رُبَّ ذي شبلين قَسوَرَةٍ
رُبَّ ذي شبلين قَسوَرَةٍ / قد أَجَمَّ الحَينُ في أَجَمِه
موتُ من يرديه عيشتهُ / فهو مجبولٌ على رغمه
لا ترى حَيّاً يُطيفُ بهِ / لا ولا يدنو إلى حَرَمِه
كمِجَنِّ الحربِ هامتُهُ / وكغَورِ الغارِ رَحبُ فَمِه
وكجدلِ الجذعِ قَصرَتُهُ / وكهضبٍ ضخمُ مُلتَزَمِه
وكضَّفرِ القِدِّ ساعِدُهُ / وكَوَهدٍ رحبُ مُبتَسمه
وكَوَقبِ الشِعبِ مُقلتُهُ / وَكَلِصبٍ شعب مُلتَهَمِهِ
وكأنَّ البرق ما قَدَحَت / عَينُه باللحظ من ضَرَمِه
وكناب النابِ مخلبُهُ / حين يَنحيه بمُختَطَمِه
وكأنَّ الموتَ معترضٌ / بين لَحيَيهِ ومُلتَثَمِه
وكأن الرعد ما انتزعت / نفسه بالدار من سَدَمِه
وكأجناد المحاسب ما / بين متنيه إلى قممه
وكوَشكِ الدهرِ خطفتهُ / حين تلفيه على وَجَمِه
وكآجلٍ تسيرُ إلى / عُمُرٍ أمضاء معتزمه
وكأنَّ السيفَ منصلتاً / كَرُّهُ إذ ذادَ عن حرمه
إن يكن رزقُ الورى قِسماً / فجميعُ الخلقِ من قِسَمِه
عبثت كفُّ المنون به / فأباته على نِقَمِه
بضئيل الحال مُعترضٍ / وخَفيَّ الآل مُكتَتِمِه
ذا عليه طِمرُ ذي شَعَثٍ / مَلَّت الأيامُ من قِدَمِه
ولذا درعٌ مُلَبَّدَةٌ / طال ما يلقاه من كَلَمِه
من لباس الشاء موثقه / وظهيرُ الشيح ملتئمه
لم يرعه غير فجأته / باركاً يسعى إلى وَقَمه
وازبأرَّ الليثُ واعتَوَرَت / بالَهُ الأوجالُ من لَمَمِه
ثمَّ دَكَّتهُ حفيظتُه / واعاد النار من عزمه
فأحسَّ الكفُّ ضِلَّتَهُ / منعتها سوء مقتحمه
وسعى المُخفي مكيدتَه / بكبولٍ مُنَّ في حزمه
ومُكِمَّاتٍ واكسية / فأجادَ الشدَّ من خَطَمِه
واغضَّ الكبلُ نخوتَهُ / ثم تلَّ القيدَ في قَدَمِه
فرأيت الليثَ منجدلاً / لائذاً من هَضمِ مُهتَضِمِه
إنَّ في هذا لمعتَبَراً / لسديد الرأي مُنبَرِمِه