جُرحي بِعينِيك ليس يندمل
جُرحي بِعينِيك ليس يندمل / وصبوتِي فِيكِ ليس تنفصِلُ
فلا تخافِي عَلَيَّ عاذِلتي / شرُّ الهوى ما يُزيله العَذَلُ
لم أَضْنَ إلا تَشبها بضناً / يشكوه فِي جفنِ عينكِ الكَحَلُ
فلا تظنّي ضنايَ مِثلَ ضَنى / عينيكِ ذا صحّةٌ وذا عِلَلُ
أَيُّ السَّقِيمينَ مُوجَعٌ كَمِدٌ / جِسْمِيَ أم لحظُ عَيْنِكِ الثَّمِلُ
أمَا وبِيضُ الثُّغور لائحةٌ / وما اجتنَتْ مِن رُضابِها القُبَلُ
لولا فُتورُ العيونِ ما قوِيَتْ / ولا غَدَتْ دونَ لحظِها الأَسَل
والنُّجْلُ لو لم يكن بها نَجَلُ / ما تَمّ في عاشِقٍ لها عَمَلُ
يا سحرُ إنّ الذينَ قد زعَموا / أنّ المسمَّى سِوى اسمِهِ جَهِلوا
قالوا ولو عاينوكِ كاسمِكِ ما / أصبح في ذاكِ بينهمْ جَدَل
أهواكِ في القربِ والبِعادِ معاً / وخالصُ الحبِّ ليس ينتقِل
إذا غَدَا الوصلُ لِلهَوى ثمناً / طارَ بذيّالِكِ الهوَى المَلَلُ
يُعجبنِي البُخْلُ إِن بِخِلتِ ولا / يُعجِبُني الجودُ مِنكِ والنَّفَلُ
فشرُّ ما في الرجالِ بُخْلُهُمُ / وخيرُ ما في الكواعِبِ البْخَلُ
قالت وقد راعها البُكاءُ دماً / ما بالُه قلتُ عاشقٌ خَبِل
قالت ومن شَفَّه وتَيَّمَه / قلت الّتي عن غَرامِه تَسَلُ
قالت أمِن نظرةٍ يكونُ هَوىً / هذا مُحبٌّ هواه مُرْتَجَلُ
فقلتُ عيناكِ كادتاه بما / تَعْجِز عن بعضِ حَلِّهِ الحِيلُ
ما يفعل الضَّربُ بالمنَاصِل ما / تفعلهُ للواحظ المُقَلُ
ومَا لها قدرةٌ تَصُول بِها / على الورى غَيْرَ أَنَّها نُجُلُ
إنّ عيونَ الملاحِ واصلةٌ / قاطعةٌ حَبْلَ كلِّ من يَصِل
لا تَجْحَد السفكَ للدِّماءِ ولا / تنكِر مِن ذاك ما هِي الفِعَل
دمُ المحِبِّين في تَرائِبِها / وفي مَبادِي خُدُودِها خَضِل
تَقْتُل عُشّاقَها العيونُ ولا / يحْقِدُهُمْ أَنَّهمْ بها قُتِلوا
يا سحرُكَم أَبتغي رِضاكِ وكم / أُغْضِي على حُرْقةٍ وأَحْتَمِل
وكم أَعَضُّ البَنانَ مِن غَضَبٍ / كأنّه بين أَضلُعِي شُعَل
يا سحرُكم تَنْثَنِي الحفائِظُ بي / عليكِ والإِنتظارُ والمَهَل
يا سحرُ إنّ السُّلُو عَنكِ على / قلبِي حرامٌ ما أُنْسئ الأَجَل
أنتِ مُنَى النَّفْسِ عندَ خَلْوتها / وسُؤْلُها والمرادُ والأَملُ
كأنِك الشمسُ يومَ أَسْعُدِها / إذا تبدّت وبُرْجُها الْحَمَلُ
ما زادَ في حسنِكِ الحُلِيُّ ولا / غَيَّرَه قبلَ حَلْيِكِ الْعَطَلُ
قضيبُ بانٍ ندٍ ودِعْصُ نَقاً / وبدرُ تِمٍّ وفاحِمٌ رَجِل
أَمَاءُ خَدّيكِ في كؤوسِكِ أَمْ / ثَغْرُكِ مِسكٌ يَشُوبُه عسل
أَم لفظك الدُّرُّ حِينَ نَنْثُره / أَم قدُّكِ الْغُصْنُ حين ينفتِل
لولا اشتِغالي بِحفظِ مَعْلُوَتي / ما كان لِي عنك في الهَوى شُغُل
لِي سَلفٌ ليس مِثْلهُمْ سَلَفٌ / مُطَّلِبيُّون سادَةٌ فُضُل
سادُوا وقادُوا الورَى وما احْتَلمَوا / وكَمَّلوا حِلْمَهمْ وما اكْتَهلوا
أَشِيد ما شيّدوا وما رَفَعوا / وأَفعلُ الخيرَ مثلمَا ما فَعلوا
أنا ابْنُ من بَشَّرَ المَسِيحُ بِهِ / وقَدَّمَتْ نعتَ وَصْفهِ الرُّسُلُ
محمد خير من بدَا وهَدَى / وخيرُ مَنْ يَحْتَفِي ويَنْتَعِل
أبي الوصِيُّ الذِي بِه اتَّضَحَتْ / للناسِ طُرْقُ الرَّشادِ والسُّبُلُ
وأُمِّيَ الْبَرّةُ البَتولُ ومَنْ / كُلُّ نِساءِ الورى لَها خَوَل
رَهْطُ نَبِيِّ الهُدَى وأُسْرَتُه / والخلفاءُ الأئمَّةُ الذُّلُل
يا مستعِدُّون للفَخارِ بنا / ومَنْ بنا أدرَكوا الذي سألوا
زعمتُمُ أَنْكم لنا غَضَباً / قمتمْ وبالزَّعْمِ يَكْثُرُ الخْطَلَ
مَتى غضِبْتُمْ لنا وأَنْفُسُنا / لِبِيضِكم مُذْ وَلِيتُمُ نفَلَ
شَرَّدْتُمُ جَعْفَراً وشِيعَتَهُ / بغيرِ ذَنْبٍ جَنَوْا ولاَ افْتَعلوا
والحسَنِيُّون طالمَا تَلِفوا / بِحدّ أَسْيافِكُمْ وما قتلوا
ثم قَتَلْتُمْ موسَى الرِّضا خُدَعاً / لأُمِّكمْ بعدَ قَتْلِه الْهَبَل
غَدْراً وحِقْداً طَوَيْتُمُوه لنا / كَذا يعادِي المَوالِيَ الخوَلُ
وَيْحَ بنِي عَمِّ أَحْمَدٍ خَسِروا / وعِندَه دونَ هاشمٍ خَذَلوا
دماءَ أَبناء أَحْمدٍ شرِبوا / ولحمَ أَبناءِ بِنْتِهِ أَكَلوا
أَرحامَهُمْ قَطَّعوا وَحَدَّهُمُ / فَلُّوا وأَزوارَ قَوْمِهمْ حَمَلوا
يا آلَ عَبَّاسَ أَنْتُمُ لِبنِي الزْ / زهراءِ ثأرٌ وقَدْ دَنا الأجل
لا صَحَبْتَنِي يَدِي وَلا اتَّسَعَت / إلى بلوغِ العُلاُ بيَ السُّبُل
إن لم أَزُرْكُمْ بَجَحْفَلٍ لَجِبٍ / سماؤُه البِيضُ والقْنَا الذُّبُل
يَسُدُّ شرقَ الدُّنا ومَغْربَها / به الكُماةُ الضَّراغِم البُزُل
في كَبِد الأرض منه مُنْخَسِفٌ / وفي فُؤادِ السُّهالهُ وَجَلُ
يُصْبِحُكُمْ في خِلالِ دارِكُمُ / به هِزَبْرٌ منْ هاشمٍ بَطَل
لا يَسكُنُ الرَّوْعُ بين أَضْلُعِهِ / ولا يَفُلُّ اعْترامَهُ الفَشَل
أنا زعيمٌ لكُمْ بواحِدةٍ / تَقْتَصُّ مِنكمْ بِرُزْئِها الْجُمَل
للعَلَويَّين فوقَكُمْ شَرَفٌ / لولاه لم تَبْلُغوا ولم تَصلوا
بهمْ فخَرْتُمْ على مُخالفكُمْ / حتّى علا الْكَعْبُ واسْتَوى الْمَثَلُ
وقَبْلُهْم كان فيكُمُ قِصَرٌ / وكان فيكُمْ عن العُلا ثِقُل
أَجَدّكُمْ كان مِثلَ جدِّهِم / والحربُ بالمشركينَ تَشْتعِل
حينَ تولَّتْ قريشٌ أَجْمعَهُا / وكذَّبوا بالنّبيّ واقْتَتَلوا
كَذَّبَهُ قومُه وأُسْرَتُه / وكان فينا لأَمرِه عَجَلُ
بَدْرٌ وأُحْدٌ وخيْبَرٌ ورُبا / مَكَّةَ يَعْلَمْنَ مَن لَهُ الأُوَلُ
ومن أطاعَ النَّبيَّ مُجْتَهداً / مجاهِداً لا يَعُوقُه كَسَلُ
لله آلُ الوصِيِّ منْ نَفَرٍ / ما نَكَّبُوا عن تُقىً ولا عَدَلوا
هُمُ لُيوثُ الأنام إنْ جَبُنوا / وهُمْ هُداةُ العباد إن جَهِلوا
إن أفضَلوا أجْزَلُوا وإنْ عَقَدوا / شَدَّوا وإن حكَّموهُمُ عَدَلَوا
تَرْتَحِلُ المُكْرمُاتُ إنْ رَحَلوا / وتَنْزِل الصالحاتُ إنْ نَزَلُوا
يا آلَ عَباسَ ما ادِّعاؤُكُمُ / إِرثاً لنا السهلُ منه والجبَلُ
إنْ نَتَقَدّمْ عَلَيْكُمُ فلنَا / سوابقُ المكْرُمات تَتَّصلُ
قدّمَنا اللهُ ثُمّ أخَّرَكُمْ / عنّا فما إنْ لَكُمْ بنا قِبَلُ
شادَ لنا الحَقُّ بيتَ مَعْلُوَةٍ / في حِينَ شادتْ عُلاكُمُ الحيَلُ
نحن بنو أحْمَدَ الذين بهمْ / يدعُو إلى رَبّه ويَبْتَهلُ
نحن كَفَلْنا النّبيّ مُنْذُ بدا / حتى اسْتطالَتْ بأمْره الطُّوَلُ
فنحنُ أَبْنَاؤُهُ وعِتْرَتُهُ / ونحنُ أنْصارُ دِينِه القُتُلُ
كأنّنا في دُجى الأمور ضُحىً / وأنْتُمُ في صَوابها خَطَلُ
صلّى علينا الإلهُ ما نُصِرتْ / بنا العُلاَ والسَّماحُ والْمِلَلُ