المجموع : 119
يا وَيْحَ هذا الطبِيبِ وَيْحاهُ
يا وَيْحَ هذا الطبِيبِ وَيْحاهُ / لقد تعدَّى بما تَجنَّاهُ
يُؤلمُ بالفصْد كفَّ ذي غُنُجٍ / تَفْصِدُ منا القلوبَ عيناهُ
اكتَهلتْ همَّتي فأصبحتُ لا
اكتَهلتْ همَّتي فأصبحتُ لا / أبهَجُ بالشيء كنت أبهجُ بِهْ
وحسبُ من عاش من خُلُوقَتِهِ / خُلوقَةٌ تعتريهِ في أرَبِهْ
لي خادمٌ لا أزال أحتسِبُهْ
لي خادمٌ لا أزال أحتسِبُهْ / يغيب حتى يردَّه سغَبُهْ
نُرسله لاشتراء فاكهةٍ / فقَصْرُنا أن تجيئَنا كتُبُهْ
كم قال ضيفي وقد بعثت به / هيهات يوم الحساب منقلبُهْ
وخلتُهُ قَدْ سما إلى كَرمْ رض / وانَ لكي يُجْتَنَى له عنبُهْ
وإنما زار مالكاً فرأى / زَقُّومَ صدقٍ فظل ينتخبُهْ
ثم أتاني وقد طما غضبي / عليه والضيفُ قد طما غضبُهْ
فقال هاكم وليس في يده / إلا نوى كان مرة رُطَبُهْ
أو عَجْمُ رمَّانة وقشرتها / بغير ماء لقد خلا عجبُهْ
ضل فما يهتدي لطيِّبَةٍ / كأنما مُجتناه مُحتطبُهْ
غَيْبتُهُ سَرْمَدٌ وخيبتُهُ / لا تنقضي أو يَغوله عطبُهْ
يبطىءُ حتى أكاد أحسبه / صادف تيساً فظلّ يحتلبُهْ
أو عرض الرَّدمُ دون حاجته / أو لقِيَ الليثَ هائجاً كَلَبُهْ
أو لَكَمَتْ لَقْوَةٌ لَهَازِمَهُ / أو سقطت من زَمانةٍ رُكَبُهْ
هل مشتر والسعيدُ بائِعُهُ / هل قابِلٌ والسعيد من يهبُهْ
أساء بالمسلمين جالبُهُ / لا كان من جالب ولا جَلَبُهْ
مُجَرَّبٌ أنهُ إذا نَسَبُ
مُجَرَّبٌ أنهُ إذا نَسَبُ / عفّى على اسمٍ فإنّهُ لَقَبُ
يدعو به الساخرون صاحبَهُ / وما لهم في دعائهِ أرَبُ
افْطُنْ لداعيهِ كيف يَنْسبُهُ / في موطنٍ ليس حقَّهُ النّسَبُ
هُزءاً وسُخراً بما تنحّل والنا / سُ إذا ما تهكَّمُوا قلبوا
عجبتُ من معشرٍ بعقوتنا
عجبتُ من معشرٍ بعقوتنا / باتوا نَبيطاً وأصبحوا عَربَا
مثلَ أبي الصقرِ إن فيه وفي / دعواهُ شيبانَ آيةً عجبا
بيناهُ عِلْجاً على جِبلَّتهِ / إذ مسَّه الكيمياء فانقلبا
عرَّبَهُ جَدُّهُ السعيدُ كما / حَولَّ زِرْنيخَ جدِّهِ ذهبا
وهَكذا هذه الجدودُ لها / إكسير صدقٍ يُعرِّبُ النسبا
بدَّلك الدهرُ يا أبا الصقر من / خالِكَ خالاً ومن أبيكَ أبا
فهل يراكَ الإلهُ معترفاً / بشكر نعمائه التي وهبا
يا عربياً آباؤهُ نَبَطٌ / يا نبعةً كان أصلُها غَرَبا
كم لك من والدٍ ووالدةٍ / لو غرسا الشوكَ أثمرَ العنبا
بل لو يَهُزّان هزةً نثرت / من رأس هذا وهذه رُطبا
لم يعرفا خيمةً ولا وَتِداً / ولا عموداً لها ولا طُنُبا
بان شبابي فعزَّ مُطَّلَبُهْ
بان شبابي فعزَّ مُطَّلَبُهْ / وانبتَّ بيني وبينه نسبُهْ
ولاح شيبي فراعَ قاليتي / بل خُلَّتي بل خليلتي شَهَبُهْ
بل راعني أنه دليلُ بلى / والعودُ يذوي إذا ذوى هَدَبُهْ
بَرْحاً لهذا الزمانِ يُلبسُنا / سِرْبالَ نَعْماءَ ثمَّ يَسْتَلِبُهْ
أخنَى على لِمَّتي ويُتبعُها / ديباجتي غيرَ مُنتهٍ كَلَبُهْ
أو يأكلَ اللحمَ غيرَ مُتَّزِعٍ / ويتركَ الجسمَ ناحلاً قَصَبُهْ
ما بَشرِي بالبعيد من شَعَري / ذا ورقٌ حائلٌ وذا نَجَبُهْ
وكلُّ ما يستكِنُّ تحتهما / يَقْرُب من ذا وذاك مُنتسبُهْ
وضاحكٍ ساءني بضحْكتِهِ / وقد علتْني منَ البلى نُقَبُهْ
أبكانيَ الشيبُ حين أضحكهُ / حتى جرى الدمعُ واكفاً سَرَبُهْ
لا بل أسى إذ بدا ففجَّعني / بِمَلْثَمٍ منه رافني شَنَبُهْ
عَلَّلْتُ خدَّيَّ بالدموع له / إذ فاتني أنْ يَعُلَّني ثَغَبُهْ
إنْ يَنْأَ عن جانبي بجانبه / كما اتَّقى مسَّ مصحفٍ جُنُبُهْ
فقد أراني وقد أراهُ وما / يدخل بيني وبينه سُخُبُهْ
نم يا رقيبي فقد تَنبَّه لي / خَطْبٌ من الدهر كنت أرتقِبُهْ
قد آمن الشيبُ من يراقبني / من رابه الدهرُ نام مرتقِبُهْ
يا صاحباً فاتني المشيبُ به / أجْزَعني يومَ بان مُنْشَعَبُهْ
فارقني منهُ يوم فارقني / تِلعابةٌ لا يَذُمُّهُ صُحَبُهْ
ما عيبُه غيرَ أنَّ صاحبَهُ / يطول عند الفراقِ مُنْتَحبُهْ
وقلَّ من صاحب أُصيبَ بهِ / لمثلِهِ حُزْنُهُ ومُكتَأبُهْ
لهفي لشَرْخ الشباب أن نَسختْ / مَناسبَ اللهوِ بعدَهُ نُدَبُهْ
يا دارُ أقوتْ من الشباب ألا / حَيَّاكِ غَيْثٌ فُرُوغُهُ جُوَبُهْ
دارَ شبابي الجديدِ والعيشِ ذي ال / حَبْرَة والصَّيْدِ يَرْتَمي كُثَبُهْ
يَحْسَبُه مَنْ بكاكِ مُمْتثلاً / مُنْسَكَبَ الدمعِ فيك مُنْسَكَبُهْ
أصبحتِ خرساءَ بعد مزهرِكِ ال / ناطق يَحدُو بكأسهم صَخَبُهْ
خَلّاكِ ذَيلُ الصِّبى وساحبُهُ / يعفوك ذيلُ الصَّبا ومُنسَحَبُهْ
وكنتِ للخُرَّدِ الحسانِ فأص / بَحْتِ لِهَيْقٍ خليطُهُ شَبَبُهْ
سقياً لدهرٍ طوتْهُ غبطتُهُ / كانت كساعاتِ غيرِهِ حِقَبُهْ
إذ لم أُسَقِّ الديارَ أدمُعَ لَهْ / فانَ تُوالي زفيرَهُ كُرَبُهْ
ولم أقلْ عند ذاك من أسفٍ / سَقياً لدهرٍ تخاذلتْ نُوَبُهْ
إذ غِرَّتي بالزمان تُوهمني / كلَّ متاعٍ يُعيرُهُ يَهَبُهْ
لهفي لغُصن الشباب أن رجعتْ / مُحتطباً بعد نَضرةٍ شُعَبُهْ
وكلُّ غصنٍ يروقُ منظرُهُ / يُعْقَبُ من مجتناهُ محتطبُهْ
وخيرُ دهرِ الفتى أَوائلُهُ / في كلّ خيرٍ وشرُّهُ عُقَبُهْ
قلت لخلٍّ خلا تعجُّبُهُ / إلا من الدهر إن خلا عَجَبُهْ
يعجَبُ منه ومن تلوُّنِهِ / وكيف يقفو نوالَه حَرَبُهْ
لا تعجبنْ للزمان إن كَثُرَتْ / منهُ أعاجيبُهُ ولا ذَرَبُهْ
فالدهرُ لا تنقضي عجائبُهُ / أو يتقضَّى من أهله أرَبُهْ
كم جَوْرةٍ للزمان فاحشةٍ / قاد بها الرأسَ مذعناً ذَنَبُهْ
وافترس الليثَ منه ثعلبُهُ / وصار يصطاد صقْرَهُ خَرَبُهْ
يا من يرى الأجربَ الصحيح فلا / يلقاهُ إلا مُبيِّناً نَكَبُهْ
ما جَربُ المرءِ داءَ جِلْدتِهِ / بل إنّما داءُ عِرضهِ جَرَبُهْ
بل يا مُهينَ المَهينِ يَصحَبُهُ / رُبَّ مَهينٍ كفاك مُنتدبُهْ
لا تحقِر المُنْصُلَ الخشيبَ فقدْ / يُرضيك عند المِصاعِ مُختشبُهْ
كم من قويٍّ إذا أخلَّ به / فقْدُ مَهينيْهِ فاتَهُ غَلَبُهْ
كالسهم ذي النصل لا نُهوضَ به / ما لم يكن ريشُهُ ولا عَقَبُهْ
الشيءُ بالشيء يستَخفُّ به / والجِذْعُ ما لا يصونهُ شَذبُهْ
لا تيأسنْ أن يتوبَ ذو سَرَفٍ / يُضحي ويُمسي كثيرةً حُوَبُهْ
وايْأسْ من المرء أن يُنيبَ إذا / ما المرءُ كانت كثيرةً تُوَبُهْ
بل أيها الطالبُ المُجِدُّ بهِ / في كلّ يومٍ وليلةٍ قَرَبُهْ
قد شَفَّه حرصُه وحالفَهُ / طول عناءٍ وحسرةٍ وَصَبُهْ
بل أيُّها الهاربُ المُخامرُهُ / خوفٌ وكربٌ مُخنَّقٌ لبَبُهْ
ألقِ المقاليد إنه قَدَرٌ / ما لامرئٍ صَرْفُهُ ولا جَلَبُهْ
قد يسبِقُ الخير طالبٌ عَجِلٌ / ويرهَقُ الشرُّ مُمعِناً هَرَبُهْ
والرزقُ آتٍ بلا مطالبةٍ / سِيَّان مدفوعُهُ ومُجتذَبُهْ
لا يحزُنُ المرء أن يُنَبَّزَ بال / ألقاب بل أن تشينَهُ خُرَبُهْ
وما مَعيبٌ بعادمٍ لقباً / كلُّ مَعيبٍ فَعيبُهُ لَقَبُهْ
فاسلمْ من العيب أو فكن رجلاً / ممن تهادَى عيوبَهُ غِيَبُهْ
فقلَّما عُدَّ مُخطئاً رجلٌ / قد كثُرَتْ خاطئاتِه صُيَبُهْ
إني وإن كنتُ شاعراً لَسِناً / أملكُ قولَ الخنا لَأجتنبُهْ
الناسُ إلبٌ مع الهوى أبَداً / وليس إلا مع العلا أَلَبُهْ
تلقى وفودَ الرجاء والخوف وال / شُكرِ قد استجمعتهُمُ رَحَبُهْ
مِنْ مُملقٍ زاره على أملٍ / يقتادُهُ نحو مالِهِ رَغَبُهْ
ومُشفقٍ جاءهُ على وَجَلٍ / يستاقُهُ نحو عزِّهِ رَهَبُهْ
وشاكر نِعمةً مُقَدَّمةً / ليس لغيرِ الثناء مُؤْتَهَبُهْ
كم مُستريشٍ أتاه مُنسلخاً / من ريشه آبَ والغنى زَغَبُهْ
حتى غدا في ذَراهُ مضطَربٌ / رحبٌ وقد كان ضاقَ مُضطرَبُهْ
ومستجيرٍ أتاه مُضطهَداً / قد أوطأ الناسَ خدَّه تَرَبُهْ
ألبسَهُ هَيبةً فغادرهُ / رِئْبالَ غابٍ يَحفُّهُ أَشَبُهْ
حتى غدا في حِماهُ مُعتصمٌ / مُغْنٍ وقد كان طال مُنزَرَبُهْ
أعتبنا الدهرُ بالأمير فلا / بُروكُهُ يُشتكَى ولا خَبَبُهْ
واستوطأ الرحلَ منه راكبُهُ / وطال ما قد نَبَا به قَتَبُهْ
راعٍ ومرعىً فلا رعيَّتُهُ / يُلقى لها مُشتكٍ ولا عُشُبُهْ
تغدو متَابيعه من النَّعم ال / عُوذِ علينا وتارةً سُلُبُهْ
فإن تعدَّت عِصابةٌ فلها / منه سيوفُ النَّكال أو خَشَبُهْ
يبتهجُ المُبغضو الصليب من ال / ناسِ إذا رُفِّعت بهمْ صُلُبُهْ
قَرمٌ نجيبٌ يفوتُ واصفَهُ / أدَّتْهُ من نَجل مُصعبٍ نُجُبُهْ
أمَّا بنو طاهرٍ فإنهُمُ / نبعُ الورى إذ سواهُمُ غَرَبُهْ
قومٌ غَدوا لا يفي بوزنهِمُ / في كرمٍ عُجْمُهُ ولا عَرَبُهْ
حَلُّوا من الناس حيث حلَّ من ال / أبطال بَيضُ الحديد أو يَلَبُهْ
أرفَعُهم رتبةً وأدفعهم / عنهم لأمرٍ مُحاذَرٍ عَطَبُهْ
هُمُ النجومُ التي إذا طلعت / في كلِّ ليلٍ تكشَّفت حُجُبُهْ
زينةُ سقفِ الأنامِ لا أَفلُوا / أعلامُهُ مُمطراتُهُ شُهُبُهْ
منهم ذوو الجهر والأصالة وال / معروفِ والنُّكْر حين تَطَّلبُهْ
زانُوه زَيْنَ الفريد واسطةَ ال / عِقْدِ زها في النظام مُنْتَخَبُهْ
وزانهم زينَها صواحبَها / لافضَّ ما في النظام مُنْقضَبُهْ
كأنْ عليه قلادةٌ نُظمتْ / من لؤلؤٍ لا تَشينُهُ ثقَبُهْ
وأحسنُ الْحَلي منطقٌ حسنٌ / يكثُر محفوظُهُ ومُكْتَتبُهْ
إذا دعا الشِعر مادِحوه لهُ / جاء مجيءَ المَرُوضِ مُقْتَضَبُهْ
عِفْ حمدَ سُؤَّالِهِ ولا يَثْنِكَ ال / أخطَبُ عن قَصْده ولا خَطَبُهْ
ولا يعوقَنْك عن زيارته ال / أعضبُ مُستقبلاً ولا عَضَبُهْ
مُحَرَّمُ الحولِ في تقدُّمِهِ / لكنهُ لابن خِيفَةٍ رَجَبُهْ
ربيعُهُ الممرع الذي جُعلتْ / للناس مرعىً ونُشْرةً رُطَبُهْ
تدعوهُمُ تارةً بَوارقُهُ / وتارةً تُطَّبيهُمُ رِبَبُهْ
أعزُّ من عزَّ يُستجارُ به / وهو مباحُ الثراء مُنْتَهَبُهْ
الموتُ من جِدِّهِ فإنْ لَعَبتْ / كفَّاهُ فالجودُ باللُّهى لُعَبُهْ
لا تَطأُ الأسدُ ما حماهُ ولا / تلقاهُ إلا مُوَطَّأً عَقِبُهْ
يُعطيك ما كنت منه مُحتسباً / بل فوق ما كنتَ منه تحتسبُهْ
لا كذِبُ المُنية التي وَعدتْ / معروفَهُ يُشتكَى ولا لَعِبُهْ
مشتَركٌ رفدُهُ إذا اتسعَ ال / وُجدُ فإن ضاق فهو مُعتقِبُهْ
لو كان للماء جودُهُ لجَرتْ / سَيْحاً على الأرض كلِّها قُلُبُهْ
أضحت رَحى المُلكِ وهي دائرةٌ / وحزمُهُ في مَدارها قُطُبُهْ
راقِي صَعُودٍ من العلا أبداً / إذا تهاوَى بحارضٍ صَبَبُهْ
مُشيَّعٌ يركبُ الصِعابَ ولا / يركبُ أمراً يُعابُ مُرتكبُهْ
لو أعرضَ البحرُ دون مكرُمةٍ / لحَدَّث النفسَ أنه يَثِبُهْ
يا من يُجاريه في مكارمهِ / أَنضَى المُجاري وحان مُتَّأَبُهْ
لا تلتمسْ شأوَه البطينَ فما / يُجريه إلا طِرفٌ له قبَبُهْ
من واهَقَ الريحَ وهي جاريةٌ / أَقصر أو كانَ قَصْرَهُ لَغَبُهْ
جاريتَ ذا غُرّةٍ تشافهُهُ / وذا حُجولٍ يَمسُّها جُبَبُهْ
مصباحُ نورٍ يُرى الخفيُّ به / جهراً ولولاهُ طال مُحتجَبُهْ
إذا ارتأى للملوك في هَنَةٍ / أَشهدهُمْ كلَّ ما هُمُ غَيَبُهْ
يَبْدَهُ أمرٌ فمن بديهتهِ / تُوجدُ في وشك طَرْفَةٍ أُهَبُهْ
تكفيه من فكره خواطرُهُ / وأنه قد تقدَّمتْ دُرَبُهْ
لا ينخبُ الروعُ قلبَه فلهُ / من كلّ حزمٍ يُريغهُ نُخَبُهْ
قائدُ جيشَيْنِ منهما لَجِبٌ / جمٌّ وَغَاهُ وصامت لَجَبُهْ
له سلاحٌ يَشيمُهُ أبداً / عمداً فيَمضي ولا يُرى نَدَبُهْ
يُصاول القِرن أو يُخاتِلُهُ / جَلْداً أريباً بعيدةً سُرَبُهْ
كالليث في بأسهِ وآونةً / مثل الشُّجاع الخفيِّ مُنْسرَبُهْ
إذا عرتْ نوبةٌ تحمَّلها / مُعوَّد الحمل قد عفت جُلَبُهْ
تكفي هُويناهُ ما ألمَّ ولا / يُبلَغُ مجهودُهُ ولا تعَبُهْ
قد جلَّ عن أن يمسَّه نصبٌ / مخافةُ اللَّه وحدَها نَصَبُهْ
وفي رضا اللَّه كُبرُ همَّتِهِ / والسعيُ فيما يُحبُّهُ دَأَبُهْ
زانتْهُ غُرٌّ من الخِلال لهُ / ما لم تَزِنْ متنَ مُنْصُلٍ شُطَبُهْ
يُضحي غريباً ولو ببلدتِهِ / فرداً وإن أحدقَتْ به عُصَبُهْ
منفردٌ بالكمال مُغتربٌ / فيه حرىً أن يطول مُغتربُهْ
اُدْلُلْ عليه به فليس كمن / يُظلِمُ حتى يضيئَهُ نسبُهْ
هل يُجتَلى الصبحُ بالمصَابح في ال / أفْقِ إذا لاح ساطعاً لَهَبُهْ
مَنْ كَزُريقٍ ومن كمُصعبِه / أو كحسينٍ وطاهرٍ قُرَبُهْ
أو مثل عبد الإله ذي الشرفَ ال / باذخ يُلقى إلى العُلى سَبَبُهْ
كالسيف في القَدِّ والصرامة وال / رَوْعة لكنَّ حَلْيَهُ أدبُهْ
كالغيث في الجود والتبرع وال / إطباق لكنَّ صَوبَهُ ذهَبُهْ
كالبدرِ في الحسن والفخامةِ وال / رِفعة لكن ضوءَهُ حَسَبُهْ
كالدهر في النفع والمضرَّة وال / حنْكة لكن رَيْبَه غَضَبُهْ
وكلّ أشباهِه التي ذُكرتْ / دونَ الذي بلَّغت به رُتَبُهْ
خُذها أميري قلادةً نُظمتْ / من لؤلؤٍ لا يَشينُهُ ثُقَبُهْ
وأحسنُ الحَلْي منطقٌ حسنٌ / يكثرُ محفوظُهُ ومكتتبُهْ
يشهدُ ما خصَّك الإلهُ بهِ / أنَّك مختارُهُ ومنتخَبُهْ
ضنَّ بك الدهرُ عن حوادثِهِ / فأنت مأمولُهُ ومرتَقبُهْ
قالوا اشتكتْ عينُه فقلتُ لهم
قالوا اشتكتْ عينُه فقلتُ لهم / من كثرة القتل مسَّها الوَصَبُ
حُمرتُها من دماءِ من قَتَّلَتْ / والدمُ في النَّصلِ شاهدٌ عَجَبُ
خِدْنُ أبي المُسْتَهِلِّ خبَّرني
خِدْنُ أبي المُسْتَهِلِّ خبَّرني / عنْ جُوده في الورى بِحُرْمَتِهِ
وقال قَدْ والإلهِ غَيَّبْتُ غُرْ / مُوليَ في فَرجها وفَقْحتِهِ
فقلتُ صِفْها فقال أوسع من / طوقِ الرَّحَى رِخوةٌ كَسَبَّتِهِ
وقال مَحْلُوقةٌ فقلتُ له / كَذَبْتَ مَنْتوفةٌ كَلِحْيَتِهِ
إذا أجادَ الذي يُشبِّهُهُ
إذا أجادَ الذي يُشبِّهُهُ / وأحكَم الوصفَ فيه بالنَّعْتِ
قال كُرَاتُ الأديم قد حُشِيَتْ / بسِمْسِمٍ قُمِّعَتْ بكَيْمَخْتِ
من ضرطةٍ خانك الحِتارُ بها
من ضرطةٍ خانك الحِتارُ بها / فمعَّرَتْ وَيْبَها فَتىً دَمِثا
إن أنتَ لم تُخبر الإمامَ بها / كنتَ كمن خان أو كمن نَكَثا
لا تطوِ عنه الحديثَ مُحتشِماً / فالاستُ في الحين تنطق الرفثا
يا طيبَها ضرطةً وإن خَبُثتْ / وربما طاب بعض ما خبُثا
بيناك عند الوزير تخطُبُ في / خَطْبٍ إذا الكيرُ قد نفى خبثا
هَوِّنْ عليك التي مُنيتَ بها / فإنها فَقحةٌ قَضت تَفَثا
وَضَعْ قِناعَ الحياء عنك فقدْ / أصبحَ في أهل دَهرنا خُنُثا
قد بدرتْ سَبَّةُ الخطيب فما / لَجْلَجَ في قيله ولا اكترثَا
هبها كإحدى هَناتِ أحمدَ إذ / يضرطُ في كل مجلس عَبَثا
أو ابن ميمونَ إذ يُضارطُهُ / جهلاً ولا يحفلانِ سوءَ نثا
بغلٌ وبغلٌ هذا يضارطُ ذا / لا صحَّحَ اللَّه تلكمُ الجُثثا
وسائلٍ عنهما فقلتُ له / هما نبيّا الضراط قد بُعِثا
لا تسبكَنَّ الكرامَ إنهمُ
لا تسبكَنَّ الكرامَ إنهمُ / أصفى نفوسٍ أَوتْ إلى جُثَثِ
أعللتَ ظلماً أبا الحُسين وقد / أتلفَ في الجود كلَّ محترَثِ
كأنهُ شاربٌ على ظمإٍ / للمجد أو آكلٌ على غَرَثِ
عجِّل رحيلَ السَّقام عنه وأَمْ / تعْهُ صحيحاً بالمُكث واللبَثِ
الحازمُ الصارِمُ الشباةِ على / ما فيه من جفوة ومن أَرثِ
والباذلُ النائل الجزيل إذا / ما المستغيثُ اللهيف لم يُغَثِ
ذو الحسناتِ المُشَهَّرات أخو الع / عزْف عن السَّيِّئَات والرَّفَثِ
فتىً إذا ما الثناء صيغ من ال / إفك لذي اللؤمِ صَوْغَ مُغْتَلَثِ
ماثَ له المسكَ صدقُ مَخبرِهِ / فأيُّ مسكٍ هناك لم يُمَثِ
مُنْكَفِتُ الشرِّ كلَّ مُنكفَتٍ / مُنْبَعِثُ الخير كل منبعَثِ
ترتعثُ الأذنُ من مدائحهِ / ما ليس من غيرها بمُرتعَثِ
ما حمرةُ فيكما أمن خجلٍ
ما حمرةُ فيكما أمن خجلٍ / أم صبغةُ الله أم دمُ المُهَجِ
فقال كلُّ الذي نحلتهما / حقٌّ وما يُمسِيان في حرَجِ
أما رأيت القلوبَ عندهما / يجرحها مخلبان من سبجِ
عدلاً من الله إننا وهما / لَغايةٌ في تفاوت الدَّرَجِ
خَدَّانِ فينا لظى حريقهما / ونوره فيهما بلا وهجِ
ما إن تزال القلوب في حُرقٍ / عليهما والعيونُ في لججِ
طال اشتياقي إلى مُنَعَّمَةٍ
طال اشتياقي إلى مُنَعَّمَةٍ / يستعبد القلبَ طرفُها الغَنِجُ
لو طلعتْ في الظلام غُرَّتُها / ظلت سُتُورُ الظلام تنفرجُ
متى أرى خَلْوةً يظلُّ بها / ريقِي بريق الخليل يمتزجُ
يا حُورُ ما للحبيب يفعل بي / أشياء لا يستحلُّها الحَرَجُ
يا قمراً فوق رأسه تاجُ
يا قمراً فوق رأسه تاجُ / يخجل من حسنِ لونه العاجُ
إذا تَمَشَّى يكاد يجذبه / رِدفٌ له كالكَثِيب رَجْراجُ
كأنما في جيوبه قمر / وفي السروايل منه أمواجُ
إن كنتَ عني مُمَتَّعاً بغنىً / فإنّ فقري إليك محتاجُ
إنّ اللسان الذي نَسَجْتُ به
إنّ اللسان الذي نَسَجْتُ به / مدحَك يَسطيعُ نقضَ ما نَسجا
لكنني غيرُ جاعلٍ حَسَني / وإن شجتْني إساءةٌ سَمِجا
همَّاي همَّانِ لستُ مُتَّبِعاً / أولاهما بالخَنا إذا اعْتَلجا
وما الذي يؤمن المُسيءَ إلى ال / مُحسن من جهله إذا حَرِجَا
آثرتُ فيك النسيم من عِتَر ال / مسك فلا تجعلنَّهُ هَرَجا
إن الدمشقيَّ عبدُ حاجتِهِ
إن الدمشقيَّ عبدُ حاجتِهِ / وعبدُ من يرتجِي لحاجتِهِ
يُبرِم إخوانَه بزوجتِهِ / في كلِّ يومٍ وبادِّلاجتِهِ
حتى إذا ما قضى لُبانتَهُ / من حاجةٍ غاب في عَجاجتِهِ
وانصاع إما إلى غَضارتِهِ / مسارعاً أو إلى زجاجتِهِ
يخلد في اللحم والثّريد وفي / ما مَجَّه الكوبُ من مُجاجتِهِ
أصبح قد لجٍ في مُهاجرتي / لا فَكَّه الله من لجَاجتِهِ
لا يذكرُ الخِلَّ عند ذلك في / ضغطة دهرٍ ولا انفراجتِهِ
تَبارك الله كيف خِفَّتُهُ / إذا تَشاحَى على فَجاجتِهِ
فقد رأى القلبُ من نذالته / ما رأتِ العينُ من سماجتِهِ
ثُمَّت يأوي إلى حليلته / كالديك يأوي إلى دجاجتِهِ
شَقّاقُ ساجٍ يبيت ليلَتَهُ / منشارُه في مَشَقِّ ساجتِهِ
ثم انتحى ينسج القريضَ وما / نِساجةُ الشعرِ من نساجتِهِ
لأنتِ شَيْنُ القيانِ يا غَنِجَهْ
لأنتِ شَيْنُ القيانِ يا غَنِجَهْ / ذميمةُ القدِّ في الورى سَمِجَهْ
رأيت كلَّ القيان تألفُني / وأنت عني أراك منعرِجَهْ
ثم تجودي لكل ملتمسٍ / بفقحة لا تزال مختلِجَهْ
ضُمي وإلا حبلت من سعة / فأنت طول النهار منفرِجَهْ
فكم تكوني تعستِ رافعة / رجلاً للعب المدَحلجة حَلجَهْ
يا ذا الذي لو هجاه مادحه
يا ذا الذي لو هجاه مادحه / عُوقب هَلّا يثاب بالمِدَحِ
تعتدُّه بَهْرجَ المديحَ ولا / تعتدُّه هاجياً كممتدحِ
مطَّرحُ الشعرِ في مدائحه / وفي الأهاجيِّ غير مطّرحِ
كلا ولكنها يد خُلقت / للنُّكر لا للعارفات والمِنَحِ
قل للذي أعجبتْ محاسِنُهُ
قل للذي أعجبتْ محاسِنُهُ / وَعَجَّبَتْ فَهْي لِلْوَرى سُبَحُ
وَمَنْ غدا والنَّوالُ من يَدِهِ / يُطْلَبُ والرأيُ منه يُقْتَدَحُ
حَرَّمَ مَدْحِي عليك أَنكَ تَسْ / تأهِلُ مَا لاَ تُطِيقُه المِدحُ
وَسَاقَ مَدْحِي إليكَ أنَّ جَوَا / بَاتِكَ عندَ المدائحِ المنَحُ
أقْبَلَ بِي إنَّني رأيتُك أقبلْ / تَ على الشعر وهو مُطَّرَحُ
قَدَّرْتُ أنْ تَنْفُقَ الزُّيُوفُ عَلَى / طَوْلِكَ لا أن يُزَيَّفَ الوَضحُ
وأنتَ ذاكَ الذي به انْفَسَحَ ال / ضيِّقُ لا مَنْ ضاقَتْ بِهِ الفُسَحُ
مِفْتَاحُكَ العفْوُ لا التَّشدُّدُ بَلْ / لَسْتَ بِمُسْتَغْلِقٍ فَتُفْتَتَحُ
استقبِل المهْرَجَانَ بالفَرَحِ
استقبِل المهْرَجَانَ بالفَرَحِ / فقد مَضَتْ عنْكَ دولةُ التَّرَحِ
وَحَيِّ نَدْمَانَكَ المُسَاعدَ بال / نرجِس بين الإِبْرِيقِ والقدَحِ
واسْمَعْ مِنَ المُسْمِعَات فيكَ وهلْ / تسمعُ إلا ما فيك من مِدح
يا مُشبِهَ المهرجان مُفْتَتِحاً / من دولةِ الغيْثِ خَيْر مُفتَتحِ
كُلٌّ إذا ما اصْطَبَحْت مُصْطبحٌ / مِن جودِ كَفَّيْكَ خيرَ مُصْطَبَحِ
عَمَّرَكَ اللًّهُ في السُّرور وأعْ / لاَكَ بتلكَ العُلاَ عَنِ المِدحِ
يا منْ إذا عُدِّدَتْ مَحَاسنُهُ / نَابَتْ لأعدائه عن السُّبَحِ
فَاقْتَرح المطرباتِ مُعْتَقِداً / أنَّك للسُّؤْلِ خَيْرُ مُقْتَرَحِ
ما اقترَح السُّؤْل مثلَكَ ابنَ أبي / بكْرٍ لِمَا نَرْتَجِي من المِنحِ
ولا انْتَقَدنَا على تَأَنُّقِنَا / مِثْلَكَ يا ذا الخلائقِ الوُضُح
فاطْرَبْ على ذاك عندَ مُغْتَبَقٍ / واطربْ على ذاك عند مُصْطَبَح