تُثْني عليكَ البلادُ أنّكَ لا
تُثْني عليكَ البلادُ أنّكَ لا / تأخذُ مِن رِفْدِها وتَرْفِدُها
مَنِ ارْتَعَتْ خيْلُه الرّياضَ بها / وكان حوْضَ الصّفاء موْردُها
ففي نَبات الرّؤوس تَسْرَحُها / أنتَ وماء الجُسوم تُوردها
خيْلُكَ طولَ الزّمان قائلةٌ / أمَا لِذا غايَةٌ فيقْصدُها
كم بمَكَرّ الظّعان تَحْبِسُها / وكم وراء العَدُوّ تطْرُدُها
أعْيُنُها لم تَزَلْ حَوافِرُها / تَكْحَلُها والغُبارُ إثْمِدُها
إنّ لها أُسْوَةً إذا جَزِعَتْ / في بِيضكَ الخالِياتِ أغْمُدها
لا رَقَدَتْ مُقْلَةُ الجَبان ولا / مَتّعَها بالكَرى مُسَهِّدُها
فالنّفْسُ تَبْغي الحياةَ جاهِدةً / وفي يَمِين المَليكِ مِقْوَدها
فلا اقتِحامُ الشّجاعِ مُهْلِكُها / ولا تَوَقّي الجَبَانِ مُخْلِدها
لكلّ نفْسٍ من الرّدى سبَبٌ / لا يوْمُها بَعْدَهُ ولا غَدُها
قُلْ لعدُوّ الأميرِ يا غَرَضَ الدْ / دَهْرِ ومن حَتْفُ نفْسِه دَدُها
هذا هوَ المَوْتُ كيْفَ تَغْلِبُه / وفضْلُه الشمسُ كيْفَ تَجْحَدُها
سُيُوفُه تَعْشَقُ الرّقابَ فما / يُنْجَزُ حتى اللّقاء مَوْعِدُها
تَكادُ مِن قبْلِ أن يُجَرّدَها / يَعْتَنِقُ الدّارِعِينَ مُغْمَدُها
يُرْوي الظُّبى والرّماحُ ناهِلةٌ / مُتّصلٌ في الوَغَى تأوّدُها
كأنّها شِجْعَةٌ بها زَمَعٌ / أو ذاتُ جُبْنٍ فالخوْفُ يُرْعِدُها
جاءتْكَ لَيْلِيّةٌ شَآمِيَةٌ / كأنها بالعِراقِ موْلِدُها
قائِلُها فاضلٌ وأفْضَلُ مِن / قائِلِها الألْمَعِيُّ مُنْشِدُها
كاتِبُكَ المُزْدَهي بمنْطِقِه / صَهْوَة حتى يَخِرّ جَلْمَدُها
أسْهَبَ في وَصْفِه عُلاكَ لنا / حتى خشينا النّفوسَ تعْبُدُها
زَفَّ عَروساً حُلِيُّها كَلِمٌ / تُنْجِدُهُ تارةً ويُنْجِدُها
قاضيَةً حَقّهُ لديْكَ وما / يُنسَبُ إلاّ إليكَ سُودَدُها