المجموع : 27
وجاءَ المصيفُ بلُفّاحِهِ
وجاءَ المصيفُ بلُفّاحِهِ / فطابَ وأوقاتُه لم تَطِبْ
نجومٌ بلا فَلَكٍ دائِرٍ / ولكنَّ أوراقَه من ذَهَبْ
روائِحها من نشا مِسْكِهِ / وأجسامُها أكَرٌ من ذهب
وجارِيَةٍ تستميلُ القُلُوبَ
وجارِيَةٍ تستميلُ القُلُوبَ / وترْنُو فتجرَحُ حبّاتِهَا
إذا ما تَغَنَّتْ نَمَى كُلّ شَئٍ / جَمَادٍ وأصْغِى لأَصْواتِها
ومادَتْ لَها الأرضُ أوْ كادَتِ ال / حياةُ تُعَادُ لأمْوَاتِها
تَهُمُّ بِوِصْلي فَتَبْدُو لَهَا / ويمْنَعُها خوفُ مَوْلاتِها
لبسْتُ تَعاويذَ من كُتْبِها / وأدمنتُ شَمَّ تَحِيّاتِها
فَمَا زادَني ذَاكَ إلا اشتياقاً / إلى قُرْبِهَا ومُنَاجَاتِها
تَمَنَّيْنتُ مِنْ خدِّها قُبْلةً
تَمَنَّيْنتُ مِنْ خدِّها قُبْلةً / وما كنتُ أطمَعُ في قُبْلَتِهْ
وكأساً أناولُها مِلْؤُها / فَتَبْدُو وأَشْرَبُ من فَضْلَتِهْ
فَأَبْلَغَهَا ذاك عنيِّ الرسو / لُ في بَعْضِ ما نَصّ من قِصَّتِهْ
فَقَالَتْ لأَقْرَبِ أَتْرابِها / ألا تَنْظُرِينَ إلى هِمّتِهْ
فَقَالتْ أَتَجْمَعُ هِجْرانَهُ / وبُخْلاً عليه بِأُمْنِيّتِهْ
هَلُماَّ بكانونِنَا جاحِماً
هَلُماَّ بكانونِنَا جاحِماً / وقُولاَ لموْقدِنَا أَجِّجِ
إلَى أَنْ تَرَى لَهَباً كالرِّياضِ / فَنَاهِيكَ من مَنْظَرٍ مُبْهِجِ
فَمِنْ شُعَب لازِوْرَدِيَّةٍ / تَصَاعَدُ في حالَكٍ مُدْمَجِ
ومِنْ عَذَبٍ في اخضرارِ الحريرِ / وفي صُفْرَةِ التِّبْرِ لم تُنْسَجِ
إذا اضْطَرَبَتْ قُلْتُ ريحانَةً / تَرَنّحُ من رِيحِهَا السَّجْسَجِ
وتحسبُها مُسْحِياً مُذْهَباً / حَوالَيْه قُضْبَانُ فَيْرُوزَجِ
عَرَاني الزمان بأَحْداثِهِ
عَرَاني الزمان بأَحْداثِهِ / فَبَعْضٌ أَطَقْتُ وَبَعْضٌ فَدَحْ
وَعِنْدِي فَجَائِعٌ للنّائِبَاتِ / وَلا كَفَجِيعَتِنا بالقَدَحْ
وِعَاءُ المُدَامِ وَتَاجُ البَنَانِ / ومُدْني السُّرورِ وَمُقْصِي التَّرَحْ
وَمَعْرِضُ راحٍ مَتَى يَكْسُهُ / ويُسْتَوْدَعُ السِّرِّ مِنْها يَبُحْ
وَجِسْمُ هواءٍ وإنْ لَمْ يَكُنْ / يُرَى للهَوَاءِ بِكَفِّ شَبَحْ
يَرُدُّ على الشَّخْصِ تِمْثَالَهُ / فإنْ تَتَّخِذْهُ مِرْآةً صَلَحْ
ويعبَقُ من نَكَهَاتِ المُدَامِ / فَتَحْسِبُ مِنْهُ عَبِيْراً نَفَحْ
وَرَقَّ فَلَوْ حَلّ في كِفّةٍ / ولا شَئَ في أُخْتِها ما رَجَحْ
يكادُ مع الماء إن مَسَّهُ / لما فيه من شَكِلهِ يَنْسَفِحْ
هَوَى من أَنامِلِ مَجْدُولَةٍ / فَيَا عَجَباً لِلَطْيفٍ رَزَحْ
وَأَفْقَدَيِنْهِ على ضِنَّةٍ / به للزَّمانِ غريمٌ مُلِحْ
كأنّ لَهُ ناظراً يَنْتَقي / فما يَتَعَمَّدُ غَيْرَ المُلْحِ
أُقَلِّبُ ما أبْقَتِ الحادِثا / تُ مِنْهُ وفي العيْنِ دَمْعٌ يَسُحْ
وَقَدْ قَدَحَ الوَجْدُ مِنّي بِهِ / على القلْبِ من نارِهِ ما قَدَحْ
وأَعْجَبُ مِنْ زَمَنٍ مانِحٍ / وآخَرَ يَسْلُبُ تِلْكَ المِنَحْ
فلا تَبْعَدَنّ فَكَمْ مِنْ حَشىً / عَلَيْكَ كليمٍ وقلْبٍ قَرِحْ
سيُقْضِدُ بَعْدَكَ رَسْمُ الغَبُوقِ / وتُوحِشُ مِنْكَ مَغَانِي الصُّبَحْ
وَجَارِيَةٍ مثلَ شَمْسِ النَّهارِ
وَجَارِيَةٍ مثلَ شَمْسِ النَّهارِ / أو البدرِ بين النُّجومِ الدَّراري
أَتَتْكْ تَمِيْسُ بفَدِّ القَضِيْبِ / وترْنُو بعينِ مَهَاةِ القِفَارِ
وترفُلُ في مُصْمَتٍ أبْيَضٍ / تَلَوّنَ من خَدِّهَا الجُلَّنَارِي
وتحمِلُ عوداً فَصيحَ الجوابِ / يشارِكُ أرواحَنا في المَجَارِي
له عنقٌ كذراعِ الفتاةِ / وَدَسْتَانُهُ بمكانِ السِّوارِ
فجارَتْ عليه وجادَتْ له / بِعَسْفِ اليمينِ ولُطْفِ اليَسَارِ
وما أمْهَلَتْهُ ولا نَهْنَهَتْهُ / من الظهرِ حتى انقضاء النهار
ولما تَغَنّتْ غِناءَ الوداعِ / بَكيْتُ وقلتُ لِبَعْضِ الجواري
لئن عشتُ عند هَزَارِ اللقاءِ / لقد مِتُّ عند هَزَارِ الإِزَارِ
ومَثَّلَهُ لي المُنى
ومَثَّلَهُ لي المُنى / فَرُحْتُ بِهِ ظافِرَا
أراهُ معي حاضراً / وإنْ لَمْ يَكُن حاضِرَا
وأُبْصِرُهُ نائِماً / وأبْصِرُهُ ساهِرَا
فلستُ له ناسِياً / ولستُ لَهُ ذَاكِرَا
أَرتْكَ يَدُ الغَيْثِ آثَارَهَا
أَرتْكَ يَدُ الغَيْثِ آثَارَهَا / وَأَعْلَنَتْ الأَرْضُ أَسْرَارَهَا
وَكَانَتْ أَكَنَّتْ لِكَانُونِهَا / خَبِيَّاً فَأَعْطَتْهُ آذَارَهَا
فَمَا تَقَعُ العَيْنُ إِلاَّ عَلَى / رِيَاضٍ تُصَنِّفُ أَنْوَارَهَا
يُفَتِّحُ فِيْهَا نَسِيْمُ الصَّبَا / جَنَاهَا فَيَهْتِكُ أَسْتَارَهَا
وَيَسْفَحُ فِيْهَا دِمَاءَ الشَّقِيْقِ / إِذَا ظَلَّ يَفْتَضُّ أَبْكَارَهَا
وَيُدْنِي إِلَى بَعْضِهَا بَعْضَهَا / كَضَمِّ الأَحِبَّةِ زُوَّارَهَا
كَأَنَّ تَفْتُّحَهَا بِالضُّحَى / عَذَارَى تُحَلِّلُ أَزْرَارَهَا
تَغُضُّ لِنَرْجِسِهَا أَعْيُناً / وَطَوْرَاً تُحَدِّقُ أَبْصَارَهَا
إِذَا مُزْنَةٌ سَكَبَتْ مَاءَهَا / عَلَى بُقْعَةِ أَشْعَلَتْ نَارَهَا
وَمَا أَمْتَعَتْ جَارَهَا بَلْدَةٌ / كَمَا أَمْتَعَتْ حَلَبٌ جَارَهَا
هِيَ الخُلْدُ تَجْمَعُ مَا تَشْتَهِي / فَزُرْهَا فَطُوبَى لِمَنْ زَارَهَا
وَلِلَّهِ فِيْهَا شُهُورُ الرَّبِيْ / عِ حِيْنَ تُعَطِّرُ أَسْحَارَهَا
إَذَا مَا استَمَدَّ قُوَيْقُ السَّمَاءِ / بِهَا فَأَمَدَّتْهُ أَمْطَارُهَا
وَأَقْبَلَ يَنْظِمُ أَنْجَادَهَا / بِفَيْضِ المِيَاهِ وَأَغْوَارَهَا
وَأَرْضَعَ جَنَّاتِهَا دَرَّةُ / فَعَمَّمَ بِالنُّورِ أَشْجَارَهَا
وَدَارَ بِأكْنَافِهَا دَوْرَةً / تُنْسِّي الأَوَائِلَ بَرْكَارَهَا
كَأَنَّ هَلُوكَاً حَبَتْهَا السِّوَا / رَ أَوْ سَلَبَ الكَفَّ أَسْوَارَهَا
تُرِيْكَ مُرُورُ اللَّيَالِي العِبَرْ
تُرِيْكَ مُرُورُ اللَّيَالِي العِبَرْ / وَلِلْوِرْدِ فِي كُلِّ حَالٍ صَدَرْ
سَحَبْتُ عَلَى الدَّهْرِ ذَيْلَ الشَّبَابِ / وَمَا زِلْتُ أَنْضيْهِ حَتَّى غَبَرْ
وَلَمْ يَبْقَ لِي مِنْهُ إِلاَّ كَمَا / يُرَى فِي الرِّيَاضِ بَقَايَا الزَّهَرْ
سَوَادٌ أَطَلَّ عَلَيْهِ البَيَاضُ / كَلَيْلْ أَطَلَّ عَلَيْهِ السَّحَرْ
فَرَائِيَ فِي اللَّهْوِ رَأْيُ الَّذِي / تَقَدَّمَ فِي الزَّادِ قَبْلَ السَّفَرْ
بِبَزْلِ الدِّنَانِ وَعَزْفِ القِيَانِ / وَخَلْعِ العِذَارِ وَفَضِّ العُذَرْ
وَنَادَى لِدَاتِي دَاعِي المَشِيْبِ / فَسَارُوا وَهَا أَنَذَا فِي الأَثَرْ
تُنَشِّطُنِي أُخْرَيَاتُ الشَّبَابِ / وَتَقْتَادُنِي أُولَيَاتُ الكِبَرْ
فَنَفْسي تَتُوقُ إِلَى الغَانِيَاتِ / وَقَلْبِي يَهُمُّ بِأَنْ يَنْزَجِرْ
وَيَأْبِى لَهُ ذَاكَ وَرْدُ الخُدُودِ / وَصُبْحُ الوُجُوهِ وَلَيْلُ الشَّعَرْ
وَأُعْطِي قِيَادِيَ كَفَّ المُجُونِ / وَأُخْفِي فُنُونَاً وَأُبْدِي أَشَرْ
وَأُكْذِبُ نَفْسِي في بَعْضِ مَا / أَحَصِّلُهُ مِنْ حِسَابِ العُمُرْ
وَإنْ نَزَلَتْ فِي جِوَارِ الشَّبَا / بِ بَيْضَاءُ أَعْجَلْتُهَا أَنْ تَقَرْ
وَأَكْتُمُ ذَلِكَ عَنْ خَطْرِهِ / فَيَفْضَحُنِي عِنْدَهَا إِنْ ظَهَرْ
سَقَى وَرَعَى اللَّهُ عَهْدَ الصِّبَا / لَيَالِيَ إِذْ أَنَا بالدَّهْرِ غِرْ
وَإِذْ عُذْرِي وَاضِحٌ بِالشَّبَابِ / وَسُكْرِي بِهِ مِنْ أَشَدَّ الشُّكَرْ
أَصِيْدُ وَتَصْطَادُنِي تَارَةً / ظِبَاءُ القُصُورِ بِسِحْرِ الحَوَرْ
إِذَا مَا تَتَوَّجْنَ أَكْوَارَهُنَّ / وَخَطَّطْنَ فِي العَاجِ شَكْكَ الطُّرَزْ
وَعَلَّقْنَ سُودَ مَسَابِحِهِنَّ / دُوَيْنَ النُّهُودِ وَفَوْقَ السُّرَرْ
وَأَوْمَضْنَ نَحْوِي بُرُوقَ الثُّغُو / رِ عَنْ بَرَدِ فِيْهِ مِسْكٌ وَدُرْ
وَمَا كَانَ أَكْلِي مَعَ الغَانِيَا / تِ فِلْذَاً وَلاَ مَشْرَبِي بِالْغُمَرْ
يُرَوِّعُنِي شَامِتَاً بِالبَيَاضِ / أَخٌ قَدْ قَضَى مِنْ سَوَادْ وَطَرْ
وَقَدْ كَانَ يَحْسُدُنِي بالسَّوَادِ / فَلَمَّا رَآنِيَ قَدْ شِبْتُ سُرْ
وَمِثْلَكَ قَدْ صِرْتُ رَسْمَاً عَفَا / فَقِفْ بِي وَلاَ تَجْفُنِي يَاعُمَرْ
وَسَاعِدْ أَخَاكَ عَلَى شُرْبِهَا / بِمَيْمَاسٍ حِمْصٍ وَشَطِّ النَّهِرْ
وُدَامَاً كّدِيْنِكَ فِي لُطْفِهَا / وَأَخْلاَقِكَ الوَاضِحَاتِ الغُرَرْ
إِذَا رَقَص المَاءُ فِي كَأسِهَا / أَطَارَ عَلَى جَانِبَيْهَا الشَّرَرْ
كَأَنَّكَ شَاكَلْتَهَا بِالصَّفَاءِ / وَأَشْبَهْتَهَا بِالنَّسِيْمِ العَطِرْ
تَمَكَّنَتِ النَّارُ مِنْ جِسْمِهَا / فَلَمْ تُبْقِ فِي الصَّفْوِ مِنْهَا كَدَرْ
وَحَلَّتْ بِذَاكَ لِشُرَّابِهَا / وَأُطْلِقُ مَا كَانَ مِنْهَا حُظِرْ
ألسْتَ تَرَى المرجَ مُعْشَوْشَباً / أنيقَ الرّياضِ مَرِيْعاً خَضِرْ
كأنّ الذي دبَّجْتَ تُسْتَرُ / وطَرّزَتِ السوسُ فيه نُشِرْ
وقد ضُرِبَتْ فِيْهِ خَيْمَاتُهَا / وعدّل تَشْرِيْنُ حرًّا بِقُرْ
وراحت تُجَاوِبُ أَطْيارَهُ / كما جَاوَبَ النّايَ قرعُ الوَترْ
وجاءَ الطُّهاةُ بما نَشْتَهِيْ / هِ مما استُزِيْدَ وَمِمّا حَضَرْ
وطاب المِزَاجُ ولذّا الشرابُ / ومُدّ الأُرُنْدِ بماءٍ خَصِرْ
تَعالِيْلُ إنْ أَنْتَ أَغْفلتَهَا / تَذَكّرتَها حينَ لا مُدَّكَرْ
فَخُذْ من صفا العيشِ قَبْلَ الكَدَرْ / ومن ظاهرِ الأرضِ قَبْلَ الحُفَرْ
تأخّرْتَ حتى كدَدْتَ الرسولَ
تأخّرْتَ حتى كدَدْتَ الرسولَ / وحتى سئمتُ من الانتِظارِ
وَأَوْحَشْتَ إخوانَك المُسْعَدِينَ / وفجّعْتَهُمْ بِشَبَابِ النّهارِ
وأحْرَقْتَ بالجوعِ أحشاءَهُمْ / بنارٍ تَزيدُ على كلِّ نارِ
فإن كُنْتَ تأمُلُ ألا تُذَمَّ / فَأَنْتَ وحقِّكَ عينُ الحِمَارِ
أَبِى الدَّهْرُ إِلاَّ فَعَالاً خَسِيْسَا
أَبِى الدَّهْرُ إِلاَّ فَعَالاً خَسِيْسَا / وَصَرْفاً يُبْدِّلُ نُعْمَاهُ بُوسَا
وَكُنْتُ أَرَى وَجْهَهُ ضَاحِكَاً / فَأَبْدَلَنِي مِنْهُ وَجْهَاً عَبُوسَا
وَشَيَّبَنِي حَادِثَاتُ الزَّمَانِ / وَأَحْدَاثُهُنَّ تُشِيْبُ الرُّؤُوسَا
وَنَازَعَنِي الدَّهْرُ ثَوْبَ الشَّبَابِ / فَنَازَعَنِي مِنْهُ عِلْقَاً نَفِيْسا
يُعَاتِبُنِي إِنْ أَطَلْتُ الجُلُوسَ / وَعَنْ عُذُرٍ مَا أَطَلْتُ الجُلُوسَا
وَقَدْ يَمْكُثُ السَّيْفُ فِي غِمْدِهِ / مَصُوناً وَيَسْتَوْطِنُ اللَّيْثُ خَيْسَا
أَأَخْدُمُ مَن كَانَ لِي خَادِمَاً / وَأَتْبَعُ مَنْ قَدْ رَآنِي رَئِيْسَا
جَفَوْتُ النَّدِيْمَ إِذَاً والْمُدَامَ / وَأَصْبَحْتُ أُوذِي عَلَيهَا الجَلِيْسَا
كَأَنِّيَ لَمْ أَعْدُ فِي مِقْنَبٍ / أَفُلُّ بِحَدِّ الخَمِيْسِ الخَمِيْسَا
وَأَقْتَنِصُ الوَحْشَ فِي بِيْدِهَا / بِمُضْمَرَةٍ تَجْتَذِبْنَ المُرُوسَا
تَرُوعُ الظِّبَاءَ بِأَشْخَاصِهَا / فَتَقْبِضُ قَبْلَ الجُسُومِ النُّفُوسَا
وَلَمْ أَدِرِ الكَأسَ في فِتْيَةٍ / نُبَاكِرُهَا قَهْوَةً خَنْدَرِيْسَا
كَأَنَّ الكُؤُوَس بِأَيْدِيهِمُ / نُجُومُ سَمَاءٍ تُلاَقِي شُمُوسَا
وَيَا رُبَّ يَوْمٍ تَمَلَّيْتُهُ / سُرُورَاً ببَطْاسَ أو بَانَقُوسَا
وَيَا حَبَّذَا الدَّيْرُ دَيْرَ البَرِيْجِ / تُجِيْبُ النَّوَاقِيْسُ فِيْهِ القُسُوسُا
وَهَيْفَاءَ لَوْ لَمْ تَمِسْ ما اهْتَدَى قَضِيْبُ / الرِّيَاضِ إلَى أَنْ يَمِيْسَا
وَلَو بَرَزَتْ لِنَصَارَى المَسِيْ / حِ عِيْسَى لَدَانُوا بِهَا دُونَ عِيْسَى
إِذَا شِئْتُ أُنْطِقُ فِي حِجْرِهَا / لِسَانٌ فَصِيْحٌ يُهِيْجُ الرَّسِيْسَا
وَآمِرَةٍ بِرُكُوبِ الفَلاَةِ / وَأنْ أُعْمِلَ الطَّرْفَ وَالعَنْتَرِيْسَا
رَأَتْنِي قَنِعْتُ وَلَمْ أَلْتَمِسْ / لِقَاءَ وُجُوهْ تُطِيْلُ العُبُوسَا
دَعِيْنِي أُمَارِسُ صَرْفَ الزَّمَانِ / وَأَلْبَسُ فِي كُلِّ حَالٍ لَبُوسَا
فَإِنَّ الثِّيَابَ إِذَا مَا خَلُقْ / نَ كَانَتْ جُلُودُ الرِّجَالِ اللَّبُوسَا
فَإِنِّي رَأَيْتُ فُرُوعَ الكِرَامِ / يَشِبْنَ إِذّا مَا ابْتَذَلْنَ الرُّؤُوسَا
تَعَزَّ أَبَا بَكْرٍ المُرْتَجَى
تَعَزَّ أَبَا بَكْرٍ المُرْتَجَى / عَنِ الأَهْلِ وَالعُصْبَةِ الفَارِطَهْ
وَمَا ظَلَمَ المَوْتُ فِي حُكْمِهِ / لَعَمْرَكَ حَيَّاً وَلاَ غَالَطَهْ
وَمَنْ يَكُ جَوْهَرَ هَذَا الفَتَى / فَأَيْدِي المَنَايَا لَهُ لا قِطَهْ
وَلَكِنْ بَقَاؤُكَ أَرْضَى النُّفُوسَ / وَكَانَتْ لِمَنْيَتِهِمْ سَاخِطَهْ
فَإِنْ يَكُ عِقْدٌ وَهَى بَعْضُهُ / فَإِنَّ الذِي بَقِيَ الوَاسِطَهْ
وَقَالُوا عَلَيْكَ وَسِيْطَ الأُمُورِ
وَقَالُوا عَلَيْكَ وَسِيْطَ الأُمُورِ / فَقُلْتُ لَهُمْ أَكْرَهُ الأَوْسَطَا
إِذَا لَم أَكُنْ فِي ذُرَى شَامِخٍ / وَلاَ فِي حَضِيْضٍ وَطِيءِ الوِطَا
وَحَاوَلْت مِنَ مُرْتَقًى هَائِلٍ / تَوَسُّطَهُ خِفْتُ أَنْ أَسْقُطَا
وَخَيْرٌ مِنَ العَنَقِ المُسْبَطِرِّ / إِذَا أَعْوَزَ السَّيْرُ قَصْرُ الخُطَى
فَمَا المَنْعُ حِيْنَ يَفُوتُ الكَثِيْ / رُ أَحْسَنَ مِنْ مُسْتَقَلِّ العَطَا
إِلَى اللَّهِ أَشْكُو أَخَاً جَافِياً
إِلَى اللَّهِ أَشْكُو أَخَاً جَافِياً / يُضِيْعُ فَأَحْفَظُ فِيْهِ الصَّنِيْعَهْ
إِذَا مَا الوُشَاةُ سَعَوا نَحْوَهُ / أَصَاخَ إِلَيْهِمْ بِأُذْنٍ سَمِيْعَهْ
وَتَظْهَرُ لِي مِنْهُ فِي كُلِّ يَوِمٍ / خَلاَئِقُ مُسْتَنْكَرَاتٌ فَظِيْعَهْ
كَثُرْتُ عَلَيْهِ فَأمْلَلْتُهُ / وَكُلُّ كَثِيْرٍ عَدُوُّ الطَّبِيْعَهْ
وَإِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّ المَلُو / لَ لَيْسَ بِمُرُضِيْهِ إِلاَّ القَطِيْعَهْ
وَلَكِنَّ نَفْسِي إِذَ اسْتُكْرِهَتْ / عَلَى الهَجْرِ لِيْسَتْ لَهُ مُسْتَطِيْعَهْ
تَشَبَّهَ فِي النَّحْوِ بِالأَخْفَشَيْنَ
تَشَبَّهَ فِي النَّحْوِ بِالأَخْفَشَيْنَ / فَجَاءَ بِأُعْجُوبَةٍ مُطْرِفَهْ
وَلَمْ يِسْمَعِ النَّحْوَ لَكِنَّهُ / قَرَا مِنْهُ شَيْئِاً وَقَدْ صَحَّفَهْ
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَخْفَشَ النَّاظِرَيْنِ / فَإِنَّ الفَتَى أَخْفَشُ المَعْرِفَهْ
ذَكَرْتُكَ بِالْعُودِ عَانَقْتُهُ
ذَكَرْتُكَ بِالْعُودِ عَانَقْتُهُ / وَدَمْعِي مِنْ مُقْلَتِي يَسْتَبِقْ
أَضُمَّ إِلَى جَسَدِي مَا ضَمَمْ / تُ مِنْهُ وَأَلْزَمُهُ مُعْتَنِقْ
وَأَعْجَبُ مِنْهُ إِذَا مَا دَنَا / إِلَى كَبِدِي كَيْفَ لاَ يَحْتَرِقْ
سَجَايَاكَ مِنْ طِيْبِ أَعْرَاقِهَا
سَجَايَاكَ مِنْ طِيْبِ أَعْرَاقِهَا / تُبَاهِي النُّجُومَ بِإِشْرَاقِهَا
وَمَا لِلْعُفَاةِ غِيَاثٌ سِوَاكَ / كَأَنَّكَ ضَامِنُ أَرْزَاقِهَا
وَلَيْلَةُ مِيْلادِ عِيْسَى الْمَسِيْ / حِ قَدْ طَالَبَتْنِي بِمِيْثَاقِهَا
فَتِلْكَ قُدُ ورِي عَلَى نَارِهَا / وَفَاكِهَتِي فَوْقَ أَطْباقِهَا
وَبِنْتُ الزَّمَانِ فَقَدْ أُبْرِزَتْ / مِنَ الْخِدْرِ تُجْلَى لِعُشَّاقِهَا
وَقَدْ قَامَتِ السُّوقُ بِالْمُسْمِعَاتِ / وَبِالْمُسْمِعِيْنَ عَلَى سَاقِهَا
فَكُنْ مُهْدِيَاً لِي فَدَتْكَ النُّفُوسُ / بِجُودِكَ مُسْكَةَ أَرْمَاقِهَا
نَظَائِرَ صُفْرَاً غَدَتْ فِتْنَةً / بِلُطْفِ زُرْقَةُ أَحْدَاقِهَا
وَمِثْلَ الأَفَاعِي إِذَا أُلْهِبَتْ / حَرِيْقَاً مَخَافَةَ دِرْيَاقِهَا
أَتَتْكَ وَدُنْيَايَ إِذْ أَقْبَلَتْ
أَتَتْكَ وَدُنْيَايَ إِذْ أَقْبَلَتْ / كَإِسْعَافِ دُنْيَا وَإِقْبَالِهَا
تَمِيْسُ مِنَ الوَشْيِ فِي حُلَّةٍ / تُجَرِّرُ مِنْ فَضْلِ أَذْيَالِهَا
وَتَحْمِلُ عُوْدَاً فَصِيْحَ الجَوَابِ / يُحَاكِي اللُّحُونَ بِأَشْكَالِهَا
لَهُ عُنُقٌ مِثْلُ سَاقِ الفَتَاةِ / وَدَسْتَانُهُ مِثْلُ خَلْخَالِهَا
فَظَلَّتْ تُطَارِحُ أَوْتَارَهُ / بِأَهْزَاجِهَا وَبِأَرْمَالِهَا
وَتُعْمِلُ جَسَّاً كَجَسِّ العُرُوقِ / وَتَلْوِي المَلاَوِي بِأَمْثَالِهَا
لَهُ شُغُلٌ عَنْ سُؤَالِ الطَّلَلْ
لَهُ شُغُلٌ عَنْ سُؤَالِ الطَّلَلْ / أَقَامَ الخَلِيْطُ بِهِ أَمْ رَحَلْ
فَمَا تَطَّبِيْهِ لَحَاظُ الظِّبَاءِ / تَطَالِعُهُ مِنْ سُجُوفِ الكِلَلْ
وَلاَ يَسْتَفِرُّ حِجَاهُ الخُدُودُ / عَصْفَرَهُنَّ احْمِرَارُ الخَجَلْ
كَفَاهُ كَفَاهُ فَلاَ تَعْذِلاَهُ / كَرُّ الجَدِيْدَيْنِ كَرُّ الغَزَلْ
طَوَى الغَيَّ مُنْتَشِرَاً فِي ذُرَاهُ / فَأَطْفَا الصَّبَابَةَ لَمَّا اشْتَعَلْ
لَهُ فِي البُكَاءِ عَلَى الطَّاهِرِيْنَ / مَنْدُوحَةً عَنْ بُكَاءِ الطَّلَلْ
فَكَمْ فِيْهِمُ مِنْ هِلاَلٍ هَوَى / قُبَيْلَ التَّمَامِ وَبَدْرٍ أَفَلْ
لَهُمْ حُجَّةُ اللَّهِ يَوْمَ المَعَادِ / لِلنَّاصِرِيْنَ عَلَى مَنْ خَذَلْ
وَمَنْ أَنْزَلَ اللَّهِ تَفْضِيْلَهُمْ / فَرَدَّ عَلَى اللَّهِ مَا قَدْ نَزَلْ
فَجَدُّهُمُ خَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ / يَعْرِفُ ذَاكَ جَمِيْعُ المِلَلْ
وَوَالِدُهُمْ سَيِّدُ الأَوْصِيَاءِ / وَمُعْطِي الفَقِيْرِ وَمُرْدِي البَطَلْ
وَمَنْ عَلَّمَ السُّمْرَ طَعْنَ الكُلَى / لَدَى الرَّوْعِ والبِيْضَ ضَرْبَ القُلَلْ
وَلَوْ زَالَتِ الأَرْضُ يَوْمَ الهِيَاجِ / مِنْ تَحْتِ أَخْمَصِهِ لَمْ يَزُلْ
وَمَنْ صَدَّ عَنْ وَجْهِ دُنْيَاهُمُ / وَقَدْ لَبِسَتْ حَلْيَهَا والحُلَلْ
وَكَانَ إِذَا مَا أَضَافُوا إِلَيْهِ / أَرْفَعَهُمْ رُتْبَةً فِي مَثَلْ
سَمَاءً أَضَفْتَ إِلَيْهِ الحَضِيْضَ / وَبَحْرَاً قَرَنْتَ إِلَيْهِ الوَشَلْ
بِحُودٍ تَعَلَّمَ مِنْهُ السَّحَابُ / وَحِلْمٍ تَوَلَّدَ مِنْهُ الجَبَلْ
فَكَمْ شُبَهٍ بِهُدَاهُ جَلاَ / وَكَمْ حُجَّةٍ بِحِجَاهُ فَصَلْ
وَمَنْ أَطْفَأَ اللَّهُ نَارَ الضَّلاَلِ / بِهِ وَهْيَ تَرْمِي الهُدَى بِالشُّعَلْ
وَمَنْ رَدَّ خَالِقُنَا شَمْسَهُ / عَلَيْهِ وَقَدْ جَنَحَتْ لِلطُّفَلِ
وَلَوْ لَمْ تَعُدْ كَانَ فِي رَأْيَهِ / وَفِي وَجْهِهِ مِنْ سَنَاهَا بَدَلْ
وَمَنْ ضَرَبَ النَّاسَ بِالمُرْهَفَاتِ / عَلَى الدِّيْنِ ضَرْبَ غِرَابِ الإِبِلْ
وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ يَوْمَ الغَدِيْرِ / بِغَدْرِهِمُ جَرَّ يَوْمَ الجَمَلْ
فَيَا مَعْشَرَ الظَّالِمِيْنَ الَّذِي / أَذَاقُوا النَّبِيَّ مَضِيْضَ الثُّكُلْ
أَفِي حُكْمِكُمْ أَنَّ مَفْضُولَكُمْ / يَؤُمُ نَقِيْصَتَهُ مَنْ فَضَلْ
فإن كان من تزعمون هداه / إماماً فذلك خطب جلل
فَإِنْ خَرَجَ المُصْطَفَى حَافِيَاً / تَمِيْلُ بِهِ سَكَرَاتُ العِلَلْ
فَنَحَّاهُ عَنْ ظِلُ مِحْرَابِهِ / وَنَادَاهُ مُنْتَهِرَاً لاَ تُصَلْ
فَلَوْلاَ تَتَابُعُهُمْ فِي الضَّلاَلِ / لَمَا كَانَ يَطْمَعُ فِيْمَا فَعَلْ
كَأَنْكُمُ حِيْنَ قَلَّدْتُمُوهُ / نَصَبْتُمْ أَسَافَ بِهِ أَوْ هُبَلْ
فَيَا لَكَ مِنْ بَاطِلٍ بِالْمُحَالِ / تَمَّ وَيَا لَكَ حَقَّاً بَطَلْ
عَدَلْتُمْ بِهَا عَنْ إِمَام الهُدَى / فَلاَ عَدَلَ اللَّعْنُ عَمَّنْ عَدَلْ
فَمَا جَاءَنَا مَا جِئْتُمُونَا بِهِ / مِنَ الظُّلْمِ أَعْمَى القُرُونَ الأُوَلْ
يُخَالِفُكُمْ فِيْهِ نَصُّ الكِتَابِ / وَمَا نَصَّ فِي ذَاكَ خَيْرُ الرُّسُلْ
نَبَذْتُمْ وَصِيَّتَهُ بِالْعَرَاءِ / وَقُلْتُمْ عَلَيْهِ الَّذِي لَمْ يَقُلْ
اتَخِذْتُمْ بِذَاكَ البَرَايَا خَوَلء / وَدُنْيَا تَفَرَّقْتُمُوهَا دُوَلْ
لَقَدْ طَمَسَ الْغَيُّ أَبْصَارَكُمْ / وَضَلَّ بِكُمْ عَنْ سَوَاءِ السُّبُلْ
أَيْمنَعُ فَاطِمَةً حَقَّهَا / ظَلُومٌ غَشُومٌ زَنِيْمٌ عُتُلْ
وَتُرْدِي الحُسَيْنَ سُيُوفُ الطُّغَاةِ / ظَمْآنَ لَمْ يُطْفِ حَرَّ الغُلَلْ
يَرِي عَطَشاً وَتَنَالُ الرِّمَاحُ / مِنْ دَمِهِ عَلَّهَا وَالنَّهَلْ
فلم يخسف الله بالظالمين / ولكنه لا يخاف العجل
لَقَدْ نَشِطَتْ لِعِنَادِ الرَّسُولِ / رِجَالٌ بِهَا عَنْ هُدَاهَا كَسَلْ
فَلاَ بُوعِدَتْ أَعْيُنٌ مِنْ عَمَى / وَلاَ عُوفِيَتْ أَذْرُعٌ مِنْ شَلَلْ
نَظَارِ فَإِنَّ بَنَاتِ النَّبِيِّ السَّ / بَايَا وَمَالَ النَّبِيِّ النَّفَلْ
غَداً يَتَوَلَّى الإِلهُ الجِدَالَ / إِنْ كُنْتُمُ مِنْ رِجَالِ الجَدَلْ
فَيُعْلَم مَنْ فِي ظِلاَلِ النَّعِيْمِ / ومن في الجحيم عليه ظلل
أيا رب وقف لخير المقال / إِنْ لَمْ أُوَفَّقْ لِخَيْرِ العَمَلْ
وَلاَ تَقْطَعَنْ أَمَلِي والرَّجَاءَ / فَأَنْتَ الرَّجَاءُ وَأَنْتَ الأَمَلْ
إِذَا أَوْمَضَ البَرْقُ مِنْ نَحْوِهَا
إِذَا أَوْمَضَ البَرْقُ مِنْ نَحْوِهَا / تَمَثَّلُ لِي أَنَّهَا تَبْتَسِمُ
وَأَذْكُرُهَا فِي المَحَلِّ الجَدِيْبِ / فَيُخْصِبُ مِنْ دَمْعِيَ المُنْسَجِمْ