المجموع : 4
دعِ العيسَ تَرْفُلُ في الفَدْفَدِ
دعِ العيسَ تَرْفُلُ في الفَدْفَدِ / عِجالاً إلى بُرْقَتَي تَهْمَدِ
أيانِقُ تقطعُ عَرْضَ الفلا / صَوادٍ إلى الأمدِ الأبعدِ
سِواهمِ تهدي إلى حاجرٍ / اِذا ضلَّتِ الاِبْلُ عن مَقْصَدِ
فكم بازلٍ حينَ لاحَ السرابُ / وحنَّ إلى بحرِه المُزْبِدِ
وأعمَلَ يأتمُّهُ كالظليمِ / حثيثاً فعادَ بِلا مَوْرِدِ
اِذا لمعَ البرقُ مِن أرضِها / وأومضَ كالقَبَسِ المُوقَدِ
طربتُ كأنّي نزيفٌ سَقَوْهُ / سُلافَةَ غُمدانَ أو صَرْخَدِ
فللّهِ قلبيَ قبلَ الهوى / لقد كانَ كالصخرةِ الجَلْمَدِ
ولكنَّه الوجدُ ما للقلوبِ / بهِ مِن قَبيلٍ ولا مِن يَدِ
سلامٌ على بانةِ المازِمَيْنِ / سَلامُ شَجٍ بالجوَى مُفْرَدِ
فهاتيكَ أوَّلُ أرضٍ بها / عَرَفْتُ هوى العُرُبِ النُّهَّدِ
منازلُ غيدٍ حِسانِ الوجوهِ / عَقائلَ شِبْه الدُّمى خُرَّدِ
فلا زالَ يسقي ثراها العِهادُ / دِراكاً على ذلكَ المعهدِ
واِنْ أنفدَ القطرُ تَسكابَهُ / فدِيمةُ جفنيَّ لم تَنْفَدِ
سأسفحُها أربَعاً لا تغيضُ / على سُفْعِ أحجارِها الركَّدِ
كأنَّ دموعيَ في تُربِها / تَحَدَّرُ مِن ناظرٍ أَرْمَدِ
أما وهوًى بِتُّ مِن حَرَّه / أُراعي غراماً سنا الفَرْقَدِ
وزفرةِ صدرٍ غداةَ النوى / وقد قوَّضَ الحيُّ لم تَبْرُدِ
لقد حلَّ بي مِن نواهنَّ ما / يَهُدُّ الشوامخَ مِن ضَرْغَدِ
ومذْ بانَ عن حاجرٍ حُورُه / خَفِيتُ سقاماً عنِ العوَّدِ
فيا عينُ كم تألفينَ السُّهادَ / أحتماً على الوجدِ أن تسهدي
ويا طَيْفَهُنًّ إذا ما هَجَعْتُ / بحقَّكَ زُرني بِلا موعدِ
فليتَ الحبائبَ لما ظَعَنَّ / ودّعتني بالبنانِ النَّدي
خليليَّ لولا الهوى والنوى / لما قلتُ هل ليَ مِن مُنْجِدِ
ولا كنتُ لولاهما ضَلَّةًً / أديمُ سَنا البارقِ المنجدِ
ولولا ولوعي بِسكّانها / وهبتُ التغزُّلَ للمجتدي
فما أنا مِمَّنْ يرى صوغَهُ / عطاءً مِنَ الزمنِ الأنكَدِ
ولا أشتهيِهِ إذا حكتُهُ / يمرُّ على شفةِ المنشدِ
واِنْ كانَ يَعْبَقُ مِن حسنِه / دلالاً بجيدِ الطَّلا الأجْيَدِ
اِذا ما القريضُ مشى في / الحضيضِ تطلَّعَ مِن شاهقٍ أقوَدِ
على البانِ قمريَّةٌ تسجعُ
على البانِ قمريَّةٌ تسجعُ / وثوبُ الدجى مُسْبَلٌ أَسْفَعُ
تغنَّتْ فسحَّتْ وقد جدَّدَتْ / غرامي على الطللِ الأدمُعُ
ذكرتُ به جيرةً قوَّضوا / عنِ الخَيْفِ ليلاً وما وَدَّعوا
فأمطرتُ مربَعهمْ أدمعي / فكادَ يَرِقُّ ليَ المربَعُ
وعينٌ تفارقُ أحبابَها / وأُلاّفَها فكيف لا تَدمَعُ
شكوتُ إلى الدارِ مِن بعدِهمْ / أذى البينِ ن لو انّها تَسمَعُ
فلم تُغنِ شكوى إلى دمنةٍ / يُهيَّجُني رسمُها البلقعُ
وكيف أُرى جَذِلاً بعدَما / خَلَتْ مِن جآذرِها الأربُعُ
لقد عَفَتِ الريحُ آثارَها / فريحُ غرامي بها زَعْزَعُ
وما الوجدُ إلا حشاً خافقٌ / وقلبٌ لفرقتِهمْ مُوْجَعُ
ونارُ فراقٍ على حرَّها / لبينهمُ تنطوي الأضلُعُ
وطرفٌ إذا ما رأى بارِقاً / فليس يَغيضُ ولا يَهْجَعُ
لقد شاقَني البرقُ لمّا بدا / خِلالَ الدجى ومضُهُ يلمعُ
فأذْكَرَني ثغرَ سُعدى وقد / تزحزح عن برقه البرقع
وجرعني كأس دمعي وقد / تعرَّضَ مِن دونها الأجرَعُ
فكم ليلةٍ بتُّ لمّا نأتْ / عن الجِزعِ مِن بينِها أجزَعُ
ولولا هواها لما أرقلتْ / اليها بيَ الينُقُ الضُّلَّعُ
تَدافعُ في الخَرْقِ مزمومةً / فتذرَعُ شقَّتَه الأذرُعُ
لواغبَ تهوي إلى حيّها / وقد فاتَها الرَّعْيُ والمَكْرَعُ
جوانحَ نشأى القَطا كلَّما / تقاضيتُها أو بدا لَعْلَعُ
ولولا هوايَ لقد عاقَها / وجاها عن الوخدِ واليَرْمَعُ
ولا كانَ فيها نجيبٌ يَخُبُّ / برحلي كَلالاً ولا يوُضِعُ
ولا العشبُ يُطمِعُها نّوْرُهُ / فتخدي اليه ولا المشرعُ
ينازِعُني الشوقُ نحوَ الحِمى / وأحفِزُها ن فهي بي تَنْزِعُ
واِن ردَّدَ الركبُ ذكرَ الهوى / سَرَتْ والطريقُ بها مَهْيَعُ
فتأتي طِلاحاً رُبى حاجرٍ / وهنَّ بنا لُغَّبٌ خُضَّعُ
أجوبُ الظلامَ وأهوالَه / وعزمي إذا جبتُهُ الأدرَعُ
أرومُ سعادَ وقلبي بها / واِنْ قَرُبَتْ أو نأتْ مولَعُ
لقد غدرتْ بي وما خُنْتُها / فيا بئسَ ما أصبحتْ تصنعُ
ولم يبرحِ الغدرُ للغادر / ينَ دأباً إذا حُفِظوا ضَيَّعوا
فهل لي شفيعٌ إلى قُربها / وهل لوصالٍ مضى مَرْجِعُ
أبعدَ المشيبِ أرومُ الشفيع / وهيهاتَ بانَ الذي يَشْفَعُ
ولم يبقَ إلا بياضٌ يسوءُ / عيونَ الغواني ولا ينفعُ
شبابُ الفتى دونَ هجرانِه / اِذا رُمْنَ هجرانَه يَمنعُ
ألا قرَّبَ اللهُ احبابنَا / واِن هجروني واِن أزْمَعوا
ففي قُربِ حبَّهمُ راحةٌ / واِنْ لم يكنْ فيهمُ مطمَعُ
قَنَعْتُ بقربِهمُ طائعاً / وفي قُربِ دارهمُ مَقْنَعُ
فما العيشُ إلا دنوُّ الدَّيارِ / اِذا كانَ شملي بهمْ يُجْمَعُ
ولا سيَّما أن تناءَى الرقيبُ / وأدَّتْ تحيتيَ الاِصْبَعُ
وأومتْ سريعاً كما أومضَتْ / يوارقُ في دِمةٍ لُمَّعُ
اِذا ما خَلَونا شكونا الهوى / وفاضَتْ مدامِعُنا الهُمَّعُ
وحَدَّثتُهمْ عن زمانِ الوصالِ / حديثاً يَلَذُّ بهِ المَسْمَعُ
وزادَ الحنينُ إلى عصرهِ / الى أن أقضَّ بيَ المضجَعُ
أبرقٌ على المنحنى لائحُ
أبرقٌ على المنحنى لائحُ / امِ الزَّنْدُ أضرمَهُ القادِحَ
تألّقَ ليلاً ففاضَ على / تألُّقِهِ المدمعُ الفاضحُ
ولولا نوى الحيِّ عن لَعْلعٍ / لما طافَ بي غربُهُ الطافحُُ
أيا جيرةَ الخَيْفِ مذ بنتُمُ / لقد جدَّ هجرُكُم المازحُ
نأيتمْ فلي بعدَكمْ مقلةُ / أضر َّبها دمعُها السافحُ
أعللِّهُا بدنوِّ الديارِ / ومِن دونِه سَبْسَبٌ نازحُ
ولولا الغرامُ لما خَبَّ بي / الى أرضِها الأعيَسُ الرازحُ
ولا كان يَمزَعُ بي نحوَها / فسيحُ الخُطا جَرْشَعٌ قارحُ
لي اللّهُ مِن أضلُعٍ تَلْتَظي / بنارِ هوًى خطبُهُ فادحُ
اِذا هبَّتِ الرِّيحُ مِن نحوِها / يهيِّمُني عَزْفُها النافحُ
كأنَّ شذا العِقدِ مِن عَلْوةٍ / وقد نفحتْ سَحَراً فائحُ
ويُطرِبُني عندَ تغريدِه / على البانِ قُمريُّهُ النائحُ
لياليَ لا قُربُها مُعْوِزٌُ / ولا وجهُ اِحسانِها كالحُ
سقى نُوْرَ تلكَ الرُّبى / بالغَميمِ مُزْنٌ على تُربها دالحُ
وحيّا ثراهنَّ مِن أدمعي / على عهدِها وابلُ رائحُ
ديارُ نأى الغيدُ عن أرضِها / فعذرُ غرامي بها واضحُ
غدوتُ أُبكِّي رسومَ الديارِ / وقد لاحَ برقُ الحِمى اللامحُ
وما في الديارِ غداةَ / الرحيلِ إلا فتَّى لبُه طائحِ
يبكّي دياراً عفاها البِلى / دوارسَ ليس بها نابحُ
ويندُبُ أطلالَها الماثلاتِ / ومدمعُهُ فوقَها سافحُ
وقد كان يكتمُ سرَّ الهوى / فأصبحَ وَهْوَ بهِ بائحُ
ولولا الهوى ماجَرَتْ أدمعي / وقد ناحَ طائرهُ الصادحُ
ومَنْ باتَ يشكو زمانَ الهوى / فاِنّي لعصرِ الهوى مادحُ
زَمانُ صحبتُ بهِ الغانياتِ / فميزانُ عَيْشي بهِ راجحُ
لهوتُ بهنَّ وطرفُ الشبابِ / اليهنَّ بي نازعٌ جامحُ
فكم ملَّ مسراىَ فيه الظلام / يُعنِقُ بي الأجردُ السابحُ
اِذا ما ضللتُ عنِ القصدِ فيه / هداني سِماكُ الدُّجى الرامحُ
أراها عنِ الجِزعِ تبغي عُدولا
أراها عنِ الجِزعِ تبغي عُدولا / وكانتْ تَمنَّي اليه وصولا
وما ذاكَ إلا لأنَّ سُعادَ / قد أزمعتْ عن رُباهُ رحيلا
أطعتُ الغَوايةَ في حبَّها / غراماً بها وعصيتُ العّذولا
كفى حَزَناً أننَّي لم أجدْ / لتوديعِها بومَ بانتْ سبيلا
وماذا على سائقِ اليَعْمَلاتِ / لو عطفَ العيسَ نحوي قليلا
لعلي اخالِسُها نظرةً / على القربِ تشفي فؤاداً عليلا
وأنظُر مِن بينِ سَجْفِ الحدوجِ / طرفاً كحيلاً وخداً أسيلا
وهيهاتَ يومَ النوى ما ظفِرْتُ / بخلٍ شفيقٍ يُراعي الخليلا
يَبُلُّ الأُوامَ بحبسِ المطيَّ / لعلّي أراها ويَروى الغليلا
اِذا لم أجدْ نحوها مُرسَلاً / بعثتُ النسيمَ اليها رسولا
يُخَبَّرُها أنَّني بعدَها / أذوبُ اشتياقاً وأفنى نُحولا
وما كنتُ أحسبُ أن الفراقَ / أراهُ ولو متُّ منهُ مَهُولا
كفاها دليلاً سقامي اِذا / أردتْ على الحبَّ منَّي دليلا
ومِن فرطِ وجدي غَداةَ الرحيلِ / أُسائلُ رسماً تعفَّى مَحيلا
وأندبُ ارسمَها الماثلا / ت وجداً عليها وابكي الطُّلُولا
وأسفحُ مِن فوقِها أدمعاً / تُخَدَّدُ في صَحْنِ خدَّي مَسيلا
ولولا الهوى وأليمُ النوى / لقد كنتُ بالدمعِ فيها بخيلا
وما ذاتُ طوقٍ على بانَةٍ / تَبيتُ بشجوٍ تُداعي الهديلا
يُؤرَّقُها بُعْدُهُ فوقَها / اِذا غابَ عن ناظِرَيْها طويلا
فتسجعُ شوقاً إلى قربهِ / اِذا الليلُ أرخى عليها السُّدولا
بأوجدَ منّي على أربُعٍ / عَهِدْتُ الأحبَّةَ فيها حُلُولا
ومعتدلِ القدَّ ميّادُة / يُعيرُ الذوابلُ منه الذُّبُولا
يَمَلُّ هوايَ وبي لوعةً / تكلَّفُني أن أُحبَّ المَلُولا
تناءىَ ولولا نوًى غربةٌ / به طوَّحتْ لهجرتُ الرحيلا
سرى وهوايَ إلى أرضِه / ينازِعُني أن أشدَّ الحمولا
فيا عزمُ أين المَضاءُ الذي / يُري السيفَ في مضربيهِ فُلولا
ويا ناقتي كم يكونُ المُقام / لقد أن انْ أقتضيكِ الذَّميلا
أأنكرتِ شدقمَ حتى ألفتِ / لذيذَ المُناخِ به والجديلا
ألم تألفي لا عثرتِ الحزونَ / اِذا الاِبْلُ أنكرنَها والسُّهولا
وجبتِ الظلامَ واهوالَهُ / متى أجتابتِ النُّجبُ فيه الشَّليلا
أرى العزَّ فوقَ ظهورِ النياقِ / اِذا كانَ غيري عليها ذليلا
يهابُ الهِدانُ صريرَ القُتودِ / فيحسبُ ما صَرَّ منها صليلا
خَدَى بي سريعاً إلى حاجرٍ / ففيه الظعائنُ أمستْ نزولا
واِنْ أوجسَ النَّكْسُ خوفاً اِذا / أجشُّ الجيادِ يَجُشُّ الصهيلا
وعاينَ آسادَ فرسانِها / وقد تَخِذَتْ مِنْ قنا الخَطَّ غِيلا
هنالكَ أُلقي بعزمي الغيورَ / وحُمْسَ مداعيسِهِ والرعيلا
ومَنْ لم تكنْ نفسُه حُرَّةً / سترعى مِنَ الضيمِ مرعًى وبيلا