القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الحُصْري القَيرَواني الكل
المجموع : 11
يا اِبنَ تِسع كانَ يَفهَمُ ما
يا اِبنَ تِسع كانَ يَفهَمُ ما / رَفَعَ المَعنى وَما نَصَبا
خُذ مِنَ اللَهِ الأَمانَ فَمَن / خَفَّ ظَهراً لَم يَخَف نَصبا
إِنَّما يَخشى العِقابَ غَداً / مَن غَوى في شيبِهِ وَصَبا
فُزتَ يا عَبدَ الغَنِيِّ كَأَن / لَم تَجِد سقماً وَلا وَصَبا
يا قَتيلاً طُلَّ مِنهُ دَمٌ
يا قَتيلاً طُلَّ مِنهُ دَمٌ / بَينَ أَسدِ الغابِ طُلَّبهِ
كانَ سَيفاً في يَدي ذَكَراً / لَو قَتَلتُ الفيلَ طُلَّ بِهِ
أَجَلي عَنّي أَراثَ شُعوباً
أَجَلي عَنّي أَراثَ شُعوباً / وَبِودّي أَنَّها لا تُراثُ
مُتَّ يا عَبدَ الغنيّ وَما لي / مِنكَ إِلّا حَسَراتي تُراثُ
كُلَّما أَبَّنتُ مُنتَجبي
كُلَّما أَبَّنتُ مُنتَجبي / زادَني تَأبينُهُ لَهَجا
وَبَنو ذا الدَّهرِ كُلُّهُمُ / لَو رَآهُم مادِحٌ لَهَجا
وَلَدي نالَ الرِّضا وَرَأى / خَلَدي ما نالَهُ فَرَجا
ضِقتُ ذرعاً مِن رَزِيّته / رَبِّ فَاِجعَل مِنكَ لي فَرَجا
راعِفٌ مِمّا جَرى دَمُهُ / حَسِبوا عرنينَهُ وَدَجا
بِأَبي ريحانَة ذَبُلت / جَلَّ عِندي خَطبُها وَدَجا
لا جَلا أَحزاني الجَلدُ
لا جَلا أَحزاني الجَلدُ / لا خَلا مِن ذِكرِكَ الخَلدُ
لا هَنى عَينَيَّ نَومُهُما / وَهناكَ الحُزنُ وَالخُلُدُ
باتَ صَحبي يَسهَرونَ وَلَم / يَجِدوا الوَجدَ الَّذي أَجِدُ
وَأَنا أَسهَرتُ أَعيُنهُم / إِنّ دَمعي لَو رَقا رَقَدوا
قُلتُ إِذ قالوا تَعَزَّ أَما / لِلبُكا مِن بَعدِهِ أَمَدُ
مَدَّ دَمعي فيهِ بَحرُ دَمي / فَأَبى أَن يَنفَدَ الأَبَدُ
أَنا أَبكي وَالغَليلُ كَما / كانَ في الأَحشاءِ وَالكَمَدُ
كُلَّما رُمتُ الأَسى نَكَأ ال / قَرحَ دَهرٌ دَأبُهُ النَكَدُ
عُرّي اليَومَ العَرينُ مِنَ الش / شبلِ فَليُبدِ الأَسى الأَسَدُ
مغتَوٍ بِالدَمعِ مُغتَرِبٌ / ما لَهُ مالٌ وَلا وَلَدُ
عَثَتِ الأَعرابُ في بَلَدٍ / فَاِكتَسى ثَوبَ البِلى البَلَدُ
اِحدُ يا بَرقَ السَحابِ لَهُ / مِن جُفوني ما رَسا أَحُدُ
كانَ في عَبدِ الغِنيّ غِنىً / عَنهُ حَتّى حَسَّهُ الحَسَدُ
طَرَقَتني العَينُ فيهِ وَقَد / عاصَ وَاِشتَدَّت بِهِ العَضُدُ
وَتَرَتنيهِ شَعوبُ وَما / لِغَوِيٍّ عِندَها قَوَدُ
دارِعٌ لا المَوتَ يَدرَأُ عَن / نَفسِهِ أَزرى بِهِ الزَرَدُ
بَعدَ أَن يحمى الفناءُ بِنا / لِفَناءٍ نَحنُ لا فَنَدُ
رُبَّ بانٍ وَالحِمامُ لَهُ / في بِناءٍ رَصَّهُ رَصَدُ
آه أَودى مَن أَوَدُّ وَمَن / قامَ في قَومي بِهِ الأَوَدُ
شَبَّهُم حَرباً فَوا حَربا / ما لَهُم ناخوا وَقَد وَقَدوا
وَجَدوهُ وَالسُعودُ تَقي / ثُمَّ خانَتهُم فَقَد فَقَدوا
دُرَّةً يُزهى بِرَونقِها / مُنتَقٍ لِلدُرِّ مُنتَقِدُ
مَلَأَت عَينَ الزَمانِ سَنىً / وَصَفا مِنها لَهُ الصَفَدُ
لَو تَمادَت مُدَّةُ اِبنِيَ لَم / يَتَجاوَز حَدَّهُ أَحَدُ
كانَ طِفلاً لَو غَزا مائَةً / لَم يَهُلهُ لِلعِدا عَدَدُ
طارَ لِلعَليا فَأَدرَكَها / بِجَناحٍ راشَهُ الرَشَدُ
وَاِبتَنى المَجدَ المُؤَثَّلَ وَال / عَمَلَ الزاكي لَهُ العُمُدُ
يا عُقاب المَوتِ حُمت عَلى / عَقِبي فَاِنحَلَّتِ العُقَدُ
اِختَطَفتِ اِبنَ اللَباةِ وَلَم / تَحمِهِ الأَظفارُ وَاللِبَدُ
وَخَبا نَجمي فَها أَنا ذا / لا سَنىً يهدي وَلا سَنَدُ
كَبِدُ المَرءِ اِبنُهُ فَإِذا / كُبَّ أَمسى ما لهُ كَبِدُ
كُلُّ مَحبوبٍ يُمَلُّ سِوى / ما يَلي الإِنسانُ أَو يَلِدُ
إِنَّما الأَبناءُ إِن نَجُبوا / عدد الآباءِ وَالعدَدُ
وَإِذا كانَ الفَتى خَلفاً / فَحُلى أَجدادِهِ جُدُدُ
نَفَسَ الباكي عَلَيكَ تُرى / يا حَيا الصادي مَتى نَرِدُ
كُن غَداً نورَ الشَقِيِّ إِذا / ما سَعى نورُ الألى سَعِدوا
وَحَديثٍ لِلنَبِيِّ يَعي / فيهِ بُشراهُ بِما يَعِدُ
وَعَسى المُختارُ يَذكُرهُ / فَيَقي المَحزونَ إِذ يَفِدُ
لا يَد لي كَيفَ عِشتُ وَقَد / حَكَمَت لِلمَوتِ فيكَ يَدُ
مَن بَكى الأَحبابَ إِذ بَعُدوا / فَليَمُت وَجداً إِذا بَعُدوا
كانَ مُذ قامَت نُعاتُكَ بي / صَمَم حَتّى هَدى الصَمدُ
تَعس المَظلومُ بَعدَكُمُ
تَعس المَظلومُ بَعدَكُمُ / أَن يَرى عَدلاً وَإِنصافا
غُربَةُ الأَوطانِ جاحِمَةٌ / إِن شَتا فيها وَإِن صافا
هَل دَرى القَبرُ المُضيءُ سَناهُ
هَل دَرى القَبرُ المُضيءُ سَناهُ / أَيَّ غِطريفٍ مِنَ القَومِ آوى
كانَ يَرتاعُ أَبو الشبلِ مِنهُ / كُلَّما صالَ فَكَيفَ اِبنُ آوى
أَفَلا أَبكي وَقَد أَفلا
أَفَلا أَبكي وَقَد أَفلا / قَمَرٌ مِنّي بَدا بَدَلا
كَمُلَت زَهرُ البُدورِ وَما / كَمُلَت حُسناً كَما كَمُلا
أَجلا لَيلي بِغُرَّتِهِ / وَخَبا مُستَوفِياً أَجَلا
أَو ما فَدَّتهُ يَومَ خَوى / شُهُبٌ كانَت لَهُ خولا
جلَّ خَطبُ المَجدِ فيهِ وَكَم / بِمُحَيّاهُ جَلا جَلَلا
مُنتَقى الأَخلاقِ جَدَّ إِلى / جَنَّة الفِردَوسِ مُنتَقِلا
تَرَكَ الدُنيا وَآثَرَها / فِعلاً فيها بِما فَعَلا
أَسلا عَن كُلِّ غانِيَةٍ / أَرسَلَت أَلحاظَها أَسلا
وَحَلا مُرُّ الحِمامِ لَهُ / إِذ رَأى الدُنيا لَنا وَحلا
وَأَلاحَت مِن رَزِيَّتِهِ / فِهرُ إِذ وَلّى وَإِذ وَأَلا
وَلَدي أَودى فَلا شَغَفٌ / لي بِالدُنيا وَلا شُغُلا
أَو حَطَّ البَدر رافِعُهُ / فَاِختَبا أَو عَقلي اِختَبَلا
فَسَأغشى القَبر باكِيهُ / لا الطّلى أَخشى وَلا الطَلَلا
نَتَجَتهُ الشَمسُ ثُمَّ نَأَت / فَاِعتَدى الدَهرُ الَّذي اِعتَدَلا
أَزمَعَت أُمُّ الغَزالِ نَوىً / فَنَسيتُ اللَهوَ وَالغَزَلا
غَدَرَت مِنّي وَفِيّكما / فَسَلا المَشغوفُ كَيفَ سَلا
نَجلها عَبدُ الغَنِيِّ شَفى / وَجَلا عَن قَلبي الوَجلا
فَاِعتَزى لِلعِزِّ والِدُهُ / ثُمَّ ذَلَّ اليَومَ فَاِعتَزَلا
قَد أَسا جُرحي وَفارَقَني / فَاِندَمى الجُرحُ الَّذي اِندَمَلا
لا حَبا مِن بَعدِهِ وَلَدٌ / لا تَسَلَّت أُمُّهُ حَبَلا
آدَني دَهري فَأَبَّدني / وَاِحتَمى في العِبءِ فَاِحتَمَلا
كلَّ مَعنى كانَ يوضِحُهُ / في العُلا لمّا اِشتَكى اِشتَكَلا
لِتمُت نَفسي بِحَسرَتِها / مَن إِلَيهِ اِرتاحَت اِرتَحَلا
جَذَمَت حَبلي النَوائِبُ مِن / سَكَني وَاِبني فَلا جَذَلا
لَو أَرادَ اللَهُ بي رشداً / لَكَفاني لَمسي الكَفَلا
أَعنت نَفسي ذي عَنتٍ / لِضَجيعٍ حَلَّ لي وَحَلا
لَيتَني عِفتُ الزُلالَ فَقَد / أَعقَب الغضّاتِ وَالزَلَلا
عِبرُ الأَيّامِ قائِلَةٌ / وَيحَ مَن أَغفى وَمَن غَفَلا
وبَنو الدُنيا كَأَنَّهُم / في عمىً عَنها فَلا عَمَلا
لَو دَرى عَيرٌ دَوائِرها / ما نَزا مِن هَولِ ما نَزَلا
فازَ مَن لَم يَستَقِرَّ هَوىً / فَخَلا مِنها وَلا خَلَلا
عَرَضَت أَعراضها فَأَبى / وَنَفى غَيرَ التُقى نَفَلا
جَرَّعَتني اليَومَ عَلقَمَها / فَعَسى أَن تُعقِبُ العَسَلا
وَصَل اِبني لِلنَّعيمِ فَيا / لَيتَ مَوتاً صَدَّني وَصَلا
فَصَلاةُ اللَهِ جَلَّ عَلى / مَن إِلى رِضوانِهِ وَصَلا
وَذُنوبي كَالحَصا عَدَداً / أَينَ منّي ما لَهُ حَصَلا
مِن طِرازِ اللَهِ كانَ فَلَو / ذَبَّ عَنهُ العَينَ ما ذَبلا
وَنَجا لِلحُسنِ مِن ضَرَرٍ / لا لَمىً أَبقى وَلا نَجلا
هَمَّ إِبلالاً فَلَجَّ دَمٌ / مِنهُ لا يَألو الثَرى بَلَلا
إِن غَسا لَيلي أَرِقتُ لَهُ / وَأَرَقتُ الدَمعُ فَاِنغَسَلا
وَكَذا صَرفُ الزَمانِ إِذا / حَلَّ أَمراً لِلفَتى فَتَلا
كانَ إِن فتَّ الحَشا سَقَمٌ / عادَ في قُرآنِهِ فَتَلا
بَطَلَ الزَعمُ الَّذي زَعَموا / أَنّ درعاً أَحرَزَت بَطَلا
نَحنُ في الهَيجا عَلى خَطَرٍ / مَن يَقُل أَنجُو يَقُل خَطَلا
وَقّتَ اللَه الحمامَ فَإِن / صابَ شَهماً سَهمُهُ قَتَلا
بِأَبي طِفلٌ فُروسَتُهُ / أَرحَلَت عَن طَرفِهِ الرُحَلا
في نَشاطٍ لِلحِضارِ نَشا / إِن كَسا الطِفلَ الصِبا كَسَلا
قَد حَبا العَقل الوقارَ لَهُ / فَرَساً في حِلمِهِ جَبَلا
إِن وَعى مِنّي الأُصولَ ضُحىً / فَرَّعَت آراؤُهُ أُصُلا
قَبَرَت فهر التُقى مَعَهُ / وَالجِدا وَالجِدَّ وَالجَدَلا
وَلَدي عَبدَ الغَنِيِّ أَما / بَلَغَت فيكَ العُلا أَمَلا
هَنَّأَتكَ الكَأسُ تَشرَبُها / مِن رَحيقٍ ثُمَّ لا ثَمَلا
فَاِشفني بِاللَهِ مِن عِلَلٍ / وَاِسقِني يَومَ الصَدى عَلَلا
مُستَضامٌ ما لَهُ مِن وَلِيِّ
مُستَضامٌ ما لَهُ مِن وَلِيِّ / غَير وَسميّ البُكا وَالوَليِّ
في القُرَيّاتِ القُصا بَينَ قَومٍ / يَحسَبونَ البَحرَ مِثل القَرِيِّ
وَيَرونَ الصُبحَ مِثلَ الدَياجي / وَالمَعاني غُيَّبٌ عَن غَبِيِّ
أَسَرَتني لَوثَةُ الدَهرِ لَيثا / فَعَوى كُلُّ حَرِيٍّ جَرِيِّ
رُبَّ مَن عَلَّمتُ حَتّى تَناهى / فَجَزى النُعمى بِكُفرِ البغَيِّ
وَجزيتُ الغَدرَ مِنهُ بِغَدرٍ / إِنَّما أوفي بِعَهدِ الوَفِيِّ
إِنَّ نَفسي مُرَّةٌ فَهيَ تَأبى / أَن تَراني مُحسِناً لِمُسيِّ
وَجَزاءُ السَيءِ سَيءٌ وَمَن لَم / يَنتَصِر باءَ بِذُلِّ الشَقيِّ
أَيُّها العاوي عَلى القَمَرِ اِخسَأ / جِئتَ في الحَقِّ بِشَيءٍ فَريِّ
مِن مَواتِ الأَرضِ أَنتَ فَأَنّى / لَكَ نُطقٌ في المَواتي لرَضِيِّ
إِنَّما يهدمُ قيلُ الأَعادي / شَرَفاً لَم يُبنَ بِالمَشرَفِيِّ
كَم أَثارَت صَولَتي مِن كَمينٍ / وَكَم اِبتَزَّت يَدي من كَمِيِّ
غَيرَ أَنّي نَهنَهَتني الرَزايا / في أَبٍ بَرٍّ وَفي اِبنٍ زَكِيِّ
شَقّني فَقدُ أَبي حينَ أَودى / فَشَفى قَلبي وجودُ السَمِيِّ
ثُمَّ لَمّا جُبِرَت فِهر هيضَت / بِمُضِيٍّ مِن هِلالٍ مُضِيِّ
أَفَلا أَبكي عَلى اِبنٍ نَجيبٍ / كَأَبي صَعب المَرامِ أَبِيِّ
أَنا مِسكينٌ وَلَو كُنتُ كِسرَى / لا غِنىً إِلّا بِعَبدِ الغَنِيِّ
عطّلت مِن بَعدَهُ اليَومَ دُنيا / زُيِّنَت مِنهُ بِأَبهى الحُلِيِّ
كانَ فيهِ عَجَبٌ لِلمَعالي / سُنَنُ الشَيخِ وَسنُّ الصَبِيِّ
كانَ قَرّا يُرى حينَ يَقرا / أَفصَح القُرّاء كَالأَعجَمِيِّ
عَن مَثاني العودِ يثني النَدامى / إِن تَغنّي بِمَثاني الوَحِيِّ
ورّي الفهم لَدَيهِ فَأَغنى / قَلبَهُ عَن كُلِّ شِبع وَرِيِّ
فَليُحَيِّ اللَهُ أَرضاً حَوَتهُ / بِالحَيا وَليَحبُها بِالحَبِيِّ
لا يَرُعني لِلغُرابِ نَعيبٌ / فَكَفى رَوعاً بِهذا النَعِيِّ
هَل طَوى الدَهرُ مِن اِبنِيَ إِلّا / سابقَ النَدِّ وَزين النَديِّ
فَبَكى الرَكبُ لِخَطبِ المَعالي / وَبَكَت لِلرَّكب بُزلُ المَطِيِّ
لَو رَعى فيهِ الرعافُ ذِمامي / لَم يَشقني لِلشَّقيقِ الجَنيِّ
سالَ حَتّى سالَ عُوّادُهُ هَل / طَعَنَتهُ الحَربُ بِالسَمهَرِيِّ
قُلتُ وَاللَهُ حَفِيٌّ بِهِ بَل / تَلّهُ المَوتُ بِطَعنٍ خَفِيِّ
ما عَلى الأَيّامِ لَو أَسعَفَتني / بِرُقوّ الدَمِّ عَن ذي الرُقيِّ
فاقَ نَجلي فَقَأَ اللَهُ عَيناً / طَرَقَتني في الزَكِيِّ الذَكِيِّ
لا تَصِفهُ صِفَةَ الطِفلِ وَاِنظُر / أَينَ مِنهُ كُلُّ كَهلٍ تَقِيِّ
لَو تَراخى المَوتُ عَنهُ قَليلاً / لَعَلا فَوقَ العَليمِ العَليِّ
فَحَماني بِالصّراطِ المحلّى / وَهَداني لِلصِّراطِ السَوِيِّ
لَو فَدَتهُ لَأَفادَت فخاراً / غُلُبٌ مَن غالِبٍ وَعَدِيِّ
نَزَلوا عَن كُلِّ طِرفٍ وَأَلقوا / بِالعَوالي وَالظُبى وَالقِسيِّ
ثُمَّ قالوا بَعدَ عَبدِ الغَنِيِّ / لا هنا الطِفلَ رضاعُ الثُديِّ
وَشج الفَرعُ الكَريم فَوَلّى / وَشَجا القَلبَ فَوَيلُ الشَجِيِّ
إِذ نَما طَيِّباً وَتَمَّ فَقالوا / بَرَكاتٌ في سنى ذا السَنِيِّ
حَسَدَت فيهِ المَنِيَّةُ حَتّى / حَصَدَت جَوهَرَهُ مِن مَنِيِّ
صَدَعَت فيهِ صفاتي صفاةٌ / جَعَلَت ذِكراهُ شُغلَ الخَلِيَّ
لَم أَزَل آوي إِلى الرُكنِ مِنهُ / وَإلى الرُكنِ القَويمِ القَوِيِّ
يا فُؤادي فِد عَلَيه فَزُرهُ / وَاِقضِهِ حَقَّ الكَفيلِ الكَفِيِّ
وَلِأَوقاتٍ ثَلاثَةٍ اِهتَج / بُكرَة أَو ظُهُرٍ أَو عَشِيِّ
كانَ لِلكتّابِ يَغدو وَيَأتي / مِنهُ في أَحسَن زيٍّ وَرَيِّ
أَدَّبَتهُ نَفسُهُ فَكَفَتهُ / سَوطَ ساطٍ وَعصيَّ عَصِيِّ
فَلَهُ عِندَ المُؤَدِّبِ عِزٌّ / صَوتُ صَوّالٍ وَصيتُ وَصِيِّ
كانَ مِنهُ في مَكانٍ قَريبٍ / وَبَنوهُ في مَكانٍ قَصِيِّ
فَهوَ مُستَشهِدُهُ بَينَ كُلٍّ / وَهوَ مُستَخلِفهُ في المضِيِّ
يا نَبيلاً فَجِعَت فيهِ فهرٌ / وَلِفهرٍ أسوَةٌ في النَبِيِّ
وَعَدَت فيكَ الأَماني فَمانَت / وَعَدَت قُسَّ الزَمانِ القَصِيِّ
وَقَفَت آثاركَ العين حَتّى / وَقَفَت في حُسنكَ اليوسُفيِّ
كَشَفَت ستري بِما كَسَفَتهُ / مِن مُحيّاكَ البَهيجِ البَهِيِّ
ولَدي لا تَنسَني يَومَ أَظما / وَاِسقِني كَأسَ المَعينِ الشَهِيِّ
وَسَلِ اللَهِ لِيَ العَفوَ كيما / نَتَلاقى في النَعيمِ الهَنِيِّ
أَتُراني أَشتَفي بِكَ قُرباً / وَأَرى حُسنَ المُحَيّا الحَييِّ
فُز بِدارِ الخُلدِ مُتّكِئاً في / رَفرَفٍ خُضرٍ وَفي عَبقَرِيِّ
قَد ثَوى عَبدُ الغَنِيِّ بطوبى / فَهَل العُقبى غَداً لِعَليِّ
أَهَواكمْ جَدَّ مازِحُهُ
أَهَواكمْ جَدَّ مازِحُهُ / والحِمَى لم يَدْنُ نازِحُهُ
مارَسَتْ منّي العِدَا رَجُلاً / أَسْمَعَ الصماءَ صَائحُهُ
إِنْ زَجَرْتُ الطّيرَ في سَفَري / عن يمينِي مرَّ سانِحُهُ
عجِبَتْ أَسْماءُ من جَلَدِي / يومَ أَصمى القلبَ جارِحُهُ
لا يَضِقْ مَنْ صدرُهُ حَرجٌ
لا يَضِقْ مَنْ صدرُهُ حَرجٌ / شَيْخُنَا الشَّعْبِيُّ شارِحُهُ
إِنَّما أخلاقُهُ زَهَرٌ / عطَّر الآفَاقَ فائِحُهُ
إِنَّما أقلامُهُ أَسَلٌ / هابَهَا في الجَوِّ رَامِحُهُ
قَبِلَ الشَّعْبِيُّ حينَ دعا / فكبا بالليثِ سابِحُهُ
بِتَميمٍ حينَ حانَ بهِ ال / حَيْنُ وانقَادَتْ جَوامِحُهُ
ضَعُفتْ منه القُوَى فَغَدَتْ / مِن قَوارِير قَوَارِحُهُ
واِنجلَتْ عن حُسْنِ مالِقَةٍ / بِفَقِيهيها قَبائِحُهُ
وصَفا البحرانِ من كَدرٍ / فاِرتوَى بالماءِ مائِحُهُ
ذِكْرُهُ غَنَّى الزَّمانُ به / وأنا فيهِ أُطارِحُهُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025