المجموع : 4
عن يمين الحيِّ من إِضَمِ
عن يمين الحيِّ من إِضَمِ / سربُ غزلانٍ تبيحُ دمي
يا لقومي من لواحظهم / أسرت في الحب كلَّ كمي
والوجوه الغر طالعة / أوجدوا وجدي من العدم
واستباحوا يوم جفوتهم / مهجتي شوقاً لوصلهم
واستهانوا بي وقد قهروا / ثم صالوا صول منتقم
ليت لو جادوا ولو سمحوا / لي ولو بالطيف في الحلم
أيها العذال في شغفي / لومكم من أخبث الكلم
لو شهدتم ما أشاهده / من حبيبي ذقتمو ألمي
لكن الألباب زائغة / لا تعي والطرف عنه عمي
قربوا منا مسامعكم / علَّكم أن تسمعوا حكمي
واعلموا أني نصحتُ لكم / لو عقلتم ما يقول فمي
غير أني في نصيحتكم / ناثر درّاً على غنم
كيف تصغي العاذلون لنا / وهم الأعدا من القِدَم
كل مغرور بغير هدىً / ربُّه ناشٍ من الوَهَم
عابد من فكره صنماً / هائمٌ بالجهل في الصنم
محض تشبيه عقيدته / في سوى التجسيم لم يَهِم
جاهل بالطبع لذته / لذة الثيران والنَعَم
وعلى تشبيهه حذرٌ / خائفٌ منّا عليه ظمي
إن نقل تنزيهُ خالقنا / قال هذا زلة القدم
وإذا بالفتح فهتَ لَهُ / حلَّ مني ساحة التهم
يا بني قومي ومن ألِفوا / نصرتي في كل مزدحم
ذاكروني في مواجدكم / عل أن يشفى بكم سقمي
واسألوا برق الحمى كرماً / عن لويلات بذي سلم
هل له في عودهنَّ لنا / إذ له التصريف في الحرم
ليت أهل المنحنى عطفوا / لي وراعوا حرمة الذمم
أغمضوا عنا لواحظكم / قد مزجتم دمعتي بدمي
واعملوا أني شغفت بكم / وأنا من جملة الخدم
هائم صبٌ كثيرُ جوى / في الهوى لحمٌ على وَضَم
كل أحوالي بكم ظهرت / وغرامي غير منكتم
أتعبتني بقرُ الشامِ
أتعبتني بقرُ الشامِ / وهي في نقضٍ وإبرامِ
وا عنائي كم أعلمهم / ثم ألقى جهلهم نامي
زبلُهُم في الماء صيَّرهم / شربُهُ من غير أفهام
لم يرقوا بالمواعظ إذ / ماؤهم من حجر هامي
كلهم لا يعرفون سوى / قبح أفعال وآثام
بطنهم والفرج أهلكم / مثل ثيران وأنعام
فتراهم لا عقول لهم / إنما هم أسر أوهام
عصبة البهتان ضلوا ولم / يختشوا زلات أقدام
فيَّ قد زادت وساوسهم / وابتُلوا في داء برسام
فلذا هم يخلطون بنا / فرطَ تحقيرٍ بإكرام
بعضهم للبعض متَّبعٌ / حذوَ أقدام بأقدام
حاولوا بالإستهانة أن / يخفضوا مرفوع أعلامي
وأرادوا في تعنُّتهم / أن يذلوا قدريَ السامي
ويهينوني ويحتقروا / علم تحقيقي وإلهامي
ولقد خاضوا ولم يَخَفوا / غرقاً في بحريَ الطامي
والإله الحق مطَّلعٌ / بأموري خير علام
قادرٌ في الحال يأخذهم / بي على قهر وإرغام
ما أنا من جنسهم وبنو / آدم هم مثل أصنام
فكأني بينهم وأنا ال / عربيْ من نسل أعجام
ينكروني كلما جهلوا / فيزيد الله إنعامي
وأنا من خبث عصبتهم / بين عذال ولوام
مولدي فيهم ولا عجب / جوهر في صدف كامي
لست منهم لانفراديَ في ال / بيت عنهم منذ أعوام
قسوة فيهم وفرط جفا / لم يخف مرميهم رامي
وابتُلوا بالبغي من حسد / مثل أمراض وأسقام
قد أتى في مسند ابن عديْ / خبرٌ عن جُلِّ أقوام
قال خير الخلق سيدُنا / الجفا والبغيُ في الشام
إنني قد شفني السقمُ
إنني قد شفني السقمُ /
ووجودي فيكمو عدمُ /
فالبقا يا سادتي لكمُ /
أنتم المقصود لا العلَمُ / وأهيل الحيِّ قد علموا
ليت دمعي حين أَرسلَهُ /
ذكرُكم بالقرب أَوصلَهُ /
وفؤادي شفه الولَهُ /
كيف اخفى والغرام لهُ / شاهدانِ الدمع والسقمُ
لم أزل بالله في هممِ /
في وجود كنت أو عدمِ /
فإلى كم مقتضى ألمِ /
يا أصيحابي بذي سلَمِ / مَن أصيحابي وما السَلَمُ
فنيت رويحي بلا مهَلِ /
مثل برق لاح في طللِ /
يا أخلائي بلا عذَلِ /
أنا عني اليوم في شغلِ / فاذكروني إن نسيتكمُ
قد تساوى بالصفا كدري /
وحبيبي غير مستترِ /
فاشهدوا يا سادتي أثري /
وأشيعوا في الحمى خبري / وأذيعوا السر واكتتموا
صرتُ في الأعتاب مرتميا /
وإلى الأحباب منتميا /
وإذا ما كنت مهتديا /
لا يراني الحب منثنيا / بعد ما لاحت ليَ الخيمُ
عالم الدنيا دجى ظلمِ /
نوره حق لمفتهمِ /
كم وجود لي وكم عدمِ /
كنت قبل اليوم في حُلُمِ / وتقضَّى ذلك الحُلُمُ
ما لأشواقي لكم سببُ /
فالورى نائي ومقتربُ /
ساكن حالي ومضطربُ /
فزماني كله طربُ / دونه الأوتار والنغمُ
شق روحي غيم جثتهِ /
وبدا في نور نشأتهِ /
واختفى كوني بظلمتهِ /
وحبيبي من لبهجتهِ / أنا والأشواق نحتكمُ
يا هنا قلبي ويا طربي /
وانعدامي ليس بالعجب /
لاح نوري واختفى حجبي /
كلما وليت يقبل بي / وإذا قطَّبتُ يبتسمُ
لم يفه يا ذا الوجه فمُ
لم يفه يا ذا الوجه فمُ / بك لولا أنني العدمُ
فالتفت وانظر لأصلك لا / تفتخر يلحق بك الندم
إن ربي عند قدرته / تستوي الأنوار والظلم
وعطاياه بلا علل / وكذا الحرمان والنعم
ما استحق المرءُ مرتبة / هو فيها أيها الفهم
ما اقتضت نفس عطيَّتها / بل عطاياه لنا كرم
ما اقتضى القبح القبيح ولا / يقتضي الحرمان منحرم
بل بمحض الإختيار على / كل ذي رأس له قدم
وجميعاً أسر قبضته / منعمٌ طوراً ومنتقم