المجموع : 11
أَعَبدَ الرَحيم أَنا في جَحيمٍ
أَعَبدَ الرَحيم أَنا في جَحيمٍ / فَهَل مِن رَحيم لِصَبٍّ غَريبِ
أَطَلتَ البِعادَ مَنَعتَ الرقادَ / سَلَبتَ الفُؤادَ بِحُسنٍ عَجيبِ
بِسِرِّ الجَمالِ وَنورِ الهِلالِ / وَلَحظِ الغَزالِ وَقَدِّ القَضيبِ
وَوَجهٍ بهيٍّ وَريق شَهيٍّ / وَعَرفٍ ذَكيٍّ حَوى كُلّ طيبِ
أَريجٌ كَمسكٍ وَثَغرٌ كَسلك / بِهِ زالَ نسكي وَزادَ نَحيبي
تَرى صاحِ يَدري غَرامي بَدري / فَإِنَّ بِصَدري حَريقَ لَهيبِ
دُموعيَ تَجري وَقَد طالَ هَجري / فَجُد تَربَح أَجري بِوَصلٍ قَريبِ
أَيا طالِباً أَن يَنالَ الأَرَب
أَيا طالِباً أَن يَنالَ الأَرَب / قَريباً عَلَيكَ لِسانُ العَرَب
تُشاهِدُ مَجموعَ ذي خِبرَةٍ / بصيرٍ بِما قَد نَأَى وَاقتَرَب
وَإِنَّ الجمالَ إمامُ العُلومِ / فَفي كُلِّ سَهمٍ لَها قَد ضَرَب
لأُطلِعَهُ وَهوَ شَمسُ الضُحى / فَنجمُ العُلومِ لَهُ قَد غَرَب
وَهَذَّبَ أَلفاظَ تَهذيبِهِم / فَقَد صارَ نَبعاً وَكانَ العَذَب
وَكانَ الصِّحاحُ بِها جَرَبٌ / فَداوى الصّحاح وَزالَ الجَرَب
وَأَحكمَ تَرتيبَ مُحكمِهِم / فَسَرَّ العِناج وَسر الكَرَب
صَحائِفُ كانَ بِها مَيَلٌ / فَثقَّفَ مِن مَيلها ما اضطَرب
وَقَد كانَ نَدَّت شَوارِدُها / فردَّ الَّذي كانَ مِنها هَرَب
دَعاها بِلَفظٍ رَقيقٍ رَفيقٍ / فَهزَّ المَعاطفَ مِنها الطَرَب
جَزى اللَهُ جامِعَها جَنَّةً / لِيُسقى بِها لبناً مَع ضَرَب
رَماني الزَّمانُ بِأَحداثِهِ
رَماني الزَّمانُ بِأَحداثِهِ / وَكُنتُ صَبوراً عَلى ما حَدَث
وَأَفنى الشَبابَ وَأَهلاً مَضَوا / وَما كُنتُ مِمَّن بِذاكَ اكتَرَث
وَمُنذُ عَيا بَصَري ضَعفُهُ / قَعَدتُ كَأَنّي رَهينُ الجَدَث
وَقَد كُنتُ مُستأنِساً ساكِناً / فقَد صرتُ مُستَوحِشاً ذا عَبث
إِذا رُمتُ انظر في مُهرَقٍ / تَغَشّى سَنا ناظِريَّ الشَعَث
وَإِن أَنا أَبعَثُ ذهني لَهُ / لِفكرٍ أراهُ إِذن ما انبَعَث
وَمَن كانَ في العلمِ ذا شِبَعٍ / فَإِني إِلى فَقرِهِ ذو غَرَث
يَزينُ الفَتى عِلمُهُ مِثلَما / يزينُ الفَتاةَ الحُلى وَالرُعُث
وَإِن كانَ قَلبي قَريحاً فَلي / لِسانٌ بِحَمدِ إلَهي نَفَث
مَنَحتُكَ أَشرفَ ما يُمنَعُ
مَنَحتُكَ أَشرفَ ما يُمنَعُ / وَسَلتُكَ أَيسرَ ما يُقنعُ
وَإِنَّ الجَوابَ بلا مؤيسي / وَلَفظ نَعَم فيهِ لي مَطمَعُ
فَانعِم بلا أَو نَعَم سيّدي / لِيَسكُنَ صبٌّ لِما يَسمَعُ
فَإِما سُلُوٌّ مُريحٌ لَهُ / وَإِما هَوىً مُؤلِمٌ مُوجِعُ
وَصَبرٌ إِلى أَن يَذوقَ الرَدى / وَيُجزى الحَبيبُ بِما يَصنَعُ
أَيا مَن سَما في الوَرى قَدرُهُ
أَيا مَن سَما في الوَرى قَدرُهُ / وَعمَّ الأَنامَ بِمَعروفهِ
لِسانيَ بِالشُكرِ مُنطلِقٌ / فَلِم لا تجودُ بِتصحيفِهِ
أَرى اسمي تنكَّر عِندَكُمُ / وَفازَ اسمُ غَيري بِتَعريفِهِ
أَنا عَلَمٌ فيهِ زائِدتانِ / فَالصَرفُ يَقضي بِتَحريفِهِ
وَصَعبٌ عَلى مَن لَهُ عادَةٌ / وَيَألَفُها تركُ مألوفِهِ
وَمَن مَرَّ يَوماً عَلى ذكركم / فذكرُك يَقضي بِتَشرِيفِهِ
إِذا اِختَلَفَ الناسُ في مَدرَكٍ
إِذا اِختَلَفَ الناسُ في مَدرَكٍ / وَلَم يحتمل غَير وَجهي خِلاف
فَما الحَقُ فيهِ سِوى واحِدٍ / وَفكرٍ لتبصِرَهُ غَير خاف
وَإِن يَحتَمِل أَوجُهاً نَطَقُوا / بِقَولينِ مِن نظرٍ غَيرِ شاف
فَقد يَظهَرُ الحَقُ في ثالثٍ / وَوَلاهُم صادرٌ عَن خِراف
وَلا تَعتَبِر كَثرَةَ القائِلين / فَهُم حُمُرٌ ما لَها مِن أُكاف
يناقِضُ بعضُهُم بَعضَهُم / فَقولُهُم لَم يَزل ذا اِختِلاف
وَلَو أَنعَموا فكرَهُم أَنصَفُوا / وَكانَ مَقالُهُم ذا اِئتِلاف
وَإِياكَ وَالبَحثَ مَع مُبتَدٍ / بليدٍ يَقولُ بِغَيرِ اِنتِصاف
نُعي لي الرَضيُّ فَقُلت لَقَد
نُعي لي الرَضيُّ فَقُلت لَقَد / نُعي لِيَ شَيخُ العُلا وَالأَدَب
فَمَن للغاتِ وَمَن للثِقات / وَمَن للنُحاة وَمَن للنَسَب
لَقَد كانَ للعلمِ بَحراً فَغارَ / وَإِنَّ غؤورَ البحارِ العجب
فَقُدِّس من عالِم عامل / أَثارَ لشجوي لَمّا ذَهَب
حُبِيتَ بريحانَتَي رَوضَةٍ
حُبِيتَ بريحانَتَي رَوضَةٍ / وَبَعدَهُما جاءَ نَجلٌ أَغرّ
وَسَميته اسمَ إمام إِذا / رَآه أَبو مُرَّةٍ مِنهُ فَرّ
وَلا عَجب مِنكَ عَبد العَزيز / إِذا كانَ نَجلُك سُمّي عُمَر
تَفَرَّعتما مِن إمام الهُدى / وَبَدر الدُجى وَرَئيس البَشَر
فَلا زالَ يُوضِحُ سُبلَ الهدى / وَلا زِلتُما تَقفُوانِ الأَثَر
تَعَشَّقتُه أَحدَباً كيّساً
تَعَشَّقتُه أَحدَباً كيّساً / يُحاكي نَجيباً حَنينَ البغام
إِذا كِدتُ أسقُطُ مِن فَوقه / تَعلَّقتُ مِن ظَهرِه بالسَنام
وَيعجبني رَشفُ تِلكَ الشِفاهِ
وَيعجبني رَشفُ تِلكَ الشِفاهِ / وَعَضُّ الخُدودِ وَهَصرُ القوام
مَحاسنُ فاقَت قَضيبَ الأَراك / وَوَردَ الرياض وَكَأسَ المدام
أَدامَ الإله لَكَ العافِيَه
أَدامَ الإله لَكَ العافِيَه / وَصَيَّر دُورَ العدا عافيَه
إِذا لاحَ مِن بَدرِكُم نورُه / فَكُلُّ النُجومِ بِهِ خافِيَه
تَخِذتَ كَلامَ الإِله الدَوا / فَآياتُهُ كانَت الشافيَه
تَشوَّف ناسٌ لِمنصِبِكُم / وَرتبتُهُم للعُلا نافيَه
فَأَين العُلومُ وَأَينَ الحُلومُ / وَخُلقٌ مَوارِدُه صافِيَه
هُمُ عُصبَةٌ لا تَنالُ العُلا / وَلو أَنها قَد سَعَت حافِيَه
إِذا كانَ خَرقٌ تَدارَكتَه / وَلَيسَت لما مَزَّقت رافِيَه
فَإِن عَنَّ خَطبٌ ثَبَتّ لَهُ / وَآراؤُهُم عِنده هافيَه
سَجاياك لِينٌ وَرِفقٌ بِنا / وَأَخلاقُهُم كُلُّها جافِيَه
تصلي عَلى سَبعةٍ مِنهُم / وَثامِنُهُم نَفسُهُ طافيَه
يُقيمون في تُربِهم هُمَّداً / وَتَسفي عَلى قَبرهم سافِيَه
فَلا زِلتَ في صحةٍ دائِماً / تجر ذُيولَ السَنى ضافيَه
وَيوردك اللَهُ عَينَ الحَياة / فَتَحيا بِها مائةً وافيَه
فَإِن زادَ عَشراً فَذاكَ المُنى / وَعشرونَ أَيضاً هِيَ الكافيَه
وَهذي القَوافي أَتَت كُمَّلاً / فَلم تَبقَ لي بَعدها قافيَه