هل لذا الجفا سببُ
هل لذا الجفا سببُ / أم صدودهِ لعبُ
أم ذكاءُ ما برحتْ / تجتلي وتحتجبُ
أم غدا كمشبههِ / البدرُ ليس يقتربُ
شادنٌ لأعينهِ / أنفُسُ الورى سلبُ
إن يعد فليسَ يفي / والهوى لهُ أدبُ
يحكمُ الملاحُ على / الصدقِ أنهُ كذبُ
وانتمى الجمالُ لهُ / فهو للجمالِ أبُ
وهوَ من تدللهِ / هاجرٌ ومصطحبُ
وهو من ملاحتهِ / سافرٌ ومنتقبُ
كلُّ أمرهِ عجبُ / وكذا الهوى عجبُ
يا ليالياً سلفتْ / هل تعيدكِ الحقبُ
والرياضُ حاليةً / للسماءِ تنتسبُ
وهو بينَ أكوسها / البدرُ حولهُ الشهبُ
نجتليها عابسةً / باسماً لنا الحببُ
كالعروسِ قد حجبتْ / وهو دونها حُجبُ
أبطأوا بزفتها / والزفافُ مرتقبُ
أو كخدٍ أغيدَ لو / لم يسلْ بها العنبُ
أو كأنها شفة / عضها فتىً وصبُ
أو كدمعِ ذي كلف / بالدماءِ ينسكبُ
أو كقلبِ ذي حسدٍ / مازالَ يلتهبُ
إن لثمتها جذبتْ / معطفي فينجذبُ
ينبري لها رشأ / هزَّ عطفه الطربُ
في القلوبِ مختبئ / للقلوبِ مختلبُ
خدهُ بحمرتها / كالبنانِ مختضبُ
تلعبُ المدامُ بهِ / كلما احتسى يثبُ
وهو منها في ضحكٍ / وهي منهُ تنتحبُ
من كمثلي إن ذكروا / من سما بهِ الأدبُ
شيمةٌ مخلفةٌ / نافستْ بها العربُ
إنها المعادن لم / يصد مثلها الذهبُ
يا ضلوعي ما برحَ / القلبُ فيكِ يضطربُ
دارتْ العيونُ بهِ / فهو بينها نهبُ
وانجلتْ لواحظها / فانجلى لهُ العطبُ
أعينٌ يموجُ بها / سحرها فينسربُ
كم صرعنَ من أسدٍ / حينَ غالبوا غلبوا
في جفونها رسلٌ / لم تجئ بها كتبُ
ويحَ من أحبَّ أما / ينقضي لهُ أربُ
إن أراحهُ تعبٌ / شفَّ قلبهُ تعبُ