أَتَيتُ سوقَ عُكاظٍ
أَتَيتُ سوقَ عُكاظٍ / أَسعى بِأَمرِ الرَئيسِ
أُزجي إِلَيهِ قَوافٍ / مُنَكَّساتِ الرُؤوسِ
لَيسَت بِذاتِ رُواءٍ / تُزهى بِهِ في الطُروسِ
وَلا بِذاتِ جَمالٍ / يَسري بِها في النُفوسِ
لَم يَحبُها فَضلُ شَوقي / بَقِيَّةً مِن نَسيسِ
فَهُنَّ قَفرٌ خَوالٍ / مِن كُلِّ مَعنىً نَفيسِ
وَهُنَّ جُهدُ مُقِلٍّ / حَليفَ هَمٍّ وَبوسِ
قالَ الرَئيسُ وَمَن ذا / يَقولُ بَعدَ الرَئيسِ
سَقى الحُضورَ شَراباً / يُنسى شَرابَ القُسوسِ
مُعَتَّقاً قَبلَ عادٍ / في مُظلِماتِ الحُبوسِ
تُذكي الدِياراتُ مِنهُ / ناراً كَنارِ المَجوسِ
يُريكَ وَاللَيلُ داجٍ / شُموسَهُ في الكُؤوسِ
بَناتُ أَفكارِ شَوقي / في جَلوَةٍ كَالعَروسِ
تُزهى بِمَعنىً سَرِيٍّ / أَتى بِمَعنىً شَموسِ
وَلَيلَةٍ مِن عُكاظٍ / ضَمَّت حُماةَ الوَطيسِ
أَحيا بِها ذِكرَ عَهدٍ / آثارُهُ في الطُروسِ
عَهدٌ سَما الشِعرُ فيهِ / إِلى مَجالي الشُموسِ
وَوِردُهُ كانَ أَصفى / مِن مَورِدِ القاموسِ
فَجِئتُها بِحَديثٍ / أَسوقُهُ لِلجُلوسِ
قَد زُرتُ مُتحَفَ مِصرٍ / في ظُهرِ يَومِ الخَميسِ
في زُمرَةٍ مِن رِفاقٍ / غُرِّ الشَمائِلِ شوسِ
فَضِقتُ ذَرعاً بِأَمرٍ / عَلى النُفوسِ بَئيسِ
وَكِدتُ أُصرَعُ غَمّاً / لِحَظِّها المَعكوسِ
وَصَرعَةُ الغَمِّ أَدهى / مِن صَرعَةِ الخَندَريسِ
رَأَيتُ جُثَّةَ خوفو / بِقُربِ سيزوستَريسِ
فَقُلتُ يا قَومُ هَذا / صُنعُ العَقوقِ الخَسيسِ
أَجسادُ أَملاكِ مِصرٍ / وَشائِدي مَنفيسِ
مِن بَعدِ خَمسينَ قَرناً / لَم تَستَرِح في الرُموسِ
أَرى فَراعينَ مِصرٍ / في ذِلَّةٍ وَنُحوسِ
مَعروضَةً لِلبَرايا / أَجسادُهُم بِالفُلوسِ
عَنهُم نَبَشنا زَماناً / في مُظلِماتِ الدُروسِ
فَديسَ ظُلماً حِماهُم / وَكانَ غَيرَ مَدوسِ
لَعَلَّهُم حَصَّنوهُم / مِن هادِماتِ الفُؤوسِ
عِلماً بِأَن سَوفَ يُمنى / بِيَومِ شَرٍّ عَبوسِ
لَو أَنَّ أَمثالَ مينا / في الغَربِ أَو رَمسيسِ
بَنوا عَلَيهِم وَخَطّوا / حَظائِرَ التَقديسِ