المجموع : 13
لقد أنجزت وعدها
لقد أنجزت وعدها / فأحيت به عبدها
سأبذل ودي لها / كما بذلت ودها
نما الشوق عندي لها / كما قد نما عندها
وحرق كبدي بها / وحرق بي كبدها
وأسقمني سقمها / وأوجدني وجدها
ولما أستطال الهوى / على مهجة هدها
حظيت بها مرة / فما أرتجي بعدها
إذا بان سيفك عن غمده
إذا بان سيفك عن غمده / فقد بان بأسك في حدّه
فأنت وذا السيف من جوهر / وطبعك من طبع إفرنده
فإن يفتخر في الوغى ماجد / فمجدك أقدم من مجده
وعزمك أصدق من عزمه / وقصدك أشرف من قصده
إذا ما أغار على عاجزٍ / قديرٌ قدرت على رده
فكنت الأمين على قربه / وكنت الوفي على بعده
رددت لغليوم سهماً رماهُ / فردَّ ولكن إلى كبده
وكان قضى العمر في بريه / فجربهُ اليوم في جلده
أحبّ الوغى فهو محبوبه / على عطفه وعلى صدّه
قضى الأربعين يصب الحديد / على جنده وسوى جنده
وكم خادع الناس عن حقده / فلم يخدع الناس عن حقده
همُ عرفوه على بغضه / كما عرفوهُ على ودّه
ولكنهم حفظوا عهده / الى أن تبرأ من عهده
فخيب عدوانه جيشه / وخيبه الله من بعده
ولو كان يعلم هذا المصير / لما ضل غليوم عن رشده
لقد بات يضحك في هزله / فأصبح ينحب في جدّه
لقد بات يضحك في هزله / فأصبح ينحب في جدّه
ورب الغرور يعز بناه / يلاقي المذلة في هدّه
وحسب المعذب في نحسه / تذكر ما مر من سعده
وكم من مجدّ إلى مأمل / مساعيه أدت إلى ضده
ومن جاهد الحق في ملكه / تقاصر عجزاً مدى جهده
ولو جاءت الزهر من أفقها / لتجديه الفوز لم تجده
الى تومي اتكنس مني ثناء / يزيد على الرمل في عدّه
يفيد الربيع إذا فاض فيه / ندى زهره وشذا ورده
لقد ذاع في مونس من حمده / كما ذاع في الهند من حمده
وطاب مخائل في مهده / وطاب أحاديث في لحده
فلا يعرف السلم نداً له / ولا يقطع الحرب في لدّه
يظلمهُ علم ظافر / بوارفه وبممتده
فيهجع ذو الخوف في أمنه / ويرتع ذو البؤس في رعده
وثمّ عرين إذا قاربته / ذئاب غدت في شبا أسده
فلا يعزب الخفض عن حزنه / ولا يغرب العز عن نجده
تقدم تقدم أمامك نصر / وخصمك إن ترمه تُردهِ
وهذا هشيم وهذا أوان ال / حصاد فبادر إلى حصده
ولا تحذرن بارقاً فوقه / فلا رعد أكذب من رعده
ولا أنت تشقى بإيعاده / ولا أنت تسعد من وعده
لقد كان ينفق من جزله / فقد صار ينفق من ثمده
إذا شهد الناس أنك شهم / فماذا يضرك من جحده
وليس يُقاس إليك بشيء / لدى لينه ولدى شدّه
فقلبك أثبت من قلبه / وزندك أفتل من زنده
وقد زاد عندك خير الإله / وقد نفد الخير من عنده
فأد الثناء لربك واهنأ / وقل رضي الله عن عبده
تمادى رجال على غيهم
تمادى رجال على غيهم / أضرّ بهم وبأهل البلاد
وقد وضع الحق في نوره / فمن أمّ أمّ ومن حاد حادْ
ففيم وقوفك يا سيدي / وخطبتك اليوم بين العباد
قناة السويس انقضى أمرها / فلا تستعدهُ فليس يعاد
أثرتَ لهُ أمس حرباً عواناً / فهذا الحريق بذاك الزناد
عزيز علينا خروجك منها / خروج المريد بغير المراد
ومن نكد الدهر أن الصروف / تصيد الرجال وليست تصاد
وخبرت أنك عاتبت قوماً / فقلت العتاب تبيع الوداد
فلما قرأت الذي قلنهُ / غدوتُ بوادٍ وظني بواد
بربك سائل فؤادك يوماً / أأحسنت أم لا يجبك الفؤاد
فإن الضمائر لا ترتشي / ومهما تعاند تمل العناد
وهيهات إن فزت من بعدها / سيضرب ربّ السداد السداد
تبدت مع الصبح لما تبدى
تبدت مع الصبح لما تبدى / فأهدت إلي السلام وأهدى
تقابل في الأفق خداهما / فحييت خداً وقبلت خداً
لقد بدل الله بالبعد قرباً / فلا بدل الله بالقرب بعدا
تلظى اشتياقي بقلبي زماناً / ولكنه أصبح اليوم بردا
فلست بشاك ولست بباك / سأزداد شكراً وأزداد حمدا
أزائرتي بعد طول النوى / تلطفت جداً تعطفت جداً
نظرت لعهدي صدود ووصل / فأبليت عهداً وجددت عهدا
أعدت لهذا المكان صباه / فأصبح كالروض بل كان أندى
ويا طالما كنت أوليه صداً / ويا شد ما صرت أوليه ودا
وكنت أسميه قبل سعيراً / فأصبح عندي نعيماً وخلدا
تعالي فجسي بكفك كبدي / إذا كان ابقى لي الهجر كبدا
على أنني آمل رده / بوصلك لو شئت بالوصل ردا
خشيت السلو فغالبته / فزاد كلانا على البعد وجدا
وليس يضيع مثلي عهداً / وليس يضيع مثلك عهدا
يقوم الغرام على جانبيه / فأما يمل جانب منه هدا
هلمي أسر بك بين الرياض / فننظم فلا وننثر وردا
فهذا أوان هبوب الصبا / لنخمش خداً ونهصر قدا
ستشدو الطيور بألحانها / وأشدو بلحني وأني لأشدى
إذا نظرتك على الأيك غنت / تبدت مع الصبح لما تبدى
لقد آن أن يعلم الجاهلُ
لقد آن أن يعلم الجاهلُ / ويصحوَ من نومه الغافلُ
هوىً زال من بعد ستين حولاً / كذلك كل هوىً زائل
فخلّ فؤادي جمالاً كذوباً / لقد غرّك الزخرف الباطل
فما أنت مني إذا مدّ حبلاً / وصادك من بعد ذا الحابل
عيون المها لا تصيب القلوب / ولعقل من دونها حائل
فقل للحاظ وربّاتها / لقد أخطأ النبل والنّابل
إذا ما رجعتُ إلى شيمتي / فأهون بما يعذل العاذل
مواليّ جاروا على عبدهم / ولا بأس جائرهم عادل
فكم قايسوه بمن قايسوا / وكم ثاقلوهُ بمن ثاقلوا
ولما رأوا فضله راجحاً / بكوا أسفاً أنه فاضلُ
لي الله ما لي أجامل قوماً / أجادوا الصنيعة لو جاملوا
إذا أنا واصلتهم قاطعوا / وإن أنا قاطعتهم واصلوا
هجرت الثرى وطلبت السماء
هجرت الثرى وطلبت السماء / ولا غرو دأب العلي العلاء
فإن يرثك الناس في حزنهم / فإني لمصر اطيل الرثاء
بكتك وكم من ذكي بكت / لقد عودت مصر طول البكاء
وكانت تخاف عليك الفناء / فليست تخاف عليك الفناء
وإنك حي بطيب الثناء / كما كنت حيّاّ بطيب الثناء
على أن في مهج الفاضلين / عليك لواعج تأبى الشفاء
هم فقدوا معك زين الشباب / وهم عدموا معك صدق الإخاء
وفوا لك بالود بعد النوى / كذاك حزاء الوفي الوفاء
فما للمعارف عنك سلو / ولا للمعارف فيك عزاء
رحتك زماناً لأعبائها / فزلت وقد زال ذاك لرجاء
تظل تناديك في حزنها / وهيهات لست تجيب النداء
يعاد ولكن لغير تدان / فراق ولكن بعيد اللقاء
تجاوزت ملكاً قليل البقاء / ويممت ملكاً كثير البقاء
فمتعك الله فيه بخير / قصارى محبيك هذا الدعاء
وباب كثير العيون يرى
وباب كثير العيون يرى / عجائب ما يصنع العاشقان
أقام لسد سبيل الهوى / كأن بمصراعه ديدبان
أتسقم ميّ وأبقى صحيحاً
أتسقم ميّ وأبقى صحيحاً / ألا أنني الصاحب الخائن
فيا ويح قلبي من غادر / لقد غر بالمسكن الساكن
إذا لم يكن مان في وده / فها هو في عهده مائن
فيا رب هب لي مواجع مي / بأضعاف ما يزن الوازن
وهب من حياتي حياة لها / وإني لأمثالها ضامن
لها من أمانك ركن منيع / ومن أنت أمنته آمن
ألا ما لسيدتي ناحبه
ألا ما لسيدتي ناحبه / بروحي مدامعها الساكبه
يكاد على خدها الاحمرار / يبين لناظره لاهبهْ
وليست بمعرضة في دلال / ولكن أرى أنها غاضبة
ألا صدقت هذا العبرات / وقد كنت أحسبها كاذبة
لمن يذخر الودّ مسلوبهُ / إذا هو أرضى به سالبه
تمنيت لو كتبت ما بها / ولكنها لم تكن كاتبه
تفتش ليست ترى صاحباً / يقاسمها الحزن أو صاحبه
لقد غلب اليأس آمالها / وآمالها كانت الغالبه
أزيلي الحجاب عن الحسن يوماً / وقولي مللتُكَ يا حاجبه
فلا أنا منك ولا أنت مني / فرح ذاهباً إنني ذاهبه
ترحّل جوجو فلا يرجعُ
ترحّل جوجو فلا يرجعُ / وعزّ العزاء فما نصنعُ
سأبكلي عليه إلى أن تجفّ / بعيني من سكبها الأدمع
إذا جزع الناس من حادثٍ / فمن فقده كلنا نجزعُ
فياشعر جوجو فداك الحرير / ويا نابه دونك المبضعُ
ويا عينه ما حكاك الشهاب / ويا صوته مثلك المدفع
عليك سلام فقبلك أودى / صديقي بوبي الذي ضيّعوا
ضع الأمر في موضع الأعتبار
ضع الأمر في موضع الأعتبار / فإن الزمان زمان العبر
ولا يفرحنك زوال الخطوب / فكم أثرها من خطوب أخر
مصاب مرير إذا ما انقضى / تلاه مصاب عليك أمر
سهرت لياليك في بغية / مضت ونبا بك عنها السهر
حياتك أمست حياة التساوي / فلست تساء ولست تسر
قدرت فقلت فلما عجزت / سكت فغشى البيان الحصر
إذا ما أماني الهوى برزت / وكل خفي بها قد ظهر
وشام بصير وأصغى سميع / وراحت ترود المعاني الفكر
وقال زمانك كيف التحامي / وناداك دهرك أين المفر
هالك تشكو كما كنت تشكي / ويجري بما لا تشاء القدر
لتبك عيون العلى ملحماً
لتبك عيون العلى ملحماً / وكل بكاء عليه قليل
إذا رقأت بعده أدمع / فإن دموع الأخاء تسيل
خليل نأى عن أخلائه / فقل للأخلاء أودى الخليل
لقد غالنا الموت فيه برز / ولا غرو فالموت غول يغول
فما للعزاء الجميل محب / ولا للمحب عزاء جميل
ألا إن بين القلوب لحزناً / تزول الجبال وليس يزول
تجلد للخطب لما دهى / وما هاله والخطوب تهول
ونهنه عن وجده واجداً / بروحي ذاك الحبيب العذول
لك الله من نازل منزلاً / يدوم به للنزيل النزول
تبدلت من موطن موطناً / ولا غبن مثل القصور الطلول
لقد أغمد الموت منك حساماً / سيحفظه الغمد وهو صقيل
ترحلت لا رغبة إنما / قصارى البرية هذا الرحيل
وقد عشت شهماً وقد متّ شهماً / وهذي المعالي شهود عدول
ومعترك قمت في نقعه / تصول الكماة ولست تصول
تداوي العليل وتلسو الجريح / فيأسى الجريح ويشفى العليل
وجازيت من رام شراً بخير / كذاك يجازي الحقير الجليل
بكت عين شمس لانسانها / ولو أنصفت لاعتراها الأفول
بكتك عيون العلا
بكتك عيون العلا / وناح عليك الشرف
لحى الله هذا الردى / فاي الشموس كسف
أيعلم ماذا جنى / أيعرف ماذا اقترف
ألا تلفت مهجة / حمت مهجاً من تلف
ألا جل فيها الأسى / الا عم فيها الاسف
بكى الناس جواداً مضى / وكان يحاكي السرف
تكتمه جهدها / ويعرفه من عرف
به كلفت دهرها / فزاد ونعم الكلف
فكم لبكي رثى / وكم لأسي عطف
لقد شرفت بالسلف / وقد شرفت بالخلف
وما ترفت نعمة / وإن نشأت في الترف
أفيض عليها الثنا / ففاض إلى أن وكف
ولو أنها كفكفت / ثناء الورى ما استكف
تخالف في غيرها / ولكن عليها أئتلف
فصار لها كالحلى / وبات لها كالتحف
وما الوصف مدحاً إذا / جرى الصدق فيما وصف
أيا درة المجد قد / رجعت لجوف الصدف
فلهفاً لفقدك لو / يفيد عليك اللهف