أحين صارَ تراباً
أحين صارَ تراباً / لقد أتيتُم عجابا
يا أمةً لا أراها / تخطو إلى الحق قابا
ألموتُ أكرمُ نفساً / والقبرُ أرحَبُ بابا
قد صافحاه عقابا / وعانقاه شهابا
قل للعراقِ أيقضي / شيخُ العراق اغترابا
يؤّلّفُ البؤسُ منهُ / في كل يوم كتابا
وقد بنى لك بيتاً / من العلى جوّابا
بيتا بناه وبيتاً / أقام فيه خرابا
نفسُ الأبيّ كدمعِ / الشجاع تأبى انسكابا
ورُبّ دمعَةِ شيخٍ / تُنسى الشباب الشبابا
إن لم تخَف أيّ شيءٍ / خفِ الدموعَ الغِضابا
لا يكرِمُ الله شعباً / لا يكرِمُ الآدابا
حظُّ النبوغ لديهِ / أن لا ينالَ ثوابا
يغذى ولكن كلاما / يسقى ولكن سرابا
والله حلفضةِ حرٍّ / يرى المعالي غلابا
والحقّ للحقّ شقَّ / اليراعُ عنهُ الحجابا
إن لم نبّر القوافي / المسوّمات العرابا
ونرفَعِ الأدبَ السمح / والبيان الُّلبابا
عَضَّ الحديد علينا / وحدّد الدهر نابا
شيخ القوافي سلامٌ / ومن يردّ الجوابا
قد كنت ظلاّ فوَلّى / وكنت نورا فغابا
يا شعر أي عزاء / ينسيك هذا المصابا
محا البكا سحر / عينيك والثنايا العذابا
وكنت حلم الليالي / والروضَ والأكوابا
لا يرجع الميتَ حيا / بنيانُك الأنصابا
فلا تمنّ عليه / زار الترابُ ترابا