَكبَرُ مِن فِعلِهِ الَّذي فَعَلَه
القاطِعُ الواصِلُ الكَميلُ فَلا / بَعضُ جَميلٍ عَن بَعضِهِ شَغَلَه
فَواهِبٌ وَالرِماحُ تَشجُرُهُ / وَطاعِنٌ وَالهِباتُ مُتَّصِلَه
وَكُلَّما آمَنَ البِلادَ سَرى / وَكُلَّما خيفَ مَنزِلٌ نَزَلَه
وَكُلَّما جاهَرَ العَدُوَّ ضُحىً / أَمكَنَ حَتّى كَأَنَّهُ خَتَلَه
يَحتَقِرُ البيضَ وَاللِدانَ إِذا / سَنَّ عَلَيهِ الدِلاصَ أَو نَثَلَه
قَد هَذَّبَت فَهمَهُ الفَقاهَةُ لي / وَهَذَّبَت شِعرِيَ الفَصاحَةَ لَه
فَصِرتُ كَالسَيفِ حامِداً يَدَهُ / لا يَحمَدُ السَيفُ كُلَّ مَن حَمَلَه
أَحَقُّ عافٍ بِدَمعِكَ الهِمَمُ
أَحَقُّ عافٍ بِدَمعِكَ الهِمَمُ / أَحدَثُ شَيءٍ عَهداً بِها القِدَمُ
وَإِنَّما الناسُ بِالمُلوكِ وَما / تُفلِحُ عُربٌ مُلوكُها عَجَمُ
لا أَدَبٌ عِندَهُم وَلا حَسَبٌ / وَلا عُهودٌ لَهُم وَلا ذِمَمُ
بِكُلِّ أَرضٍ وَطِئتُها أُمَمٌ / تُرعى لِعَبدٍ كَأَنَّها غَنَمُ
يَستَخشِنُ الخَزَّ حينَ يَلمُسُهُ / وَكانَ يُبرى بِظُفرِهِ القَلَمُ
إِنّي وَإِن لُمتُ حاسِدِيَّ فَما / أُنكِرُ أَنّي عُقوبَةٌ لَهُمُ
وَكَيفَ لا يُحسَدُ اِمرُؤٌ عَلَمٌ / لَهُ عَلى كُلِّ هامَةٍ قَدَمُ
يَهابُهُ أَبسأُ الرِجالِ بِهِ / وَتَتَّقي حَدَّ سَيفِهِ البُهَمُ
كَفانِيَ الذَمَّ أَنَّني رَجُلٌ / أَكرَمُ مالٍ مَلَكتُهُ الكَرَمُ
يَجني الغِنى لِلِّئامِ لَو عَقَلوا / ما لَيسَ يَجني عَلَيهِمِ العَدَمُ
هُمُ لِأَموالِهِم وَلَسنَ لَهُم / وَالعارُ يَبقى وَالجُرحُ يَلتَإِمُ
مَن طَلَبَ المَجدَ فَليَكُن كَعَلِي / يٍ يَهَبُ الأَلفَ وَهوَ يَبتَسِمُ
وَيَطعَنُ الخَيلَ كُلَّ نافِذَةٍ / لَيسَ لَها مِن وَحائِها أَلَمُ
وَيَعرِفُ الأَمرَ قَبلَ مَوقِعِهِ / فَما لَهُ بَعدَ فِعلِهِ نَدَمُ
وَالأَمرُ وَالنَهيُ وَالسَلاهِبُ وَال / بيضُ لَهُ وَالعَبيدُ وَالحَشَمُ
وَالسَطَواتُ الَّتي سَمِعتَ بِها / تَكادُ مِنها الجِبالُ تَنفَصِمُ
يُرعيكَ سَمعاً فيهِ اِستِماعٌ إِلى الد / داعي وَفيهِ عَنِ الخَنا صَمَمُ
يُريكَ مِن خَلقِهِ غَرائِبَهُ / في مَجدِهِ كَيفَ تُخلَقُ النَسَمُ
مِلتُ إِلى مَن يَكادُ بَينَكُما / إِن كُنتُما السائِلَينِ يَنقَسِمُ
مِن بَعدِ ما صيغَ مِن مَواهِبِهِ / لِمَن أُحِبُّ الشُنوفُ وَالخَدَمُ
ما بَذَلَت ما بِهِ يَجودُ يَدٌ / وَلا تَهَدّى لِما يَقولُ فَمُ
بَنو العَفَرنى مَحَطَّةَ الأَسَدِ ال / أُسدُ وَلَكِن رِماحُها الأَجَمُ
قَومٌ بُلوغُ الغُلامِ عِندَهُمُ / طَعنُ نُحورِ الكُماةِ لا الحُلمُ
كَأَنَّما يولَدُ النَدى مَعَهُم / لا صِغَرٌ عاذِرٌ وَلا هَرِمُ
إِذا تَوَلَّوا عَداوَةً كَشَفوا / وَإِن تَوَلَّوا صَنيعَةً كَتَموا
تَظُنُّ مِن فَقدِكَ اِعتِدادَهُمُ / أَنَّهُم أَنعَموا وَما عَلِموا
إِن بَرَقوا فَالحُتوفُ حاضِرَةٌ / أَو نَطَقوا فَالصَوابُ وَالحِكَمُ
أَو حَلَفوا بِالغَموسِ وَاِجتَهَدوا / فَقَولُهُم خابَ سائِلي القَسَمُ
أَو رَكِبوا الخَيلَ غَيرَ مُسرَجَةٍ / فَإِنَّ أَفخاذَهُم نَها حُزُمُ
أَو شَهِدوا الحَربَ لاقِحاً أَخَذوا / مِن مُهَجِ الدارِعينَ ما اِحتَكَموا
تُشرِقُ أَعراضُهُم وَأَوجُهُهُم / كَأَنَّها في نُفوسِهِم شِيَمُ
لَولاكَ لَم أَترُكِ البُحَيرَةَ وَال / غَورُ دَفيءٌ وَماؤُها شَبِمُ
وَالمَوجُ مِثلُ الفُحولِ مُزبِدَةً / تَهدِرُ فيها وَما بِها قَطَمُ
وَالطَيرُ فَوقَ الحَبابِ تَحسَبُها / فُرسانَ بُلقٍ تَخونُها اللُجُمُ
كَأَنَّها وَالرِياحُ تَضرِبُها / جَيشاً وَغىً هازِمٌ وَمُنهَزِمُ
كَأَنَّها في نَهارِها قَمَرٌ / حَفَّ بِهِ مِن جِنانِها ظُلَمُ
ناعِمَةُ الجِسمِ لا عِظامَ لَها / لَها بَناتٌ وَما لَها رَحِمُ
يُبقَرُ عَنهُنَّ بَطنُها أَبَداً / وَما تَشَكّى وَلا يَسيلُ دَمُ
تَغَنَّتِ الطَيرُ في جَوانِبِها / وَجادَتِ الرَوضُ حَولَها الدِيَمُ
فَهيَ كَماوِيَّةٍ مُطَوَّقَةٍ / جُرِّدَ عَنها غِشاؤُها الأَدَمُ
يَشينُها جَريُها عَلى بَلَدٍ / تَشينُهُ الأَدعِياءُ وَالقَزَمُ
أَبا الحُسَينِ اِستَمِع فَمَدحُكُمُ / في الفِعلِ قَبلَ الكَلامِ مُنتَظِمُ
وَقَد تَوالى العِهادُ مِنهُ لَكُم / وَجادَتِ المَطرَةُ الَّتي تَسيمُ
أُعيذُكُم مِن صُروفِ دَهرِكُمُ / فَإِنَّهُ في الكِرامِ مُتَّهَمُ
ما نَقَلَت في مَشيئةِ قَدَماً
ما نَقَلَت في مَشيئةِ قَدَماً / وَلا اِشتَكَت مِن دُوارِها أَلَما
لَم أَرَ شَخصاً مِن قَبلِ رُؤيَتِها / يَفعَلُ أَفعالَها وَما عَزَما
فَلا تَلُمها عَلى تَواقُعِها / أَطرَبَها أَن رَأَتكَ مُبتَسِما
قَد صَدَقَ الوَردُ في الَّذي زَعَما
قَد صَدَقَ الوَردُ في الَّذي زَعَما / أَنَّكَ صَيَّرتَ نَثرَهُ دِيَما
كَأَنَّما مائِجُ الهَواءِ بِهِ / بَحرٌ حَوى مِثلَ مائِهِ عَنَما
ناثِرُهُ ناثِرُ السُيوفِ دَماً / وَكُلَّ قَولٍ يَقولُهُ حِكَما
وَالخَيلَ قَد فَصَّلَ الضِياعَ بِها / وَالنِعَمُ السابِغاتِ وَالنِقَما
فَليُرِنا الوَردُ إِن شَكا يَدَهُ / أَحسَنَ مِنهُ مِن جودِهِ سَلِما
وَقُل لَهُ لَستَ خَيرَ ما نَثَرَت / وَإِنَّما عَوَّذَت بِكَ الكَرَما
خَوفاً مِنَ العَينِ أَن يُصابَ بِها / أَصابَ عَيناً بِها يُصابُ عَمى
الناسُ ما لَم يَرَوكَ أَشباهُ
الناسُ ما لَم يَرَوكَ أَشباهُ / وَالدَهرُ لَفظٌ وَأَنتَ مَعناهُ
وَالجودُ عَينٌ وَأَنتَ ناظِرُها / وَالبَأسُ باعٌ وَأَنتَ يُمناهُ
أَفدي الَّذي كُلُّ مَأزِقٍ حَرِجٍ / أَغبَرَ فُرسانُهُ تَحاماهُ
أَعلى قَناةِ الحُسَينِ أَوسَطُها / فيهِ وَأَعلى الكَمِيَّ رِجلاهُ
تُنشِدُ أَثوابُنا مَدائِحُهُ / بِأَلسُنٍ مالَهُنَّ أَفواهُ
إِذا مَرَرنا عَلى الأَصَمِّ بِها / أَغنَتهُ عَن مِسمَعَيهِ عَيناهُ
سُبحانَ مَن خارَ لِلكَواكِبِ بِال / بُعدِ وَلَو نِلنَ كُنَّ جَدواهُ
لَو كانَ ضَوءُ الشُموسِ في يَدِهِ / لَصاعَهُ جودُهُ وَأَفناهُ
يا راحِلاً كُلُّ مَن يُوَدِّعُهُ / مُوَدِّعٌ دينَهُ وَدُنياهُ
إِن كانَ فيما نَراهُ مِن كَرَمٍ / فيكَ مَزيدٌ فَزادَكَ اللَهُ
قالوا أَلَم تَكنِهِ فَقُلتُ لَهُم
قالوا أَلَم تَكنِهِ فَقُلتُ لَهُم / ذَلِكَ عِيٌّ إِذا وَصَفناهُ
لايَتَوَقّى أَبو العَشائِرِ مِن / لَبسِ مَعاني الوَرى بِمَعناهُ
أَفرَسُ مَن تَسبَحُ الجِيادُ بِهِ / وَلَيسَ إِلّا الحَديدَ أَمواهُ
أَوهِ بَديلٌ مِن قَولَتي واهاً
أَوهِ بَديلٌ مِن قَولَتي واهاً / لِمَن نَأَت وَالبَديلُ ذِكراها
أَوهِ لِمَن لا أَرى مَحاسِنَها / وَأَصلُ واهاً وَأَوهِ مَرآها
شامِيَّةٌ طالَما خَلَوتُ بِها / تُبصِرُ في ناظِري مُحَيّاها
فَقَبَّلَت ناظِري تُغالِطُني / وَإِنَّما قَبَّلَت بِهِ فاها
فَلَيتَها لا تَزالُ آوِيَةً / وَلَيتَهُ لا يَزالُ مَأواها
كُلُّ جَريحٍ تُرجى سَلامَتُهُ / إِلّا فُؤاداً دَهَتهُ عَيناها
تَبُلُّ خَدَّيَّ كُلَّما اِبتَسَمَت / مِن مَطَرٍ بَرقُهُ ثَناياها
ما نَفَضَت في يَدي غَدائِرُها / جَعَلَتهُ في المُدامِ أَفواها
في بَلَدٍ تُضرَبُ الحِجالُ بِهِ / عَلى حِسانٍ وَلَسنَ أَشباها
لَقِينَنا وَالحُمولُ ساتِرَةٌ / وَهُنَّ دُرٌّ فَذُبنَ أَمواها
كُلُّ مَهاةٍ كَأَنَّ مُقلَتَها / تَقولُ إِيّاكُمُ وَإِيّاها
فيهِنَّ مَن تَقطُرُ السُيوفُ دَماً / إِذا لِسانُ المُحِبِّ سَمّاها
أُحِبُّ حِمصاً إِلى خُناصِرَةٍ / وَكُلُّ نَفسٍ تُحِبُّ مَحياها
حَيثُ اِلتَقى خَدُّها وَتُفّاحَ لُب / نانَ وَثَغري عَلى حُمَيّاها
وَصِفتُ فيها مَصيفَ بادِيَةٍ / شَتَوتُ بِالصَحصَحانِ مَشتاها
إِن أَعشَبَت رَوضَةٌ رَعَيناها / أَو ذُكِرَت حِلَّةٌ غَزَوناها
أَو عَرَضَت عانَةٌ مُقَزَّعَةٌ / صِدنا بِأُشرى الجِيادِ أولاها
أَو عَبَرَت هَجمَةٌ بِنا تُرِكَت / تَكوسُ بَينَ الشُروبِ عَقراها
وَالخَيلُ مَطرودَةٌ وَطارِدَةٌ / تَجُرُّ طولى القَنا وَقُصراها
يُعجِبُها قَتلُها الكُماةُ وَلا / يُنظِرُها الدَهرُ بَعدَ قَتلاها
وَقَد رَأَيتُ المُلوكَ قاطِبَةً / وَسِرتُ حَتّى رَأَيتُ مَولاها
وَمَن مَناياهُمُ بِراحَتِهِ / يَأمُرُها فيهِمِ وَيَنهاها
أَبا شُجاعٍ بِفارِسٍ عَضُدَ ال / دَولَةِ فَنّاخُسرو شَهَنشاها
أَسامِياً لَم تَزِدهُ مَعرِفَةً / وَإِنَّما لَذَّةً ذَكَرناها
تَقودُ مُستَحسَنَ الكَلامِ لَنا / كَما تَقودُ السَحابَ عُظماها
هُوَ النَفيسُ الَّذي مَواهِبُهُ / أَنفَسُ أَموالِهِ وَأَسناها
لَو فَطِنَت خَيلُهُ لِنائِلِهِ / لَم يُرضِها أَن تَراهُ يَرضاها
لا تَجِدُ الخَمرَ في مَكارِمِهِ / إِذا اِنتَشى خَلَّةً تَلافاها
تُصاحِبُ الراحُ أَريَحِيَّتَهُ / فَتَسقُطُ الراحُ دونَ أَدناها
تَسُرُّ طَرباتُهُ كَرائِنَهُ / ثُمَّ تُزيلُ السُرورَ عُقباها
بِكُلِّ مَوهوبَةٍ مُوَلوَلَةٍ / قاطِعَةٍ زيرَها وَمَثناها
تَعومُ عَومَ القَذاةِ في زَبَدٍ / مِن جودِ كَفِّ الأَميرِ يَغشاها
تُشرِقُ تيجانُهُ بِغُرَّتِهِ / إِشراقَ أَلفاظِهِ بِمَعناها
دانَ لَهُ شَرقُها وَمَغرِبُها / وَنَفسُهُ تَستَقِلُّ دُنياها
تَجَمَّعَت في فُؤادِهِ هِمَمٌ / مِلءُ فُؤادِ الزَمانِ إِحداها
فَإِن أَتى حَظُّها بِأَزمِنَةٍ / أَوسَعَ مِن ذا الزَمانِ أَبداها
وَصارَتِ الفَيلَقانِ واحِدَةٌ / تَعثُرُ أَحياؤُها بِمَوتاها
وَدارَتِ النَيِّراتُ في فَلَكٍ / تَسجُدُ أَقمارُها لِأَبهاها
الفارِسُ المُتَّقى السِلاحُ بِهِ ال / مُثني عَلَيهِ الوَغى وَخَيلاها
لَو أَنكَرَت مِن حَيائِها يَدُهُ / في الحَربِ آثارُها عَرَفناها
وَكَيفَ تَخفى الَّتي زِيادَتُها / وَناقِعُ المَوتِ بَعضُ سيماها
الواسِعُ العُذرِ أَن يَتيهَ عَلى ال / دُنيا وَأَبنائِها وَماتاها
لَو كَفَرَ العالَمونَ نِعمَتُهُ / لَما عَدَت نَفسُهُ سَجاياها
كَالشَمسِ لا تَبتَغي بِما صَنَعَت / مَنفَعَةً عِندَهُم وَلا جاها
وَلِّ السَلاطينَ مَن تَوَلّاها / وَاِلجَأ إِلَيهِ تَكُن حُدَيّاها
وَلا تَغُرَّنَّكَ الإِمارَةُ في / غَيرِ أَميرٍ وَإِن بِها باهى
فَإِنَّما المَلكُ رَبُّ مَملَكَةٍ / قَد فَغَمَ الخافِقَينَ سَرَيّاها
مُبتَسِمٌ وَالوُجوهُ عابِسَةٌ / سِلمُ العِدى عِندَهُ كَهَيجاها
الناسُ كَالعابِدينَ آلِهَةً / وَعَبدُهُ كَالمُوَحِّدُ اللَهَ
شغْلي عن الرّبع أن أُسائلَه
شغْلي عن الرّبع أن أُسائلَه / وأن أطيلَ البُكاء في خَلَقِهْ
بالسجن والقيد والحديد وما / يُنقضُ عند القيام من حلَقِهْ
في كل لصٍّ إذا خلوتُ به / حدَّث عن جحده وعن سرَقِهْ
لو خُلقت رجله كهامته / إذاً لبارى البُزاةَ في طلَقِهْ
بدّلت جيرانه وبِلْيته / في خطّ كفّ الأمير من ورَقِهْ
يا أيها السيد الهمام أبا ال / عباس والمستعاذُ من حَنَقِهْ
أعني الأمير الذي لهيبته / يخفق قلب الرضيع في خِرَقِهْ
المظهر العدل في رعيته / والمعتدى حلمه على نزقِهْ
لما تأملته رأيت له / مجداً تضلُّ الصفات في طرقِهْ
نظرت من طبعه إلى ملك / يغضى حماة الشآم من خُلُقِهْ
لو ما ترى سفكه بقدرته / كان دم العالمين في عنقِهْ
يا من إذا استنكر الإمام به / مات جميع الأنام من فرقِهْ
في كل يوم يسرى إلى عملٍ / في عسكر لا يُرى سوى حدقِهْ
تشتعل الأرض من بوارقه / ناراً وتنبو السيوف عن درَقِهْ
قد أثّر القيظ في محاسنه / وفاح ريح العبير من عرقِهْ
كأنّما الشمس لم تزر بلداً / في الأرض إلّا طلعتَ في أُفُقِهْ
اللَه يا ذا الأمير في رجل / لم تبق من جسمه سوى رمقِهْ
كم ضوء صبح رجاك في غده / وجنح ليل دعاك في غَسقِهْ
ناداك من لجّة لتنقذه / من بعد مالا يشكُّ في غرقِهْ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025