القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : بشّار بن بُرْد الكل
المجموع : 8
يا مالِكَ الناسِ في مَسيرِهِمُ
يا مالِكَ الناسِ في مَسيرِهِمُ / وَفي المُقامِ المُطيرِ مِن رَهَبِه
لا تَخشَ غَدري وَلا مُخالَفَتي / كُلُّ اِمرِىءٍ راجِعٌ إِلى حَسَبِه
كَشَفتَ عَن مَرتَعٍ دُجُنَّتَهُ / عَوداً وَكُنتَ الطَبيبَ مِن وَصَبِه
وَلَستَ بِالحازِمِ الجَليلِ إِذا اِغ / تَرَّ وَلا بِالمُغتَرِّ في نَسَبِه
وَرُبَّما رابَني النَذيرُ فَعَم / مَيتُ رَجاءَ الأَصَمِّ عَن رِيَبِه
عِندي مِنَ الشُبهَةِ البَيانُ وما / تَطلُبُ إِلّا البَيانَ مِن حَلَبِه
إِن كُنتَ تَنوي بِهِ الهَلاكَ فَما / تَعرِفُ رَأسَ الهَلاكِ مِن ذَنَبِه
وَإِن يُدافِع بِكَ الخُطوبَ فَما / دافَعتَ خَطباً بِمِثلِهِ مَلَبِه
سَيفُكَ لا تَنثَني مَضارِبُهُ / يَهتَزُّ مِن مائِهِ وَفي شُطَبِه
تَرنو إِلَيهِ العَروسُ عائِذَةً / فَلا يَمَلُّ الحَدّابُ مِن عَجَبِه
يَصدُقُ في دينِهِ وَمَوعِدِهِ / نَعَم وَيُعطى النَدى عَلى كَذِبِه
لِلَهِ ما راحَ في جَوانِحِهِ / مِن لُؤلُؤٍ لا يُنامُ عَن طَلَبِه
يَخرُجنَ مِن فيهِ لِلنَديِّ كَما / يَخرُجُ ضَوءُ السِراجِ مِن لَهَبِه
زَورُ مُلوكٍ عَلَيهِ أُبَّهَةٌ / تَعرِفُ مِن شِعرِهِ وَمِن خُطَبِه
يَقومُ بِالقَومِ يَومَ جِئتَهُمُ / وَلا يَخيبُ الرُوّادُ في سَبَبِه
مُؤَبَّدُ البَيتِ وَالقَرارَةِ وَال / تَلعَةِ في عُجمِهِ وَفي عَرَبِه
لَو قامَ بِالحادِثِ العَظيمِ لَما / عَيَّ بِعُمرانِهِ وَلا خَرِبِه
لا يَعبُدُ المالَ حينَ يَجمَعُهُ / وَلا يُصَلّي لِلبَيتِ مِن صُلُبِه
تِلعابَةٌ تَعكِفُ النِساءُ بِهِ / يَأخُذنَ مِن جِدِّهِ وَمِن لَعِبِه
يَزدَحِمُ الناسُ كُلَّ شارِقَةٍ / بِبابِهِ مُشرِعينَ في أَدَبِه
شابَ وَقَد كانَ في شَبيبَتِهِ / شَهماً يَبولُ الرِئبالُ مِن غَضَبِه
حَتّى إِذا دَرَّتِ الدَرورُ لَهُ / وَرَغَّثَتهُ الرُواةُ في نَسَبِه
قَضى الإِمامُ المَهدِيُّ طَعنَتَهُ / عَن رَأسِ أُخرى كانَت عَلى أَرَبِه
فَالحَمدُ لِلّهِ لا أُساعِفُ بِال / لَهوِ وَلا أَنتَهي بِمُكتئِبهِ
يا صاحِ دَعني فَإِنَّني نَصِبُ
يا صاحِ دَعني فَإِنَّني نَصِبُ / حُبّي سُلَيمى وَتَركُها عَجَبُ
جانَبتُ شَيئاً أُحِبُّ رُؤيَتَهُ / لِلَّهِ دَرِّيَ أَهوى وَأَجتَنِبُ
هَجَرتُ بَيتَ الحَبيبِ مِن حَذَرِ ال / عَينِ وَنَفسي إِلَيهِ تَضطَرِبُ
أُراقِبُ النَفسَ في الحَياةِ وَقَد / أَيقَنتُ أَنّي بِتَركِها عَطِبُ
وَاللَّهُ ما لِيَ مِنها إِذا ذُكِرَت / إِلّا اِستِنانُ الدُموعِ وَالطَرَبُ
زادَت عَلى الناسِ في الجَفاءِ وَقَد / تَعلَمُ أَنّي بِحُبِّها نَشِبُ
تَنأى فَتَسلى وَإِن دَنَت بَخِلَت / سِيّانَ بُعدُ البَخيلِ وَالقُرُبُ
يا كاهِنَ المَصرِ هَل تُحَدِّثُني / ما بالُ قَلبي بِذِكرِها نَخِبُ
إِن كانَ سِحراً دَعَوتُ راقِيَّةً / أَو كانَ سُقماً فَحَسبِيَ الوَصَبُ
إِنّي وَمَن لَبَّت الرِفاقُ لَهُ / شُعثاً أَساريبَ خَلفَها سُرَبُ
ما جِئتُ سَلمى طَوعاً لِتَجعَلَني / ذِبحاً وَلَكِن أَطاعَني النُجُبُ
فَرَّغتُ قَلبي لَها لِتَسكُنَهُ / حيناً فَأَمسى فيهِ لَها شُعَبُ
وَقائِلٍ خَلِّها وَقَد عَقَدت / نَفسي إِلى نَفسِها فَلا هَرَبُ
الآنَ إِذ قامَتِ الرُواةُ بِنا / وَإِذ تَغَنَّت بِحُبِّنا العَرَبُ
أَصرِفُ نَفسي عَنها وَقَد غَلَقَت / هَيهاتَ دَوِّيَّةٌ أَشِبُ
يا سَلمَ هَل تَذكُرينَ مَجلِسَنا / أَيّامَ رَأسي كَأَنَّهُ عِنَبُ
إِذ نَحنُ بِالميثِ لا تَرى أَحَداً / يُزري وَإِذ شَأنُنا بِهِ اللَعِبُ
يا سَلمَ جودي بِما رَأَيتِ لَنا / ما عِندَ أُخرى سِواكِ لي أَرَبُ
وَصاحِبٍ ضامَني وَضِمتُ لَهُ / نَفسي لِيَرضى فَراحَ يَلتَهِبُ
وافَقَ ظُلمي حُلواً فَأَعجَبَهُ / وَالظُلمُ حُلوٌ كَأَنَّهُ جَرَبُ
أَعرَضتُ عَنهُ وَالحِلمُ مِن خُلُقي / وَلَيسَ مِنّي التَثريبُ وَالصَخَبُ
يا سَلمَ أَنتِ الهَوى إِذا شَهِدَ ال / ناسُ وَأَنتِ الهَوى إِذا ذَهَبوا
عودي عَلى سَقطَةٍ جَهِلتُ بِها / ما كُلُّ ذَنبٍ فيهِ الفَتى يَثِبُ
ظَلَمتِني وَالهَوى مُقارَضَةٌ / كَيلاً بِكَيلٍ فَكَيفَ نَصطَحِبُ
لا تَأمَني أَن تَجورَ مَظلَمَةٌ / بِرَبِّها وَالزَمانُ يَنقَلِبُ
فَاِرضَي بِأَشباهِ ما عَمِلتِ بِنا / لِكُلِّ نَفسٍ مِن كَفِّها حَلَبُ
عامَت سُلَيمى وَمَسَّها سَغَبُ
عامَت سُلَيمى وَمَسَّها سَغَبُ / بَل مالَها لا تَزالُ تكتَئِبُ
تَذَكَّرَت عيشَةً بِذي سَلَمٍ / عِشنا بِها نَجتَني وَنَحتَلِبُ
وَأَكبَرَت بَدرَةً شَرَيتُ بِها / عِرضي مِنَ الذَمِّ وَالشِرا حَسَبُ
يا سَلمَ عِرضي حِمىً سَأَمنَعُهُ / وَالعِرضُ يُحمى وَيوهَبُ الذَهَبُ
لا تَذكُري ما مَضى وَشَأنَكِ بي ال / يَومَ فَإِنَّ الزَمانَ يَنقَلِبُ
حُلواً وَمُرّاً وَطَعمَ ثالِثَةٍ / في كُلِّ وَجهٍ مِن صَرفِهِ عَجَبُ
ديني لِدَهرٍ أَصَمَّ مُندَلِثٍ / يُهرَبُ مِن رَيبِهِ وَلا هَرَبُ
أَودى بِأَهلِ الغَديرِ فَاِنقَرَضوا / لَم يَبقَ مِنهُم رَأسٌ وَلا ذَنَبُ
وَاِرضَي بِما راعَكِ الزَمانُ بِهِ / ما كُلُّ يَومٍ يَصفو لَكِ الحَلَبُ
جَرَّبتِ ما جَرَّبَ الحَليمُ فَهَل / لاقَيتِ عَيشاً لَم يَعرُهُ نَصَبُ
لا يَنفَعُ المَرءَ مالُ والِدِهِ / غَدا عَيِيّاً وَيَنفَعُ الأَدَبُ
وَغادَةٍ كَالحُبابِ مُشرِقَةٍ / رَودٍ عَلَيها السُموطُ وَالقُضُبُ
كَأَنَّ ياقوتَها وَعُصفُرَها / في الشَمسِ إِذ لَهَّبَتهُما لَهَبُ
قالَت تَرَكتَ الصِبا فَقُلتُ لَها / لا بَل تَجالَلتُ وَالصِبا لَعِبُ
وَقَد نَهاني الإِمامُ فَاِنصَرَفَت / نَفسي لَهُ وَالإِمامُ يُرتَقَبُ
آلَيتُ يَأبى الصِبا وَأَتبَعَهُ / هَيهاتَ بَيني وَبَينَهُ نَجَبُ
فَاِستَبدِلي أَو قِري شَرَعتُ إِلى ال / حَقِّ وَبِئسَ المَطِيَّةُ النُغَبُ
يا سَلمَ إِنّي اِمرُؤٌ يُوَقِّرُني / حِلمي إِذا القَومُ في الخَنا وَثَبوا
وَقَد أَتاني وَعيدُ شِرذِمَةٍ / فيهِم طِماحٌ وَما بِهِم صَلَبُ
مَهلاً بِغَيري اِعرُكوا شَذاتَكُمُ / لِلحَربِ مِمَّن يَحُشُّها حَطَبُ
قَد أَذعَرُ الجِنَّ في مَسارِحِها / قَلبي مُضيءٌ وَمِقوَلي ذَرِبُ
خَصَيتُ عَدوانَ بَعدَ شَيلَتِهِ / وَاللَيثُ يُخصى وَيُخدَعُ الشَبَبُ
لا غَروَ إِلّا فَتى العَشيرَةِ عا / فَتهُ المَنايا وَدونَهُ أَشَبُ
باتَ يُغَنّي وَالمَوتُ يَطلُبُهُ / وَالمَرءُ يَلهو وَحَينُهُ كَثَبُ
فَالآنَ أَسمَحتُ لِلخُطوبِ فَلا / تَلقى فُؤادي مِن حادِثٍ يَجِبُ
قَلَّبَني الدَهرُ في قَوالِبِهِ / وَكُلُّ شَيءٍ لِكَونِهِ سَبَبُ
لا فَجعَ إِلّا كَما فُجِعتُ بِهِ
لا فَجعَ إِلّا كَما فُجِعتُ بِهِ / مِن فارِسٍ كانَ دونَنا حَدِبا
يا صَفَحهُ عَن جَوابِ جاهِلِنا / حِلماً وَيا عِزَّهُ إِذا غَلَبا
وَيا قِراهُ العَدُوَّ مُرهَفَةً / بيضاً وَيا لينَهُ إِذا صَحِبا
وَيا جَداهُ لِمَن أَلَمَّ بِهِ / يَوماً وَيا وَصلَهُ لِمَن قَرُبا
لَو نالَ خُلداً مِن قَبلِهِ أَحَدٌ / مَدَّت إِلى الخُلدِ كَفُّهُ سَبَبا
يا صاحِبَيَّ العَشِيَّةَ اِحتَسِبا
يا صاحِبَيَّ العَشِيَّةَ اِحتَسِبا / جَدَّ الهَوى بِالفَتى وَما لَعِبا
وَاللَهِ وَاللَهِ ما أَنامُ وَلا / أَملِكُ عَيني دُموعَها طَرِبا
أَبقى لَنا الدَهرُ مِن تَذَكُّرِ مَن / قَد كانَ جاراً فَبانَ وَاِغتَرَبا
لِلَّهِ دَمعي أَلّا أُكَلِّمَهُ / يَومَ غَدا في السُلافِ مُنشَعِبا
ما كانَ ذَنبي أَنّي شَقيتُ بِهِ / وَشُؤمَ عَينٍ كانَت لَنا سَبَبا
أَفرَغتُ دَمعي عَلى الحَبيبِ فَأَع / جَبتُ رِجالاً وَلَم أَكُن عَجَبا
قَبلي تَصابى الفَتى وَمالَ بِهِ / حُبُّ المَعاصيرِ عَفَّ أَو طَلَبا
ما كانَ حُبّي سَلمى وَرُؤيَتُها / إِلّا قَذىً في مَدامِعي نَشِبا
أُريدُ نِسيانَها فَيُذكِرُني / ما باتَ في الجارَتَينِ مُكتَسَبا
لِلَّهِ سَلمى إِذ لا تُطيعُ بِنا ال / واشي وَإِذ لا نُطيعُ مَن عَتَبا
تَدنو مَعَ الذِكرِ كُلَّما نَزَحَت / حَتّى أَرى شَخصَها وَما اِقتَرَبا
وَيَومَ أَشكو إِلى أُسامَةَ مَك / نونَ الهَوى فَاِستَطارَ وَاِلتَهَبا
قالَت سُلَيمى أَعِندَنا شُغُلٌ / عَنكَ وَلَكِن لا تُحسِنُ الحَلَبا
أَكرِم خَليطاً تَنَل كَرامَتَهُ / لَستَ بِجانٍ مِن شَوكِهِ عِنَبا
زَينَ الجَواري خُلِقتِ مِن عَجَبٍ / وَالحِرصُ عَجلانُ يَفضَحُ الأَدَبا
وَبِالنَقى وَالعُيونُ حاضِرَةٌ / عَيَّنَّنا كُلَّ شارِقٍ عَقِبا
دَسَّت إِلَيَّ البَنّانَ تُخبِرُني / عَنها فَمَنّى وَرُبَّما كَذَبا
كانَت عَلى ذاكَ ثُمَّتَ اِنقَلَبَت / كَما دَعَوتُ الزَماعَ فَاِنقَلَبا
كَم مِن نَعيمٍ نِلنا لَذاذَتَهُ / وَمَجلِسٍ عادَ ذِكرُهُ نَصَبا
لَم يَبقَ إِلّا الخَيالُ يُذكِرُني / ما كانَ مِنها وَكانَ مُطّلَبا
دَع عَنكَ سَلمى شَجىً لِطالِبَها / لا يَسبِقُ الرَأيُ دونَ ما كُتِبا
سَأَترُكُ الغُرَّ لِلعُيونِ وَلا / أَترُكُ شُربَ الصَهباءِ وَالغَرَبا
وَمَلِكٌ تَسجُدُ المُلوكُ لَهُ / موفٍ عَلى الناسِ يَرزِقُ العَرَبا
راعٍ لِأَحسابِنا وَذِمَّتِنا / يُمسي دُواراً وَيَغتَدي نُصُبا
لا يَفتُرُ البُختُ وَالبِغالُ مَوا / قيراً خَراجاً يُجبى لَهُ دَأَبا
وَرُبَّما شَبَّتِ العُيونُ لَهُ / بَرقاً فَكانَت رُؤُسَ مَن شَغَبا
فَتى قُرَيشٍ ديناً وَمَكرُمَةً / وَهَبتُ وُدّي لَهُ بِما وَهَبا
لا يَأثَرُ الغِلَّ لِلخَليلِ وَلا / تَغلِبُهُ طَيرُهُ إِذا غَضِبا
يُعطيكَ ما هَبَّتِ الرِياحُ وَلا / يُطمَعُ في دينِهِ وَإِن قَرُبا
شَهمٌ وَقورٌ يَزينُ غُرَّتَهُ / حِلمٌ وَزانَ الوَقارُ ما اِجتَنَبا
يَكفيكَ مِن قَسوَرٍ أَجَشَّ وَكَال / ماءِ زُلالاً يَجري لِمَن شَرِبا
بِجِلدَةٍ طابَت الثِيابُ وَبِال / مَسِّ يُطيبُ العِيانَ وَالحَسَبا
تُشَمُّ نَعلاهُ في النَديِّ كَما / شَمَّ النَدامى الرَيحانَ مُعتَقَبا
ساوَرتُ مِن دونِهِ العَقَنقَلَ وَال / جَوفَ أُزجّي المَهرِيَّةَ النُجُبا
مِنَ المُعَدّاتِ في اللُجَينِ وَفي ال / عَيصِ لِهَمٍّ أَلَحَّ أَو غَلَبا
إِذا ذَكَرتُ اِمرَأً يَبيتُ عَلى ال / حَمدِ رَكِبنا العادِيَّةَ الرُكَبا
يَخبُطنَ جَمرَ الغَضى وَقَد خَفَقَ ال / آلُ وَغَشّى رَيعانُهُ الحَدَبا
مُستِقبِلاتٍ مِن كُلِّ هاجِرَةٍ / قَيظاً وَقَيضاً تَرى لَهُ حَبَبا
عوجٌ تَوالى عَلى الذَميلِ إِذا ال / راكِبُ مِن حَرِّ يَومِهِ اِنتَقَبا
يَسبَحنَ في عَدرَةِ السَماءِ كَما / شَقَّ العَدَولِيُّ زاخِراً صَخِبا
حَتّى إِذا خَيَّمَت بِعاقِبَةٍ / جاراتِ والٍ يُفَرِّجُ الكُرَبا
بَينَ أَبي جَعفَرٍ وَبَينَ أَبي ال / عَبّاسِ مِثلُ الرِئبالِ مُحتَجِبا
لا بَل هُوَ المُخدِرُ الهُمامُ إِذا / أَحسَّ قَلبُ اِمرِئٍ بِهِ وَجَبا
صَبَّحتُهُ في الذَرورِ تُمطِرُ كَف / فاهُ لِزُوّارِ بَيتِهِ ذَهَبا
لَمّا رَآني بَدَت مَكارِمُهُ / نوراً عَلى وَجهِهِ وَما اِكتَأَبا
كَأَنَّما جِئتُهُ أُبَشِّرُهُ / وَلَم أَجِئ راغِباً وَمُحتَلِبا
فَرَّجَ عَنّي المَهدِيُّ مِن كَرَبِ الض / ضيقِ خِناقاً قاسَيتُهُ حُقَبا
أَعطى مِنَ الصُتمِ وَالوَلائِدِ وَال / عُبدانِ حَتّى حَسِبتُهُ لَعِبا
وَبِركَةٍ تَحمِلُ الوَفاءَ تَلا / فاها مِنَ المَوتِ بَعدَ ما كَرَبا
يَحثي لِهَذا وَذا وَذاكَ وَلا / يَحسِبُ مَعروفَهُ كَمَن حَسَبا
إِنَّ الَّذي أَنعَمَت خِلافَتُهُ / بِالناسِ حَتّى تَنازَعوا سَبَبا
شَقيقُ مَن قامَت الصَلاةُ بِهِ / لَم يَأتِ بُخلاً وَلَم يَقُل كَذِبا
شيبَت بِأَخلاقِهِ خَلائِقُهُ / وَحازَ ميراثَهُ إِذا اِنتَسَبا
يَغدو بِيُمنٍ مِنَ النُبُوَّةِ لا / يُخلِفُ عَرّاصُهُ إِذا اِضطَرَبا
وَبَشَّرَت أَرضُنا السَماءَ بِهِ / وَسَرَّ أَهلَ القُبورِ ما عَقَبا
لِلَّهِ أَهلُ القُبورِ لَو نُشِروا / لاقَوا نَعيماً وَاِستَجلَموا أَدَبا
وَيوسُفُ البَرمُ قَد عَبَأتَ لَهُ / حَتّى هَوى في الجَحيمِ مُنقَلَبا
بُعداً وَسُحقاً لِمَن تَوَلّى عَنِ ال / حَقِّ وَعاصى المَهدِيَّ مُرتَعِبا
إِنَّ اِبنَ ساقي الحَجيجِ يَكفيكَ ما / حَلَّ مُقيماً وَأَيَّةً رَكِبا
مَهدِيُّ آلِ الصَلاةِ يَقرَؤُهُ ال / قَسُّ كِتاباً دَثراً جَلا رِيَبا
كَأَنَّ طُلّابَهُ لِحاجَتِهِم / حَجٌّ يَأُمّونَ مَشعَراً شُزُبا
يُزَيِّنُ المِنبَرَ الأَشَمَّ بِعِط / فَيهِ وَأَقوالِهِ إِذا خَطَبا
وَتُشرِقُ الأَرضُ مِن مَحاسِنِهِ / كَأَنَّ نوراً في الشَمسِ مُجتَلَبا
أَغَرُّ مُستَمطَرُ اليَدَينِ إِذا / راحَ عَلَيهِ زُوّارُهُ عُصَبا
وَمُنتَهى غايَةِ الوُفودِ إِذا / ساروا يُرَجّونَ وَصلَهُ رَغَبا
يَقولُ ساريهُمُ وَقَد دَأَبوا / بَعدَ الصَباحِ اِغتِباطُ مَن دَأَبا
إِذا أَتَيتَ المَهدِيَّ سَأَلُهُ / لاقيتَ جوداً بِهِ وَمُحتَسَبا
تَرى عَلَيهِ سيما النَبِيِّ وَإِن / حارَبَ قَوماً أَذكى لَهُم لَهَبا
مُجتَمِعُ القَلبِ في اللِقاءِ إِذا ال / أَمرُ تَوَلّى مِن قَلبِهِ حَرَبا
قَد سَطَعَ الأَمنُ في وِلايَتِهِ / وَقالَ فيهِ مَن يَقرَأُ الكُتُبا
مُحَمَّدٌ مورِثٌ خِلافَتَهُ / موسى وَهارونَ يَتبَعانِ أَبا
يا عَبدَ هَل لِلِّقاءِ مِن سَبَبِ
يا عَبدَ هَل لِلِّقاءِ مِن سَبَبِ / أَو لا فَأَدعو بِالوَيلِ وَالحَرَبِ
يا عَبدَ بِاللَهِ فَرِّجي كُرَبي
يا عَبدَ بِاللَهِ فَرِّجي كُرَبي / فَقَد بَراني وَشَفَّني نَصَبي
وَضِقتُ ذَرعاً بِما كَلِفتُ بِهِ / مِن حُبِّكُم وَالمُحِبُّ في تَعَبِ
فَفَرِّجي كُربَةً شَجيتُ بِها / وَحَرَّ حُزنٍ في الصَدرِ كَاللَهَبِ
وَلا تَظنّي ما أَشتَكي لَعِباً / هَيهاتَ قَد جَلَّ ذا عَنِ اللَعِبِ
هُم قَعَدوا فَاِنتَقوا لَهُم حَسَباً
هُم قَعَدوا فَاِنتَقوا لَهُم حَسَباً / يَدخُلُ بَعدَ العِشاءِ في العَرَبِ
حَتّى إِذا ما الصَباحُ لاحَ لَهُم / بَيَّنَ سَتّوقَهُم مِنَ الذَهَبِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025