لا مِرَيةٌ في الردَى ولا جدَلُ
لا مِرَيةٌ في الردَى ولا جدَلُ / العمر دَيْنٌ قضاؤه ألأجلُ
للمرء في حتفِ أنِفه شُغُلٌ / فما تريد السيوف والأسلُ
يَفرِى الدجىَ والضّحى بأسلحةٍ / سِيّانِ فيها الدروعُ والحُلَلُ
فأنجمُ الليل كالأسنةِ والصُّ / بحُ حسامٌ له الورى خِلَلُ
يا ليت عمرَ الفتى يُمَدُّ له / ما امتدّ منه الرجاءُ والأملُ
مواردٌ هذه الحياةُ وما / نصدُرُ عنها إلاّ بنا غُلَلُ
نكرَعُ في حَوضها ونحن كما / تُذاد من بَعد خمسها الإبلُ
كأسٌ أدرَّت على لذاذتها / عُدّل فيها الزُّعافُ والعسلُ
كلٌّ إلى غايةٍ يصير ولا / تمييزَ إلا الإسراعُ والمَهَلُ
والناسُ ركبٌ يَهووْن حثَّهمُ / ولا يُسَرُّون أنّهم نزلوا
وسوفَ تُطوَى مسافةٌ ذَمَلتْ / بقاطعيها ركائبٌ ذُلُلُ
كيف يَعُدُّ الدنيا له وطنا / من هو ينأَى عنها وينتقلُ
نسْخوا بأعمارنا ونبخل بال / مال فتَبَّ السخاءُ والبَخَلُ
ونبتغى البرءَ من يُسرع السُّ / قمُ إليه وتَصرعَ العِللُ
أضاع راقي الداءِ العضالِ كما / ضُيِّع في سمعِ عاشقٍ عذَلُ
ولو نجا الهائبُ الجبانُ من ال / حتف تحامىَ إقدامَه البطلُ
ما أسلموا هذه النفوسَ إلى ال / أجداث إلا إذ ضاقت الحيلُ
ضرورةٌ ذلَّت القُرومُ لها / وقد تقودُ المَصاعبَ الجُدُلُ
وخفَّف الخطبَ بعد شدّته / أَنْ كُلُّ حىّ لأمِّه الهَبَلُ
ومن حِذارٍ تبوّأَ الكُديْةَ الض / بُّ وأوفىَ في الشاهقِ الوَعِلُ
لا الجوّ يُنجِى الشغواءَ حائمةً / ولا سبوحٌ في لُجّةٍ يئلُ
يُقتادُ في عزِّه الخُبَعْثِنةُ الض / ارِى ويُدهَى في ذلّه الجُعَلُ
والحافظو عَورِة العشيرةِ للدّ / هر إذا شنَّ غارةً عُزُلُ
أيّ ديارٍ تُحمَى وقد راع تا / جَ الدِّين خطبٌ أنيابهُ عُصُلُ
مستلِبا من يديه لؤلؤةَ ال / غوّاصِ أدنَى أصدافِها الكِلَلُ
ما كان يُدرَى من قبلِ ما غرَبتْ / أنَّ الثريّا إلى الثرى تصِلُ
يا بؤس للنائبات كيفَ أرت / أُخوّة الفرقديْنِ تنفصلُ
وإن عجِبنا منها فلا عجبٌ / للشمسِ وارَى جبينَها الطَّفَلُ
لم يرتد المجدُ إذ أصيبَ بها / ولا مشى العزُّ وهو منتعلُ
سليلَةٌ من سوابق دَرَجوا / أمامَها فاستخفَّها العجَلُ
من الخدورِ التي بها احتجبوا / إلى القبور التي بها نزلوا
تُنحرُ في مكّة العِشارُ ولا / تُنحرُ إلا عليهم المُقَلُ
مهلا فما يربح الحزينُ ولا / يخشرُ إلا غناءَه الجَذِلُ
وهل يُردُّ الأحبابَ إن رحلوا / على محبٍّ أن يُندَب الطَلُل
حُوشيتَ من جلسةِ العزاءِ وأن / يُضربَ في أسوةٍ لك المثلُ
كم قد هَوَى من سمائكم قمرٌ / وغار في الأرضِ منكُمُ جبلُ
فما سكبتم له ذنَوبا من الد / مع ونارُ الأحزان تشتعلُ
ودّعتُموه كأنكم شُمُتُ / أو العِدَى عنكُمُ قد ارتحلوا
إذا مَراثى أحبابكم تُليتْ / سمعتموها كأنها غَزلُ
فليس ندرِى من صخرةٍ نُحتتْ / قلوبُكم أم دموعُكم وَشَلُ
وأنتمُ هَجْمَة تقاربتِ ال / أسنانُ فيها فكلُّها بُزُلُ
فظاعنٌ عنكُمُ له خَلَفٌ / وذاهبٌ منكُمُ له بدلُ
للدهر نُعمى ومنَّةٌ ويدٌ / ما قام في الناس منْكُمُ رجلُ