المجموع : 8
يا مالِكَ الناسِ في مَسيرِهِمُ
يا مالِكَ الناسِ في مَسيرِهِمُ / وَفي المُقامِ المُطيرِ مِن رَهَبِه
لا تَخشَ غَدري وَلا مُخالَفَتي / كُلُّ اِمرِىءٍ راجِعٌ إِلى حَسَبِه
كَشَفتَ عَن مَرتَعٍ دُجُنَّتَهُ / عَوداً وَكُنتَ الطَبيبَ مِن وَصَبِه
وَلَستَ بِالحازِمِ الجَليلِ إِذا اِغ / تَرَّ وَلا بِالمُغتَرِّ في نَسَبِه
وَرُبَّما رابَني النَذيرُ فَعَم / مَيتُ رَجاءَ الأَصَمِّ عَن رِيَبِه
عِندي مِنَ الشُبهَةِ البَيانُ وما / تَطلُبُ إِلّا البَيانَ مِن حَلَبِه
إِن كُنتَ تَنوي بِهِ الهَلاكَ فَما / تَعرِفُ رَأسَ الهَلاكِ مِن ذَنَبِه
وَإِن يُدافِع بِكَ الخُطوبَ فَما / دافَعتَ خَطباً بِمِثلِهِ مَلَبِه
سَيفُكَ لا تَنثَني مَضارِبُهُ / يَهتَزُّ مِن مائِهِ وَفي شُطَبِه
تَرنو إِلَيهِ العَروسُ عائِذَةً / فَلا يَمَلُّ الحَدّابُ مِن عَجَبِه
يَصدُقُ في دينِهِ وَمَوعِدِهِ / نَعَم وَيُعطى النَدى عَلى كَذِبِه
لِلَهِ ما راحَ في جَوانِحِهِ / مِن لُؤلُؤٍ لا يُنامُ عَن طَلَبِه
يَخرُجنَ مِن فيهِ لِلنَديِّ كَما / يَخرُجُ ضَوءُ السِراجِ مِن لَهَبِه
زَورُ مُلوكٍ عَلَيهِ أُبَّهَةٌ / تَعرِفُ مِن شِعرِهِ وَمِن خُطَبِه
يَقومُ بِالقَومِ يَومَ جِئتَهُمُ / وَلا يَخيبُ الرُوّادُ في سَبَبِه
مُؤَبَّدُ البَيتِ وَالقَرارَةِ وَال / تَلعَةِ في عُجمِهِ وَفي عَرَبِه
لَو قامَ بِالحادِثِ العَظيمِ لَما / عَيَّ بِعُمرانِهِ وَلا خَرِبِه
لا يَعبُدُ المالَ حينَ يَجمَعُهُ / وَلا يُصَلّي لِلبَيتِ مِن صُلُبِه
تِلعابَةٌ تَعكِفُ النِساءُ بِهِ / يَأخُذنَ مِن جِدِّهِ وَمِن لَعِبِه
يَزدَحِمُ الناسُ كُلَّ شارِقَةٍ / بِبابِهِ مُشرِعينَ في أَدَبِه
شابَ وَقَد كانَ في شَبيبَتِهِ / شَهماً يَبولُ الرِئبالُ مِن غَضَبِه
حَتّى إِذا دَرَّتِ الدَرورُ لَهُ / وَرَغَّثَتهُ الرُواةُ في نَسَبِه
قَضى الإِمامُ المَهدِيُّ طَعنَتَهُ / عَن رَأسِ أُخرى كانَت عَلى أَرَبِه
فَالحَمدُ لِلّهِ لا أُساعِفُ بِال / لَهوِ وَلا أَنتَهي بِمُكتئِبهِ
يا صاحِ دَعني فَإِنَّني نَصِبُ
يا صاحِ دَعني فَإِنَّني نَصِبُ / حُبّي سُلَيمى وَتَركُها عَجَبُ
جانَبتُ شَيئاً أُحِبُّ رُؤيَتَهُ / لِلَّهِ دَرِّيَ أَهوى وَأَجتَنِبُ
هَجَرتُ بَيتَ الحَبيبِ مِن حَذَرِ ال / عَينِ وَنَفسي إِلَيهِ تَضطَرِبُ
أُراقِبُ النَفسَ في الحَياةِ وَقَد / أَيقَنتُ أَنّي بِتَركِها عَطِبُ
وَاللَّهُ ما لِيَ مِنها إِذا ذُكِرَت / إِلّا اِستِنانُ الدُموعِ وَالطَرَبُ
زادَت عَلى الناسِ في الجَفاءِ وَقَد / تَعلَمُ أَنّي بِحُبِّها نَشِبُ
تَنأى فَتَسلى وَإِن دَنَت بَخِلَت / سِيّانَ بُعدُ البَخيلِ وَالقُرُبُ
يا كاهِنَ المَصرِ هَل تُحَدِّثُني / ما بالُ قَلبي بِذِكرِها نَخِبُ
إِن كانَ سِحراً دَعَوتُ راقِيَّةً / أَو كانَ سُقماً فَحَسبِيَ الوَصَبُ
إِنّي وَمَن لَبَّت الرِفاقُ لَهُ / شُعثاً أَساريبَ خَلفَها سُرَبُ
ما جِئتُ سَلمى طَوعاً لِتَجعَلَني / ذِبحاً وَلَكِن أَطاعَني النُجُبُ
فَرَّغتُ قَلبي لَها لِتَسكُنَهُ / حيناً فَأَمسى فيهِ لَها شُعَبُ
وَقائِلٍ خَلِّها وَقَد عَقَدت / نَفسي إِلى نَفسِها فَلا هَرَبُ
الآنَ إِذ قامَتِ الرُواةُ بِنا / وَإِذ تَغَنَّت بِحُبِّنا العَرَبُ
أَصرِفُ نَفسي عَنها وَقَد غَلَقَت / هَيهاتَ دَوِّيَّةٌ أَشِبُ
يا سَلمَ هَل تَذكُرينَ مَجلِسَنا / أَيّامَ رَأسي كَأَنَّهُ عِنَبُ
إِذ نَحنُ بِالميثِ لا تَرى أَحَداً / يُزري وَإِذ شَأنُنا بِهِ اللَعِبُ
يا سَلمَ جودي بِما رَأَيتِ لَنا / ما عِندَ أُخرى سِواكِ لي أَرَبُ
وَصاحِبٍ ضامَني وَضِمتُ لَهُ / نَفسي لِيَرضى فَراحَ يَلتَهِبُ
وافَقَ ظُلمي حُلواً فَأَعجَبَهُ / وَالظُلمُ حُلوٌ كَأَنَّهُ جَرَبُ
أَعرَضتُ عَنهُ وَالحِلمُ مِن خُلُقي / وَلَيسَ مِنّي التَثريبُ وَالصَخَبُ
يا سَلمَ أَنتِ الهَوى إِذا شَهِدَ ال / ناسُ وَأَنتِ الهَوى إِذا ذَهَبوا
عودي عَلى سَقطَةٍ جَهِلتُ بِها / ما كُلُّ ذَنبٍ فيهِ الفَتى يَثِبُ
ظَلَمتِني وَالهَوى مُقارَضَةٌ / كَيلاً بِكَيلٍ فَكَيفَ نَصطَحِبُ
لا تَأمَني أَن تَجورَ مَظلَمَةٌ / بِرَبِّها وَالزَمانُ يَنقَلِبُ
فَاِرضَي بِأَشباهِ ما عَمِلتِ بِنا / لِكُلِّ نَفسٍ مِن كَفِّها حَلَبُ
عامَت سُلَيمى وَمَسَّها سَغَبُ
عامَت سُلَيمى وَمَسَّها سَغَبُ / بَل مالَها لا تَزالُ تكتَئِبُ
تَذَكَّرَت عيشَةً بِذي سَلَمٍ / عِشنا بِها نَجتَني وَنَحتَلِبُ
وَأَكبَرَت بَدرَةً شَرَيتُ بِها / عِرضي مِنَ الذَمِّ وَالشِرا حَسَبُ
يا سَلمَ عِرضي حِمىً سَأَمنَعُهُ / وَالعِرضُ يُحمى وَيوهَبُ الذَهَبُ
لا تَذكُري ما مَضى وَشَأنَكِ بي ال / يَومَ فَإِنَّ الزَمانَ يَنقَلِبُ
حُلواً وَمُرّاً وَطَعمَ ثالِثَةٍ / في كُلِّ وَجهٍ مِن صَرفِهِ عَجَبُ
ديني لِدَهرٍ أَصَمَّ مُندَلِثٍ / يُهرَبُ مِن رَيبِهِ وَلا هَرَبُ
أَودى بِأَهلِ الغَديرِ فَاِنقَرَضوا / لَم يَبقَ مِنهُم رَأسٌ وَلا ذَنَبُ
وَاِرضَي بِما راعَكِ الزَمانُ بِهِ / ما كُلُّ يَومٍ يَصفو لَكِ الحَلَبُ
جَرَّبتِ ما جَرَّبَ الحَليمُ فَهَل / لاقَيتِ عَيشاً لَم يَعرُهُ نَصَبُ
لا يَنفَعُ المَرءَ مالُ والِدِهِ / غَدا عَيِيّاً وَيَنفَعُ الأَدَبُ
وَغادَةٍ كَالحُبابِ مُشرِقَةٍ / رَودٍ عَلَيها السُموطُ وَالقُضُبُ
كَأَنَّ ياقوتَها وَعُصفُرَها / في الشَمسِ إِذ لَهَّبَتهُما لَهَبُ
قالَت تَرَكتَ الصِبا فَقُلتُ لَها / لا بَل تَجالَلتُ وَالصِبا لَعِبُ
وَقَد نَهاني الإِمامُ فَاِنصَرَفَت / نَفسي لَهُ وَالإِمامُ يُرتَقَبُ
آلَيتُ يَأبى الصِبا وَأَتبَعَهُ / هَيهاتَ بَيني وَبَينَهُ نَجَبُ
فَاِستَبدِلي أَو قِري شَرَعتُ إِلى ال / حَقِّ وَبِئسَ المَطِيَّةُ النُغَبُ
يا سَلمَ إِنّي اِمرُؤٌ يُوَقِّرُني / حِلمي إِذا القَومُ في الخَنا وَثَبوا
وَقَد أَتاني وَعيدُ شِرذِمَةٍ / فيهِم طِماحٌ وَما بِهِم صَلَبُ
مَهلاً بِغَيري اِعرُكوا شَذاتَكُمُ / لِلحَربِ مِمَّن يَحُشُّها حَطَبُ
قَد أَذعَرُ الجِنَّ في مَسارِحِها / قَلبي مُضيءٌ وَمِقوَلي ذَرِبُ
خَصَيتُ عَدوانَ بَعدَ شَيلَتِهِ / وَاللَيثُ يُخصى وَيُخدَعُ الشَبَبُ
لا غَروَ إِلّا فَتى العَشيرَةِ عا / فَتهُ المَنايا وَدونَهُ أَشَبُ
باتَ يُغَنّي وَالمَوتُ يَطلُبُهُ / وَالمَرءُ يَلهو وَحَينُهُ كَثَبُ
فَالآنَ أَسمَحتُ لِلخُطوبِ فَلا / تَلقى فُؤادي مِن حادِثٍ يَجِبُ
قَلَّبَني الدَهرُ في قَوالِبِهِ / وَكُلُّ شَيءٍ لِكَونِهِ سَبَبُ
لا فَجعَ إِلّا كَما فُجِعتُ بِهِ
لا فَجعَ إِلّا كَما فُجِعتُ بِهِ / مِن فارِسٍ كانَ دونَنا حَدِبا
يا صَفَحهُ عَن جَوابِ جاهِلِنا / حِلماً وَيا عِزَّهُ إِذا غَلَبا
وَيا قِراهُ العَدُوَّ مُرهَفَةً / بيضاً وَيا لينَهُ إِذا صَحِبا
وَيا جَداهُ لِمَن أَلَمَّ بِهِ / يَوماً وَيا وَصلَهُ لِمَن قَرُبا
لَو نالَ خُلداً مِن قَبلِهِ أَحَدٌ / مَدَّت إِلى الخُلدِ كَفُّهُ سَبَبا
يا صاحِبَيَّ العَشِيَّةَ اِحتَسِبا
يا صاحِبَيَّ العَشِيَّةَ اِحتَسِبا / جَدَّ الهَوى بِالفَتى وَما لَعِبا
وَاللَهِ وَاللَهِ ما أَنامُ وَلا / أَملِكُ عَيني دُموعَها طَرِبا
أَبقى لَنا الدَهرُ مِن تَذَكُّرِ مَن / قَد كانَ جاراً فَبانَ وَاِغتَرَبا
لِلَّهِ دَمعي أَلّا أُكَلِّمَهُ / يَومَ غَدا في السُلافِ مُنشَعِبا
ما كانَ ذَنبي أَنّي شَقيتُ بِهِ / وَشُؤمَ عَينٍ كانَت لَنا سَبَبا
أَفرَغتُ دَمعي عَلى الحَبيبِ فَأَع / جَبتُ رِجالاً وَلَم أَكُن عَجَبا
قَبلي تَصابى الفَتى وَمالَ بِهِ / حُبُّ المَعاصيرِ عَفَّ أَو طَلَبا
ما كانَ حُبّي سَلمى وَرُؤيَتُها / إِلّا قَذىً في مَدامِعي نَشِبا
أُريدُ نِسيانَها فَيُذكِرُني / ما باتَ في الجارَتَينِ مُكتَسَبا
لِلَّهِ سَلمى إِذ لا تُطيعُ بِنا ال / واشي وَإِذ لا نُطيعُ مَن عَتَبا
تَدنو مَعَ الذِكرِ كُلَّما نَزَحَت / حَتّى أَرى شَخصَها وَما اِقتَرَبا
وَيَومَ أَشكو إِلى أُسامَةَ مَك / نونَ الهَوى فَاِستَطارَ وَاِلتَهَبا
قالَت سُلَيمى أَعِندَنا شُغُلٌ / عَنكَ وَلَكِن لا تُحسِنُ الحَلَبا
أَكرِم خَليطاً تَنَل كَرامَتَهُ / لَستَ بِجانٍ مِن شَوكِهِ عِنَبا
زَينَ الجَواري خُلِقتِ مِن عَجَبٍ / وَالحِرصُ عَجلانُ يَفضَحُ الأَدَبا
وَبِالنَقى وَالعُيونُ حاضِرَةٌ / عَيَّنَّنا كُلَّ شارِقٍ عَقِبا
دَسَّت إِلَيَّ البَنّانَ تُخبِرُني / عَنها فَمَنّى وَرُبَّما كَذَبا
كانَت عَلى ذاكَ ثُمَّتَ اِنقَلَبَت / كَما دَعَوتُ الزَماعَ فَاِنقَلَبا
كَم مِن نَعيمٍ نِلنا لَذاذَتَهُ / وَمَجلِسٍ عادَ ذِكرُهُ نَصَبا
لَم يَبقَ إِلّا الخَيالُ يُذكِرُني / ما كانَ مِنها وَكانَ مُطّلَبا
دَع عَنكَ سَلمى شَجىً لِطالِبَها / لا يَسبِقُ الرَأيُ دونَ ما كُتِبا
سَأَترُكُ الغُرَّ لِلعُيونِ وَلا / أَترُكُ شُربَ الصَهباءِ وَالغَرَبا
وَمَلِكٌ تَسجُدُ المُلوكُ لَهُ / موفٍ عَلى الناسِ يَرزِقُ العَرَبا
راعٍ لِأَحسابِنا وَذِمَّتِنا / يُمسي دُواراً وَيَغتَدي نُصُبا
لا يَفتُرُ البُختُ وَالبِغالُ مَوا / قيراً خَراجاً يُجبى لَهُ دَأَبا
وَرُبَّما شَبَّتِ العُيونُ لَهُ / بَرقاً فَكانَت رُؤُسَ مَن شَغَبا
فَتى قُرَيشٍ ديناً وَمَكرُمَةً / وَهَبتُ وُدّي لَهُ بِما وَهَبا
لا يَأثَرُ الغِلَّ لِلخَليلِ وَلا / تَغلِبُهُ طَيرُهُ إِذا غَضِبا
يُعطيكَ ما هَبَّتِ الرِياحُ وَلا / يُطمَعُ في دينِهِ وَإِن قَرُبا
شَهمٌ وَقورٌ يَزينُ غُرَّتَهُ / حِلمٌ وَزانَ الوَقارُ ما اِجتَنَبا
يَكفيكَ مِن قَسوَرٍ أَجَشَّ وَكَال / ماءِ زُلالاً يَجري لِمَن شَرِبا
بِجِلدَةٍ طابَت الثِيابُ وَبِال / مَسِّ يُطيبُ العِيانَ وَالحَسَبا
تُشَمُّ نَعلاهُ في النَديِّ كَما / شَمَّ النَدامى الرَيحانَ مُعتَقَبا
ساوَرتُ مِن دونِهِ العَقَنقَلَ وَال / جَوفَ أُزجّي المَهرِيَّةَ النُجُبا
مِنَ المُعَدّاتِ في اللُجَينِ وَفي ال / عَيصِ لِهَمٍّ أَلَحَّ أَو غَلَبا
إِذا ذَكَرتُ اِمرَأً يَبيتُ عَلى ال / حَمدِ رَكِبنا العادِيَّةَ الرُكَبا
يَخبُطنَ جَمرَ الغَضى وَقَد خَفَقَ ال / آلُ وَغَشّى رَيعانُهُ الحَدَبا
مُستِقبِلاتٍ مِن كُلِّ هاجِرَةٍ / قَيظاً وَقَيضاً تَرى لَهُ حَبَبا
عوجٌ تَوالى عَلى الذَميلِ إِذا ال / راكِبُ مِن حَرِّ يَومِهِ اِنتَقَبا
يَسبَحنَ في عَدرَةِ السَماءِ كَما / شَقَّ العَدَولِيُّ زاخِراً صَخِبا
حَتّى إِذا خَيَّمَت بِعاقِبَةٍ / جاراتِ والٍ يُفَرِّجُ الكُرَبا
بَينَ أَبي جَعفَرٍ وَبَينَ أَبي ال / عَبّاسِ مِثلُ الرِئبالِ مُحتَجِبا
لا بَل هُوَ المُخدِرُ الهُمامُ إِذا / أَحسَّ قَلبُ اِمرِئٍ بِهِ وَجَبا
صَبَّحتُهُ في الذَرورِ تُمطِرُ كَف / فاهُ لِزُوّارِ بَيتِهِ ذَهَبا
لَمّا رَآني بَدَت مَكارِمُهُ / نوراً عَلى وَجهِهِ وَما اِكتَأَبا
كَأَنَّما جِئتُهُ أُبَشِّرُهُ / وَلَم أَجِئ راغِباً وَمُحتَلِبا
فَرَّجَ عَنّي المَهدِيُّ مِن كَرَبِ الض / ضيقِ خِناقاً قاسَيتُهُ حُقَبا
أَعطى مِنَ الصُتمِ وَالوَلائِدِ وَال / عُبدانِ حَتّى حَسِبتُهُ لَعِبا
وَبِركَةٍ تَحمِلُ الوَفاءَ تَلا / فاها مِنَ المَوتِ بَعدَ ما كَرَبا
يَحثي لِهَذا وَذا وَذاكَ وَلا / يَحسِبُ مَعروفَهُ كَمَن حَسَبا
إِنَّ الَّذي أَنعَمَت خِلافَتُهُ / بِالناسِ حَتّى تَنازَعوا سَبَبا
شَقيقُ مَن قامَت الصَلاةُ بِهِ / لَم يَأتِ بُخلاً وَلَم يَقُل كَذِبا
شيبَت بِأَخلاقِهِ خَلائِقُهُ / وَحازَ ميراثَهُ إِذا اِنتَسَبا
يَغدو بِيُمنٍ مِنَ النُبُوَّةِ لا / يُخلِفُ عَرّاصُهُ إِذا اِضطَرَبا
وَبَشَّرَت أَرضُنا السَماءَ بِهِ / وَسَرَّ أَهلَ القُبورِ ما عَقَبا
لِلَّهِ أَهلُ القُبورِ لَو نُشِروا / لاقَوا نَعيماً وَاِستَجلَموا أَدَبا
وَيوسُفُ البَرمُ قَد عَبَأتَ لَهُ / حَتّى هَوى في الجَحيمِ مُنقَلَبا
بُعداً وَسُحقاً لِمَن تَوَلّى عَنِ ال / حَقِّ وَعاصى المَهدِيَّ مُرتَعِبا
إِنَّ اِبنَ ساقي الحَجيجِ يَكفيكَ ما / حَلَّ مُقيماً وَأَيَّةً رَكِبا
مَهدِيُّ آلِ الصَلاةِ يَقرَؤُهُ ال / قَسُّ كِتاباً دَثراً جَلا رِيَبا
كَأَنَّ طُلّابَهُ لِحاجَتِهِم / حَجٌّ يَأُمّونَ مَشعَراً شُزُبا
يُزَيِّنُ المِنبَرَ الأَشَمَّ بِعِط / فَيهِ وَأَقوالِهِ إِذا خَطَبا
وَتُشرِقُ الأَرضُ مِن مَحاسِنِهِ / كَأَنَّ نوراً في الشَمسِ مُجتَلَبا
أَغَرُّ مُستَمطَرُ اليَدَينِ إِذا / راحَ عَلَيهِ زُوّارُهُ عُصَبا
وَمُنتَهى غايَةِ الوُفودِ إِذا / ساروا يُرَجّونَ وَصلَهُ رَغَبا
يَقولُ ساريهُمُ وَقَد دَأَبوا / بَعدَ الصَباحِ اِغتِباطُ مَن دَأَبا
إِذا أَتَيتَ المَهدِيَّ سَأَلُهُ / لاقيتَ جوداً بِهِ وَمُحتَسَبا
تَرى عَلَيهِ سيما النَبِيِّ وَإِن / حارَبَ قَوماً أَذكى لَهُم لَهَبا
مُجتَمِعُ القَلبِ في اللِقاءِ إِذا ال / أَمرُ تَوَلّى مِن قَلبِهِ حَرَبا
قَد سَطَعَ الأَمنُ في وِلايَتِهِ / وَقالَ فيهِ مَن يَقرَأُ الكُتُبا
مُحَمَّدٌ مورِثٌ خِلافَتَهُ / موسى وَهارونَ يَتبَعانِ أَبا
يا عَبدَ هَل لِلِّقاءِ مِن سَبَبِ
يا عَبدَ هَل لِلِّقاءِ مِن سَبَبِ / أَو لا فَأَدعو بِالوَيلِ وَالحَرَبِ
يا عَبدَ بِاللَهِ فَرِّجي كُرَبي
يا عَبدَ بِاللَهِ فَرِّجي كُرَبي / فَقَد بَراني وَشَفَّني نَصَبي
وَضِقتُ ذَرعاً بِما كَلِفتُ بِهِ / مِن حُبِّكُم وَالمُحِبُّ في تَعَبِ
فَفَرِّجي كُربَةً شَجيتُ بِها / وَحَرَّ حُزنٍ في الصَدرِ كَاللَهَبِ
وَلا تَظنّي ما أَشتَكي لَعِباً / هَيهاتَ قَد جَلَّ ذا عَنِ اللَعِبِ
هُم قَعَدوا فَاِنتَقوا لَهُم حَسَباً
هُم قَعَدوا فَاِنتَقوا لَهُم حَسَباً / يَدخُلُ بَعدَ العِشاءِ في العَرَبِ
حَتّى إِذا ما الصَباحُ لاحَ لَهُم / بَيَّنَ سَتّوقَهُم مِنَ الذَهَبِ