القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَعرُوف الرُّصافِيّ الكل
المجموع : 7
تَيَقّظ فما أنت بالخالد
تَيَقّظ فما أنت بالخالد / ولا حادث الدهر بالراقد
فخلّد بسعيك مجداً يَدو / م دوام النجوم بلا جاحد
وأبقِ لك الذكر بالصالحا / ت وخلّ النُزوع إلى الفاسد
ورِدْ ما يُناديك عنه الصُدُور / ألا دَرّ درّك من وارد
وسِر بين قومك في سِيرة / تُميت الحُقود من الحاقد
فإن فتى الدهر من يَدّعي / فتأتي أعاديه بالشاهد
ولاتك مُرمىً بداء السكو / ن فتُصبحَ كالحجر الجامد
وكن رجلاً في العلا حُوَّلاً / تفَنَّنُ في سيره الراشد
إذا أطّردت حركات الحيا / ة ومرّت على نَسَق واحد
ولم تتنوَّع أفانينها / ودامت بوجهٍ لها بارد
ولم تتجدّد لها شَمْلة / من السعي في الشرف الخالد
فما هي إلاّ حياة السَوا / م تجول من العيش في نافد
وما يُرتَجَى من حياة امرىءٍ / كماءٍ على سَبْخة راكد
وليس له في غُضون الحيا / ة سوى النفَس النازل الصاعد
يغُضّ على الجهل أجفانه / ويرضَى من العيش بالكاسد
فذاك هو المَيْت في قومه / وأن كان في المجلس الحاشد
وما المرء إلاّ فتىً يَغْتدي / إلى العلم في شَرَك صائد
سعى للمعارف فأختازها / وصاد الأنيس مع الآبد
وطالع أوجه أقمارها / بعَين بصير لها ناقد
فأبدى الحقائق من طيّها / وألقى القيود على الشارد
إذا هو أصبح نادى البدا / رَ وشَمَّر للسعي عن ساعد
فكان المُجَلِّيَ في شَأوِهِ / بعزم يشُقّ على الحاسد
وأن بات بات على يقظةٍ / بطَرف لنجم العلا راصد
وأحدث مجداً طريفاً له / وأضرب عن مجده التالد
وما الحُمق إلاّ هو الأتّكا / ل على شرف جاء من والد
فذاك هو الحيّ حيّ الفَخا / رِ وأن لَحَدَتْه يد اللاحد
ماذا على الناس لو أصغت مسامعهم / للشعر أنشده في النصح للناس
تاللّه لو خُلقُوا كالصخر لا نصدعُوا / بما أقول انصداع الصخر بالفاس
لكنّهم أخذت في الخلق طينتهم / من طينة ذات أقذار وأدناس
لو أرسل اللّه جبريلاً لساحتهم / لما أتى غير مصحوب بكنّاس
ولو أراد دخولاً في جوانحهم / لكي يقيس الخنى فيها بمقياس
لشمّر الثوب عن ساقَيْه منكمشاً / وسدّ منخره قطعاً لأنفاس
وراح يدخل في مستنقع حَمِىٍء / وينهوي في مساويهم بديماس
وعاد يضحك من إبليس كيف غدا / مستهتراً عَبَثاً فيهم بوَسواس
أذ هم على الشرّ في الأخلاق قد جبلُوا / فلا احتياج لهمّاز وخنّاس
وصار يعذر إبليساً على أنَفٍ / من سجدة لأبيهم ذلك الناسي
لذاك لم يُجد نفعاً ما نصحت لهم / ولو ملأت بنصحي ألف كُرّاس
وكيف ينفع نفح الطيب منتشراً / من بات مُنجدِ لاً في جَوف كِرياس
أدرنة مهلاً فإن الظُبى
أدرنة مهلاً فإن الظُبى / سترعى لك العهد والمَوْثقا
وَداعاً لمَغناك زاهى الرُبا / وداعاً ولكن إلى المُلتقى
عزاءً لمسجدك الجامع / أفارق محرابه المنبرا
وهل في مُصلاّه من راكع / يُجيب المؤذّنَ إن كبّرا
فيا لَسقوطك من فاجع / به فجع الدهر أم القرى
وقبر النبوة في يثربا / ومثوى ضجيعَيْه منوى التُقى
ومَن في البقيع ومن في قُبا / ومن شهِدوا الفتح والخندقا
رويداً أدرنة لا تجزعي / وإن قد أمَضَّك هذا الأذى
إذا أنت بالسيف لم تُرجَعي / فلا حَبذا العيش لا حَبذا
ألا أنت الزاسنا فاسمعي / ونحن الفرنسيس من بعد ذا
سلام على قُطرك المُجتبَى / سلام على أُفْقك المُنتقى
أيُمسي لشِرك العدى مَلعَباً / وكان لتَوحيدنا مَعَبقا
لقد حلّ فيها لواءٌ مُريب / حلول الحقارة بين الجلال
فظلَت بأدمعها والنحيب / تنوح على نجمها والهلال
أتنسى أدرنة عما قريب / إذن لا بلغنا العلا والكمال
فسوف على الرغم من أوربا / نقوم لها فَيلقاً فيلقا
فتُبكي هزاهزنا المغربا / وتُضحك أسيافنا المشرقا
أيقتدر الشعر أن يشكرا / كما يجب الشكر ذاك البطل
فتىً كان في الحرب مستشعراً / شعاراً أجلّته كل الدول
فيا سيف شكري وكل الورى / غدت تضرب اليوم فيك المثل
سيجري لك الشكر لن يَنضُبا / ويجري الزمان به مُغْرقا
وأما ذُكرت حللنا الحُبا / وقُمنا كقومتنا في اللقا
أرى الدهر أنهض كل العِدى / على حين قد قعد المسلمون
فكم جرَعونا كؤوس الردى / ونحن على كيدهم صابرون
أيَحُسن يا قوم أن نقعدا / وقد آن أن ينهض القاعدون
فسيُل المصائب غطّى الزُبى / وغيم النوائب قد طّبقا
وأوشكت الأرض أن تُقلبا / وصبح القيامة أن يُفلَقا
دع الغْرب ينعم في باله / وإن لَقيَ الشرق منه الكُروب
ولا تسألَنْه بأفعاله / فعهد التمدّن عهد كذوب
فنحن اغترَرْنا بأقواله / ولكّننا بعد هذي الحروب
سَنأبَى عليه أشدّ الأِبا / فإما الفناء وإما البقا
ونركب من عزمنا مركباً / ونرقى وإن صَعُب المُرتقى
لقد آن يا قوم تَرك الَونَى / وترك الشقاق وترك الدد
إلى كم نُكابد هذا العَنا / ونخبط في جهلنا الأسود
وبالعلم من قبل نلنا المنى / وفُزنا من العيش بالأرغد
ولكنَما العلم قد غَرَبا / فلا عيش إلاّ إذا شرَقا
فهُبوا إليه هُبوب الصَبا / عسى أن يسِح ويغدودقا
لقد جمع الشيخ هذي الكتب
لقد جمع الشيخ هذي الكتب / فأنقذها من أكفّ العطب
ورتّبها فهي معروضة / لمن يتناولها من كتب
وكانت لعمرك رهن الغبا / ر مكدسة في زوايا الشجب
يمرّ بها الدهر مطمورة / تعاني الدمار وتدعو الحرب
نسيح العناكب من فوقها / ومن تحتها السوس فيها انسرب
يعيث بها آكلاً طرسها / كما تآكل النار جزل الحطب
وكانت على علم حرّاسها / تحفّ الظنون بها والريب
فمدّ إليها معالي الوزي / ر يداً دأبها الغوث عند الكرب
فأخرج منها كنوز العلو / م لأهل الفنون وأهل الأدب
فها أن ارواح من أوقفوا / مرفرفة فوقها من طرب
كما أن أرواح من ألّفوا / قد ابتسمت كالتْماع الشهب
لقد رضي العلم عن فعله / وإن أخذ الجاهلين الغضب
فما بال قوم غدوا يصرخو / ن صراخاً به يقصدون الشغب
يقولون هذا خلافٌ لما لدى / الناس في وقفها من أرب
فيا للعقول لهذا الغبا / ويا للفحول لهذا العجب
أ للسّوس أوقفها الواقفو / ن أن للعناكب أم للترب
إلى كم نظلّ لأغراضنا / نعارض من دون أدنى سبب
ونجمدُ فيغفلة هكذا / ونمرَح في لهونا واللعِب
أرى هؤلاء ضعاف العقو / ل وإن قد نراهم غلاظ الرقب
تضيق عن الحق أرواحهم / وإن لبسوا واسعات الجبب
فهم يقطعون على المصلحي / ن طريق القيام بما قد وجب
فسر في طريقك مستعلياً / وخلّ ضفادعهم تصطخب
فللشرّ ما صخب الصاخبو / ن وللخير جمعك هذي الكتب
لقد صنتها من طروق البلى / وخلصتها من يد المستلب
وأعددتها لشفاء العقو / ل من الجهل وهو أشدّ الوصب
وما كنت في الرأي بالمستبدّ / ولا كنت في الفعل بالمضطرب
وقد كان عزمك فيما أرد / ت يفل ظبي المرهفات القضب
فمن كان جذلان فليبتسم / ومن كان غضبان فلينتحب
هلمّ إلى ذوق طعم الأدب
هلمّ إلى ذوق طعم الأدب / هلمّ إلى نيل أقصى الأرب
هلمّ إلى ذا الغناء الذي / منيرة منه أتت بالعجب
أليست منيرة في عصرنا / مليكة فنّ غناء العرب
ولا غرو أن ملّكت ي الغنا / ء وأن أحرزت فيه أعلى الرتب
فقد أدركته على رسلها / ونالت أقاصيه من كثب
وأيّدها اللّه من صوتها / بأكبر عون وأقوى سبب
أرى فمها صيغ من حكمةٍ / وأبخسه أن أقل من ذهب
تلوح فتبتزّ بدر الدجى / وتشدو فيعتزّ فنّ الأدب
بلحن إذا امتدّ هزّ القلو / ب وخدّر أبداننا والعصب
ترفوف أرواحنا تحته / كما رفرف الطير لما انقلب
وتخفق أحشاؤنا دونه / كما خفقت في الرياح العذب
نكاد إذا هي غنّت نطي / ر إليها بأجنحة من طرب
وإن هي قامت لانشادنا / جثونا لها وثنَينا الركب
فلو سمع القوم ألحانها / لشقّوا عمائمهم والجبب
أرى الهم يتعب قلب الفتى / وعنه الأغاني تزيل التعب
فبادر إليها ولا تكترِث / لما جاء من ذمّها في الكتب
فتنت الملائك قبل البشر
فتنت الملائك قبل البشر / وهامت بك الشمس قبل القمر
وسرّ بك السمع قبل البصر / وغنىّ بك الشعر قبل الوتر
فأنت بحسنك بنت العبر /
ترفّ لمرآك روح الغرام / ويهوى طلوعك بدر التمام
ليطلع مثلك بالأحتشام / ويرقب خطرة هذا القوام
لكيما يهبّ نسيم السحر /
تميل بقدّك خمر الدلال / فيضحك في ميله الأعتدال
وفيه ارتقى الحسن عرش الجلال / ومنه العقول غدت في عقال
وكم قد نهاها وكم قد أمر /
إذا الوجه منك بدا للعيان / له سجد العشق يرجو الأمان
ويخجل من نوره النيّران / ويعنو له جبروت الزمان
ويخضع حتى القضا والقدر /
بك الحسن أُلبس ثوب الكمال / فأنت الحقيقة وهو الخيال
وأنت مليكة ملك الجمال / ولو صوّروك بلوح المثال
لكنت مليكة كل الصور /
يروح الشتاء وتصحو السما / ويأتي الربيع بما نمنما
فيطلع فوق الثرى أنجما / ويبتسم الزهر بعد النما
فأنت ابتسامة ذاك الزّهر /
فطرفك بالفَتركم قد روى / نشيد غرام يهدّ القوى
وما أنت شاعرة في الهوى / ولكنما الشعر فيك انطوى
فآية حسنك أحدى الكبر /
لسانك يسحر في ظرفه / وجفنك يفتن في ضعفه
وقدّك يخطر في لطفه / فيطنب ردفك في وصفه
ويوجزه خصرك المختصر /
سقتك الكعابة صفو الشباب / وغطّى محيّاك منها نقاب
فأنت إذا قمت للأنسياب / تبخترت في خفر والكعاب
تضيء كعابتها بالخفر /
وقفت عليكنّ قلبي الذي
وقفت عليكنّ قلبي الذي / يمرّ به الحبّ مرّ السحاب
ومنكنّ أحببت هاتي وذي / وألفَيت عذباَ بكنّ العذاب
فمنكنّ بيضاء ما مثلها / عدا حمرة الخدّ إلا القمر
فتلك التي طاب لي وصلها / كما ليلة البدر طاب السمر
ومنكنّ حمراء جذّابةْ / حكى وجهها الشمس عند الطلوع
أرى عينها وهي خلاّبة / فأمسك بالكفّ منّي الضلوع
ومنكنّ صفراء في لونها / كأن قد تردّت شعاع الأصيل
إذا ما تمشّت على هونها / أصحّت هبوب النسيم العليل
ومنكنّ سمراء تحكي الدمى / وتبعث في القلب مَيت الهوى
على شفتَيها يلوح اللمى / فيضرم في الصبّ نار الجوى
ومنكنّ من هي مثل الرياح / لها في ذرى كل قلب هبوب
تريد غلاب جميع الملاح / وتبغي عذاب جميع القلوب
ومنكنّ من هي مثل النجوم / من البعد ناظرةً تبتسم
فتلك عليها فؤادي يحوم / وتلك إليها الردى أقتحم
ففيكنّ طرّاً بوادي الهوى / أهيم وأن لم تعد عائده
ألا أن حبّاً بقلبي انطوى / كثير فلم تكفه واحده
تصور حدائق في بهجة
تصور حدائق في بهجة / تروق وفي نضرة تعجب
ترقرقُ فيها مياه العلوم / جداول تجري ولا تنضب
وهبّ عليها نسيم الفنون / يروح ويغدو بها يلعب
فأضحت وأرض كمالاتها / بنبت الحقائق تعشوشب
وأمست وأن ثمار العلاء / لأشجار عرفانها تنسب
وطار الفخار بأرجائها / بلابل تغريدها مطرب
فللمجد وجه طليق بها / وللسعد ثغر بها أشنب
غذاء النفوس وطب العقول / وحفظ الجسوم بها يطلب
فتلك إذا ما تصوّرتها / جليّاً لعمري هي المكتب

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025