تَذَكَّرتُ صَفوَ زمانٍ عَبَرْ
تَذَكَّرتُ صَفوَ زمانٍ عَبَرْ / فأنكَرتُ تَبديلَهُ بالكَدَرْ
ولكنْ رَضِيتُ بحُكمِ القَضاءِ / وسلمتُ أمري لحُكمِ القَدَرْ
صَبَرتُ على الدَّهرِ مُستصغراً / لما فيهِ واللهُ مع مَنْ صَبَرْ
وماذا تَرَى فيهِ من واقعٍ / وماذا تَرَى فيهِ من مُنتظَرْ
نَهارٌ يَزولُ فيأتي الظَّلامُ / وشمسٌ تَغيبُ فيبدو القَمَرْ
وما بينَ ذلكَ زَيدٌ يقُيمُ / زَماناً وعمروٌ يُريدُ السَّفَرْ
وما بينَ هذا وذاكَ تَرَى العَيْ / نَ تَمضْي ويَمضي وَراها الأثَرْ
وليسَ على الأرضِ باقٍ سِوى / خَبايا التُّقَى في كُنُوزِ البَشَرْ
تَولَّى على النَّاسِ حُكمُ الغُرُورِ / فتاهوا ضَلالاً وغَضُّوا النَّظَرْ
يَهونُ عليهِمْ خِطابُ الخطيبِ / وقد هانَ خَطْبُ اعتِبارِ العِبَرْ
ومَن لا يبالي بوخَزِ الرِّماحِ / فكيفَ يُبالي بغَرْزِ الإبَرْ
نَرَى البعضَ يَهوى جَمالَ البُدو / رِ وَالبعضَ يَهوَى نَوالَ البِدَرْ
وَيندُرُ مَن كانَ يَهوَى العُلومَ / ولا حُكمَ يُبنى على ما نَدَرْ
تَولَّى سُلَيمانَ وَجدٌ بها / ومَدَّ إليها حديدَ البَصَرْ
وقد غاصَ في أبحر الشِّعرِ مُنذُ / صِباهُ يريدُ التِقاطَ الدُرَرْ
طَليقُ الأعِنَّةِ في لَفظِهِ / رقيقُ المعاني شَهيُّ السَّمَرْ
يُشَنِّفُ أسماعَنا بالفُنونِ / إذا جالَ في نَظمِهِ أو نَثَرَ
يُلبِّيهِ خاطِرُهُ مُسرِعاً / كتَلْبيةِ العُرْبِ أهلِ الوَبَرْ
ويَبغِي لألفاظِهِ رِقّةً / كما تَبتغِي شُعَراءُ الحَضَرْ
كساني رِداءَ الثَّناءِ الذي / غلا في التَّوَسُّعِ فوقَ القَدَر
فجَدَّدَ مِن صَبْوَتي ما مَضَى / وآنَسَ من خاطِري ما نَفَرْ
أثارَ بقلبي القرِيضَ الذي / يُثيرُ السَّحابَ ويَنسَى المَطَرْ
هُوَ العُودُ لا ثَمَرٌ عِندَهُ / ومَا ينفَعُ العُودُ دُونَ الثَمَرْ