مِعْصَمها من سوارها اعتَقرا
مِعْصَمها من سوارها اعتَقرا / وخدُّها من لِحاظها انفطرا
رِقَّة خَصْر ولين مُحتضَن / كرِقَة الماء إذا صفا فجرى
تكاد عند الكلام إن نطقت / تنحَلّ من كل مَفْصِل خَفرا
من لي بتقبيل مَن هوِيت وقد / أذَبتُها قبل لمسها نظرا
كأنما المسك ذاب من فمها / والصبح من صحن خدّها سفرا
وأسودَّ للحسن فَرْقُ لِمَّتها / واحمرَّ مُبيضُّها ليستعرا
فصار لليل فرعُها غَسَقا / وصار للنار لونها شَررَا
لو حملتها العيون ما ألِمتْ / ولو حواها الفؤاد ما شعرا
كأنها خَطْرة النسيم إذا / وافى من الروض لِينُه سَحَرا
أو مُنْية نالها مؤمِّلها / من قبل أن يستتمّها فِكرا
تفترُّ عنْ كالجمان منتظِم / يُصافح اللثم بارداً خَصِرا
لو صوّرت خَلْقَها إرادتُها / ما قدَّرته كمثل ما قُدِرا
كالمسك نَشْراً والبرق مبتسَما / والغصن قدّاً والحِقْف مؤتَزرا
سارَقها الصبحُ ضوءَ غُرَّتها / إلى اللَّمَى والشقيقَ والحَوَرا
والتقطت لفظَها مواشِطُها / فنظّمته لِعقدها دُرَرا
ومازج الليل شمس مبسمها / وابتزَّ منها لأُفْقه قمرا
ما سِرُّكم يستسرُّ بِي وَلَهٌ / منكم إذا قلتُ قد خَفَى ظهرا
يستوقِف الصبرَ عن لجاجته / ويستحثُّ الدموع والسهرا
لا نائلاً منكُم ولا بخلا / ولا وروداً بكم ولا صَدَرا
ليتِك لمَّا قدَرتِ سالكةٌ / طُرْق نِزار في الفضل إذ قدرا
بدا بمعروفه ونائلِه / واحتقر السيّئات واغتفرا
سما فطال النجومَ مبتدِئاً / وجاد عفواً فأخجل المطرا
أرقَّ أملاكِ هاشمٍ أدبا / وخيرهم منظَراً ومختبرَا
يبذل قبل السؤال نائِلَهُ / ثم يلاقي العُفَاة معتذرا
تكرُّماً كان قبل مولِده / يَدْرسُه في حياته سُوَرا
أبلج يستعصِم الأنامُ به / ويسمع الدهرُ منه ما أمرا
يُعِدّ للخطب صَوْلة فَرَطا / وعزمة هاشميَّة ذكرَا
حزماَ يَرَى الأمير قبل موقِعه / به وعزماً يسابق القَدَرا
وللمعالي عليه أُبَّهةٌ / تملأ قلبَ الشجاع والبصرا
بَذَّ قريشاً وطال هاشمَها / وفات في كلّ صالح مُضَرا
كأنك الشمس مَن ينافسها / لكي يرى مثلها فقد حَسِرا
يا مَلِيكاً أُمُّ مالِه أبداً / تَفْقِده قبل يبلغُ الكبرا
جوداً يصوب الأنامَ عارضُه / منك وينهّل مُزْنه دِرَرا
يختصر الناسُ بذلَ نائلهم / ولست تأتيه أنت مختَصِرا
يأنس قلبُ العلا إليك إذا / فَرَّ من المدّعين أو نفرا
هَنَاك عِيدٌ زجرتُ أحرفه / فألاً وقِدْماً أصاب من زجرا
فكان معناه أن يعود به / عليك سعدٌ يقرِّب الظفرا
فقُلْ لوفد السعود قَدْك نوىً / وقُلْ لكيد الحسود سوف ترى
لم يخلق الله فيك ساقطة / تُسخن عين العلا ولا كَدرا
يا بن معزّ الهدى وحسبُك أن / تغُدو به سامياً ومفتخرا
يا صفوة الله من بَرِيَّتِهِ / وسِرَّ عليائه الذي ظهرا
إنك من معشر همُ جمعوا / شمل المعالي ودوّخوا البشرا
لم يألف الدينُ غيرهم نفَراً / له ولم يرض غيرهم زُمَرا
فهاكها سِمطَ دُرّ مَعْلُوةٍ / منتظِماً لفظُه ومنتثرِا
وأجعله حَلْيا لجِيد مجدك في الدْ / دهر وسيفاً له ومنتصرا
مِن لوذعيِّ الطباع منتصح / ما خان نُعماك لا ولا غدرا
كم لك عندي من نعمةٍ ويد / مشكورة والوفيّ مَنْ شكرا