المجموع : 94
وَقَهوَةٍ كَالعَقيقِ صافِيَةٍ
وَقَهوَةٍ كَالعَقيقِ صافِيَةٍ / يَطيرُ مِن كَأسِها لَها شَرَرُ
زَوَّجتُها الماءَ كَي تَذِلَّ لَهُ / فَاِمتَعَضَت حينَ مَسَّها الذَكَرُ
كَذَلِكَ البِكرُ عِندَ خَلوَتِها / يَظهَرُ مِنها الحَياءُ وَالخَفَرُ
قُل لِأَبي مالِكٍ فَتى مُضَرِ
قُل لِأَبي مالِكٍ فَتى مُضَرِ / مَقالَ لا مُفحَمٍ وَلا حَصِرِ
جِئناكَ في مَيّتٍ تُكَفِّنُهُ / لَيسَ مِنَ الجِنِّ لا وَلا البَشَرِ
لَكِنَّ مَيتاً عِظامُهُ خَزَفٌ / وَاللَحمُ قارٌ وَالروحُ مِن عَكَرِ
لَيسَ لَنا ما بِهِ نُكَفِّنُهُ / فَكَفِّنِ المَيتَ يا أَخا مُضَرِ
وَاِعجِل فَقَد ماتَ فَاِعلَمَنَّ ضُحىً / وَنَحنُ مِن مَوتِهِ عَلى حَذَرِ
يا لَكَ مَيتاً صَلاةُ شيعَتِهِ / عَزفٌ عَلَيهِ وَالنَقرُ بِالوَتَرِ
إِنّي صَرَفتُ الهَوى إِلى قَمَرٍ
إِنّي صَرَفتُ الهَوى إِلى قَمَرٍ / لا يَتَحَدّى العُيونَ بِالنَظَرِ
إِذا تَأَمَّلتَهُ تَعاظَمَكَ ال / إِقرارُ في أَنَّهُ مِنَ البَشَرِ
ثُمَّ يَعودُ الإِنكارُ مَعرِفَةً / مِنكَ إِذا قِستَهُ إِلى الصُوَرِ
مُباحَةٌ ساحَةُ القُلوبِ لَهُ / يَأخُذُ مِنها أَطايِبَ الثَمَرِ
طولُ اِشتِياقي وَضيقُ مُصطَبَري
طولُ اِشتِياقي وَضيقُ مُصطَبَري / يُقَلِّبانِ الفُؤادَ بِالفِكرِ
فَالحُبُّ ضَيفٌ عَلَيَّ مُعتَكِفٌ / وَالقَلبُ مِن مِحنَةٍ عَلى خَطَرِ
يَبتَعِثُ الشَوقَ مِن مَكامِنِهِ / وَجهٌ زَها حُسنُهُ عَلى القَمَرِ
إِن تَشقَ عَيني بِها فَقَد سَعِدَت
إِن تَشقَ عَيني بِها فَقَد سَعِدَت / عَينُ رَسولي وَفُزتُ بِالخَبَرِ
فَكُلَّما جاءَني الرَسولُ لَها / رَدَّدتُ شَوقاً في طَرفِهِ نَظَري
تَظهَرُ في طَرفِهِ مَحاسِنُها / قَد أَثَّرَت فيهِ أَحسَنَ الأَثَرِ
خُذ مُقلَتي يا رَسولُ عارِيَةً / فَاِنظُر بِها وَاِحتَكِم عَلى بَصَري
لَمّا جَفاني الحَبيبُ وَاِمتَنَعَت
لَمّا جَفاني الحَبيبُ وَاِمتَنَعَت / عَنّي الرِسالاتُ مِنهُ وَالخَبَرُ
اِشتَدَّ شَوقي فَكادَ يَقتُلُني / ذِكرُ حَبيبي وَالهَمُّ وَالفِكَرُ
دَعَوتُ إِبليسَ ثُمَّ قُلتُ لَهُ / في خَلوَةٍ وَالدُموعُ تَنهَمِرُ
أَما تَرى كَيفَ قَد بُليتَ وَقَد / أَقرَحَ جَفني البُكاءُ وَالسَهَرُ
إِن أَنتَ لَم تُلقِ لي المَوَدَّةَ في / صَدرِ حَبيبي وَأَنتَ مُقتَدِرُ
لا قُلتُ شِعراً وَلا سَمِعتُ غِناً / وَلا جَرى في مَفاصِلي السَكَرُ
وَلا أَزالُ القُرآنَ أَدرُسُهُ / أَروحُ في دَرسِهِ وَأَبتَكِرُ
وَأَلزَمُ الصَومَ وَالصَلاةَ وَلا / أَزالُ دَهري بِالخَيرِ آتَمِرُ
فَما مَضَت بَعدَ ذاكَ ثالِثَةٌ / حَتّى أَتاني الحَبيبُ يَعتَذِرُ
كُلُّ مُحِبٍّ سِوايَ مَستورُ
كُلُّ مُحِبٍّ سِوايَ مَستورُ / وَالناسُ إِلّا عَن قِصَّتي عورُ
كَأَنَّ طَرفي عَينٌ عَلَيَّ لَهُم / فَكُلُّ طَيٍّ لَدَيَّ مَنشورُ
ما إِن يَغِبُّ الفَعالَ أَفعَلُهُ / حَتّى تَهاداهُ بَينَنا الدورُ
يَخرُجُ مِن هَذِهِ وَيَدخُلُ في / تِلكَ وَعَنهُ القِناعُ مَحسورُ
كَأَنَّني عِندَ سَترِ مَأرَبَتي / بِكُلِّ طَرفٍ إِلَيَّ مَنظورُ
فَما اِحتِيالي وَقَد خُلِقتُ فَتىً / تَجري بِما ساءَني المَقاديرُ
لَكِنَّ وَجهَ الَّذي كَلِفتُ بِهِ / مُحتَمَلٌ ذَنبُهُ وَمَغفورُ
خَلَيتُ عَيني وَلَذَّةَ النَظَرِ
خَلَيتُ عَيني وَلَذَّةَ النَظَرِ / تَلهو بِحُسنِ الوُجوهِ وَالصُوَرِ
نَزَّهتُها في مَحاسِنِ الخُرَّدِ ال / غيدِ وَرَوضِ الدَلالِ وَالخَفَرِ
لَستُ إِذا ما رَأَيتُ ذا حَوَرٍ / مِن لَحظِ عَيني لَهُ بِمُعتَذِرِ
أُسَرِّحُ العَينَ تَرتَعي في رِيا / ضِ الحُسنِ أَجلو بِنورِها بَصَري
فَقَد جَنَيتُ الهُمومَ مِنهُ وَقَد / خَلَّيتُ قَلبي يَعومُ في الفِكَرِ
لا أَسعَدُ القَلبَ في هَواهُ وَلا / يَطمَعُ في عِزَّتي وَلا خَوَري
عَفٌّ ضَميري وَطَيِّبٌ خَبَري / وَلَذَّتي في الحَديثِ وَالنَظَرِ
قَد أَصبَحَ المُلكُ بِالمُنى ظَفِرا
قَد أَصبَحَ المُلكُ بِالمُنى ظَفِرا / كَأَنَّما كانَ عاشِقاً قَدِرا
قيدَ بِأَشطانِهِ إِلى مَلِكٍ / ما عَشِقَ المُلكُ قَبلَهُ بَشَرا
حَسبُكَ وَجهُ الأَمينِ مِن قَمَرٍ / إِذا طَوى اللَيلُ دونَكَ القَمَرا
خَليفَةٌ يَعتَني بِأُمَّتِهِ / وَإِن أَتَتهُ ذُنوبُها غَفَرا
حَتّى لَوِ اِستَطاعَ مِن تَحَنُّنِهِ / دافَعَ عَنها القَضاءَ وَالقَدَرا
قُل لِزُهَيرٍ إِذا اِتَّكا وَشَدا
قُل لِزُهَيرٍ إِذا اِتَّكا وَشَدا / أَقلِل أَوِ اِكثِر فَأَنتَ مِهذارُ
سُخِّنتَ مِن شِدَّةِ البُرودَةِ حَت / تى صِرتَ عِندي كَأَنَّكَ النارُ
لا يَعجَبِ السامِعونَ مِن صِفَتي / كَذَلِكَ الثَلجُ بارِدٌ حارُ
يا سائِلَ اللَهِ فُزتَ بِالظَفَرِ
يا سائِلَ اللَهِ فُزتَ بِالظَفَرِ / وَبِالنَوالِ الهَنِيِّ لا الكَدَرِ
فَاِرغَب إِلى اللَهِ لا إِلى بَشَرٍ / مُنتَقِلٍ في البِلى وَفي الغِيَرِ
وَاِرغَب إِلى اللَهِ لا إِلى جَسَدٍ / مُنتَقِلٍ مِن صِباً إِلى كِبَرِ
إِنَّ الَّذي لا يَخيبُ سائِلُهُ / جَوهَرُهُ غَيرُ جَوهَرِ البَشَرِ
ما لَكَ بِالتُرَّهاتِ مُشتَغِلاً / أَفي يَدَيكَ الأَمانُ مِن سَقَرِ
وَنابِهٍ في الهَوى لَنا ناسِ
وَنابِهٍ في الهَوى لَنا ناسِ / قَطَّعَ لي بِالهِجرانِ أَنفاسي
لَستُ لَها واصِفاً مَخافَةَ أَن / يَعرِفَ ما بي جَماعَةُ الناسِ
أَكثَرُ وَصفي لَها شِكايَةُ ما / فيها قَضى اللَهُ لي عَلى راسي
يُطمِعُني لَحظُها وَيُؤنِسُني / بِاللَفظِ مِنها فُؤادُها القاسي
فَصِرتُ بِاللَحظِ مِن مُعَذِّبَتي / وَاللَفظِ بَينَ الرَجاءِ وَالياسِ
أَسعَدُ يَومٍ لَها حَظيتُ بِهِ / مَقالُها لي وَلَستُ بِالناسي
لِذَلِكَ اليَومِ ما حَيِيتُ وَما / تَرجَمَ قَولي سَوادُ أَنفاسي
تَقولُ لي وَالمُدامُ مُرسَلَةٌ / تُفيضُ حَولي نُفوسَ جُلّاسي
هَل لَكَ أَن تَطرُدَ النُعاسَ فَقَد / طابَ اِنضِواعُ المُدامِ وَالآسِ
قُلتُ لَها فَاِبتَدي وَهاتي فَما / حَسَوتِ مِنها فَإِنَّني حاسِ
وَغايَتي أَن أَنالَ فَضلَتَها / في الكَأسِ مِن شُربِها أَوِ الطاسِ
ثُمَّ أَظُنُّ الحِذارَ نَبَّهَها / وَما بِها قَد أَرَدتُ مِن باسِ
قالَت فَدَع عَنكَ الاِحتِيالَ لِما / أَرَدتَ سُكري لَهُ وَإِنعاسي
أَعرَضتُ عَنها وَقَد فَهِمتُ لِكَي / تَحسَبَ أَنّي لِقَولِها ناسِ
ثُمَّ دَعَتها المُدامُ مِن كَثَبٍ / وَاللَيلُ ذو سُدفَةٍ وَإِدماسِ
فَاِحتَلَبَت زِقَّنا فَمَجَّ بِها / في الكَأسِ راحاً كَضَوءِ مِقباسِ
ثُمَّ تَحَسَّت حَتّى إِذا شَرِبَت / نِصفاً كَما قيسَ لي بِمِقياسِ
نازَعتُها الكَأسَ فيهِ فُضلَتُها / فَفُزتُ بِالكَأسِ بَعدَ إِمراسِ
فَكادَتِ النَفسُ لِلسُرورِ بِها / تَخرُجُ بَينَ المُدامِ وَالكاسِ
هَل لِدِيارٍ حَيَّيتَها دُرُسِ
هَل لِدِيارٍ حَيَّيتَها دُرُسِ / مِن صَمَمٍ ما هَتَفتَ أَو خَرَسِ
غُيِّبَ عَنهُنَّ سَكنُهُنَّ فَما / بِهِنَّ مِن جِنَّةٍ وَلا أَنَسِ
إِلّا شَبيهاً بِهِنَّ في وَضَحِ ال / جيدِ وَحُسنِ العُيونِ وَاللَعَسِ
وَصاحِبٍ رُعتُهُ وَقَد ماتَتِ ال / ظَلماءُ إِلّا حُشاشَةَ الغَلَسِ
بِخَمرَةٍ تُجتَلى لِخاطِبِها / كَجَلوَةِ البِكرِ لَيلَةَ العُرُسُ
ما اِنفَكَّ لِلَّهِ في رَعِيَّتِهِ / ذَخيرَةٌ مِن رَبيعَةِ الفَرَسِ
إِذا سَنى ذا خَبا لِمَدَّتِهِ / أَضرَمَ مِن ذاكَ زاكِيَ القَبَسِ
إِنَّ اِسمَ حُسنٍ لِوَجهِها صِفَةٌ
إِنَّ اِسمَ حُسنٍ لِوَجهِها صِفَةٌ / وَلا أَرى ذا في غَيرِها اِجتَمَعا
فَهيَ إِذا سُمِّيَت فَقَد وُصِفَت / فَيَجمَعُ اللَفظُ مَعنَيَينِ مَعا
إِنَّ بِشَطِّ الفُراتِ لي سَكَناً / يَبلُغُ غَيظي بِكُلِّ ما وَسِعا
يُلصِقُ أَنفي بِكُلِّ مُرغَمَةٍ / وَلا يَراني عَلَيهِ مُمتَنِعا
لَستُ لِدارٍ عَفَت بِوَصّافِ
لَستُ لِدارٍ عَفَت بِوَصّافِ / وَلا عَلى رَبعِها بِوَقّافِ
وَلا أُسَلّي الهُمومَ في غَسقِ ال / لَيلِ بِحادٍ في البيدِ عَسّافِ
لَكِن بِوَجهِ الحَبيبِ أَشرَبُها / بَينَ نَدامى وَبَينَ أُلّافِ
مِن قَهوَةٍ كَالعَقيقِ صافِيَةٍ / عادِيَّةِ العُمرِ ذاتِ أَسلافِ
كَأَنَّ في لَحظِ عَينِ مازِجِها / إِذا اِجتَلاها بَريقَ أَسيافِ
كَأَنَّها وَالمِزاجُ يَقرَعُها / في قَعرِ كَأسٍ نَجيعُ أَجوافِ
تَفتَرُّ في الكَأسِ حينَ تَمزُجُها / بِماءِ مُزنٍ عَن دُرِّ أَصدافِ
مُنتَظِماتٌ وَغَيرُ مُنتَظِمٍ / تَغورُ فيها وَبَعضُها طافِ
فَذاكَ أَشهى مِنَ الوُقوفِ عَلى / رَبعٍ لِأَسماءَ آيُهُ عافِ
يا رُبَّ ساقٍ كَأَنَّهُ شَبَهُ ال
يا رُبَّ ساقٍ كَأَنَّهُ شَبَهُ ال / بَدرِ تَجَلّى الظَلامُ عَن سَدَفِه
قُلتُ لَهُ لِلَّذي أَرَدتُ بِهِ / وَقَد يُنالُ اللَطيفُ مِن لُطُفِه
إِلَيَّ فَاِسمَع تَسمَع إِلى عَجَبٍ / مِن مُستَجِدِّ الحَديثِ مُطَّرِفِه
فَاِنقادَ حَتّى رَأَيتُ أَنَّ فَمي / أَدنى لِأُذنَيهِ مِن عُرى شَنَفِه
فَقُبِّلَت صَفحَةٌ وَسالِفَةٌ / مِن رَوضِ غَضِّ الشَبابِ مُؤتَنِفُه
وَما دَرى الشَربُ أَو دَرَوا فَلَهَوا / عَن قَرَحِ القَلبِ قَد لَجَّ في دَنَفِه
لا تئلُ العُصمُ في الهِضابِ وَلا
لا تئلُ العُصمُ في الهِضابِ وَلا / شَغواءُ تَغذو فَرخَينِ في لُجُفِ
يُكِنُّها الجَوُّ في النَهارِ وَيُؤ / وِيها سَوادُ الدُجى إِلى شَرَفِ
تَحنو بِجُؤشوشِها عَلى ضَرَمٍ / كَقَعدَةِ المُنحَني مِنَ الخَزَفِ
وَلا شُبوبٌ باتَت تُؤَرِّقُهُ ال / نَثرَةُ مِنها بِوابِلٍ قَصِفِ
دانٍ عَلى أَرضِهِ وَأُسنِدَ في / بَهوِ أَمينِ الإِيادِ ذي هَدَفِ
دَيدَنُهُ ذاكَ طولَ لَيلَتِهِ / حَتّى إِذا اِنجابَ حاجِبُ السَدَفِ
غَدا كَوَقفِ الهَلوكِ يَنهَفِتُ ال / قِطقِطُ عَن مَنبِتَيهِ وَالكَتِفِ
كَأَنَّ شَذراً وَهَت مَعاقِدُهُ / بَينَ صَلاهُ فَمَلعَبِ الشَنَفِ
وَأَخدَرِيٍّ صُلبِ النَواهِقِ صَل / صالٍ أَمينِ الفُصوصِ وَالوُظُفِ
مُنفَرِدٌ في الفَلاةِ توسِعُهُ / رَيّاً وَما يَختَليهِ مِن عَلَفِ
ما تَرَكَ المَوتُ بَعدَهُ شَبَحاً / بادٍ بِتَلِّ القِلالِ وَالشَعَفِ
لَمّا رَأَيتُ المَنونَ آخِذَةٌ / كُلَّ شَديدٍ وَكُلَّ ذي ضَعَفِ
بِتُّ أُعَزّي الفُؤادَ عَن خَلَفٍ / وَباتَ دَمعي إِن لا يَفِض يَكِفِ
أَنسى الرَزايا مَيتٌ فُجِعتُ بِهِ / أَمسى رَهينَ التُرابِ في جَدَفِ
كانَ يُسَنّي بِرِفقَةٍ عَلَقاً / في غَيرِ عِيٍّ مِنهُ وَلا عُنُفِ
يَجوبُ عَنكَ الَّتي عَشيتَ بِها / مِن قَبلُ حَتّى يَشفيكَ في لُطُفِ
لا يَهِمُ الحاءَ في القِراءَةِ بِال / حاءِ وَلا لامَها مَعَ الأَلِفِ
وَلا يُعَمّي مَعنى الكَلامِ وَلا / يَكونُ إِنشادُهُ عَنِ الصُحُفِ
وَكانَ مِمَّن مَضى لَنا خَلَفاً / فَلَيسَ مِنهُ إِذ بانَ مِن خَلَفِ
يا لَيلَةً طابَ لي بِها الأَرَقُ
يا لَيلَةً طابَ لي بِها الأَرَقُ / حَتّى بَدا مِن صَباحِها الفَلَقُ
نُسقى سُلافاً مِن بِنتِ دَسكَرَةٍ / ما شابَها في دِنانِها الرَنَقُ
اِختارَها في القِطافِ سائِمُها / حُمراً وَسوداً كَأَنَّها الحَدَقُ
حَتّى إِذا في الحِياضِ صَيَّرَها / خالَطَها الزَعفَرانُ وَالعَلَقُ
حَصَّنَها في الحِياضِ فَاِحتَجَبَت / ما راعَها رَهبَةٌ وَلا فَرَقُ
خَمسينَ عاماً حَتّى إِذا هَرِمَت / وَاِخضَرَّ مِن نَبتِ نَبتِها الوَرَقُ
أَتَوا بِها في الحِبابِ يَخفُرُها / مَشيٌ هُوَينى ما إِن بِهِ نَزَقُ
فَبادَروا لِاِفتِضاضِ عُذرَتِها / بِناقِدٍ في شَباتِهِ زَلَقُ
فَسالَ مِنها مِثلَ الرُعافِ دَمٌ / يُشفى بِهِ مِن سَقامِهِ الصَعِقُ
نازَعَها سادَةٌ غَطارِفَةٌ / كَأَنَّهُم مِن شَقيقَةٍ شُقِقوا
يُسقَونَ مِن قَهوَةٍ مُعَتَّقَةٍ / لَها دَبيبٌ في المُخِّ يَستَبِقُ
أَعطَوا بِها رَبَّها حُكومَتَهُ / بيضاً كَمِثلِ السُيوفِ تَبتَرِقُ
جاءَ بِها كَالخَلوقِ في قَدَحٍ / تَزهُرُ في جَوفِهِ فَتَأتَلِقُ
كَأَنَّ إِبريقَنا إِذا صُفِقَت / في الكَأسِ شَيخٌ مُزَمزِمٌ شَرِقُ
كَأَنَّها وَالمِزاجُ يَقرَعُها / شِهابُ نارٍ في الجَوِّ يَحتَرِقُ
كَأَنَّما حَفَّ مِن قَراقِرِها / بِطَوقِها جِلدُ حَيَّةٍ يَقَقُ
في مَجلِسٍ لَيسَ فيهِ فاحِشَةٌ / إِلّا حَديثٌ وَمَنطِقٌ أَنِقُ
اِشرَب وَسَقِّ الحَبيبَ يا ساقي
اِشرَب وَسَقِّ الحَبيبَ يا ساقي / وَسَقِّني فَضلَ كَأسِهِ الباقي
وَسَقِّهِ فَضلَ ما أُخَلِّفُهُ / في الكَأسِ عَمداً بِغَيرِ إِشفاقِ
أَشرَبُ مِن فَضلِهِ وَيَشرَبُ مِن / فَضلي كَذا فِعلَ كُلِّ مُشتاقِ
جِئتَ رَسولاً فَصِرتَ ساقينا / حُيِّيتَ مِن مُرسَلٍ وَمِن ساقِ
عَلِقتُ مِن شَقوَتي وَمِن نَكَدي
عَلِقتُ مِن شَقوَتي وَمِن نَكَدي / مُزَنَّراً وَالصَليبُ في عُنُقِه
أَقبَلَ يَمشي إِلى كَنيسَتِهِ / فَكِدتُ أَقضي الحَياةَ مِن فَرَقِه
فَقُلتُ مَن أَنتَ بِالمَسيحِ وَبِال / إِنجيلِ سَطَّرتُهُ عَلى وَرَقِه
وَبِالصَليبِ الَّذي تَدينُ لَهُ / فَقالَ بَدرُ السَماءِ في أُفُقِه
سَأَلتُهُ عَن مَحَلِّ بيعَتِهِ / فَقالَ في نارِهِ وَفي حُرَقِه
فَالوَيلُ لي مِن طِلابِ مُحتَبِسٍ / صِرتُ كَميناً لَهُ عَلى طُرُقِه
يا مَن رَأى عاشِقاً أَخا كَلَفٍ / يَزدادُ حِرمانُهُ عَلى قَلَقِه