القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : صُرَّدُر الكل
المجموع : 14
تَزاوَرن عن أذْرِعات يمينا
تَزاوَرن عن أذْرِعات يمينا / نواشزَ ليس يُطِعنَ البُرِينا
كَلِفنَ بنجدٍ كأَّن الرياضَ / أخذنَ لنجدٍ عليها يمينا
وأقسمن يحملنَ إلا نحيلا / إليه ويُبلغنَ إلا حزينا
ولما استمعن زفيرَ المشوق / ونوحَ الحمام تركنَ الحنينا
إذا جئتما بانة الواديين / فأرخوا النسوع وحُلّوا الوضينا
فثَمَّ علائقُ من أجلِهنَّ / مُلاءُ الضحى والدجى قد طُوينا
وقد أَنبأتْهم مياهُ الجفو / ن أنّ بقلبك داءً دفينا
لعلَّ تمائمَ ذاك الغزال / تُداوِى وَلوعا وتَشفِى جنونا
لقد شبَّ بينَى هذا الغرامُ / وما بين قومِك حَربا زَبونا
تُراهم يظنّون لما أغرتُ / بلحظى عليهنّ أ قد سُبينا
وماذا على مُسلِفٍ في الظبِاء / أُلطَّ به فتقاضَى الديونا
تلوم على شغَفى بالقدود / فهبْنَى وَرْقاءَ تهوَى الغصونا
سواءٌ نشيِدي بهنّ النسيب / وترجيعُها بينهنَّ اللُّحونا
أَلا لُحِىَ الحسنُ من باخلٍ / أبىَ أن يصاحبَ إلا ضنينا
وإنّ وَلوعى بأهل الحمى / يخيِّل لي كلَّ سِربٍ قَطينا
أينشُدُ رُعيانُهم أن أضلّوا / بعيرا ولا أنشُد الظاعنينا
وفي السِّربِ أَحوَى إذا ما استرابَ / بقَنَّاصِه أمَّ دارا شَطونا
ظِللتُ أكُرّ عليه الرُّقَى / وتأبَى عريكتُه أن تلينا
يصون محاسنَه بالصدو / دِ إذ ليس يلقَى عليها أمينا
ودون البراقعِ مكحولةٌ / تعلِّم طبعَ السهام القُيونا
وما كنتُ أعلم من قبله / نّ أن الأسنّة تُسَمى عيونا
صوارمُ تَنهَزُ فتقَ الجِراح / وما خُلقتْ للضِّراب الجفونا
نوَدُّ النحورَ ونهوىَ الثغورَ / ونعلمَ أنّا نحبُّ المنونا
أقِلْنى من الوُخَّد الراسما / تِ أكْفكِ من حيّهم أن يَبينا
ألسنَ اللواتى هَززن الحدُو / جَ هزًّا يُطاير عنها العُهونا
فكلُّ فنيقٍ ببطن العقيق / من الضُّمْر قد أخدَجَتْه جنينا
عدِمتُ فتىً عند نقع الصري / خ يُقعى على أسْكَتَيه بطينا
يعدُّ المفاخرَ والمكرما / تِ طرفا كحيلا ورأسا دهينا
فهل لكَ في بسط أيدى المط / ىِّ تَطوى المهامهَ بِيناً فبِينا
إذا ما صُبغَن بَورِس الهجي / ر حمرا تَجلَّيَن بالليل جُونا
فشبَّهنَ لُجَّ السَّرابِ البحورَ / وشبَّهنَّ السرابُ السفينا
وما تستطيلُ المدى أينُقٌ / بحمدِ جَمال الورى قد حُدينا
وجدنا لديه ربيعَ الثنا / ء غضًّا وماءَ المعالى مَعينا
تبوَّأ في المجد بُحبوحةً / على مثلها يكَمد الحاسدونا
ينادى النجاحُ بأبوابه / ألا نِعمْ ما قَرَع الطارقونا
وتحسبُ من بأسه والبها / ءِ مجلسَه فَلَكا أو عرينا
لكل مَبَزٍّ به سجدةٌ / تسابق فيه الشفاهُ الجبينا
مقامٌ تخَاذَلُ من هوله / خُطَى القوم حتى تراهم صُفُونا
طغتْ يدُه وعلَتْ في السما / حِ حتّى ذممنا السحابَ الهتونا
إذا ما ادّعت صوبَهُ المعصرا / تُ ردَّت عليهنّ غُبْر السنينا
أيحكى بوارقُها والقِطا / رُ للعين عسجدَه والرَّقينا
وما النارُ من ذَهب المجتدين / وما الماءُ من فِضَّة الراغبينا
أفي دِية البخلِ لمَّا أماتَ / يؤدّى الألوفَ ويُعطى المئينا
بما شئتَ يسخو ولولا الحيا / ءُ من مجده قسَّم المجدَ فينا
ويأبَى على سرَف الطالبي / نَ ألاّ يُصدِّق فيه الظنونا
ومن يستدلُّ على المكرمات / يُمِرّ من الشكر حبلا متينا
وما زال يَكذِبُ وعدُ المنى / إلى أن أقامت يداه ضمينا
وقد غَمزت عُودَه النائباتُ / فلم تجد الضارعَ المستكينا
وإن زعزعتْه فإن القنا / ةَ للطعن زعزعها الطاعنونا
سرى عزمه والكرى خمرة / يُدير زجاجتَها الهاجعونا
فبات على صهواتِ الخطو / ب أقنَى يقلِّب طَرْفا شَفونا
إذا ما ارتقى ظنُّه مرباً / من الغيب أوحَى إليه اليقينا
وأفوهَ طارده بالجدال / فخرّ بغير العوالى طعينا
وكم خُطّة أَفردتهُ الرجا / لُ فيها وولت شَعاعا عِضينا
أضاء بحِندسِها رأيُه / وكان له الله فيها مُعينا
ففي كلّ يومٍ يُوافى البشيرُ / بفتحٍ مبينٍ يُقرُّ العيونا
رَمى أهلَ بابلَ في سِحرهم / برقشاءَ تلقَفُ ما يأفِكونا
ألم تعلموا أنَّ في أفقهِ / سحائبَ أمطارُها الدارعونا
وفتيانَ صدقٍ تكون السهامُ / طليعتَهم والسيوفُ الكمينا
وجُرْدا إذا وَجِيَتْ بالبطا / ح أحذَى سنابكَهن الوَجينا
فيوما لنُعمَى تَلُسّ الغَميرَ / ويوما لبؤسَى تسُفُّ الدَّرينا
جرتْ سُنحُا بنواصى العراق / فأحجم عن زجرها العائفونا
وحكَّتْ على واسطٍ بَركْهَا / بيومٍ عسير أشابَ القرونا
تصبُّ على الفئةِ الناكثين / لعهدك سوطَ عذابٍ مُهينا
فتلك جماجمُهم في الصعي / د تتَّخِذ الطيرُ فيها وُكونا
مَرَى ابنُ فَسنجُسَ من خِلْفها / زُعافا وما كلُّ خِلْف لَبونا
فطار على قادماتِ الفِرار / جريضاً وكان فِرارا حَرونا
زجَتْه إليك أكفُّ القضاءِ / وتأتي بأقدامها الحائنونا
وفي دار بَكْرٍ لها رجفةٌ / أزالت صياصِيَها والحصونا
غداةَ زحمَت بها عامرا / تخوصُ قبائلَها والبُطونا
لها غُرَوٌ إن رآها العد / وّ لم ير أكفالَها والمتُونا
قضت من عُبَادَةَ أوطاَرها / وحكَّمت البيض حتى رضينا
وما تركت للموالى حِمى / ولا العقائل خِدرا مصونا
فتلك عقيلٌ عقيلُ الفِرا / ر تُحْرش بالدوّ ضبًّا مَكونا
جعلتَ من الخواف أفراسَها / كأقتادِها والفيافى سُجونا
ووافت بنو أسَدٍ كالأسود / تخُطُّ الرماح عليها عَرينا
فدع فُرصة الثأر ممطولةً / لذنبٍ أقرّ به المذنبونا
أليس طُليْحةُ من عِصيهم / أراغ النبوّة في الناس حينا
فلما نَمَى الدينَ أشبالُه / أناب وأطلقَ تلك الفنونا
ولاقت به الفُرسُ أمَّ اللُّهَي / م وأْدَ البناتِ وذبحَ البنينا
ولا بدَّ للشام من نطحة / تُحذِّر زمزمُ منها الحَجونا
وأخرَى لمصرَ تَخُطُّ الرّوا / ةُ في الرقِّ منها الحديثَ الشُّجونا
جعلتَ الخلافةَ في عصرنا / تُفاخر مأمونَها والأمينا
وجاهدتَ فيها جِهادَ امرىء / له جمعَ الله دينا ودِينا
إذا ما سلكتَ بها منهجا / وثبتَ الجبالَ وجُبت الحُزونا
بسطتَ لعَمرك كفَّ الزما / ن يُحصى الليالي ويُفنى القرونا
ولا برِحتْ ألسنُ المكرما / ت تُغْنِيك عن ألسن المادحينا
دعاءٌ إذا سمِعْته العُدا / ةُ قالت على الكره منها أمينا
حرامٌ علىَّ طُروقُ الديا
حرامٌ علىَّ طُروقُ الديا / رِ ما دام فيها الغزالُ الربيبُ
أشاهد في جانبيها هواىَ / لغيري وماليَ فيه نصيبُ
وقد كان فوضَى فكان المنى / تعللنى والتمنِّى كذوبُ
فلمَّا تصيَّده قانصٌ / ألدُّ على ما حواه شَغوبُ
تداويتُ من مرضٍ في الفؤاد / بيأسىَ واليأسُ بئسَ الطبيبُ
فقد وهبَ الثأرَ ذاك الحريصُ / ونام على الحقدِ ذاك الطلوبُ
ومن عزَّ مطلبُه مُهمَلا / فكيف به وعليه رقيبُ
فلا حظَّ فيه سوى لمحةٍ / تُنافس فيها العيونَ القلوبُ
وُجود الأمير بأمثاله / فكلُّ بعيدٍ عليه قريبُ
وهوب الجيادِ وبيضِ القِيا / ن والظبي يرتجُّ منه الكثيبُ
وعَقَّار كُومِ الصَّفايا إذا / تعذَّرَ عند الضُّروع الحليبُ
تَعيثُ الأخلاّءُ في ماله / كما عاث في جانب السِّربِ ذيبُ
وما يسحَرُ القولُ أخلاقَهُ / ولكنّه الكرمُ المستجيبُ
ظفِرتَ وويلُ امّها حُظوةً / ببدرٍ تُزرُّ عليه الجيوبُ
إذا رُدِّد الطَّرفُ في حسنه / أثار البديعَ وماج الغريبُ
عُبوسٌ يُولَّد منه السرورُ / ومن خُلُقِ الخندريسِ القُطوبُ
وتيهٌ كأَنْ ليس بدرُ السماء / يُلمُّ الكسوفُ به والغُروبُ
ولولا حياءٌ تقمَّصتُهُ / لأجلكَ حجَّ إليه النسيبُ
سأطوِى على لَهبٍ غُلَّتى / إلى أن يُعطَّلَ ذاك القَليبُ
وأعلمُ أنْ سيباحُ الحمى / إذا أظهر الشَعراتِ الدبيبُ
طِرازٌ ينمنُمِ في العارضيْن / يُزَّينُ منه الرداء القشيبُ
فما ذلك الحسنُ مستقبَحا / بشَعرٍ ولو لاح فيه المشيبُ
نظرتُ ولم أبغ إلا شفائي
نظرتُ ولم أبغ إلا شفائي / فداويتُ سُقما بداءٍ عَياءِ
تراءت وبرقُعها كفُّها / لعينٍ مبرقَعةٍ بالبكاءِ
فكانت لنا فتنةً ضوعفت / بحسن المغطَّى وحسنِ الغِطاءِ
تقول وقد لُمتُها في البعا / دِ هل تسكن الشمسُ غيرَ السماءِ
وما زال تَسبى وما إن ترا / كَ قلوبَ الرجال جسومُ النساءِ
وما زلتُ أجزَع من بينهم / فعلَّمنى الصبرَ طولُ الجفاءِ
وإنّىَ من لاعجاتِ الهوى / على مثل صدرِ القناة انثنائى
أصومُ وما ماؤكم للورودِ / وأعشو وما ناركُم للصِّلاءِ
ومن يَصْدَ يخدعْه السرابِ / ويَغرُرْهُ خُلَّب برقٍ خَواءِ
ولله موقفُنا والعتا / بُ يُنبتُ في الخدِّ وَردَ الحياءِ
وقد أترع الحسنُ فيه غديرا / إليه ورود العيون الظمِّاءِ
وطَرِفىَ يتبعُ هُوج الرياحِ / عساهنَّ يرفعن سِجْفَ الحِباءِ
أتنجو بجسمِك فوق الركاب / وتنِبذُ قلبَك بين الظِّباءِ
وعهدى بحملك لا يُستطار / برسمٍ مُحيلٍ وربعٍ قَواءِ
تَلَفَّتُ عن لَعَسٍ بالحمى / وتُعرِضُ عن كَحَلٍ بالجِواءِ
ولولا خيانة لونِ العذارِ / لبعت عُلوق الهوى بالغلاءِ
وربَّ ليالٍ سحبتُ الشبابَ / بأعطافهنَّ كسَحْبى ردائي
فلو كنتُ أملِك أمرى اشتري / تُ ذاك الظلامَ بهذا الضياءِ
وقالوا أصبتَ بعصرِ الصَّبا / ومن لم يشِبْ لم يفُز بالبقاءِ
وما منِبتُ العزّ إلآ ظهورُ / نواعجَ منعَلةٍ بالنَّجاءِ
يخلَّفن خلِفىَ دارَ الهوان / مُناخا ومضْطَرَبا للبِطاءِ
أفرُّ بعرضِىَ عمّن ترى / من النافقاءِ إلى القاصِعاءِ
ولستُ وإن كنتُ ربَّ القريضِ / كمن يستجيب القِرى بالعُواءِ
عدمتُ مَعاشرَ لا يفرِقو / ن بين الصّهيِل وبين الرُّغاءِ
إذا صافحتنى أكفُّ اللئامِ / لطمتُ بهن خَدودَ الرجاءِ
وقِدما عصرتُ وجوهَ الرجالِ / فلم أر فيهنَّ وجها بماءِ
ولولا الجنابُ الزعيمىُّ ما / مشىَ الوعدُ في طُرُقاتِ الوفاءِ
ولكن بجود أبي قاسمٍ / عُمرنَ المكارمَ بعد العفاءِ
له في المعالي انتساب الصريحِ / إذا غيرهُ عُدّ في الأدعياءِ
أغرّ تضىء به المكرماتُ / وتفترُّ عنه ثغورُ العَلاءِ
وترعَى العيونُ إذا لاحظتْ / هُ في روِض رونِقهِ والرُّواءِ
إذا شِمتَ بارقَه فالتِّلا / عُ تشرق مثلَ حلوق الإضاءِ
من القومِ قد طُبعوا في الندى / على سِكّة الغادياتِ الرِّواءِ
يَعُدُّ ابتياعَ بسيرِ الثناء / بجزل العطاء من الكيمياءِ
تدِرّ يداه بلا حالبٍ / إذا التَمس الزُّبدَ مخضُ السِّقاءِ
ويهتزُّ عند هبوبِ السؤال اه / تزازَ الأراكةِ بالجِريباءِ
فتُضحِى مكارمُه كالمطىّ / ونغْمةُ سائله كالحُداءِ
خلائقُ من مندلٍ مُثِّلتْ / وزِيدَ عليها بَخورُ الثَّناءِ
يكاد المدامُ وصفوُ الغما / مِ يُعصَر من طِيبها والصفاءِ
كأنّ الحُبَى يومَ تَعقادِها / عليه على يذبُلٍ أو حِراءِ
يلاقى الخطوبَ إذا مارستْه / بباعٍ رحيبٍ وصدرٍ فضاءِ
وعزمٍ كما صفَّقت بالجَنا / ح شَغواءُ مصبوبةٌ في الهواءِ
تراه فتنظرُ عزما وحزما / وحلما قد ائتلفتْ في وِعاءِ
وما أسرَ الطَّرفَ مثلُ امرىء / يبارزُ لامِحَه بالبهاءِ
عليه شواهدُ منه اغتدتْ / عن الشاهدينِ له في غَناءِ
وفي رونق السيف للناظرين / دليلٌ على حدّه والمَضاءِ
وقد يُفرفُ العِتقُ قبلَ الفرار / ويُحكَم بالسَّبق قبلَ الجِراءِ
وما رغبة الركب يهديهمُ / ضياؤك في رايةٍ أو لواءِ
لك الخيرُ من قائلٍ فاعلٍ / بنَى بالمكارمِ أعلىَ بِناءِ
نذرتَ إذا نلتَ هامَ الأمو / ر أن لا تُوشَّح بالكِبرياءِ
فلو رِزقُ نفسِك أمسى إليك / لما زدتَها فوق هذا السَّناءِ
ففي كلّ شيء وجدنا مِراءً / ولم نر فيك لهم من مِراءِ
لذلك حنَّت ٌَلوصى إلي / ك حتّى أناخت بهذا الفِناءِ
ولولاك كانت كأُرجوحةٍ / تَقلقَلُ بين الضّحَى والمَساءِ
إذا زمَّها نجمُ ذا بالشُّعا / ع تخطُّمها شمسُ ذا بالهَباءِ
وكم لي ببغدادَ من كاشح / يسائل في ربعكم ما ثَوائىّ
فقلت مقيمٌ يجيبُ المنَى / ويجمع بين الغِنى والغَناءِ
لدى ماجدٍ دلُوه في السما / حِ تتْبعُها يدُه في الرَّشاءِ
إذا خاصت النِّقسَ أقلامهُ / كَفَيْن الذوابلَ خوضَ الدّماءِ
دعا الرؤساءُ زعيماً به / فكان لشدّتهم والرَّخاءِ
وبعدَ التجارب قد أحمَدوا / سجاياه والحمدُ بعد البلاءِ
سقَى اللهُ دارَك ماءَ النعيم / وطرَّزها برياض البهاءِ
ودارت عليك كئوسُ السرو / ر يَغرِفنَ من مُترَعاتٍ مِلاءِ
وهُنئتَ بالعيدِ والمِهرجانِ / وسعدُهما سائقٌ بالهناءِ
وجَدناهما فَعَلا ما تحبُّ / وما تبتغي بخُلوصِ الدُّعاءِ
تفيض نفوسٌ بأوصابها
تفيض نفوسٌ بأوصابها / وتكتم عوَّادُها ما بِها
وما أنصفتْ مهجةٌ تشتِكى / هواها إلى غير أحبابها
ألا أرِنى لوعةً في الحشا / وليس الهوى بعضَ أسبابها
ومن شرفِ الحبِّ أن الرجا / لَ تشرِى أذاه بألبابها
وفي السِّرب مُثْرِيةٌ بالجمالِ / تُقسِّمه بين أترابها
فللبدر ما فوق أزرارها / وللغصن ما تحت جِلبابها
كأنّى ذَعرتُ بها في الخِبا / ءِ وحشيَّةً عند مِحرابها
أتبِّعها نظرا معجَلا / يعثِّر عينى بهُدّابها
متى شاء يقطِف وردَ الخدود / وقَتْهُ الأكفُّ بعُنّابها
كفانىَ من وصلها ذكرةٌ / تمرُّ على بَرْد أنيابها
وأن تتلألأ بروقُ الحمى / وإن أضرمتنى بإلهابها
وكم ناحلٍ بين تلك الخيا / م تحسَبه بعضَ أطنابها
فمن مخبرٌ حاسدى أننى / وهبتُ الأمانى لطُلاّبها
فإن عرَضتْ نفسَها لم تجد / فؤادىَ من بعض خُطّابها
يُسرُّ الغطارفةَ الأكرمي / ن قَرعُ مديحى لأبوابها
فها هي من قبل رفع الحجاب / يضاحكنى بشرُ حُجّابها
أنزِّه قَعْبىَ عن خَلِّها / وآنَفُ من مخِض أوطابها
وأعلم أن ثيابَ العفا / ف أجملُ زِىٍّ لمجُتابها
عدلتُ السرابَ بأوراقها / ولمعَ البروق بأذهابها
ولو شئتُ أرسلتُها غارةً / تعود إلىَّ بأسلابها
ولكننى عائفٌ شهدَها / فكيف أنافسُ في صابها
تذِلُّ الرجالُ لأطماعها / كذلِّ العبيد لأربابها
فلا تقطِفنّ ثمارَ المُنى / فبئسَ عُصارةُ أعنابها
وعُجْ بالأجلِّ أبي قاسمٍ / لتأتى المكارمَ من بابها
فنعمَ الرياضُ لمرتادِها / ونعمَ الديارُ لمنتابها
وأوديةٌ من يَرِدْ ماءَ ها / يرَ السُّحبَ من بعض شُرّابها
إلى كعبة الجود من راحتيه / تُشدّ الرحالُ بأقتابها
مناقبُ مثلُ عِدادِ الرمالِ / تكُدُّ أناملَ حُسّابها
وتُتعبُ ألسنَ دُرَّاسِها / وتُفنِى قراطيسَ كُتَّابها
تجاوزتَ حدّ صفاتِ البليغ / فمادُحها مثلُ مُغتابها
يذُمُّ البضائعَ ما لم يُعِ / دَّ من الشكر أوفرَ أكسابِها
تظُنُّ بأفواه مُدّاحهِ / عُقارا تدارُ بأكوابها
تُصافَحُ منه أكفُّ الرجاء / برطبِ الأنامل وَهَّابها
كأنّ الشؤالَ على رِفده / قِداحٌ تفوذ بأنصابها
إذا اشتكت الأرضُ داءَ المحو / لِ داوَى رُباها بإخصابها
من العصبة المدركين العُلا / بأحسابها وبأنسابها
أجاروا على الدهر من صَرفِه / وجاروا على الأُسْد في غابها
وساسوا ولاءَ قلوبِ الرجال / بإرغابها ثم إرهابها
كنوزُ محامِدها والثناءِ / عليها ذخائرُ أعقابها
ولم تَلبَس الرَّيْطَ إلا رأيتَ / محاسنَها نقشَ أثوابها
تعجَّبُ من حُسن بهجاتها / إلى أن ترى حسنَ آدابها
وإنَّ مكارمَ أخلاقها / تقوم مقاماتِ ألقابها
تمَلَّ بأيّام هذا الزمان / تجرُّ ذلاذلَ جِلبابها
مقامَ السواد لأربصارها / ومثلَ النُّخاع لأصلابها
إذا أنت أفنيتَ أيّامَها / توالت عليك بأحقابها
بدا ضاحكا لا لأحظَى بما
بدا ضاحكا لا لأحظَى بما / تُسَرُّ به النفسُ من بِشره
ولكن رأى وجهَه مقمرا / فأبَدى كواكبَ من ثغره
أضدَّانِ في جسدٍ واحدٍ
أضدَّانِ في جسدٍ واحدٍ / مقيمان قد جعلاه قَرارا
دموعٌ من العين فياّضةٌ / ووَقدٌ من القلب يَرمِى شَرارا
كأنِّى من السُّحُبِ الساريا / ت يَحمِلنَ فيهنَّ ماءً ونارا
عزاءً فما يصنع الجازعُ
عزاءً فما يصنع الجازعُ / ودَمعُ الأسى أبدا ضائعُ
بكَى الناسُ من قبلُ أحبابَهم / فهل منهُمُ أحدٌ راجعُ
عرفنا المصائبَ قبلَ الوقوع / فما زادنا الحادثُ الواقعُ
ولكنَّ ما ينظر الناظرو / نَ ليس كما يسمعُ السامعُ
يُدَلَّى ابنُ عشرين في لحدِه / وتِسعون صاحبُها راتعُ
وفي رأس ذا اسودٌ حالكٌ / وفي فرعِ ذا أبيضٌ ساطعُ
ليعلم من شكَّ أن المنو / نَ هوجاءُ ما عندها شافعُ
وإن هُنَيدةَ من عاشَها / لفى عيشةٍ بعدها طامعُ
فقل لىَ ما السرُّ في ذى الحيا / ة تُهوى وطائُرها واقعُ
يهيم عليها الكسوبُ الحريصُ / ويعشقها الساجدُ الراكعُ
وللمرء لو كان يُنجى الفر / ر في الأرض مضطرَبٌ واسعُ
ومَن حتُفه بين أضلاعه / أيمنعه أنّه دارعُ
وكلُّ أبىٍّ لداعى الحِمام / متى يدْعُه سامعٌ طائعُ
يسلِّم مهجتَهُ سائما / كما مدَّ راحتَه البائعُ
وحى الضَّيْزن عن متنهِ / وحسَّانُ اسلمه فارعُ
وهبَّت على تُبّع نفحةٌ / فلم يبقَ من رهطهِ تابعُ
ولو أنّ من حَدَثٍ سالما / لما خَسَفَ القمرُ الطالعُ
ولا صِيدَ في شَرَكِ النائباتِ / فتىً لشروطِ القتَى جامعُ
غلامٌ كأنبُوبةِ السمهر / ى تُعي إذا رامها الصادعُ
شمائُلهُ مثلُ نَوْر الرّيا / ضِ نَمنمَها باكرٌ هامعُ
تكاد تبكّى عليه الغصونُ / إذا ناح قُمرِيُّها الساجعُ
عجبتُ لذاك الحُلِىِّ المصوغِ / لنا كيف يُفسِده الصانعُ
تخرَّمه ورُواءُ الشبا / بِ لم يدرِكم طولُه الذارعُ
على حين أُفرغَ في قالَب ال / جمال ورونقُه الطابعُ
وكيف توقِّى الفتى ما يخافُ / إذا كان حاصدَه الزارعُ
ومن فوقهِ ظُلَلٌ كالغمامِ / ومن تحته جبلٌ مانعُ
وأقرانُ فضلانَ في عزِّةٍ / يدور بها الفلَكُ السابعُ
ولو شاء قصَّر باعَ الردى / فلم يرمِهِ الساعدُ النازعُ
ولكنَّه جاءه سائلا / فجاد به صدرُه الواسعُ
أأسرفتَ في الجودِ حتى استما / حَ أحبابَك الزمنُ الخادعُ
يَروُحُ ويغدو علينا الحِمامُ
يَروُحُ ويغدو علينا الحِمامُ / وكلُّ النواظرِ عنه نيامُ
على شِيمَ النَّعَم الراتعا / تِ يُعقَر هذا وهذا يُسامُ
ولا فرقَ ما بيننا في القيا / سِ إلاّ العقولُ وهذا الكلامُ
كفى بالممات لنا مُفنياً / فَمن أجل ماذا تُراشُ السهامُ
وتُعتقَلُ الذابلاتُ الطِّوالُ / ويُحملُ ذو الشَّفرتَين الحُسام
كأنّا خُلقنا لرَيبِ المنونِ / شرابٌ يَلذُّ به أو طَعامُ
ستُطوَى مسافةُ مَن عمرُهُ / يسيرُ صباحٌ به أو ظلامُ
ليالٍ تمرّ كمرِّ السحا / بِ والصبحُ فيهنَّ برقٌ يشامُ
جناياتُهنَّ علينا البِلَى / وأعذارُهنَّ إلينا السَّقامُ
لها كلَّ يوم بنا وقعةٌ / فهلاَّ تناوبَ عامٌ وعامُ
نلوم الطبيبَ وما جُرمُهُ / وداءُ المنيَّة داءٌ عُقامُ
إذا فَذْلكَ العيشُ عمرَ الفتىَ / فسيّانِ ما خلفه والأمامُ
وما يعصِمُ المرءَ من حتفهِ / عِراقٌ يَحُلُّ به أو شآمُ
بأَىِّ حمىً مانعٍ يُستجارُ / إذا لم يُجِر زمزمٌ والمَقامُ
ظِباءُ البطاح لها مَصَرعٌ / وعُصْمٌ لها بالجبالِ اعتصامُ
إذا الدَّوحُ مالت به العاصفاتُ / فلا ريبَ أن سمّيلُ الثُّمامُ
وهل نافعٌ لك طولُ الجِماحِ / وفي يدِ صَرف الزمانِ الزّمامُ
يحدّثُنا بالفَناء البقاءُ / ويُخبرنا بالرحيلِ المقامُ
بهذا قضى الدهرُ في أهلهِ / تمرُّ فِئامٌ وتأتى فِئامُ
يعلّلنا برَضاع المنَى / وعمّا قليلٍ يكون الفِطامُ
تذُمُّ حذارا بلوغَ المشيبِ / كأنَّ لعصرِ التصابى ذِمامُ
وما يحذَر اليَفَنُ العُدْمُلِ / ىُّ إلا الذي يتقيه الغلامُ
عذَرنا الزمانَ بموت اللئامِ / فما عذرهُ أن يموتَ الكرامُ
علينا يحرَّمُ قتلُ النفوس / فكيف أُحِلَّ عليه الحرامُ
مَناسكُ منهوجةٌ بالوجَى / يُجَبُّ على إثرهن السَّنامُ
لعمرُك ما المرءُ إلا خَيالٌ / ولا لذّة العيش إلا منامُ
ألا أيّهذا اللبيبُ اتئدْ / ومثلُك من رامَ مالا يرامُ
ترفَّق رويدكَ إن السّلَّو / مُراحٌ إليه يعودُ الأنامُ
وعادتك الصبرُ إن قعقعتْ / صواعقَهنَّ الخطوبُ الجِسامُ
تمرُّ عليك مرورَ الريا / ح زاحمها يَذُبلٌ أو شَمامُ
تلوثُ الرداء وتُرخى الإزا / ر في موقفٍ شُدَّ فيه الحِزامُ
يعزِّيك عقلُك عمّن مضى / وعلمُك أن ما لشيء دوامُ
ونفسُك أبلغُ من واعظٍ / وأكبرُ أن يزدهيها الغرامُ
وأنت تعلِّم كيف الثبا / تُ إن زعزعتنا الخطوبُ الجِسامُ
تحمَّلُ أثقالَها مُهْوِنا / وللبزُلِ لو حَملتهْا بُغامُ
إذا الحزن لم يُعد الذاهبينَ / فما هو إلا الجوى والأثامُ
فراقُ الشقيقة أشجى فراقٍ / أذيلت عليه الدموعُ السِّجامُ
وفقدُ الفتى صِنوَه فادحٌ / على الحزن في مثله لايلامُ
ولكن يريك الثنايا الجليدُ / وفي حبّة القلب منه ضِرامُ
وعينُك إن غلِطتْ بالبكاء / فقد علّمتها يداك الغمامُ
فسَقياً لمودَعةٍ في الصَّعيدِ / تُعزَّى الخدورُ بها والخِيامُ
ولم نر دُرًّا ولا زهرةً / من التُّرب أصدافُها والكِمامُ
أنلتمس السُّحبَ تسقى ثرِاك / وجُود أخيك الغيوثُ الرِّهامُ
وتُسَحب فيه ذيولُ النسيم / ومن عَرفِه تَستَمِدُّ المُدامُ
لِفقدانها ما تحنُّ القِلاصُ / وتندبُ فوق الغصون الحمَامُ
فيا جبل الطُّورِ لا فارقتكَ / سحائبُ يُشفَى بهنَّ الأُوامُ
يَقِفْنَ حوافلَ في عرصتي / ك حتى تُساوى الوِهادَ الإِكامُ
تخصُّك بالماخضاتِ العشارِ / وغير رباكَ لهنَّ الجَهامُ
ولو كنتِ آثبةً بالخصام / لما عزَّ فينا الخميسُ اللُّهامُ
وخيلٌ تَكدَّسُ بالدارعين / مقابرُ فُرسانهنَّ القَتامُ
ولكنها حالةٌ فرضُها / علينا تحيّتُنا والسلامُ
أيا بؤسَ قومٍ حسانِ الشخو
أيا بؤسَ قومٍ حسانِ الشخو / صِ لكن حُشُوا بطباع النَّعَمْ
يزينيهمُ في جفون الغبىِّ / حُلِىُّ الغِنىَ وثياب النِّعَمْ
حدوناهمُ بفصيح القريِض / فما استحسنوا منهُ غيرَ النغمْ
وكان الذي خاض أسماعَهم / سواءً ونقراتُ زِير وبَمّْ
وقد جعلوا عذَر حرماننا الثَّ / وابَ خلَّوهُمُ من فَهمْ
وهبْ أنهم جهِلوا ما نقولُ / فأين السخاءُ واينَ الكَرمْ
أغرَّعمُ كَتبُنا في الرِّقا / عِ نحنُ العبيدُ ونحنُ الخدَمْ
ومن دون ذلك تُشوَى الوجوهُ / وتُقذَى العيونُ ويُفرَى الادَمْ
فإن هم أنابوا ببذل النوالِ / وصلنا الثناءَ كوصل الرِحمْ
وإن هم أصرُّوا على لؤمهم / وهبنا ثناياهمُ للندّمْ
إذا جاوزوا الحدّ في منعهم / خلعنا الحياء وجزنا اللَّمَمْ
بعينيك إضرامُهم للأكمْ
بعينيك إضرامُهم للأكمْ / بحمُرِ القِبابِ وحُمرِ النَّعَمْ
تَخَيّلها الضيفُ نارَ القِرىَ / وما هي إلا قلوبُ الأممْ
ورقَّ الحُداةُ لإنصاتِهم / فأبدلْنَها بالسياطِ النَّغَمْ
لقد كذَب الفالُ لما زجرتُ / ظباءَ سُليمٍ بوادى السَّلمْ
فما كنَّ إلا الجوى والسى / وطولَ السهادِ وفرطَ السَّقَمْ
أترجو لمن قد هَوِى صحّةً / وما علَّة الحبِّ إلا لَمَمْ
ولما رأى البُرءَ في عَذْله / رماه الهوى بالعمى والصَّمَمْ
تظنُّ السحائبَ أجفانَهُ / لو أنَّ السحائبَ تهِمى بدمْ
ولولا الغرامُ لما شاقَه / حَمامٌ دَعَا أو غزالٌ بَغَمْ
يا دُرَّة البحر لو أنصفت نفسك ما
يا دُرَّة البحر لو أنصفت نفسك ما / جعلتها سِلكَ دُملوجٍ وخَلخالِ
كم ذى حُلِىٍّ وقد أزرَى به عَطَلٌ / وعاطل ليس يدرى أنه حالِ
لولا الهوى لم يبتْ سكَّانُ كاظمةٍ / ممّن منازلهم حِجْرٌ على بالِ
علَى مَن تبيعُ متاعَ الأدبْ
علَى مَن تبيعُ متاعَ الأدبْ / وتنثُرُ دُرَّ كلام العرَبْ
ومن يستحقُّ حُلِىَّ المديح / يصاغُ له كحُلِىّ الذهبْ
سَنَحْن كما اعترضَ الربرب
سَنَحْن كما اعترضَ الربرب / ولكنَّ صدَّهُم أعجبُ
وجوهٌ ترقرقَ ماء الجما / لِ فيهنّ لو أنّه يُشرَبُ
شَككتُ وقد زارنى غَلطةً
شَككتُ وقد زارنى غَلطةً / أفى يقْظةٍ ما أرى أم مَنامْ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025