المجموع : 46
طالَما اِحلَولى مَعاشي وَطابا
طالَما اِحلَولى مَعاشي وَطابا / طالَما سَحَّبتُ خَلفي الثِيابا
طالَما طاوَعتُ جَهلي وَلَهوي / طالَما نازَعتُ صَحبي الشَرابا
طالَما كُنتُ أُحِبُّ التَصابي / فَرَماني سَهمُهُ وَأَصابا
أَيُّها الباني قُصوراً طِوالاً / أَينَ تَبغي هَل تُريدُ السَحابا
إِنَّما أَنتَ بِوادي المَنايا / إِن رَماكَ المَوتُ فيهِ أَصابا
أَيُّها الباني لِهَدمِ اللَيالي / إِبنِ ما شِئتَ سَتَلقى خَرابا
أَأَمِنتَ المَوتَ وَالمَوتُ يَأبى / بِكَ وَالأَيّامُ إِلّا انقِلابا
هَل تَرى الدُنيا بِعَينَي بَصيرٍ / إِنَّما الدُنيا تُحاكي السَرابا
إِنَّما الدُنيا كَفَيءٍ تَوَلّى / أَو كَما عايَنتَ فيهِ الضَبابا
نارُ هَذا المَوتِ في الناسِ طُرّاً / كُلَّ يَومٍ قَد تَزيدُ التِهابا
إِنَّما الدُنيا بَلاءٌ وَكَدٌّ / وَاكتِئابٌ قَد يَسوقُ اِكتِئابا
ما استَطابَ العَيشَ فيها حَليمٌ / لا وَلا دامَ لَهُ ما اِستَطابا
أَيُّها المَرءُ الَّذي قَد أَبى أَن / يَهجُرَ اللَهوَ بِها وَالشَبابا
وَبَنى فيها قُصوراً وَدوراً / وَبَنى بَعدَ القِبابِ القِبابا
وَرَأى كُلَّ قَبيحٍ جَميلاً / وَأَبى لِلغَيِّ إِلّا ارتِكابا
أَنتَ في دارٍ تَرى المَوتَ فيها / مُستَشيطاً قَد أَذَلَّ الرِقابا
أَبَتِ الدُنيا عَلى كُلِّ حَيٍّ / آخِرَ الأَيّامِ إِلّا ذَهابا
إِنَّما تَنفي الحَياةَ المَنايا / مِثلَما يَنفي المَشيبُ الشَبابا
ما أَرى الدُنيا عَلى كُلِّ حَيٍّ / نالَها إِلّا أَذىً وَعَذابا
بَينَما الإِنسانُ حَيٌّ قَويٌّ / إِذ دَعاهُ يَومُهُ فَأَجابا
غَيرَ أَنَّ المَوتَ شَيءٌ جَليلٌ / يَترُكُ الدورَ يَباباً خَرابا
أَيُّ عَيشٍ دامَ فيها لِحَيٍّ / أَيُّ حَيٍّ ماتَ فيها فَآبا
أَيُّ مُلكٍ كانَ فيها لِقَومٍ / قَبلَنا لَم يُسلَبوهُ استِلابا
إِنَّما داعي المَنايا يُنادي / إِحمِلوا الزادَ وَشُدّوا الرِكابا
جَعَلَ الرَحمَنُ بَينَ المَنايا / أَنفُسَ الخَلقِ جَميعاً نِهابا
لَيتَ شِعري عَن لِساني أَيَقوى / يَومَ عَرضي أَن يَرُدَّ الجَوابا
لَيتَ شِعري بِيَمينِيَ أُعطى / أَم شِمالي عِندَ ذاكَ الكِتابا
سامِحِ الناسَ فَإِنّي أَراهُم / أَصبَحوا إِلّا قَليلاً ذِئابا
أَفشِ مَعروفَكَ فيهِم وَأَكثِر / ثُمَّ لا تَبغِ عَلَيهِ ثَوابا
وَسَلِ اللَهَ إِذا خِفتَ فَقراً / فَهوَ يُعطيكَ العَطايا الرِغابا
عادَ لي مِن ذِكرِها نَصَبٌ
عادَ لي مِن ذِكرِها نَصَبٌ / فَدُموعُ العَينِ تَنسَكِبُ
وَكَذاكَ الحُبُّ صاحِبُهُ / يَعتَريهِ الهَمُّ وَالوَصَبُ
خَيرُ مَن يُرجى وَمَن يَهَبُ / مَلِكٌ دانَت لَهُ العَرَبُ
وَحَقيقٌ أَن يُدانَ لَهُ / مَن أَبوهُ لِلنَبِيِّ أَبُ
ماتَ وَاللَهِ سَعيدُ بنُ وَهبٍ
ماتَ وَاللَهِ سَعيدُ بنُ وَهبٍ / رَحِمَ اللَهُ سَعيدَ بنَ وَهبِ
يا أَبا عُثمانَ أَبكَيتَ عَيني / يا أَبا عُثمانَ أَوجَعتَ قَلبي
عَدِّ عَن رَسمٍ وَعَن كُثُبِ
عَدِّ عَن رَسمٍ وَعَن كُثُبِ / وَالهُ عَنهُ بِابنَةِ العِنَبِ
بِالَّتي إِن جِئتُ أَخطُبُها / حُلِّيَت حَلياً مِنَ الذَهَبِ
خُلِقَت لِلهَمِّ قاهِرَةً / وَعَدُوَّ المالِ وَالنَشَبِ
لَم يَذُقها قَطُّ راشِفُها / فَخَلا مِن لاعِجِ الطَرَبِ
لا تَشِنها بِالَّتي كَرِهَت / فَهيَ تَأبى دَعوَةَ النَسَبِ
ما هَوىً إِلّا لَهُ سَبَبُ
ما هَوىً إِلّا لَهُ سَبَبُ / يَبتَدي مِنهُ وَيَنشَعِبُ
فَتَنَت قَلبي مُحَجَّبَةٌ / وَجهُها بِالحُسنِ مُنتَقِبُ
حَلِيَت وَالحُسنُ تَأخُذُهُ / تَنتَقي مِنهُ وَتَنتَخِبُ
فَاِكتَسَت مِنهُ طَرائِفَهُ / وَاِستَزادَت فَضلَ ما تَهِبُ
فَهيَ لَو صَيَّرَت فيهِ لَها / عَودَةً لَم يَثنِها أَرَبُ
صارَ جِدّاً ما مَزَحتُ بِهِ / رُبَّ جِدٍّ جَرَّهُ اللَعِبُ
يا بَني حَمّالَةِ الحَطَبِ
يا بَني حَمّالَةِ الحَطَبِ / حَربِيَ مِن ظَبيِكُمُ حَرَبي
حَرَباً في القَلبِ بَرَّحَ بي / أَلهَبَتهُ مُقلَةُ اللَهَبِ
قَد رَمَت أَلحاظُهُ كَبِدي / بِسِهامٍ لِلرَدى صُيُبِ
لَم يَجرِ في البَيتِ مِنهُ وَقَد / عُذتُ بِالأَركانِ وَالحُجُبِ
صيغَ هَذا الناسُ مِن حَمَأٍ / وَبَراهُ اللَهُ مِن ذَهَبِ
كَيفَ مَن لَم يَثنِهِ حَرَجٌ / دونَ قَتلي عَفَّ عَن سَلبي
رُبَّما أَغدو مَعي كَلبي
رُبَّما أَغدو مَعي كَلبي / طالِباً لِلصَيدِ في صَحبي
فَسَمَونا لِلحَزيزِ بِهِ / فَدَفَعناهُ عَلى أَظبِ
فَاستَدَرَّتهُ فَدَرَّ لَها / يَلطِمُ الرِفقَينِ بِالتُربِ
فَادَّراها وَهيَ لاهِيَةٌ / في جَميمِ الخاذِ وَالغَربِ
فَفَرى جَمّاعُهُنَّ كَما / قُدَّ مَخلولانِ مِن عُصبِ
غَيرَ يَعفورٍ أَهابَ بِهِ / جابَ دَفَّيهِ عَنِ القَلبِ
ضَمَّ لَحيَيهِ بِمِخطَمِهِ / ضَمُّكَ الكَسرَينِ بِالشَعَبِ
وَانتَهى لِلباهِياتِ كَما / كُسِرَت فَتخاءُ مِن لَهَبِ
فَتَعايا التَيسُ حينَ كَبا / وَدَنا فوهُ مِنَ العَجبِ
ظَلَّ بِالوَعساءِ يُنغِصُهُ / أَزَماً مِنهُ عَلى الصُلبِ
تِلكَ لَذّاتي وَكُنتُ فَتىً / لَم أَقُل مِن لِذَّةٍ حَسَبي
أَيُّها القائِلُ غَيرَ الصَوابِ
أَيُّها القائِلُ غَيرَ الصَوابِ / أَمسِكِ النُصحَ وَأَقلِل عِتابي
وَاِجتَنِبني وَاِعلَم بِأَن سَوفَ تُعصى / وَلَخَيرٌ لَكَ بَعضُ اِجتِنابي
إِن تَقُل نُصحاً فَعَن ظَهرِ غِشٍّ / دائِمِ الغِمرِ بَعيدِ الذَهابِ
لَيسَ بي عِيٌّ بِما قُلتَ إِنّي / عالِمٌ أَفقَهُ رَجعَ الجَوابِ
إِنَّما قُرَّةُ عَيني هَواها / فَدَعِ اللَومَ وَكِلني لِما بي
لا تَلُمني في الرَبابِ وَأَمسَت / عَدَلَت لِلنَفسِ بَردَ الشَرابِ
هِيَ وَاللَهِ الَّذي هُوَ رَبّي / صادِقاً أَحلِفُ غَيرَ الكِذابِ
أَكرَمُ الأَحياءِ طُرّاً عَلَينا / عِندَ قُربٍ مِنهُمُ وَاِغتِرابِ
لَقِيَتنا في الطَوافِ وَصَدَّت / إِذ رَأَت هَجري لَها وَاِجتِنابي
عاتَبَتني ساعَةً وَهيَ تَبكي / ثُمَّ عَزَّت خُلَّتي في الخِطابِ
وَكَفا بي مِدرَهاً لِخُصومٍ / لَسِواها عِندَ جِدَّ تَنابي
قَد تَعَفّى بَعدَنا عاذِبُ
قَد تَعَفّى بَعدَنا عاذِبُ / ما بِهِ بادٍ وَلا قارِبُ
غَيَّرَتهُ الريحُ تَسفي بِهِ / وَهَزيمٌ رَعدُهُ واصِبُ
وَلَقَد كانَت تَكونُ بِهِ / طَفلَةٌ مَمكورَةٌ كاعِبُ
وَكَّلَت قَلبي بِذِكرَتِها / فَالهَوى لي فادِحٌ غالِبُ
لَيسَ لي مِنها مُواسٍ وَلا / بُدَّ مِمّا يَجلِبُ الجالِبُ
وَكَأَنّي حينَ أَذكُرُها / مِن حُمَيّا قَهوَةٍ شارِبُ
أَكَعَهدي هَضبُ ذي بَقَرٍ / فَلِوى الأَعرافِ فَالضارِبُ
فَلِوى الخُربَةِ إِذ أَهلُنا / كُلَّ مُمسىً سامِرٌ لاعِبُ
فَاِبكِ ما شِئتَ عَلى ما اِنقَضى / كُلُّ وَصلٍ مُنقَضٍ ذاهِبُ
لَو يَرُدُّ الدَمعُ شَيئاً لَقَد / رَدَّ شَيئاً دَمعُكَ الساكِبُ
لَم تَكُن سُعدى لِتُنصَفُني / قَلَّ ما يُنصِفُني الصاحِبُ
كَأَخٍ لي لا أُعاتِبُهُ / رُبَّما يُستَكثَرُ العاتِبُ
حَدَّثَ الشاهِدُ مِن قَولِهِ / بِالَّذي يُخفي لَنا الغائِبُ
وَبَدَت مِنهُ مُزَمَّلَةٌ / حِلمُهُ في غَيِّها ذاهِبُ
جارَ هَذا الدَهرُ أَو آبا
جارَ هَذا الدَهرُ أَو آبا / وَقَراكَ الهَمُّ أَوصابا
وَوُفودُ النَجمِ واقِفَةٌ / لا تَرى في الغَربِ أَبوابا
وَكَأَنَّ الفَجرَ حينَ رَأى / لَيلَةً قاسِيَةً هابا
غَضَبُ الإِدلالِ مِن رَشَإٍ / لابِسٍ لِلحُسنِ جِلبابا
سُحِرَت عَيني فَلَستُ أَرى / غَيرَهُ في الناسِ أَحبابا
وَلِحَيني إِذ بُليتُ بِهِ / وَأَرى لِلحَينِ أَسبابا
غُصُنٌ يَهتَزُّ في قَمَرٍ / راكِضاً لِلوَشيِ سَحّابا
أَثمَرَت أَغصانُ راحَتِهِ / لِجُناةِ الحُسنِ عُنّابا
لامَهُ فِيَّ الوُشاةِ وَكَم / ذامَني مِنهُم وَكَم عابا
عَذَّبوا صَبّاً بِعَذلِهِمُ / مُتعَباً في الحُبِّ إِتعابا
فَتَبَرّا مِن مَحَبَّتِنا / وَأُراهُ كانَ كَذّابا
لا تَرى عَيني لَهُ شَبَهاً / غَزِلٌ في الحُبِّ ما حابى
وَحَديثٍ قَد جَعَلتُ لَهُ / دونَ عِلمِ الناسِ حُجّابا
لا يَمَلُّ النَثرَ لافِظُهُ / مُفتَنٌ يُعجَبُ إِعجابا
قَد أَبَحناهُ فَطابَ لَنا / وَحَوَينا مِنهُ إِنهابا
وَشَبابٍ كانَ يُعجِبُني / وَبِهِ قَد كُنتُ لَعّابا
جاهُ حُسنٍ ما رُدِدتُ بِهِ / وَشَفيعٌ قَطُّ ما خابا
ثُمَّ أَدَّينا إِلى شَمَطٍ / مُسبِلٍ في الرَأسِ أَهدابا
فَأَمامي المُرُّ مِن عُمُري / وَوَرائي مِنهُ ما طابا
خَضَبَت رَأسي فَقُلتُ لَها / أَخضِبي قَلبي فَقَد شابا
شَرطُ دَهري كُلُّهُ غِيَرٌ / حينَ عادَيناهُ إِسحابا
وَلَقَد غادَيتُ مُترَعَةً / لَم تَشِم في خُلُقي عابا
وَحَلَبتُ الدَهرَ أَشطُرَهُ / وَقَضَتهُ النَفسُ أَطرابا
وَخَميسُ الأَرضِ مالِكُهُ / يَملَأُ الأَرضَ بِهِ غابا
مِثلُ لُجِّ البَحرِ مُصطَخِباً / يَزجُرُ اللَيلَ إِذا غابا
وَلَقَد أَغزو بِسَلهَبَةٍ / تُعطِبُ الأَحقافَ إِعطابا
قَد حَذاها الدَهرُ جِلدَتَهُ / وَكَساها اللَيلُ أَثوابا
جاسَ فيها الشَكُّ حينَ رَأَت / بِجُنوبِ الحَزنِ أَسرابا
فَرَجَمناها بِغُرَّتِها / فَقَضَت لِلحِرصِ آرابا
وَرَدَدنا الرُمحَ مُختَضِباً / لِدِماءِ الوَحشِ شَرّابا
أَسقِياني وَاِعمَلا طَربا
أَسقِياني وَاِعمَلا طَربا / وَأَديرا الكَأسَ وَاِنتَخِبا
بِنتُ كَرمٍ شابَ مَفرِقُها / وَثَوَت في دِنِّها حِقَبا
وَاِكتَسَت مِن فِضَّةٍ زَرَداً / خِلتُها مِن تَحتِهِ ذَهَبا
وَكَأَنَّ الماءَ إِذ مُزِجَت / مُلعِجٌ في كاسِها لَهَبا
فَأَدارَت في جَوانِبِها / حَبَباً تُغري بِهِ حَبَبا
كَكُميتِ اللَونِ قَلَّدَها / فارِسٌ مِن لُؤلُؤٍ لَبَبا
رُبَّ لَيلٍ قَد نَعِمتُ بِهِ
رُبَّ لَيلٍ قَد نَعِمتُ بِهِ / وَنَهارٍ ما عَلِمتُ بِهِ
ظِلتُ فيهِ مَيِّتاً سَكَراً / ذاكَ سُكرٌ قَد ظَفِرتُ بِهِ
صاحِبٌ كَالغِرِّ لَيسَ أَرى
صاحِبٌ كَالغِرِّ لَيسَ أَرى / جِدَّهُ مِنّي وَلا لَعِبَه
يَتَقيني بِالخِلابِ وَإِن / جَدَحوا عِرضي لَهُ شَرِبَه
داعِياً لي بِالخُلودِ وَلَو / طَلَبوا مِنهُ دَمي وَهَبَه
قَسَماً بِالبَيتِ طُفتُ بِهِ / وَبِرَمي جَمرَةِ العَقَبَه
جَلَتِ الظَلماءُ بِللَهَبِ
جَلَتِ الظَلماءُ بِللَهَبِ / إِذ بَدَت في اللَيلِ كَالشُهُبِ
فَاِنجَلَت في تاجِها فَجَلَت / ظُلَمَ الأَحزانِ وَالكُرَبِ
خُرَّدٌ شابَت ذَوائِبُها / وَفُروعُ اللَيلِ لَم تَشِبِ
سَفَرَت كَالشَمسِ ضاحِكَةً / مِن تَواري الشَمسِ في الحُجُبِ
ما رَأَينا قَبلَ مَنظَرِها / ضاحِكاً في زيِّ مُنتَحِبِ
كَيفَ لا تَحلو ضَرائِبُها / وَبِها ضَربٌ مِنَ الضَرَبِ
خِلتُها وَاللَيلِ مُعتَكِرٌ / وَنُجومُ الأَفقِ لَم تَغِبِ
قُضُباً مِن فِضَّةٍ غُرِسَت / فَوقَ كُثبانٍ مِنَ الذَهَبِ
أَو يَواقيتاً مُنَضَّدَةً / بَينَ أَيدينا عَلى قُضُبِ
أَو أَساريعاً عَلى عَمَدٍ / أَشرَقَت في زِيِّ مُرتَقِبِ
أَو رِماحاً في العِدى طُعِنَت / فَغَدَت مُحمَرَّةَ العَذَبِ
أَو سِهاماً نَصلُها ذَهَبٌ / لِسِوى الظَلماءِ لَم تُصِبِ
أَو أَعالي حُمرِ أَلوِيَةٍ / نُشِرَت في جَحفَلٍ لَجِبِ
أَو شَعافَ الرومِ قَد رُفِعَت / فَوقَ أَطرافِ القَنا الأَشِبِ
أَو قِياناً مِن ذَوائِبِها / شَفَقٌ لِلشَمسِ لَم يَغِبِ
أَو شَواظاً لِلقِرى رُفِعَت / تَتَراءى في ذُرى كُثُبِ
أَو لَظى نارِ الحُباحِبِ قَد / لَمَعَت لِلعَينِ عَن لَبَبِ
أَو عُيونَ الأُسدِ موصَدَةً / في ذُرى غابٍ مِنَ القَصَبِ
أَو خُدودَ الغيدِ ساطِعَةً / أَشرَقَت في فاقِعِ النُقُبِ
أَو شَقيقَ الرَوضِ مُنتَظِماً / فَوقَ مَجدولٍ مِنَ القَصَبِ
أَو ذُرى نَيلوفَرٍ رُفِعَت / فَوقَ قُضبانٍ مِنَ الغَرَبِ
راقَني مِن لَفظِكَ المُستَطابِ
راقَني مِن لَفظِكَ المُستَطابِ / حِكمَةٌ فيهِ وَفَصلُ الخِطابِ
وَمَعانٍ مُشرِقاتٌ حِسانٌ / ما تَوارَت شَمسُها في حِجابِ
هِيَ لِلوارِدينَ ماءٌ زُلالٌ / وَسِواها لامِعٌ كَالسَرابِ
جالَ ماءُ الحُسنِ فيها كَما قَد / جالَ في الحَسناءِ ماءُ الشَبابِ
ما رَأَينا قَبلَها عِقدَ دُرٍّ ضَم / مَهُ في الطِرسِ سَطرُ كِتابِ
صَدَرَت عَنِ لَفظِ صاحِبِ فَضلٍ / هُوَ عِندي مِن أَكبَرِ الأَصحابِ
فَتَأَمَّلتُ وَأَمَّلتُ مِنهُ جَم / عَ شَملي في عاجِلٍ وَاِقتِرابِ
ثُمَّ قابَلتُ أَيادي ثَناهُ / بِدُعاءٍ صالِحٍ مُستَجابِ
يا أُهَيلَ الوُدِّ أَنتِم مُرادي / وَإِلَيكُم في العَلاءِ اِنتِسابي
ذِكرُكُم لي شاغِلٌ في حُضوري / وَثَناكُم مُؤنِسي في اِغتِرابي
إن شيب الرأس بعد الشباب
إن شيب الرأس بعد الشباب / لنهى عن جامحات التصابي
إنما الشيب سهام المنايا / ولذي الصبوة أدنى العتاب
مرحباً بالشيب من زائرٍ / وسقى الرحمن شرخ الشباب
ما يزال الدهر يرمي الفتى / كل حينٍ بسهام صياب
ببياض الرأس من بعدما / كان عمراً كجناح الغراب
أو بنقص بان في قوةٍ / بعد تأييد الفتى ذي الشغاب
أو بأفراد امرئٍ ربما / كان في ما نابه ذا صحاب
أسل عن ليلى علاك المشيبُ
أسل عن ليلى علاك المشيبُ / وتصابي الشيخ شيءٌ عجيبُ
وإذا كان النسيب بسلمى / لذ في سلمى وطاب النسيب
إنما شبهتها إذ تراءت / وعليها من عيونٍ رَقيب
بطلوع الشَمسِ في يوم دَجنٍ / بُكرةً أو حانَ منها غُروبُ
إنني فاعلم وإن عز أهلي / بالسويداء الغَداةَ غريبُ
خَلِّ عَنكَ المَزحَ مُجتَنِبا
خَلِّ عَنكَ المَزحَ مُجتَنِبا / إِنَّهُ يُدني لَكَ العَطَبا
رُبَّ مَن كانَت مَنِيَّتُهُ / في مُزاحٍ هاجَهُ لَعِبا
إِنَّ عاماً صِرتَ فيهِ أَميراً
إِنَّ عاماً صِرتَ فيهِ أَميراً / يَخطبُ الناسَ لَعامٌ عُجابُ
سادَ عُبّادا وَمُلِّكَ جَيشاً / سَبَّحت مِن ذاكَ صُمَّ صِلابُ
إِن تَكُن أَغلَقتَ دوني بابا
إِن تَكُن أَغلَقتَ دوني بابا / فَلَقَد فَتَّحتَ لِلكَشخِ بابا
قَد تَخَرطَمتَ عَلَينا لِأَنا / لَم نَكُن نَأتيكَ نَبغي الصَّوابا
إِنَّما يُكرَمُ مَن كانَ مِنّا / لسِنانِ الحَقوِ مِنها قِرابا