قرّبا مِنِّيَ القِلاصَ العِتاقا
قرّبا مِنِّيَ القِلاصَ العِتاقا / وخذاها رحلةً وفراقا
ودعا عنّي أنّي حليمٌ / ربّ أمرٍ ضقتُ عنه وضاقا
عصفتْ بِي عنكما عاصفاتٌ / ويقيمُ المرءُ فيما أطاقا
لستُ أرضى منكما برفيقٍ / حسبُ نفسي قد سئمتُ الرّفاقا
موثِقاً كنتُ حياءً وحِلْماً / فاِتركاني قد قطعتُ الوَثاقا
لا سقى اللَّهُ شِعابَ خلافٍ / لم أُصِبْ قطُّ بهنّ وِفاقا
وإذا البرقُ حداهُ رُكامٌ / فَحماهُ اللَّه تلك البِراقا
ليس قلبي يا خليليَّ مِنِّي / إن نزا شوقاً إليها وتاقا
غيرَ هذا الحيّ عُلّق وُدِّي / وسواه هاج قلبي وشاقا
كلَّ يومٍ في صَفاتي ثلومٌ / سوف تقيك ردىً أن تُذاقا
وَاِعتِراقُ النَّحْضِ من عارِقيهِ / جَعَلَ العِرْقَ سريعاً عُراقا
أعِراقٌ أنتَ فيه أميمٌ / فَاِتَّخذْ غيرَ العراقِ عراقا
إنّ بالزَّوْراءِ دارَ أُناسٍ / أُنْشَقُ الشّرَّ بها وأُساقى
سَجَنونا بَينهمْ ثمّ نادوا / لا تروموا من يدينا أَباقا
عجّل اللّه فراقِيَ قوماً / تركوني لا أذمّ الفراقا
أنَا في كلّ وَقاحِ المُحَيَّا / لا يريك الوُدَّ إلّا نفاقا
إنْ كبا عن تَلْعَةٍ للمخازي / نزع العِرقُ به فَتَراقى
معشرٌ إنْ خُبِروا فغصونٌ / حَسُنَتْ مرأىً ومَرّت مَذاقا
كلّما زِدتُهُمُ من جميلٍ / زدتُهمْ مَقْلِيَةً وشِقاقا
وإذا عاتبتُهمْ أوسعوني / كلماتٍ أوسعوها اِختِلافا
نَتَلاقى وسقامُ قلوبٍ / لا نداويه بأنْ نتلاقى
أمِنَ الأشجانِ كنتُ خَلِيّاً / حين حادِي الذَّوْدِ زَمّ وساقا
قاد قلبي منهُمُ أحْوَذِىٌّ / رشّحوهُ ليقودَ النِّياقا
قلْ لمنْ عانقني ثمّ ولّى / سوف أحيا لا ألذُّ العِناقا
عَجِبَ الرّكبُ ضُحىً يوم بانوا / كيف لم نَزِدْ هوىً واِشتياقا
ثمّ قالوا نحن نعتدّ عذراً / إنْ تفرّقْنا وعشتَ فُواقا
قد أفاق الواجدون وملّوا / والّذي يهواكُمُ ما أفاقا
ليس عندي لسواكم خَلاقٌ / فَاِجعَلوا عِندكمْ لي خَلاقا
نَحنُ قَومٌ في ذُرا باسقاتٍ / ضرب العزُّ عليها رِواقا
نَقْتَنِي إمّا رماحاً طِوالاً / للأعادي أو سيوفاً رقاقا
في خيامٍ للقِرى ماثلاتٍ / ربطتْ أطنابُهنَّ العِتاقا
وإذا ما جُلْتَ حول فِناءٍ / فاقَ مَنْ نُؤْويه منّا ففاقا
لم تَجدْ إلّا مَجرّاً لرمحٍ / أو نجيعاً من عدوٍّ مُراقا
ونَمَتْنا من قريشٍ بُدورٌ / طالعاتٌ لا تُخاف مُحاقا
لَبِسوا المَجدَ فإمّا رداءً / سحبوا هُدّابه أو نِطاقا
قد خَلَوْنا بعدكُمُ بالمعالي / نتعاطاها كؤوساً دِهاقا
لم يَعُقْنا عن بلوغ الأماني / في المعالِي ما ثناكمْ وعاقا
عجّ هذا الدّهرُ يا قومُ منّي / كعجيجِ الفحلِ أمَّ الخِفاقا
كلّما ثبّطنِي عن مرامٍ / زادنِي ضنّاً به واِعتِلاقا
إنّ للدّنيا حِبالَ غرورٍ / فاِختَرقها تنجُ منها اِختراقا
مَن أراد العزَّ فيها مقيماً / فلْيُبِتْها كلَّ يومٍ طلاقا