فِي رِضَى المَرْبُوبِ وَالرَّبِّ
فِي رِضَى المَرْبُوبِ وَالرَّبِّ / بِتْ قَرِيراً يَا أبَا الطَّبِّ
يَا رَئِيسَ القَصْرِ مِنْ قِدَمٍ / وَأُسَاةِ العَصْرِ فِي العَقْبِ
جَلَّ رُزْءُ القِطْرِ أَجْمَعِهِ / فِيكَ مِنْ عَلاَّمَةٍ قُطْبِ
مِنْ سَدِيدِ الرَّأْيِ مُبْرَمِهِ / مُحْكَمِ الإِيجَابِ وَالسَّلْبِ
مَنْ صَحِيحِ المجدِ صَادِقِهِ / حِينَ يُشْرَى المَجْدُ بِالكذْبِ
مِنْ بَعِيْدِ الهَمِّ مُشْتَغِلٍ / في انْصِدَاعِ الشَّمْلِ بِالرَّأْبِ
لَيْسَ بِالْوَقَّافِ مُخْتَبِلاً / بَيْنَ دَفْتِ الفِكْرِ وَالجَذْبِ
ذَبَّ عَنْ حَقِّ البِلاَدِ بِمَا / في حُدُودِ العِلْمِ مِنْ ذَبِّ
إذْ رَآهَا وَالشُّعُوبُ شَأَتْ / لَمْ تَزَلْ فِي أَوَّلِ الدَّرْب
ورِضَاهَا السِّلْمُ اَشْبَهُ مَا / كَانَ فِي عُقْبَاهُ بِالحَرْبِ
فَبِجِدٍّ هَبَّ يَرْجِعُ مِنْ / شَأْنِهَا مَا ضَاعَ بِاللَّعْبِ
وبِمَا أبْلَى لِنُصْرَتِها / عُدَّ فِي أَبْطَالِهَا الغُلْبِ
فِي سَبِيلِ اللهِ مُرْتَحِلٌ / شَقَّ عَنْهُ مُظْلِمَ الحُجْبِ
عُمْرُهُ وَالمَالُ قَدْ بُذِلاَ / قُرْبَةً فِ خِدْمَةِ الشَّعْبِ
إِنَّ مِصْراً إذْ نَعَوْهُ لَهَا / وَجَمَتْ مِنْ شِدَّةِ الخَطْبِ
وَأَجَلَّ ألْفَاقِدُوهُ بِهَا / قَدْرَهُ عَنْ سَاكِبِ الغَرْبِ
هَلْ دُمُوعُ العَيْنِ مُغْنِيَةٌ / في العُلَى مِنْ هَابِطِ الشُّهْبِ
حَقُّهُ الذِّكْرَى تُخَلِّدُهُ / بِجَمِيلِ القَوْلِ لاَ النَّحْبِ
وَمَعَانٍ يَسْتَدِيمُ بِهَا / وَجْهُ حَيٍّ مُنْقَضِي النَّحْبِ
مِنْ عَلٍ أشْرِفْ وَبَشَّ إلى / هَؤُلاَءِ الآلَ وَالصَّحْبِ
هَلْ بِلاَ وُلْدٍ يَعِزُّ بِهِمْ / مَنْ لَهُ وُلْدٌ بِلاَ حَسْبِ
مَنْ يُرَبِّي كَالأَفَاضِلِ مِنْ / هَؤُلاَءِ الصَّفْوَةِ النُّجْبِ
تَتَبَنَّاهُمْ لَهُ نِعَمٌ / وَاصِلاَتُ الحُقْبِ بِالْحُقْبِ
قَطَرَاتٌ مِنْ نَدَى هِمَهمٍ / مُثْمِرَاتٌ كَنَدَى السُّحْبِ
أرَأيْتَ البِرَّ يَجْمَعُهُمْ / هَهُنَا جَنْباً إلى جَنْبِ
كَانَ عِيسَى فِي مَوَدَّتِهِ / وَاحِداً في البُعْدِ والْقُرْبِ
عَزْمُهُ مِنْ عُنْصُرٍ مَرِنٍ / خُلْقُهُ مِنْ جَوْهَرٍ صُلْبِ
قَوْلُهُ فِي نَفْسِ سَامِعِهِ / طَيِّبٌ كَالمَورِدِ العَذْبِ
رَأْيُهُ فِي كُلِّ مُعْضِلَةٍ / قَاطِعٌ كَالصَّارِمِ العَضْبِ
جُودُهُ شَافٍ أَعَادَ بِهِ / مَجْدَ مِصْرٍ عَاليَ الكَعْبِ
جَاءَ فِيهِ بِدْعَةً غَصَبَتْ / كُلَّ حَمْدٍ أَيَّمَا غَصْبِ
والمَعَانِي قَدْ تَكُونُ لَها / كَالْغَوَانِي رَوْعَةٌ تَسْبِي
لَمْ يَكُنْ فِي الشَّرْقِ وَاحَرَبَا / كَرَمٌ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ
فَبِحَمْدِي الْيَوْمَ صَارَ لَنَا / مَوْقِفٌ فِي جَانِبِ الغَرْبِ
حَبَّذَا أنْبَاءُ مِنْحَتِهِ / قُلْ وَكَرِّرْ أَيُّهَا المُنْبِي
عَلَّ فِي مُثْرِي مَوَاطِنِنَا / مَنْ ضِخَامِ الرَّيْعِ وَالْكَسْبِ
مَنْ إذَا دَاعِي الوَلاَءِ دَعَا / قَالَ إحْسَاسٌ لَهُ لَبِّ
هَلْ يُفِيدُ الخِصْبُ فِي بَلَدٍ / وَقُلُوبُ القَوْمِ فِي جَدْبِ
أَلثَّرَاءُ المُسْتَعَزُّ بِهِ / كَنْزُهُ فِي العَقْلِ لاَ التُّرْبِ
مِصْرُ يَا أُسْتَاذُ تَذْكُرُ مَا / جِئْتَ بِالإِعْجَابِ وَالْعُجْبِ
كُلَّمَا مَرَّ الزَّمَانُ بِهِ / فَهْوَ فِي إجْلاَلِها مُربِي
كَانَ عِيسَى صَبَّ حِرْفَتِهِ / يَفْتَدِيهَا فِدْيَةَ الصَّبِّ
وَُرَجِّي أنْ يُعِيدَ لَهَا / شَأْنَهَا فِي دَوْلَةِ العُرْبِ
فَانْبَرَى لِلْكُتْبِ يُخْرِجُهَا / آيَ تَعْلِيمٍ بِلاَ كُتْبِ
وَأَفَادَ النَّاسَ غَايَةَ مَا / فِي اقْتِدَارِ النَّاصِحِ الطَّبِّ
فَهُوَ الآسِي لِذِي سَقَمٍ / وَالمُوَاسِي لِأَخِي الكَرْبِ
تَحْتَ آدَابِ الحَكِيمِ طَوَى / مَكْرُمَاتِ السَّيِّدِ النَّدْبِ
كَانَ فِي كُلِّ الشُّؤُونِ يَرَى / كَيْفَ يَرْقَى الْأَوَْ ذُو الدَّأْبِ
فَازَ قِدْماً مَنْ لَهُ نَظَرٌ / قَبْلَ بَدْءِ الأَمْرِ فِي الغِبِّ
فَإذَا ما سَارَ سِيرَتَهُ / لَمْ يَجِدْ صَعْباً مِنَ الصّعْبِ
كَانَ لاَ يُعْطِي الحَيَاةَ سِوَى / قَدْرِ مَا يُعْطِي أَخُو اللُّبِّ
نِضْوُ خُبْرٍ لَيْسَ يَفْتِنُهُ / زُخْرُفُ الدُّنْيَا وَلاَ يُصْبِي
يَجِدُ الحُسْنَى بِلاَ جَذَلٍ / وَيَرَى السُّوأَى بِلاَ عَتْبِ
فِيهِ حُبُّ النَّاسِ أَخْلَصَهُ / طَبْعُهُ الصَّافِي مَنَ الخِبِ
جَاءَهُمْ مِنْهُ بِأبْدَعَ مَا / ضُمِّنَتْهُ آيَةُ الحُبِّ
خَيْرُ مَا يَأْتِي الذَكَاءُ بِهِ / هُوَ مَا يَأْتِي مِنَ الْقَلْبِ
ذَاكَ بَعْضُ الحَقِّ فِيهِ وَلَوْ / طَالَ وَقْتِي لَمْ يَكُنْ حَسْبِي
فَلْتَكُ الجَنَّاتُ مَرْتَعَهُ / خَالِداً فِيهَا عَلَى الرُّحْبِ