المجموع : 119
لا شيءَ إلّا وفيه أحسنُهُ
لا شيءَ إلّا وفيه أحسنُهُ / فالعينُ منه إليه تنتقلُ
فوائدُ العينِ منه طارفةٌ / كأنما أُخرياتُها الأُولُ
يا حسنَ الوجه والشمائلِ وال
يا حسنَ الوجه والشمائلِ وال / أخلاقِ والرأي والأفاعيلِ
ما بالُ غيري يحظى لديك ولا / أحظى بشيءٍ سوى التعاليلِ
ولو تخلّيت من علائقِ تأ / ميلكَ قفَّيتَ بالأباطيلِ
لكنني فيك غيرُ ما عُطُلٍ / من حسنِ ظنٍ وبُعدِ تأميلِ
وما أُحابيكَ في المديح ولا / شِيدتْ معاليكَ بالأقاويلِ
صِلني برزقي وفائتي صِلةً / ألذَّ من نَشْطةِ السراويلِ
بلا دفاعٍ ولا مماطلةٍ / مُعجلاً ذاك كلّ تعجيلِ
ولا تكنْ مثلَ معشرٍ جعلوا / أعراضَهم فديةَ المناذيلِ
بحقّ ذاك الذي يقومُ مقا / مَ التاجِ للمَلكِ والأكاليلِ
لا بلْ مقامَ السلاحِ ذلقه ال / صيقلُ للفتيةِ البهاليلِ
لا بل مقامَ الدفاعِ والظفرِ ال / حاضرِ في ساعةِ البلابيلِ
يُمناً ورأياً مجنَّباً أبداً / كلّ ضلالٍ وكلَّ تضليلِ
سيّدِنا بدرِنا مؤَمَّلِنا / واحدِنا في الفَعال والقيلِ
أبي الحسينِ الذي به رجعتْ / محاسنُ الملكِ بعد تبديلِ
ملَّأَهُ اللَّهُ ما حباهُ به / لا بزوالٍ ولا بتحويلِ
ممتعاً بالصفاءِ منك وبال / إخلاصِ يجزيك غيرَ تأجيلِ
موفقاً فيك للصنائع يُس / ديهنَّ ما فاض ساحلُ النيلِ
ألبسكَ اللَّه يا أبا عُمرٍ / ثوبَ بهاء وتاجَ تبجيلِ
يا من إذا ما اجتباه منتقدٌ / دلَّ على حكمةٍ وتحصيلِ
خذ صِلةً من أخيك كافيةً / يلقاكَ ما بعدَها بتفصيلِ
راجحة الوزنِ وهْي شائلةٌ / عن قَدْرِك الراجح المثاقيلِ
من قول حُرّ مُخوّل لك بال / إحسان تُوليهِ كلَّ تخويلِ
قال ببعضِ الذي منحتَ ولم / يمدحْكَ بالزور والتهاويلِ
ولا تَزَلْ من لبوس عافيةٍ / وسِترِ نعماءَ في سرابيلِ
إني إذا ما الصديقُ أكرمني
إني إذا ما الصديقُ أكرمني / ثم غدا يستردّ إكْرامي
جعلْتُ من لذتي مراغمتي / إياه حتى يملَّ إرغامي
ليس بجَوْرٍ عليه أقْصده / بل منعُه زورتي وإلمامي
ورفْعُ نفسي عن استماحته / ببذلِ وجهي له وإعظامي
عينيّ جودا على حبيبِكما
عينيّ جودا على حبيبِكما / بالسَّجل فالسجلِ من صَبيبكما
لا تجمُدا لاتَ حينَ معذرةٍ / ما لم تذوبا لمُستذيبِكما
فاستغزِرا درَّة السؤالِ على / بدرٍ كما بَلَّ قضيبكما
هذا فؤادي والرُّزء رزؤكما / تبكي له عين مستثيبِكما
فاستنكفا أن يكون غيرُكما / أبكى لما فات من نصيبِكما
لم يُبكني رسمُ منزلٍ طسما
لم يُبكني رسمُ منزلٍ طسما / بل صاحبٌ حال عهدُهُ حُلما
خلٌّ جفاني لنعمةٍ حدثت / له فجازته بالذي حكما
لم أجنِ ذنباً إليه أعلمُهُ / ولا جناه إلى الذي خدما
لكن تجنّتْ عليه نعمتهُ / كما تجنَّى عليَّ إذ صرما
ناكرني ظالماً فناكره / صاحبُه فاستقادَ وانتقما
لا يخلُ من نعمة وموعظة / تنهى الفتى أن ينفّر النعما
دعوة ذي خلةٍ ومَعْتبةٍ / يهوَى اللُّها للصديق لا النقما
لم يدعُ إذ فار صدرُه غضباً / إلا بما الحظُّ فيه إن قُسِما
دعا بنُعمى وخاف فِتْنتَها / على أخٍ فابتغَى له العِصما
وأحسنُ الظن عند ذاك به / فلم يخَفْ أن يَظُنَّ أو يَهِما
ولا أراه يرى العتابَ من ال / شتم وأنى يظُنُّ من علما
ولن يرى المنصفُ المميّزُ مَنْ / عاتب في نبوة كمن شتما
فليغْنَ في غِبطةٍ تدومُ له / ووعْظِ بَلْوى تزورُه لَمما
حتى يراه الإلهُ مُعترفاً / بالحقّ يرعى الحقوق والحُرَما
ولا يراه الذي إذا سبغتْ / عليه نعماهُ نابِذَ الكرما
إيهاً أبا القاسمِ الذي ركب ال / غشم جِهاراً ونفسَه غشما
قل ليَ لِمْ لَمْ تَتِهْ بمعرفة ال / حقّ وإحكامِ نفسِك الحِكَما
وتِهتَ أن نِلْتَ رُتبةً وَسطاً / لا شططاً في العُلو بل أَمما
هل فُزْتَ في الدولة المباركة ال / غرّاءِ إلا بحظِ من سلما
لا أصْلَ ديوانها وَلِيتَ ولا / كُنْتَ كمن زَمَّ أو كمنْ خطما
ولم تُفِدْ بالعلاء فائدةً / إلا علاءً بَغيْتَ فانهدما
صحِبْتَه فاعتليْتَ ثم أتى / بغيُك والبغيُ ربما شأما
ولو تلقيتَ بالتواضعِ ما / أُوتيت منه لتمَّ والتأما
حملتَ طغيانك العظيَم على / أمرِك فانهدَّ بعدما اندعما
أصبحتَ أن نِلْتَ فضلَ منزلةٍ / أُنسيتَ تلك المعاهدَ القُدَما
مُطَّرِحَ الأصدقاء مرتفعَ ال / همَّة عنهم تراهُمُ قُزُما
وإنَّني حالفٌ فمجتهدٌ / مُنكِّبٌ عن سبيل من أثِما
ما رفعَ اللَّه همةً طمحتْ / تلقاءَ غدرٍ أليَّةً قسما
كلا ولا حطَّ هِمّةً جنحتْ / نحو وفاء كزعمِ من زعما
أمحضُك النصحَ غيرَ محتشمٍ / هل ماحِضٌ نصحَه من احتشما
ذمَّ الأخلاءُ صاحباً حفظ ال / مالَ وأضحى يُضيّع الذمما
من لَبِسَ الكِبرَ عند ثروتِه / على أخيه فنفسَه هضما
نبَّه مِن قدرِه على صغر / خَيَّله حادثُ الغنى عِظما
كدأْبِ من لم يرثْ أوائِلُه / سابقةً في العلا ولا قَدما
ضئيلُ شأنٍ أصابَ عارِفةً / ففخَّمتْ كِبرهُ وما فخما
نَمَّ على نقصِه ويا أسفي / عليه يا ليت أنه كتما
ما هكذا يفعل الأريبُ من ال / ناس إذا كان ناقصاً فنما
فكيفَ مَنْ لم يزلْ وليسَ به / نقصٌ ولا كان سافلاً فسما
سَقْياً لأيامك التي جمعتْ / إنصافَك الأصدقاءَ والعدما
ولا سقَى اللَّه برهةً ضمنتْ / ضدَّيهما وابلاً ولا دِيما
لا خيرَ في ثروةٍ تحضُّ على ال / غدرِ صُراحاً وتمرِضُ الشيما
ناشدْتُك اللَّه والمودّة في ال / لَهِ فإني أعُدُّها رَحِما
في أن تكون الذي يتيه / من نعمةٍ كمن لؤما
مثلَ التي ظوهرت ملابسها / وما حلا خَلقُها ولا ضخُما
فاستشعرتْ نخوةً وأعجَبها / مرأىً رأته بما اكتستْ غمما
ولم تزلْ قبلَ ذاك ساخطةً / خلقا شهيداً بصدقِ من ذأما
لاعنةً وجهها وجاعلةً / صفحتَهُ عُرضةً لمن لطما
هاتيك تُزهَى بما اكتستهُ ولا / تُزْهى التي بَذَّ خلقُها الصنما
ممكورةٌ كالكثيب يفرعهُ / غصنٌ وبدرٌ ينوّر الظُّلما
خُذها شروداً بعثتُها مثلاً / تسير لا بل نَصبتُها عَلما
فيها عِتابٌ يردُّ عاديةَ ال / جائر حتى يُراجع اللَّقما
وكنتُ لا أهملُ الصديق ولا / أعتبُ حتى أُعدَّ مجترما
لكنني قائلٌ له سَدداً / مُنَخِّلٌ في عتابه الكَلما
أعالجُ الصاحبَ السقيم ولا / أخرقُ حتى أزيدَهُ سقما
أثقّفُ العودَ كي يقومَ ولا / أعنفُ في غَمزه لينحطما
ولست آسَىَ على الخليطِ إذا اع / تدَّ زِيالي كبعضِ ما غنما
لا أجتني من فِراقِه أسفاً / أو يَجْتنِي من جفائه نَدما
أَروعُهُ عن هَناتهِ وأُخلْ / ليه إذا ما تقحَّم القُحَما
فلا تَخلْ أنني أخفُّ ولا / أهلعُ صَدَّ الخليل أو رَئما
إن أنت أقبلتَ لم أطِر فرحاً / وإن تولَّيت لم أَمُت سدما
إني لوصَّال مَنْ يُواصلني / جَذّام حبلِ القرين إن جذما
ولستُ أتلو مُولِّياً أبداً / ولا أنادي من ادّعى صمما
قوَّمتَني غير قيمتي غلطاً / شَاور ذوي الرأي تعرف القيما
أمتَّ وُديك عَبطةً فمَهٍ / دَعْهُ على رسله يمت هرما
هلَّا كمثلِ الحسينِ كنتَ أبي / عبدِ الإلهِ المكشّف الغُمَما
الباقطائيِّ ذي البراعة وال / سؤددِ والمحتدِ الذي كرما
أخٌ دعاني لكي أشاركَهُ / فيما حَوتْه يداهُ محتكما
دعا فلبّيتُهُ وجئتُ فأل / فيتُ ضليعاً بالمجد لا بَرما
لو ساهم الأكرمين كلَّهمُ / في المجد والخير وحده سَهُما
مُقَبلُ الكفّ غيرُ جامدِها / يَلثُمُ فيها السماحَ مَنْ لثما
لا فُقدتْ كفّهُ ولا برحت / ركناً لعافي النوال مستَلما
يَلقَى الغنى لا الكفافَ سائلُهُ / والنِعمَ السابغات لا النقما
يعيدُ ما أبدأتْ يَداهُ من ال / عرف جوادٌ لا يعرف السأما
يُتبِعُ وسمِيّه الولِيَّ وقد / أغنى جديب البقاع إن وسما
ألغتْ مواعيدَه فواضلُهُ / فلم يَقُل قطُّ لا ولا نعما
يفعل ما يفعل الكريمُ ولو / رقرَقتَهُ من حيائه انسجما
محتقراً ما أتى وقد غمر ال / آمال طُولاً وجاوز الهمما
فتى أخافتنيَ الخطوبُ فَعَوْ / وَلتُ عليه فكان لي حَرما
موَّلني جُودُهُ فآمنني / حِفاظُه أن أعيش مهتضما
ممنْ إذا ما شهدت أَنَّ له ال / فضلَ نفَى عن شهادتي التُّهما
لو سكتَ المادحونَ لاجتلبَ ال / مدحُ له نفسه ولانتظما
لم أشكُ من غيره عتومَ قِرىً / حتى قراني الغنى وما عتما
وهل تُسرُّ الرياضُ عارفةَ الْ / غيثِ إذا ما أريجُها فغما
أسرَارُه عندنا ودائعُ معْ / روفٍ تَوارَى فتطلعُ الأَكَما
كم قد كتمنا سَدىً له كنثا ال / مسكِ لدى فتقهِ فما اكتتما
يسألُنا دفْنَ عُرفهِ ثِقَةً / بنشره نفْسَهُ وما ظلما
يغدُو على الجُودِ غادياً غَدِقاً / وربَّما راحَ رابحاً هَزِما
لَوْ حزَّ مِنْ نفسه لسائله / أَنْفَسَ أعضائه لما أَلِما
يفديه مَن لا يفي بفديته / يوماً إذا نابُ أزمةٍ أزما
من كل كَزّ أبى السماح فما / يمنحُ إلا أديمَهُ الحلَمَا
لا يبذُلُ الرفدَ مُعْفِياً وإذا / كُلِّمَ فيه حَسبتَهُ كُلِما
يا منْ يجاريه في مذاهبه / أمازحٌ أمْ تُراك مُعْتزما
حاولتَ ما ليس في قواك مِنَ الْ / أمر فلا تجْشَمنَّ ما جَشما
مَسْمعُ معروفه ومنظرُهُ / يكفيك فاقنع ولا تَمُتْ نَهَما
حسبُك من أن يكون مَعْبَداً ال / مُحْسِنَ ترجيعُهُ لك النغما
ويا مُسرّاً له المكايد أم / سيت فلا تكذبنَّ مُجْتَرما
قد حَتَمَ اللَّهُ أَنْ يبورَ أعا / ديهِ فأَنّى تردُّ ما حَتما
في كفك السيفُ إن ضربتَ به / نَفْسَك أو مَنْ تريدُها خَذَما
فأغمدِ السيفَ عنك وانْتَضهِ / لمن يعاديك يلحقوا إرما
إنَّ أخاك الذي تُزاولُه / ما زال مذ قال أهلُه حَلُما
سراجَ نورٍ شهابَ نائرة / يَهْدِي ولا يُصْطَلى إذا اضطرما
يَنْعَشُ بالرأي والسَّماحِ إذا ارْ / تاحَ ويُغْرَى فيصرع البُهَما
سرْ في سناه إذا أضاء وإي / يَاكَ وأُلْهُوبَهُ إذا احْتَدَما
شاورْهُ في الرأي واستمحهُ وإيْ / يَاكَ وفلقاً منْ كيده رَقَما
سَيّدُ أكفائه وإن عَتَبَ الْ / حاسدُ منْ ذاكُمُ وإنْ أَضما
تلقاه إنْ حاسَنوهُ أَحسنَهُمْ / وَجْهاً وأذكاهمُ هناك دما
تلقاه إنْ ظارفوه أظرفَ من / رَوْحِ نسيم الصَّبا إذا نَسَمَا
تلقاه إنْ جاودوه أجودَهُمْ / بكل مَنْفوسَة يداً وفما
تلقاه إن شاجعوه أشجعَ مِنْ / قسْوَرَةِ الغيلِ هيجَ فاعتزما
تلقاه إن خاطبوه أصدقَهُمْ / قيلاً وأرخاهُمُ به كَظَما
تلقاه إنْ كاتبوه آنَقَهُمْ / وَشْياً وأجراهُمُ بهِ قَلَما
يجلو العمَى خطه إذا كَحَلَ ال / عينَ ويشفى بيانُه القَزَما
وهو الذي اختاره العلاءُ أبو / عيسى حكيمُ الإقليم مذ فُطما
يُمْنَى يَدَيْ ذي الوزارتين وعيْ / نَاه ومُفْتَرُّه إذا ابتسما
قائدُ أهل السماح كُلِّهُمُ / يعطونه في يَمينه الرُّمَما
فتى إذا قال أو إذا فعل ال / أفْعالَ ألقى الورَى له السَّلَما
أحسنُ ما في سواهُ من حَسَن / أنْ يَحْكِي الصورةَ التي رَسَما
يرسمُ للعُرْجِ ما يقوّمُهُمْ / تقويمَ كَفّ المقوّم الزُّلَمَا
يقظانُ إنْ نام أو تنبه كال / نار إذا ما حَششتها الضرَّمَا
لا يعْزُبُ الرأيُ عن بديهته / يوما إذا ورْدُ حادثٍ دَهَما
وربما جال فكْرُهُ فرأى الْ / غيبَ وإن كان مُلْبَساً قتَمَا
أحْوَسُ لا يسبق الرَّويَّةَ بال / عزْم ولا يَنْثَني إذا عَزَما
إذا ارتأى خلتَهُ هناك يرى / وهْو كمن يَرْتَئى إذا رَجَمَا
فُضِّلَ حتى كان خالقَه / خَيَّرَه دون خَلْقه القسَما
كم غمرةٍ لو سواه غامسَها / كانت ضَحَاضيحُها له حُوَما
أما وتوفيقُ رأيه لقد اعْ / تَامَ ومَا كان يجهل العَيما
أيمنُ ذي طائر وأَجْدرُه / أن تلزَم الصالحاتُ مَنْ لزما
الراجح الناصحُ الظّهارة وال / غَيْبِ إذا الصّنْوُ كان مُتَّهَمَا
واهاً لها جملةً كفتْكَ من ال / تفْسير إن كنتَ عاقلاً فَهما
خرْقٌ رأى الدهْرَ وهْو يثْلُم في / حَالي فما زال يرتقُ الثُّلَما
ثم تلاهُ أبو محمدٍ ال / محمود في فعله فما سَئما
الحسنُ المحْسِنُ المحسَّنُ أخ / لاقاً وخَلْقاً برغم مَنْ رَغما
فتى إذا عاقَ جودَهُ عَوَزٌ / فكَّر فيما عناك أوْ وَخما
للَّه درُّ امرئٍ تيمَّمَ جدْ / واه على أي معدنٍ هجما
يُسْترفَدُ المالَ والمشورةَ وال / جاهَ إذا الخطب شيَّبَ اللِّمَما
بحرٌ من الجدِّ والفكاهة وال / نائل تلقاهُ ذاخراً فَعِمَا
مَشْهَدُهُ روضَةٌ مُنَوَّرَةٌ / أُرْضعَت الليلَ كلَّه الرّهَمَا
تعاوراني بكلّ صالحةٍ / لا عَدمَا صالحاً ولا عُدِما
لذاك أضحتْ محامدي نَفَلاً / بينهما بالسَّواء مُقْتَسَما
وما أبو أحمدٍ بدونهما / لراهبٍ أو لراغب حُرما
عبدُ الجليل الجليلُ إن طرقَ ال / طارق مُسْتَرْفداً ومُعْتَصما
إخوةُ صدْقٍ ثلاثةٌ جُعِلوا / لكل مَجدٍ مُشَيَّدٍ دِعَما
فأنت تَعْتدُّهُمْ ثلاثَة أشْ / خاص وإن تبلُهُمْ تجدْ أُمَما
أبقاهُمُ مَنْ أعزَّني بهمُ / ما أفلَ النَّيّران أَوْ نجما
بَني شَهِنْشَاه الذي وطئتْ / عزَّتُهُ المعرِبينَ والعَجما
إن يَكُ آباؤكم بنوا لكُمُ / طوْداً من المجد يفرَعُ القمَما
فقد قضى حقَّهُم فَعالُكُمُ ال / آن بمَحياهُ تلكُمُ الرِّمَما
أحيتْ أفاعيلُكم أوائلَكُمْ / أحسابَهُمْ لا النفوسَ والنَّسَما
وهل يضرُّ امرءاً له حَسَبٌ / حيٌّ أن احْتَلَّ جسْمُه الرَّجَمَا
دونكموها وما أَمُنُّ بها / غراءَ تحكي اللآلئَ التُّؤما
وكيفَ مَنّي وما رمَمْتُ بها / لكم بناءً وَهى ولا انثلما
مدحتُ منكم مُمَدَّحينَ على ال / دَهر أماديحَ تَقْدُم القِدما
لم أبتدعْ بدعةً بمدحكُمُ / قد قَرَّضَ الناسُ قبلِيَ الأدَمَا
ومُسمعٍ لا عدمْتُ فُرقَتَهُ
ومُسمعٍ لا عدمْتُ فُرقَتَهُ / فإنها نعمةٌ من النعمِ
يطولُ يومي إذا قُرِنْتُ به / كأنني صائمٌ ولم أصُمِ
إذا تغنَّى النديمُ ذكَّرهُ / أخْذَ السياق الحثيثِ بالكظمِ
يفتحُ فاهُ من الجهادِ كما / يفْتَح فاهُ لأعظم اللُّقمِ
مجلسه مأتمُ اللذاذاتِ وال / قَصْفِ وعُرسُ الهموم والسَّدمِ
ينشدنا اللهو عند طلعته / من أوحشتْه البلاد لم يقمِ
كأنني طولَ ما أُشاهِدُهُ / أشربُ كأسي ممزوجةً بدمي
تشهدُه فرْطَ ساعتين فيُنْ / سِيكَ عهوداً لم تُؤْتَ من قِدمِ
يُريكَ ما قد عَهِدْتَ في أمسك ال / أدنى كشيءٍ في سالِفِ الأُمَمِ
عِشرتُهُ عشرةٌ تُبارك في ال / أعمارِ لولا تعجُّلُ الهرمِ
إذا الندامى دعوْهُ آونةً / تنادموا كأسهم على ندمِ
نبردُ حتى يظلَّ يُنشِدنا / هل بالديار الغداةَ من صممِ
يستطعمُ الشربَ أن يقال لهُ / أحسنْتَ والقومُ منه في وَكمِ
وكيفَ للقوْم بالتَّصنُّع لا / كيفَ ولو صُوِّروا من الكَرمِ
تظهرُ في وجهه إساءتُه / كأنّها مَسْحةٌ من الحُمَمِ
يسْوَدُّ من قُبْحِ ما يجيء به / حتّى كأنْ قد أُسِفَّ بالفحمِ
ما ذُقْتُ شيئاً ولستُ ذائقه / أوقَعَ من صَمْتِه على القرمِ
نرتاح منه إلى الأذان كما / يرتاح ذو شُقَّةٍ إلى علمِ
يشدو بصَوْتٍ يسوءُ سامِعَهُ / تبارك اللَّهُ بارئُ النسمِ
أبحَّ فيه شُذور حَشرجةٍ / منظومةٍ في مقاطعِ النغمِ
نَبْرتُهُ غُصَّةٌ وهِزَّتُهُ / مثلُ نبيب التيوسِ في الغنمِ
لو قُدِّسَ اللَّهُ ذو الجلال به / لم يرفعِ اللَّهُ طيِّب الكلِمِ
يُفزَّع الصبية الصغارُ به / إذا بكى بعضهُم ولم ينمِ
يقسو له القلبُ حين يسمعُه / على أحِبَّائهِ بلا جرَمِ
أحلفُ باللَّهِ لا شريكَ له / فإنها غايةٌ من القسمِ
ما عرَّفَ اللَّهُ قبلهُ أحداً / ما فَضْلُ نعمائهِ على النقمِ
لو أنكم بعد غُصتي بكُمُ
لو أنكم بعد غُصتي بكُمُ / سوَّغتموني الغنى من العدمِ
دعوتُ ربي بأن يُبدِّلني / مما منحتم قليلَ ذي كرمِ
وكان أكلي لحومكم حنقاً / أشفى من المُشفياتِ للقرمِ
بشمتُ بالأمس من خبائثكم / فالخمصُ منكمْ خيرٌ من البَشمِ
أو أنكم صحتي وعافيتي / فررتُ من قربكم إلى السقمِ
لو أنكم لي شبيبةٌ أُنفٌ / هربتُ من قُربكم إلى الهرمِ
لا باركَ الله في صنائعكم / أهكذا لم تزل على القدمِ
يأبى ليَ الضَّيْم فرْعيَ السامي
يأبى ليَ الضَّيْم فرْعيَ السامي / إلى المعالي وأصْليَ النامي
إني إذا ما الصديقُ أكرمني / ثُمَّ غدا يستردُّ إكرامي
جعلتُ من لذِّتي مُراغمتي / إيِّاه حتى يملَّ إرغامي
وليس إلا بهجره أبداً / والضنِّ عن بابه وإلمامي
ورفع نفسي عن استماحته / ببذلِ وجهي له وإعظامي
ومنعِهِ لذَّةَ التَّعتُّبِ بال / عدلِ عليه في كل أحكامي
ولا يراني هناك أندبُهُ / بقرْعِ سنِّي وعضِّ إبْهامي
وكنتُ لا أصنع الصنيع أرى / في عقبه ذِلَّتي للوَّامي
أُخرجُ من خاطري معاهدَهُ / بعد اشتغالي به وإغرامي
حتى أراه لدى التذكر وال / تذكيرِ حلماً مِنْ بعضِ أحلامي
وما من الحلمِ أن أُقِرَّ على ال / ظُلْم وأسبابِه لظلّامي
أوصلني الحلمُ بالتشحط للْ / قسْمِ إذا كان شرّ أقسامي
وكَيْفَ أُغضي على الدَّنِيَّةِ والْ / فُرسُ خؤولي والرومُ أعمامي
وقد تَتَوَّجْتُ من ولاء أبي ال / عباس تاجاً يسْمُو به السَّامي
يا قاتل الله عصبة جَعَلتْ / إجرامَ دهري إليَّ إجرامي
من ضنَّ عنِّي ببذلِ نائلهِ / ضنَنتُ عنه ببذلِ أيامي
تالله لا تلتقي الثلاثة وَصْ / ليه وإثراؤه وإعدامي
قد كنتُ بالله مُشركاً وثناً / فزال شركي وصحَّ إسلامي
أستغفرُ الله من عبادتِهم / فإنها منْ عظيم آثامي
طالتْ صلاتي لهم ورافدَها / صَوْمي من مالهم وإحرامي
أستغفِرُ الله كم وكم رجُل / أعْظَمْته وهو دون إعظامي
ثم تبيَّنْتُ أنه غرضٌ / ليسَ من اللائي يقْصِدُ الرامي
من جامد الكف حين تسأله / وخائن الحبلِ عندَ إعصامي
وضاحكٍ بي وليس يُضْحِكهُ / شيءٌ سوى أنَّ ظِلْفِيَ الدَّامي
يضْحَكُ من كل ما بكيتُ لهُ / كأن لذَّاته بآلامي
لو احتَجَجْنا في مَحْفلٍ لدرَى / أنْ ليسَ إلزامُهُ كإلزامي
واللَّهِ لا صحَّ باطني لأخٍ / يُصحُّهُ الله عندَ إسقامي
وما خليلي الخليلُ يُعجبُهُ / تَرْكيَ أموالَهُ وإجمامي
وما أُراني يفوزُ مُطَّرحي / وما أُراني يخيبُ مُعتامي
أنذرني دِقْلِشٌ بنادرةٍ
أنذرني دِقْلِشٌ بنادرةٍ / معدودة من نوادرِ الكَلمِ
سألتُهُ عن نبوِّ صاحبه / فقالَ إذ ذاكَ غيرَ محتشمِ
ماليَ ذنبٌ إلى الأميرِ سِوَى / أنَّ أبا الصَّقْرِ من هَوَى الحُرمِ
وذاك أنَّ الفتى له قلمٌ / أكْتَبُ عند النساءِ من قَلمي
وأين شيءٌ بريتُه بيدي / مما برى الله بارئُ النَّسمِ
فقلتُ واهاً لذاك من قلمٍ / يُجيدُ شقَّ الصاداتِ في الظُّلَمِ
يا ربِّ ما أطولَ البلاءَ وما
يا ربِّ ما أطولَ البلاءَ وما / أكثرَ في أن بُليتُ لُوَّامي
يلومني الناسُ أنْ حُرِمْتُ وما / ألزمني اللَّهُ غيرَ إحرامي
كم بكَّتوني وعيَّروا أدبي / لمّا جفاني مَحلُّ إعظامي
قالوا ألا شُغْلَ يجتبيك له / وقد رأوْا غُلَّتي وتَحْوامي
فقلتُ لا تَعْجَبوا لأُفْهِمَكُمْ / وقد يمَسُّ القلوبَ إفهامي
أجلَّني قاسمٌ وأكْرمني / أكْرمَهُ من أراهُ إكرامي
همَّ بشغلي بمَعْملٍ فرأى / أنَّ أطْرافي تُجِمُّ آثامي
وأنَّ دأْبِي يَجُرُّ لي تَعباً / يُكثِرُ بعدَ الصحاح أسقامي
فصانَ عُمري عَنْ أن يُقَسِّمَهُ / بين ذنوبي وبينَ آلامي
صافي العطايا يظلُّ يمنع إخ / ساري من أن ينوبَ إغنامي
يدرُّ رزْقِي عليَّ في دَعَةٍ / مُنَفِّلي مالهُ وأيَّامي
فالنفس في عيشةٍ مُغفَّلةٍ / تَمُرُّ لي كالشهورِ أعوامي
أنفِقُ من مالهِ ومن عُمري / فيما ترى شَهوتي وإغرامي
سامية في مآربي هممي / نافذة في هواي أحكامي
في غيرِ عيبٍ يعيبُ مَنزِلتي / وغير ريب يُريبُ إسلامي
يا آل وهب حماةَ حَوزَتِنا / نكَّبَ عنكُم بسهمهِ الرَّامي
كم أجلِبُ العذرَ من مذاقتِه / لكن وتستشعرون إتْهامي
أضحى اجتهادي لِنَفْيِ عيبِكُمُ / مثل اجتهادي لنفي إعدامي
دامت لك الصالحاتُ والنِّعَمُ
دامت لك الصالحاتُ والنِّعَمُ / ولا أغبَّتْكَ منهما الدِّيمُ
يا ابن الذين اشْمَخَرَّ مجْدُهُمُ / بهمْ إلى حيثُ تَنْتَهي الهممُ
أحينَ أمَّلتُ أن أُجير على ال / دهرِ بعزِّ الأمير أُهتَضم
تُهدَمُ داري وفي يديَّ معاً / منك العُرا المُحْصَداتُ والذِّمم
من بعد ما اطوَّفَ الطريدُ بها / وقال قومٌ فِناؤها حَرَم
إن يكُن الهدمُ نال ذِروتَها / فقد أُراها مَهيبةً بِكُمُ
إذا أظلَّ السحابُ خِطَّتَها / هَمْهَمَ بالرَّعدِ وهو مكتتم
يا لهفتي أن يكون مَسَّني ال / ظُلْمُ وما مسَّ ظالمي نَدم
كيف أُحير الجواب مُنْتَصِفاً / من ذي خطابٍ وكيف أبتسِم
وابنُ أبي كاملٍ تظلَّمني / ألأمُ عبدٍ مشتْ به قدم
وجاء ما شفَّني وأرمضني / منه فنارُ الغليلِ تَضْطرم
إخْفارُهُ ذِمَّةَ الأمير ولم / يمرِ وريديه صارمٌ خَذِم
وملء دارِي وحقِّ سيدي ال / أكبر ذي المجد والعلا حُرَمُ
يهتفْنَ باسمِ الأمير آونةً / وتارةً عندهنَّ ملتزمُ
لو كنَّ أسمعنَ من هتفْنَ بهِ / لهزَّهُ للحفيظةِ الكَرَم
ها أنا عبدُ الأمير قد وضحَت / ظُلامتي فهْيَ عندهُ علَم
فليأتِ في العبدِ ما تقرُّ به ال / عينُ ويُشفَى الغليلُ والسَّقم
وبعدُ فالعبدُ طوعُ سيِّده / فاحكُمْ بما شئتَ وانقضى الكَلِم
ظنِّي بعدلِ الأميرِ بل ثِقتي / بحرمتي أنه سينتقم
ما بحريثٍ نال ابنُه الكرما
ما بحريثٍ نال ابنُه الكرما / لكن بما قد أباحنا الحُرما
جادَ بأشياءَ لا يجادُ بها / لشيمةٍ فيه بذَّتِ الشيما
كلُّ جوادٍ في ملْكه حَرَمٌ / وليس شيءٌ في مِلكهِ حَرُما
أصبحَ قُدَّامَ من تقدَّمه / جوداً وإن همْ تقدموا قِدَما
يا أيها العائبون شِيمتَهُ / ضعوا المقاييسَ بيننا حَكما
أسمحُ من تعلمونَ حاتِمُكُم / وإنما كان يمنح النَّعما
فمَنْ سختْ نفسُهُ بحرمته / فهْو الذي ليس بعدهُ كرما
ثلاثةٌ يُعرفُ السَّخاءُ بها / فقوِّموها ورتِّبوا القِيما
المالُ والنفسُ وهْيَ تَفْضُلُهُ / والحُرُماتُ التي تَفِي بهما
وذاك أن النفوس تخطر عن / هنَّ وتستمطرُ السيوفَ دما
واللَّهِ أنْ لو رآه حاتمُكُمْ / وكعبُكُم ألقيا له السَّلما
أُثني عليه ببعضِ نعمَتِه / فأرغم الله أنف من رَغِمَا
والحمد لله لا شريك له / من لَم يَقُلها فنفسه ظلما
خُذي وصالي فإنني رجلٌ
خُذي وصالي فإنني رجلٌ / أودُّ ودَّ العفاف والكرمِ
أنسى نصيبي من الفتاةِ سوى / نصيب عيني وناظري وفمي
ليس يحبُّ الكرامُ من شبقٍ / ولا يصيدُ الملوك من قَرَم
حاربَ أجفانَه الرقادُ فما
حاربَ أجفانَه الرقادُ فما / يسكنُ من ليلهِ إلى سكَنِ
لا تَنفُسا عبرة أجودُ بها / فلستُ أبكي بها على الدِّمنِ
لم يُخْلق الدمعُ لامرئٍ عبثاً / اللَّهُ أدرَى بلوعةِ الحزنِ
أساء بي ما أتيتَ من حَسَنٍ / إليَّ فيما مضَى من الزَّمَنِ
منعْتني بعدكَ العزاء به / يا ليتَ ما كان منك لم يَكُنِ
يا أَيها السيِّدُ الذي وهَنَتْ
يا أَيها السيِّدُ الذي وهَنَتْ / أنصارُ أموالِهِ ولم يَهِنِ
فأصبحتْ في يدِ الضعيفِ وذي ال / قُوَّةِ والباقليِّ واللَّسنِ
غَيْرِي على أنني مُؤمِّلُكَ ال / أقدُم سائلْ بذاك وامتحنِ
مادحُ عشرين حجةً كَمَلاً / محرومُها منك غيرَ مضطغِن
فضلُك أو عدلك الذي ائتمن ال / له علينا أجلَّ مؤتَمن
إن كنتَ في الشعر ناقداً فَطِناً / فليعطني الحقُّ حصةَ الفَطِنِ
وإن أكن فيه ساقطاً زَمِناً / فليعطني الحقُّ حصةَ الزَمِنِ
سِمْ بيَ ديوانك الذي عدلت / جدواه بين الصحيح والضَّمِن
كَثِّرْ بشخصي مَنِ اصطنَعْتَ من ال / ناس وإن لم أَزِنْكَ لم أشِن
ما حقُّ مَنْ لان صدرُهُ لك بال / ودِّ لقاءٌ بجانبٍ خَشِن
محاسنُ الوجه غيرُ زائنةٍ
محاسنُ الوجه غيرُ زائنةٍ / ما دمتَ بالسيئاتِ مقرونا
وأَسوءُ السيئات سلُّكَ بال / جهل حُساماً عليك مسنونا
وذاك أن تستخفَّ وزنَ فتىً / ما زال بالراجحين موزونا
إن كنتَ لم تدرِ ما أتيتَ به / فاسأل أُناساً سواك يدرونا
كدُّك حُرّاً بغَير منفعة / رأيٌ يراه الرجال مأفونا
أقلُّ ما يوجب الكريمُ لمن / يحرِمُ ألا يذيقه الهونا
ورب هونٍ لقيتُ منك ومن / حاجِبك الدُّون لم يكن دونا
أقسمتُ تنفك من مطالبتي / ما دام منك اللسانُ مرهونا
فافككْ لساناً رهنتَه بجَداً / أو باعتذارٍ فلستَ قارونا
أزمعتَ منعي وأنت تُطمعني / وليس ذمي عليك مأمونا
فاصدُق فإني أراك إن بَخِلت / نفسُك بالصدق رُحت مغبونا
ولا تخف أن أَضيعَ إن عدلت / عنك رِكابي فلستُ مجنونا
أما رأيتَ الفجاجَ واسعة / واللَّه حيّاً والرزق مضمونا
أظهِرْ من المنعِ ما تجمجِمُه / فشرُّه ما يكون مكنونا
وانفث من الصدر ما يُضِرُّ به / لا تتركِ الداء فيه مدفونا
قل اعفُ عني عثرت في عدتي / يأتك عفوي وليس ممنونا
ولا تَقل لي نعم وعزمُك لا / فيلعنَ الشعرُ منك ملعونا
إني امرؤٌ إن أراد ميمنتي / كريمُ قومٍ غدوتُ ميمونا
وإن أراد اللئيمُ مشأَمتي / كنتُ له طعنة وطاعونا
من دَنّس العِرضَ بالمواعد وال / خلفِ جعلتُ الهجاء صابونا
ولستُ أرمي بنَبْل قافية / ذوي معاذيرَ لا يجودونا
لكنني أنتخي بها أبداً / ذوي مواعيد لا يُنيلونا
نُفيدُهم سُمعةً ومأدبة / ويُطمعونا ولا يفيدونا
قد أتعبونا بحوكِ مدحِهمُ / وبالتقاضي وما يريحونا
أولئك الشاهدون أنهمُ / همُ المسيئون والمُليمونا
كم شامخٍ باذخ بنعمته / أضَلَّهُ قبليَ المضلّونا
تركتُه بالهجاء فُلفلةً / إذ تركتني مُناهُ كمّونا
أقطعتني مرتع الهُزال وأق
أقطعتني مرتع الهُزال وأق / طعتَ أناساً مراتع السِّمن
عرَّضْتَ حمديك أن يقالَ له / ضلَّ ضلالَ البكاء في الدمن
ناشدتُكَ اللَّه يا أبا حسن / في حرمة لم تُذَل ولم تهُن
لا ينصرفْ عنك من يَمُتُّ بها / وحظُّه حظ عابدِ الوثن
يشكوك لا مُظهِراً شكايته / إياك لكن شكايةَ الزمن
ومن شكا دهرَه شكاك وهل / تكنى عن الروح خارج البدن
أنت الذي صُرِّف الزمان به / فأنت إن ذُمَّ وهو في قَرن
في لؤم كلبيْن إن كشفتهما
في لؤم كلبيْن إن كشفتهما / كشف امتحانٍ وقبحِ قردين
وجهلِ عَيْرين إن سألتهما / عن بابِ علم وحُمق تيسين
إن وعدا أخلفاك ما وعدا / أو حدّثا حدثاك بالمَيْن
أو حُمِّلا من أمانةٍ طَرَفاً / كانا الظَّنينين لا الأمينيْن
هذا يبيع القريضَ من شرهٍ / ووالديه معاً بفلسين
باع كلام الأمير مُرتغباً / عنه بقُوَّارَتَي رغيفين
وفَضلةٍ من عصيدةٍ خمختْ / وبائعُ الزينِ مُشتري الشين
يا لك من بائع بلا وَرِقٍ / ينشُده ناقدٌ ولا عين
والبينُ في المخزيات يشرُكُهُ / لا باركَ اللَّهُ في الشريكين
أسدِ إلى البينِ كل عارفةٍ / يَجْزِك من سيِّئٍ بضعفين
فيه وفي الباهليِّ مُعتبَرٌ / إياه أَسدى إليه عُرفين
وسَّطه مجلسُ الأمير وأح / ياهُ وقد مات مِيتة الدَّين
فكان ما كان من مثوبته / أَوْرَده اللَّه مَوْردَ الحَين
ثم الدمشقيُّ بعد صاحبه / فليعتبر ناظرٌ بعينين
إنَّ قريضاً يكون حاملُهُ / في الناس كالبيهقيِّ والبَين
لم يُحسنا قطُّ صُنْعَهُ وإذا / ما أنشداه فغير حُلوَيْن
عندي كالسيف في يديْ رجلٍ / لا بطلٍ مُحربٍ ولا قين
فليس بالمحسن القتالَ ولا / صانعَ صدقٍ صناعَ كفَّين
من شرِّ أصلين إن نسبتهما / لا شك فيه وشرِّ فرعين
تنظر إلى أحسنِ المناظر مق
تنظر إلى أحسنِ المناظر مق / روناً بأدنى فعالكَ الحسنِ
عنيتني والعناء أفدح ما / يقدح في العارفات والمنن
فانفعْ أو امنعْ ولا تكن رجلاً / ميعادُهُ محنةٌ من المِحَنِ
أو لا فإني أردُّ قرضك وال / ذمَّ جميعاً عليك في رَسَنِ
ولا يراني الإلهُ يملِكني / لا أحدٌ هكذا بلا ثمن