القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الرُّومِي الكل
المجموع : 119
خِوانُ عيسى من نصف ترمسةٍ
خِوانُ عيسى من نصف ترمسةٍ / وصحفتاه من فِلْقتي عدَسَهْ
ذلك فضل الإله يمنحُهُ / من شاء لا ذاك حظ من نَفِسَهْ
من ذَرةٍ ذرة جَرادقه / تخفى على العين فهْي مُلتمسَهْ
لو نُخِلَت بالحريرِ لانسربت / من خَلَلِ النسج غير محتبسَهْ
إذا افترستَ الرغيف أنَّ لهُ / كأن ليثاً هنالك افترسَهْ
حتى إذا ما طَفِقتَ تأكلهُ / صَعَّد من فرطِ حسرةٍ نَفَسَهْ
كأنما كل لقمةٍ أكلتْ / منزوعةٌ من يديه مختلسَهْ
مغَفَّلٌ عن أمور نسوته / مُذْلٍ على بيت خبزِهِ حَرَسَهْ
يَقتبس الجارُ ناره فيرى / نار سِراجَي هُداه مقتبَسَهْ
وإن رأى أو أحس آونةً / دخانَ نارٍ لجاره كَبَسَهْ
قل لأبي سهل الذي ورِث ال
قل لأبي سهل الذي ورِث ال / رُوم لطيف العلوم والفُرُسَا
أمَّا عهودي فلم تزل حبساً / عليك فاجعل إزاءها حُبُسا
كم وقفةٍ منك كنتُ أعهدُها / أعتدُّها حين نلتقي أنسا
فما لها بُدِّلت وأعقبها / رَيبٌ يُريب الخلائق الشُمُسا
أمَتَّ ما حيَّ من مَودَّتِنا / ظلماً فأعقِبْ من مأتم عُرُسا
أنت طبيبٌ فلا تكن شكِساً / والطب يأبى الخلائقَ الشُكسا
ودعْ وداداً يصح من سَقمٍ / ولا تجدد لدائه نكسا
عاتبتُ شحّاً عليك لا عبَثاً / كيما أجِدَّ المعاهد اللُبسا
ولم تزل هكذا طريقة من / ثَقَّف أقواله ومن فَرُسا
مَعاتِبُ المخلصين ناطقةٌ / ولا أحب المَعاتب الخرُسا
حان كلامُ المُعاتب الخُرُسِ
حان كلامُ المُعاتب الخُرُسِ / في ردّ تلك المعاهدِ الدُّرُسِ
يا أيها السيد المجرد لي / سيفَ جَفاءٍ ولست ذا ترُس
حتى متى نحن من إساءَتِنا / وعَتْبِنا في وقائع حُمُس
لم تُخلني قطُّ من صنائعك الغر / رِ ولا من حُروبك الضُّرس
تصرُّف الغيثِ في صواعِقِه / وتارةً في سِجاله البُجُس
أصبحتُ في مأتمٍ برفضِكَ إي / يَاي ومما منحتَ في عُرُس
لقد تَلوَّنَت لي فدع جُدد ال / أخلاق وارجع بنا إلى اللُّبس
تلك التي لم تزل تخلَّقها / غير المهينات لا ولا الشُرُس
تلك اللواتي حديث مُلستِها / زادٌ لركب الصَّحاصح المُلُس
أيام فوزي بك الضواحك أس / تعدي على مُعْقباتها العُبُس
لا تُبْدِلنّي بما اقتنيتُ من ال / آمال هَجسَ المخاوف الهُجُس
يا فرقداً يهتدي السراةُ به / يا قمراً يُستضاءُ في الدُمُس
أقسمت بالعطف منك حين ترى / مِني شماسَ الخلائِق الشُمُس
وإن هذِي اليمينَ لا كَذِباً / لبعضُ أيمان عَبدِك الغُمُس
لو أنني ما حَييتُ في مِنَحٍ / منك وقوفٍ عليَّ أو حُبُس
ما قُمنَ عندي مَقامَ ذكرك إي / يَايَ إذا ما خَلوتَ للأُنس
لا تحسبنّي استَعضْتُ منك لُهى / كَفَّيك إنّي بكم من النُفُس
والله لا بعتُ باللُّهى أبداً / رؤْيةَ ذاك الجلال والقُدُس
إنّي إذاً إن فعلت ذلكُمُ / لَبائع المُثمِنات بالوُكس
أليس في لمحةٍ لمحتُكها / دفعٌ لنحس الكواعبِ النُحُس
بلى لعمري فكيف يطمع في / بَخْسي خداعُ المَناحس البُخُس
لا تَجْعلنّي لما أرى غَرضاً / تلعبُ فيه مَحادِسُ الحُدُس
رَضيتُ في نصف مُدَّتي بمُلا / قاتك بل رُبعِها بل الخُمُس
بلْ كل دَوْرٍ يدوره أحدٌ / ولا رضىً دون تابع السُدُس
نصيب عينيَّ منك في سُبُع ال / عُمر رِضىً لي لا للعدَى التُعس
فابْذلْه مُتِّعتَ بالقِيان وأُع / دمتَ وجوه الحوافظ الشُكس
فإن قَضى اللَهُ للحوافِظ رز / قاً قَضَاهُ للسُّلُس
لا زلتَ للحادثاتِ مُهْتضماً / في منْعةٍ من أكفِّها الخُلُس
تعُلُّك الكرمَ من ذخائرها / على بُغام الشوادِن اللُّعُس
المدنَفَاتِ العيون لا رمداً / الفاتراتِ الجفونِ لا النُّعُس
مرَبَّيَاتِ الحجورِ في ترفٍ / ظباءِ فيح القُصور لا الكُنُس
يا جَبَل الحِرزِ والثمار ألا / تعصمني من سِباعك النُهُس
لي عصبة لا تزال تُدْحس لي / عندك تَعْساً للعصبة الدُحُس
ليست كأسْد الشَّرى مُجاهرةً / بالبطش لكن كالأذؤب الطُّلُس
لولا ارتقابيك قد رميْتُهُمُ / من كَلِمي بالدَهاَرِس الدُبُس
تلك التي لا يزال جَنْدَلُها / يترك شُمَّ الأنُوف كالفُطُس
والشعر جَيْشٌ شنَنْتُ غارته / قِدْماً فأي الديار لم يَجُس
وكم رماني العدى بداهيةٍ / كاستْ على رأسها ولم أكُس
لا يرمني الجاهلون وَيْبَهمُ / فإنني ذو مَلاطس لُطُس
دعني أسسهُم لمعشرٍ عجزوا / عنهم وأيّ العتاة لم أَسُس
بِشُرَّدٍ تُقْتدى مواقعُها / بألف صينٍ وألف أندلُس
لو راضت الفحل من بني عُدُسٍ / لأذعنَ الفحل من بني عُدُس
أنت ابن كسرى وما تَباعَدت ال / روم بأنسابها عن الفُرُس
الملكُ إن كنتَ ناظراً نسَبٌ / بين ابن بَهرامَ وابن تَوفُلُس
دونك رأيي فما كواكبه / في الظُلَم الداجياتِ بالطُمُس
دونك عزمي فما مَعاوِلُهُ / عند قيام الخطوبِ بالجُلُس
عبدك غرس جَناه مكرمةٌ / أنتُم لأمثاله من الغُرُس
فارببهُ واحرسْ جَناه تَحْظَ به / وصُنهُ عن مَسِّ معشرٍ نُجُس
زارت على غفلةٍ من الحَرسِ
زارت على غفلةٍ من الحَرسِ / تُهدي إلي السلام في الغَلسِ
كأنما البدر حين قابلها ال / سعد تجلّى في حالك الغبس
أنّى تَجَشَّمتِ نحو أرحلنا ال / هول ولم ترهبي أذى العسس
قالت ترامى بنا إليك من ال / شَوق مُغصٌّ بالبارد السلس
كم زفرةٍ لي تبيت تُنهض أح / شائي ودمعٍ عليك منبجِس
وأنت لاهٍ بغيرنا ولنا / منك هوى ممسِكٌ على النفَس
عجبْتُ من ذِلتي ومن قلبك ال / قاسي علينا وخُلْقِكَ الشَّكِس
لا تأمننَّ الهوى وسطوتَه / واخْشى رَداه ومنه فاحْترس
واجز مُحبِّيك بالوصال ولا / تَطْغَ وفيهم للأجرِ فالتمس
فقلت إني عليك مُنعطفٌ / وعنكِ ما عشتُ غيرُ محتبس
لا تنكريني فإنني رجلٌ / شَيَّد مجدي ربيعةُ الفرَس
أخرسُ عن غِيبة الصديق وعن / طِيب نَثاه فلستُ بالخَرس
مُقتبس للثناء والحمد بال / بذل وللذم غيرُ مقتبس
يأمن غدْري أخو الصفا ولا / أعرف إلا الوفاءَ من أُنُس
فلم نزل من نعيم ليلتنا / باللهو في مثل ليلة العُرس
ثم تغنَّتْ صوتاً شربت له / على اقتراحٍ رِطلين في نفَس
قد كنتُ في منظرٍ ومستمعٍ / عن غزو بهراءَ غيرَ ذي فرس
لم يَبْرِنا تركُك العيادة بال
لم يَبْرِنا تركُك العيادة بال / أمس ولو كنتَ عُدت لم تَرِشِ
لستَ الذي من تَعُده يُشْفَ من ال / سُقم ومن لم تَعُده لم يَعِشِ
للَه ما أنت لو عتبتَ ولم / تحقد كما إذ عتبتَ لم تَطشِ
لا ترجُ يا بيهقيُّ إفْراشي
لا ترجُ يا بيهقيُّ إفْراشي / لن يَقبلَ الموت رشوة الراشي
أضرمْتني ثم حِلتَ تُطفئني / هلا تضرعتَ قبل إكماشي
يا هارباً والصباحُ فاضحُهُ / هلا ترحّلْتَ تحت إغباشي
لم تَتْرك البغي يا حُذَيْفَتَهُ / حتى أظلّتك خيلُ قِرواش
وألتَ جهلاً من المَراح إلى / هَيجاءَ ليست بذات إفراش
كفاقئٍ عينَه مُواءلةً / من عائرٍ نالها بإعماش
أإن ألمتَ الجراحَ ويحكَ تس / تقتِل لاقيتَ حَرّ أعراش
دعاك خدشٌ إلى استثارة فَرْ / رَاسٍ من الأُسدِ غير خدَّاش
أغْضبك الكسعُ بالهجاء على / خزَّامةٍ للغضاب خشّاش
فاغضبْ على عِرسِكَ التي تركتْ / عِرضكَ عَهْناً لكلِّ نفّاش
ما ضر ناري التي صَلِيتَ بها / يا ابن استِها من فراشِكَ الغاشي
هل كُنتَ فيما حَشَشْت هَاوِيتي / من ذاك إلا كبعض حُشَّاشي
أم كُنتَ إلا كفارةٍ خَرَقَتْ / بَرْزخَ طامي الحِدابِ جيّاش
فعاجَلَتْها بوادرٌ بدَرَتْ / من موج غضبانَ غير بشَّاش
وأصبحتْ يلعبُ العباب بها / في لجّةٍ منه لُعبةَ الدّاشي
طاحت جُباراً وما أضرَّ به / بَثْقٌ ولا ناله بإِتكاش
أغَشَّها البحرُ عن إغاضتِه / بالغتِّ فالغتِّ أيّ إغشاش
بُعداً لتكْش أحانه قدرٌ / في حُيَّنٍ من ذويه أتكاش
غرَّك عقلٌ أراك أنك لا / تُغلَبُ والعقلُ غيرُ غَشَّاش
أأنت يا بيهقيُّ تَشْتمني / ويك لقد طِرت غير مرتاش
مارست شوك القتاد مني بكفْ / فَيك فكُن في احتيال منقاش
يا ابن التي عاهَرت مُجاهرةً / بعد مَشيبٍ وبعد إرعاش
شمطاءُ تزني وخَرقُ مَنخِرها / مُعشِّشٌ فيه ألفُ خُفَّاش
بظراءُ يلقى الزناة عُنْبَلُها / بمخلبٍ للأيور خَدّاش
تجهشُ للموتِ نفسُ نائِكِها / من نتنِ فيها أشدَّ إجهاش
كأن فاها إذا تنسَّمه / تساط فيه فُروث أكراش
يتركُ تقبيلُها مُقَبِّلَها / وهو إلى العود غيرُ منحاش
ترمي خياشيمَه بأسْهُمها / رَمياً كرمي الرماةِ بالشاش
يكثرُ ممَّن ينيكُها عجبي / لم يبق حشٌّ بعير حشّاش
تَفْرقُ فيشُ الزناة عن حَرِها / عُثْنُونَ است كرفش رفّاش
تلقى من القمل والصُّؤاب به / ما شِئتَ من سمسم وخشخاش
مُنيتُها أن تكون أجرتُها / من كسب لِصٍّ وكدح نبّاش
تقصد أن يصفو الحرامُ لها / ما ظَلَمتْها سياط عيَّاش
يُقهقر الفحلُ وهْي باركةٌ / ثم يَصُكُّ استها بإكماش
كأنه الكبشُ في تراجُعهِ / لنطح كبشٍ بحثِّ كبَّاش
كم أكلَ البيهقيُّ أجْرتها / في بطن زوشٍ سليل أزْواش
يا سائلي عنه ما صناعتُه / ناهيكَ من مِقودٍ ونجاش
يقود حَوْلاءَه وينجشُ إن / غنت ليُغرَى بحشوها حاش
فِراشُ غيٍّ يبيتُ يَفْرشه / لكل غاوٍ أخسُّ فرَّاش
يَعْتاش من طَبلها ومن حَرِها / شرَّ معاشٍ لشرِّ مُعْتاش
يا من على نَيكها يُحرِّضُني / لستُ لأشْباهِها بهشّاش
اطلب لفشِّ استها سواي فما / مِثلي لأمْثالها بفشّاش
ما أكرمَ البيهقي من رجلٍ / كم من نديم له ومن غاش
ينيكُ حوْلاءَه بحضرته / غير مُراعٍ له ولا خاش
أسمحُ مني وقد وهبتُ له / مملكةً بعد حالِ كدَّاش
كسَّبتُهُ صحبة الملوك بشت / ميه فَرَاشُوه خيرَ أرياش
أضحى جليساً لسادةٍ نُجب / وإنما كان كلبَ أوباش
وانْتَشْتُه من خمول والده ال / ساقِط فانتشت شر مُنتاش
أستغفرُ اللَّه من مقاومتي / إياه لا من قبيح إفحاشي
أصبحتُ تبَّرتُ مجدَ كل أبٍ / إلى معالي الأمور بهّاش
وضعتُ بالبيهقي من شرفٍ / لم تكُ أبياتُهُ بأحْفاش
يا زوجَ زيّافةٍ مُقَرْقرةٍ / ذات فراخٍ وذاتِ أعشاش
تبيت تحت الظلام ساريةً / إلى المعاصي ربيطةَ الجاش
تحملُ طِيزاً كأن غُلمتَه / لذعُ مكاوٍ ولسعُ أحْناش
قُبحاً لرأسٍ غدوتَ تحملهُ / فيه عَريش لشر عرَّاش
لا تحمدنّ البليغَ في قذعٍ / من عَرك أمتار كل فحّاش
ولا تلمهُ إذا رماك به / سِرُّ مخازيك قبْله فاش
يا أصلم الكُوش هاكَ ضَامِنَةً / جدعَ أنوفٍ وصلم أكواش
شنعاءَ لو جُلِّل النهارُ بها / بُدِّل من ضوئه بإغطاش
شوهاءَ معشُوقةً يُخلِّدها / حِفظ حفيظٍ ورقشُ رقاش
محمولةً لا تزال تَسمعها / من راكب مُنشد ومن ماش
فيها هِجاءٌ إذا صُدِمتَ به / أطرش أذنيْك أيّ إطراش
يلوح في الوجه عَلْبُ مِيسمها / ما أثبتَ الصخرُ نَقشَ نقاش
لا كغُثاء تظل تلفظه / تخليطُ خرقاءَ مَيْش ميّاش
تهجَى فتهجُو فلا تزيدُ على / تكشيف جهلٍ وهدر فَرخاش
تأتي من الشعر في هجائك بال / وخش كما أنت وخش أوخاش
فأنت عون لمن هجاك على / نفسِكَ ظُفرٌ لكل خمّاش
كشارب الآجن الأجاج من ال / ماء فما ازداد غيرَ إعطاش
قد قُمتُ يا بيهقيُّ معتذراً / عنك بشعرٍ بنفسه واش
وقلتُ إذا قيل باردٌ كسدتْ / من بَردِه سوق كل خيّاش
لا تعذلوه فإنه رجل / يروي من الطب ألفَ كُناش
مرّتْ به وَعْكتي فبرّد بال / يقطين عن نفسهِ وبالماش
أطغاك ما نِلتَ بي فدُونَكها / من صائلٍ بالطغاة بطّاش
من مجَّ عفوي وملَّ عافيتي / أمتَعتُه منهما بإيحاش
لو أفضل البيهقيُّ قافيةً / أنهشتُها البينَ أي إنهاش
تعرّق الشِّينَ بل تمشَّشها / ولن ترى الكلبَ غير مشّاش
يا بينُ كُلْ من شوائِهِ رغَداً / فقد شويناه غيرَ رشّاش
لا تَسترث ما أعدَّه لكما / وارضَ لعَيرَينِ نبلَ عِكراش
أنا أميرُ الكلام لا كَذباً / أصدعُ بالفخر غيرَ فيّاش
لا تعدمُ المصمياتِ من نبل بر / رَاءٍ لنبل الهجاءِ ريَّاش
ما يحرش الحارِشون ويلَهُمُ / من أفعوانٍ أصَمَّ نهّاش
ينساب جنح الظلام في سَفنٍ / في جِلده المقشعر نشّاش
له سَحيفٌ لدى مَزَاحِفه / يُجيبُ منه كَشيشَ كشّاش
كأنَّ أذْناهُما لسامعه / صوتُ رحا الجَشِّ منه جشّاش
يُدهشُ قبل الوِثابِ منظرُهُ / ونفثُه السُمَّ أيَّ إدهاش
تُمطِر ناباه عند نَهشتِهِ / وبلاً من الموتِ بعد إرشاش
فلينتَهِ الجاهلون ويْبَهمُ / ليس الأفاعي ضبابَ حرَّاش
وليعلم الناسُ أنني رجل / ورّادُ هيجاءَ غيرُ ورّاش
صَرّاعُ باغ وإنني لأخٌ / للعاثر الجدِّ جدُّ نعّاش
يعصفُ جهلي بمن يُجاهلني / وإن حِلمي لغيرُ طيّاش
أُمطِر مستمطري الصواعقَ وال / غيثَ شآبيبَ غير طشّاش
كم ليَ في مَغْضبٍ وعند رضا / من وابلٍ للأكام حفّاش
أنهضهُ في أوانِ إنهاضِهِ
أنهضهُ في أوانِ إنهاضِهِ / غيثٌ دعا طرفَهُ بإيماضِهِ
أبْرقَ برقاً كأن لائحَهُ / من أُفقِ الخير نار حُرَّاضِهِ
فشدّ أنقاضه بأرحُلها / إلى غزيرِ النّوال فيّاضِهِ
مشتركُ الحوض في الجميع إذا / ذادت عن الحوض كفُّ مُحتاضه
ينزلُ أضيافُهُ بذي كرم / مُبصبِص الكلب غير عضّاضه
يظلُّ يبكيهمْ إذا رحلُوا / بُكاءَ غَيْلان بنت فضَّاضه
سمحٌ ببذل القِرى سماحَ فتىً / سَلَّمَ عِرض القرى لعرَّاضه
لا يُشفق المستعيدُ نائله / من وشك إملاله وإعراضه
يفرضُ ما اطوَّع الجواد وما / مطوِّعو الجود مثلَ فُرَّاضه
لا يبذلُ الرّفد حين يبذُله / كمشتري الجودِ أو كمقتاضه
بل يفعلُ العُرفَ حين يفعلُه / لجوهر العرفِ لا لأعراضِه
يفديه قومٌ يتاجرون به / أغراضهُمْ فيه غيرُ أغراضه
في وعده من نواله عِوضٌ / أملأُ شيء لكفّ معتاضه
مُقلِّمُ الدهر ما بدا ظُفرٌ / للدهر إلا انبرى بِمقراضِهِ
إذا دعا الشِّعرَ مادحوه له / أقبل مُعتاصُه كمرتاضه
أيسرُ ما يشكرُ القريضُ له / تسهيلهُ قرضَهُ لقرَّاضه
يممه بالمديح شاعرُهُ / طريدَ إملاقه وإنفاضه
يرجُو لديه غِنىً يحطُّ به / رِحاله عن ظُهورِ أنقاضِه
كُفِّي من الدمع يا مثبِّطتي / عن زمّ سامي التَليل نهّاضِه
قد يقعِد المرءَ طولُ رحلتِه / ويُصمتُ الرَّحل طولُ إنقاضه
كم تقنع النفس بالكفافِ وكم / تترك خوضَ الغِنَى لخُوَّاضه
لي هِمة لم يكن ليرويها / إلا من البحرِ بعضُ أحواضه
حان رحيلي إلى أبي حسنٍ / مُبرم إقليمه ونقّاضه
حكيمه المقتدى بحكمته / طبيبه المرتَجى لأمراضه
سائس تدبيره ورائِضه / كخير سُوَّاسه وروَّاضه
حُوَّلِهِ في الخطوب قُلَّبِهِ / حيّتِهِ في الدهاء نَضْنَاضه
صاحِبِ شورى الملوك مفْزعهم / إليه في الخطب عند إرْماضِهِ
إذا استشاروه جاءَ من كَثبٍ / بزُبدة الرأي دون مخَّاضه
تكلؤُهم منه في مضاجِعهم / عينا رُواع الفؤاد نبّاضه
يرعى عليهمْ أمورَ مملكةٍ / قامتْ بإخَلاله وإحماضه
يُلطفُ كيد العدى ويُغْمضُهُ / طَبّاً بإلطافه وإغماضه
لو فتكتْ مرّةً مكائِدُهُ / بالدهر أنستْه فتك برَّاضه
مكائدٌ لو رمى بها جبلاً / صارت جلامِيدُه كرضراضه
مِدره أهل الصلاة كم دُحِضتْ / للكفر من حجةٍ بإدحاضه
يُردي بِمِرْدى من الحِجاج له / دمّاغ رأس الضلالِ هضّاضه
حسبُ أخي جُنَّةٍ بكيَّته / وحسبُ ذي عُرّة بخضخاضه
يُثني عليه بذاك حاسده / على مُعاداته وإبغاضه
سابق مضمار كلّ مكرمةٍ / أعيتْ على راكضٍ وتركاضِه
يدرك ما تُوفض السعاةُ له / من المعالي بدون إيفاضه
أصبح كالكُلِّ من جلالته / وسائرُ الخلق مثلُ أبعاضِه
إن لم يعبهُ بذاك عائبُه / فما له عائبٌ ولا عاضه
لولا عليُّ العُلا ومِنّتُهُ / غادرني الدهرُ بعض أحراضه
أنهضني بعدما رزَحْتُ وكمْ / من رازحٍ ناهضٍ بإنهاضه
يا حاسدي لا خلوتَ من حسدٍ / حظكَ منه أليمُ إمضاضهِ
أعتبني الدهر بعد معتِبهِ / فغاضِبِ الدهر فيَّ أو راضِه
زرتُ ابن يحيى الذي يؤمِّلُه / كلُّ أجبِّ السَّنام مُنتاضِه
فردّني مُثرياً وفضفض لي / عيشي وقد كنتُ غيرَ فضفاضِه
ومهّدت مضجعي يداهُ فقد / لاءمَ جنبيّ بعد إقضاضه
وماصَ عِرضي فردّهُ يققاً / كالثوب أنقتهُ كفُّ رحّاضه
لمَا بدا لي بشيرُ غُرَّته / وراع دهري نذيرُ إنباضه
أقبلَ حظي عليَّ مبتسماً / من بعد تعبيسِهِ وإعراضه
وظل دهري له مُلاوِذَهُ / من خوف سهم الردى ومقراضه
لا تعدم الدهرَ يا أبا حسنٍ / جبرَ كسير الجناح منهاضِه
كفُلتَ هذا الأنام تُقرضُهُم / عُرفاً إلى الله شكرَ إقراضه
حتى كفلتَ الفِراخ كامنةً / في البيض قبل انقياض مُنقاضه
تكدحُ للناس كدحَ مجتهدٍ / ركّاب ظهرِ الدُؤوب ركّاضه
خَفَضْت فيهمْ جناح مَرحمةٍ / قد قَلَّ جدّاً عديد خُفّاضه
قُولا لنحوِيِّنا أبي حسنٍ
قُولا لنحوِيِّنا أبي حسنٍ / إن حسامي متى ضربتُ مضى
وإن نَبلي متى هممتُ بأن / أرْميَ نصَّلْتُها بجمر غضا
لا تَحسبَنَّ الهِجاء يحفلُ بال / رفع ولا خفض خافضٍ خَفضا
ولا تخَلْ عَوْدتي كبادئتي / سأُسْعِط السم من عصى الحُضضا
أعرفُ بالأشقياء بي رجُلاً / لا ينتهى أو يصيرَ لي غرضا
يُليحُ لي صفحةَ السلامة وال / سِلم ويُخفي في قَلبه مرضا
قال فقلنا ثم استقال فأع / فَيناهُ ثم استحال فانتقضا
ممَّن إذا جاهلٌ تعرَّض لي / أصبحَ في جُنده قد افترضا
يجر بين الصفوفِ حربتَهُ / وهو جديرٌ بأن يُرى حرضا
إذ لم ينفِّل هناك نافلةً / تكونُ من نفسهِ له عِوضا
قد قبضَ الجندُ والمكلَّفُ لم / يقبض على أنه قد اعترضا
يا ويحَهُ من فتىً وحسرتَهُ / إن قُبضتْ رُوحُهُ وما قَبضا
أضحى مغيظاً عليَّ أنْ غضب ال / لَهُ عليه ونلتُ منه رِضا
قولا له ينطحُ الجدارَ إذا / أعيا وصُمَّ الصَّفا إذا امتعضا
ولا يُحَمِّل ضعيفَ مُنَّته / حربي فما مثله بها نهضا
وليس تجدي عليه مَوعِظتي / إن قدَّرَ اللَهُ حيْنَهُ وقضى
كأنني بالشَّقيِّ مُعتذراً / إذا القوافي أذقنَهُ المضضا
ينشُدني العهدَ يومَ ذلك وال / عهدُ خِضابٌ أذاله فنضا
لا يأمننَّ السفيه بادرتي / فإنني عارضٌ لمن عرضا
عندي له السَّوط إن تلوَّم في ال / سير وعندي اللّجام إن ركضا
فَلْيَسِرِ المرءُ سيرةً وسطاً / فليس ما لا يُطيقُ مُفتَرَضا
أسمعتُ إنباضتي أبا حسن / والنصحُ لا شكَّ نُصحُ من مَحضا
وهو معافىً من السُّهاد فلا / يجهل فيشري فراشُه قضضا
من ذا تراه غدا يتّرِسُه / إِنْ وَتَرِي بالنَوافذِ انتفضا
أقسمتُ باللَهِ لا غفرْتُ له / إن واحدٌ من عُروقهِ نبضا
مذ صِرتِ همِّي في النوم واليقَظَهْ
مذ صِرتِ همِّي في النوم واليقَظَهْ / أتعبتُ مما أهذي بك الحفَظَهْ
وعظْتُ نفسي فخالفتْ عِظتي / وخالفَ القلبُ فيك من وَعظه
وكيف بالصبرِ عنكِ يا حسنا / يأمر بالسيئات من لحَظَه
يا من حلا في الفؤاد منظره ال / حلوُ فما مجَّهُ ولا لفظه
عذَّبني منكِ يا معذبتي / ونُزْهتي في المنام واليقظه
وجهٌ إلى كم تصيد رِقَّتُهُ / قلبي وقلبٌ كم أشتكي غِلظه
ما يوفيك حقَّك التقريظُ / كُفءُ تقريظك العليمُ الحفيظُ
فيك أشياءُ من يواليك مسرو / رٌ بها والعدوُّ منها مغيظُ
لك فيها تيقظٌ غير محتا / جٍ إلى أن يُعينه تيقيظُ
كم تحفظتَ من وصية مجدٍ / لم ينفِّلكَ حفظَها تحفيظ
أنت غيثٌ يقيظُ فينا حياهُ / إذ حيا الغيثِ لا يكاد يقيظ
إن يكن ما فعلتَ بِرّاً لطيفاً / إن ميثاق شكره لغليظ
منك قِدحي ومنك نصليَ والفُوْ / قُ ومنك الترييش والترعيظ
أي شيء أقول يا من عداه / في نداه التنكيد والتنكيظ
أنتَ قبل التقريظِ من كمَّل اللَ / هُ فماذا يزيدُك التقريظُ
من كان يبكي الشبابَ من جَزعٍ
من كان يبكي الشبابَ من جَزعٍ / فلستُ أبكي عليه من جزعِ
لأن وجهي بقبح صورته / ما زال لي كالمشيب والصَّلعِ
أشبَّ ما كنتُ قطُّ أهرمَ ما / كنتُ فسبحان خالَقِ البدع
إذا أخذتُ المرآة أسْلفني / وجهي وما مُتُّ هول مطَّلعي
شُغِفْتُ بالخرَّد الحِسان وما / يصلحُ وجهي إلا لذي ورع
كي يعبدَ اللَه في الفلاة ولا / يشهدَ فيه مشاهد الجُمع
هل أنت من مرتجيك مستمعُ
هل أنت من مرتجيك مستمعُ / يا من إليه يوائل الفزِعُ
أصغِ إليه فلم يُحابك في ال / مدح ولا قال وهو مخترعُ
يا من إذا أشرقت محاسنه / ظلت رؤوس العداة تنقمع
ومن إذا غرَّبت مكائده / كادت قلوب العتاة تنخلع
ومن إذا أمطرت فواضله / عاد الصفا وهو معشب مرع
ما أعذر القِرنَ في تذبذبه / يُهوي إليك الشبا وينقدع
قد علم القرن عند حيصته / عنك بأي السيوف تضطبع
وقد درى حين زال مطمعه / فيك بأي الدروع تدَّرع
أنت الذي أصبحت عوارفه / درعاً له والدروع تنصدع
وأنت من لم تزل مكائده / سيفاً له والسيوف تنقطع
تصرع من شئت عند لبسهما / يوم الوغى والجدود تصطرع
يدب في غيرك المديح ولَ / كنا رأيناه فيك ينذرع
وتهطل الدهرَ فيك ديمتُهُ / لكنها عن سواك تنقشع
وأين معط وقلبه بهجٌ / ممن تمنى وقلبه وجع
لا يَزَلِ الشرُّ عنك مندفعاً / وسيل خير إليك يندفع
يا سيداً لم نزل بعقوته / إذا عدمنا الربيع نرتبع
ولم نزل من ثدِيِّ نعمته / إذا فقدنا الرضاع نرتضع
ومن علمناه غير متَّبعٍ / في المجد بل لا يزال يبتدع
ومن عرفناه غير مبتدعٍ / في الدين بل لا يزال يتبع
أعاذك الله أن نراك وأف / عالك بعد العلو تتضع
عد لي فليس الجميل فاحشة / تركبها تارة وتتَّزع
ولا طريقاً تخاف غَيلته / تركبه تارة وترتدع
والعائد العرف بعد بدأته / ينفع إخوانه وينتفع
والبادئ العرف لا معاد له / يعير إحسانه ويرتجع
لو كنتَ ممن يحب ثروته / أو كنت ممن جداه ممتنع
إذاً عذرناك في المطال به / لكن عذر الجواد منقطع
ما دفع مثلي والحال موجبة / والصدر رحب والوجه متسع
لا تمنعنِّي لهى مُمَنَّحةً / أضحت عليها الأكفُّ تقترع
يا من أراه رضا لمنتجعٍ / إن قال أي الرجال أنتجع
رِشْني تجدني رضى لمصطنع / إن قلت أي الرجال أصطنع
كم سائل عن نداك قلت له / مُخدَّع بالسؤال منخدع
وسائل عن حجاك قلت له / يحط أمواله ويرتفع
وسائل عن ثناك قلت له / لا يسأم الدهر منه مستمع
وكلهم كان في مسائله / أعمى عن الصبح وهو منصدع
يستوضح الصبح بالمصابح وال / مصباح عند الصباح مختشع
لا زلت ما عشتَ للعدوِّ شجىً / في حيث لا يستطيع منتزع
تسطو وتعفو وأنت مقتدر / لا ورَعٌ عند ذاك بل ورِع
ما أقبح المطل من أخي كرم / وعيب من قل عيبه شَنِع
ولم تَعِدني بل المنى وعدت / والحرُّ من خُلفِ طيفه جزع
متى تعللت أم متى عرف ال / إقلاع شؤبوب سيبك الهمِع
ألست من لم تزل تُحَمِّلُهُ ال / علياء أعباءها فيضطلع
ويرتجي خيرَه اليؤوسُ إذا / لم يرجُ ما عند غيره الطمِع
ويعتفي فضله العزوف إذا / لم يلتمس فضل غيره الجشِع
ويشمخ المعتفي عليه إذا / لاقى بخيلاً وخده ضرِع
تفترق الصالحات في فِرَقٍ / وفيك دون الجميع تجتمع
بلى بلى أنت أنت فلا فلا / يقطعك دون التمام مقتطع
يا ذاكر الغنم عند مغرمه / وذاكر الريع حين يزدرع
أولعْ بِيَ العارفاتِ في يدك ال / سمحة إن الزمان بي ولِع
والغوث منه أوانَ ينتهي ال / شلو ولا غوث حين يبتلع
أبا الحسين اهتزز فإنك لا ال / ناكل في موطن ولا الطبِع
ولينعطف منك معطفٌ حسنُ ال / طاعة لا مانع ولا جزِع
يا من دعاني إلى الغنى أثرٌ / لطابع الجود فيه منطبع
شهدت أني اعتقدت منك أخاً / لم يخدع الرأيَ فيه مختدع
متيماً بالعلا أخا شعفٍ / يخطبُ أبكارها ويفترع
يمزح بالجود لا السفاه فإن / جدَّ فزولٌ ذو عقدةٍ مَصِع
ما زلت بالإذن لي وبالأَذَن ال / مجدى وأي الجميل تتَّدع
تمهَدُ لي مطلبي وآونةً / تمهد لي مضجعي فأضطجع
خذها كصمِّ الصخور أقلعتُها / من جبل شامخ فتنقلع
مجدك ذاك الذي أناف على ال / نجم أصيل من طوده فرِع
ومن أبى ما أقول فيك فحي / ياه بموسى قعساء مجتدِع
وبعد فاسلم على الزمان ولا / زالت يد السوء عنك تندفع
أبا عليٍّ للناس ألسنةٌ
أبا عليٍّ للناس ألسنةٌ / إن قلت قالوا بها ولم يدعوا
والبغي عون على المدلِّ به / فاشنأْهُ واجعله بعض ما تدعُ
أو لا فكن رامياً وكن غرضاً / ترمي وترمى وتحصل الشنع
وقالة السوء غير راجعة / يوماً إذا نوهت بها السُمَع
يا ليت شعري وليت شعرك إن / قلت وقلنا واستحكم القذع
ما ينفع الصارم اللسان إذا / غودر يوماً وعرضه قطع
لا نفع في ذاك إن نظرت وإن / قوَّم منك الحياء والورع
فارجع وبُقيا أخيك باقيةٌ / واندم وفي الحلم فسحةٌ تسع
أو لا فأيقن بأنني رجل / تكثر فيما يقوله البدع
والشهد عندي لمن أناب بما / ء المزن أو لا فالصاب والسَلَع
وقد هجوت امرءاً يجل عن ال / مدح وعندي الحفاظ لا الجزع
ومن هجا ماجداً أخا شرف / فليس إلا من نفسه يضع
والنَبلُ مبرية منصلة / يحفزُهُنَّ القسيُّ والشرع
وكل سهمٍ رمت يداي به / فليس إلا في مقتلٍ يقع
فلا تعد بعدها لذكر أبي / بكرٍ ولا تخدعنّك الخدع
فوالذي تسجد الجباه له / ما بعدها في هوادتي طمع
ذلك عرض أبيت لا بل أبى ال / لَه له أن يمسه طَبَع
ودونه نصرة مؤيدة / مني ولي بالحفاظ مضطلع
والظلم مخذولة كتائبُهُ / تضرب أدبارها وتكتسع
والحق منصورة حلائبه / تكثر أعوانُه ويُتَّبع
أنذرت حرب الهجاء ملقِحَها / فما لها غيرَ حتفه ربع
وليس فيها الرؤوس تُندَرُ بل / فيها أنوف الرجال تجتدع
ذاك مقام كما سمعت به / محاسن القوم فيه تُنتزع
وليس فيه شيء تراه سوى ال / أعراض دون النفوس تُدَّرع
والعيش بعد الممات مرتجع / وليس عرض يودي فيرتجع
ونحن في منظر ومستمع / ما مثله منظرٌ ومستمع
فليتزع بالعظات مُتَّزِعٌ / ما دام يجدي عليه متَّزَع
إياك أن يستثير منِّيَ أق / دامُك صلّاً في رأسِهِ قَرَع
قد جف واديه من تنفسه / فما به في الربيع مُرتَبع
لا ماء فيه ولا نبات وهل / خصب بوادي البوار أو مرع
إياك إياك أن تطيف به / وإن تداعت لنصرك الشيع
فرب إقدام ذي مخاطرة / أحزمُ منه النكوص والهلع
لا تنتجع صيفة لها وهجٌ / حامٍ فما في المصيف منتجع
ولا تزعزع حلمي وتأمل أن / ترسوَ إن الجبال تقتلع
فليس حلمي حلماً يُبلِّغني ال / ذلَّ وإن كان فيه متَّسع
وليس جهلي جهلاً يبلغني ال / ظلم وإن كان فيه ممتنع
أنا الذي ليس في مغامزه / لينٌ ولا في قناته خَضَع
أنا الذي لا يذلُّ صاحبه / ولا يُرى في وليِّه ضَرَع
أنا الذي تحشد الرواة له / فكل أيام دهره جُمَع
أنا الذي ليس في حكومته / جورٌ ولا في طريقه ضَلَع
وأنت بكر على الهجاء فصن / عرضك إن الأبكار تُفتَرع
قارعت قبلي معاشراً قُرَعاً / فازت فخف أن تخونك القُرَع
وذقت من غير موردي جُرَعاً / ساغت فخف أن تغصَّك الجُرَع
متى تعاطيت جرع واحدة / من موردي فالشجا له تبع
فلا تجرب على الحياة فما / كل التجاريب فيه منتفع
وما تعديت بل ردعتك بال / وعظ وللصالحين مرتدع
وأنت ممن يهاب معصية ال / حق ولا يستخفّه الفزع
وفي القوافي لقائل سعة / إن شئت والدهر بيننا جذع
وقد عرفت القريض أصلحك ال / لَهُ وفيه الأغلال والخِلع
فاجتنب الشر فهو مجتنب / واتبع الخير فهو متبع
بتُّ وبات الصبيان في أرق
بتُّ وبات الصبيان في أرق / من بحَّةٍ لم تزل تُفزِّعنا
يبكون من خوفها ويسهرني / بكاؤهم فالبلاء يجمعنا
نحتال للنوم كي يواتيَنا / بكل شيء وليس ينفعنا
لا حفظ الله تلك مسمعة / ما يكره السامعون تسمعنا
وصاحب لم يكن ليصحبَهُ
وصاحب لم يكن ليصحبَهُ / مثليَ لولا صباي أو خرفي
ظلمت نفسي به فأنصفني / بصونه عن سفاله شرفي
دابرني فانصرفت عنه فأح / مدت بحمد الإله منصرفي
وكنت أعطي مودَّتي سرفاً / فقد تركت القبيح من سرفي
قِرن سليمان قد أضرَّ به
قِرن سليمان قد أضرَّ به / شوق إلى وجهه سيُدنِفُهُ
أعرض عن قرنه وصدَّ فما / أصبح شيء عليه يعطفه
كم يَعِدُ القرن باللقاء وكم / يكذب في وعده ويخلفه
لا يعرف القِرنُ وجهه ويرى / قفاه من فرسخ فيعرفه
ما القلب في إثرهم بمختطَفِ
ما القلب في إثرهم بمختطَفِ / ولا بذي صبوة ولا كُلَفِ
سلوتُ عن خطَّة الخليط وعن / مرتبِعٍ منهمُ ومخترِفِ
إن محل الأنيس بعدهم / للمرء ذي السن شرُّ معتكف
وصل الغواني صبا الشباب وغش / يان المغاني حقا صبا الخَرِف
فعدِّ عن ذكرهم وعن دمَنٍ / بمدرج للرياح منتسَفِ
ما رعيُنا عهد كل خائنةٍ / قاسية غير ذات منعطف
تحميك معروفها الممنّع بال / بخل ولين المَرَدِّ بالصلَف
بيضاء قد شيف خَلقُها وأبى / مذموم أخلاقها فلم يُشَف
تضمن عن وجهها ومخبرها / حسنَ رُواءٍ وقبح منكشف
مناعة نيلها المحب وما / تنفك من صدها على خفف
من اللواتي إذا ظفرن بنا / أنزفن ألبابنا سوى نُزَف
حُكِّمن فينا فما عدلن وإن / عدلن بين الجفاء والقضَف
كم من دموع سفحنها هدرٍ / ومن دماء سفكنها ظلف
بكل أحوى أحمّ في حورٍ / وكل أقنى أشم في ذَلف
مضى أوان الصبا وحين البطا / لات وهذا أوان مصطرف
ولائم أن حللتُ شاهقةً / تزلُّ منها الوعول عن قَنف
لم ير لي خلّة تعاب سوى ال / خلة أو رغبتي عن الحرف
صدقُ يقينٍ أن لا مقدِّر لل / أرزاق إلا مخلِّقُ النطف
قلت وقد لام في القناعة بال / مجد وحلف المعاش ذي الشظف
همُّ رجال العلا تنافسهم / فيها وهمُّ الحمير في العلف
ما سرني اللؤم والغضارة في ال / عيش بديلاً بالمجد والقشف
لي عفة حسب من تكون له / من الغنى غُفَّةٌ من الغُفَف
كأن كفي بها مُمَلَّكةٌ / دجلة تسقي منابت السعف
ما قصر العسر بازدلافيَ لل / مجد مشيحاً في كل مزدلف
أرقَّ مالي ولو أشاء لأص / بحت وأمسيت منه في كَثَف
إني أعاف الخبيث يعلمه ال / لَه إذا ما الخبيث لم يُعَف
أطمح كالنسر في السُّكاك ولا / أخلد إخلاده إلى الجيف
شاد لي السورَ بعد توطئة ال / أسِّ أبٌ قال أنت للشرف
وأبذل البلغة الكفاف من ال / قوت إذا المستضيف لم يضف
أبني البناء الذي يقيم على ال / دهر ويودي خورنقُ النجف
وأرتجي أن تدوم لي دِيَمٌ / من عارض في السماء ذي وَطَف
أعني أبا الصقر إنه ملك / في منصب للعيون مشتَرف
من معشر فيهم السماحة وال / حلم وفيهم قعاقع الحجَف
أركبه الله ذروةً تمكت / من شرف لم يكن بمرتدف
يا راكباً نحوه ليسأله / يممه واحرف بكل محترِف
ولا تشحَّنَّ أن تشارك في / جدواه فالبحر غير منتزف
بلِّغه مدحي فإنه كلِمٌ / يفعمه مسكه ولم يُذَف
من قول علامة له لججٌ / يغرق فيهن صاحب النُتَف
قل لأبي الصقر قول ذي سددٍ / قرطس بالحق غرَّةَ الهدف
يا أيها السيد الذي اعترفت / له الصناديد كل معترف
أصبحت يطريك كل مضطغنٍ / منحرف عنك كل منحرف
أنطقه فضلك المبرز بال / حق فأداه غير مُعتَنف
وأصدقُ المدح مدح ذي حسدٍ / ملآن من بغضةٍ ومن شَنَف
أنت الذي أخصبت رعيَّتُه / حتى شكا البدن صاحبُ العجف
واتسق النظم في النظام به / فائتلف الشمل كل مؤتلف
وأنصف الظالم المظلَّمَ فال / عصفور جار العقاب في لَجَف
تكدح للمجد كدح مجتهد / أو لمحل النعيم والترف
ما زلت تسعى لكل صالحة / وإن تكلفت أثقل الكُلَف
تجري إلى كل غاية شططٍ / وتنتوي كل نية قَذِف
يا محيِيَ الشعر والسماح وقد / كانا جميعاً مُضَمَّنَي جدف
أدعى كتاب إلى الجميل وأو / عاه لما يشتهى من الخُرف
يا مبرئ الحسبة التي سقمت / بل التي أشرفت على التلف
داويت أدواءها وقد دنفت / حينا من الدهر أيما دنف
براجح الوزن من سَراة بني ال / عباس يقفو مذاهب السلف
أبلج يجلو بضوء غرته / ونور تقواه حالك السُّدَف
إذا رأى وجهه ومنصبه / ضنَّ بذاك الجمال والشرف
فعفَّ عن كل ما يشينهما / وكفَّ أحكامه عن الجنف
ينهاه عن مأثمٍ تُقى ورعٍ / فيه وعن مدنس نُهى أَنِف
له ذكاء الفتى وقد كمُلت / فيه على ذاك حُنكةُ النَصف
ممن إذا الغمر رام مغمزه / لم يؤت من قسوة ولا قصف
يغدو شديداً على المريب وتل / قاه لمن تاب ليِّنَ الكنف
يذعر بالهيبة الهزبر ويس / تنزل بالعدل أعصم الشعَف
فلو يرى هديه النبي أو ال / عباس قالا بوركت من خلف
كم قائل صادق وقائلة / لمن يخاف العداء لا تخف
إن مقام المظلوم عند أبي ال / عباس أضحى مقام منتصف
شمَّر للقوت وهو من ذهب / عزاً وللنقد وهو من خزف
فأوسع الفاسدين مصلحة / في غير إثم هناك مقترف
ونكَّل الباعة التي عمرت / تجمع بين التطفيف والحشف
وأنكر النكر بعدما اكتَنَتِ ال / فتنةُ في فتكها أبا دُلف
يفديه آمين كل ملتحِفٍ / على الخيانات كل ملتحَف
واسعد به أيها الوزير فقد / أعطيته طاهراً من النطف
قلدك الله منه لؤلؤة / كم صانها عن سواك بالصدف
قلَّدته أمرنا فقام به / غير أخي لوثة ولا لفَف
ومثلك اختار مثله وكذا / من كان بالمسلمين ذا لطف
أقسمتُ ما في الذي تسوس به ال / دين وملك الملوك من وكف
كلّا ولا سرت بالرعية في ال / وعث فأتعبتها ولا الظلف
بل أنت ذو السيرة التي قصدت / قدماً وحادت عن كل معتسَف
وهكذا سيرة الجواد إذا / لم يؤت من هجنة ولا قرف
يختلف الناس في سواك وما / توجدهم موقعاً لمختلف
أنت الذي أجمعت جماعتهم / أنك من لا يشول في الكفف
جمعت ما يجمع الوزير فما / تنفك من حاسد على أسف
إربٌ يُكادُ العدى به وندىً / يقرن بين القلوب بالأُلَف
ذهبت بالدَّهْيِ والسماح معاً / والناس من ذا وذاك في طرف
وأنت كالبحر لا كفاء له / في بعد غور وقرب مغترف
وحلمك المنقذ النفوس إذا / أشرفن من معطب على حَفف
أنسيتنا جود حاتم وحجى / عمرو الدواهي وحلم ذي الحَنف
ولو تبذلت للحروب لأُل / فيتَ شبيهاً بالليث ذي الغضف
لا سبط الخطو في المهارب حا / شاك ولكن في كل مزدحَف
خذها مديحاً كأنه وُشُحُ ال / درِّ إذا ما جرت على الهيَف
أحلى مذاقاً على اللسان من ال / شهد بماء الغمام في الرصف
مدح رأى أنك الكفيُّ له / فلم يجد عنك وجه منصرَف
وكلُّ مدح يقال فيك إلى ال / تقصير أدنى منه إلى السرف
نهدي لك الشعر ثم نحقره / وإن غدا من نفائس التحف
لأنه ليس فيك من بدع ال / أشياء كلّا ولا من الطُّرف
ولا نرى أنه يزيدك في / مجدك من متلد ومطَّرف
ما يرفعُ الشعر أو يشرِّف من / بدرٍ بزُهر النجوم مكتَنف
ينزل من مجده وسؤدَدِهِ / بين قديم وبين مؤتنف
له شمالان حاز إرثَهُما
له شمالان حاز إرثَهُما / عن ذي اليمينين شدَّ ما اختلفا
ما أبين اليمن في نقيبته / على أعاديه حيث ما انصرفا
بجود ما انقادت البلاد له / حتى إذا ما استثارها ضعفا
كأنه الدهر من هزائمه / يلعنه الله أينما ثقفا
أبا عليٍّ طلبتُ عيبك ما اس
أبا عليٍّ طلبتُ عيبك ما اس / طعت فألفيت عيبك السرفا
وذاك عيب كأنه ذَفَرُ ال / مسك إذا شم نشره رُشِفا
أو ديمة الغيث كلما طمع ال / طامع في أن يكفَّها وكفا
وحبذا أن يكون عيب فتى / عيباً إذا مر ذكره شغفا
ولم يكن يا أخا العلا طلبي / عيبك لا بغضة ولا شنفا
لكن لإشفاق نفس ذي مقة / ما زال عن ودكم ولا انحرفا
أبصر أشياء فيك منفسةً / إذا رآها مذمَّمٌ لهفا
يصبح من أخطأته ذا أسفٍ / ومن رأى الحظ فائتاً أسفا
وإنني خفت أن تصيبك بال / عين عيونٌ تقرطس الهدفا
فارتدت عيباً يكون واقية / فلم أجده أليةً حلفا
فقلت في الله ما وقى رجلاً / إن ميح أعفى وإن أريب عفا
كان له الله حيث كان ولا / زالت يميناه حوله كنفا
صدقتُ فيما صدقت من طلبي / فيك معابا ولم أزد ألفا
يا حسن الوجه والشمائل وال / أخلاق والعقل كيفما انصرفا
يا من إذا قلت فيه صالحة / عند عدوٍّ أقرَّ واعترفا
عندي عليل أردُّ منَّتَهُ / بطيّب الطيب كلما ضعفا
فابعث بشيء من البخور له / كبعض معروفك الذي سلفا
ولتك أنفاسه تشاكل ذك / راك وحسبي بطيبها وكفى
من نَدِّك الفاخر المُفضَّل في ال / ندِّ على غيره إذا وُصِفا
ذاك الذي لو غدا يفاخره / نسيم نَورِ الرياض ما انتصفا
ولا يكن دُخنَةَ المُعَزِّم لل / عفريت من شم نشرها رعفا
لا تدخلن الجفاء في لطفٍ / فربما ألطف امرؤ فجفا
حاشاك من ذاك في ملاطفتي / يا ألطف الناس كلهم لطفا
أطب وأقلل فإن أطبت وأك / ثرت نصيبي فيا له شرفا
وليس يروي كثير مائك بل / ما طاب منه لشارب وصفا
إن الكثير الخبيث مقتحم / في العين والقلب يبعث الأنفا
ولا تلمني على اشتطاطي في ال / حكم ولا في سؤالك الترفا
من حسن الله وجهَهُ وسجا / ياه وأعطاه كُلِّف الكلفا
وجهك ذاك الجميل سحَّبني / عليك حتى سألتك التحفا
وحسبنا أن كل ذي كرمٍ / إذا ركبت المكارم ارتدفا
يا درة العقد إن لي فِكَراً / تفلق عن در مدحك الصدفا
فاسع لشكري تجده حينئذ / شكر قدير تعجَّل الخلفا
يا درة البحر ضمها الصدفُ
يا درة البحر ضمها الصدفُ / ويا هلالاً من دونه السدفُ
قلبي عن العالمين منصرف / وليس لي عن هواك منصرف
حتام لا نلتقي على دعة / وطيب عيش منا فنأتلف
يا نجدة الروم في بطارقِها
يا نجدة الروم في بطارقِها / وحكمة الروم في مهارقِها
هل فيكما نصرة مؤزرةٌ / لزاهق النفس أو كزاهقها
غيب عن عينه مُغافصةٌ / أفضلُ ما اعتدَّه لفاتقها
يا حرَّ صدري على الخطوب وما / تطويه بالغيب من بوائقها
أُخرجتُ من جنتي مفاجأة / آمن ما كنت في حدائقها
بينا استماعي هديلَ هادلها / إذ راع قلبي نغيق ناغقها
فارقني قاسمٌ لِطَيَّته / يا لهف نفسي على مفارقها
بان عن العين وهو في فكَري / أدنى إلى النفس من معانقها
وكم أناس مباينين غدوا / ألصق بالنفس من ملاصقها
يا لهف نفسي على موفَّقها / يا لهف نفسي على مُوافقها
كان حياة صفت بعافية / هيهات منها ملال ذائقها
هل يخلف البدر وجه سيدنا / كلا ولا الشمس في مشارقها
أو يخلف البدر نور ضحكته / إذا انجلى الليل عن بوارقها
أو يخلف الغيث راحتيه لنا / كلا وأخلاقه وخالقها
أو يخلف البحر ما تجيش به / أفكاره تلك من دقائقها
فتى إذا ما الشواكل التبست / شق الأباطيل عن حقائقها
ذو شيمة لم تزل مواعدها / في الصدق تجري على موائقها
والله لولا تطيُّري سفحت / عيني دم القلب من حمالقها
لكن على غيره البكاء ولا / زالت أمانيه طوع سائقها
يرمي به العمر في خوالفه / وحلبة المجد في سوابقها
ويا نداماي لا عدمتكم / يا صفوة النفس من أصادقها
طلقت من بعدكم مناعم أص / بحت أرجّي رجاع طالقها
كأسي مذ غبتمُ معطلة / لم تجر عندي على طرائقها
غابقها ذاهل وصابحها / عن شأنها ذاهل كغابقها
والعود والناي صامتان معاً / أو مسعدا عبرةٍ ودافقها
ظعنتم والربيع منصرمٌ / والأرض تبكي على شقائقها
فكان في ظعنكم لها شغل / على كل ما محَّ من روانقها
ليس لبغداذ غيركم شجنٌ / ولا سوى ذكركم بشائقها
صبراً جميلاً فإنها بكر ال / عيش ولا بد من ودائقها
لكن آصالها مؤمَّلةٌ / آمننا الله من عوائقها
كأننا بالقيان تسمعنا / مثل المها العين في أبارقها
من كل رود إذا تضمَّنت ال / ألحان أربت على مُخارقها
أمانةَ الله إنها زنةُ ال / غبراء مبسوطها وخالقها
إلّا قرأتم على مؤمَّلِنا / سلام صادي الأحشاء خافقها
وقلتم غير كاذبين له / عن آمل النفس فيه واثقها
ناشر ذكر إذا التقت عُصَبٌ / حالت به المسكُ في مناشقها
أليةً يا أبا الحسين بآ / لائك إني لغيرُ ماحقها
إن يكنِ الظلم منك يرهقها / فظلم مولاك غيرُ راهقها
كم نعمة منك لا يقر بها / ينطق عنها ذرورُ شارقها
يا سارق الغر من صنائعه / مولاك ما عاش غيرُ سارقها
وفائق الحال حشوه شيمٌ / يعلمه الله غير فائقها
أضحى يرومُ العُلا فقلتُ له / دع رائقاتِ العُلا لرائقها
يا من يُحب العلا منافقة / هيهات أعيت على منافقها
فلا تحاول خداع كيِّسةٍ / تضنُّ بالصفو عن مُماذقها
ولا تخل أنها مُصادقةٌ / أخرى الليالي سوى مُصادقها
لن يجمع المال والعلا مقة / بل وامق المال غير وامقها
فكِل إلى قاسمٍ ولايتها / وخل معشوقة لعاشقها
ذاك الذي لم تزل شمائله / أحلى من الهيف في مناطقها
خذها كدرِّ الفتاة منتظماً / أو عِتَر المسك في مخانقها
وإنني ملحق بها فِقَراً / سوابق الشعر من لواحقها
لا يخطئ السالكون قصدهم / ميلاً إلى فتنة وناعقها
وليعدل الجائرون عن قُحمٍ / بمن أتاها مَحيقُ حائقها
خلافة الله في ملوك بني ال / عباس من خير رزق رازقها
قبيلة لستَ عادماً رشداً / في كهلها لا ولا مراهقها
فالحلم والعلم في أشائبها / والجود والبأس في غرانقها
يكفيك أن أصبحت خلافتهم / وابنُ سليمان حبلُ عاتقها
وأن إفضاله ونائله / لطالبي الفضل من مرافقها
يا لك من نحلة معسَّلة / وحية منه في سُرادقها
به استقامت أمور مملكة / عوجاء واستوسقت لواسقها
كأن تصريفه الخطوب لها / نتق جبال عنت لناتقها
جلّت هناك الخطوب وارتفعت / شاهاتها الصيد عن بياذقها
تُعدُّ منه لحربها قلماً / يُفرِجُ للرمح في مضايقها
ويهتدي عامِهُ السيوف به / من هام قوم إلى مفارقها
أحصن من سور كل عالية ال / سور حفاظاً ومن خنادقها
كم نوبة يذعر الزمان لها / يُعدُّه أهله لطارقها
ورشدةٍ كان من مَفاتحها / وغيَّةٍ كان من مغالقها
يلقى دهاءُ الرجال حيلتَه / أملأ بالضعف من أحامقها
يترك بالحول حول حُوَّلِها / وهو سواء وموق مائقها
يرمي بدهياء من فلائقه / في وجه دهياء من فلائقها
كم زاحم الدهر فوق مدحضة / زلج فما زل عن زحالقها
كم أنشأ المزن من ندىً وردىً / لمعتفي دولة وفاسقها
فأمطر البَرَّ من مَغاوثها / وفاجِرَ القومِ من صواعقها
يا آل وهب سمت بكم رتبٌ / يقصِّر السؤل عن سوامقها
يا عترة لم تزل ممدَّحة / ينكِّبُ الطعن عن خلائقها
فاتت فما ذمُّنا بلاحقها / كلا ولا مدحنا بسابقها
يكرم مخبوركم على محنٍ / من الليالي ومن صوافقها
كأنكم أنصلٌ مهندةٌ / يبدي لنا الصقل عن سفاسقها
أضحى نثا الملك والملوك بكم / أذكى من المسك في مفارقها
وفات صنديدكم بسابقةٍ / طالبها الدهر غير لاحقها
وازَت عُراها ملوك مِلَّتنا / فكنتمُ ثمَّ من وثائقها
فعولت منكم هناك على / فاتِقِ أحوالها وراتقها
واستحفظته قوام دولتها / وما يلي ذاك من علائقها
وكفَّلته برفد يابسها / ووكَّلته بكيدِ مارقها
فحطَّت الفقر عن عواتقنا / وحطت الهم عن عواتقها
وبيَّنَ الجريُ من صواهلها / خلاف ما كان من نواهقها
فلا تخافوا أمنتم أبداً / ما أينع الطلع في بواسقها
جعلتمُ عُرفَكم معاقلكم / من الليالي ومن طوارقها
وجاعل العرف من معاقله / أنجى من العصم في شواهقها
نعماؤكم في الأنام قد طرفت / عين من الله عينَ رامقها
وعصبة يحذقون مدحكمُ / من مجدكم جاء حذق حاذقها
لو مدحت غيركم فحولُهمُ / لقصر اللوم عن شقاشقها
كم مدحة لو عدتكمُ خرست / كنتم سبيلاً لنطق ناطقها
ومدحة لو عدتكم كذبت / كنتم سبيلاً لصدق صادقها
وكيف لا تبرز العقول لكم / وصائف الشعر في قراطقها
وفي سواكم كساد كاسدها / وفي ذراكم نفاق نافقها
لكنني قائل لبارقة / منكم لغيري صبيب وادقها
عدلك يا مزنةً هجرتُ كرى / عينيَّ قدماً لِشَيم بارقها
أأتقي الدهر ذا الهنات بكم / وأعظمي طعمة لعارقها
تالله ما عزتي لهاضمها / فيكم ولا هيبتي لخارقها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025