القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو نُوَاس الكل
المجموع : 94
عَفا المُصَلّى وَأَقوَتِ الكُثُبُ
عَفا المُصَلّى وَأَقوَتِ الكُثُبُ / مِنِّيَ فَالمِربِدانِ فَاللَبَبُ
فَالمَسجِدُ الجامِعُ المُروأَةِ وَال / دينِ عَفا فَالصِحانُ فَالرَحَبُ
مَنازِلٌ قَد عَمَرتُها يَفعاً / حَتّى بَدا في عِذارِيَ الشَهَبُ
في فِتيَةٍ كَالسُيوفِ هَزَّهُمُ / شَرخُ شَبابٍ وَزانَهُم أَدَبُ
ثُمَّ أَرابَ الزَمانُ فَاِقتَسَموا / أَيدي سَبا في البِلادِ فَاِنشَعَبوا
لَن يُخلِفَ الدَهرُ مِثلَهُم أَبَداً / عَلَيَّ هَيهاتَ شَأنُهُم عَجَبُ
لَمّا تَيَقَّنتُ أَنَّ رَوحَتَهُم / لَيسَ لَها ما حَيِيتُ مُنقَلَبُ
أُبلَيتُ صَبراً لَم يُبلِهِ أَحَدٌ / وَاِقتَسَمَتني مَآرِبٌ شُعَبُ
كَذاكَ إِنّي إِذا رُزِئتُ أَخاً / فَلَيسَ بَيني وَبَينُهُ نَسَبُ
قُطرَبُّلٌ مَربَعي وَلي بَقُرى ال / كَرخِ مَصِيفٌ وَأُمِّيَ العِنَبُ
تُرضِعُني دَرَّها وَتَلحَفُني / بِظِلِّها وَالهَجيرُ يَلتَهِبُ
إِذا ثَنَتهُ الغُصونُ جَلَّلَني / فَينانُ ما في أَديمِهِ جُوَبُ
تَبيتُ في مَأتَمٍ حَمائِمُهُ / كَما تُرَثّي الفَواقِدُ السُلُبُ
يَهُبُّ شَوقي وَشَوقُهُنَّ مَعاً / كَأَنَّما يَستَخِفُّنا طَرَبُ
فَقُمتُ أَحبو إِلى الرَضاعِ كَما / تَحامَلَ الطِفلُ مَسَّهُ سَغَبُ
حَتّى تَخَيَّرتُ بِنتَ دَسكَرَةٍ / قَد عَجَمَتها السِنونُ وَالحِقَبُ
هَتَكتُ عَنها وَاللَيلُ مُعتَكِرٌ / مُهَلهَلَ النَسجِ ما لَهُ هُدُبُ
مِن نَسجِ خَرقاءَ لا تُشَدُّ لَها / آخِيَّةٌ في الثَرى وَلا طُنُبُ
ثُمَّ تَوَجَّأتُ خَصرَها بِشَبا ال / إِشفى فَجاءَت كَأَنَّها لَهَبُ
فَاِستَوسَقَ الشُربُ لِلنَدامى وَأَج / راها عَلَينا اللُجَينُ وَالغَرَبُ
أَقولُ لَمّا تَحاكَيا شَبَهاً / أَيُّهُما لِلتَشابُهِ الذَهَبُ
هُما سَواءٌ وَفَرقُ بَينِهِما / أَنَّهُما جامِدٌ وَمُنسَكِبُ
مُلسٌ وَأَمثالُها مُحَفَّرَةٌ / صُوِّرَ فيها القُسوسُ وَالصُلُبُ
يَتلونَ إِنجيلَهُم وَفَوقَهُمُ / سَماءُ خَمرٍ نُجومُها الحَبَبُ
كَأَنَّها لُؤلُؤٌ تُبَدِّدُهُ / أَيدي عَذارى أَفضى بِها اللَعِبُ
لِضَوءِ بَرقٍ ظَلَلتَ مُكتَإِباً
لِضَوءِ بَرقٍ ظَلَلتَ مُكتَإِباً / شَقَّ سَناهُ في الجَوِّ وَاِلتَهَبا
يومِضُ في ضاحِكِ النَواجِذِ مَح / ذُوٌّ بِريحَينِ شَمأَلٍ وَصَبا
نَوَّطَ في الأُفقِ عِبءَ فُرَّقِهِ / وَجَرَّ مِنهُ عَلى الرُبا ذَنَبا
وَنائِحٍ هَبَّ في الغُصونِ ضُحىً / لِمُنتَشٍ مَوهِناً إِذا اِنقَلَبا
يَدعو بِذِكرٍ عَلى اِسمِهِ لِهَوىً / يُذكِرُهُ في زَمانِهِ الرَطَبا
فَبِتُّ مِثلَ المُقيمِ مُغتَرِباً / يَدعو بِواوَيلَتا وَواحَرَبا
مُنقَدَّ جَيبِ القَميصِ يَحثو عَلى ال / رَأسِ مَلِيّاً بِكَفِّهِ التُرُبا
حَتّى إِذا ما اِنتَهى لِغايَتِهِ / ثَمَّ وَأَمضى في نَفسِهِ أَرَبا
أَلجا قِوى ظَهرِهِ إِلى سَنَدٍ / مُعتَصِماً بِالعَزاءِ مُحتَسِبا
وَفِتيَةٍ لا الميراءُ يَشمُلُهُم / زَكَوا فَعالاً مَعاً وَمُنتَسَبا
شَبّوا عَلى أُدبَةٍ كَأَصوِرَةِ ال / مِسكِ مُباحاً تَترى وَمُنتَهَبا
يَسعى عَلَيهِم بِالكَأسِ ذو نُطَفٍ / أَحذاهُ ظَبيُ الصَريمَةِ اللَبَبا
مِن ماثِلٍ فُدِّمَت مَضاحِكُهُ / يَقلِصُ في الكَأسِ بَينَنا الذَهَبا
مِن قَهوَةٍ مُزَّةٍ مُشَعشَعَةٍ / تَرى لَها عِندَ مَزجِها حَبَبا
مَعاً وَتَترى إِذا حَبا أَوَّلٌ / مِنهُنَّ وَطّا لِئاخَرٍ فَحَبا
قالوا وَقَد أَنكَروا مُراوَغَتي ال / كَأسِ وَقَتلي بِبَثِّيَ الطَرَبا
ما لَكَ أَم ما دَهاكَ وَيلُكَ ما / غالَكَ حَتّى اِنفَرَدتَ مُكتَإِبا
قَدِ اِغتَرَفتَ الهُمومَ وَالبَثَّ وَال / وَجدَ وَهُزتَ الأَحزانَ وَالكُرَبا
رُميتَ عَن قَوسِ كُلِّ فادِحَةٍ / رَمَتكَ يَوماً بِنَبلِها كَثَبا
أَإِن جَفاكَ الرَشا الَّذي نَسِيَ ال / ناسُ اِسمَهُ مُنذُ لُقِّبَ اللَقَبا
أَرذاكَ مَجلودُكَ الكَآبَةَ وَال / شَوقَ وَجُهدَ البَلاءِ وَالنَصَبا
وَآنِسٍ لا أَمَلُّ مَجلِسَهُ / قامَ لِوَقتٍ دَنا لِيَنقَلِبا
آثَرتُ أَن لا يُلامَ حِلمي عَلى / لَذَّةِ قَلبي فَاِستَشعَرَ الوَصَبا
فَراحَ لا عَطَّلَتهُ عافِيَةٌ / وَباتَ طَرفي مِن طَرفِهِ جُنُبا
إِصدَع نَجِيَّ الهُمومِ بِالطَرَبِ
إِصدَع نَجِيَّ الهُمومِ بِالطَرَبِ / وَاِنعَم عَلى الدَهرِ بِاِبنَةِ العِنَبِ
وَاِستَقبِلِ العَيشَ في غَضارَتِهِ / لا تَقفُ مِنهُ آثارَ مُعتَقَبِ
مِن قَهوَةٍ زانَها تَقادُمُها / فَهيَ عَجوزٌ تَعلو عَلى الحُقُبِ
دَهرِيَةٌ قَد مَضَت شَبيبَتُها / وَاِستَنشَقَتها سَوالِفُ الحِقَبِ
كَأَنَّها في زُجاجِها قَبَسٌ / يَذكو بِلا سَورَةٍ وَلا لَهَبِ
فَهيَ بِغَيرِ المِزاجِ مِن شَرَرٍ / وَهيَ إِذا صُفِّقَت مِنَ الذَهَبِ
إِذا جَرى الماءُ في جَوانِبِها / هَيَّجَ مِنها كَوامِنَ الشَغَبِ
فَاِضطَرَبَت تَحتَهُ تُزاحِمُهُ / ثُمَّ تَناهَت تَفتَرُّ عَن حَبَبِ
يا حُسنَها مِن بَنانِ ذي خَنَثٍ / تَدعوكَ أَجفانُهُ إِلى الرِيَبِ
فَاِذكُر صَباحَ العُقارِ وَاِسمُ بِهِ / لا بِصَباحِ الحُروبِ وَالعَطَبِ
أَحسَنُ مِن مَوقِفٍ بِمُعتَرَكٍ / وَرَكضِ خَيلٍ عَلى هَلا وَهَبِ
صَيحَةُ ساقٍ بِحابِسٍ قَدَحا / وَصَبرُ مُستَكرِهٍ لِمُنتَحِبِ
وَرِدفُ ظَبيٍ إِذا اِمتَطَيتَ بِهِ / أَعطاكَ بَينَ التَقريبِ وَالخَبَبِ
يَصلُحُ لِلسَيفِ وَالقَباءِ كَما / يَصلُحُ لِلبارِقَينِ وَالسُحُبِ
حَلَّ عَلى وَجهِهِ الجَمالُ كَما / حَلَّ يَزيدٌ مَعالِيَ الرُتَبِ
يا بِشرُ ما لي وَالسَيفِ وَالحَربِ
يا بِشرُ ما لي وَالسَيفِ وَالحَربِ / وَإِنَّ نَجمي لِلَّهوِ وَالطَرَبِ
فَلا تَثِق بي فَإِنَّني رَجُلٌ / أَكُعُّ عِندَ اللِقاءِ وَالطَلَبِ
وَإِن رَئيتُ الشُراةَ قَد طَلَعوا / أَلجَمتُ مُهري مِن جانِبِ الذَنَبِ
وَلَستُ أَدري ما الساعِدانِ وَلا ال / تُرسُ وَما بَيضَةٌ مِنَ اللَبَبِ
هَمّي إِذا ما حُروبُهُم غَلَبَت / أَيُّ الطَريقَينِ لي إِلى الهَرَبِ
لَو كانَ قَصفٌ وَشُربُ صافِيَةٍ / مَع كُلِّ خَودٍ تَختالُ في السُلُبِ
وَالنَومُ عِندَ الفَتاةِ أَرشُفُها / وَجَدتُني ثَمَّ فارِسَ العَرَبِ
سَأَلتُها قُبلَةً فَفِزتُ بِها
سَأَلتُها قُبلَةً فَفِزتُ بِها / بَعدَ اِمتِناعٍ وَشِدَّةِ التَعَبِ
فَقُلتُ بِاللَهِ يا مُعَذِّبَتي / جودي بِأُخرى أَقضي بِها أَرَبي
فَاِبتَسَمَت ثُمَّ أَرسَلَت مَثَلاً / يَعرِفُهُ العُجمُ لَيسَ بِالكَذِبِ
لا تُعطِيَنَّ الصَبِيَّ واحِدَةً / يَطلُبُ أُخرى بِأَعنَفِ الطَلَبِ
قُل لِلمُسَمّى بِاِسمِ الَّذي قامَ يَد
قُل لِلمُسَمّى بِاِسمِ الَّذي قامَ يَد / عو اللَهَ لَمّا تَجَمَّعوا عُصُبا
وَالمُكتَني بِاِسمِ خاتَمِ الأَنبِيا / ءِ المُرسَلينَ الَّذي أَتى العَرَبا
وَاِبنَ المُسَمّى بِاِسمِ الَّذي يَظفَرُ ال / طالِبُ إِن نالَهُ بِما طَلَبا
كُنتَ لِحُرِّ الأَخلاقِ أُمّاً إِذا / نُصَّ يَوماً لِنِسبَةٍ وَأَبا
فَما الَّذي يا فُديتَ غَيَّرَ أَو / بَدَّلَ أَو غالَ ذَلِكَ النَسَبا
مَهلاً فَقَد خِفتُ أَن يَشينَكَ نِس / يانُكَ عِندَ التَعَصُّبِ الأَدَبا
لَستُ بِدارٍ عَفَت وَغَيَّرَها
لَستُ بِدارٍ عَفَت وَغَيَّرَها / ضِربانِ مِن قَطرِها وَحاصِبِها
وَلا لِأَيِّ الطُلولِ أَندُبُها / لِلريحِ وَالرُقشِ مِن قَرانِبِها
وَلا نُطيلُ البُكا إِذا شَطَّتِ ال / نِيَّةُ وَاِستَعبَرَت لِذاهِبِها
بَل نَحنُ أَربابُ ناعِطٍ وَلَنا / صَنعاءُ وَالمِسكُ مِن مَحارِبِها
وَكانَ مِنّا الضَحّاكُ يَعبُدُهُ ال / خائِلُ وَالوَحشُ مِن مَسارِبِها
وَدانَ أَذواؤُنا البَرِيَّةَ مِن / مُعتَرِّها رَغبَةً وَراهِبِها
وَنَحنُ إِذ فارِسٌ تُدافِعُ بَه / رامَ قَسَطنا عَلى مَزارِبِها
بِالخَيلِ شُعثاً عَلى لَواحِقَ كَال / سيدانِ تُعطي مَدى مَذاهِبِها
بِالسودِ مِن حِميَرٍ وَمِن سُلَفٍ / أَرغَنَ وَالشُمِّ مِن مَناسِبِها
وَيَومَ ساتيدَما ضَرَبنا بَني ال / أَصفَرِ وَالمَوتُ في كَتائِبِها
إِذ لاذَ بِروازُ يَومَ ذاكَ بِنا / وَالحَربُ تَمري بِكَفِّ حالِبِها
يَذودُ عَنهُ بَنو قَبيصَةَ بِال / خَطِّيِّ وَالبيضِ مِن قَواضِبِها
حَتّى دَفَعنا إِلَيهِ مَملَكَةً / يَنحَسِرُ الطَرفُ عَن مَواكِبِها
وَفاظَ قابوسُ في سَلاسِلِنا / سِنينَ سَبعاً وَفَت لِحاسِبِها
وَنَحنُ حُزنا مِن غَيرِ ما كَنَبٍ / بَناتِ أَشرافِهِم لِغاصِبِها
مِن كُلِّ مَسبِيَّةٍ إِذا عَثَرَت / قالَت لَعاً مُتعَةً لِكاسِبِها
تَعساً لِمَن ضَيَّعَ المَحارِمَ يَو / مَ الرَوعِ يَجتاحُ مِن صَواحِبِها
وَفَرَّ مِن خَشيَةِ الطِعانِ وَأَن / يَلقى المَنايا بِكَفِّ جالِبِها
فَاِفخَر بِقَحطانَ غَيرَ مُكتَإِبٍ / فَحاتِمُ الجودِ مِن مَناقِبِها
وَلا تَرى فارِساً كَفارِسِها / إِذ زالَتِ الهامُ عَن مَناكِبِها
عَمروٌ وَقَيسٌ وَالأَشتَرانِ وَزَي / دُ الخَيلِ أُسدٌ لَدى مَلاعِبِها
بَل مِل إِلى الصيدِ مِن أَشاعِثِها / وَالسادَةِ الغُرِّ مِن مَهالِبِها
وَالحَيُّ غَسّانُ وَالأُلى أودِعوا ال / مُلكَ وَحازوا عِرنينَ ناصِبِها
وَحِميَرٌ تَنطِقُ الرِجالُ بِما اِخ / تارَت مِنَ الفَضلِ في مَراتِبِها
أَحبِب قُرَيشاً لِحُبِّ أَحمَدِها / وَاِعرِف لَها الجَزلَ مِن مَواهِبِها
إِنَّ قُرَيشاً إِذا هِيَ اِنتَسَبَت / كانَ لَها الشَطرُ مِن مَناسِبِها
فَأُمُّ مَهدِيِّ هاشِمٍ أُمِّ مو / سى الخَيرِ مِنّا فَاِفخَر وَسامِ بِها
إِن فاخَرَتنا فَلا اِفتِخارَ لَها / إِلّا التِجاراتُ مِن مَكاسِبِها
وَاِهجُ نِزاراً وَاِفرِ جِلدَتَها / وَهَتِّكِ السَترَ عَن مَثالِبِها
أَمّا تَميمٌ فَغَيرُ داحِضَةٍ / ما شَلشَلَ العَبدُ في شَوارِبِها
أَوَّلُ مَجدٍ لَها وَآخِرُهُ / إِن ذُكِرَ المَجدُ قَوسُ صاحِبِها
وَبِئسَ فَخرُ الكَريمِ مِن قَصَبِ ال / شَوحَطِ صَفراءُ في مَعالِبِها
وَقَيسُ عَيلانَ لا أُريدُ لَها / مِنَ المَخازي سِوى مَحارِبِها
وَإِنَّ أَكلَ الأَمرَ موبِقُها / وَمُطلِقٌ مِن لِسانِ عائِبِها
وَلَم تَعَف كَلبَها بَنو أَسَدٍ / عَبيدَ عيرانَةٍ وَراكِبِها
وَما لِبَكرِ بنِ وائِلٍ عِصَمٌ / إِلّا بِحَمقائِها وَكاذِبِها
وَتَغلِبٌ تَندُبُ الطُلولَ وَلَم / تَثأَر قَتيلاً عَلى ذَنائِبِها
نيلَت بِأَدنى المُهورِ أُختَهُمُ / قَسراً وَلَم يَدمُ أَنفُ خاطِبِها
لا تَشرَبِ الراحاَ غَيرَ مَمزوجِ
لا تَشرَبِ الراحاَ غَيرَ مَمزوجِ / مِن كَفِّ ظَبيٍ أَغَنَّ مَغنوجِ
تَسقيكَ عَيناهُ مِثلَ راحَتِهِ / مِن شَغَفٍ في الفُؤادِ مَولوجِ
تَقصُرُ عَينُ البَصيرِ عَنهُ وَكَم / دَهرٍ رَماهُ بِطولِ تَخليجِ
وَكَم قَتيلٍ وَلاسِلاحَ لَهُ / غَيرُ الخَلاشيلِ وَالدَماليجِ
يا إِخوَتي ذا الصَباحُ فَاِصطَبِحوا
يا إِخوَتي ذا الصَباحُ فَاِصطَبِحوا / فَقَد تَغَنَّت أَطيارُهُ الفُصُحُ
هُبّوا خُذوها فَقَد شَكانا إِلى ال / إِبريقِ مِن طولِ نَومِنا القَدَحُ
صِرفاً إِذا شَجَّها المِزاجُ بِأَي / دي شارِبيها تَوَلَّدَ الفَرَحُ
حَتّى تُريكَ الحَليمَ ذا طَرَبٍ / يَهُزُّهُ في مَكانِهِ المَرَحُ
وَعاطِها أَحمَداً تُعاطِ فَتىً / تَقصُرُ عَن وَصفِ حُسنِهِ المِدَحُ
يَشوقُني وَجهُهُ إِلَيها كَما / يَدعوكَ حَتّى تُقَهقِهَ المُلَحُ
لَستُ أَرى لَذَّةً وَلا فَرَحا
لَستُ أَرى لَذَّةً وَلا فَرَحا / وَلا نَجاحاً حَتّى أَرى القَدَحا
نِعمَ سِلاحُ الفَتى المُدامُ إِذا / ساوَرَهُ الهَمُّ أَم بِهِ جَمَحا
وَالخَمرُ شَيءٌ لَو أَنَّها جُعِلَت / مِفتاحَ قُفلِ البَخيلِ لَاِنفَتَحا
لا عَيشَ إِلّا المُدامُ أَشرَبُها / مُغتَبِقاً تارَةً وَمُصطَبِحا
يا صاحِ لا أَترُكُ المُدامَ وَلا / أَقبَلُ في الحُبِّ قَولَ مَن نَصَحا
هاتِ مِنَ الراحِ فَاِسقِني الراحا
هاتِ مِنَ الراحِ فَاِسقِني الراحا / أَما تَرى الديكَ كَيفَ قَد صاحا
وَأَدبَرَ اللَيلُ في مُعَسكَرِهِ / مُنصَرِفاً وَالصَباحُ قَد لاحا
فَاِستَعمِلِ الكَأسَ وَاِسقِني بِكراً / إِنّي إِلَيها أَصبَحتُ مُرتاحا
كَأساً دِهاقاً صِرفاً كَأَنَّ بِها / إِلى فَمِ الشارِبينَ مِصباحا
نُؤتى بِها كَالخَلوقِ في قَدَحٍ / خالَطَ ريحُ الخَلوقِ تُفّاحا
مِن كَفِّ قِبطِيَّةٍ مُزَنَّرَةٍ / نَجعَلُها لِلصَبوحِ مِفتاحا
تَقولُ لِلقَومِ مِن مَجانَتِها / بِاللَهِ لا تَحبِسَنَّ الأَقداحا
يا حَبَّذا لَيلَةٌ نَعِمتُ بِها
يا حَبَّذا لَيلَةٌ نَعِمتُ بِها / أَشرَبُ فَضلَ الحَبيبِ في القَدَحِ
سَأَلتُهُ قُبلَةً فَجادَ بِها / فَلَم أُصَدَّق بِها مِنَ الفَرَحِ
سَقياً لِغَيرِ العَلياءِ وَالسَنَدِ
سَقياً لِغَيرِ العَلياءِ وَالسَنَدِ / وَاغَيرِ أَطلالِ مَيَّ بِالجَرَدِ
وَيا صَبيبَ السَحابِ إِن كُنتَ قَد / جُدتَ اللِوى مَرَّةً فَلا تَعُدِ
لا تَسقِيَن بَلدَةً إِذا عُدَّتِ ال / بِلدانُ كانَت زِيادَةَ الكَبِدِ
إِن أَتَحَرَّز مِنَ الغُرابِ بِها / يَكُن مَفَرّي مِنهُ إِلى الصُرَدِ
بِحَيثُ لا تَجلِبُ الفِجاجُ إِلى / أُذنَيكَ إِلّا تَصايُحَ النَقَدِ
أَحسَنُ عِندي مِنَ اِنكِبابِكَ بِال / فِهرِ مُلِحّاً بِهِ عَلى وَتَدِ
وُقوفُ رَيحانَةٍ عَلى أُذُنٍ / وَسَيرُ كَأسٍ إِلى فَمٍ بِيَدِ
يَسقيكَها مِن بَني العِبادِ رَشاً / مُنتَسِبٌ عيدُهُ إِلى الأَحَدِ
إِذا بَنى الماءُ فَوقَها حَبَباً / صَلَّبَ فَوقَ الجَبينِ بِالزَبَدِ
أَشرَبُ مِن كَفِّهِ شَمولاً وَمَن / فيهِ رُضاباً يَجري عَلى بَرَدِ
فَذاكَ أَشهى مِنَ البُكاءِ عَلى ال / رَبعِ وَأَنمى في الروحِ وَالجَسَدِ
لا سِيَّما إِن شَداكَ ذو نُطَفٍ / يا دارُ أَقوَت بِالتَفِّ مِن جُدَدِ
لا تَبكِ رَسماً بِجانِبِ السَنَدِ
لا تَبكِ رَسماً بِجانِبِ السَنَدِ / وَلا تَجُد بِالدُموعِ لِلجَرَدِ
وَلا تُعَرِّج عَلى مُعَطَّلَةٍ / وَلا أَثافٍ خَلَت وَلا وَتَدِ
وَمِل إِلى مَجلِسٍ عَلى شَرَفٍ / بِالكَرخِ بَينَ الحَديقِ مُعتَمَدِ
مُمَهَّدٍ صُفِّفَت نَمارِقُهُ / في ظِلِّ كَرمٍ مُعَرَّشٍ خَضِدِ
قَد لَحَفَتكَ الغُصونُ أَردِيَةً / فَيَومُكَ الغَضُّ بِالنَعيمِ نَدي
ثُمَّ اِصطَبِح مِن أَميرَةٍ حُجِبَت / عَن كُلِّ عَينٍ بِالصَونِ وَالرَصَدِ
لَم يَرَها خاطِبٌ فَيُمنَعَها / وَلا دَعاهُ لَها أَخو فَنَدِ
مَحجوبَةٌ في مَقيلِ حَوبَتِها / تِسعينَ عاماً مَحسوبَةَ العَدَدِ
لَم تَعرِفِ الشَمسُ أَنَّها خُلِقَت / وَلا اِختِلافُ الحَرورِ وَالصَرَدِ
بَينَ فَسيلٍ يَحُفُّها خَضِلٍ / وَبَينَ آسٍ بِالرَيِّ مُنفَرِدِ
في كُلِّ يَومٍ يَظَلُّ قَيِّمُها / مُكَبَّلاً كَالأَسيرِ في صَفَدِ
مُزَمزِماً حَولَها وَمُرتَنِماً / يَرجو بِصَونٍ لَها غِنى الأَبَدِ
حَتّى بَذَلنا بِعَقرِها مِئَةً / صَفراءَ تَبدو بِكَفِّ مُنتَقِدِ
رُبَّ غَزالٍ كَأَنَّهُ قَمَرٌ
رُبَّ غَزالٍ كَأَنَّهُ قَمَرٌ / لاحَ فَجَلّى الدُجونَ في البَلَدِ
سَأَلتُهُ الوَصلَ كَي يَجودَ بِهِ / فَضَنَّ عَنّي بِهِ وَلَم يَجُدِ
فَقُلتُ لِلظَبيِ في صُعوبَتِهِ / يا طَيِّبَ الروحِ طَيِّبَ الجَسَدِ
كَم مِن أَخٍ جادَ بِالوِصالِ فَما / أُحبِلَ مِن وَصلِنا وَلَم يَلِدِ
فَقالَ هَيهاتَ ذا تُرَقِّقُني / وَلَن يَرِقَّ الغَزالُ لِلأَسَدِ
فَقُلتُ دَعنا وَقُم لِنَأخُذَها / مِمّا تُزِفُّ العُلوجُ بِالعُمُدِ
مِن بِنتِ كَرمٍ إِذا تُصَفِّقَها / بِماءِ مُزنٍ رَمَتكَ بِالزَبَدِ
حَتّى إِذا ما أَتى صَدَرتُ بِهِ / عَن كُلِّ واشٍ وَعَن ذَوي الحَسَدِ
أَوجَرتُهُ القَرقَفَ العُقارَ فَما اِن / تَهَيتُ حَتّى اِتَّكى عَلى العَضُدِ
فَقُمتُ حَتّى حَلَلتُ مِئزَرَهُ / مِنهُ وَسَوَّيتُ فَخذَهُ بِيَدي
ثُمَّ اِعتَنَقنا وَظَلتُ أَلثُمُهُ / وَثَغرُهُ مِثلُ ساقِطِ البَرَدِ
فَقامَ لَمّا اِنجَلَت عَمايَتُهُ / حَليفَ حُزنٍ مُوَلَّعَ الكَمَدِ
إِنّي لَصَبٌّ وَلا أَقولُ بِمَن
إِنّي لَصَبٌّ وَلا أَقولُ بِمَن / أَخافُ مَن لا يَخافُ مِن أَحَدِ
إِذا تَفَكَّرتُ في هَوايَ لَهُ / مَسَستُ رَأسي هَل طارَ عَن جَسَدي
إِنّي عَلى ما ذَكَرتُ مِن فَرَقٍ / لا آمُلُ أَن أَنالَهُ بِيَدي
إِنَّ مَعَ اليَومِ فَاِعلَمَنَّ غَداً
إِنَّ مَعَ اليَومِ فَاِعلَمَنَّ غَداً / فَاِنظُر بِما يَنقَضي مَجيءُ غَدِه
ما اِرتَدَّ طَرفُ اِمرِئٍ بِلَذَّتِهِ / إِلّا وَشَيءٌ يَموتُ مِن جَسَدِه
أَذاقَني الصَدَّ سوءُ تَدبيري
أَذاقَني الصَدَّ سوءُ تَدبيري / لِأَنَّ قَصدي بِغَيرِ تَقديري
ذاكَ لِأَنّي فَتىً لَهِجتُ بِما / يَخلُصُ في خالِصِ القَواريرِ
مِن خَندَريسٍ لِجامُها خَزَفٌ / وَثَوبُها المُستَكِنِّ مِن قيرِ
تُشرِقُ في الكَأسِ مِن تلأُلِئها / بِمُحكَماتٍ مِنَ التَصاويرِ
كَأَنَّما لاعِبُ الخَيالِ إِذا / أَظلَمَ يَلهى بِنَغمَةِ الزيرِ
وَأَحوَرِ المُقلَتَينِ مُكتَحِلٍ / في فِتيَةٍ سادَةٍ نَحاريرِ
في مَجلِسٍ مُشرِفٍ عَلى شَجَرٍ / يَضحَكُ تُفّاحُهُ إِلى الخَيرِ
وَطائِرٍ واقِعٍ عَلى فَنَنٍ / تُسعِدُهُ ضَجَّةُ العَصافيرِ
فَلَم نَزَل يَومَنا وَلَيلَتَنا / نَقراً عَلى السَطحِ بِالطَنابيرِ
حَتّى رَأَينا السَوادَ مُنحَسِراً / وَدارَتِ الشَمسُ في المَقاصيرِ
وَحينَ حانَت صَلاتُنا لِضُحىً / قُمنا نُصَلّي بِغَيرِ تَكبيرِ
أَحسَنُ مِن مَنزِلٍ بِذي قارِ
أَحسَنُ مِن مَنزِلٍ بِذي قارِ / مَنزِلُ خَمّارَةٍ بِالأَنبارِ
وَشَمُّ رَيحانَةٍ وَنَرجِسَةٍ / أَحسَنُ مِن أَينُقٍ بِأَكوارِ
وَعِشرَةٌ لِلقِيانِ في دَعَةٍ / مَع رَشَأٍ عاقِدٍ لِزُنّارِ
أَلَذُّ مِن مَهمَهٍ أَكِدُّ بِهِ / وَمِن سَرابٍ أَجوبُ غَرّارِ
وَنَقرُ عودٍ إِذا تُرَجِّعُهُ / بَنانُ رَودِ الشَبابِ مِعطارِ
أَحسَنُ عِندي مِن أُمِّ ناجِيَةٍ / وَأُمِّ عَمرٍ وَأُمِّ عَمّارِ
يا عارِمَ الطَرفِ حَيثُما نَظَرا
يا عارِمَ الطَرفِ حَيثُما نَظَرا / أَثَّرَ فيهِ وَإِن رَأى حَجَرا
ما لَقِيَ العالَمونَ مِنكَ وَمِن / طَرفِكَ ما إِن يُعَدُّ مِن قُبِرا
أَبوكَ بَدرٌ تَلوحُ غُرَّتُهُ / وَأُمُّكَ الشَمسُ أَنتَجا قَمَرا
فَهَل عَلى مَن قَتَلتَ مِن حَرَجٍ / أَم لَستَ تَدري فَتُخبِرُ الخَبَرا
عَلَيكَ أَوزارُ مَن قَتَلتَ بِلا / شَكٍّ فَكُن لِلحِسابِ مُنتَظِرا
وَصاحِبٍ أَطلَقَتهُ رَقدَتُهُ / عَن غَيرِ سُكرٍ فَهَبَّ مُعتَذِرا
نازَعتُهُ الكَأسَ ما أُفَتِّرُهُ / كَأسَ مِدامٍ تَرى لَها شَرَرا
مِثلَ دَمِ الشادِنِ الذَبيحِ إِذا / ما اِنسابَ مِنهُ عَلأَرضِ أَو قَطَرا
رَقَّت عَنِ اللَمسِ فَهيَ كَالقَمَرِ ال / طالِعِ في الماءِ فاتَ مَن نَظَرا
تَقولُ خَمرٌ فَحينَ تُحدِرُها / مِن فَمِ إِبريقِها إِذا اِنحَدَرا
قُلتَ شُعاعٌ فَكَيفَ أَشرَبُها / لَو كانَ خَمراً لَأَبرَزَت كَدَرا
حَتّى إِذا ذُقتَها خَرَرتَ لَها / بَعدَ مَجالِ الظُنونِ مُنعَفِرا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025