أظلم شرقُ الدنيا ومغربها
أظلم شرقُ الدنيا ومغربها / لمَّا توارى في التربِ كوكبُها
وكادت السبعة الطباق معاً / تطوى وكادَ الفناء يعقبُها
والأرض في أهلها قد اضطربت / وأوشك الاضطرابُ يقلبُها
والناسُ في حَيرةٍ بأجمعها / لم تدر في الأرض أين مذهبُها
أوهت صفاة الإِسلام حادثةٌ / حقَّ لكلِّ الأنام تندبُها
قد قصمت عروة التقى وعلى / أُفق سما الدين مُدَّ غيهبُها
فغودرت جاهليَّةٌ ومن ال / رشاد لا مرشدٌ يقرّبُها
قد عادَ أهلُ الإلحاد ينتهز الفر / صة منهم من كانَ يرقبُها
وراحَ راعي الضلال ممترياً / ضرعَ لبون الفساد يحلبُها
اليوم قضبُ الحمام طبّق في / مفاصل المكرمات مقضبُها
جذَّ بها كفُّها وجبَّ به / سنامُها بل وفلَّ مضربُها
اليوم أودى محمدٌ حسنُ ال / أفعال أزكى الأنام أطيبُها
إن ناح حزناً عليه مشرقها / جاد به بالنياح مغربُها
أرفعُ كلّ الورى مقامَ عُلًى / معظمٌ للثناء أكسبها
أسمحُها راحة وأحسنها / خَلقاً وخُلقاً للمدح أجلبُها
أبلغُها في المقال أعلمها / أطيبُ منها فرعاً وأنجبُها
أربطُ منها جأشاً وأوقرُها / حوّلها في الخطوب قلبها
قد ضلَّ إلاَّ إليه وافدُها / وضاقَ إلاَّ عليه مطلبُها
إن شمل العالم العقوقُ معاً / أو كادَ جهل الأنام يغلبُها
فذاك في حلمه يدبِّرُه / وذي بأخلاقه يؤدِّبُها
لنفسه ما يزال في طلب الرا / حة يومَ المعاد يتعبُها
في طاعة الله كانَ يجهدُها / وفي رضاء الإِله يغضبُها
من مرديات الهوى ينزهُها / وعن دنايا الأمور يحجبُها
مرتبةٌ زاحمَ النجومَ على ال / أُفق لفرط العلو منكبُها
فهمٌ على المشكلات يطلعُه / ليس عليه يخفى مغيّبُها
لو قارعته الخطوبُ مجهدةً / لهانَ منها عليه أصعبُها
وإن عرا الخلقَ حادثٌ جللٌ / فالناس طرًّا إليه مهربُها
فيا لها من رزيَّة عظمت / أهونها قاتلٌ وأصعبُها
صبراً جميلاً على غروب ذكاً / كانَ بخيرِ الجنان مغربُها
وإنَّ قبراً قد حلَّه حسنٌ / أزكى أراضي الدنيا وأطيبُها
لقبره استقى سحاب حياً / والسحب من راحتيه صيّبُها