المجموع : 4
من كان يبكي الشبابَ من جَزعٍ
من كان يبكي الشبابَ من جَزعٍ / فلستُ أبكي عليه من جزعِ
لأن وجهي بقبح صورته / ما زال لي كالمشيب والصَّلعِ
أشبَّ ما كنتُ قطُّ أهرمَ ما / كنتُ فسبحان خالَقِ البدع
إذا أخذتُ المرآة أسْلفني / وجهي وما مُتُّ هول مطَّلعي
شُغِفْتُ بالخرَّد الحِسان وما / يصلحُ وجهي إلا لذي ورع
كي يعبدَ اللَه في الفلاة ولا / يشهدَ فيه مشاهد الجُمع
هل أنت من مرتجيك مستمعُ
هل أنت من مرتجيك مستمعُ / يا من إليه يوائل الفزِعُ
أصغِ إليه فلم يُحابك في ال / مدح ولا قال وهو مخترعُ
يا من إذا أشرقت محاسنه / ظلت رؤوس العداة تنقمع
ومن إذا غرَّبت مكائده / كادت قلوب العتاة تنخلع
ومن إذا أمطرت فواضله / عاد الصفا وهو معشب مرع
ما أعذر القِرنَ في تذبذبه / يُهوي إليك الشبا وينقدع
قد علم القرن عند حيصته / عنك بأي السيوف تضطبع
وقد درى حين زال مطمعه / فيك بأي الدروع تدَّرع
أنت الذي أصبحت عوارفه / درعاً له والدروع تنصدع
وأنت من لم تزل مكائده / سيفاً له والسيوف تنقطع
تصرع من شئت عند لبسهما / يوم الوغى والجدود تصطرع
يدب في غيرك المديح ولَ / كنا رأيناه فيك ينذرع
وتهطل الدهرَ فيك ديمتُهُ / لكنها عن سواك تنقشع
وأين معط وقلبه بهجٌ / ممن تمنى وقلبه وجع
لا يَزَلِ الشرُّ عنك مندفعاً / وسيل خير إليك يندفع
يا سيداً لم نزل بعقوته / إذا عدمنا الربيع نرتبع
ولم نزل من ثدِيِّ نعمته / إذا فقدنا الرضاع نرتضع
ومن علمناه غير متَّبعٍ / في المجد بل لا يزال يبتدع
ومن عرفناه غير مبتدعٍ / في الدين بل لا يزال يتبع
أعاذك الله أن نراك وأف / عالك بعد العلو تتضع
عد لي فليس الجميل فاحشة / تركبها تارة وتتَّزع
ولا طريقاً تخاف غَيلته / تركبه تارة وترتدع
والعائد العرف بعد بدأته / ينفع إخوانه وينتفع
والبادئ العرف لا معاد له / يعير إحسانه ويرتجع
لو كنتَ ممن يحب ثروته / أو كنت ممن جداه ممتنع
إذاً عذرناك في المطال به / لكن عذر الجواد منقطع
ما دفع مثلي والحال موجبة / والصدر رحب والوجه متسع
لا تمنعنِّي لهى مُمَنَّحةً / أضحت عليها الأكفُّ تقترع
يا من أراه رضا لمنتجعٍ / إن قال أي الرجال أنتجع
رِشْني تجدني رضى لمصطنع / إن قلت أي الرجال أصطنع
كم سائل عن نداك قلت له / مُخدَّع بالسؤال منخدع
وسائل عن حجاك قلت له / يحط أمواله ويرتفع
وسائل عن ثناك قلت له / لا يسأم الدهر منه مستمع
وكلهم كان في مسائله / أعمى عن الصبح وهو منصدع
يستوضح الصبح بالمصابح وال / مصباح عند الصباح مختشع
لا زلت ما عشتَ للعدوِّ شجىً / في حيث لا يستطيع منتزع
تسطو وتعفو وأنت مقتدر / لا ورَعٌ عند ذاك بل ورِع
ما أقبح المطل من أخي كرم / وعيب من قل عيبه شَنِع
ولم تَعِدني بل المنى وعدت / والحرُّ من خُلفِ طيفه جزع
متى تعللت أم متى عرف ال / إقلاع شؤبوب سيبك الهمِع
ألست من لم تزل تُحَمِّلُهُ ال / علياء أعباءها فيضطلع
ويرتجي خيرَه اليؤوسُ إذا / لم يرجُ ما عند غيره الطمِع
ويعتفي فضله العزوف إذا / لم يلتمس فضل غيره الجشِع
ويشمخ المعتفي عليه إذا / لاقى بخيلاً وخده ضرِع
تفترق الصالحات في فِرَقٍ / وفيك دون الجميع تجتمع
بلى بلى أنت أنت فلا فلا / يقطعك دون التمام مقتطع
يا ذاكر الغنم عند مغرمه / وذاكر الريع حين يزدرع
أولعْ بِيَ العارفاتِ في يدك ال / سمحة إن الزمان بي ولِع
والغوث منه أوانَ ينتهي ال / شلو ولا غوث حين يبتلع
أبا الحسين اهتزز فإنك لا ال / ناكل في موطن ولا الطبِع
ولينعطف منك معطفٌ حسنُ ال / طاعة لا مانع ولا جزِع
يا من دعاني إلى الغنى أثرٌ / لطابع الجود فيه منطبع
شهدت أني اعتقدت منك أخاً / لم يخدع الرأيَ فيه مختدع
متيماً بالعلا أخا شعفٍ / يخطبُ أبكارها ويفترع
يمزح بالجود لا السفاه فإن / جدَّ فزولٌ ذو عقدةٍ مَصِع
ما زلت بالإذن لي وبالأَذَن ال / مجدى وأي الجميل تتَّدع
تمهَدُ لي مطلبي وآونةً / تمهد لي مضجعي فأضطجع
خذها كصمِّ الصخور أقلعتُها / من جبل شامخ فتنقلع
مجدك ذاك الذي أناف على ال / نجم أصيل من طوده فرِع
ومن أبى ما أقول فيك فحي / ياه بموسى قعساء مجتدِع
وبعد فاسلم على الزمان ولا / زالت يد السوء عنك تندفع
أبا عليٍّ للناس ألسنةٌ
أبا عليٍّ للناس ألسنةٌ / إن قلت قالوا بها ولم يدعوا
والبغي عون على المدلِّ به / فاشنأْهُ واجعله بعض ما تدعُ
أو لا فكن رامياً وكن غرضاً / ترمي وترمى وتحصل الشنع
وقالة السوء غير راجعة / يوماً إذا نوهت بها السُمَع
يا ليت شعري وليت شعرك إن / قلت وقلنا واستحكم القذع
ما ينفع الصارم اللسان إذا / غودر يوماً وعرضه قطع
لا نفع في ذاك إن نظرت وإن / قوَّم منك الحياء والورع
فارجع وبُقيا أخيك باقيةٌ / واندم وفي الحلم فسحةٌ تسع
أو لا فأيقن بأنني رجل / تكثر فيما يقوله البدع
والشهد عندي لمن أناب بما / ء المزن أو لا فالصاب والسَلَع
وقد هجوت امرءاً يجل عن ال / مدح وعندي الحفاظ لا الجزع
ومن هجا ماجداً أخا شرف / فليس إلا من نفسه يضع
والنَبلُ مبرية منصلة / يحفزُهُنَّ القسيُّ والشرع
وكل سهمٍ رمت يداي به / فليس إلا في مقتلٍ يقع
فلا تعد بعدها لذكر أبي / بكرٍ ولا تخدعنّك الخدع
فوالذي تسجد الجباه له / ما بعدها في هوادتي طمع
ذلك عرض أبيت لا بل أبى ال / لَه له أن يمسه طَبَع
ودونه نصرة مؤيدة / مني ولي بالحفاظ مضطلع
والظلم مخذولة كتائبُهُ / تضرب أدبارها وتكتسع
والحق منصورة حلائبه / تكثر أعوانُه ويُتَّبع
أنذرت حرب الهجاء ملقِحَها / فما لها غيرَ حتفه ربع
وليس فيها الرؤوس تُندَرُ بل / فيها أنوف الرجال تجتدع
ذاك مقام كما سمعت به / محاسن القوم فيه تُنتزع
وليس فيه شيء تراه سوى ال / أعراض دون النفوس تُدَّرع
والعيش بعد الممات مرتجع / وليس عرض يودي فيرتجع
ونحن في منظر ومستمع / ما مثله منظرٌ ومستمع
فليتزع بالعظات مُتَّزِعٌ / ما دام يجدي عليه متَّزَع
إياك أن يستثير منِّيَ أق / دامُك صلّاً في رأسِهِ قَرَع
قد جف واديه من تنفسه / فما به في الربيع مُرتَبع
لا ماء فيه ولا نبات وهل / خصب بوادي البوار أو مرع
إياك إياك أن تطيف به / وإن تداعت لنصرك الشيع
فرب إقدام ذي مخاطرة / أحزمُ منه النكوص والهلع
لا تنتجع صيفة لها وهجٌ / حامٍ فما في المصيف منتجع
ولا تزعزع حلمي وتأمل أن / ترسوَ إن الجبال تقتلع
فليس حلمي حلماً يُبلِّغني ال / ذلَّ وإن كان فيه متَّسع
وليس جهلي جهلاً يبلغني ال / ظلم وإن كان فيه ممتنع
أنا الذي ليس في مغامزه / لينٌ ولا في قناته خَضَع
أنا الذي لا يذلُّ صاحبه / ولا يُرى في وليِّه ضَرَع
أنا الذي تحشد الرواة له / فكل أيام دهره جُمَع
أنا الذي ليس في حكومته / جورٌ ولا في طريقه ضَلَع
وأنت بكر على الهجاء فصن / عرضك إن الأبكار تُفتَرع
قارعت قبلي معاشراً قُرَعاً / فازت فخف أن تخونك القُرَع
وذقت من غير موردي جُرَعاً / ساغت فخف أن تغصَّك الجُرَع
متى تعاطيت جرع واحدة / من موردي فالشجا له تبع
فلا تجرب على الحياة فما / كل التجاريب فيه منتفع
وما تعديت بل ردعتك بال / وعظ وللصالحين مرتدع
وأنت ممن يهاب معصية ال / حق ولا يستخفّه الفزع
وفي القوافي لقائل سعة / إن شئت والدهر بيننا جذع
وقد عرفت القريض أصلحك ال / لَهُ وفيه الأغلال والخِلع
فاجتنب الشر فهو مجتنب / واتبع الخير فهو متبع
بتُّ وبات الصبيان في أرق
بتُّ وبات الصبيان في أرق / من بحَّةٍ لم تزل تُفزِّعنا
يبكون من خوفها ويسهرني / بكاؤهم فالبلاء يجمعنا
نحتال للنوم كي يواتيَنا / بكل شيء وليس ينفعنا
لا حفظ الله تلك مسمعة / ما يكره السامعون تسمعنا