آهٍ مِنَ الحُبِّ كُلُّهُ عِبَرُ
آهٍ مِنَ الحُبِّ كُلُّهُ عِبَرُ / عِندِيَ مِنهُ الدُموع وَالسَهَرُ
وَوَيحَ صَرعى الغَرامِ إِنَّهُمُ / مَوتى وَما كُفِّنوا وَلا قُبِروا
يَمشونَ في الأَرضِ لَيسَ يَأخُذُهُم / زَهو وَلا في خُدودِهِم صَعَرُ
لَو وَلَجَ الناسُ في سَرائِرِهِم / هانَت وَرَبّي عَلَيهِم سَقَرُ
ما خَفَروا ذِمَّة وَلا نَكَثوا / عَهدا وَلا مَلَأو وَلا غَدَروا
قَد حَمَلوا الهونَ غَيرَ ما سَأَمٍ / لَولا الهَوى لِلهَوانِ ما صَبَروا
لَم يُبقِ مِنّي الضَنى سِوى شَبَحٍ / يَكادُ لَولا الرَجاءُ يَندَثِرُ
أُمسي وِسادي مُشابِهاً كَبِدي / كِلاهُما النارُ فيهِ تَستَعِرُ
أَكُلُّ صَبٍّ يا لَيلُ مَضجَعُهُ / مِثلِيَ فيهِ القَتاد وَالإِبَرُ
لَعَلَّ طَيفاً مِن هِندَ يَطرُقُني / فَعِندَ هِندٍ عَن شِقوَتي خَبَرُ
ما بالُ هِندٍ عَلَيَّ غاضِبَةً / ما شابَ فودي وَلَيسَ بي كِبَرُ
ما زِلتُ غَضَّ الشَبابِ لا وَهَنٌ / يا هِندُ في عَزمَتي وَلا خُوَرُ
لا دَرَّ دَرُّ الوُشاةِ قَد حَلَفوا / أَن يُفسِدوا بَينَنا وَقَد قَدَروا
واهاً لِأَيّامِنا أَراجِعَةٌ / فَاِنَّهُنَّ الحُجول وَالغُرَرُ
أَيّامَ لا الدَهرُ قابِضٌ يَدَهُ / عَنّي وَلا هِندُ قَلبُها حَجَرُ
لَم أَنسَ لَيلاً سَهرَتَهُ مَعَها / تَحنو عَلَينا الأَفنان وَالشَجَرُ
غَفَرتُ ذَنبَ النَوى بِزَورَتِها / ذَنبُ النَوى بَِلِّقاءِ يُغتَفَرُ
بِتنا عَنِ الراصِدينَ يَكتُمُنا / الأَسوَدانِ الظَلم وَالشَعَرُ
ثَلاثَةٌ لِلسُرورِ ما رَقَدوا / أَنا وَأُختُ المَهاة وَالقَمَرُ
فَما لِهَذي النُجومِ ساهِيَةً / تَرنو إِلَينا كَأَنَّها نُذُرُ
إِن كانَ صُبحُ الجَبينِ رَوَّعَها / فَإِنَّ لَيلَ الشُعورِ مُعتَكِرُ
أَوِ اِنتِظامُ العُقودِ أَغضَبَها / فَإِنَّ دُرَّ الكَلامِ مُنتَثِرُ
وَما لِتِلكَ الغُصونِ مُطرِقَةً / كَأَنَّها لِلسَلمِ تَختَصِرُ
تَبكي كَأَنَّ الزَمانَ أَرهَقَها / عُسرا وَلَكِن دُموعُها الثَمَرُ
طَوراً عَلى الأَرضِ تَنثَني مَرَحاً / وَتارَةً في الفَضاءِ تَشتَجِرُ
فَأَجفَلَت هِندُ عِندَ رُؤيَتِها / وَقَد تَروعُ الجَآذِرَ الصُوَرُ
هَيفاءُ لَو لَم تَلِن مَعاطِفُها / عِندَ التَثَنّي خَشّيتُ تَنكَسِرُ
مِنَ اللَواتي وَلا شَبيهَ لَها / يَزينُهُنَّ الدَلال وَالخَفَرُ
في كُلِّ عُضو وَكُلِّ جارِحَةٍ / مَعنىً جَديدٌ لِلحُسنِ مُبتَكَرُ
تَبيتُ زُهرُ النُجومِ تامِعَةً / لَو أَنَّها فَوقَ نَحرِها دُرَرُ
رَخيمَةُ الصَوتِ إِن شَدَت لَفَتَت / لَها الدَراري وَأَنصَتَ السَحَرُ
أَبُثُّها الوَجد وَهيَ لاهِيَةٌ / أَذهَلَها الحُبُّ فَهيَ تَفتَكِرُ
يا هِندُ كَم ذا الأَنامُ تَعذُلُنا / وَما أَثِمنا وَلا بِنا وَزَرُ
فَاِبتَدَرَت هِند وَهيَ ضاحِكَةٌ / ماذا عَلَينا وَإِن هُمُ كَثُروا
فَدَتكَ نَفسي لَو أَنَّهُمُ عَقَلَوا / وَاِستَشعَروا الحُبَّ مِثلَنا عَذَروا
ما جَحِدَ الحُبَّ غَيرَ جاهِلِهِ / أَيَجحَدُ الشَمسَ مَن لَهُ بَصَرُ
ذَرهُم وَإِن أَجلَبوا وَإِن صَخَبوا / وَلا تَلُمهُم فَما هُمُ بَشَرُ
سِرنا الهُوَيناءَ ما بِنا تَعَبٌ / وَقَد سَكَتنا وَما بِنا حَصَرُ
لَكِنَّ فَرطَ الهِيامِ أَسكَرَنا / وَقَبلَنا العاشِقونَ كَم سَكَروا
فَقُل لِمَن يُكثِرُ الظُنونَ بِنا / ما كانَ إِلّا الحَديث وَالنَظَرُ
حَتّى رَأَيتُ النُجومَ آفِلَةً / وَكادَ قَلبُ الظَلامِ يَنفَطِرُ
وَدَّعتُها وَالفُؤادُ مُضطَرِبٌ / أُكَفكِفُ الدمَع وَهوَ يَنهَمِرُ
وَوَدَّعَتني وَمِن مَحاجِرِها / فَوقَ العَقيقِ الجُمانُ يَنحَدِرُ
قَد أَضحَكَ الدَهرَ ما بَكيتُ لَهُ / كَأَنَّما البَينُ عِندَهُ وَطَرُ
كانَت لَيالِيَّ ما بِها كَدَرٌ / وَالآنَ أَمسَت وَكُلُّها كَدَرُ
إِن نَفِدَ الدَمعُ مِن تَذَكُّرِها / فَجادَها بَعدَ أَدمُعي المَطَرُ
عَسى اللَيالِيَ تَدري جِنايَتَها / عَلى قَتيلِ الهَوى فَتَعتَذِرُ