المجموع : 11
يا اِبنَ تِسع كانَ يَفهَمُ ما
يا اِبنَ تِسع كانَ يَفهَمُ ما / رَفَعَ المَعنى وَما نَصَبا
خُذ مِنَ اللَهِ الأَمانَ فَمَن / خَفَّ ظَهراً لَم يَخَف نَصبا
إِنَّما يَخشى العِقابَ غَداً / مَن غَوى في شيبِهِ وَصَبا
فُزتَ يا عَبدَ الغَنِيِّ كَأَن / لَم تَجِد سقماً وَلا وَصَبا
يا قَتيلاً طُلَّ مِنهُ دَمٌ
يا قَتيلاً طُلَّ مِنهُ دَمٌ / بَينَ أَسدِ الغابِ طُلَّبهِ
كانَ سَيفاً في يَدي ذَكَراً / لَو قَتَلتُ الفيلَ طُلَّ بِهِ
أَجَلي عَنّي أَراثَ شُعوباً
أَجَلي عَنّي أَراثَ شُعوباً / وَبِودّي أَنَّها لا تُراثُ
مُتَّ يا عَبدَ الغنيّ وَما لي / مِنكَ إِلّا حَسَراتي تُراثُ
كُلَّما أَبَّنتُ مُنتَجبي
كُلَّما أَبَّنتُ مُنتَجبي / زادَني تَأبينُهُ لَهَجا
وَبَنو ذا الدَّهرِ كُلُّهُمُ / لَو رَآهُم مادِحٌ لَهَجا
وَلَدي نالَ الرِّضا وَرَأى / خَلَدي ما نالَهُ فَرَجا
ضِقتُ ذرعاً مِن رَزِيّته / رَبِّ فَاِجعَل مِنكَ لي فَرَجا
راعِفٌ مِمّا جَرى دَمُهُ / حَسِبوا عرنينَهُ وَدَجا
بِأَبي ريحانَة ذَبُلت / جَلَّ عِندي خَطبُها وَدَجا
لا جَلا أَحزاني الجَلدُ
لا جَلا أَحزاني الجَلدُ / لا خَلا مِن ذِكرِكَ الخَلدُ
لا هَنى عَينَيَّ نَومُهُما / وَهناكَ الحُزنُ وَالخُلُدُ
باتَ صَحبي يَسهَرونَ وَلَم / يَجِدوا الوَجدَ الَّذي أَجِدُ
وَأَنا أَسهَرتُ أَعيُنهُم / إِنّ دَمعي لَو رَقا رَقَدوا
قُلتُ إِذ قالوا تَعَزَّ أَما / لِلبُكا مِن بَعدِهِ أَمَدُ
مَدَّ دَمعي فيهِ بَحرُ دَمي / فَأَبى أَن يَنفَدَ الأَبَدُ
أَنا أَبكي وَالغَليلُ كَما / كانَ في الأَحشاءِ وَالكَمَدُ
كُلَّما رُمتُ الأَسى نَكَأ ال / قَرحَ دَهرٌ دَأبُهُ النَكَدُ
عُرّي اليَومَ العَرينُ مِنَ الش / شبلِ فَليُبدِ الأَسى الأَسَدُ
مغتَوٍ بِالدَمعِ مُغتَرِبٌ / ما لَهُ مالٌ وَلا وَلَدُ
عَثَتِ الأَعرابُ في بَلَدٍ / فَاِكتَسى ثَوبَ البِلى البَلَدُ
اِحدُ يا بَرقَ السَحابِ لَهُ / مِن جُفوني ما رَسا أَحُدُ
كانَ في عَبدِ الغِنيّ غِنىً / عَنهُ حَتّى حَسَّهُ الحَسَدُ
طَرَقَتني العَينُ فيهِ وَقَد / عاصَ وَاِشتَدَّت بِهِ العَضُدُ
وَتَرَتنيهِ شَعوبُ وَما / لِغَوِيٍّ عِندَها قَوَدُ
دارِعٌ لا المَوتَ يَدرَأُ عَن / نَفسِهِ أَزرى بِهِ الزَرَدُ
بَعدَ أَن يحمى الفناءُ بِنا / لِفَناءٍ نَحنُ لا فَنَدُ
رُبَّ بانٍ وَالحِمامُ لَهُ / في بِناءٍ رَصَّهُ رَصَدُ
آه أَودى مَن أَوَدُّ وَمَن / قامَ في قَومي بِهِ الأَوَدُ
شَبَّهُم حَرباً فَوا حَربا / ما لَهُم ناخوا وَقَد وَقَدوا
وَجَدوهُ وَالسُعودُ تَقي / ثُمَّ خانَتهُم فَقَد فَقَدوا
دُرَّةً يُزهى بِرَونقِها / مُنتَقٍ لِلدُرِّ مُنتَقِدُ
مَلَأَت عَينَ الزَمانِ سَنىً / وَصَفا مِنها لَهُ الصَفَدُ
لَو تَمادَت مُدَّةُ اِبنِيَ لَم / يَتَجاوَز حَدَّهُ أَحَدُ
كانَ طِفلاً لَو غَزا مائَةً / لَم يَهُلهُ لِلعِدا عَدَدُ
طارَ لِلعَليا فَأَدرَكَها / بِجَناحٍ راشَهُ الرَشَدُ
وَاِبتَنى المَجدَ المُؤَثَّلَ وَال / عَمَلَ الزاكي لَهُ العُمُدُ
يا عُقاب المَوتِ حُمت عَلى / عَقِبي فَاِنحَلَّتِ العُقَدُ
اِختَطَفتِ اِبنَ اللَباةِ وَلَم / تَحمِهِ الأَظفارُ وَاللِبَدُ
وَخَبا نَجمي فَها أَنا ذا / لا سَنىً يهدي وَلا سَنَدُ
كَبِدُ المَرءِ اِبنُهُ فَإِذا / كُبَّ أَمسى ما لهُ كَبِدُ
كُلُّ مَحبوبٍ يُمَلُّ سِوى / ما يَلي الإِنسانُ أَو يَلِدُ
إِنَّما الأَبناءُ إِن نَجُبوا / عدد الآباءِ وَالعدَدُ
وَإِذا كانَ الفَتى خَلفاً / فَحُلى أَجدادِهِ جُدُدُ
نَفَسَ الباكي عَلَيكَ تُرى / يا حَيا الصادي مَتى نَرِدُ
كُن غَداً نورَ الشَقِيِّ إِذا / ما سَعى نورُ الألى سَعِدوا
وَحَديثٍ لِلنَبِيِّ يَعي / فيهِ بُشراهُ بِما يَعِدُ
وَعَسى المُختارُ يَذكُرهُ / فَيَقي المَحزونَ إِذ يَفِدُ
لا يَد لي كَيفَ عِشتُ وَقَد / حَكَمَت لِلمَوتِ فيكَ يَدُ
مَن بَكى الأَحبابَ إِذ بَعُدوا / فَليَمُت وَجداً إِذا بَعُدوا
كانَ مُذ قامَت نُعاتُكَ بي / صَمَم حَتّى هَدى الصَمدُ
تَعس المَظلومُ بَعدَكُمُ
تَعس المَظلومُ بَعدَكُمُ / أَن يَرى عَدلاً وَإِنصافا
غُربَةُ الأَوطانِ جاحِمَةٌ / إِن شَتا فيها وَإِن صافا
هَل دَرى القَبرُ المُضيءُ سَناهُ
هَل دَرى القَبرُ المُضيءُ سَناهُ / أَيَّ غِطريفٍ مِنَ القَومِ آوى
كانَ يَرتاعُ أَبو الشبلِ مِنهُ / كُلَّما صالَ فَكَيفَ اِبنُ آوى
أَفَلا أَبكي وَقَد أَفلا
أَفَلا أَبكي وَقَد أَفلا / قَمَرٌ مِنّي بَدا بَدَلا
كَمُلَت زَهرُ البُدورِ وَما / كَمُلَت حُسناً كَما كَمُلا
أَجلا لَيلي بِغُرَّتِهِ / وَخَبا مُستَوفِياً أَجَلا
أَو ما فَدَّتهُ يَومَ خَوى / شُهُبٌ كانَت لَهُ خولا
جلَّ خَطبُ المَجدِ فيهِ وَكَم / بِمُحَيّاهُ جَلا جَلَلا
مُنتَقى الأَخلاقِ جَدَّ إِلى / جَنَّة الفِردَوسِ مُنتَقِلا
تَرَكَ الدُنيا وَآثَرَها / فِعلاً فيها بِما فَعَلا
أَسلا عَن كُلِّ غانِيَةٍ / أَرسَلَت أَلحاظَها أَسلا
وَحَلا مُرُّ الحِمامِ لَهُ / إِذ رَأى الدُنيا لَنا وَحلا
وَأَلاحَت مِن رَزِيَّتِهِ / فِهرُ إِذ وَلّى وَإِذ وَأَلا
وَلَدي أَودى فَلا شَغَفٌ / لي بِالدُنيا وَلا شُغُلا
أَو حَطَّ البَدر رافِعُهُ / فَاِختَبا أَو عَقلي اِختَبَلا
فَسَأغشى القَبر باكِيهُ / لا الطّلى أَخشى وَلا الطَلَلا
نَتَجَتهُ الشَمسُ ثُمَّ نَأَت / فَاِعتَدى الدَهرُ الَّذي اِعتَدَلا
أَزمَعَت أُمُّ الغَزالِ نَوىً / فَنَسيتُ اللَهوَ وَالغَزَلا
غَدَرَت مِنّي وَفِيّكما / فَسَلا المَشغوفُ كَيفَ سَلا
نَجلها عَبدُ الغَنِيِّ شَفى / وَجَلا عَن قَلبي الوَجلا
فَاِعتَزى لِلعِزِّ والِدُهُ / ثُمَّ ذَلَّ اليَومَ فَاِعتَزَلا
قَد أَسا جُرحي وَفارَقَني / فَاِندَمى الجُرحُ الَّذي اِندَمَلا
لا حَبا مِن بَعدِهِ وَلَدٌ / لا تَسَلَّت أُمُّهُ حَبَلا
آدَني دَهري فَأَبَّدني / وَاِحتَمى في العِبءِ فَاِحتَمَلا
كلَّ مَعنى كانَ يوضِحُهُ / في العُلا لمّا اِشتَكى اِشتَكَلا
لِتمُت نَفسي بِحَسرَتِها / مَن إِلَيهِ اِرتاحَت اِرتَحَلا
جَذَمَت حَبلي النَوائِبُ مِن / سَكَني وَاِبني فَلا جَذَلا
لَو أَرادَ اللَهُ بي رشداً / لَكَفاني لَمسي الكَفَلا
أَعنت نَفسي ذي عَنتٍ / لِضَجيعٍ حَلَّ لي وَحَلا
لَيتَني عِفتُ الزُلالَ فَقَد / أَعقَب الغضّاتِ وَالزَلَلا
عِبرُ الأَيّامِ قائِلَةٌ / وَيحَ مَن أَغفى وَمَن غَفَلا
وبَنو الدُنيا كَأَنَّهُم / في عمىً عَنها فَلا عَمَلا
لَو دَرى عَيرٌ دَوائِرها / ما نَزا مِن هَولِ ما نَزَلا
فازَ مَن لَم يَستَقِرَّ هَوىً / فَخَلا مِنها وَلا خَلَلا
عَرَضَت أَعراضها فَأَبى / وَنَفى غَيرَ التُقى نَفَلا
جَرَّعَتني اليَومَ عَلقَمَها / فَعَسى أَن تُعقِبُ العَسَلا
وَصَل اِبني لِلنَّعيمِ فَيا / لَيتَ مَوتاً صَدَّني وَصَلا
فَصَلاةُ اللَهِ جَلَّ عَلى / مَن إِلى رِضوانِهِ وَصَلا
وَذُنوبي كَالحَصا عَدَداً / أَينَ منّي ما لَهُ حَصَلا
مِن طِرازِ اللَهِ كانَ فَلَو / ذَبَّ عَنهُ العَينَ ما ذَبلا
وَنَجا لِلحُسنِ مِن ضَرَرٍ / لا لَمىً أَبقى وَلا نَجلا
هَمَّ إِبلالاً فَلَجَّ دَمٌ / مِنهُ لا يَألو الثَرى بَلَلا
إِن غَسا لَيلي أَرِقتُ لَهُ / وَأَرَقتُ الدَمعُ فَاِنغَسَلا
وَكَذا صَرفُ الزَمانِ إِذا / حَلَّ أَمراً لِلفَتى فَتَلا
كانَ إِن فتَّ الحَشا سَقَمٌ / عادَ في قُرآنِهِ فَتَلا
بَطَلَ الزَعمُ الَّذي زَعَموا / أَنّ درعاً أَحرَزَت بَطَلا
نَحنُ في الهَيجا عَلى خَطَرٍ / مَن يَقُل أَنجُو يَقُل خَطَلا
وَقّتَ اللَه الحمامَ فَإِن / صابَ شَهماً سَهمُهُ قَتَلا
بِأَبي طِفلٌ فُروسَتُهُ / أَرحَلَت عَن طَرفِهِ الرُحَلا
في نَشاطٍ لِلحِضارِ نَشا / إِن كَسا الطِفلَ الصِبا كَسَلا
قَد حَبا العَقل الوقارَ لَهُ / فَرَساً في حِلمِهِ جَبَلا
إِن وَعى مِنّي الأُصولَ ضُحىً / فَرَّعَت آراؤُهُ أُصُلا
قَبَرَت فهر التُقى مَعَهُ / وَالجِدا وَالجِدَّ وَالجَدَلا
وَلَدي عَبدَ الغَنِيِّ أَما / بَلَغَت فيكَ العُلا أَمَلا
هَنَّأَتكَ الكَأسُ تَشرَبُها / مِن رَحيقٍ ثُمَّ لا ثَمَلا
فَاِشفني بِاللَهِ مِن عِلَلٍ / وَاِسقِني يَومَ الصَدى عَلَلا
مُستَضامٌ ما لَهُ مِن وَلِيِّ
مُستَضامٌ ما لَهُ مِن وَلِيِّ / غَير وَسميّ البُكا وَالوَليِّ
في القُرَيّاتِ القُصا بَينَ قَومٍ / يَحسَبونَ البَحرَ مِثل القَرِيِّ
وَيَرونَ الصُبحَ مِثلَ الدَياجي / وَالمَعاني غُيَّبٌ عَن غَبِيِّ
أَسَرَتني لَوثَةُ الدَهرِ لَيثا / فَعَوى كُلُّ حَرِيٍّ جَرِيِّ
رُبَّ مَن عَلَّمتُ حَتّى تَناهى / فَجَزى النُعمى بِكُفرِ البغَيِّ
وَجزيتُ الغَدرَ مِنهُ بِغَدرٍ / إِنَّما أوفي بِعَهدِ الوَفِيِّ
إِنَّ نَفسي مُرَّةٌ فَهيَ تَأبى / أَن تَراني مُحسِناً لِمُسيِّ
وَجَزاءُ السَيءِ سَيءٌ وَمَن لَم / يَنتَصِر باءَ بِذُلِّ الشَقيِّ
أَيُّها العاوي عَلى القَمَرِ اِخسَأ / جِئتَ في الحَقِّ بِشَيءٍ فَريِّ
مِن مَواتِ الأَرضِ أَنتَ فَأَنّى / لَكَ نُطقٌ في المَواتي لرَضِيِّ
إِنَّما يهدمُ قيلُ الأَعادي / شَرَفاً لَم يُبنَ بِالمَشرَفِيِّ
كَم أَثارَت صَولَتي مِن كَمينٍ / وَكَم اِبتَزَّت يَدي من كَمِيِّ
غَيرَ أَنّي نَهنَهَتني الرَزايا / في أَبٍ بَرٍّ وَفي اِبنٍ زَكِيِّ
شَقّني فَقدُ أَبي حينَ أَودى / فَشَفى قَلبي وجودُ السَمِيِّ
ثُمَّ لَمّا جُبِرَت فِهر هيضَت / بِمُضِيٍّ مِن هِلالٍ مُضِيِّ
أَفَلا أَبكي عَلى اِبنٍ نَجيبٍ / كَأَبي صَعب المَرامِ أَبِيِّ
أَنا مِسكينٌ وَلَو كُنتُ كِسرَى / لا غِنىً إِلّا بِعَبدِ الغَنِيِّ
عطّلت مِن بَعدَهُ اليَومَ دُنيا / زُيِّنَت مِنهُ بِأَبهى الحُلِيِّ
كانَ فيهِ عَجَبٌ لِلمَعالي / سُنَنُ الشَيخِ وَسنُّ الصَبِيِّ
كانَ قَرّا يُرى حينَ يَقرا / أَفصَح القُرّاء كَالأَعجَمِيِّ
عَن مَثاني العودِ يثني النَدامى / إِن تَغنّي بِمَثاني الوَحِيِّ
ورّي الفهم لَدَيهِ فَأَغنى / قَلبَهُ عَن كُلِّ شِبع وَرِيِّ
فَليُحَيِّ اللَهُ أَرضاً حَوَتهُ / بِالحَيا وَليَحبُها بِالحَبِيِّ
لا يَرُعني لِلغُرابِ نَعيبٌ / فَكَفى رَوعاً بِهذا النَعِيِّ
هَل طَوى الدَهرُ مِن اِبنِيَ إِلّا / سابقَ النَدِّ وَزين النَديِّ
فَبَكى الرَكبُ لِخَطبِ المَعالي / وَبَكَت لِلرَّكب بُزلُ المَطِيِّ
لَو رَعى فيهِ الرعافُ ذِمامي / لَم يَشقني لِلشَّقيقِ الجَنيِّ
سالَ حَتّى سالَ عُوّادُهُ هَل / طَعَنَتهُ الحَربُ بِالسَمهَرِيِّ
قُلتُ وَاللَهُ حَفِيٌّ بِهِ بَل / تَلّهُ المَوتُ بِطَعنٍ خَفِيِّ
ما عَلى الأَيّامِ لَو أَسعَفَتني / بِرُقوّ الدَمِّ عَن ذي الرُقيِّ
فاقَ نَجلي فَقَأَ اللَهُ عَيناً / طَرَقَتني في الزَكِيِّ الذَكِيِّ
لا تَصِفهُ صِفَةَ الطِفلِ وَاِنظُر / أَينَ مِنهُ كُلُّ كَهلٍ تَقِيِّ
لَو تَراخى المَوتُ عَنهُ قَليلاً / لَعَلا فَوقَ العَليمِ العَليِّ
فَحَماني بِالصّراطِ المحلّى / وَهَداني لِلصِّراطِ السَوِيِّ
لَو فَدَتهُ لَأَفادَت فخاراً / غُلُبٌ مَن غالِبٍ وَعَدِيِّ
نَزَلوا عَن كُلِّ طِرفٍ وَأَلقوا / بِالعَوالي وَالظُبى وَالقِسيِّ
ثُمَّ قالوا بَعدَ عَبدِ الغَنِيِّ / لا هنا الطِفلَ رضاعُ الثُديِّ
وَشج الفَرعُ الكَريم فَوَلّى / وَشَجا القَلبَ فَوَيلُ الشَجِيِّ
إِذ نَما طَيِّباً وَتَمَّ فَقالوا / بَرَكاتٌ في سنى ذا السَنِيِّ
حَسَدَت فيهِ المَنِيَّةُ حَتّى / حَصَدَت جَوهَرَهُ مِن مَنِيِّ
صَدَعَت فيهِ صفاتي صفاةٌ / جَعَلَت ذِكراهُ شُغلَ الخَلِيَّ
لَم أَزَل آوي إِلى الرُكنِ مِنهُ / وَإلى الرُكنِ القَويمِ القَوِيِّ
يا فُؤادي فِد عَلَيه فَزُرهُ / وَاِقضِهِ حَقَّ الكَفيلِ الكَفِيِّ
وَلِأَوقاتٍ ثَلاثَةٍ اِهتَج / بُكرَة أَو ظُهُرٍ أَو عَشِيِّ
كانَ لِلكتّابِ يَغدو وَيَأتي / مِنهُ في أَحسَن زيٍّ وَرَيِّ
أَدَّبَتهُ نَفسُهُ فَكَفَتهُ / سَوطَ ساطٍ وَعصيَّ عَصِيِّ
فَلَهُ عِندَ المُؤَدِّبِ عِزٌّ / صَوتُ صَوّالٍ وَصيتُ وَصِيِّ
كانَ مِنهُ في مَكانٍ قَريبٍ / وَبَنوهُ في مَكانٍ قَصِيِّ
فَهوَ مُستَشهِدُهُ بَينَ كُلٍّ / وَهوَ مُستَخلِفهُ في المضِيِّ
يا نَبيلاً فَجِعَت فيهِ فهرٌ / وَلِفهرٍ أسوَةٌ في النَبِيِّ
وَعَدَت فيكَ الأَماني فَمانَت / وَعَدَت قُسَّ الزَمانِ القَصِيِّ
وَقَفَت آثاركَ العين حَتّى / وَقَفَت في حُسنكَ اليوسُفيِّ
كَشَفَت ستري بِما كَسَفَتهُ / مِن مُحيّاكَ البَهيجِ البَهِيِّ
ولَدي لا تَنسَني يَومَ أَظما / وَاِسقِني كَأسَ المَعينِ الشَهِيِّ
وَسَلِ اللَهِ لِيَ العَفوَ كيما / نَتَلاقى في النَعيمِ الهَنِيِّ
أَتُراني أَشتَفي بِكَ قُرباً / وَأَرى حُسنَ المُحَيّا الحَييِّ
فُز بِدارِ الخُلدِ مُتّكِئاً في / رَفرَفٍ خُضرٍ وَفي عَبقَرِيِّ
قَد ثَوى عَبدُ الغَنِيِّ بطوبى / فَهَل العُقبى غَداً لِعَليِّ
أَهَواكمْ جَدَّ مازِحُهُ
أَهَواكمْ جَدَّ مازِحُهُ / والحِمَى لم يَدْنُ نازِحُهُ
مارَسَتْ منّي العِدَا رَجُلاً / أَسْمَعَ الصماءَ صَائحُهُ
إِنْ زَجَرْتُ الطّيرَ في سَفَري / عن يمينِي مرَّ سانِحُهُ
عجِبَتْ أَسْماءُ من جَلَدِي / يومَ أَصمى القلبَ جارِحُهُ
لا يَضِقْ مَنْ صدرُهُ حَرجٌ
لا يَضِقْ مَنْ صدرُهُ حَرجٌ / شَيْخُنَا الشَّعْبِيُّ شارِحُهُ
إِنَّما أخلاقُهُ زَهَرٌ / عطَّر الآفَاقَ فائِحُهُ
إِنَّما أقلامُهُ أَسَلٌ / هابَهَا في الجَوِّ رَامِحُهُ
قَبِلَ الشَّعْبِيُّ حينَ دعا / فكبا بالليثِ سابِحُهُ
بِتَميمٍ حينَ حانَ بهِ ال / حَيْنُ وانقَادَتْ جَوامِحُهُ
ضَعُفتْ منه القُوَى فَغَدَتْ / مِن قَوارِير قَوَارِحُهُ
واِنجلَتْ عن حُسْنِ مالِقَةٍ / بِفَقِيهيها قَبائِحُهُ
وصَفا البحرانِ من كَدرٍ / فاِرتوَى بالماءِ مائِحُهُ
ذِكْرُهُ غَنَّى الزَّمانُ به / وأنا فيهِ أُطارِحُهُ