يَهْدِمُ دارَ الحياةِ بانيها
يَهْدِمُ دارَ الحياةِ بانيها / فأيّ حيّ مُخَلَّدٌ فيها
وإن تَرَدّتْ من قبلنا أُمَمٌ / فهي نفوسٌ رُدّتْ عواريها
أما تَراها كأنّها أجَمٌ / أسوَدُها بيننا دواهيها
إنْ سالَمَتْ وهي لا تسالمنا / أيّامُنا حارَبتْ لياليها
وَاوَحْشَتَا من فِراقِ مُؤنِسَةٍ / يميتني ذكْرُهَا ويحييها
أذكرها والدموعُ تسبقني / كأنّني للأسى أجاريها
يا بحرُ أرخصتَ غير مكترثٍ / مَنْ كنتُ لا للبياع أغليها
جوهرةٌ كان خاطري صَدَفاً / لها أقيها به وأحميها
أبَتّها في حشاك مُغْرَقَةً / وبتُّ في ساحليك أبكيها
ونفحةُ الطيبِ في ذوائبها / وصبغةُ الكحل في مآقيها
عانَقَهَا الموجُ ثمّ فارقَها / عن ضَمّةٍ فاضَ روحها فيها
ويلي من الماءِ والتراب ومن / أحكامها ضِدّيْن حُكّمَا فيها
أماتَها ذا وذاكَ غَيّرَها / كَيْفَ من العُنْصُرَيْن أفديها