المجموع : 3
وَقَفْتَ تُجدِّد آثارَها
وَقَفْتَ تُجدِّد آثارَها / وتُنْشِرُ للعُرْب أشْعَارَها
وتَرْجِعُ بَغْدادَ بعد الفَنَاءِ / تُحدِّثُ للنَّاسِ أَخْبارَها
وتَبْعَثُ حَسَّان من رَمْسِهِ / وتُحيِي عُكاظَ وسُمَّارها
بشِعْرٍ له نَبَراتٌ تَهُزُّ / نِياطَ القُلوبِ وأوْتَارها
أطاعَتْ قوافِيه بَعْد الشِّماسِ / جَرِيءَ القريحةِ جَبَّارَها
ونَظْمٍ له نَفَحَاتُ الرِّياضِ / إذَا نَقَّط الطَّلُّ أزهارَها
فمِن حِكمةٍ عَلَّمتْها السِّنُونَ / حِوارَ النفُّوسِ وإِسْرَارَها
لها صَفْحَةُ الْكَوْن مَنْشورةٌ / يُتَرْجم بالشّعر أَسْطارَها
وتَشْبِيبِ لاهٍ لَعُوبِ الشَّبابِ / يُناجي السّماءَ وأقْمارَها
تراه وَظِلُّ الصِّبَا وارفٌ / جَموحَ العَرِيكةِ مَوَّارَها
يُغنى كمَا صَدَحت أيْكةٌ / وقد نَبَّةَ الصبحُ أطْيارها
ويَبْكِي فَيُبكي رُسومَ الديارِ / حَنَاناً عَليه وآثارها
ويَنْسَبُ حتى يَلينَ الهَوَى / وتَقْضي الصّبَابةُ أوْطارها
وتنْسَى الكواعبُ آيَ الحِجابِ / وتَبْكِي العَجائزُ أعمارَها
وتَصْويرِ طَبٍ صنَاع اليَدَيْن / حَبَتْه الطَّبيعةُ أَسرارها
كأنَّ رُفائيلَ في كَفِّهِ / يُعيدُ الفُنونَ وأَعْصارها
يُريك إذا خَطَّ في طِرْسِه / حياةَ القُرون وأدْوَارها
ويَرْسُم أندُلُساً باليَرَاعِ / فتلمِسُ كفُّك أَسْوارها
وإِن وَصَف الحربَ خِلْتَ الْحِرابَ / تَسُدُّ من الأرض أقطارها
فتُمْسِكُ جَنْبك ذُعراً تخافُ / قَناها وتَرْهَبُ بتَّارها
أشَوْقيِ وأنت طَبيبُ النُّفوسِ / وَضَعْت عن النفس آصارَها
نَصَرْتَ الفَضيلةَ مِن بَعْدِ أنْ / طَوَاها الزمانُ وأنْصَارَها
وجِئْتَ لمِصْرَ كعيسى المسيحِ / تُفَتِّحُ للنّورِ أَبْصَارَها
بآيٍ تُفَصِّلَها مُحْكَمَاتٍ / كأنَّ مِنَ الوَحْيِ أَفْكارَها
تَرُدُّ الشبِيبَةَ للصالحاتِ / وتَرْجِعُ للدِّين هَتَّارها
جَزَيْتُ بِشِعْرِك شعراً وهل / تُجازِي الخمائلُ أمطارَها
فكنتَ شَريفَ قَوافي البَيانِ / وكنتُ بِفَضْلك مِهْيارَها
فَغرِّد كما شِئْتَ لا فُضّ فُوكَ / وعِش بَطَلَ الضّادِ مِغْوارها
فَتاةَ الْقَرِيضِ اهْبِطي مِنْ عَلِ
فَتاةَ الْقَرِيضِ اهْبِطي مِنْ عَلِ / مَدَدْتُ يَدَيَّ فَلا تَبْخَلي
كَبَا بِفَتَى الشعْرِ طُولُ الصعُودِ / فإِنْ كُنْتِ رَاحِمَةً فَانْزِلي
يَحِنُّ إلَيْكِ حَنِينَ الْمَشِيبِ / إِلَى ضحكَاتِ الصبَا الْمُخْضِلِ
سَلاَ بِكَ لَيْلَى وَأَتْرَابَهَا / وَنَامَ عَنِ الْعَذْلِ وَالْعُذَّلِ
شَغَلْتِ فَتاكِ بِسِحْرِ الْبَيَانِ / ولَوْلاَ عُيُونُكِ لَمْ يُشْغَلِ
يَرَاكِ مِنَ اللَّيْلِ في بَدرِهِ / وَفِي شَعْرِهِ الْفَاحِمِ الْمُسْبَلِ
وَفِي كُلِّ آهٍ رَمَاهَا الْهَوَى / عَلَى شَطِّ مَدْمَعِهِ الْمُرْسَلِ
وَيَلْقَاك في كُلِّ وَجْهٍ صَبِيحٍ / بِغَيْر الْمَلاَحَةِ لم يُصْقَلِ
وَمِنْ فِيكِ يسْمَعُ نَجْوَى الْغُصُونِ / وَيُصْغِي إِلَى هَمْسَةِ الْجَدْوَلِ
تَعِيشِينَ في زَاخِرٍ مِنْ ضِيَاءٍ / يُصَفِّقُ بِالأَمَلِ الْمُقْبِلِ
تَحُومُ الْمَلاَئِكُ مِنْ فَوْقِهِ / كما حَامَ طَيْرٌ عَلَى مَنْهَلِ
رَوِينَا بِهِ فَنَسينَا الْحَيَاةَ / وَمَا دِيفَ فِيها مِنَ الْحَنْظَلِ
وَذُقْنَا سُلاَفاً أَبَتْ أَنْ تَرِفَّ / بِكَفِّ النُواسِيِّ والأخْطَلِ
إِذَا قُتِلَتْ أَحْيَتِ الشارِبينَ / فَكَيْفَ إذَا هِيَ لَمْ تُقْتَلِ
كَأَنَّ الْحَبَابَ عَلَى وَجْهِها / وُعُودٌ حَصَلْنَ وَلَمْ تَحْصُلِ
عِدِينِي عِدينِي فَتَاةَ الْقَرِيضِ / وَإِيَّاكِ إِيَّاكِ ةأَنْ تَمْطُلِي
تَعَالَيْ نُقَبِّلُ وَجْهَ الربِيعِ / بَشِيرِ الْمُنَى وَمُنَى الْمُجْتلي
وَنَجْمَعُ مِنْ زَهْرِهِ ما نَشَاءُ / ونَرْفُلُ في ثَوْبِهِ الْمُخْمَلِ
تَعالَيْ نَطِيرُ بِريشِ الأَثِيرِ / ونَعْلُو بِهِ حَيْثُما يَعْتَلِي
نَمُرُّ كمَا مَرَّ طَيْفُ الْخَيَالِ / أَلَمَّ لماماً وَلَمْ يَحْلُلِ
فَبَيْنَا نُحَدِّثُ أهْلَ الْحِجازِ / إذَا صَوْتُكِ الْعَذْبُ في الْمَوْصِلِ
نُحَيِّي بَنِي الْعَرَبِ الأَوْفِياءَ / وَنُسْمِعُهُمْ غَرَدَ الْبُلْبُلِ
أُولَئِكَ قَوْمِي بُناةُ الْفَخارِ / وَزَيْنُ الْمحَافِل وَالْجحْفَلِ
وَلَوْلاَ الإِذَاعَةُ عاشَ الْكِرامُ / حُماةُ الْعُرُوبةِ في مَعْزلِ
أدَارَ الإِذاعَةِ مِنْ مُخْلِصٍ / عَنِ الْوُدِّ وَالْعَهْدِ لَمْ يَنْكُلِ
هَناءً بأَعْوامِكِ الْمُشْرِقَاتِ / وَأَيَّامِ نَهْضَتِكِ الْحُفَّلِ
وُلدتِ وَلِلْعِلْمِ أَسْرَارُهُ / وَقَدْ كُنْتِ مِنْ سِرِّهِ الْمُعْضَلِ
بَذَلْتِ الثَّقَافَةَ للِظامِئِينَ / وَلَوْلاَ يَمينُكِ لم تُبْذَلِ
وَنَبَّهْتِ وَسْنَانَ جَفْنِ الصبَاحِ / بِآيٍ مِنَ الْكَلِمِ الْمُنْزَلِ
وَغَنَّيْتِ حَتَّى تَعَزَّى الْحَزينُ / وَقَرَّ الشَّجِيُّ وَهَام الْخَلِي
تَرانِيمُ ما سَمِعَتْهَا الْفُنُونُ / بِأَوْتارِ إِسْحاقَ أَوْ زَلْزَلِ
وَكَمْ قَدْ هَزَلْتِ لتَشْفي النُفُوسَ / فَكَانَ مِنَ الْجِدِّ أَنْ تَهْزِلي
مَضَتْ مِصْر تَصْعَدُ نَحْوَ السماءِ / وَتَسْمُو عَلَى مَسْبَحِ الأَجْدَلِ
وَأَضْحَتْ مِنَ الْعِلْمِ في رَوْضَةٍ / وَمِنْ عِزَّةِ الْمُلْكِ في مَعْقِلِ
تتِيهُ بِتاريخِ أَمْجادِها / وتُزْهَى بِفارُوقِهَا الأَوَّلِ
زَهَتْ دولةُ الطبِّ لمَّا شُفيتَ
زَهَتْ دولةُ الطبِّ لمَّا شُفيتَ / وعاوَدَها الأملُ الناهضُ
فللطبِّ أنتَ وَتينُ الحياةِ / وأنت له قلبُهُ النّابضُ