المجموع : 5
الآن قَدَّ الفؤاد نصفَينِ
الآن قَدَّ الفؤاد نصفَينِ / فيه وأَجَرى الدموعَ نوعَين
لما انحنتْ نونُ صُدْغِهِ فرمى / عن قوسِها واتَّقَى بعَيْنين
وانتصَبتْ نِصفُ صادِ شاربه / وخطّ مِن عارِضَيهِ لامَيْن
ومَدَّ صُدْغيهِ في بياضِهما / ليلَينِ صُبَّا على نهارين
وردّ رأسَ العِذار منحرِفاً / عن لدغ جفنين بابليَّين
ضرّجَ خدّيه ثم جَرّد عن / غنْجِ ضنَى مقلتيهِ سيفينِ
فآهِ للمدنَف المعذَّبِ مِن / هذين حسناً وآهِ مِن ذينِ
يَحمل دِعْصَين من روادِفِه / قوامُه في ذُبُولِ خَصْرين
لام عِذارٍ فما أُمَيْلِحَه / أخاف عيني عليه مِن عيني
يا صارِمَي لحظهِ فديتكما / لا تُسلماني إلى العِذاريِن
ويا عذارَيه ما أُحَيْسِنَ ما / برزتما فيه لي بعُذْرَين
كأنّ خدّيه في سوادكما / صُبْحان قد طُرِّزا بليلين
أعاد شمسَ النهار شمسين / به وبدرَ الظلامِ بدرين
أرقّ جلداً إذا تأمّل مِن / شكوَى بدت بين سَفْك دَمْعَين
حسبُك عينٌ يَلَذّ مؤلِمهُا / دأباً وقلبٌ يَحِنّ للحَيْن
والحبّ عذبٌ ما قلّ منه فإن / زاد دعا للشَّقاءِ والشَّين
إن الإمام العزيزَ أكرمُ من / بَثّ الندى مرّة وثنْتَين
المخجلُ الغيثَ راحتاه إذا / جاد بِغيثين مِرزميَّيْنِ
لِيهن مِصَر العُلا وما جَمَعتْ / بِه من المكُرماتِ والزَّينِ
فاض ندَى بَحر جُودِ راحتِهِ / وبحرُها فهيَ بين بحرين
لو طاولت أرضها النجوم علت / به على النَّسْرِ والسِماكينِ
يا بن نبيِّ الهدى وأفضلَ من / يسمو بجدَّين هاشِمِيَّين
من ذا كمنصورِك المبارك أم / مُعِزِّك الرافِعَينِ هذينِ
أم من يدانيك في أبوّتِهِ / مِن عَلَوِيّينِ فاطِمِيّينِ
من لم يَدنْ رَبَّه بطاعتِكْم / كان كغاوٍ يدين بِاثنينِ
إِنِّيَ لم أغد مِنك منقبِضاً / ولم أَرُحْ فِيك ذا مُرادَين
ألقاك دون الجميع منبسِطاً / أُدِلّ كالمقتضي لحقَّين
ليس لأنَّي ابنُ والدٍ وأخٌ / يَجمع مِنّا النِّصابُ غُصْنَينِ
لكن لِوُدّي وطاعتي لك إذ / وجدْتني أنصحَ الولِيَّينِ
أَعدُّ شانيك مِن ذوي رَحمي / ولُحمْتي أكبَر العَدُوَّين
متى لبِسْنا لك الوفاءَ فلم / أُصبِحْ ولي وافرُ النّصيبين
لا فسَحَ اللهُ لي مدى عُمُري / وأشَمت الله بي الحسودينِ
إن كنت لا أشتهي بقاءكَ لي / بالصِدقِ لا بِالرِّياء والمَيْنِ
وأغتدي في عُلاك مِن شَفَقي / عَيْنين أرعى العِدا وأُذْنينِ
وأبذلُ النُّصحَ غيرَ متَّهَمٍ / دون النَّصوحَيْن والمحِبَّين
ولستُ كالمُظهِرينِ مِن حَذَرٍ / وُدَّيْن واستشعَرَا نِفاقَين
ويُبدِيان الرضا وقد طَوَيَا / على القِلىَ والشِقاقِ كَشْحينِ
تخبِرُنا عنهما عيونهمُا / أنّهما يَحملان حِقديَن
ها ذاك يسعَى يكشف سِرك لل / زّاري وهذا يرِيك وجهينِ
كم كَفَرا بالإِلهِ إذ منعَا / مُلكَك كالطالِبَيْه دَيْنين
كم شَنَّعا عنَّي القبِيحَ وكم / سَلاَّ حُسامينِ مَشْرَفيَّيْنِ
كي يستفِزّاك أو لِتقطَع ما / بينك من لحُمةٍ وما بيني
أو يَلحَقا رُتبتي لديك وهل / يَلحَق حافٍ بِذي جَناحين
وأنتَ لا تجعلُ المشارِكَ في / حُلْوِك والمُرِّ كالغَويَّيْن
عَضَّا على الكفِّ واهلكَا أَسَفاً / بَغْياً ومُوتاً كذا بِدَاءَيْنِ
إنّ الإمامَ العزيزَ بانَ لَه / وبانَ ما تحت كلِّ حِسَّين
فلعنةُ اللهِ غيرُ مقلِعةٍ / تَتْرى على أَغْدَرِ الفرِيقين
وهل أنا غيرُ راحةٍ برزتْ / منكَ وكفّاك للذراعينِ
وما رأينا وإن وَشَت عُصَبٌ / أبقَى على الوِدّ من شقِيقين
هَنَّتك أعيادُك الّتي بك قد / هُنِّئن يا أوحدَ الزمانين
نحن مِن العيدِ إذ سلمِتَ لنا / ومنك في تهنئاتِ عِيدينِ
برزتَ كالشمس يومَ أسعدها / بل زدت نوراً على المنيرَين
كأنّ في السَّرْج منك منتِصباً / بدرَ سماءٍ وليثَ شِبْلين
في جَحْفل جَرَّ مِن فوارِسه / كَتائباً تملأ الفضَاءَين
فمن مشيرٍ براحة صُرفتْ / إليك أو ناظرٍ بلحظين
تأَمَّلوا مِن نبيهِّم خُلقُاً / فيك وخلَقْاً محمَّديَّين
حتى إذا ما علوتَ منبرَهم / وقمتَ للحمد في اللِّواءيَن
خوّفتَ بالله ثمّ جئتَ به / مبشِّراً مُسْهَبَ الطّريقَين
تَضُمّ تحميدةً إلى عِظةٍ / لهمْ ووعداً إلى وعِيدَين
أنت الإمام المبينُ حكمتَه / والعالمُ الفردُ ذو الِّلسانين
صلّى عليك الإله من مَلِكٍ / عَدَّ يديه النَّدَى يمينَين
وهاكَها كالعروس باقيةً / غرّاء تختال بين حُسْنين
أحرَّ من وَقفْة الودَاع ومِن / دمعٍ تقاضتْه روَعة البَينْ
تُزري بألفاظها العذابِ على / صَوْلَج لامَيْن في عِذارَيْن
وتختفي قِلةً إذا ذُكرتْ / في ذَهبيّين جوهريّين
وذاكَ أن الذي مَدحتُ بها / أحق الاثنين بالثَناءَيْن
وأنّ مَن صاغَ تلك ضمَّنها / إفكَينِ في إفكٍ وزُورَين
يأيّها الراحِلُ المَشُوقُ إذا
يأيّها الراحِلُ المَشُوقُ إذا / أزعَجَه شوقُه إلى الوَطنِ
أودَعْتُك القول والأَمانةُ لا / تُودَعُ إلاّ لِكلّ مؤتمَن
بلّغ لِبغدادَ إِن حللتَ بها / عنّي بلاغَ المبلِّغِ الفَطِن
بأنّها السُّؤلُ والمُرادُ وإن / أَصبحَ في غيرِ أرضها بدني
وأنّه قد دنا البِعيدُ لنا / وحانَ مِنه ما كان لَم يَحِنِ
وأحَرَّ شَوْقاه لِلحُلولِ بِها / وقد بَلَغْتُ المرادَ مِن زمني
يا عَذبةَ الوَصْلِ والصدودِ ويا
يا عَذبةَ الوَصْلِ والصدودِ ويا / أَعْبَقَ ثَغْراً مِن ابنةِ الدَّنِّ
و لم أَذُقْه ولا سَمِعتُ بمَنْ / ذاقَ ولكِنّه كذا ظَنِّي
بَلىَ تعشَّقتُها بِلا حرَجٍ / كان وقبّلتُها ولا أَكْني
ولم تكن قبْلتي موافَقةً / بل خِلْسةً نِلتُها بِلا إِذنِ
يا دَجْنَ ليلٍ بدا على قَمَرٍ / وبدرَ تِمٍّ يغيب في دَجْنِ
وغصنَ بانٍ يميس فوقَ نقاً / أعجِبْ بِهِ من نقا ومِن غُصْنِ
يا حَسَناً كامِلَ الصّفاتِ إِذا / لَم يُضْحِ خَلْقٌ بِكامِلِ الحُسْنِ
حَسْبُك حُسْنٌ غدت بدائِعهُ / أوسعَ مِن فِطنتي ومِن ذِهْني
كم ذا التجنِّي عليَّ ظالمةً / وكم على حَتْفِ مهجتي أَجْني
أتَسْتَحِّلين في الجفا سَقَمي / أم تستَطيبِين في الهوى غَبْني
مالَك لا تَهدِمِين مُنعِمةً / مِن ظُلْمِكِ المستِطيل ما يَبْني
وَيْلاه وَيلاه يا ظَلومُ أما / يكفِيك ما قد سلبِتِه مِنّي
تَلوُّنا في الهوى ومَعْتِبةً / كذاك حَقّاً تلوُّنُ الجنِّ
مُنِّي ولو بالسّلامِ منعِمةً / ثم اخِلطي ما مَنَنْت بالمَنِّ
صامتةٌ فوق صامت أبداً
صامتةٌ فوق صامت أبداً / يَضمَن ما يَضمن الحياةَ لنَا
نَرشُف من بَرْد ريقها دُفعاً / أعذب من مجتنَي أحبّتِنا
مهفهَف القَدِّ ينثني لِينَاً
مهفهَف القَدِّ ينثني لِينَاً / قد حكّم السُقمَ والضَّنَى فِينَا
سَلَّ حُساما مِن لحظَه فبه / يقتُلنا تارةً ويُحيينا
ومرَّ يُهدي إلى لواحظِنا / ممّا حَمَت عَقْرَباه نِسْرينا