يا يَومَ تَكريمِ حِفني
يا يَومَ تَكريمِ حِفني / أَرهَفتَ لِلقَولِ ذِهني
فَيا قَريضُ أَجِبني / وَيا بَيانُ أَعِنّي
عَلّي أَفي بَعضَ دَيني / إِن كانَ ذَلِكَ يُغني
يا مَن ضَرَبتَ بِسَهمٍ / في كُلِّ عِلمٍ وَفَنِّ
بَنَيتَ لِلشِعرِ فينا / وَالنَثرِ أَعظَمَ رُكنِ
وَما خُلِقتَ لَعَمري / في الشَرقِ إِلّا لِتَبني
فَكُلُّ رَبِّ يَراعٍ / في مِصرَ خِرّيجُ حِفني
إِن قالَ شِعراً فَراحٌ / تُدارُ في يَومِ دَجنِ
أَو قالَ نَثراً فَرَوحٌ / يَجتازُنا غِبَّ مُزنِ
فَإِن بَدَأتَ بِقَولٍ / مِنهُ فَبِالكَأسِ ثَنِّ
وَطِر إِلى اللَهوِ وَاِرغَب / عَن حِكمَةِ المُتَأَنّي
فَالعَيشُ في بِنتِ فِكرٍ / تُجلى وَفي بِنتِ دَنِّ
وَإِن طَلَبتَ مَزيداً / فَفي مُناجاةِ خِدنِ
لَولا الحَياءُ وَلَولا / ديني وَعَقلي وَسِنّي
لَقُمتُ في يَومِ حِفني / أَدعو لِسَكرَةِ يَنّي
وَلا أَقولُ لِحِفني / ما قيلَ قِدماً لِمَعنِ
لا تَنسَ عَيشاً تَوَلّى / ما بَينَ شَرحٍ وَمَتنِ
وَلّى شَبابُكَ فيهِ / ما بَينَ مَدٍّ وَغَنِّ
وَذُقتَ مِن جاءَ زَيدٌ / وَمِن شُروحِ الشُمُنّي
وَمِن حَواشي الحَواشي / عَلى مُتونِ اِبنِ جِنّي
ما لَم تُذِقكَ اللَيالي / قَلَبنَ ظَهرَ المِجَنِّ
أَيّامَ سُلطانُ يَلهو / بِمَشِّهِ وَيُغَنّي
يَبيتُ يَقصَعُ ما لَم / أُسَمِّهِ أَو أُكَنّي
يَشكو إِلَيكَ وَتَشكو / إِلَيهِ عيشَةَ غَبنِ
أَيّامَ يَدعوكَ حِفني / مِنَ الحَياةِ أَجِرني
هاتِ المُسَدَّسَ إِنّي / سَئِمتُ مَشّي وَجُبني
مَن لي بِدِرهَمِ لَحمٍ / عَلَيهِ حَبَّةُ سَمنِ
قَرِمتُ وَاللَهِ حَتّى / صاحَت عَصافيرُ بَطني
أَيّامَ عيدُكَ يَومٌ / تَفوزُ فيهِ بِدُهنِ
أَيّامَ مَهيَأَ أَشهى / إِلَيكَ مِن سَن جُوَنّي
أَقولُ هَذا وَإِنّي / لَمُحسِنٌ فيكَ ظَنّي
فَإِن غَدَوتَ وَزيراً / يَوماً وَجِئنا نُهَنّي
فَلا تَكُن ذا حِجابٍ / وَلا تُطِل في التَجَنّي
وَلا تَقُل مِن غُرورٍ / يا أَيُّها الناسُ إِنّي
أَخشى عَلَيكَ المَنايا / حَتّى كَأَنَّكَ مِنّي
إِذا شَكَوتَ صُداعاً / أَطَلتُ تَسهيدَ جَفني
وَإِن عَراكَ هُزالٌ / هَيَّأتُ لَحدي وَقُطني
وَإِن دَعَوتُ لِحَيٍّ / يَوماً فَإِيّاكَ أَعني
عُمري بِعُمرِكَ رَهنٌ / فَعِش أَعِش أَلفَ قَرنِ
نَبقى وَإِبليسَ فيها / نُبلي اللَيالي وَنُفني
أَسرَفتُ في المَزحِ فَاِصفَح / يا سَيِّدي وَاِعفُ عَنّي
فَالذَنبُ ذَنبُ شُدودي / فَاِلعَن شُدودي وَدَعني
قَد سَنَّ فينا مُزاحاً / عَلى الحَقيقَةِ يَجني
ذُقتُ الأَمَرَّينِ مِنهُ / فَسَل سَليماً وَسَلني
وَاِسمَع مَديحَ مُحِبٍّ / يُطري بِحَقٍّ وَيُثني
لَقَد جَمَعتَ خِلالاً / تَضَمَّنَت كُلَّ حُسنِ
مُفَتِّشاً وَفَقيهاً / وَقاضِياً وَاِبنَ فَنِّ
إِنَّ المَعارِفَ فازَت / بِمُنيَةِ المُتَمَنّي
بِحِشمَتٍ وَعَلِيٍّ / أَبي الفُتوحِ وَحِفني