المجموع : 5
إلى الله أشكو الذي نحن فيه
إلى الله أشكو الذي نحن فيه / أسىً لا يُنَهنِهُ منهُ الأسى
على مثلها فلتشقَّ القلوبُ / مكانَ الجيوبِ وإلا فلا
فشا الظلمُ واغترَّ أشياعُهُ / ولا مُسْتَغاثٌ ولا مُشْتَكى
وساد الطَّغَامُ بتمويههمْ / وهل يَفْدَحُ الرزءُ إلا كذا
وطالت خُطَاهُم إلى التُّرَّهاتِ / ألا قصّرَ الله تلك الخطا
وأعْجَبُ كيفَ نضلُّ السبيلَ / ولم نأتِهِ واهتدته القطا
وكيف تَضاحَكُ هذي الرياضُ / وكيف يصوبُ الغمامُ الحصى
وهيهات لم يعتمدْ أن يجودَ / ولكن لما نحن فيه بكى
وماذا بحمصٍ من المضحكاتِ / ولكنَّه ضحكٌ كالبكا
وذا اليومُ حَمَّلنا فادحاً / خَضَعْنا له وانتظرنا غدا
وَنُغْضِي على حُكْم صَرْفِ الزمان / وبين الجوانح جَمْرُ الغَضَا
ويا رُبَّ إلبٍ على المسلمين / زَوَى الحقَّ عن أهله فانْزَوى
هو الكلبُ أَسَّدَهُ جَهْلُهُ / وطال فخالُوْهُ ليثَ الثَّرى
وراعهمُ زأرُهُ فيهمُ / ولو كانَ في غيرهمْ ما عوى
كفاهُ الهوانُ احتقارَ الهوان / فسنَّ الأذَى باحْتِمالِ الأذى
تهاونَ باللهِ والمسلمين / وقد كان في واحدٍ ما كفى
وقد خلعَ الدينَ خَلْعَ النَجادِ / وقد أكل الدِّينَ أكلَ الرِّبا
فمرآه في كلِّ عينٍ قذى / وذكراهُ في كلِّ حلقٍ شَجَا
إذا سُئِلَ العَسْفَ بالمسلمين / فأَجْوَدُ من حاتمٍ بالقرى
وإن أمكنتْ منهمُ فُرْصَةٌ / فأَفْتَكُ من خالدٍ بالعدا
ولا بدَّ للحقِّ مِنْ دُوْلةٍ / تُميتُ الضَّلالَ وتُحْيي الهُدى
فيا سحرَ فرعونَ ماذا تقول / إذا جاءَ موسى وأَلقى العصا
وقد عزَّ في مَنْعِ سلطانه / كُلَيْبٌ فكيفَ رأيتَ الحِمَى
وإنَّ أمامك لو قد علمتَ / أشياءَ أَيسرهنَّ الرَّدَى
فَمَا غَفَلَ اللهُ عن أُمّةٍ / ولا تَرَكَ اللهُ شيئاَ سُدى
وعاقِبةُ الظلمِ ما قد سَمِعْتَ / وعَايَنْتَ لو نَهْنَهَتْكَ النُّهَى
أيا أهلَ حمصٍ وقِدْماً دعوتُ / وهل تسْمعونَ إلى من دعا
يَقلُّ لأقداركمْ كلُّ شيءٍ / فكيفَ رضيتمْ بدون الرِّضى
أَلا قد لحنتُ لكم فاسمعوا / وحاجَيْتُ إن كان يُغني الحجا
أَيْنَما كنتَ تُمَنَّي وَتَعِدْ
أَيْنَما كنتَ تُمَنَّي وَتَعِدْ / جارَ بي فيكَ هوايَ وَقَصدْ
يا جليداً لم يَدَعْ لي جَلَداً / هل لِيَوْمِ الصبِّ مِنْ بُعْدِكَ غَدْ
لا أشاجيك وقد بَرَّحْتَ بي / دُوْنَكَ اليومَ فَذَرْني والسَهَد
اتئدْ مِنْ قبلِ أنْ توديَ بي / ثم لا يَنْفَعُنِي أَنْ تَتَّئِد
نَقَضَ العهدَ الذي كانَ عَهِدْ / لم أَقُلْ وَاصَلَ حتى قُلْتُ صَدْ
مرحاً بين النصابي والصبا / كلما لا عتبه بالحب جد
هزَّ منه الحسنُ يثني عطفه / لو يكونُ الغصنُ لدناً لم يَزِد
وجلا الإدلالُ منه منظراً / قام بالعُذَّالِ فيه وقعد
وَأَدارَ الموتَ في لحظِ رشاً / كلما شاءَ انْتَحى قلبَ أَسَد
يا شقيقَ النَّفْسِ رأياً وهوىً / أنتَ في قلبيَ رُوْحٌ وجسد
أَمُضِيْعِي بينَ هَجْرٍ ونَوىً / وعلى ذاك فمالي عَنْكَ بُد
علَّمَتْ عيناكَ عينيَّ الهوى / فأنا منكَ ومني في كمد
رامَ من أُبْغِضُ مني خُطَّةً / طال ما ناضلت عنها مَنْ أوَد
دونَ سِرّي منْ حِفاظي عَزْمَةٌ / صَدَرَ المِقْدَارُ عنها وَوَرَدْ
قد رميتُ الدَّهْرَ منْ حيثُ رَمَى / فَسَلِيهِ أيُّنا كانَ أشد
وأخذتُ الناسَ عن هاكَ وها / بالتي إلا تُجَوَّزْ لا تُرَد
وطويلِ الليلِ مُسْتَوْفِزِهِ / يَتَلظَّى بين خَوْفٍ وومد
كلما حدث عني نفسه / حل أثناء حباه وعقد
قد تَعاطَاني وَدُوني حَتْفُهُ / رُبَّما أوْدَى الفتى منْ حيثُ ود
يا خليليَّ ولا واللهِ ما / طِبْتُ نفساً قطُّ عنها لأحد
أدركاني ما أرى أن تُدْرِكا / سَدَّت البَلْوى مناديحَ الجسد
وأعِدَّاني لأُخْرى مِثلِها / ليس للإنسان إلا ما أعَد
لا يَغُرَّنكَ شيءٌ بائدٌ / إنه لو كانَ شيئاً لم يَبِدْ
سدَّدَ الموتُ لأعمارِ الورى / فَلْيَعِشْ مَنْ شاءَ ما عاشَ لُبَد
أنا من عزِّكَ يا يَنَّاق في / ذِرْوَةِ العَلْيَا إلى الرُكْنِ الأَشَد
أُقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ يا حُسَّدي / قد نَمَى المالُ وقد أَثْرَى العدد
وكفاني نُوَبَ الدهرِ فتىً / لم يزلْ منهُ عليهنَّ رَصَد
طلبَ السؤددَ حتى نالَهُ / بطلٌ شَيحْانُ أو خَصْمٌ أَلَدْ
قلْ لمن أَذْعَنَتِ الدُّنيا لهُ / لا تَمَتَّعْتَ بِها إنْ لم تَسُد
نعمَ رِدْءُ الموتِ بأسٌ أو ردى / كلما أوعدَ خَطْبٌ أو وعد
فإذا لذَّ لك العيشُ فَصُلْ / وإذا أَعْجَبَكَ المالُ فَجُد
وإذا تُدْعَى لمجدٍ فاحْوِهِ / إنما العَاجِزُ مَنْ لا يَسْتبد
كاعتزامِ ابنِ عبيد اللهِ لا / هَوَّنَ القُرْبَ ولا هابَ البُعُد
طبَّقَ الآفاقَ منهُ عَارِضٌ / ذو شآبيبَ تَهَادَى أو تَهُد
فإذا شيتَ فشُؤْبُوبُ حياً / وإذا شيتَ فشؤبوبُ بَرَدْ
ألمعيٌّ والقضايا شُبَهٌ / أوْحَدِيٌّ وصروفُ الدهر حُد
قُلَّبِيُّ القلبِ مشدودُ القُوَى / لم يَغِبْ غائبُهُ إلا شَهِدْ
رابطُ الجأشِ وقد جَدَّتْ به / عَزَماتُ الدهر منْ هَزْلٍ وَجِد
ارْجُهُ يوماً وَخَفْهُ حِقْبَةً / فبأَخطار العدا راش الأوَد
وادْعُ نَجْلَيهِ إذا لم تَدْعُهُ / فَعَلى ذلك أَنْشَا مَنْ وَلد
أَسدا عرِّيسةٍ بدرا دُجىً / بلغا كُنْهَ النُّهى قَبْلَ الأشُد
شدَّ هذا في المعالي أزْرَ ذا / مثلما نِيطَتْ ذراعٌ بِعَضُد
لستُ للسُّبَّاق إن لم يَسبقا / في مدى كلِّ طِرادٍ مَنْ طَرَد
وطئا تُرْبك إنْ لم يَرثا / مجدك الموروثَ عن جَدٍّ فجد
هذه شِنْشِنَةٌ من أَخْزَم / وسواءٌ مَنْ نَفَى أو مَنْ جَحَد
اقضِ مُشْتطاً على كلِّ هوىً / واجرِ مُسْتَولٍ على كلِّ أمد
إن أُصِبْنَا فإليكَ المُشْتَكى / أو أَصَبْنَا فعليكَ المُعْتَمد
أوْ نَبَتْ دنيا على عادتها / فعلى دنياك نَعْلُو وَنُعَد
وَفِدَاكَ اليومَ من أَرْشَدْتَهَ / فأَبَى إلا عِنَاداً أَوْ فَنَد
كلُّ مغلوبٍ على أَكثرِهِ / لا رأى حَزْماً ولا قال سَدَد
غاظَهُ أَنْ لم يَنَلْ ما نلتَهُ / حيثُ لم يجهدْ ومن حيثُ جهد
يا سراجَ الفخرِ يا غايتَهُ / دعوةً لم تُبْقِ في العَيْشِ نكد
هذه فانشطْ إليها مِدَحي / تَنْفُثُ الآدابَ سِحْراً في العُقَد
كلُّ عذراءَ إذا أَهْدَيْتُهَا / لم تَرِدْ قوماً ولم تَخْصُصْ بلد
أما والهوى وَهْوَ إحْدَى المِلَلْ
أما والهوى وَهْوَ إحْدَى المِلَلْ / لقد طَالَ قَدُّكَ حتى اعتدلْ
وأَشرَقَ وجْهُكَ للعاذلاتِ / حتَّى رأتْ كيفَ يُعْصى العَذَلْ
ولم أَرَ أفتكَ من مُقْلَتَيْهِ / على أنَّ لي خِبْرَةً بالمُقَل
كحلتَهُما بهوىً قاتِلٍ / وقلت الهوى خَتْلُهُ في الكَحَل
وأني وإن كنت داهنتني / لأعلم كيف تكون الحبل
ولستُ أُسائِلُ عينيك بي / ولكنْ بعهد الرِّضي ما فعل
ولم أرَ أبْعَدَ من مَطْلَبٍ / إذا أُبْتَ عنه بحظٍّ قَتَلْ
سَقَتْكَ ولو بدما مُهْجَتي / نجومُ الوَغى أو نجومُ الكِلَل
فقد كَذَبَتْني نُجُومُ السماءِ / أو كَذَّبَ الثورُ عنها الحمل
ارى الحبُّ أوَّلُهُ شهوةٌ / تُسَلَّطُ أو غِرَّةٌ تُهتَبَل
وآخِرُهُ سَقَمٌ مُدْنِفٌ / هو الموتُ أو هو مِنْهُ بَدَل
ألهفِي على زَمَنٍ راهقٍ / سَرضتْ لحظاتُكَ فيه عِلَل
ولهفي على نظرةٍ بالكثيبِ / أَعْطَيْتُ غيّي بها ما سَأل
أَبتْ أن ترد عليَّ الشبابَ / وردتْ عليَّ الهَوَى والغزل
وَوَصْلث الكواعبِ بَعْدَ المشيبِ / مَرضامٌ تُقَصّرُ عنه الحِيَل
أُعَلَّلُ فيكَ بما لا يكون / وأُغْبَطُ مِنكَ بما لمْ أنَلْ
أمَا بيننا حَكَمٌ عادل / ولو أنّه زمني مَا عَدل
أيُنْصِفُ منكَ وأنت الحياةُ / وَيُعْدِي عليكَ وأنت الأَجَل
ولكنْ تهحاملَ لما ضعفتُ / فهلاَّ وَفَى وَلَهُ مُحْتَمَلْ
ويا ضيعتا بين رَبْعٍ عَفَا / وخلٍّ جفا وَشَبَابٍ رَحَل
وبي معشرٌ حَسَدُوني العُلا / صُدُورُهُمُ كصدورِ الأسَل
تَقَطعُ دونيَ ألحاظُهُمْ / فما تستطيعُ رياحُ السَّبَل
إذا ما رأونيَ لم ينبسوا / وإن غبت ضجُّوا بهلاَّ وَهَلْ
وغضبانَ إن سُؤتُهُ حالني / إليك وإن العلا لم تحل
وقد عرَفَ المجدَ لا شك فيه / ولكن تبالَهْ كي لا يُبَلْ
تمنَّى وسَامَحَني في الطِّلابِ / وقال وأفْرَدَني بالعمل
قَسمنا الحظوظ وَحَاكَمْتُهُ / إلى المجدِ روَّى بنا وارتجَلْ
فأصبحتُ كالناجِ تحتَ الجبين / وأصبح كالفَقْعِ تحت الأظَل
أجِدَّك ما يستفيقُ العذولُ / ميتَ العزائمِ حيَّ الأمل
تَوَانَى فلما شأتْهُ العُلاَ / صَبَا في تَعَنُّتِه أو شُمِل
وليس بِثَانِيْهِ عن شَأْوِهِ / ولو أنَّهُ في مَداهُ الزَّلَل
ارى الدهر جهَلَني ما علمتُ / على حينَ عَلَّمْتُهُ ما جَهِل
لَوَانشي وأقسمتُ لا أقْتَضيه / إلاّ بسيفِ الأميرِ الأجل
وقد بَرِئَتْ منهُ تلكَ الجفونُ / تَلَدَّدُ بينَ الطُّلى والقُلَل
وقد جالَ موتٌ يُسَمَّى الفرنْدَ / عللا مَتْنُهُ وكأنْ لم يَجُل
وَسَالتْ عليه نفوسُ الكماةِ / فأشكلَ أكثرَ مما اشْتَكَل
كوشمِ عِذَارٍ على وَجْنَةٍ / إذا لاح مَاراكَ فيه الخجل
تتايَهَ ظاهرُه بِالحُلِيِّ / وقد جُنَّ باطنُهُ بالعَطَل
وللشمسِ سُلْطانُها بالهجيرِ / وإن حَسُنَت في الضّحى والأصُل
وقد تَضْحَكُ الراحُ بعد المزاجِ / عنِ الحُسْنِ بين الحُلَى والحُلَل
ولكن تَحَنَّى بها قَبْلَهُ / ولو مَزَجُوها بِخَلْسِ القُبَل
يَصُوْرُ العيونَ إليها النحولُ / إذا نَبَتِ العينُ عَنْ مَن نَحَل
فكم من رفيقٍ تَخَطّيْتُهُ / ولو عَزَمَ الأمْرَ يوماً لحل
وقد تقتضي هذه المفرداتُ / معانيَ تَقْصُرُ عنها الجُمَل
إذا صُلْتَ يوماً نبا المَشْرفيُّ / وإلا فإنَّ العُلا لم تَصُل
هل الموتُ تَرْمي به أو تَرُدُّ / فَمَنْ شاءَ عَزَّ وَمَنْ شاءَ ذل
أيا فارسَ الخيلِ والبأسُ ظَنٌّ / يُرَجَّمُ أو ظِنَّةُ تُنْتَحل
وقد شَمَّر الموتُ عن ساقِهِ / على ما حسبتَ به من كسل
وأعربتِ الحربُ عن حالِها / فماتَ الجبانُ وعاشَ البطل
وأومضتِ البيضُ في عارضٍ / من الموتِ ما عنَّ حتى رَحَل
سَقَى الأَرْضَ أكثرَ منْ رِيِّها / على أنَّه ليس فيه بَلَل
وَسَدَّ على الشمسِ آفاقَها / ولو ضَحَيتْ لم تَجِدْ فيه ظل
ليهنِ الجزيرةَ إهلالها / إلى دولة عَبَدتَهْا الدول
هببتَ إليها مع المشرفيّ / وكنتض أحَقَّ بِسَبْقِ العَذَل
وقد راغَ قومٌ عن المكرماتِ / ولكنهم خُلِقُوا من عجل
فَسَحْتَ لها والنوى غَرْبَةٌ / تضيقُ الرِّحالُ بها والرِّحَل
وقد علمتُ حين لبيتها / بأيِّ قُوَى ماجدٍ تَنصل
هو الجدُّ لا غَفَلاتُ الملوكِ / بين الأَناةِ وبين العَجَل
ولا خَوْضُهُمْ غمراتِ المُحَالِ / يستنجدونَ عسى أو لعل
فَسَعْدَكَ يستنجحُ الطالبونَ / وإن رَغِمَ المُشْترِي أو زُحَل
وإيَّاكَ يمتدحُ المادحونَ / شَتَّى المآربِ شَتَّى السبل
وأنت أخذتَ العلا بالسيوفِ / جادَ الزمان بها أو بخل
طلعتَ عليهم طُلُوع المنونِ / فألْقَوْا بأيدي الوَنَى والفَشَل
بعزم كظنِّ الأديبِ الأريبِ / وجيشٍ كَذَيْلِ الأَياةِ الخَصِل
وهمة أَلْوَى إذا ضَمّنُوْهُ / وَفَى وإذا حَمّلُوهُ حَمَل
تُقَسَّمُ أمْوَالُهُ في العُفَاةِ / فإن فَضَلَتْ فَلَهُ ما فَضَل
وتنهلُ أسيافُهُ في العداةِ / فإن ظَمِئَتْ فَعليه العَلَل
سلِ البحْرَ عن جُودِهِ إذ طما / وَشَطَّيْهِ عن بَأْسِهِ إذ أطَل
تَجَلَّى له بين حاليهما / فَسَلْهُ أبحرٌ رَأى أمْ جبل
وقد كان باراه جَهْلاً به / فلما رآهُ نَبَا أو نَكَل
وَعَمْداً تَجَافَى له عَنْ مَدَاهُ / ليعتزَّ أو لِيَرى منْ أذَل
أبا بكرٍ اقتضِ تلك الديونَ / فقد أبأَسَ الدهرُ مما مَطَل
تَوَخَّ العُلا في ظلالِ الرِّماحِ / فقد أعوزتْ في ظِلالِ الكِلل
وَصُنْ حَرَمَ الملك أنْ يُسْتَباح / فسيما الممالكِ أنْ تُبْتَذَل
أرى كلَّ جيشٍ يحبُّ الغِلاَبِ / فمنْ أين قصَّر عَنْهُ الرجل
شَكَرْتُكَ شُكْرَ الرياضِ الحيا / تَعَاهَدَها بين وَبْلٍ وَطَل
أطَلْتُ بذكرِكَ غَمَّ الحسودِ / فلو ماتَ ما زادَ أو ما عضل
يسيرُ غليّ على فَتْرَةٍ / هي الذُلُّ وهو يَراها الكَسَل
تَدَارَكْ أبا بكرٍ المسلمينَ / فقد نَهِلَ الضيمُ منهمْ وَعَل
تَغَلْغَلْتَ في طُرُقِ المَكْرُماتِ / ضخمَ الدَّسَائع رَحْبَ المحل
فقامَ بكَ الدهر طيبَ النَّدى / وسار بك الجودُ سَيْرَ المثل
أراكَ تَجُودُ ولا تسألُ
أراكَ تَجُودُ ولا تسألُ / وقد كنتَ صباً بما تَبْذُلُ
شذوذ من الجود مُسْتَغربٌ / على النّاسِ في كلِّ مَنْ يُفضِل
وأقصى قُصَارى نوالِ الكرامِ / على قِصَرِ العمر مُسْتَعْجَل
وصِنفٌ من الناسِ صنفٌ ظريفٌ / يقولُ ولكنَّ لا يَفْعَل
ولولا أبو عمروٍ المُنتقى / لقلتُ مضى السادةُ الأول
إذا خطّ سطراً فنثراً ونظماً / تُفَوَّق دهراً له الأنْمُل
وإن سلّ عضباً فطعناً وضَرْباً / يُضَرِّمُ نيرانَهُ الجحفَلُ
تلافَ فُلاناً وَأَخْلِفْ فلانا
تلافَ فُلاناً وَأَخْلِفْ فلانا / كَفضانا مَنًى وَكَفَانا امْتِنَانا
وطاولْ بعمرِكَ عُمْرَ السُّهَى / فَأَبْلِ زَمَاناً وجدِّدْ زمانا
ولحْ إنْ خلا الأفقُ منهُ فأنتَ / أَسْنَى كياناً وأَسْمَى مكانا
وأمّا وقد أصبحَ الناسُ مجداً / سَمَاعاً فَكُنْ أنتَ مجداً عيانا
وزاحمْ بصرفك صَرْفَ الزمانِ / مُفِيداً مُفَاداً مُعيناً مُعَانا
وضايِقْهُ في الناسِ جيلاً فجيلا / وطَالبه بالودِّ شَاناً فشانا
وَسَلْهُ على ما أراد الدليلَ / وأَلْزِمْهُ في ما أَبَارَ الضمانا
وَرُعه وَدَعْ سَلْمَهُ جَانباً / فلولاك أصْبَح حَرْباً عَوانا
ولا تَتَغَمّدْ له زَلَّةً / فقد كان مما جَنَاهُ وَكانا
وَأدْرِكْ لديه ذُحولَ الكرامِ / فَقَدْ غَرَّهُمْ بين أخْنَى وَخَانا
وَأعْدِ عليه بناتِ الهديلِ / عَلَوْنَ فُنُوناً وَنُحْنَ افتنانا
ثَكالَى يُرَدِّدْنَ من شَجْوِهِنَّ / أسىً عزَّ فيه التأسي وَهَانا
لبسنَ الحدادَ مكانَ الحُلِيِّ / فَقُمْنَ يُحَاسِنَّ فيه الحسانا
وكم حاسدٍ ظنّهُ زينةً / ويأبى لها ثُكْلُها أن تُزَانا
وهل هو إلا شجىً لم تُسِغْهُ / فلاحَ بأَجْيادِها وَاسْتَبانا
وسالَ بها سَيلُ دَمْعِ الفراق / فَرِدْهُ تَرِدْ كبداً أو جَنَانا
كما سُوْقَها ومناقيرَهَا / وأعْيُنَها عَنْدماً أو رِقَانا
وإلا تُكَفْكِفْهُ شيئاً يُضَرِّجْ / جآجِئَها والغصونَ اللدانا
وقد حسدتكِ القيانُ الحنينَ / فهَلاّ حسدتِ السُّرورَ القيانا
صوادحُ إن فَرَعَتْ أيكةً / حسبت لها كلِّ غُصْنٍ كِرَانا
وسائلْهُ ما فَعَلَ القارظانِ / اضَلَّ دليلُهما أمْ تَوَانى
أَلمْ يَجِدَا قَرَظاً منهما / يُريغانِهِ حيثُ مَنْ حَانَ حانا
وأينَ أضلَّ قبيساً أبوه / على أنه ما ألاه حنانا
أَغَادَرَهُ وَالهاً بَعْدَه / وَأَشْمَتَ رضوى به أو ابانا
وها أمُّ دَفْرٍ لديها ابنُها / وقد أثكلَ ابنيْ عِيانٍ عِياناً
وَأعْفَى من الفُرْقَةِ الفَرْقَدينِ / وسام السمّاكين بَيْناً فَبانا
وَحُدَّ لذي الرمحِ أن لا يَرُوْعَ / أخاهَ فقد جاء يبغي الأمَانا
وإلا فَسَلّحْهُ رُمْحاً كَرُمْحٍ / ونبّئْهما أنْ يُجيدا الطّعانا
ولو أنّهُ هزَّ يُمناكَ رمحاً / وركّبَ بأْسََ فيه سنانا
لقامَ فَبَدَّدَ شَمْلَ الثريّا / ولو أنّها زَبَنَتْ بالزُّبَانى
وَكُرَّ لِطَسْمٍ ليالي جَديسَ / حتى يَدينَ لها أو تُدَانا
وَخُذه بمدينَ حتى تَعُودَ / وَنَسْراً فَخُذْهُ به والمَدَانا
وما كانَ لي فيهما منْ هَوًى / ولكنْ عَسَى أن يَذُوْقَ الهوانا
وكم لي بمدينَ منْ أُسْوَةٍ / ولكنّها غايةٌ لا تُدَانى
أُهنّيكَ ما شِئْتَ من رِفْعَة / وَشِعْري وَسَعْدَك والمِهْرَجانا
وأنك قَارَنْتَها أربعاً / فَأَنْسَيْتَ زُهْرض النُّجومِ القِرانا
وأنّكَ ظَلْتَ لدارِ الملوك / يميناَ وللعلمِ فينا لسانا
وللدين رِدْءاً وللمسلمينَ / مآلاً وللحقِّ يَعْلُو وآنا
ودونَ حمى الملك عَضْباً صقيلاً / أذالَ حِمَى كلِّ شيءٍ وَصَانا
من البيضِ راعَ بناتِ الصدورِ / إما سَراراً وإما عِلانا
جرى مَتْنُهُ وذكَتْ شفرتاهُ / فإن شئتَ رابَ وإن شئتَ رانا
تأَلَّفَهُ الموتُ ماء وناراً / وأوْلمَ فيه نَدًى أو دُخانا
وليس كما خِلتَهُ إنما / هو الموتُ أَبْهَمَهُ أو أَبانا
ولما جلا غمدُهُ رَوضَةً / طَواه بها حَيّةً أُفْعُوانا
كَعَزْمِكَ لو أَنه لا يُفَلُّ / كهمكَ لو أنه لا يُفانى
ركبتَ الخطوبَ وأَرْكَبْتَها / تكفُّ الجماحَ وَتُكفَى الحِرانا
وأشْبَهْتَ آباءك الأكْرَمينَ / عِرْضاً عزيزاً ومالاً مُهانا
وأحسنتَ بينَ النَّدى والنَّدِيِّ / حييّاً وَقاحاً جريّاً جبانا
وكان الربيعُ ربيعَ الأنامِ / وكنتَ به بِشْرَه الأْضحِيانا
تسابِقُهُ في مَدَى كلِّ مجدٍ / أما لو أردتَّ لردَّ الرِّهانا
وصبَّحْتَ أُقليشَ في جَحْفَلٍ / أغَصَّ الوهادَ وآدَ الرِّعانا
بكلِّ كميٍّ يروعُ الأسودَ / خِماصاً ويَرعى عليها بِطانا
على كلِّ نَهْدٍ أمامَ الرياح / وزاد عليها القَرا واللَّبانا
يجرُّ العِنانَ إلى كلِّ حَرْبٍ / مَرَتْهُ فدونكَ منْهُ عنانا
هي الضمَّرُ الغُلْبُ فاصْدِمْ بها / صفاً واثنِ أعطافَها خَيْزُرانا
فأُبْتَ وغادرتَ تلك الديارَ / عِجافاً تَهادَى خُطُوباً سمانا
إذا هيَ لم تُفْهِمِ السائلينَ / كان لها سيفُكَ التُرجمانا
ورثتَ الوزارةَ لا مُحصَراً / عيياً ولا مُستضاماً هِدَانا
وآزرتها بأبي عامرٍ / فمن شاءَ أنأَى ومن شاءَ دانى
حَمَيْتَ بها حَوْزَةَ المكرُمَاتِ / ليثاً هصوراً وَقرْماً هِجانا
وأشْهَدْتَنا منه يوماً تَعالى / فذلَّ الزمانُ له واستكانا
نَثَرَنا له زَهَراتِ النجومِ / إذا نثروا لؤلؤاً أو جُمَانا
ودارتْ علينا حُميّا السرور / بَعْدَ الكؤوسِ فهاتِ الدنانا
وحدِّثْ عن الدَّهْرِ طُولاً وعَرْضاً / وَعَنْ صرْفِهِ عِزَّةً وامتهانا
وقُل وأعِدْ عنه لا عن جِفانٍ / وزد حُبْسَةً فيه تزَدَدْ بياناً
فما كلُّ من قالَ يَنْمي الحديثَ / ولا كل مَنْ سالَ يُهْدَى البيانا
عجبت لجانبه ما أشدَّ / أأمرٌ عَنى أم أميرٌ أعانا
أما طَيَشتْ لُبَّهُ نَظْرةٌ / على خطّة كلّما اشتدَّ لانا
أرَتْهُ النجومَ تُسامي السَّراةَ / وابن ذُكاءٍ يُسامُ الختانا
فأَجرى النعيمَ دماً آنياً / ليومٍ من العيشةِ الرَّغْدِ آنا
بحيثُ أتَوْا بالرُّبَى والوهادِ / فحسب العُلا جفنةً أو خُوانا
وقاموا فحثّوا المنى أَكؤساً / فهاكَ ولو مزجوها ثُمَانى
وَحَيّوْا ولا مِسْكَ إلا الشبابُ / فإنْ شيتَ فالبَسْ له عُنْفُوانا
أيا ابنَ الجحاجحةِ الأشعرينَ / دعوةَ صدقٍ وَمَنْ مانَ مانا
ويا با الحسينِ ويا ابنَ الربيع / وناهيكَ أسبابَ مجدٍ مِتَانا
إليكَ وإنْ رَغِمَ الكاشحونَ / وُدّاً صحيحاً وَشِعْراً قُرانا
قَوَافيَ كالشُّهْبِ لكنَّ تلك / تُصَانُ فَهَبْ هذه أنْ تُصانا
تُشَمّمُكَ الوردَ والياسمينَ / وإن كانتِ الشّيحَ والأيْهُقانا