المجموع : 4
رُبَّ عاري الظَهرِ مُنعَفِرٍ
رُبَّ عاري الظَهرِ مُنعَفِرٍ / لاحِقِ الجنبَينِ مِن ضُمُرِه
كان في الأَصلاب مُنحَنياً / قَبلَ مَدِّ الدَهرِ مِن عُمُرِه
ثُمَّ قَد زاد الحنُوَّ لَهُ / شدُّ حَقوَيهِ إلى قُتُرِه
أُحكِمَت منهُ مَرائرُهُ / حينَ كفَّ الرَبطُ مِن مَدَرِه
كامِنٍ في التُربِ مُندفنٍ / وَضَئيلِ الجِسمِ مُحتَقَرِه
وَأَكُفُّ الحَينِ مُشرَعَةٌ / لملاقيهِ فَمُختَبِرِه
فيهِ أقواتٌ مُطَمِّعَةٌ / نَفسَ رائيه وَمُعتَبِرِه
فإذا المغرورُ حاولَها / نَبَذَت للحَينِ في ذكرِه
فنحاهُ مُعجِلٌ حَذراً / لَو أصابَ النَفعَ في حَذَرِه
كيفَ تُنجيهِ معاصِمُهُ / وَيَدُ الأقدارِ في أَثَرِه
انتَزِع يا صاحِ بازينا
انتَزِع يا صاحِ بازينا / واغدُ نَنفي العُسرَ مِن يُسُرِه
أَقمراً لَو لاحَ في سَدَفٍ / غِني الراءون عَن قَمَرِه
قَلِقَ الأَجفانِ تَحسِبُهُ / عاقِداً حِقداً عَلى وَغَرِه
كمداك الطيب هامتُه / خَلقُها يَدعو إلى حَذَرِه
وَكقَرنِ الظَبي مِنسَرُهُ / في رحابِ الشِدقِ مُنقَعرِه
وَكجِزعٍ حَولَهُ ذَهَبٌ / ما يُديرُ اللحظُ مِن بَصَرِه
مُتَبقَبّي يَلمَقَي حِبَرٍ / بشاعرٍ شَفَّ عَن صَدَرِه
باسلٌ يقضي بمَنظَرِه / حينَ تَلقاهُ عَلى خَبَرِه
وَثِقَت بالفَلجِ عَزمَتُهُ / فَهوَ لا يَمضي عَلى خَطَرِه
نائِلاً بالأَينِ بُغيَتَهُ / ظافِراً بالحزمِ في غَرَرِه
وإذا أطبا مسامِعَهُ / رِكزُ شَخص غابَ عن حَضَرِه
قُلتُ في عَينَيهِ أَفئدَةٌ / تَنتَحي ما قصَّ من أثَرِه
يَنبَري للطَيرِ مُنخَرقاً / كانبعاثِ السَهمِ مِن وَتَرِه
فتَشظّى عَنهُ مُقشِعَةً / كانقشاعِ الدجنِ عَن مَطَرِه
ثم يشاها فيرجعها / كرجوعِ الطرفِ عن نَظَرِه
وَيُفَرّي ريثَها بِتَكاً / كانتِثارِ الزَهر عَن شَجَرِه
رُبَّ ذي شبلين قَسوَرَةٍ
رُبَّ ذي شبلين قَسوَرَةٍ / قد أَجَمَّ الحَينُ في أَجَمِه
موتُ من يرديه عيشتهُ / فهو مجبولٌ على رغمه
لا ترى حَيّاً يُطيفُ بهِ / لا ولا يدنو إلى حَرَمِه
كمِجَنِّ الحربِ هامتُهُ / وكغَورِ الغارِ رَحبُ فَمِه
وكجدلِ الجذعِ قَصرَتُهُ / وكهضبٍ ضخمُ مُلتَزَمِه
وكضَّفرِ القِدِّ ساعِدُهُ / وكَوَهدٍ رحبُ مُبتَسمه
وكَوَقبِ الشِعبِ مُقلتُهُ / وَكَلِصبٍ شعب مُلتَهَمِهِ
وكأنَّ البرق ما قَدَحَت / عَينُه باللحظ من ضَرَمِه
وكناب النابِ مخلبُهُ / حين يَنحيه بمُختَطَمِه
وكأنَّ الموتَ معترضٌ / بين لَحيَيهِ ومُلتَثَمِه
وكأن الرعد ما انتزعت / نفسه بالدار من سَدَمِه
وكأجناد المحاسب ما / بين متنيه إلى قممه
وكوَشكِ الدهرِ خطفتهُ / حين تلفيه على وَجَمِه
وكآجلٍ تسيرُ إلى / عُمُرٍ أمضاء معتزمه
وكأنَّ السيفَ منصلتاً / كَرُّهُ إذ ذادَ عن حرمه
إن يكن رزقُ الورى قِسماً / فجميعُ الخلقِ من قِسَمِه
عبثت كفُّ المنون به / فأباته على نِقَمِه
بضئيل الحال مُعترضٍ / وخَفيَّ الآل مُكتَتِمِه
ذا عليه طِمرُ ذي شَعَثٍ / مَلَّت الأيامُ من قِدَمِه
ولذا درعٌ مُلَبَّدَةٌ / طال ما يلقاه من كَلَمِه
من لباس الشاء موثقه / وظهيرُ الشيح ملتئمه
لم يرعه غير فجأته / باركاً يسعى إلى وَقَمه
وازبأرَّ الليثُ واعتَوَرَت / بالَهُ الأوجالُ من لَمَمِه
ثمَّ دَكَّتهُ حفيظتُه / واعاد النار من عزمه
فأحسَّ الكفُّ ضِلَّتَهُ / منعتها سوء مقتحمه
وسعى المُخفي مكيدتَه / بكبولٍ مُنَّ في حزمه
ومُكِمَّاتٍ واكسية / فأجادَ الشدَّ من خَطَمِه
واغضَّ الكبلُ نخوتَهُ / ثم تلَّ القيدَ في قَدَمِه
فرأيت الليثَ منجدلاً / لائذاً من هَضمِ مُهتَضِمِه
إنَّ في هذا لمعتَبَراً / لسديد الرأي مُنبَرِمِه
وعفرناةٍ ضبارمةٍ
وعفرناةٍ ضبارمةٍ / صب مصب على أحنه
وارد الأكباد ذي لبدٍ / خادرٌ يستن في أرنه
هرت عصل خواضمه / سهكٌ في عرفه أسنه
تصبح الآساد نابيةً / عن مغانيه وعن قطنه
أوثقت للبطش آلته / فكفته السعي في مهنه
حرب الأبطال عادته / واغتيال الشوس من سننه
وإذا غطت بلا عمه / واستحر الزأر عن دمنه
غال قلب المرء يبعد عن / أرضه ما جال في أذنه
مخطف الأعجاز جوشنه / صدق أوفى على قننه
كأداة الحرب هامته / وكراءٍ شخت محتضنه
تقصف المران شكته / ويكل السيف عن حتنه
وإذا أجفانه ومضت / كوميض البرق في مزنه
لم ترغ عن عين لامحها / دون سل الروح من بدنه
كل ذي روح يدين له / ويخاف القرب من سننه
حين تمت منه مدته / وانقضى ما امتد من زمنه
غاله خرقٌ توسطه / نشزٌ أوفى على شزنه
جعلت فيه فريسته / كجثوم الطير في وكنه
فسرى والحين يقدمه / غير مطويٍّ على ظننه
وأتى يبغي فريسته / فوهى وانهد من ركنه
وغدا القناص فانتظموا / بين متنيه إلى ذقنه
بسهامٍ ألحفته كما / تدرج المقبور في كفنه
فثوى والترب مسكنه / نائي الأوطان عن وطنه