تَسَاءَلَ الماءُ فيكِ والشَّجرُ
تَسَاءَلَ الماءُ فيكِ والشَّجرُ / من أين يا كانُ هذه الصُّوَرُ
البحرُ والحورُ فيه سابحةٌ / رُؤىً بها بات يَحْلُمُ القمرُ
أطلّ والضوءُ راقصٌ غَزِلٌ / دعاهُ قلبٌ وشاقه بَصَرُ
يهمسُ فيما يراه من فِتَنٍ / آلهةٌ هؤلاءِ أم بشرُ
يقفز من لجةٍ إلى حجَرٍ / كأنما مَسَّ روحه الضَّجرُ
معربداً لا يريم سابحةً / إلَّا ومنهُ بثغرها أثرُ
من كلِّ حوّاءَ مثلما خُلقَتْ / يعجبُ منها الحرير والوبرُ
أَلْقَتْهُ عنها رقائقاً ونَضَتْ / جسماً تحامى نداءَهُ القدرُ
في حانةٍ ما عَلَتْ بها عَمَدٌ / ولا استوى في بنائها حجَرُ
جُدرانها الماءُ والسماءُ لها / سقيفةٌ والنسائمُ السُّتُرُ
خمَّارُها مُنْشِدٌ وسامرُها / حورٌ تلوَّى وفتيةٌ سكروا
لم تَبْقَ في الشطِّ منهمو قَدَمٌ / قد خوَّضوا في العباب وانتثروا
وشيَّعوا العقل حينما شربوا / ووَدَّعوا القلب حيثما نظروا
والسابحاتُ الحسان حولهمو / كأنهنّ النجومُ والزَّهَرُ
يزيد سيقانهنّ من بَهَجٍ / لونٌ عجيبُ الرُّواءِ مبتكرُ
يضيءُ ورداً وخمرةً وسنىً / ذوبٌ من المغريات مُعتصَرُ
تغاير الموجُ إذ طلعن به / وثار من حولهنّ يشتجرُ
بهنّ يلتفُّ مُرتقىً وَيُرى / ينشقُّ عنهنَّ فيه مُنحدَرُ
منفتلات قدودهُنَّ كما / ينفتل الغصنُ آده الثمرُ
ملوّحات بأذرُعٍ عَجَبٍ / تحذرهنّ النهودُ والشّعْرُ
والضوءُ فوق الخصور منهمرٌ / والماء تحت الصدور مستعرُ
ما زِلْنَ والبحر في تَوَثُّبِهِ / يُرْغي كما راع قلْبَهُ خطرُ
قد جاوز الليلُ نِصْفَهُ فمتى / تؤمُّ فيه أصدافَها الدُّرَرُ
فليصخبِ البحرُ ولتئنّ به / رمالهُ وليثرثرِ الشجَرُ
ولتعصفِ الريحُ فوق مائجه / ولينبجسْ من غمامه المطَرُ
أقسمنَ لا ينتحين شاطئَهُ / وإنْ ترامى بمائه الشررُ
حتى يُرى وهو فضّةٌ ذَهَبٌ / تمازَجَ الليلُ فيهِ والسّحَرُ