المجموع : 16
ألا ليتَ لو جاد لي الحبُّ ليتْ
ألا ليتَ لو جاد لي الحبُّ ليتْ / فحبي هو الحي والكل ميتْ
مليح به ضاء مصباحنا / ومن علمه كان إمداد زيت
بنتنا له يده كعبة / بها طفت سبعاً وفيها سعيت
فيا أمة العشق حجوا إلى / فؤادي الذي هو للحب بيت
نحرنا له أنفساً في منى / هواه وجمْرات همّي رميت
سواي به ضل فيما اهتدى / وإني بما قد ضللت اهتديت
هو الحرَمُ الأمْنُ للملتجي / ظهرت به حين فيه اختفيت
تأمل فما فات شيء أتى
تأمل فما فات شيء أتى / ولا يعرف الأمر إلا الفتى
شربت الوجود ولم أرتوي / من الحب يا ليت شعري متى
متى أرتوي منه وهو الذي / نفاني ولكنه أثبتا
فأثبتني فيه من غير أن / أرى لي وجوداً سواه أتى
فويلاه ويلاه مني ومن / تدليه لما دنا ملفتا
ألا يا لقومي قفوا هاهنا / فإن له صارماً مصلتا
خذوا من تعاريف آياته / به لا بكم واقصدوا المثبتا
محب حبيب لذات له / إذا ما تجلى لنا أبهتا
بعيني عمىً عن سوى وجهه / وأذناي عن غيره صمتا
هو الحق يبدو ويخفى ومن / أراد اجتماعا به شتتا
وما الجمع إلا به والذي / تعدى فعن أمره قد عتا
جميع الورى كل أحوالهم
جميع الورى كل أحوالهم / من الخير جود لهم يمنحُ
وفضل من الله لو أنهم / يكون له عندهم ملمح
لشكرانهم أو لكفرانهم / هو الإمتحان لهم يصلح
فلا يفرحوا بالذي جاءهم / ونالوه منه ولا يمرحوا
وأما بفضل إله الورى / نعم فبذلك فليفرحوا
هو الله ربي هو المبتدا
هو الله ربي هو المبتدا / وما رفعه بسوى الإبتدا
تحقق كلامي وخل السوى / فإن السوى هو أردى الردى
وكل العوالم أخباره / به رُفعت عند أهل الهدى
وفيها ضميرٌ له راجعٌ / به ربطها كان بالمبتدا
فقول الذي قال في شطحه / أنا الله ميَّزه ما اعتدى
فإن أنا مبتداً عنده / له الخبرُ الله لما بدا
وما خبر المبتدا عينه / نعم غيره هكذا أشهدا
ولكنه شاطحٌ مخطئٌ / وقد جعل الخبرَ المبتدا
وقدم في قوله نفسه / على الله حيث له أسندا
فأخبر بالله عن نفسه / ولو عكسه كان لاسترشدا
ولكن هنا سرُّ علمٍ له / تمد له العارفون اليدا
زمان المصيف ووقت الشتا
زمان المصيف ووقت الشتا /
فتاة الحمى تنجلي والفتى /
وهذا الحبيب لنا قد أتى /
إلامَ يا قلب وحتى متى / يكفيك من أمرك ما قد جرى
لقد وقف الكل إلا أنا /
فسيري هو القصد وهو المنى /
ويا صب مهلاً ملأت الإنا /
وأنتِ يا نوقُ براك الونا / وخالف الأجفان طيب الكرى
لمن لام في الحب طرفٌ عمي /
ونفس المحب به ترتمي /
كَمِ الكدُّ حادي المطايا كمِ /
فخفف السير ولا تسأم / لا بد أن يحمد هذا السرى
ثلاث عليها يدورْ
ثلاث عليها يدورْ / وجود وحق ونورْ
وطوراً نرى هكذا / نجوم شموس بدور
هي الروح مثل الرحى / وأجسامنا كالقدور
وما ثم غير الذي / له الأمر وهو الأمور
كثير بنا واحد / به ذو انتقام غفور
تجلى فقلنا هدى / تحجب قلنا غرور
ويتلو علينا وهل / يجازي إلا الكفور
على ما عليه كأن / ن ما غيرته الدهور
ألا والظهور البطون / ألا والبطون الظهور
شكرناه حتى لقد / تسمى لنا بالشكور
وأيضا صبرنا به / فجاء بإسم الصبور
ولم تعمَ إلا القلو / ب عنه التي في الصدور
وتالله ما أنكرت / ه إلا خفافيشُ عور
أيا أحمدُ البدويْ أنتَ أينْ
أيا أحمدُ البدويْ أنتَ أينْ /
لقد حزت في وقتك الرتبتين /
هما الإسم والذات من غير مين /
وراياتك الحمر في الخافقين / تشير بأنك قطب الورى
لك العز والفَخرُ والرونقُ /
وفي تابعيك لك الصنجق /
وأنت هو الملك الأسبق /
وشأن الملوك الذين ارتقوا / على المجد أن يلبسوا الأحمرا
جميع البرايا هي اليلمعُ
جميع البرايا هي اليلمعُ / وبرق الوجود بها يلمعُ
وما ذلك البرق غير الذي / هو الأمر في لمحة مسرع
به الأرض قامت كذا والسما / فيخفض هذا وذا يرفع
وفي الغيب غيب الغيوب اختفت / على الكل شمس فلا تطلع
ونحن الخفافيش في نورها / نقوم لها ولها نركع
هي الذات ذات الوجود الذي / إذا ما تبدت لها نخشع
ولم ندر منها سوى أمرها / ونحن على وجهها برقع
إذا نحن متنا حيينا بها / وإن نحن غبنا فلا نرجع
وأعيننا مبصرات بها / إليها وآذاننا تسمع
ولا شيء نحن ولكن لها / نسبنا فنحن بها أجمع
ومن أعجب الأمر هذا الخفا
ومن أعجب الأمر هذا الخفا / وهذا الظهور لأهل الوفا
وما في الوجود سوى واحد / ولكن تكثَّر لما صفا
وأصل جميع الورى نقطة / على عين أمر بدت أحرفا
وتلك الحروف غدت كلمة / فكانت مشوق الحشى المدنفا
فإن قلت لا شيء قلنا نعم / هو الحق والشيء فيه اختفى
وإن قلت شيء نقول الذي / له الحق أثبت كيف انتفى
وضج الحسود ولم يتئد / ولام العذول وما أنصفا
وقد حال بينك يا عاذلي / وبيني بأنك لن تعرفا
وأين ضلوعي التي في لظى / وأين زفيري الذي ما انطفا
وأين دموعي تلك التي / تسيل وجفني الذي ما غفا
ألم تر أن المحبين لا / يرون النعيم بغير الجفا
فمهلاً رويدك إني امرؤ / تركت سلوي لمن عنفا
وخلفت خلفي جميع الورى / وقلبي على قلبه أشرفا
وفوقيَ تحتي ولا تحت لي / وبعدي هو القبل يا من وفى
ولما شربت كؤوس الهوى / وذقت المدامة والقرقفا
أزيلت صفاتي فلا وصف لي / وعني جميعي مضى واختفى
وما أنا إلا هيولا الورى / ولمحة نور من المصطفى
خليليَّ قوما بنا للحمى / عسانا نرى الرشأ الأهيفا
وعوجا على سفح ذاك اللوى / وإن جئتما دار سلمى قفا
فإني مشوق كثير الجوى / عسى الحب بالوصل أن يعطفا
وقولا لمن لام ويح الذي / به كدر بين أهل الصفا
ظهرت لقلبي بما قد نوى
ظهرت لقلبي بما قد نوى /
وبالحول أمددتني والقوى /
فيا من به في زاد الجوى /
أحبك حبين حبَّ الهوى / وحباً لأنك أهلٌ لذاكا
حبيبي هو الداء لي والدوا /
وذاك العليم بما قد روى /
أقول له وعلي احتوى /
فأما الذي هو حب الهوى / فشيء شغلت به عن سواكا
ألا علَّ من شاقني علَّهُ /
يداوي فؤادي بما علَّهُ /
على عشقك القلب من علَّهُ /
وأما الذي أنت أهل لهُ / فكشفك للحجب حتى أراكا
فؤادي بفرط الجوى ممتلي /
وعيني ترى للجمال العلي /
وحالان عندي هما أجتلي /
فلا حمد في ذا ولا ذاك لي / ولكن لك الحمد في ذا وذاكا
تقول الأجانب عن علمنا
تقول الأجانب عن علمنا / وعنّا مقالةَ واهي الفهومْ
لماذا ترون السماع الذي / بآلاته طاردٌ للهمومْ
فقلنا لهم ما رأى المصطفى / رأيناه فلينزجر من يلومْ
وقالوا تُسَبِّحُ قلنا نعم / نُسَبِّحُ عُوَّامَ بحرِ العلومْ
وأما الذي هو غرٌّ بها / فيغرق في بحرها لا يعومْ
إلى الله نرفع أمراً ألمّْ
إلى الله نرفع أمراً ألمّْ / لنا منه في كل وقت ألمْ
ونشكو إليه أموراً دهت / وقد خصنا الحزن منها وعمّْ
ونلجأ في شأننا كله / إليه ليكفيَنا ما أهمّْ
ونطلب منه جميع الذي / نريد فيتحفنا بالنعم
وندعوه في كل أحوالنا / بقلب منيب إليه وفم
عساه يفرج كرباً لنا / يضيق به الصدر منا وغم
عساه يعالجنا بالمنى / ويكشف خطباً دجا وأدلهم
عساه يوفِّقنا كلَّنا / إلى أمره الندب والملتزم
فإنا جميعاً عبيد له / وفي بابه قد وقفنا خدم
وكم نعمة قد حبانا بها / وأعظمها خلقُنا من عدم
وكم رحمة منه وافت لنا / وكم نقمة قد تولت وكم
يكفُّ أولي البغيِ عن قهرنا / ويدفع ظلمَ الذي قد ظلم
وأكرمنا دون كل الورى / وعلَّمنا علمَهُ بالقلم
وقد خلق الكل من أجلنا / ومن أجله الخلق منا استتم
ومع ذاك نكثر عصيانه / فيا ويح عبد له ما احترم
ونذنب سراً وجهراً ولا / نبالي بما فيه زلّ القدم
نباديه بالسوء وهو الذي / لنا منعم محسن من قدم
فيا مالك الملك يا ذا الجلا / ل يا صاحب الجود يا ذا الكرم
ويا خالق الخلق يا من له / أيادٍ علينا تفيضُ الحكم
بحرمة طه نبي الهدى / ومن جاء بالنور يمحو الظُلَم
وإخوانِهِ الأنبيا كلِّهِم / وبالتابعين لهم في الأمم
تفضلْ علينا بعفو ولا / تدعنا لنهلكَ في المزدحم
وسهل لنا توبة نحتمي / بها في غد من لهيب الضرم
ولا تحرق الجسم يا سيدي / بنيرانِه فهو لحم ودم
وكن راحماً ذلَّ أرواحنا / إذا ما أتيناك يوم الندم
وهبنا جميعاً لرحماك يا / رحيم وأجزل لنا في القسم
وعنا تجاوز وكن منعماً / وداو من القلب هذا السقم
وسامح ولا تخزنا في غد / فإنك أولى حكيم حكم
شرعت لنا الدين نمشي به / إليك على ذا الطريق الأمم
وآياتك الواضحات اهتدى / لها في الورى كل ذوق وشمّ
تسمت بأشياء وهي التي / عليها لسان الجهول انبكم
فيا فوز عبد تراءت له / إلى أن رآها لها فالتزم
وأمسى وأصبح يسمو بها / وبالعز في فهمها والحشم
فيا ظاهراً والسوى باطن / ويا باطناً والسوى مرتسم
تجليت في كل شيء كما / أردت فداء الضلال انحسم
وبصرتنا بالتجلي وفي / بصائرنا نورك المحض تم
وحولت عنا حجاب العمى / وأوضحتَ ما كان فينا انبهم
وأنت المنزه عن كل ما / يرام من الكون أو لم يرم
وأنت المُسبَّح في ملكه / بقبح الصياح وحسن النغم
وأنت الموحَّد منّا ومن / جميع البرايا بحالٍ أتمّ
وشرك أولى الجهل دعوى فقط / كما يقتضي ذاك حلم الحكم
بل الشرك والكفر قد وحَّدا / لأنهما نوع خلق هجم
فما في الوجود سوى واحد / وأفعاله لا سوى ذاك ثم
فلا تعرضوا عنه أنتم به / كما الفعل من فاعل ما انقسم
وقوموا إلى باب إحسانه / لتحيوا بإقبال محيي الرمم
ولا تكسلوا أو تخافوا على / نفوسكمو منه فاللطف جم
ولا تنفروا عنه فهو الذي / دعاكم إليه بأهل العصم
فعين الجلال إليكم رنت / ووجه الجمال زها وابتسم
وأنتم عبادُ كريمٍ وما / ببخل إلهكمو متهم
فإن الذي هو رب لنا / قريب إلينا سناه وهم
وجدنا به ومددنا به / وضُمَّ به شملُنا وانتظم
فلا تقنطوا منه والجوا إلى / حماه ولوذوا بهذا الحرم
وإن عطاياه مبذولة / وقد فاز قاصدها واغتنم
فسبحان من أعجز الكل عن / معاني الوصول إذا الكل همّ
وجل الذي أوقف العقل في / قصور وحير كلّ النسم
فلا الفكر يعرفه لا ولا / له يدرك الفهم حيث اقتحم
فسلم إليه وكن طالباً / له باجتهاد وخل الوهم
وإن شئت قم بعد هذا له / بنفسك سعياً وإن شئت نم
وكن سائراً بشراع التقى / إليه به إن جدواه يمّ
فيا ربنا كن معيناً لنا / وساعد على ما دهى واصطلم
ولا تترك القلب في حيرة / وجهل به البعد عنك انتقم
وصل وسلم على المصطفى / شفيع البرية زاكي الشيم
ومن قد أتى رحمة للورى / وعنا به قد أزيلت نقم
ورضوان ربيَ عن آله / ذوي المجد والقدر فينا الأشم
وأصحابه الغر أهل التقى / كواكب فضل إليها يؤم
وعن تابعيهم بخير وعن / مشايخنا القوم أهل الهمم
وعن كل إخواننا دائماً / بغير انتهاء وغير عدم
مدى الدهر ما هب ريح وما / توالى على الروض صوب الديم
وما قال يدعوه عبد الغني / إلى الله نرفع أمراً ألم
بنى الكلَّ ثم لهم قد هدَمْ
بنى الكلَّ ثم لهم قد هدَمْ / وجود له صورٌ من عدَمْ
تجلَّى فلا شيء غير الذي / أحاط به علمه من قدم
وذاك تقاديره الفانيات / فمنها ملوك ومنها خدم
إحاطته حسبوها لهم / وجوداً وهم أسر لحم ودم
فلو عرفوا ما بهم من فناً / لفازوا وكان ثبوت القدم
ولكنهم جهلوا أنفساً / لهم فانيات فحل الندم
وبالموت يدرون أحوالهم / ويدرون ما قد بنوه انهدم
وينكشف الأمر أن الذي / بنوه الوجود لهم وانعدم
وعادوا كما ابتدئوا أولاً / مع الله لا شيء هم وانختم
لنا غرقٌ كلنا في القدمْ
لنا غرقٌ كلنا في القدمْ / ببحر الوجود وبحر العدمْ
فيحكم هذا على بعضنا / وهذا على بعضنا قد حكم
ويسبح في النور منا الفتى / ويسبح جاهلنا في الظلم
وبحران عندي هما يجريان / فبحرٌ بلحمٍ وبحر بدم
وبينهما برزخ ظاهر / فلا يبغيان لأمر أتم
وبرزخه عالم الجبروت / خيال له الغي والعقل همّ
فكن رجلا عارفا لا تكن / جهولاً وربك عنك انبهم
وتعبد طيف الخيال الذي / ترى في المنام أفقْ لا تنم
فهذا الوجود وأفعاله / هي العدم المحض لا غير ثم
وحاصله أنه لا سوى / وبعض خلاف لبعض وتم
إليك من البعد قلبي دنا
إليك من البعد قلبي دنا /
ومنك لقد نلت كل المنى /
فيامن لنا قال إني أنا /
أتيناك بالفقر يا ذا الغنى / وأنت الذي لم تزل محسنا
وعند الصباح وعند المسا /
نهيم اشتياقاً بفرط الأسى /
عهدناك بَرّاً بنا مؤنسا /
وعودتنا كلَّ فضلٍ عسى / يعود الذي منك عوَّدتنا
سراة الهوى بالهوى وُلِّهُوا /
وفيك عن الغير قد تُوِّهُوا /
إليك كفوف الدعا وَجَّهُوا /
مساكينك الشعث قد مُوِّهُوا / بحبك إذ هو أقصى المنى
لقد جاء من فرعنا أصلُكم /
ونحن الذي عمنا فضلُكم /
وهيهات أنا نكافي لكُم /
فما في الغنى واحد مثلُكم / وفي الفقر لا عصبة مثلنا
فنينا بمن لم يزل سرمدا /
ومنه به قد سمعنا الندا /
ويا من خفيْ عن عيون العدى /
رأيناك في كل أمرٍ بدا / وليس من الأمر شيء لنا
طمسنا بأنواركم والسنا /
وآلَ الورى عندنا للفنا /
وقد صار لي حبكم ديدنا /
سترت اسمكم غيرةً ها أنا / أموِّهُ بالشعب والمنحنى
جرت خوف هذا الجفا أدمعي /
وشوقي به التهبت أضلعي /
وأنت الذي لا سواه أعي /
إذا كنت في كل حال معي / فعن حمل زادي أنا في غنى
على سيرنا لم يزل سيرُكم /
وفي روض قلبي شدا طيرُكم /
وخير جميع الورى خيرُكم /
فأنتم هم الحق لا غيرُكم / فياليت شعري أنا من أنا
طريقتنا قل بأقوالها
طريقتنا قل بأقوالها / ودع عنك تفنيد عذالها
خذ الفرق ما بين أهل الهدى / وأهل الضلال وأعمالها
لكل على زعمه طاعة / وقانون وضع لأفعالها
وفي كل طائفة همة / لتحصيل غايات أحوالها
وفيهم سلوك على منهج / صواب لدى عقد عمالها
ولكن سوى دين أهل الهدى / عقول رأت حسن إضلالها
فقالت على الحق ما لم يقل / وقد زخرفت قبح أقوالها
فلا وضع شرع لها ثابت / لينوي به قرب إيصالها
بصبر وزهد وأكلِ الحلال / وشكر وتقوى وأشكالها
وصوم وترك لذيذ النكاح / وشهوات نفسٍ وآمالها
وترك الزنى والربا والريا / وظلم وقتل وأنكالها
فنيتهم فعلها لم يكن / لهم طاعة دون أفعالها
فيبقى لهم فعلها هكذا / بلا قصد وضع لتمثالها
وغاية ذلك نيل الصفا / وترك الجسوم لأثقالها
وتحصيل خفَّتها والفهو / م ترتاض من ترك أشغالها
وإن دام أنتج قدس النفوس / وتطهيرها من قذى حالها
وكشفاً عن الملكوت الذي / لأرواحه سر إقبالها
وهم في حجاب عن الله عن / معاني التجلي وإنزالها
وأما طريقة أهل الهدى / كماهم نزول بأطلالها
فوضع صحيح به مؤمنون / على مقتضى حكم أرسالها
فأفعالهم لكمالاتهم / بنيَّتهم وضع إكمالها
فوصف الصفا عندهم زائد / وقدس النفوس بأفضالها
وفي ملكوت السما كشفهم / عن الروح تفصيل إجمالها
وقد زادهم ربهم علمهم / به في المجالي وإجلالها
وأنوار غيب إلهية / مثالية تملك الوالِها
منزلة عندهم في المواد / لتعريفهم غيب آزالها
فيبدي الخيال بها جهده / وتوفي القروض بأمثالها