إِنَّما فازَت قِداحُ المَنايا
إِنَّما فازَت قِداحُ المَنايا / يَومَ حازَت خَصلَها بِتَنوفا
يَومَ قالَت لِلرَدى اِستَقصِ حَظّي / يَومَ لَم تَصطَفِ إِلّا الشَريفا
وَصُنِ التالدَ مَجداً وَعِزّاً / إِنَّ عَجزاً أَن تَصونَ الطَريفا
واحِدٌ أَفضَلُ مِن أَلفِ أَلفٍ / فَخُذِ الواحِدَ وَاِسفِ الأُلوفا
إِنَّما اِنهَضَّت هِضابُ المَعالي / وَاِكتَسَت أَقمارُهُنَّ الخُسوفا
يَومَ سَقى الدَهرُ أَرواحَ قَومي / تَحتَ ظِلِّ الخافِقاتِ الحُتوفا
عَجَباً مِن جرأَةِ المَوتِ إِذ لَم / يَنقَمِع عَنهُم مَروعاً مَخوفا
فَقدُهُم هَدَّ مِنَ المَجدِ رُكناً / كانَ عَمرُ اللَهِ صَعباً مَنيفا
فَقدُهُم غادَرَ ما رَوَّضَتهُ / هَضَباتُ الجودِ قلّاً قَصيفا
فَقدُهُم غادَرَ ما شَمِلَتهُ / نَفَحاتُ العرفِ حُزناً حَليفا
فَقدُهُم غادَرَ مِن بَعدِ لينٍ / خَفضَ عَيشِ الناسِ فَظّاً عَنيفا
إِنَّ بِالرَوضَةِ عِصوادَ حَربٍ / قَطَّعَت فيهِ السُيوفُ السُيوفا
طَفِقَت تَجدَعُ فيهِ رِجالُ ال / أزدِ جَهلاً بِالأَكُفِّ الأُنوفا
حُكِّمَ المَوتُ فَضَمَّ إِلى الس / سادَةِ المَحيضِ لَفاءً لَفيفا
يا لَهُ مِن مُستَكَفِّ حِمامٍ / واجَهَت فيهِ الصُفوفُ الصُفوفا
سَدَلَ النَقعُ عَلَيهِم سُجوفاً / هَتَكَت فيهِ الرَدايا السُجوفا
فَتَرى الأَرواحَ تُجتَثُّ سَوقاً / وَتَرى فيهِ المَنايا وُقوفا
صارَ مِن صَوبِ الدِماءِ رَبيعاً / صارَ مِن كَيِّ الضِرابِ مَصيفا
ما اِنجَلى حَتّى اِكتَسَت مِن دُجاهُ / بَهجَةُ الأَرضِ ظَلاماً كَثيفا
تَرَكَ الدَهرُ وساعَ المَعالي / بَعدَ شَيخِ الأَزدِ نَصرٍ قطوفا
يا سُوَيدَ بنَ سراةٍ تَرَقَّب / ضَربَةً تَجتَثُّ مِنكَ الصَليفا
قَد كَفاكَ النُجحُ يَوماً / تَتَرُكُ الصاحِيَ مِنهُ نَزيفا
وَاِبنُ مِنهالٍ سَعيدٌ سَيُسقى / بِظُباةِ البيضِ سُمّاً مَدوفا
مِثلَ ما مَدَّت يَداهُ اِختِلاساً / لِفَتى الشَيخَينِ نَصلاً نَجيفا
إِن تَكُن أَسلافُ قَومي تَوَلّوا / فَلَقَد أَبقَوا أُناساً خُلوفا
سَنُجاري الوِترَ بِالسَفحِ حَتّى / يَدَعَ الصِنفُ لَدَيهِم صُنوفا
عَكَفَ الدَمعُ عَلى كُلِّ عَينٍ / رَأَتِ الطَيرَ عَلَيهِم عُكوفا
كَيفَ لا نَأسى عَلَيهِم لِحَربٍ / تَتَحَدّى بِالزُحوفِ الزُحوفا
كَيفَ لا نَأسى عَلَيهِم لِعانٍ / عَصَّبَ الأَركان مِنهُ الرَصيفا
كَيفَ لا نَأسى عَلَيهِم لِخَطبٍ / تَجِفُ الأَكبادُ مِنهُ وَجيفا
كَيفَ لا نَأسى عَلَيهِم إِذا ما / أَلجَأَ الخَوفُ المُضافَ اللَهيفا
عَجَباً لِلأَرضِ كَيفَ طَوَتهُم / في الثَرى الغامِضِ طَيّاً لَطيفا
وَهُمُ الهضبُ الشَوامِخُ عِزّاً / وَهُمُ الأَبحُرُ سَيباً وَريفا
أَبلِغا فَهماً وَإِن جَشَّمَتهُ / حَلَقاتُ النكلِ مَشياً رَسيفا
لاكَهُ نابُ المُبيرِ المُعادي / مَرَّةً ضَغماً وَطَوراً صَريفا
وَهوَ قُطبُ الأَزدِ أَنّى اِستَدارَت / شاءَ أَن يَعدِلَ أَو أَن يَحيفا
أَفَلا تَعلَمُ راشِدُ أَن ذا الل / لبِّ لا يُقدِمُ حَتّى يَطيفا
وَكَذاكَ الصَقر إِمّا تَعالى / فَهوَ لا يَنحَطُّ حَتّى يَعيفا
فَوِّقِ السَهمَ وَلا تَرمِ حَتّى / تَعرِفَ النَزعَ لِكَي لا يَصيفا
إِن يَكُن يَومٌ تَصَدّى بِنَحسٍ / فَلَعَلَّ السَعدَ يَأتي رَديفا
أَو يَكُن ما اِنفَكَّ لَدغُ زَمانٍ / فَعَساهُ أَن يَرُفَّ رَفيفا
لا تُهَلِّلَن فَرُبَّت ريحٍ / قَد قَفا مِنها النَسيمُ الهَيوفا
لَيسَ يَومُ الرَوضَةِ الدَهرَ جَميعاً / إِنَّ لِلأَيّامِ كَرّاً عَطوفا
جَرِّدِ العَزمَ وَشَمِّر لِيَومٍ / يَترُكُ العارَ الثَقيلَ خَفيفا
أَقُعودٌ وَالقُلوبُ تَلَظّى / فَاِنبُذِ المِغفَرَ وَاِلبَس نَصيفا
لَيسَ يَنجو المُشمَئِزُّ بِكودِ الض / ضالِ أَو يُدني إِلَيهِ الغَريفا