المجموع : 11
أَفلحَ قومٌ إذا دُعوا وَثَبُوا
أَفلحَ قومٌ إذا دُعوا وَثَبُوا / لا يرهبون الأخطارَ إن ركبوا
تَسبِقُ نهْضاتُهُم عزائمَهُمْ / أن تُستشارَ العاداتُ والعُقُب
سارُون لا يسألون ما حَبَسَ ال / فجَر ولا كيف مالت الشُّهُبُ
عوّدهم هجرُهم مُطالَبةَ ال / راحةِ أن يظفَروا بما طلبوا
وخاب راضٍ بالعجز يَصبِر لل / أوزار مستسلما ويَحتسِبُ
إن فاته حظُّ غيرهِ فله / منه أغتيابٌ يشفيه أو عجبُ
لا تستريح العلى إلى سكنٍ / إلا غلاماً يريحه التعبُ
تَضمَّنَ السيرُ صدرَ حاجتِه / والثِّقتان التقريبُ الخَبَبُ
من مبلغُ البين يومَ دلَّهني / آبَ بما سرَّ بَعدَك الغَيَبُ
رُدَّ شبابي من الحسين كما / كان وعادت أيامِيَ القُشُبُ
يا قادما أُتِهمُ البشيرَ به / من فرحٍ أنَّ صِدْقَه كذِبُ
سِرتَ ونفسي تودُّ في وطني / بَعْدَك أنّ المقيمَ مغترِبُ
أحتشم البدرَ أن أراه فأل / حاظِيَ عنه بالدمع تحتجبُ
وكم تصدَّى عمداً ليخدَعَني / يَسفِر عن غيهبٍ وينتقبُ
فلم أزده على مسارقة ال / جفن ولحظٍ بالكره يُستلبُ
وعَبْرةٍ ريُّه وَحِليتُه / يُشرَبُ من مائها ويُختضَبُ
ويومِ بينٍ صَبَرْتُ قبلَك أن / يفوتَني الحزمُ فيه والأربُ
حَمَلتُهُ ثابتَ الحشا ذَكِرَ ال / قلبِ وموجُ الحُمولِ مضطرِبُ
سلوانَ أجزِى بالصدّ جانيَه / بملْك رأسي إن أظلم الغضبُ
ونظرةٍ حُلوةٍ رَدَدْتُ عن ال / بيتِ وفيه الجمالُ والحسبُ
بسُنَّة غير ما أقتضَى أدبُ ال / حبِّ حِفاظاً وللهوى أدبُ
وأنقدتُ طوعا في حبل ظالعة / تَجْنُبُني أو يقالَ مُجتنَبُ
بيضاءَ تُقلَى بُغضاً وأعهدُها / سوداءَ تُرضَى حبّاً وتُنتخبُ
صاحتْ وراءَ المزاحِ واعظةً / لا يَلتقي الأربعونَ واللعبُ
أَعدَى بها الشَّيبُ وهي واحدةٌ / ألفاً ويُعدِي الصحائحَ الجُرُبُ
يا ساكنا ثائر العزيمة م / سَّ الصِّلِّ من تحت لينِه يثبُ
قد عَلِمَ الملكُ اذ دعاك وحب / لُ الرأيِ واهٍ والشملُ منشعبُ
أنّ قلوبا غِشا تميل مع ال / دولةِ أهواؤُها وتنقلبُ
وأنّ سِرّاً متى أصطفاك له / أخلَص ما في إنائِهِ الذهَبُ
لما تجلَّى وجهُ الحِذار ولي / مَ أبنٌ على غدره وخِيفَ أبُ
رَمَى بك القصدُ سهمَ مُنجِحةٍ / يسبِقُ حِرصا حديدَه العَقِبُ
لم يَثنِ فأل الشهورِ عزمتَه / لا صَفَرٌ عائقٌ ولا رجبُ
جَرَتْ عليه أو مرّت الريح تلق / اها بوجه أديمُه كَرَبُ
فَلَيْلَةُ الحَرْىِ وهي جامدةٌ / له كيوم الجوزاءِ يلتهِبُ
سفَرتَ فيها سَفارةَ الليثِ لا / يرجعُ إلا في كفِّه الطلبُ
لسعيه ما أهمَّه الدمُ وال / حم ولكن لغيرهِ السَّلَبُ
حتى أستقامت على تأوّدها / وأنتظمتْ في رءوسِها العَذَبُ
جزاك حسنَى ما أسطاع إن وَزَنَتْ / فعلَك تلك الأقدامُ والرتبُ
أعطاك ما لم تنل يدانِ ولا أم / تدّ إلى مَطرَحِ المُنَى سببُ
وضافياتٍ تطول في مذهب ال / ملك إذا شُمِّرتْ وتَنَسحبُ
أُهْدِىَ من مُزنة السماء لها / ماءٌ ومن نور شمسها لهبُ
إذا علتْ مَنِكباً عَلاَ فعيو / نُ الدهر زُورٌ عن أفقه نُكُبُ
أوكيت رأساً منها مُوافِيَهُ / فكلُّ رأسٍ لمجدِهِ ذَنَبُ
وصافناتٍ بين المواكب كُث / بانٌ وفي الروع ضُمَّرٌ قُضُبُ
ضاقت مكانَ الخصور وأتسعتْ / أضالعاً لا تُقِلُّها الأُهَبُ
تَغِيبُ في جريها قوائمُها / فما تُرَى أذرعٌ ولا رُكَبُ
من كلِّ دهماءِ أُنسُها الليلُ تع / زوه إلى لونها وتَنتسِبُ
ثارت فطارت فخاضت الأُفُقَ ال / عُلوِيَّ تجتاحه وتنَتقبُ
فَمِنْ ثُريّاه أو مَجرّتِه / لجامُها العسجديُّ واللَّبَبُ
مواهبٌ لا يَرُبُّهُنَّ أبٌ / إلا شفيقٌ على العلا حَدِبُ
من معشرٍ لا يُجارُ مَنْ طَرَدوا / ولا يَطيبُ البقاءُ إن غضبوا
مُثْرينَ مجداً ومُقْترِينَ لُهىً / والمجدُ طَبْعٌ والمالُ مكتسَبُ
فُرسان يومِ الطعانٍ إن طَعَنوا / بالألسن المشكلاتِ أو ضَرَبوا
لا يَرجِعُونَ الكلام كَرّاً من ال / عِيِّ ولا يعرفون ما كَتبوا
دعا فؤادِي شوقي اليك على ال / بعدِ فلبّيكَ والمَدَى كَثَبُ
جواب من لا يُرام جانُبهُ / منذُ غَدَا وهو جارُك الجُنُبُ
ولا يُبالي إذا سلمتَ له / ما حَصَدتْ من نباتها الحِقَبُ
حَمَلْتَ دُنيايَ فأسترحتُ وقد / طال عناءُ الآمالِ والتعبُ
وقُمتُ مذ قادني هُداك على / مَحَجَّةٍ لا تدوسها النُّوَبُ
فليحمدنّي في كلّ قافيةٍ / تزيدُ حسنا في دُرّها الثُّقَبُ
أمسحُها فيك أو تَقِرَّ وقد / أوغل في أمّ رأسها الشغَبُ
حُلىً من المعدن الصريح إذا / غشَّ تِجارُ الأسعارِ ما جَلَبوا
تَشكُرُها الفُرْسُ في محديك لل / مَعنَى وتَرضَى لسانَها العَرَبُ
يُظهِرُ منها السرورَ حاسدُها / ضرورةَ الحقِّ وهو مكتئبُ
يُطرِبه البيتُ وهو يُحزِنُهُ / ومن أنين الحمامةِ الطَّربُ
يا آل عبد الرحيم لا تزل ال / دنيا رحىً أنتُمُ لها قُطُبُ
إن تفضُلوا الناسَ والحسينُ لكم / ومِنكُمُ فأفضلوا فلا عَجَبُ
فدَاكُمُ خاملون لو كَاثُرُوا ال / رملَ بأعدادهم لما حُسِبوا
لا يَخلُقُ العَدلُ في خلائقهم / ليناً ولا يُكْرَمُونَ إن شربوا
أخَّرَ أَقدامَهم وقدّمكم / أنّهُمُ يحسبون ما كَتَبوا
أنت على حالتيك محمودُ
أنت على حالتيك محمودُ / إن كان بخلٌ لديك أو جودُ
يشقَى ويرضَى بك الفؤادُ كما الطَّ / رفُ إذا ما رآك مسعودُ
يا غُصُناً دهرهُ الربيعُ فما / يفترقُ الماءُ فيه والعودُ
فات بك الحسنُ أن تُحَدَّ ولل / بدر بما انحطّ عنك تحديدُ
قم حدّث الليلَ عن أواخره / إن مَقامَ الصبوح مشهودُ
يا ظبيُ لو بتَّ فيه عدتَ وقد / عَنَّ ظباءٌ ببابلٍ غيدُ
أما ترى الفِطرَ صائحاً نَوِرزُوا / حَلَّ حرامٌ وانحلَّ معقودُ
والبدر يدعو بحاجبٍ حاجبٍ / للعيدِ بشرَى هنالك العيدُ
فاسبق بها الشمسَ أختَها لهباً / بقاؤها في الزمان تخليدُ
صان اليهوديُّ خِدرَها أن يُفَ / ضَّ الخَتمُ أو تؤخذَ المقاليدُ
عَدَّ رجالاً من قومه لَهمُ / في فضلها عنده أسانيدُ
سنَّ له اللهوُ أن يعظّمَها / فهي له في الدنان معبودُ
حمراءُ ما فازت الأكفُّ به / من لونها في الخدود مردودُ
من فمِ إِبريقها إلى شَفة ال / كأس عمودُ الصباح ممدودُ
دِينٌ من اللهو أنت عن باب إب / ليسَ متى حُدتَ عنه مطرودُ
تغنَّم اليومَ من سرورك والس / اعةَ إن الزمان معدودُ
ما دام يدعونك الفتى مَرَحاً / والغصنُ فينانُ والصِّبا رُودُ
غدا بياضٌ يا قاتل اللّه ما / تنشقّ عنه من بِيضك السودُ
لا تجمعُ الشَّيبَ والسرورَ يدٌ / ولا يتمُّ الثراءُ والجودُ
لا أَخلَفَ المالَ غيرُ متلفهِ / إن الغنيَّ البخيلَ مكدودُ
يا راكباً لم تُلِحْهُ هاجرةٌ / ولا ترامت بشخصه البيدُ
ولم تَقُدْ حظَّه مخاطَرةٌ / تُنضَى إليها المهريَّةُ الفُودُ
بين مناه وبينه غرضُ ال / رامي سدادٌ منه وتعضيدُ
قل لابن عبد الرحيم عشتَ فما / يعدَمُ فضلٌ وأنت موجودُ
مَلَّكك المجدَ أنّ بابَك مف / توحٌ وبابَ الأرزاقِ مسدودُ
يزدحم الناس فيه راجين را / ضين وحوضُ الكريم مورودُ
وأن عافيك والمكلِّفُ مش / نوءٌ مُرادٌ لديك مودودُ
لا هو في الذلّ بالسؤال ولا / بالمنِّ فيما مننتَ مكدودُ
يختلفُ الناس من كرامته / عندك مَنْ قاصدٌ ومقصودُ
والبشرُ حتى يقالَ بارقةٌ / والحلمُ حتى يقالَ جلمودُ
يُلبِسك المدحُ كلَّ ضافيةٍ / لها بطول الإخلاق تجديدُ
دُرُّ المعالي فيها بوصفك من / ظومٌ ووشيُ الألفاظِ منضودُ
تَخْبرُ منه ما أنت ناقده / وأكثر الإنتقادِ تقليدُ
والشعر ما لم توجدك آيتُهُ / إلا القوافي والوزنَ مفقودُ
يتعبُ فيه الموفِّرون له / وهو مع المُسْهلين موءود
بَقِيتَ منه لزائرتك بالث / ناءِ غيداً أكفاؤها الصِّيدُ
كلّ فتاةٍ مَحْدُوُّها يومَ تب / غي الحظَّ إمَّا أتتك مجدودُ
صديقُها أنتَن والحسود بها / وبي على القرب منك مفؤودُ
في وجهه البشر حين يسمعها / خوفاً وفي قلبه الأخاديدُ
يَطرَبُ منها للشيء يُحزِنهُ / واسمُ بكاءِ الحَمامِ تغريدُ
لا اجتاز عيدٌ إلا عليك وإن / أَجَزْتَ أن تُمطَلَ المواعيدُ
هل لقتيلٍ على اللوى ثائرْ
هل لقتيلٍ على اللوى ثائرْ / أم هل لليلِ المحبِّ من آخرْ
أم الفتَى جائدٌ بمهجته / على بخيلٍ بقوله غادرْ
خاطرَ في حبّ ظالمٍ لم تجزْ / قطُّ له رحمةٌ على خاطرْ
يحسب كلَّ الأبدان يومَ مِنىً / بُدْنَ الهدايا تحِلُّ للعاقرْ
له من القتل باعثٌ لا يُقا / ويه من الحزم والتقَى زاجرْ
إذا كريمٌ عفا لقدرته / أغراه بالشرّ أنّه قادرْ
يحصِب وادي الجمارِ يستغفر ال / له ومَن للدماء بالغافرْ
كلُّ حصاة بتراء تُنبَذ بال / وادي حسامٌ من كفّه باترْ
رامٍ بسبعٍ إذا رأى كبِداً / قرطسَ من واحدٍ إلى العاشِرْ
عزَّ قبيلي وخانني وأنا ال / مظلومُ في حبه بلا ناصرْ
لو كان في بابلٍ رُضاباً وأل / حاظاً لقلتُ الخمَّارُ والساحرْ
تاجرْ هواه وثِقْ بذمّته / تكن شريكَ المقمورِ لا القامرْ
يلقاك من قدّه وإمرته / يوم التقاضي بالعادل الجائرْ
يا قلبُ صبراً عساك حين حُرم / تَ الوصلَ تُعطَى مَثوبةَ الصابرْ
ولا تُسَمِّ الهجر الملال وعِشْ / بالفرق بين الملولِ والهاجرْ
حَجْرٌ عليك الإطرابُ بعدَ ليا / ليك اللواتي انطوت على حاجِرْ
ذلك عهدٌ ناسِي بشاشتِهِ / أسعدُ حظّاً به من الذاكرْ
كم عثرةٍ بين زمزمٍ لك وال / مشعرِ لا يستقيلُها العاثرْ
أفسدتَ فيها فريضة الحجّ بال / ذُلِّ لغير المهيمن القاهرْ
قلبُك فيها على التنسُّك مع / قودٌ وللفتك فعلُك الظاهرْ
فأنت بين الإحرام والحبِّ لل / أصنامِ لا مؤمنٌ ولا كافرْ
تخضَعُ منها لصورةٍ فُطِرتْ / ويَخضَعُ المخبِتونَ للفاطرْ
حسْبك كان الشبابُ يستر من / نفسِك ما الشِّيب ليس بالساترْ
قد آن أن ينفعَ الملامُ وأن / تلزَمَ في العدل طاعة الآمرْ
طارت بعزماتك المُضلّة من / شيبك هذا عُقابُه الكاسِرْ
غاب الشباب المغري وقد حضرَ ال / شَيبُ نذيراً والحكمُ للحاضِرْ
قِفْ قد مضتْ غفلةُ الخليع بما / فيها وقوف المستبصر الناظرْ
شمِّر وخُضْها ما دمتَ خائضها / فربّما طَمَّ ماؤها الغامرْ
والشعرَ صنْه فالشعرُ يحتسب ال / لَهَ إذا لم يُصَنْ على الشاعرْ
لا تمتهنه في كلّ سوقٍ فقد / تربَح حيناً وبيعُك الخاسرْ
اُنظرْ إلى مَنْ وفي مدائح مَن / أنت وقد بات نائماً ساهرْ
اخترْ ولوداً للفهم منجبةً / فأكثرُ الفهمِ مُحمِقٌ عاقرْ
غالِ به واسْتمِ المهورَ الثقي / لاتِ وصاهرْ أَكفاءَها صاهرْ
واحنُ عليه فإنّه ولدٌ / أبوه قلبٌ وأمُّه خاطرْ
صَرِّفْهُ فيما يَرضى العلاءُ به / ويَعمُر العرضَ بيتهُ العامرْ
إمّا لفخرٍ يصدّق النسبَ ال / حرَّ ويُحيي ذكرَ الأبِ الداثرْ
أو لأخٍ يشفع الوداد بما / يرضيه منه بالفذِّ والنادرْ
أو مَلِكٍ رحتَ منه في نِعمٍ / أنت لها لا محالةٌ شاكرْ
ترى من الوِرْد في شريعته ال / عذبة آثارَ غيظةِ الصادرْ
من آل عبد الرحيم حيث عهِد / تَ العُشُبَ الكهلَ والحيا القاطرْ
والبيت من أينما استُضِفتَ به / فأنت في الجدب لابنٌ تامرْ
حيث القِرى لا تُكَبُّ جفنتُهُ / والنارُ لليل أوّلاً آخرْ
والبُزلُ لا تُعقَل الوديكةُ وال / كَوْماءُ إلا بشفرةِ الجازرْ
والنضَدُ الضخمُ والأرائِك يؤ / ثَرْن لجنبِ النديمِ والسامرْ
كم قمرٍ منهُمُ ولا ككما / ل الملك ضوّاك نورُه الباهرْ
تَمَّ فأبصرتَ أو سمعتَ به / ما لم تكن سامعاً ولا ناظرْ
أربابُك المالكون رقَّك من / ماضٍ سعيدٍ وسيّدٍ غابرْ
تورَث فيهم فأنت ينقُلك ال / ميراثُ من كابرٍ إلى كابرْ
تأنس إن قيل غرسُ نعمتهم / وأنت منها في غيرهم نافرْ
فما الذي رَدّ عن حميّته / أنفَك فانقدت في يد القاسر
بلى تصبَّاك في خلائقهم / مرتبِقٌ في حبالهم آسرْ
ورقية يُخرِجُ الأُسودَ بها / أبو المعالي من غيلها الغابرْ
تنفُثُ أخلاقهُ العذابُ فيُج / رين الصفا قبل صِلّه الخادرْ
دلَّ على مجدِ قومه وعلى ال / صُبح دليلٌ من نوره الفاجرْ
وقدموه طليعة يصف ال / فخر ووافَوا بالكوكب الزاهرْ
أبلج تُمسي النجومُ راكدةً / وكوكبُ السعدِ برجُهُ السائرْ
في الأرض منهم لعزّهم فلكٌ / بكلّ ما شاد ذِكرهم دائرْ
أراكة حلوة الثمار به / لم تَشْقَ في لقحها يدُ الآبِرْ
عدّلَ مَيلَ الدنيا وثقّفها / حتى استقامت تدبيرُه الآطِرْ
وابتسم الدهرُ تحت سيرته / وعدلِهِ وهو عابسٌ باسرْ
كأنما رأيه على لهب ال / خطب جُمادى صُبَّتْ على ناجِرْ
وجمرة دون سُدّة الملك لا / يثبت وجهٌ لوجهها الزافرْ
ينهال تحت الرِّجل القويمة جا / لاها بما عمّقتْ يدُ الحافرْ
قام عليها فألقم الحجرَ ال / هاتمَ فيها فمَ الردى الفاغِرْ
تجمُد إمّا بماء صارمه ال / باترِ أو ماءِ كفّه المائرْ
طَبٌّ بأدواء كلّ معضلةٍ / يغالط الجسَّ عرقُها الفائرْ
قد جرّبوه وآخرين فما / أُشكِل بين الوفيّ والغادرْ
واعترف المنكرون بالآية ال / كبرى اضطراراً وآمَنَ الفاجرْ
جاراكم الناسُ يدأبون فما / شَقّ هجينٌ عَجاجةَ الضامرْ
وقارعوكم على العلا سفَهاً / فما وفى بالمدجَّج الحاسرْ
وقد رأى من نصحته فأبى ال / نصحَ وكان الخلافُ للخابِرْ
وكيف يبقى على زئيركُمُ / قلبُ قطاةٍ يُراعُ بالصافرْ
وأسعد الناس ربُّ مُلكٍ له / منكم ظهيرٌ وعاضدٌ وازرْ
أنتم لها تمسحون غاربَها / بأذرعٍ لا يقيسها الشابرْ
وأمرُها كيف غيَّر الدهرُ أو / بدَّل فيها إليكُمُ صائرْ
منارُها فيكُمُ وقِبلتُها / والناسُ من تائهٍ ومن حائرْ
فلا يزل منكُمُ لها ناظمٌ / يجمع منها ما بدّد الناثرْ
ولا أتيحت عِصِيُّ عزّكُمُ / لملتح منهُمُ ولا قاشرْ
ولا تزل أنت كالقضاء بما / تطلبُ من كلّ بغيةٍ ظافرْ
تلتثم الحادثاتُ من خجلٍ / عنك إذا راع وجهُها السافرْ
وناوبت ربَعك السحائبُ من / مدحي بهامٍ مروِّضٍ هامرْ
بكل وطفاءَ تطمئّن فجا / جُ الأرض منها للرائح الباكرْ
يكسو الثرى ماؤها وترتدعُ ال / حصباءُ طيباً من ريحها العاطرْ
تُشهَد في المنصب الكريم وتح / مي العرضَ والعرضُ مهمَل شاغرْ
يزفُّها الحبُّ والرجاء إلى / بابك من كاعبٍ ومن عاصرْ
تجارة لا تبور والمشتري / سمعُك منها وقلبيَ التاجرْ
أُعظمها عن سواك أنك لل / أموال فيها مستصغِرٌ حاقرْ
ووُدُّ نفسي لو أنّ باطنَها / يُحمَلُ في حبّكم على الظاهرْ
وأن تَرَى عينُك العليَّةُ من / تحت شَغافي نصيبَك الوافرْ
فتصرف الشكّ باليقين إذا / بلوتَ سرّي بالفاحص السابرْ
ذاك اعتقادي وإنني لدمِ ال / وفاء إن كنتُ مُدهِناً هادرْ
فاقبل ولا تنس من حفاظِيَ ما / أنت بفضل الحجا له ذاكرْ
واعلم بأني ما اشتقت عهد الصبا ال / عافي ولا سكرة الغنى الغامرْ
شوقي إلى أن أراك أو أشتري / ذاك بإنسان عينيَ الناظرْ
فلا تُصبْني فيك المقادير بال / قاصد من سهمها ولا العائرْ
وزارك المهرجانُ يحمل من / سعدك أَوْفَى ما يحملُ الزائرْ
يومَ أماتوا بالغدر بهجتَهُ / وأنت منه رعايةً ناشرْ
أتاك في الوفد يعتفي روضَك ال / غضَّ ويعتامُ بحرَك الزاخرْ
فاجتلِ منه المبرِّزَ الحُسْنِ في ال / عين وفزْ بالمبارَك الطائرْ
خنساءُ همّي وذكُرها أنسي
خنساءُ همّي وذكُرها أنسي / إذا أمانيَّ حدَّثتْ نفسي
وساوس بين خاطري وفمي / أصبح أهذي بها كما أمسي
حتى لظنَّ الأقوامُ أنّيَ مم / سوسٌ وما بي إلاَّك من مسِّ
كم دعوةٍ يشهدُ الحفيظُ على / خلوصِ سرِّي بها من اللَّبسِ
يا رب إما أن ضمَّني وصلُ خن / ساء إليها أو ضمني رمسي
هبَّتْ ومنها الخِلابُ والخَدعُ
هبَّتْ ومنها الخِلابُ والخَدعُ / تأخذ مني باللوم أو تدعُ
لأهُبة السيرِ لا تطيرُ مع ال / ذكر بها لوعةٌ ولا تقعُ
لم يختلب جنسَها الوداعُ ولا اه / تزّت لها خَلف ظاعنٍ ضِلَعُ
قبلك أعيتْ عواذلي أُذني / أيّ صَفاةٍ بالعذل تنصدعُ
في سلف الرائحين جائرةٌ / تُسمَعُ أحكامُها فتُتَّبَعُ
لها سوادا قلبي وطرفي فما / يغرب فيها دمعي ولا الجزعُ
حوراءُ ودّ الظبيُ المكانَ الذي / تنظرُ منه والظبيُ مرتبِعُ
صحَّحَ رِقِّي حبُّ الوفاء لها / ومهجتي في لحاظها قِطَعُ
بانت بحلو المنى وعيشي وآ / تي العيش ماضٍ لو كان يُرتَجَعُ
وعلَّمتْ طيفَها الصدودَ وقد / كنتُ بإفك الأحلامِ أقتنعُ
وليلةَ النَّعفِ والسُّرَى آمرٌ / بالنوم والشوقُ زاجرٌ يَزَعُ
أكرهتُ عيني على الكرى أرقب ال / طيف ونومي أُولاه ممتنِعُ
فما وفت شيمة ملوّنةٌ / تُستنّ في غدرها وتُبتدعُ
حتى تمنيتُ لو سهرتُ مع ال / ركبِ وودّ السارون لو هجعوا
شيَّبني قبل أن كبِرتُ له / حبٌّ لظمياءَ ناشىءٌ يَفَعُ
يأخذ ما تأخذ السنون من ال / جسم ولا يترك الذي تدعُ
آهِ لشمطاء لا هي الشعر / برأسي ولا هي الصَّدَعُ
تؤذنني بالمدى وتخرُقُ من / عمريَ مالا تسدُّه الرُّقَعُ
صحبتُ منها يُبس الرفيق ويا / ليت افترقنا من قبل نجتمعُ
كصاحب البلدة القَواء أخو / ه الذئب فيها وجارهُ السَّبُعُ
قالوا ارتدعْ إنه البياض وقد / كنت بحكم السواد أرتدعُ
لم ينقل الشيْبُ لي طباعاً ولا / دنّسني قبلَ صقله طَبَعُ
نفسيَ أحجَى من أن تُحلَّمَ بال / وعظ وقلبي بالمجد مضطَلعُ
وإن هوى بي أو حطّني حُمُق ال / حظ فهمِّي يسمو ويرتفعُ
صَدَقتُ دهري عنّي ليعرفَني / لو كنتُ فيه بالصدق أنتفعُ
وقلت مِلْ بي عن طَرْق مسألة ال / ناس وقُدني فإنني تبعُ
جرّبتُ قوماً وفاؤهم بارق ال / خلَّبِ لا يُمطرون إن لمعوا
في العسر واليسر يمنعون فإن / أعطَوا تمنّيت أنهم منعوا
طمعتُ فيهم حتى يئست وما ال / يأس سوى ما أفادك الطمعُ
فاقعد إذا السعي جرَّ مهضمةً / وجُعْ إذا ما أهانك الشِّبعُ
وصاحبٍ كاليد الشليلة لا / يُدفعُ شيء بها فيندفعُ
مشى جواداً معي فحين علا / تجمَّعتْ لي بودِّه ضَبُعُ
حملت نفسي عنه عزوفاً وقد / يَحْمَى فيمشي بثقلِهِ الظَّلِعُ
وقلت بابُ الإله إن ضقت مف / توحٌ وهذا الفضاءُ متَّسِعُ
وفي وفاءِ الحلو الوفاء ابن أي / يوب مَرادٌ كافٍ ومنتجَعُ
مولَى يدِي والحسامُ يُسلمها / وناصري يومَ تخذُلُ الشِّيعُ
علِقتُ منه شَزْرَ القُوَى مَرِس ال / فتل وحبلُ الآمال منقطعُ
أبلج يعدي الدجى سناه فتب / يضُّ إذا خاضها وتنتصعُ
راض العلا قارح العزيمة واس / تظهر حتى كأنه جَذعُ
مسدّد النطق مستريبٌ بما / قال من الحق آمنٌ فزِعُ
يُطلعهُ نجدَ كلِّ مشكلةٍ / رأيٌ وراء الغيوبِ مطَّلعُ
عنَّ على قدرةٍ وجادَ وجو / وُ الجدي جعدُ الأرواح منقشعُ
وشد منه مُلكُ الإمامين جل / دَ المتن لا عاجزٌ ولا ضَرِعُ
ينصح للّهِ والخلافةِ لا / يرفع في شَهوةٍ ولا يَضعُ
وزارةٌ مذ أتيتَها عاشت ال / سُنَّةُ فيها وماتت البدعُ
تشهد لي أنها اليقينُ قضا / يا اللّهِ والمسلمون والجُمَعُ
وزَرتَهم وارثاً اباك فما ار / تابوا بما أصَّلوا وما افترعوا
واغترسوا عِرقَك الكريمَ فما / أطيبَ ما استثمروا الذي زرعوا
كان اصطناعاً على تمنّعه / منهم بمن قدَّموا وما اصطنعوا
كنت لساناً يقضي إذا نطقوا / قضاءَ أرماحهم إذا شرعوا
وسنَّةً تدفع المخالفَ عن / دعوتهم مذ همُ بك ادّرعوا
فضلٌ طريف منه ومتَّلِدٌ / تنقُلُه حاكياً وتخترعُ
وحّدك الناسُ في الدعاء ولو / ثنَوَّا لضلّوا إفكاً ولو جَمَعوا
وأطنب المادحون فيك بما / صاغوا من السائراتِ أو رَصَعوا
ولم يقولوا إلا بما علموا / ولا روَوا فيك غيرَ ما سمِعوا
فليبقَ للناس منك من أطبقَ ال / ناسُ عليه في الفضل واجتمعوا
ولتجتنب ربعَك الخطوبُ وفي / قومٍ مَصِيفٌ لها ومُرتَبعُ
وليغشَ منك النيروزُ أكرمَ مَن / حطَّ إليه الوفودُ أو رفعوا
يومٌ جوادٌ حكاك حتّى على ال / تُربِ حُلى من جداه أو خِلعُ
يعطيك بُشرى الخلودِ ما طفِقت / تحتجبُ الشمس ثمّ تطَّلعُ
وليفدِ كفّيك مغلقُ اليد مخ / فورُ النواحي بالبخل ممتنعُ
ما عنده في المهمِّ يطرقُه / جدٌّ ولا بالندى له ولعُ
عثرتَ يومَ العذَيبِ فاستقلِ
عثرتَ يومَ العذَيبِ فاستقلِ / ما كلُّ ساعٍ يُحسُّ بالزَّلَلِ
ما سلِمَتْ قبلك القلوبُ على ال / حُسن ولا الراجمون بالمقلِ
راحوا بقلبي وغادروا جسداً / أعدى بِلاه ربعَ الهوى فبَلي
وقفتُ فيه ولا ترى عجباً / كطللٍ واقفٍ على طللِ
سل إخوتي في قصور فارسَ عن / أخٍ عزيز يُضامُ في الحِلَلِ
يا قوم إن العذيبَ بعدكُمُ / يأخذني بالطوائل الأُوَلِ
لا تطلبوا في طُلى الرجال دمي / إنّ دمي في غوارب الإبلِ
كأنها بالحمُول واطئةٌ / صفحةَ خدّي تمشي إلى أجلي
يا عجباً صادني عناداً على / وجرةَ ظبيٌ يصاد بالحيلِ
مدَّ حبالاً من الذوائب واس / ترهف يرمي نَصلاً من الكَحَلِ
ما اختصَّ مني السَّقامُ جارحةً / على جهاتي أغراضُ منتبلي
إذا لحاظي لجسمِيَ امتعضتْ / من الضنا قال قلبِيَ احتملِ
كلّ عذابِ الهوى بُليتُ به / ولو كُفيت الملامَ لم أُبَلِ
قد اشتفى الدهرُ من قساوته / وما اشتفى العاذلاتُ من عذلي
يا قِصَر الليل دمْ لنائمه / فالليلُ لولا السهاد لم يطُلِ
أحال دمعي لونَ السواد من ال / عين ولونُ الظلام لم يحُلِ
وأنكرتْ عينيَ النهارَ من اع / تياد ليلاتِ همّيَ الطِّوَلِ
ظاهرَ ثوباً من السلامة لي / فوقَ أديمٍ محلَّمٍ نَغِلِ
يَسقِينيَ الصابَ إن وصفتُ له / ظماءةً من إدواة العسلِ
مبتسم لي من غير ما مقةٍ / ما كلّ لحظٍ بالماقِ عن قَبَلِ
إذا استجدَّتْ له ثيابُ غنىً / رحتُ بثوبٍ من غدره سَمَلِ
يرى بعينيه كلَّ منصدع / يُرأبُ إلا ما سدّ من خِللي
يرى ذهابَ الساداتِ سوّده / إن التفاني وسمٌ على الغُفلِ
قلْ للئيم يضمّ راحته / خوف سؤالي أُعفِيتَ فاعتزلِ
كفَفتَها تَرهبُ العطاءَ فما / أحسنَها لو تُكفُّ من شلَلِ
عهدي بمال الجواد يأمنني / فكيف قد خفتني مع البخَلِ
ما لك ترتاع للسماع إذا / سِيل أُناسٌ وأنت لم تُسَلِ
غضبان تبغي شرّي بلا تِرةٍ / ولا يدٍ أنت ربُّها قِبَلي
يُذَمُّ مسترجِعُ النوالِ فهل / تكون مسترجعاً ولم تُنلِ
يا عاقداً صبوةَ الحسان إلى ال / حاجات حرصاً بغارب الجملِ
يطلبُ ما أمهلَ القضاء به / من الغنى في سَفارة العجَلِ
حيرانَ يُضحي على أمانٍ من ال / أرض ويُمسي منها على وجلِ
حَطَّ وقد أعتمتْ مذاهبُهُ / ينظر رُشْداً أقمرتَ فارتحلِ
هذا عميد الكفاة نارُ قِرى ال / ليل وكشّافُ أوجهِ السُّبُلِ
دلَّ على جوده تبسُّمُهُ / والشرقُ يشرَى بالعارضِ الهطلِ
أبلجُ وافٍ سربالُ سوددِهِ / على سرابيلِ قومِه الفُضُلِ
فات به أن تداس حلبتُه / سنُّ فَتِيٍّ ورأيُ مكتهلِ
قرّ وما أُلقيتْ تميمتُه / وساد في عشر عمره الأُوَلِ
مستيقظ الظنّ ألمعيٌّ إذا / أخلفَ ليلُ النَّوّامةِ الوَكلِ
يكاد من طاعة الوِفاق له / يُصلح بين الجَنوبِ والشَّمَلِ
صحّت له في الندى بصيرتُهُ / فما يَردُّ السؤالَ بالعِللِ
وعاقَد الغيثَ أن يساهمه ال / جودَ بكفٍّ محلولةِ العُقُلِ
من معشرٍ شاب مجدهم في صبى ال / دهر وداسوا أوائلَ الدوَلِ
إذا هوى الناسبون في صَببٍ / تطلَّعوا من ذوائب القُلَلِ
خلّوا عن المال أيدياً وَهبُوا / منها مكانَ الأموال والقُبَلِ
يُصبح رزقُ الأنام تحت يدٍ / منهم وثقل الدنيا على رجُلِ
كلّ غلامٍ ضربٍ يخفّ إلى ال / ضرب خُفوفَ الصَّنَاع للعملِ
لو شاء مما طالت حمائله / مسّ قياماً ثَعالبَ الأسلِ
شابَهَ طيبُ الوِلاد بينهُمُ / وَفقَ الأنابيبِ في القنا الذُّبُلِ
محمدٌ كالحسين سبقاً إلى / غايتِه والحسينُ مثلُ علي
يبغي مساعيك متعبٌ يدُهُ / تفتُلُ حبلاً لشاردِ الإبلِ
وما جنت خيبةً كرِجلِ فتىً / يمشي على النار غيرَ مشتعِلِ
أنعمتُمُ لي خوض الرجاء وقد / كنت أُحلّا منه عن البللِ
وزاد شِعري فيكم على فِكَري / مزيدَ إحسانكم على أملي
لكنّه يقتضي مكارمَكم / تعجيلُها ما يفوت بالمهلِ
وأن أكون الشريكَ في جمّة ال / ماءِ كما قد شُركتُ في الوشَلِ
كلّ يدٍ في مديحكم غُمستْ / غيرَ يدي فهي كفُّ منتحلِ
وكلّ قلب بعدي أحبَّكُمُ / قلبُ دخيلِ الودادِ منتقِلِ
كم جَلوةٍ حُلوةٍ زففتُ لكم / فيها هَدِيّاً من خاطرٍ غزلِ
كالشمس يأتيكم الصباحُ بها / عذراءَ حتى تُجلَى مع الطَّفْلِ
طيّبة الرُّدنِ بالذي ضمنت / من سيرةٍ فيكمُ ومن مثلِ
تُكثِر مع حسنها الوصالَ فما / أخشى عليها إلا من المللِ
أثقلتُمُ حملَ جيدها فإن از / دادت فللفخر ليس للعطَلِ
كم حاسدٍ قد مشى الضَّرَاء لها / لما استقامت برأيه الخطِلِ
رجا بما قال عندكم وَزَراً / يُنجيه من غيظه فلم ينلِ
لو لم توسّع له مسامعكم / ما طمع الصّلُّ في فم الوعلِ
يقُصُّ إثرَ الشذوذِ يلتمس ال / عيبَ وينسَى الإحسان في الجملِ
له إذا امتدّ باعُ همّته / ذكرِي بالعيب والمحاسنُ لي
كفى احتقاراً تركي إجابتَه / لو كان ممّن يُجابُ لم يقُلِ
راشَ نبالاً في جفنه ورمَى
راشَ نبالاً في جفنه ورمَى / ظبي بجَمع ما راقبَ الحَرما
بحيثُ كفّارة القنيصِ من ال / وحش دمٌ طَلَّ للأنيس دَما
شنَّ مغيراً على القلوب فما / ينهض ثِقلاً منها بما علِما
يا قرّبَ اللهُ يومَ تُقصِي الدُّمى ال / بيضُ ظِباءً بمكةٍ أُدُما
أسهَمهنَّ اللصوقُ بالنسب ال / ضارب في يعرُبٍ وإن قدُما
إذا اعتزى باللسان منتسبٌ / سفرنَ ثم انتسبن لي فسما
أو سُلِّم الحسنُ للبياض لما / عُدَّ شفاءً بين الشفاه لَمَى
قل بِمنىً إن أعارك الرشأُ ال / نافرُ سمعاً أو قلتَ ما فهِما
تحصبُ يا راميَ الجِمارِ بها ال / أرضَ فقلبي لم يشتكِ الألما
نحّاك قلبٌ لا يُحسِن الصفحَ عن / جُرمٍ ووجهٌ لا يعرف الجُرُما
بأيِّ دَيْنٍ لم تلوِ يومَ مِنىً / وأي دِينٍ عليك قد سَلِما
كادت قريشٌ ترتدُّ جاهلةً / لما تمثّلتَ بينهم صنَما
أستخلفُ اللهَ والضَّنا كبِداً / ضامنُها ما وفَى وما غَرِما
يا لزَماني على الحمى عجباً / أيُّ زمان مضى وأيُّ حمى
كان الهوى والشبابُ نِعْم القري / نان وكان الشبابُ خيرَهما
يرمي بعيداً وإن أساء له / دهري ففوداي منه ما سلِما
شبَّ علىَّ المشيبُ بارقةً / كان شبابي لنارها فَحمَا
لو صُبِغتْ بالبكاء ناصلةٌ / دام شبابي مما بكيتُ دما
قامت تَألَّى ما شاب من كبر / خنساء بَرَّتْ وأُكرِمَتْ قَسَما
لا تسألي السنَّ بالفتى وسلي ال / همَّ وراءَ الضلوع والهِمَما
كم عثرةٍ لي بالدهر لو عثَر ال / هلالُ طفلاً بمثلها هَرِما
ركوبيَ الدُّهْمَ من نوائبه / بدّل شُهْباً من رأسيَ الدُّهُمَا
طال ارتكاضي أروم إدراك ما / فات وأبغي وِجدانَ ما عُدِما
أنشُد حظّاً في أرض مَهلكةٍ / تخبِط عيني وراءَه الظُّلَما
مقلقَلَ الهِّم بين هلْ وعَسَى / رِجْل المنى أو تَسُدَّ بي الرَّجَمَا
إمّا تَريْني بعد اطرادِي وتث / قيفي بجنب الكُعوب منحطما
فالسيفُ لا يصدُق القضاءُ له / بالعين إلا ما فُلَّ أو ثُلما
وإِن تدبَّرتِ بعد بحبُوحَة ال / عزّ محلّاً من الأذى أَمَمَا
يُبْلِغُني إِمرةَ الأمير وإن / جار وحُكمَ المولَى وإن ظَلَما
فالماء قد يسكُنُ السحابَ وين / حطُّ أواناً فيسكنُ الإرَما
اللهَ لي من أخٍ علِقتُ به / أوثقَ ما خلتُ حبلُه انجذَما
شَدَّ يديه عليَّ أعجفَ مع / روقاً وخلَّى عني أن التَحما
واصلني مصفَرَّ القضيب فمذْ / رَفَّ عليه غصنُ الغنى صَرَما
واعتاض عنّي كلَّ ابن دنيا أخي / حرصٍ يرى الغُنمَ فضلَ ما طَعَما
ينكُص عند الجُلّى فإن أبصرال / جفنةَ ملآى استشاط فاقتحما
لا ذو لسان يوم النديِّ ولا / مقياسُ رأيٍ إن حادثٌ هجما
ما لك يا بائعي نقلت يداً / تأكلُها عند بيعتي ندَما
حلفتُ بالراقصات تُجهَد أع / ناقا خُفوضاً وأظهراً سُنُما
تحسَبُ أشخاصَها إذا اختلطتْ / بالأَكَم الوُقْصِ في الدجى أَكَما
كلّ تَروك بالقاع سَقْباً إذا / لوتْ إليه خيشومَها خُرِما
تحمِلُ شُعْثاً إذا هُمُ ذكَروا / ذخيرةَ الأجر غالطوا السأَما
حتى أناخوا بذي الستورِ ملب / بين بأرضٍ كادت تكون سَمَا
لأنجبتْ بطنُ حامل ولدتْ / محمداً وابنَ أمِّه الكَرَما
يا أرضُ فخراً أخرجتِ مثلَهما / نَعَمْ تملَّيْ محسودةً بهمَا
واعتمدي منهما مباهِلةً / على عميدِ الكفاةِ فهو هُما
خيرُ بنيك الفحولِ من سلَّم ال / أمر له شِيبُهم وما فُطِما
وهبَّ مضمومةً تمائمُه / بعدُ وتسويدُه قد انتَظَما
لم ينتظر بالوقار حُنكتَهُ / ربَّ حليم قد شارفَ الحُلُما
ما زال يُزري بديهةً بالروِي / يَات ويُنسِي حِدثَانُه القُدَما
حتى ظننا شبابَه من وفو / رِ الرأي شَيباً في وجهه كُتما
أبلجُ يحذيك سافراً خلقةَ ال / بدر وخيطَ الهلال ملتثما
يدير في الخطب عينَ فتخاءَ لا / تعرف إلا من كسبها الطُّعُما
لواحظٌ كلُّها نجومٌ إذا / كانت لياليه كلُّها عَتَما
يرمِي بقلبٍ وراءَ حاجته / أصمع لا يستشير إن عزَما
لا يُسرع القولَ في سكينته / ولا ينزِّيه طارقٌ غَشَما
لو ركِبَ العجزُ للعُلوق به / ناصيةَ البأسِ لم يجد لَقَما
سدُّوا به ثُغرةً من الملك لا / ينهضُ منها بانٍ بما هَدَما
واسعةُ الفرج أعضلتْ زمناً / على الأواسي والداءُ ماحُسما
فقام حتى استقام مائدها / باللطف لا عاجزاً ولا بَرِما
لم يستعنْ ناصراً عليها ولم / يخجلْ وحيداً فيها ولا احتشما
إذا الوغى أشمطت رؤوسَ بني ال / حربِ فلَوْا بالصوارم اللَّمَمَا
كلُّ غلام يُرجَى إذا اشتطَّ غض / بانَ ويُخشى بَكراً إذا ابتسما
من آل عبد الرحيم قد وصل ال / لَهُ لبيتيه بالعلا رحِما
بنتْ عليه قبابُ فارسَ أف / لاكاً رسَى أصلُ عزِّها وسَما
مجدٌ قُدامَى وخير مجدَيْك ما اس / تسلف صدرَ الزمان أو قدُما
يا سرحةً من ثمارها حسبي / لا خفرتك البروقُ ذمَّةَ ما
اِلتفَّ عيصي بعِيصكم فغدا / ودّي خليطاً بكم وملتحما
حرَّمتموني على السؤال فما / أحفِل أَعطَى المسؤولُ أو حرَما
وصار تُربي الريَّانُ يضحك إن / أبصرَ تُرباً يستسمح الدِّيَما
فما أبالي أجارَ أم عدل ال / رزق بأيْمان غيركم قُسِما
كنتُ جموحاً على المطامع لا / يلفتُ رأسي مالٌ ثرَى ونَمَى
تحت رِواق القنوعِ لو هجر ال / ريقُ لِثاتي لما شكوتُ ظما
لا يطمع الدهرُ في رضاي ولا / يُسخطني إن أَلام أو كَرُما
وكلُّ سامٍ رامٍ بهمّتهِ / يرَى مديحي كما يَرى العُصُما
فَرُضتُموني بألسن وبأخ / لاقٍ ليانٍ أصبحن لي لُجُما
فكلُّ راقٍ منكم بنفثتِهِ / لم يُبقِ منّي بحبّه صمما
درّبتمُوني يداً بأن أقبلَ ال / رفدَ وأن أمدح الرجال فما
فسَحتُمُ في مَضيقِ صدري وأف / صَحتم لساني من طول ما انعجما
فمِن جَداكم عندي ونعمتِكم / أنِّي تعلمتُ أشكرُ النِّعما
وكلّما آد دَينَكم عُنُقي / قضيتُكم عن فروضه الكِلما
كلّ شرودٍ لا تشتكي عضَّة ال / دَهر إذا أُنصِبتْ ولا الخُزُما
تجري بأوصافكم كما يقطع ال / سيلُ بطنَ الوِهادِ والأُطُما
في كلّ أرض لمجدكم علَمٌ / ونارُ مجدٍ قد أُركبت عَلما
تَنشُر ما بين مشرق الشمس وال / غرب رياحاً لأرضكم فُغُما
والشأنُ في أنها بواقٍ على ال / دهر إذا كان أهلهُ رِمما
ملأتُ فيكم بها الطروسَ وما / تشكو كَلالاً يدي ولا سأما
قد شَرعَتْ مذهباً لكم نَسخَ ال / شعرَ على المحدَثين والقُدَما
لو نَبشتْ عن صَدَى زُهيرٍ زقا / يحلِفُ أن قد فضلتُمُ هَرِما
فاقتبِسوا من جلالها سِيرَ ال / أمثال فيكم وطالِعوا الحِكَما
أو لا تبالوا إذا هي انعطفت / لكم بشعر إن صدّ أو صَرمَا
راعوا لها حُرمة التقدّم وال / ودّ وضموا أسبابَها القُدُما
ووفِّروا حظَّها لمجتهدٍ / أكَّد فيها الحقوقَ والذِّمما
مستبصر القلبِ واللسانِ فما / يقول فيكم إلا بما علِما
عقدُكُمُ لي أصحُّ من أن يَرى ال / ناسُ بحالي في مُلككم سَقَما
اُنظرْ معي فهْي نظرةٌ أَمَمُ
اُنظرْ معي فهْي نظرةٌ أَمَمُ / أعَلَمُ السفحِ ذلكَ العلَمُ
أنت بريءً ممّا تُشَبِّهُهُ ال / عينُ وطرفي بالدمع متَّهَمُ
يُطربني اليومَ للمنازل ما / أسأَر عندي أيّامُها القُدُمُ
ويَطَّبيني على فصاحةِ شك / واي إليها ربوعُها العُجُمُ
عليّ يا دار جهدُ عيني وما / عليّ عارٌ أن تبخلَ الدِّيَمُ
لكِ الرضا من جِمام أدمعِها / وذمُّها إن سقَى ثراكِ دمُ
أما وعهدِ الغادين عنك وأش / جانٍ بواقٍ لي فيكِ بعدهُمُ
وما أطال الصِّبا وأعرضَ من / عيشٍ كأن اختلاسَه حُلُمُ
وسرِّ حُبٍّ قد سار عندَكِ في / أمانةِ التُّرب وهو منكتِمُ
ما كان ما قاله المُسِرُّون عن / ريم وعنّي إلا كما زعموا
هل هو إلا أن قيل جُنَّ بها / نَعَمْ على كلّ ما جَنَتْ نَعَمُ
كفَى بلوم العُذّال أنهُمُ / عابوا فقالوا بضدّ ما علموا
وأنّ شقّ العصا لهمْ ولها / طاعةُ قلبي تقضِي وتحتكمُ
ليت الذي لام في الغرام بها / مكانَ داست من نعلها القَدَمُ
آهِ لبرقٍ بجنبِ كاظمةٍ / هبَّ فقالوا هيفاءُ تبتسِمُ
وطارق زار يركب الشُّقَّة ال / طولى وليلِي بحاجر فَحَمُ
يستكتم الليلَ وجهَهُ وسُرى ال / أقمارِ مما لا تكتُمُ الظُّلَمُ
فكان منّي مكانَ يرتقبُ ال / خليعُ تحت الدجى ويحتشِمُ
بتنا وأطواقُنا يدٌ ويدٌ / ورُسْلُ أشواقِنا فمٌ وفَمُ
يَلُفُّني الغصنُ أو تضاجعني ال / دميةُ أجنِي طوراً وألتزمُ
حتى إذا الفجر كان خيطيْنِ أو / كادت عقودُ الجوزاء تنفصمُ
غارت على أختها الغزالةُ فاس / تيقظتُ لا بانةٌ ولا صنَمُ
عادٌ من الدهرِ مرَّةً إن وفا / خانَ وإنْ مَنَّ عادَ ينتقمُ
ما أشبه الناسَ بالزمان وما / أقلَّ فَرقاً بالغدر بينهمُ
كنتُ ألوم الإخوان شيئاً إذا ال / تاثوا وأشكوهُمُ إذا صَرَموا
وأحسب البخلَ والسماحة لي / غايةَ ما في العُقوق عندهُمُ
فاليوم لثمي في ظهر كلّ يدٍ / ليس دمي من بنانها العَنَمُ
يا دينَ قلبي من مالكين له / بالودّ حلفُ الشقاء عبدُهُمُ
يحفظهم خائنين عهدي ودَا / نِين وفي وُجدِهم وإن عَدِموا
وهم جفاءً عليّ أفئدةٌ / صخرٌ وجورٌ صِرْفٌ إذا قسَموا
لا نوبُ الدهرِ حينَ تطرُقُهم / تُنصفني منهم ولا النِّعَمُ
عندهم الغدرُ بي على القُلِّ وال / كُثر وعندي الوفاءُ والكرمُ
لي بعضُهم غيرَ خالصٍ ولمن / دامَجهم خالصين كلُّهُمُ
بين فؤادي فيهم وبين فمي / شواجرٌ في الحِفاظ تختصمُ
فالقلبُ فيهم خالٍ من الذمّ وال / عَتبُ عليهم فيَّ يزدحِمُ
يا ربِّ هب لي يقظانَ منهم إذا / ناموا وعدلاً في الود إن ظلَموا
واسمح لنفسي بحفظ نفس ابن أي / يوبَ فما ذاك في الإخاء هُمُ
أبلج خاضت بي الدجى غُرّةٌ / منه وداست بيَ العلا قدَمُ
برٌّ وحظّي المقسومُ لي من بني / أمّي عُقوقٌ ومن أبي يُتُمُ
فاستنصرتْه ليَ العلا فوفتْ / كفٌّ يمينٌ وصارمٌ خَذِمُ
وقام دوني لا عامل الرمح مر / دود ولا السابريّ منحطِمُ
تأبَى له نفسه وطينتُهُ / أن يُتقاضَى أو تخفرَ الذِّمَمُ
وشيمةٌ حرة مضى معَها / والمرءُ حيث ارتمت به الشيمُ
لا طائش الحِلم إن هفا الطيشُ بال / ناس ولا ضيِّقٌ إذا برِمُوا
من معشر يشكرون إن رزقوا / أو يحسنون الظنون إن حرموا
قروم دُنيا يغشون شدّتها / مَسَاكِناً لا تُلينها القُحَمُ
كل عتيق البُزُول ملتحم ال / جُلْبَةِ تعيَا برأسِهِ الخُطُمُ
لا يملك الرحلُ أكلَ غاربِه / ولا يعفِّي أوبارَهُ الجلَمُ
شادوا على مجدهم بيوتَهُمُ / وما بنى المجدُ ليس ينهدمُ
لا عُطِّلتْ منك سُبْلُ سؤددِهم / تنهجُ آثارَها وتلتقِمُ
ولا عدِمتَ الفضلَ الذي شهِدتْ / لك العلا فيه أنك ابنُهُمُ
واستقبلتك الأيّام تجبُرُ من / جِراحِها سالفاً وتلتحِمُ
تسفِر عن أوجه السعود التي / كانت حياءً بالأمس تلتثمُ
يشفَعُ في ذَنبها إلى عفوك ال / نيروز فاصفح وإن طغى الجُرُمُ
فاقبل ضماني فإنها لك بع / د اليوم فيما ترومُهُ خَدَمُ
واسمع على الاختصار طارقةً / لها طوالاً سوالفٌ قُدُمُ
أخَّرها الدهرَ عن بلوغ مدا / هُنَّ وهمٌّ ماتت له الهِمَمُ
ونُوَبٌ تُلجِم الفؤادَ إذا ال / ألسن كفَّتْ غُروبَها اللجُمُ
والقولُ يُجنَى من القلوب فإن / غاضَ دمُ القلبِ صَوَّحَ الكِلمُ
مَن مُوصلٌ بالسؤال والقَسَمِ
مَن مُوصلٌ بالسؤال والقَسَمِ / إليّ عِلماً عن دارة العَلمِ
أُحدوثة تنسَخ الغليلَ فيل / تام من القلب غيرُ ملتئمِ
هيهات نجدٌ والمخبرون به / قلَّ عَناءُ السؤَال من أممِ
ليس سوى نفحِة الصَّبا لك أو / لمحةِ برقٍ بالغور مبتسمِ
وخادعاتٍ وهْناً يصانعك ال / ليلُ بها من كواذب الحُلُمِ
تطرُقُ لقطَ القَطاةِ خائفةً / مكايدَ الراصدين في الطُّعُمِ
نمتُ لها نومةَ المُريب وأص / حابي هجودٌ من جانبَيْ إِضمِ
والليلُ تسري نجومُه الشهبُ في / جحافلٍ من خيوله الدّهُمِ
فزارنا قُرِّبَتْ زيارته / من آنسٍ بالظلام محتشِمِ
يعرف رحلي من الركاب برجْ / عات التشكِّي وأنّةِ السَّقمِ
ثم دنا جاذباً عِطافِيَ وال / خوفُ يلوّي منه فقال قمِ
قم لي فلولاك لم أجُبْ خطراً / قلت ولولا سراكَ لم أنمِ
أُكرومةٌ للدجى وهبت ذنو / ب الصبح فيها لشافع الظُّلمِ
وعارضٍ تصبح البلادُ به / في نعمةٍ من مواهب الديَمِ
عدَّلَ حتى تلاحق الحَزنُ بال / سهل وسَوّى الجِفارَ بالأُطُمِ
راخَى له المِرزمانِ وانشالت ال / عقربُ عن كلِّ هاجم عَرِمِ
يوغِلُ في الأرض ماؤه مُولِداً / منها بطونَ الحوائِل العُقُمِ
ترى القراراتِ منه رافلةً / في أزُرٍ من عمائم الأكَمِ
تقولُ عنه الرياضُ مفصِحةً / أحسنَ ما قال شاكرُ النِّعمِ
كأنما الله قبلَه قطّ ما / قلّد أرضاً صنيعةً لسُمِي
تعبث آثارُه بمُشعرةِ ال / أعضادِ قرعَ الجنُوبِ واللِّممِ
قد أكلَ الجدبُ أطيبيها فلم / يَبقَ سوى رسمها لمرتسمِ
بعيدة العهدِ بالعشيب من ال / أرض ورقراقِ مائها الشَّبمِ
تنهضُ أشباحُها النواحلُ في / حاجاتنا بالجسائم العُظُمِ
تطلب من ذي الرياستين قَرَا ال / ركبِ ونارَ القِرَى على العلَمِ
وعزّةَ الجارِ في ربيعةَ وال / دارِ وأمنَ الحمام في الحرَمِ
والقائلِ الفاعلِ الذي سِيط جُو / دُ العُرْبِ منه بطيبة العَجَمِ
تزجرها باسمه الحُداة فتن / قاد بغير الخِشاشِ والخُطُمِ
فخَلِّ عنها لسّاً ومَضمضَةً / ثم استقِمْ في السُّرى بها ورُمِ
فاليومَ ترعَى وادي الغضا وغداً / ترعَى بنعماه واديَ الكرمِ
يبلُغنَ لا ضَيِّقَ الخِناق من ال / عَيِّ ولا مسنداً من السأمِ
ولا قصير الإزار إن جذبَ ال / جدبُ بأذيال خائِض القُحَمِ
أملس لا تعلَقُ العيوبُ به / معطَّر العِرض أبيض الشِّيَمِ
غضبان مما غار الأبيُّ له / وفي الرضا شُهدةٌ لملتقمِ
إما ترى ما لديه قسراً فخذ / عنه وإما سألت فاحتكمِ
عسفاً ولطفاً ويجمع الماء وال / نار غرار المهنّد الخَذِمِ
جاد فقال اللّوام حسبُك فاز / داد فقالوا ياليت لم نَلُمِ
وذوّقوه العقبَى فقال لها / عُدّةُ صبري وجامعُ الرِّممِ
أعجبُ من عاملِ الرزق عدوٌّ / قاسمُ الرزق غيرُ متَّهمِ
لله والمجدِ والحفيظة وال / عزائم العالياتِ والهممِ
ما ضُمِّنَتْ من أبي المعالي حُبَى ال / دستِ وأدَّتْ جوامعُ الكَلمِ
وربّ عوصاءَ تعصِب الفمَ بال / ريق وتهفو بالناطقِ الخصِمِ
نافرةِ الجانبين مبهمة ال / وجهِ على جامع ومنتظمِ
عزَّت على القائلين وهي له / تَذِلُّ بين اللسان والقلمِ
تفعل خرساءَ في صحائفها / فعلَ زئير الآسادِ في الأجَمِ
كأنه من ردَى النفوس بها / يكتبها في طروسها بدمِ
فضائل إرثها ومكسبها / له بحق الحِدْثانِ والقِدمِ
ياابن المحامين عن حقائقهم / في الصبح والمطعمين في العَتَمِ
والضاربين العدا بحدّهِمُ / والبالغين المدى بجِدّهِمِ
مشى على الدهر ملكُكم يفعاً / وعانِساً مشرِفاً على الهرَمِ
ورضتُمُ أظهُرَ الليالي المقا / ديمِ وطُلتُم سوالفَ الأُمَمِ
قد أصلح الناسَ سعيُكم لهمُ / وأفسد الناسَ لطفُكم بهِمِ
وقلَّبتْكم أيدي الملوك فلم / يغمِزْ قناكم عارٌ ولم يَصِمِ
واستصرخوكم مستضعفين على / حربٍ فكنتم أنصارَ ملكهمِ
واستقدحوا رأيَكم فأرشدَهم / والنصحُ حيرانُ والصوابُ عمِي
فلا تزعزعْكم الخطوب ولا / تدخُلْ عليكم صوارفُ النِّعمِ
ولا تزلْ منكم الأساورُ وال / تيجانُ فوق الأكفِّ والقِممِ
شريتكم بالورى فما قرَع ال / غبْنُ بظُفري سنِّي من الندمِ
وصرتُ منكم بحكمِ كلِّ فتىً / منكم لحقّ الوفاء ملتزمِ
دستُ رؤوسَ العدا بمجدكُمُ / وهان هاماتُهم على قدمي
لففتموني بعِيصكم فسرَت / عروقُ عبد الرحيم في رحمي
لكن هَناتٌ تعرو فتلفِتُ عن / حقّي وتُقصي القريبَ من ذممي
وشاغلاتٌ حوادثٌ صَرفتْ / وجوهَكم عن حقوقِيَ القُدُمِ
ألقاكُمُ آنساً فيرجعُ بي / إعراضُكم في ثيابِ محتشمِ
ملالةٌ والمزار غِبٌّ وإق / صاءٌ بلا زَلَّةٍ ولا جُرُمِ
وجفوةٌ لو شربتُها في إنا / ء الماءِ صَديانَ ما شَفى قَرَمي
لم تَرقِها خُدعتي بقولي ولا / فعليَ والسحرُ في يدي وفمي
تشمتُ آماليَ الصحائح في / إشفاءِ حالي فيكم على السَّقَمِ
ويعجَب المجدُ من وجودكمُ / على الغنى قدرةً ومن عَدَمي
وما أقول البحارُ غاضت بأي / ديكم وحالت طبائعُ الدِّيَمِ
لكن عتابي على الحظوظ وشك / واي إليكم تَحيُّفُ القِسَمِ
وأنني في زمان عزّكُمُ / وهو زماني بحالِ مهتضَمِ
كنت أظنّ الأيامَ إن خَدمتْ / إقبالكم أن يكون من خدمي
وأن نيرانكم إذا ارتفعت / أوَّل ما يعتلقن في فَحَمي
وأن تزولَ الدنيا وأنت على / عهدك لي لم تَزُل ولم تَرِمِ
فلا يخبْ ذلك الرجاء ولا / تُهتَكْ مصوناتُ تلكم الحُرَمِ
ولي ديونٌ أُجِّلن عندك قد / أكَلن لحمي وقد شرِبن دمي
فاقض فقد أمكنَتْ وخفِّفْ بها / ظهرَك إن الديون في الذّممِ
واقصِد بها غايةَ الجمال على ال / عادة فيها لا غايةَ القِيَمِ
والبس من المهرجان ضافيةً / في العزّ أذيالُها على القَدَمِ
ينسُجُها السعدُ ما أطال وما / أعرض في الأَسْدِياتِ واللُّحَمِ
معقودةً بالخلود طرّتُها / فما تقول الدنيا لها انفصِمي
وقابلِ الصومَ أبلجَ الوجه جذ / لانَ وعيِّدْ مؤيَّداً وصُمِ
مَن ناصري والزمانُ لي خصمُ
مَن ناصري والزمانُ لي خصمُ / ومنصفي والطبيعةُ الظلمُ
وعاذري من عُزوف نفسِيَ وال / همَّةُ غصنٌ ثمارُه الهمُّ
في كلّ يومٍ سعيٌ بلا ظَفَرٍ / يَقعدُ همّي وينهضُ العزمُ
وحاجةٍ في العلاء أطلبُها / عند غريمٍ قضاؤه غُرمُ
أركبُ منها شُهبَ الأماني فتل / قاني الليالي من دونها الدُّهْمُ
ما أولعَ الدهرَ بالفسوق إذا / قيلَ له في يمينك الحكمُ
كأنه يومَ بَرَّ أقسم لا / يكون فيه لفاضلٍ قِسْمُ
أَنِظرْهُ يوما ترِجعْ عوازبُهُ / لكلّ منشورةِ العُرَى ضَمُّ
لا بدَّ من نظرة محلِّقةٍ / يُمسحُ فيها بالراحة النجمُ
لأبلُغَنَّ الذي الرَّغام به / ينبىء أو فيه للعدا الرغْمُ
جُبنَ الدُّجَى مَفرِقا وجئن ولل / صبح عليه صوارم خُذْمُ
كأنها والفلا يموج بها / سفائنٌ جاش تحتها اليمُّ
تَحَسبُ ركبانَها تخُبُّ بهمْ / حُمْشٌ عن الماء حُلِّئت رُثمُ
عنَّ لها والشروعُ حيثُ ترى / أشعثُ باقي قميصه رسمُ
أبو ثلاثٍ بقاؤه أبدا / لهنَّ مع ضُعف رزقه يُتْمُ
تَطرحه راميا بمهجته / في لَهَواتِ المخاوف العُدْمُ
بصيرةٌ بالنفوسِ طاعتُها / على المنايا إذا مضت حَتْمُ
فاستلَّ منها زرقاءَ تثبُتُ في ال / عظم بمتن كأنّه العظمُ
لو لم يعُقها الحرمانُ كان له / وللأيامَى في كسبها طُعمُ
رمَى فأشوَى فانصعن جافلةً / كأنَّ مرأَى شخوصها وَصْمُ
يحفزها سائق عنيفٌ من ال / خوف وفحلٌ سياطُهُ العَذمُ
تُطيعه يومَ خوفها وتعا / صيه خلافا ودارُها سَلْمُ
فهو لها قائدٌ إذا انتشرت / والٍ وتالٍ غداةَ ينضمُّ
تخطو بنا خطوَها نجائبُ لا / يحبِسُها بالعيافةِ السَّجْمُ
تخابط التيهَ لا تُشَقّ لها / تُربٌ ولا يُقتفَى بها نجمُ
يا من رأى بالعقيق بارقةً / تحسرُ منها الرُّبَى وتعتَمُّ
يقدحُ زَندُ الجَنوب جذوتَها / وسُدفةُ الليل تحتها فحمُ
تبتسم الأرضُ وهي كالحةٌ / منها ثغورٌ لها الحيا ظَلْمُ
يُذكِرُني لَمحُها زمانا على ال / خَيْف تَقَضَّي كأنه الحُلْمُ
هل لك بالنازلات دون مِنىً / يا عَلَم الشوقِ بعدنا عِلْمُ
كم وقفَةٍ لي على شَرَافٍ وفي ال / تربِ عِطارٌ وفي الصَّبا سُقْمُ
جرتْ مع الرسم لي محاوَرةٌ / فهمتُ منها ما قاله الرسمُ
كأنّ شِعري أعدَى معاهدَه / فأعربتْ لي عِراصُها العُجْمُ
وباللوى ظبيةٌ مضى عددُ ال / حسن عليها فبدرُها تمُّ
رمتْ فما كذّبتْ مقاتلَه / سهميَّةٌ لحظُ عينها سهمُ
أَطلبُ ودَّ الأيام أظلمها / وهل تسام الوِلاَدةَ العُقْمُ
كيف اعتذارُ الزمان من حُرمةٍ / فِيَّ وفي نفسه له جُرمُ
ليْت كفانِي الإخوانُ أنفُسَهم / فلم يَقُوني الأذى ولم يَرموا
قد سمِع الدهر واستجاب وأن / صاريَ خُرسٌ عن دعوتي صُمُّ
ويدّريني نَبلُ الكلام فلا / أصغِي وفي أضلعي كَلْمُ
ودّ الأعادي وقد نصبتُ لهم / حلميَ طودا لو أنهم عُصْمُ
أعرضَ سمعي فضاع لغوُهُم / ربَّ سَفاهٍ أماته الحِلمُ
يعجَبُ للجهل كيف راخَى لأق / وامٍ ودانَى من خطوه الحزمُ
تحلو لقوم طعومُ ما لهِمُ / وليس للمال عندَه طَعمُ
تمَّ وما أُلقيتْ تمائمهُ / على رجال سادوا وما تمُّوا
واجتمع الطارف التليد له / سنٌّ ثنيٌّ وسؤددٌ هِمُّ
مستيقظٌ ظنُّه يقينٌ إذا / هوّم قومٌ يقينهُم رَجْمُ
حُلوُ جناةِ اللسان مرُّ المُلا / حاتِ ضحوكٌ عِراكُهُ جَهْمُ
جوهرةٌ للصديق جَندَلَةٌ / على العدا لا يلُينُها العَجْمُ
من خيرِ قومٍ أبا وأكرمِهم / أُمّاً أما عابت الأبَ الأمُّ
والمجد ما يستوي جوانبُهُ / فيستوي الخالُ فيه والعمُّ
تشتدّ ألفاظُهم وتخدم أق / لامَهمُ السمهريَّة الصُّمُّ
إذا انتحَوا في عدوِّهم غرضا / بالرأي أصَمْوا من قبل أن يرموا
تُثنَي الليالي بهم إذا جمحتْ / كأنَّ أسماءهم لها لُجْمُ
لهم على كل دولة أثر / كأنه في جبينها وسمُ
إن أخذوا بالذنوب مقترفا / خصُّوا وأن أمطروا ندىً عمُّوا
إذا أخيفوا رموا بخوفهمُ / وراء ما ألجموا وما زمُّوا
بيضُ المجاني تأبَى لهم سمةَ ال / عارِ عرانينُ كالقنا شُمُّ
تُطلِع أزرارُهم شموسَ ضحىً / أهلّةَ الليل فوقها التمُّ
كلّ همامٍ قَرْمٍ إذا اختلفت / ولادة المجد فابنه قَرْمُ
مراقَب الذكر قبل رؤيته / مقبَّلٌ قبلَ كفّه الكُمُّ
أنت نصيبي من الزمان ومف / تاحُ مُناي الرِّغابِ والختمُ
إن أنحلتني أيدي الخطوب ففي / ثراك عزّي ونبتَي الضخمُ
عرَفْتني ساعة انتصابك لي / والناس بُلْهٌ عن قعدتي بُكمُ
واخترتَني قبلَ أن تُسابقَ بي / ولم يَرُضني الشكيمُ والحُزْمُ
فِراسةٌ تكتفي بلمحتها / كالذئب يكفي اقتصاصَه الشَّمُ
يفديك راضون من مراتبهم / بأن يُسَمَّوا فيها ولم يَسْموا
تَريح أعراضهم فلو كتموا / ليستُروا وجهَ لؤمهم نمُّوا
إن قمتَ في مَغرَمٍ تباطَوْا وإن / شعَّثتَ مالاً في سؤددٍ لمُّوا
ومَن بنَى ما بنيتَ في سَرَفٍ / أسرعَ في بيت ماله الهدمُ
تبقَي كعوبُ الرماح سالمةً / ويرتقي في العوامل الحطمُ
لا خالستْ ربعَك الخطوبُ ولا / أغبَّني صوبُ ودِّك السجمُ
ولا تخطَّتْ إليك طارقةٌ / لجُرحها في سعادةٍ كَلْمُ
وباكرتْ ربعَك التهاني بمو / شيٍّ من المدح رصفُه رقْمُ
تحمله في بيوتها كلُّ عذ / راءَ رَداحٍ أردانُها فُعمُ
والدها من أنسابها مضرٌ / وجدّها من آبائها جُشْمُ
ترضاك لو لامست سواك رجم / ناها فحدُّ الحواصنِ الرَّجْمُ
خالصةً فيك لا يخالطها / غشٌّ ولا تحت حمدها ذمُّ
يسمعها حاسدي فيُصغي وفي / أُذْنيه من ثِقْل وقعها صَلْمُ
تسوغُ في حلقه وتُشرقه / بالغيظ فهي الشَّهاد والسُّمُّ
إذا تلاها الراوي رنا نحوه ال / عُمْيُ فأصغى لصوته الصُّمُّ
كأنها كعبةُ القريض فما / يُغِبُّها الاستلام واللثمُ
أسترشِدُ البانُ وهو غضبانُ
أسترشِدُ البانُ وهو غضبانُ / وأسأل البدر وهو غيرانُ
خصمانِ لي فيكِ يا لَغانيةٍ / غِيظَ بدورٌ بها وأغصانُ
فمن رسولٌ إليكِ يُذكِرِك ال / أَيْمان بل أين منكِ أَيْمانُ
أيامَ حَجْرٍ عليكِ في الوجه وال / لِمَّة لي رائع ورَيْعانُ
ذَنْبِيَ في ذمّة الصِّبا وإسا / ءتي بحكم الشباب إحسانُ
إن خَدَعتني حسناء أوصادني / بعد ظباءِ الصَّريم غِزلانُ
فقُلْتُ دهري عدْل القصيّة أَوْ / غير ابن أيوبَ فيهِ إنسَانُ
فِدىً أخي منه حيث لبس أخو / صفوٍ وخلّى وليس إخْوَانُ
مبتسم الوجه وهو متَّهَم / وعاطشُ الودِّ وهو ريّانُ
رُؤياه لونٌ ورأيه لي إذا اس / تشفعتُه في الخطوب ألوانُ
دعُوه لي وحدَه فإن قلتُ ثن / نوهُ فقلبي الوفيُّ خوّانُ
الكَرمُ العفوُ والحِفاظُ معي / أصلانِ منه والمالُ رُجحانُ
والمنبِتُ الطيّب الأرومةِ في / دَوْحٍ لها المكرماتُ أفنانُ
مِن راكبي كاهلِ الفخارِ فهم / والناسُ رَجلَى الأنسابِ فُرسانُ
كأنّ أعراضَهم إذا خَبُثَت / لؤما رياحُ الأعراضِ رَيْحانُ
مورِّثون العلاء مثلك تب / نيه وحفظُ الأحسابِ بُنيانُ
يا من صحا الدهرُ حين أعَلقني / منه اختصاما والدهرُ سكرانُ
اسمع لِبكرٍ كأنّ سامعَها ال / وقورَ مما يخفُّ نشوانُ
تودُّ فيها العيونُ سيدةُ ال / أعضاءِ لو أنهنّ آذانُ
تأتيك كُثْراً أُولَى كتابيَّةٍ / في الحسن والمنجباتُ أقرانُ
على رؤوس الأعيادِ حِليَتُها / وهْي ملوك الأيام تيجانُ
ما فاتها النحرُ بالزيارَة فال / غديرُ وقتٌ لها وإبّانُ
فاحظَ بها واكسُهُ الجمالَ بها / فكُلُّ يومٍ فاتته عُريانُ
يُنقِّصُ الدهرُ كلَّ زائدةٍ / وأنت لا يعتريك نقصانُ