المجموع : 8
أحَقّاً طَربتَ إلَى الرّبْرَبِ
أحَقّاً طَربتَ إلَى الرّبْرَبِ / ومُذْ شَطَّت الدارُ لَمْ تَطْرَب
رُوَيْدَكَ أعْرض عنكَ الشبابُ / وحسْبُك بالعارِضِ الأشْيَب
فَكَيْفَ تَعِنُّ لِعينِ المَها / وتُشرِقُ لِلْمُشْرقِ الأشْنَب
وَإنّ الغَرامَ عَلَى كَبْرةٍ / لإحْدى الكَبائِرِ فَاسْتَعْتِب
أبَعْدَ نُضوبِ مِياه الصِّبا / وَتَصْويح يانِعِه المُخْصِب
تحِنُّ إلى مَلْعَبٍ للظّباء / بِكُثْبانِ رامَةَ أو غُرَّب
فهَلا إلى مَلْعبٍ لِلأسودِ / نَعمت بِمَنظرِهِ المُعْجب
يُقَامُ الجِهَادُ بِهَا والجِلادُ / لِكلِّ فَتىً مِدْرَهٍ مِحْرَب
وَيَضْرَى عَلى الفَتْكِ بِالضّارِيات / وإن غَالَبَ القِرْنَ لَمْ يُغْلَب
تَرَاهُ مُبيداً لأهلِ الصليب / بِفَلّ خمسهمُ الأصْلَب
ضَوار ضَوارِبُ أظفارِهَا / تُعِيرُ الظُّبَى رقّةَ المَضْرب
فَمِنْ أَسَدٍ شَرِسٍ مُحْنَقٍ / ومِنْ نَمِرٍ حَردٍ مُغْضَب
أثِيرَتْ حَفَائِظُهَا فانْبَرَت / تَسَابَقُ في شأوِها الأرْحَب
تُصِيم المَسَامِعَ مِنْ زَأْرها / عَوادِيَ كالضُّمَّر الشزُّب
وَتَنْبُو العُيون لإقْدَامِها / مُذربةَ النابِ والمِخْلَب
لُيُوثٌ إِذا ذمَرَتْ صَمّمَت / وإن لَغَبَ الذّمْرُ لم تُغْلَب
كَواشِرُ عَنْ مُرْهفاتٍ حَدادٍ / متى تصْدَعِ الشملَ لم يُشعَب
نُيوب نَبَتْن مِن النّائِبات / وأزْرَينَ بالصارِمِ المُقْضِب
تَنُوء ثِقالاً ولَكِنّها / أخَفُّ وُثوباً من الجُنْدُب
كأنّ لَها مَأرَباً في السّماء / فَتَسْمُو لِتَظْفَرَ بِالمَأرَب
ومُقْتحِمٍ غَمرات الرّدى / إذَا ما ادّعى الناسُ لم يكذِب
يُلاعِبُها حَيْثُ جَدّ الحِمامُ / فتفْزَعُ مِنْهُ إلى مَهْرَب
يَكُرُّ عَلَيْهَا وَلا جُنَّةٌ / سوى كُرَةٍ سهْلَة المَجْذب
يُدَحْرِجُها ماشِياً ثِنْيَها / عَلى حَذرٍ مِشْيَة الأنكب
عَجِبتُ لَها أحجَمَتْ رَهْبَةً / وأقْدَمَ بأساً وَلَم يرْهَب
وَقَتْهُ الأَواقي علَى أنّهُ / تَسَنّمَهَا صّعْبَة المَرْكَب
وَثاوٍ بِمَطْبَقَةٍ فَوْقَه / مَتَى تَطْفُ هامَتُهُ تَرْسُب
يُهَجْهِجُ بالليثِ كَيما يَهيج / ويأوِي إِلى الكَهفِ كالثّعلب
كذلكَ حتّى هوَتْ نَحوَهَا / عُقابُ المنيّة مِنْ مَرْقَب
وعَاجَتْ عَلَيْهَا قَواسِي القِسِيّ / فَعَبّتْ مِن الْحَيْن في مَشْرَب
وشَالَتْ هُنَاكَ بِأذْنَابِها / لِيَاذاً من العقرِ كالعَقْرب
فَيا لِقَساوِرَ قد صُيّرَتْ / قَنَافِذَ بالأَسْهُمِ الصُّيَّب
ويَا لمَآثِرَ لَوْ عُدِّدَتْ / لأَعيَتْ عَلى المُسهِب المُطنِب
غَرَائِبُ شَتّى بهرْن العقول / جُمِعْنَ لَدَى مَلِك المَغرِب
فَإنْ جَوّدَ الفكرُ لم يُغربِ / وإنْ قصّر الشعر لم يُذنب
إمَامُ هُدىً نُورُه ثَاقِبٌ / وَزهْرُ الكَواكبِ لمْ تثقُب
عَلى مَذْهبٍ للإمَامِ الرّضى / تَقَيله وَعلى مَشْعَب
يُهيبُ لِدَعْوَتِهِ بالأنَامِ / فَيُرْضي الإلَه ويُرْضي النّبي
ظَهيرُ الهِدايةِ أهدَى الظهور / إلَيْهَا نَصيباً وَلَمْ يَنْصب
وَحِيداً تَواضَعَ في عزّة / وَمَوْطِنُه هامَةُ الكَوْكَب
لَهُ شرَفُ البيتِ دونَ الملوك / وطيبُ الأرُومَة والمَنْسَب
نَمَاهُ أبو حَفْصٍ المُرْتَضى / إلى المَحْتِد الأطْهَر الأطْيَب
وأحْرَزَ سُؤْدَدَهُ عَنْ أبِي / مُحَمّدٍ السّيّد المُنْجب
وَفَى لِلْعُلَى بِحُقُوقِ العُلى / نُهوضاً على المَرْكبِ الأصْعَب
وَجَلّتْ مَنَاقِبُهُ الزُّهْرُ أنْ / تُقَوّضَ بالحُولِ القُلَّب
تَقَلّدَهَا إمْرَةً أحْرَزَتْ / بِمَنْصِبهِ شَرَفَ المنْصِب
وَقَام بِهَا دَعْوَةً مَزَّقَتْ / بِأنْوَارهَا حُجُبَ الْغيهَب
بَعيدُ المَدى بِالقَنا مُحْتَمٍ / قريبُ النّدى بالتقى مُحتَب
نَأى راقِياً وَدَنَا قارياً / فبُشرَاك بالأبعَد الأقرَب
ولَم أرَ شَمس الضُّحى قَبلَه / وَبَحراً وطَوْداً عَلى مَغْرِب
حُرِمْتُ الرّشادَ لأني سَفَاهاً
حُرِمْتُ الرّشادَ لأني سَفَاهاً / خَدَمْتُ المُلوك وهُم أعْبُدُ
وفي رَغَباتي لَهُمْ جِئْتُ إدّاً / فَهَلا رَغِبْتُ لِمَنْ أعْبُدُ
حُشَاشَةُ مَهجورِكُم لانْفِصال
حُشَاشَةُ مَهجورِكُم لانْفِصال / أما تَتَلافُونَها بِالْوصالِ
قَسَوْتُم عَلَيْهِ وَقَد آنَ أنْ / تُلِينوا قُلُوباً لحرّانَ صَالِ
وَلَمْ تُسعِفُوه وَمِنْ شَأنِكُم / قِلَى ما مَلَكْتُم لِحُبِّ السؤالِ
هُنَيداتِكُم نُهْبَةٌ لِلْعُفاةِ / وَهِنداتُكُم في حِمىً لِلنصالِ
حَمَيْتُم ظِبَاءَكُم بالظِّبَى / وَصُنْتُم عَواِليَكُم بالعَوالِ
عَجِبتُ وَلَستُم بَني وائِلٍ / لِحَرْبِكُمُ لَقِحَت عَنْ حِيالِ
كَأنْ لَمْ أكُن حِدْثَكم بِالقِبابِ / وَلَمْ أَكُ زَوْرَكُمْ في الحلالِ
أُغَازِلُ كُلَّ شُمُوعٍ جَموعٍ / لِوَجْهِ الغَزالَةِ جِيدَ الغَزالِ
وأنْسبُ مِنها بِشَمسٍ زَكَتْ / مَناسِبُ آبَائِها في هِلالِ
فَدَيْتُكُم لَمْ أؤَمِّلْ ظِبَاءً / ولكنَّه عَزَّ طِلْبُ المُحالِ
يُوَهِّن يَأْسِيَ مِنكُم رَجائي / وَتَرْحَمُ حالِيَ فيكُم مآلِي
أَعينُوا فَقَد جِئْتُ مُسْتَحمِلاً / يَضيق بحَملِ الصُّدودِ احتِمالِي
ولا تَعْذِلوا مُسْتَهاماً هَفا / فأدْنَى التَباريحِ أَقصَى الخبالِ
ضُحِيتُ لِبُؤْسِي بحَرِّ السَّموم / وأنتُم نَعِمْتُم بِبَرْدِ الظِّلالِ
على ظَاهِرِي مَشْعَرٌ بالذُّبولِ / وفِي باطِنِي مِسْعرٌ للذُّبَالِ
فَبلُّوا ظَمَئِي ولَوْ بالنَّسيمِ / وأبْقُوا ذَمَئِي ولوْ بالخَيالِ
وَإِنْ خِفْتُمُ الغَدْرَ مِن وامقٍ / فإِني وَفِيٌّ علَى كُلِّ حالِ
ومازِلْتُ أَطُلبُ وَفْقَ الجَمال / بِسَوْقِ القَواريرِ فوْقَ الجِمالِ
دَلالُكُمْ زَانَه حُسنكُمْ / فلا تَجْعَلُوا البُخْلَ شَيْنَ الدّلالِ
أَلَسْتُمْ سرَاةَ بَني عامِر / غُيوثَ النّدى ولُيُوثَ النِّزالِ
ودَأْبُ المُلوكِ إِذا أَدَّبَتْ / بِهِجْرانِها جُودُها بالنَّوالِ
فكَيفَ حَرَمْتُم ضُيوفَ الهَوَى / وَرِفْدُ الأَخِلاءِ أسنَى الخِلالِ
أَلَمْ تُعدكُم عادَةُ المُرْتَضَى / وتَخْتَصُّكُم بِعُمومِ الكَمالِ
فَهَذي رَغَائِبُهُ في اختِصار / تُكَاثِرُ صَوْبَ الحَيا في احتِفالِ
أدَقُّ أخيذَاتِهِ دَارُ مُلكٍ / وَأدنَى عَطِيّتهِ بَيْتُ مَالِ
فَقَوْلُ الأئِمّة قبْلَ الفِعالِ / وأفْعَالُهُ سابِقاتُ المَقالِ
أَسالَ النُّضَارَ مُهِيناً لَهُ / بِإعْزَازِهِ لِلنَّجيعِ المُسالِ
وآلَ عَلى فُرقَةٍ لَمَّها / بِسيرَة فَارُوقِهِ غَيْرَ آلِ
بَنَى العُمرانِ لهُ مَنْزِلاً / عَلَى الشُّهْبِ يلْحَظُها مِن تَعَالِ
ولَمْ يَعْدُه إِرْثُه مِنْ عَدِي / عَنِ المَجدِ يَكْسِبُهُ والمَعَالي
فَشَادَ فَخَاراً لِذاكَ الفَخَار / وَزادَ جَلالاً لِذاكَ الجَلالِ
إمَامٌ بِنَصْرِ الهُدَى قائِمٌ / يُظَاهِرُهُ قَاعِداً بِالضّلالِ
أَطَلَّ عَلَى طَلَلٍ مِنْهُ قَدْ / عَفَاهُ وأبْلاهُ وَبْلُ الوَبَالِ
وَغَيَّره لِلخُطُوبِ اشْتِمَالٌ / مكانَ الصَّبا ومكانَ الشَّمالِ
وَما يُبطِنُ الخَلْفُ غَيرَ اختِلاف / ولا تُظهِرُ الأرْضُ غيرَ اختِلالِ
فَشَيَّدَهُ بِالمَواضِي القِصارِ / وَأيَّدَهُ بِالعوالِ الطِّوالِ
تُوَاسِيهِ مِن قَوْمِهِ بالنفُوسِ / أُساة لِدَاء الشِّقاقِ العُضَالِ
تَواصَوْا بِصَبْرِهم في الجِلادِ / وأَوْدَوْا بِخِصْمِهِم في الجِدالِ
يَرُدُّونَ حتَّى خُطُوبَ الزَّمان / ويُردْونَ حتّى صُرُوفَ الليالِي
أُفِيضَتْ بِيَحْيَى عَلَيْهِ الحَياة / فَشَبَّ عَلى هَرَمٍ واكتِهالِ
خِلالٌ تَحَلَّى بِها عَصْرُهُ / فَحَنَّتْ إلَيْهِ العُصُورُ الْخَوَالِي
لهُ السّابِحَاتُ خُيولٌ وفُلْكٌ / تُدِيخُ البَسِيطَيْنِ ذَاتُ اخْتِيالِ
فَمِنْ مُنْشآتٍ عَدَتْ كَالطُيورِ / ومِن مُقْرَبَات رَدَت كالسَّعَالِي
عَلَيها مِن البُهَمِ المُعْلَمِين / حُماةُ الحَقائِقِ يَوْمَ القِتالِ
تَخوضُ الطَّوامِيَ خَوْضَ المَوَامِي / لِهَصْرِ المعَادِي ونَصْرِ المُوَالِي
فَتَضْرِبُ بالبيضِ ذاتَ اليَمينِ / وَتَطعن بالسُّمرِ ذاتَ الشِّمالِ
هُمُ القَوْمُ قَامُوا بأَمرِ الإمَامِ / وَما نَكَلُو عَن دِفَاعِ النَّكالِ
يَعُدُّهُمْ خُلْقُهُمْ في الأُسودِ / وَإِن عَدَّهُم خَلقُهُم في الرِّجالِ
جِبَالٌ رَوَاسٍ إذَا ما القِرَاع / قَضَى بانتِسافِ رَوَاسِي الجِبالِ
تُعَجِّلُ آجَالَ أعْدَائِهِم / فِسَاحُ خُطَاهُم بِضَنْكِ العِجالِ
إلَيك إِمامَ الهُدى سُقْتُها / لآلِئَ تُعزَى لِجَدْوَاك لآلي
مِنَ الشُّكرِ مُتصِلاً بِالخُلوصِ / مِنَ السِّحرِ مُتَّصِفاً بِالحَلالِ
وأَجْدَى الوَسائِل صَوْغُ الثَّناءِ / عَلَيْهِ اعتِمادِي وَفيهِ اعْتِمَالِي
وإِمْحَاض حُبّ أُلاقِي الإِلَهَ / وَقَلْبِيَ مِن بَرْحِه غيرُ سالِ
نَظَرْتُ إلَى البَدْرِ عندَ الخُسوفِ
نَظَرْتُ إلَى البَدْرِ عندَ الخُسوفِ / وقَدْ شِينَ مَنْظَرُهُ الأَزْيَنُ
كَمَا سَفَرَتْ صَفْحَةٌ لِلْحَبِيبِ / فَحَجَّبها بُرْقُعٌ أدْكَنُ
بِنَفْسِيَ مَنْ أَوْمَأَتْ مُقْلَتَاها
بِنَفْسِيَ مَنْ أَوْمَأَتْ مُقْلَتَاها / بِمَا لِي مِنَ الحُب فِي نَفْسِها
يُعينُ عَلى وَصْلِها أَنَّنِي / أعِنُّ لَها فِي حِلَى نَفْسِها
فَإِنْ مِلْتُ لَثْماً إِلَى كَفِّها / جَزَتْنِيَ حَمْلاً عَلَى رَأْسِها
وَقَالوا ألفْتَ الكَرَى نُطْفَةً
وَقَالوا ألفْتَ الكَرَى نُطْفَةً / وَبتَّ عَلَى ظَمَإٍ لِلكَرَى
فَقُلتُ الهَوَى ضَافَنِي طَاوِياً / إِليَّ المَراحِلَ يَشْكُو السُّرَى
فَبَوَّأتُه مُقلَتِي مَنزِلاً / وَقَدَّمتُ نَوْمِي إِلَيهِ قِرَى
ألا قُل لذي الجهل كم تطمَحُ
ألا قُل لذي الجهل كم تطمَحُ / وقلبُك للغيّ كم يجنحُ
جريت إلى الذنب جريَ الجم / وح وذو اللبّ في الذنب يجمَحُ
لقد خاب من حلمه خِفّةً / يشولُ ومن وزرهُ يرجحُ
نصحتُكَ والنصح دينٌ فلا / تذن بمعاصاة من ينصحُ
وقوّض خيامك عن منزلٍ / كأنّي به دارسا يمصحُ
وفوّض إلى اللّه مستمسِكاً / به واجتنب كلّ ما يفضحُ
ولا تبك عيناك إلّا دما / لعلّ الخطايا به تنضحُ
بعيشكَ أعرض عن المبطل / ين عساك إذا خسروا تربحُ
وكن واثقاً في اجتراح الذنو / بِ بأن مقدّرها يصفحُ
أليسَ الجواد الذي كلّما / لجأتَ إلى بابه يفتحُ
لعمر الجواء بمزخورهِ
لعمر الجواء بمزخورهِ / على المغتدي وعلى الطارق
لقد صدق اللّه في سعيه / وما الكاذبُ السعي كالصادق
يرى أنّ منجاته في الخلوص / فيعدل عن سننِ الماذقِ
ومن رحم الخلق لم تعدهُ / على حالةٍ رحمةُ الخالقِ
ألا اصمثت عن النطق بالترّ / هات ونهنه بها مقول الناطق
لإخفاق مسعاك عش واجماً / بقلب على فوتهِ خافق
وبت في الدجى شاكيا باكياً / على عملٍ ليس بالنافق