لا يَترك اللَه ثاري
لا يَترك اللَه ثاري / يا مَن أَبحتَ دمائي
فَقَد هَويتُك طفلاً / وَكانَ ذاكَ ابتلائي
وَلَم يَكُن لَكَ حُبي / لريبةٍ أَو رياء
وَقَد علمتَ وِدادي / وَقد رأَيت إخائي
جرّبتني في شؤوني / وَشدّتي وَرَخائي
وَاللَه يَشهد حَقاً / بِما أَكَنّ حشائي
فَكيفَ أَخلصتُ وَدّي / وَكانَ هذا جَزائي
جَعلتَ وَصلي حراماً / يا فَرحة الأَعداء
ما هَكَذا كُنت أَرجو / يا واحد الأَصدقاء
وَها تخبّرتَ غيري / وَجئت بالأَنباء
لَكن جفاؤك حتمٌ / لطول ذلّ شَقائي
أَقول هذا بِقَلب / أَحزنته بِالتَنائي
وَكانَ حُبّك يَكفي / تَعذيبه بِالعَناء
وَما ظلمتك يَوماً / وَلا هَجرت وَلائي
فَكيفَ يرضيك حالي / وَأَنتَ سامع رائي
أَرجوك تحيي وَتَبقى / بقسوة وَجَفاء
وَلَستُ أَبغى وِصالاً / فَقَد عَرَفتَ رَجائي
وَلَست أَبكي عَزيزاً / وَلا لغيري بكائي
لِمَن أَقول جَفاني / وَكَيفَ تَرضى اِشتكائي
وَإِن يَكُن مِنكَ سقمي / فَمن يحير دَوائي
يا فاضحي بدلالٍ / وَعزةِ الخيلاء
يا قاتلي كُن رَحيماً / في قتلتي برضائي
ما كُنتُ وَاللَه ممن / يُبلى بِهَذا البَلاء
وَقَد عَرَفتَ مَكاني / في مَوقف الفصحاء
أَفري بنطقي قُلوباً / تَقوى عَلى الصمّاء
وَأترك الشَهم ذلاً / عَن مَصدر العَلياء
منكَّسَ الرَأس ساهٍ / يَمشي عَلى استحياء
هذي شؤوني وَتدري / أَني صَحيح ادّعائي
وَطالما كُنتَ تَهوى / فَكاهَتي وَلِقائي
مرّت بذاك ليال / يا واحد النَظراء
فارحم سهاد عُيوني / في داجي الظلماء
وَارفق بحقك وَارحم / وَاحذر سهامَ دعائي
فَربما أَنتَ تُبلَى / مَع الهَوى بِمُناء
هناك تُجزَى بذنبي / فَالدَهر بيت الجَزاء
فَكَم شَباب تَولّى / كَما يَراه الرائي
وَنَحنُ كُنّا شَباباً / نَتيه بِالكبرياء
فَكَم غَنمنا وَنلنا / مِن غادة هَيفاء
وَكَم لثمنا خُدوداً / كَالوردة الحَمراء
وَكَم بكرنا لنادٍ / بلذة الصَهباء
فَلا يغرنك حُسنٌ / فَليس ذا لبقاء
وَاحذر مَقالي يَوماً / خانَ الحَبيب وَفائي