المجموع : 7
أصبحتَ عاديتَ للصبا رشدَكْ
أصبحتَ عاديتَ للصبا رشدَكْ / جهلاً وأسلمتَ للهوى قَوَدَكْ
حتى متى لا تُفيقُ من سِنَةٍ / ولا يداوي مفنِّدٌ فندَكْ
تُعملُ في صيدِ كل صائدةٍ / ختلكَ طوراً وتارة طَرَدكْ
ترمي التي إنْ أصابَ ظاهرَها / سهْمُك شكَّتْ بحدِّه كبدَكْ
يا صاحبَ اللومِ هبْ لذي شعفٍ / عوْنَك فيما عراهُ أو جَلَدَكْ
أوسِعْه عذراً ولُمْ مُعذِّبه / وقلْ له عن أخٍ قد اعتقدَكْ
يا حسنَ الجيدِ كم تُدِلُّ على ال / صبِّ كأنْ قد نحلته جيَدَكْ
يا واضحَ الثغرِ كم تُدِلُّ على ال / صبِّ كأنْ قد أذقتهُ بردَكْ
أدْلِلْ عليه إذا فعلتَ به / أفعَالك اللائي أشبهتْ غيَدَكْ
حظِّيَ من لؤلؤيْك منعُك مَنْ / ظومَك منّي وتارة بدَدَكْ
لا لثمَ ثغرٍ ولا محاورةً / يحلَى بها من هواه قد عبدكْ
يا مورداً صادقَ العذوبةِ أش / كوكَ وأشكو الحماةَ أنْ أردَكْ
إذا افترقنا وَشَى الوشاةُ وإنْ / كان التلاقي وجدتُهم رصَدَكْ
وأنت في منعِ ما أُحبُّ مع ال / قومِ فمن ذا يجير مُضطَهَدَكْ
يا ليتَ روحي وروحَك التقتا / في جسدي أو أُحِلَّتا جسدَكْ
عجبتُ من ظلمِكَ القويَّ ولو / شاءَ ضعيفٌ ثناكَ أو عقدكْ
دعْ ذا وقلْ في مديحِ ذي كرمٍ / قَوَّمَ إفْضالُ كفِّهِ أودَكْ
ممَّن إذا ما رجوتَ نائلهُ / أنجزَكَ الظنُّ فيهِ ما وعدَكْ
ما حُوذرتْ نكبةٌ مُزلزِلةٌ / بالناسِ إلا جعلتَه سندكْ
أوْلاك ما يوجبُ اعتبادكَ أد / ناه وما منَّهُ ولا اعْتَبَدَكْ
إسحاقُ أُمْتِعْتَ بالسلامةِ وال / أمْنِ ولا فارقَ التُّقى خلدَك
وكثَّر اللَّهُ من فتاك أبي / إسحاقَ في ظلِّ نعمةٍ عَدَدكْ
واعتمدَ اللَّهُ بالمكارهِ مَن / قدّرها فيك أو بِها اعتمدكْ
كم غائبٍ غابَ ثم عاد فأل / فاكَ أخا سؤدَدٍ كما عَهِدكْ
ترغبُ في حمدِ حامديك ولا / تحرمُ جدوى يديْكَ من جحدكْ
لا يرهبُ القاصدوك مِنْحَسةً / قد قصدَ الحظُّ بابَ من قصدَكْ
يا جبلَ اللَّهِ في بسيطته / لا هدَّكَ اللَّهُ بعدما وطَدَكْ
حقّاً لقد سَلَّكَ الهُدى ذكَراً / عضْباً وكان الضلالُ قد غمدكْ
كأنّما يَشهَدُ النبيَّ أو ال / صدّيقَ أو صاحبيْه مَن شهدَكْ
ورثتَ عباسَك الوسامة وال / رأي فما ينكر امرؤ سَدَدَكْ
وعِلْمُ عبدِ الإلهِ إرثُك لا / شكَّ فمِنْ ثمَّ تستقي مدَدَكْ
ولم تزلْ مذ نشأتَ ممتثلاً / نُسْكَ عليٍّ ميمِّماً صمدَكْ
وما تعديتَ من محمدٍ ال / حلمَ إذا ما المميِّزُ انتقدكْ
وحزمُ منصورك المشادُ به / فيك ومن ثمَّ تحتذي لددَكْ
وساقَ عيسى إليك آصرة ال / شَيْخَيْنِ رِفْداً فنِعْمَ ما رفدكْ
وإن بغاك امرؤ بحيث بنى / أحمدُ أعلى بنيانه وجدكْ
وما تخلفتَ عن خصال أبي / إسحاق من سعيه ولا جَهدكَ
آباءُ صِدْقٍ إذا بنيتَ من ال / مجد بناءً وجدتَهم عَمَدكْ
مِنْ كلِّهم فيك شيمة فتلتْ / حبلَكَ شزْراً وأحكمت عقدَكْ
وتُرْفَدُ الخيرَ من جدودك أو / يُلْقَى بك النَّسْبُ صاعداً أُدَدَكْ
أقولُ للمنبرِ الشريفِ وقدْ / طال مدى ما اقتضاكَ وارتصدَكْ
صبراً فلو قد علاك فارسُك ال / أصْيَدُ أحيا بريحهِ صَيَدَكْ
أبشرْ به منبرَ العَروبةِ وان / ظُرهُ كأني أراهُ قد صعِدكْ
إذ لا تجوزُ الصوابَ خطبتُهُ / ولا يضلُّ الهدى إذا اقتعدكْ
وكيف لا تكثرُ الحنينَ من ال / شوقِ إليه وجدُّه مهدَكْ
ياغرسَ ذي العرشِ لا شريكَ لهُ / أنبتَك اللَّهُ ثم لا حَصَدَكْ
بقيتَ للمكرماتِ ما بقيتْ / ولا فقدتَ الندى ولا فقدكْ
وحائرِ الرأْي فيك قلتُ له / أراكَ شبَّهت بحره ثَمَدَكْ
يا رَمِدَ العينِ قُمْ قبالَتَهُ / فداوِ باللحظ نحوه رَمَدَكْ
أقصِرْ عن الجهلِ يا مُماجِدَه / فقد قضى اللَّهُ أنه مَجدَك
نافستَ في المُنفِساتِ مَنْ وسعتْ / إحدى مناديح صدرهِ بلدكْ
ألومُ منْ يرتجي لحاقكَ في ال / مجدِ كما لا ألومُ من حَسَدَكْ
جاراك أهلُ العلاء فانقطعتْ / أنفاسُهم قبل قطعِهم أمدَكْ
جَرَوا فملُّوا الجِراء في طَلَقٍ / وذاك ما لا تملُّه أبدكْ
أقسمتُ باللَّهِ والنبيِّ لقد / قضتْ مساعيك حقَّ من وَلدكْ
يا منْ يَؤمُّ الوزيرَ معتمِداً / أبلغتَ خير البلاغِ معتمدَكْ
قلْ لأبي الصقرِ إن مَثَلْتَ له / واجمع لما أنت قائلٌ حشدكْ
لا يَعْجَبِ الناسُ أن تسودَهُمُ / حقُّ أياديك أن تطيلَ يدكْ
تاللَّهِ تدرِي الأكفُّ تشكر إط / لاقَك أصفادهن أمّ صفدَكْ
ما نسألُ اللَّه أن تنالَ من ال / خيراتِ إلا عديدَ مَنْ حمدكْ
ينصرفُ الوفدُ يحمدُون معاً / يومك فيهم ويأملون غدكْ
إنَّ الذئابَ التي تُغيرُ على ال / ناسِ تناهتْ من خوفها أسدَكْ
نصبْتَ للمسلمين محتِسباً / كثَّرَ مُعْطِيكَهُ به عُدَدَكْ
فقد أتى كلَّ ما تراه من ال / أمر رشاداً وما عدا رشدَكْ
لا زلتَ يا خيرَ سيدٍ عضُداً / له ولا زال كائناً عضُدكْ
وساخطٍ ما رضيتَ قلتُ له / ارضَ رِضاه أو افترشْ ضمدكْ
عشْ في ذراهُ ودعْ عداوتَه / وأنت في الخلد ترتعي رغدكْ
وإنْ تتابعتَ في شِقاقِكَهُ / فاعددك في النار تصطلي وقدكْ
يا من يعادي السماءَ أنْ رُفِعَتْ / كلْ خيرَها تحتها ودع نكدَكْ
نادمْتُ بدرَ السماءِ في فَلكِهْ
نادمْتُ بدرَ السماءِ في فَلكِهْ / أجْزِلْ بِحظّ الوليّ من مَلِكِهْ
نادَمْتُهُ والحُظُوظُ نافِرةٌ / فاصْدَدْتُ وحْشِيَّهُنَّ في شركه
مِنْ بعدِ ما خاسَ بي وأسْلَمَنِي / طوْعاً إلى الدهرِ ضامِنُو دَرَكِهْ
هَتَفْتُ للدهرِ باسمِ قاسِمهِ / فانْهَزَمَ الدهرُ وهْو في شِكَكهْ
القاسمِ القاسم الرفّاد إذا / أيأسَ ضَرْعُ المُدِرّ من حَشَكِهْ
أبي الحسين الذي به حَسُن ال / سُلْطانُ وابيضَّ بعدما حلكهْ
فتىً له منظرٌ ومختَبَرٌ / صاغَهُما اللَّهُ من حُلى فَلَكِهْ
حديثُ سنٍّ كبيرُ معرفةٍ / مُحْتَنكٌ قبل حين محتنكِهْ
يعارَك الحُوَّل الأريب بهِ / ليثٌ تُفادي الليوث من عَركهْ
صِيغَ الحجا من سُكُونِه صِيغاً / راقتْ وصيغَ الذكاءُ من حَرَكهْ
يجمعُ ضدَّيْنِ من جلالته / في كل قلب ولُطْف منسلكهْ
مستحْكمُ الرأي غيرُ مُخْدَجِهِ / مُصَمّمُ العزمِ غيرُ مُرتَبكهْ
قد حاز ما في الشبابِ من أنقِ ال / حُسْنِ وما في المشيبِ من حُنَكهْ
فهو رضَى العينِ حين تُبْصِرُه / والرأي عَفْواً وبعْدَ مُعْتركهْ
جاهرْ به المُلْكَ والملوكَ معاً / ولا تُسَتّرْهُ خوف مُنْتَهكهْ
أخُو فعالٍ كأنَّ زُهْرَ نُجو / مِ الليلِ مطبوعةٌ على سككهْ
مُشْتركُ الحظ لا محصَّله / مُحَصَّلُ المجد غيرُ مشتركهْ
منتهك المالِ لا ممنَّعه / مُمَنَّعُ العِرضِ غيرُ منتَهكهْ
يحلُو على سَمعه السؤالُ وما / زالتْ نَعَمْ حُلْوةً على حَنَكهْ
كأنما القطْرُ من ندى يده / والبرَقُ من بِشْرِهِ ومن ضَحكهْ
لم يجْعَلِ الغدْر للوفاءِ أخاً / مُذْ كان في فَتْكه ولا نُسُكهْ
طبيعةً لا تزالُ تُخْلِصُها ال / أيَّامُ والتّبر عِنْد مُنْسبكهْ
كم حسناتٍ له مُشهَّرة / أسَرَّها ما استطاع من مَلَكِهْ
صيَّرني جودُهُ إلى فُسح ال / عيشِ فأغنيتُ طالبي مُسكهْ
في منزلٍ برُّ كلّ بادية / من صَحْنِهِ والبحار من بركهْ
تَصْبحُني فيه كُلُّ شارقة / جَدْوى حثيث النوالِ مُدَّركهْ
أُقاتِلُ الحرَّ في غلائلهِ / والقُرَّ في خَزّهِ وفي فَنكِهْ
لو دونيَ البحرُ جاء نائلُهُ / أسْبحَ من فُلكه ومن سَمَكِهْ
يا ابنَ عُبَيْد الإلهِ يا ابنَ أبي ال / قاسمِ شافي السلطانِ من نُهَكِهْ
يا ابنَ الوزير السَّديد منزَعُهُ / برغْمِ أنفِ العِدا ومؤتفكهْ
يا ابنَ الذي أصبحَتْ مآثرُهُ / من ضحكاتِ الزمان لا ضُحَكهْ
الجامع الشملَ بعدَ فرقته / والواصلِ الحبلَ بعد منْبتكهْ
شُكريكَ فرضٌ ولست بالغه / ولستُ في حالةٍ بمُتَّرِكهْ
خُذْها تهادي إليك طائعةً / مثلَ تهادي الغدير في حُبَكهْ
نُعْماك في منزلي مخيِّمةٌ / والشّعرُ في نَصِّه وفي رَتَكهْ
أنَّى تشاغلتَ عن أبي حَسَنِكْ
أنَّى تشاغلتَ عن أبي حَسَنِكْ / مُستفسداً ما امتننتَ من مِنَنِكْ
أيَّ جناياته اضطغنتَ له / فليس هذا أوانَ مضطغنكْ
يا قادماً سرَّني بمَقْدمه / قد ساءني ما أراه من ظَعنِكْ
أشكيتني بعد نعمةٍ حَسَمَتْ / شكواي صرفَ الزمانِ في زمنِكْ
تركتني ضاحياً بمُرْتَمَضٍ / وكنتُ تحت الظليل من فَنَنِكْ
يا أعذبَ الماءِ لِمْ أسنتَ على / مَنْ حقُّه أن يُعاذَ من أسنِك
من ذا تنصَّحتَ من ثقاتِك في / صرمي وماذا أطعتَ من ظننِك
لأيّ جُرمٍ غدوتَ تَلْفظُني / وكنتُ أحلى لديك من وسنِك
متى تقاعستُ عن لجامِك أو / خلعتُ رأسَ المُطيع من رسنِك
ألم أكن في حروبِك البطل ال / مَبلِيَّ والمستشارَ في هُدنِك
ألم أكنْ من سيوفِك القَلعي / ياتِ وإن شئتَ كنتُ من جُننك
مبتذلاً أنفَسي وممتهناً / نفسي فيما هويت من مَهنِك
يا واسعَ العفْوِ والمذاهبِ في ال / إفضالِ أين الرحيبُ من عطنك
إلا يكنْ ما امتننت من مننٍ / في مُنَّتي حملُها ففي مُنَنك
يا حَسن الخلْقِ والخلائقِ وال / أفعالِ أنَّى عدلتَ عن سَننك
إن كنت أخطأتُ أو أسأتُ فلا / يظهر قبيحي كذا على حَسنك
غلِّبْ عليه جميلَ فعلِك بي / إنَّ هناتي تغيب في شحنك
أعْيَنُنا سيّدٌ لأحْوَصنا / منك ومنِّي فعدّ عن إحنك
إن كان غابَ الصوابُ عن حَوصي / فلن يغيبَ الجميلُ عن عَيَنِك
يا عجباً من لئيم مُمتحَني / إن عزّ يوماً كريمَ ممتحنك
قد زاد في شكوى إِطِّراحُك إي / يايَ وما كان ذاك من سُننِك
الحمدُ للَّهِ كنتَ من فِتني / ولم أكنْ عندَ ذاك من فِتنك
أصبحتَ فيما يُعدُّ من شجني / ولستُ فيما يُعدُّ من شجنك
طالت شكاتي فما اكترثتَ ولا / ألجاتَ كفَّ الأسى إلى ذقَنك
بل ظلتَ تستعرضُ البقاعَ ولا / تسخى بتعريجةٍ إلى سكنِكْ
موضعِ أسرارِكَ التي سُترتْ / وزيركَ المرتضي ومؤتمنِكْ
يا حسرتا ما أحطتُ معرفةً / بأنَّ شجوي يزيدُ في أرنك
وكنتُ أستوهبُ الإله ضنىً / لا بل نُحُولاً يزيد في سمنك
يا شاعراً يرْعوي لدِمنته / هلّا جعلتَ الصديق من دِمَنك
أما تلقَّنتْ عن أئمَّتك ال / زهرِ بذاك الصحيح من لَعَنِك
إنَّ أحقَّ امرئٍ حَزنْتَ له / من يستعيذُ الإلَهَ من حَزنِك
إن تكُ قد بِعْتَني فمن غَبني / أُبكَى وأبكي وليس من غبنك
تعتاضُ منّي وليس لي عِوضٌ / منك متى ما خرجتُ من قرنك
وأيُّ شيءٍ أدقُّ من ثمني / وأيُّ شيءٍ أجلُّ من ثمنِك
قد ارتهنتُ الفؤادَ عندك فاح / فظْهُ وأحسِنْ جوار مُرتَهنك
لا تمتحنّي بمنع وجهك عي / نيَّ فلا صبرَ لي على مِحنك
ليس من العدلِ أن تعذّبني / بالهجرِ بعد الظهورِ في زِينك
ونائلٍ منك قلتُ حسبيَ بال / لَهِ إلهاً فاعكُف على وَثَنك
لستَ ترى الشمسَ غيرَ مُظلمةٍ / فلا انجلى ناظراكَ من كمنك
ولفَّكَ اللَّهُ في لفائفِ غم / مائكَ حتى تُلفَّ في كفنك
ذاك جوادٌ أراكَ مجتهداً / تطلبه واطئاً على ثُنَنك
يا عجباً من مُفاخرٍ حَمقٍ / يقيسُ أحفاشَهُ إلى حَضنك
أنَّى يُساميك في صليبة أح / رارِك أو مُعتفيكِ من يمنِكْ
ومن يسامي امرأً ومُعتقُهُ / كسيفٍ المِقْوَلِ ابنِ ذي يزنِك
دُونَكَهَا ناظراً بغَفْلَتكَ ال / حرَّةِ لا الألمعيِّ من طبنِك
واعذرْ حميداً إذا أذِنتَ لها / واغفرْ خطيئاتها لدى أذنِكْ
يقولُ فيك المديحَ قائلُنا / وأينَ ذاك الضِّياح من لَبنِك
فيغتدي سُبحةً لفيك ولو / شِئتَ بحقٍّ لكان من لُعَنك
عجْبتُ من ناسجٍ نسائجَهُ / جهَّزَ أبرادَهُ إلى عَدَنك
لا بل من العادلين عنك وإن / حاكوا خِلاف الرضيّ من يُمُنِك
يُهدِي لك الآبداتِ ممتدحٌ / وإنما الآبداتُ من فِطنك
فتكتسيهنّ ماجداً عِطر ال / طِينةِ لا يشتكينَ من درنِك
طوبى لمُهدٍ إليك خِلْعتَهُ / طوبى لمنشورةٍ على بدنك
لا زلتَ للناس موْرداً غَدِقاً / دلْوُكَ للمستقين في شَطنك
تُقرضنا العرفَ بالثناءِ وتع / تدُّ زكيَّ القروضِ من عَيَنك
كم غُرْبةٍ آنستْك في وطنٍ / للمجدِ آثرتَها على وطنك
علِمتَ أن الخيار في بِطَن ال / أضيافِ فاخترتها على بِطَنك
أقول للدهر إذ بصرتُ بمك / نونِك مثل الجميلِ من عَلَنك
يا دهرُ زوِّجه من كرائمك ال / نَعماءَ وادفعْ أذاكَ عن خَتَنك
قدْحي فقيرٌ إلى رياشك مس / تغنٍ بما قد براه من سَفَنكِ
فامنحنيَ العطفَ في جوابك لي / وأعفني إن رأيت من لَسَنك
أستغفر اللَّه من هجائيكا
أستغفر اللَّه من هجائيكا / وليس هاجيك آثماً فيكا
لكنني أتقِي وأشفقُ من / تقصير ما قلتُ عن مخازيكا
يا خالدَ اللؤمِ غيرَ مُؤتشبٍ / سبقْتَ باللؤم من يُجاريكا
أنت صريحُ اللئام لا كذباً / وهم إذا حُصّلوا مواليكا
يا مَنْ جلا دهْرُنا دُجاهُ بهِ
يا مَنْ جلا دهْرُنا دُجاهُ بهِ / وعَنْ تباشِير وجْهِهِ ضَحكا
ومَنْ به رُدَّ سِتر عَوْرته / من بعد ما كان ستْرها هُتِكا
ومَنْ إذا حُجَّةٌ مُجَلِّيَةٌ / لاحت لعينيه لم يكن محِكا
ومن أبَى اللَّهُ أن نُرى أبداً / بعرْضِهِ في مَذمَّةٍ معكا
أستودعُ اللَّه حُسنَ رأيِكَ في / عَبْدٍ تلافيته وقَدْ هلكا
يغيبُ إنْ غاب والنصيحةُ وال / ودُّ رفيقاه حيثُما سَلكا
طافتْ به علةٌ فعالجها / فاعْتركَتْ والعلاجُ مُعْتركا
وقد أناخَتْ به مُماطلةً / فقد صغا من مطالها وبكى
وخوفُه العَتْبَ منكَ يُفْرِشُهُ / جمر الغضا ليلَهُ أو الحَسَكا
وحقهُ أن تكونَ تُؤْمِنُه / منْ كلّ شيءٍ يخافُه الدَّركا
وإنَّ إخلالَه ليَكرُثُهُ / لكنَّ عَوْداً بعينه بركا
وهو يرجِّي بيُمن وجهِك ذي ال / يمنِ قديماً أن يقطع الشَّركا
يُمنٍ إذا مسَّ ذا الوقود خَبا / عَفْواً وإن مَسَّ ذا الخمود ذكا
كم ساقَ مِنْ صحةٍ وعافيةٍ / إلى شديدٍ ضناهُ قد نُهكا
حتى استقلَّتْ به قُواهُ كما / كان وأضحَى سكُونُهُ حَركا
وكلُّ جارٍ غدوتَ تَعْصِمُه / فليس ذاكَ الحريمُ منتهكا
وعبدُك العبدُ لا يُخلّفه / عن حظّه غيرَ ما نثاهُ لكا
فأْذنْ له في علاج علَّته / واقبلْ من العُذْر ما نثا وحكى
أو لا فَهَبني اعتذرتُ معذرةً / أفِكتُ فيها كبعضِ من أَفِكا
أليسَ للنقصِ كنتُ عبدَك لا / شكَّ وللفضلِ كنتَ لي مَلكا
لا بل لَعَمْرِي كذا الحقيقةُ يا / من طاب فَرعاً ومحتداً وزكا
فاغفُلْ فما زِلتَ في الإقالةِ وال / صفحِ غريراً في الرأي مُحتَنِكا
وابذلْ ليَ العفو والتجاوزَ وال / إغضاءَ حتى يُقالَ ما اتَّركا
أحسِنْ ودَعني أُسيءُ يَخْلصْ لك ال / حمدُ وإلا أتاكَ مُشتركا
وقلْ مُدلٌّ بحرمةٍ قدمتْ / على رءوفٍ بكلِّ من ملكا
صادفَ فضلاً من سيِّدٍ فصفا / إلى الهُوينَى ومشتكى فشكا
لا زلت تعلو يداك مصطنعاً / للخير حتى تصافحَ الفلكا
ولا تزل لي بالشكرِ قافيةٌ / فيك تسيرُ الوجيفَ والرَّتكا
تَلذُّ من كلّ سامع أُذناً / حُسناً ومن كل مُنشدٍ حنكا
وليس في السيِّئاتِ أكسبها / بعهدِ أمرٍ إذا امرؤٌ فتكا
فأْمَنْ وآمِنْ فتىً قد انسبكت / أخلاقُه مذ رآك وانسبكا
أمَّنك اللَّه ما تخافُ ولا / أجرَى بغيرِ اعتلائك الفلكا
وَمَنْ رعى حيث لا أمانَ له / فلا زلتَ بمرعىً مجانبٍ شركا
يا مَنْ يُعمِّي على حليلتِه
يا مَنْ يُعمِّي على حليلتِه / شيباً يريها خضابُه حَلكا
أعجِبْ بتزويرك الخضابَ على / من تتولاه في الخلاء لكا
لن تنقلَ الشيبَ عن خليقته / ما عشتَ حتى تُصرّف الفلكا
ونرجسٍ كالثغور مبتسمٍ
ونرجسٍ كالثغور مبتسمٍ / له دموعُ المحدِّقِ الشاكي
أبكاهُ قطرُ الندى وأضْحكَهُ / فهْوَ مع القطر ضاحكٌ باكي