أشبهَ دَهْري أبناؤه فهمُ
أشبهَ دَهْري أبناؤه فهمُ / إنْ ظَلَموا كُلُّهمْ فما ظُلِموا
في نفْسِ دهْري وفي نفوسِ بني / دَهْري جميعاً ظُلْمُ الوَرى شِيَم
ما يَلْتقي اثْنانِ مُنْصفانِ معاً / إذا اخْتبرْتَ الأنامَ كُلَّهُم
تُنصِفُ ما دام يَظْلِمونَكَ أو / تَظْلِمُ إنْ كان يُنْصِفُونَ هُم
أعداءُ عُذّالِهمْ إذا عَشِقوا / وعُذَّلُ العاشقينَ إن سَلِموا
لو كَرُمَ العاذلونَ ما عذَلوا / بل لم يلوموا إلاّ وقد لَؤُموا
ما لائمُ العاشِقينَ إن صدَقوا / إلاّ إذا لامَ ظالمٌ أَثِم
راموا سُلُوَى وكُلُّ تسليمةِ ال / عُشّاقِ لو يَعْلمون قَتْلُهم
إلْفيَ رُوحي ولو خَلا نَفْساً / من رُوحِه الصَّبُّ فهْوَ مُخْتَرَم
أَستودِعُ اللهَ راحلاً عَجِلاً / والحيَّ صبحاً على النَّوى عَزَموا
قلبي إلى ذكْرِه يكادُ مَعَ الدْ / دمْعِ ارْتياحاً إليه يَنْسَجِم
أصبح يومَ النَّوى وناظرُهُ / بيني وبينَ الرَّقيبِ مُنْقَسِم
خلَّى رسومَ الدّيارِ لي ومَضَى / تَطْوي به البيدَ أينُقٌ رُسُم
وظَبْيةٍ لا تُصادُ آمِنةٍ / كُلُّ مكانٍ تَحُلُّه حَرَم
إنِ سَنحَتْ للعيونِ أو بَرِحَتْ / لِقاؤها كيف كان مُغْتَنَم
تَساقمَتْ عينُها لأعيُنِنا / حتّى لأَعدَى عُشّاقَها السَّقَم
فَلْيَهْنِ ألحاظَها وإن سَقُمَتْ / سُقْمٌ بنا منْه لا بها الأَلَم
للهِ فتّانةٌ محاسِنُها / ضلَّ افْتِتاناً بحُسْنِها أُمَم
أصنامُ قومٍ كما سَمعْتَ بها / صُمٌّ منَ الصَّخْرِ نَحتُها زَعَموا
ومِنْ عَنائي حتّى تَعبَّدني / بسِحْرِهِ أن أُتيحَ لي صَنَم
من حَجَرٍ قَلْبُه وسائرهُ / لحْمٌ على صورةِ الدُّمَى ودَم
يُسمَعُ مِن فيهِ وهْو مُنْتَثِرٌ / دُرٌّ يُرَى فيه وهْو مُنْتَظِم
قلتُ لأسماءَ وهْيَ جائرةٌ / حُكْماً وفي بَعْضِ قَولها حِكَم
ظُلْمٌ لقلبي من الأَحِبَّةِ أنْ / يُسْمَى بقَلْبي ومُلكُه لَهُم
قالتْ كمالُ الكمالِ نَنْسِبُهُ / إليه والوفْدُ فيه يَحْتكِم
كعبةُ جودٍ للطّارقينَ له / رُكنُ يدٍ لا يزالُ يُسْتَلَم
ذاتُ بنانٍ كالسُّحْبِ ماطِرةٍ / لكُلِّ قُطْرٍ بقَطْرِها تَسِم
تَجْري فَيكْفي لأنْ يُدَبِّرَ إق / ليماً عظيماً بكَفِّه قَلَم
وكم تَرَى في الزَّمانِ أصحابَ أق / لامٍ لظُفْرٍ بهنَّ ما قَلَموا
ولاخْتلافِ الخُطوطِ ما القَلَمُ ال / محْسودُ إلاّ سِيّانِ والزَّلَم
منْها المُعلَّى للفائزينَ به / والوَغْدُ أيضاً منها إذا اقْتَسَموا
للهِ إحدَى اليراعِ في يَدِه / تُراعُ منها الأسودُ والبُهُم
مُذْ سَمِعتْ باسْمِها القَنا وهْي في ال / خَطِّ اعْتراها من خَوْفها صَمَم
ومُذْ رأى البحرُ فَيْضَ نائلها / أضحَى من الحُزْنِ وهْو يَلْتطِم
يا سامياً حامياً حقائقَهُ / ما ذُمَّ في خُطّةٍ له ذِمَم
ويا كريماً حُلْواً شَمائلُه / به كرامُ الأنامِ قد خُتِموا
بمالِ سلطانهِ يَشُحُّ تُقىً / وكفُّه الدَّهْرَ صَوْبُها دِيَم
شُحٌّ وجُودٌ في الكفِّ منه غدا / عليهما الحُسنُ وهْو مُنقَسِم
فِدىً لعُلْياهُ كُلُّ ذي حَسَدٍ / نارُ القِلَى في حَشاهُ تَضْطَرِم
مِنْ مُشْرفٍ مُسرِفٍ لأموالِه / بَذْلاً ومالُ السُّلطانِ مُنْعَصم
إشرافُه لازمٌ لإشراقِه الدّهْرَ / فجيشُ الإظلامِ مُنْهَزِم
كَعينِ شمسٍ تَعلو مُهَجِّرةً / فتَستنيرُ الغِيطانُ والأكَم
لا تَقدِرُ الأرضُ من مَمالكها / تَكْتُمُ شِبْراً عنها فَينْكَتِم
ولي مَعاشٌ ما زلْتُ آخُذُه / عفْواً وفي الطّالبين مُزْدَحَم
وللموالي من العنايةِ بي / ما يَقْتَضي طُولُ ما خدمْتُهُم
قد عَوَّدوني قِدْماً عنايتَهم / وراضعُ العزِّ ليس يَنْفَطِم
لكنّه حالَ عامُ أوّلَ عنْ / عهدٍ رعَتْهُ أقوامُه القُدُم
فضاعَ فيه قصائدي وذوو / عداوتي فيه تمَّ قَصْدُهُم
إدْرارُ سَوءٍ نَزْرٌ مُوفَّرُهُ / فكيف مِقْدارُهُ إذا ثَلَموا
إطلاقُه كاحْتِباسِه أبداً / مثْلُ سَرابٍ وجُودُه عَدَم
وأنت مَنْ طالما رجَوتُك أنْ / تُكْشَفَ عنّي برأيِك الغُمَم
فلْيُجتَهدْ لا يكُنْ لماضيهِ مُسْ / تقبَلُه ناقصاً كما عَلِموا
إنْ كان في وجهِ عامِ أوّلَ تَعْ / بيسٌ ففي العام سوف يَبْتَسم
بحُسنِ رأْيٍ لعزّ دينِ هُدىً / مُستظهِرٌ لم يَزَلْ بهِ الخَدَم
فهْو الَّذي لو أعادَ لي نظراً / وعاينَ الدَّهرُ كيف يُهْتَضم
إذنْ لعادَ الدَّهرُ المُعانِدُ لي / من ظُلْمِه يَسْتَحْيي وَيحْتَشِم
ولانْثَنتْ في ظلالِ دولتهِ / حُسّادُ فَضْلي طُرّاً وقد رَغِموا
فقُلْ له يا سحابَ مكْرُمةٍ / عليكَ تَمَّتْ كما لكَ النِّعَم
أقولُ إنْ كان مَعشرٌ بَخَسوا / حَقّي وما كان منه زَجْرُهُم
فأغْنِني عنه يا ابنَهُ كَرماً / تَعِشْ بنُعْماكَ منّيَ الرِّمَم
فابْنُ ذُكاءٍ بنُورِ غُرّتهِ / قبلَ ذُكاءٍ كم انْجلَتْ ظُلَم
بل يا كمالاً للدَّهرِ قد عَظُمَتْ / لأهْلِه عند مجدِه الحُرَم
له العُلا والعلومُ باهرةٌ / لا صَدَدٌ حدَّها ولا أَمَم
كُلُّ عُلُوٍّ فيه له قِدَمٌ / وكُلُّ علْمٍ فيه له قَدَم
عَمُّكَ صدْرٌ ما مثلُه أَحَدٌ / لا عربٌ أبْصرَتْ ولا عَجَم
فما اعتقادُ الأنامِ فيه سوى / أَنّ اللّيالي بمثْلِه عُقُم
أُهْدي إلى دارِ كُتْبِه فِقَري / فَثمَّ يُدْرَى ما هذِه الكَلِم
كم للسّلاطينِ والخلائفِ لي / جَزْلُ عطاءٍ بما امتدَحْتُهُم
واليومَ تلك الأشعارُ قد كسَدتْ / فغيرُ أَحسْنتَ ما لَهُمْ قِيَم
والخُوزُ حاشا الكرامَ خيّمتِ ال / همومُ فيه وقُوّضَ الهِمم
فاشفَعْ إليهمْ فما يُخَيّبُ مَنْ / أنت له شافعٌ إذا كَرُموا
وكنْ شفيعاً منَ الّذينَ لدى / شُغلٍ إذا لم يُشفَّعوا غَرِموا
جاراً كمَنْ جاورَ الحُطَيئةُ مِفْ / ضالاً لِما لم يُلْزِمْهُ يَلْتَزِم
يا فاضلاً مُفْضِلاً نُهىً ونَدىً / لذاك تُسْمَى الكمالَ لو فَهِموا
يُكرِمُ زُوّارَهُ ويَكْرُمُ أخَ / لاقاً فمنْه الإكْرامُ والكرَم
فُقْتَ اشْتِهاراً كما بدا عَلَمٌ / مِن فوقه خافقاً بدا عَلَم
طوَّلتُ جِدّاً يا مَنْ تطَوُّلُه / أَكثرُ مِن أنْ ينالَهُ سَأَم
جِئْتُك أشكو إليك مُلْتجِئاً / ظُلْمَ زمانٍ أحداثُه حُطَم
فَمُرْهُ يُنْصفْ دَهْري فما يَرسُمُ ال / مَولَى مُجِدّاً فالعَبْدُ يَرتَسم
وجُلُّ قَصْدي تَجشيمُ جاهِكَ لي / وجاهُ قومٍ مالٌ إذا جَشِموا
دُمْ للمعالي ما أَسبلَتْ دِيَمٌ / واسْلَمْ طويلاً ما أورقَ السَّلَم