المجموع : 7
تَغَنَّى الْحَمَامُ وَنَمَّ الشَّذَا
تَغَنَّى الْحَمَامُ وَنَمَّ الشَّذَا / وَلاحَ الصَّبَاحُ فَيَا حَبَّذَا
وَمَا زَالَ يَرْضَعُ طِفْلُ النَّبَاتِ / ثدِيَّ الْغَمَامَةِ حَتَّى اغْتَذَى
فَقُمْ نَغْتَنِمْ صَفْوَ أَيَّامِنَا / وَنَدْفَعُ بِالرَّاحِ عَنَّا الأَذَى
فَمَا بَعْدَ عَصْرِ الصِّبَا لَذَّةٌ / وَلا مِثْلُ صَفْوِ الْحُمَيَّا غِذَا
تَذُودُ عَنِ الْقَلْبِ أَحْزَانَهُ / وَتَنْفِي عَنِ الْعَيْنِ شَوْبَ الْقَذَى
وَتَجْلُو الظَّلامَ بِلأْلائِهَا / كَأَنَّ بِأَيْدِي السُّقَاةِ الْجُذَا
إِذَا ما احْتَسَاهَا كَرِيمٌ هَدَى / وَإِنْ عَبَّ فِيهَا لَئِيمٌ هَذَى
فَدَعْ مَا تَوَلَّى وَخُذْ مَا أَتَى / فَلَنْ يَصْلُحَ الْعَيْشُ إِلَّا كَذَا
صَبَرْتُ عَلَى رَيْبِ هَذَا الزَّمَانِ
صَبَرْتُ عَلَى رَيْبِ هَذَا الزَّمَانِ / وَلَوْلا الْمَعَاذِرُ لَمْ أَصْبِرِ
فَلا تَحْسَبَنَّي جَهِلْتُ الصَّوَابَ / وَلَكِنْ هَمَمْتُ فَلَمْ أَقْدِرِ
ثَنَتْ عَزْمَتِي ثَوْرَةُ الْمُفْسِدِينَ / وَغَلَّتْ يَدِي فَتْرَةُ الْعَسْكَرِ
وَكُنَّا جَمِيعاً فَلَمَّا وَقَعْتُ / صَبَرْتُ وَغَادَرَنِي مَعْشَرِي
وَلَوْ أَنَّنِي رُمْتُ إِعْنَاتَهُمْ / لَقُلْتُ مَقَالَةَ مُسْتَبْصِرِ
وَلَكِنَّنِي حِينَ جَدَّ الْخِصَامُ / رَجَعْتُ إِلَى كَرَمِ الْعُنْصُرِ
إِذَا سُدْتَ فِي مَعْشَرٍ فَاتَّبِعْ
إِذَا سُدْتَ فِي مَعْشَرٍ فَاتَّبِعْ / سَبِيلَ الرَّشَادِ وَكُنْ مُخْلِصَا
وَوَالِ الْكَريمَ وَدَارِ السَّفيهَ / وَصِلْ مَنْ أَطَاعَ وَخُذْ مَنْ عَصَى
وَنَقِّبْ لِتَعْلَمَ غَيْبَ الأُمُورِ / فَإِنَّ مِنَ الْحَزْمِ أَنْ تَفْحَصَا
وَلا تُبْقِيَنَّ عَلَى فَاجِر / فَإِنَّ اللِّئَامَ عَبِيدُ الْعَصَا
وَإِنْ خَفِيَ الْحَقُّ فَاصْبِرْ لَهُ / وَبَادِرْ إِلَيْهِ إِذَا حَصْحَصَا
وَأَخْلِصَ لِرَبِّكَ فِي كُلِّ ما / نَوَيْتَ تَجِدْ عِنْدَهُ مَخْلَصَا
فَمَا الدَّهْرُ إِلَّا خَيَالٌ سَرَى / وَظِلٌّ إِذَا مَا سَجَا قَلَّصَا
كَتَمْتُ الْهَوَى خَوْفَ إِفْشَائِهِ
كَتَمْتُ الْهَوَى خَوْفَ إِفْشَائِهِ / فَأَلْهَبَ نَارَ الْغَضَى فِي ضُلُوعِي
فَلَمَّا خَشِيتُ عَلَى مُهْجَتِي / أَذَعْتُ الْهَوَى بِلِسَانِ الدُّمُوعِ
أَلَيْسَ مِنَ الْعَدْلِ أَنْ تَسْمَعَا
أَلَيْسَ مِنَ الْعَدْلِ أَنْ تَسْمَعَا / فَأَشْكُو إِلَيْكَ نَمُوماً سَعَى
أَطَاعَ لَهُ الْمَاء حَتَّى اسْتَقَى / وَأَمْكَنَهُ الرِّعْيُ حَتَّى رَعَى
أَتَاكَ فَأَغْشَيْتَهُ مَنْزِلاً / رَحِيباً وَأَرْعَيْتَهُ مِسْمَعَاً
فَأَبْدَعَ مَا شَاءَ فِي فِرْيَةٍ / تَأَنَّقَ فِي صُنْعِها وَادَّعَى
صَنَاعُ اللِّسَانِ خَلُوبُ الْبَيَا / نِ يَخْلُقُ مِنْ ضِحْكِهِ أَدْمُعَا
حَرِيصٌ عَلَى الشَّرِّ لا يَنْثَنِي / عَنِ القَصْدِ مَا لَمْ يَجِدْ مَنْزَعا
يَسِيرُ مَعَ الرِّفْقِ حَتَّى إِذَا / تَمَكَّنَ مِنْ فُرْصَةٍ أَوْضَعَا
وَمَا كَانَ لَوْلا خِلاجُ الظُّنُونِ / لِيَرْغَبَ فِي الْقَوْلِ أَوْ يَطْمَعَا
وَلا وَحِفَاظِكَ وَهْوَ الْيَمِي / نُ مَا حُلْتُ عَنْ عَهْدِكُمْ إِصْبَعَا
وَلَكِنَّهَا نَزَغَاتُ الْوُشَاةِ / أَصَابَتْ هَوىً فَلَوَتْ أَخْدَعَا
وَلَيْسَ مَلامِي عَلَى مَنْ وَشَى / وَلَكِنْ مَلامِي عَلَى مَنْ وَعَى
أَيَجْمُلُ بِالْعَهْدِ أَنْ يُسْتَبَاحَ / لِوَاشٍ وَلِلْوُدِّ أَنْ يُقْطَعَا
فَشَتَّانَ مَا بَيْنَنَا فِي الْوِدَا / دِ خِلٌّ أَضَاعَ وَخِلٌّ رَعَى
وَمَنْ أَشْرَكَ النَّاسَ فِي أَمْرِهِ / دَعَتْهُ الضَّرُورَةُ أَنْ يُخْدَعَا
فَخُذْهَا إِلَيْكَ عِتَابِيَّةً / تَرُدُّ عَصِيَّ الْمُنَى طَيِّعَا
وَلَوْلا مَكَانُكَ مِنْ مُهْجَتِي / لَمَا قُلْتُ لاِبْنِ عِثَارٍ لَعَا
لَوَى جِيدَهُ وَانْصَرَفْ
لَوَى جِيدَهُ وَانْصَرَفْ / فَمَا ضَرَّهُ لَوْ عَطَفْ
غَزَالٌ لَهُ نَظْرَةٌ / أَعَانَتْ عَليَّ الْكَلَفْ
تَبَسَّمَ عَنْ لُؤْلُؤٍ / لَهُ مِنْ عَقِيقٍ صَدَفْ
وَتَاهَ فَلَمْ يَلْتَفِتْ / وَشَأْنُ الْجَمَالِ الصَّلَفْ
جَرَى الْبَنْدُ فِي خَصْرِهِ / عَلَى حَرَكَاتِ الْهَيَفْ
وَمَا ذَاكَ خَالٌ بَدَا / وَلَكِنْ وِسَامُ التَّرَفْ
رَآنِي بِهِ مُولَعاً / فَعَاتَبَنِي وانْحَرَفْ
وَلَمْ يَدْرِ أَنِّي بِهِ / عَلَى جَمَراتِ التَّلَفْ
فَقُلْتُ لَهُ سَيِّدِي / تَرَفَّقْ بِصَبٍّ دَنِفْ
فَقَال أَخَافُ الْعِدَا / فَقُلْتُ لَهُ لا تَخَفْ
فَإِنِّني عَفِيفُ الْهَوَى / وَمَا كُلُّ صَبٍّ يَعِفْ
وَأَنْشَدْتُهُ قِطْعَةً / وَشِعْرِيَ إِحْدَى الطُّرَفْ
فَأَصْغَى لَهَا بَاسِماً / وَبَانَ عَلَيْهِ الأَسَفْ
وَنَمَّتْ بِهِ خَجْلَةٌ / تَدُلُّ عَلَى مَا اقْتَرَفْ
وَقَال أَهَذَا الضَّنَى / جَنَاهُ عَلَيْكَ الشَّغَفْ
فَقُلْتُ نَعَمْ سَيِّدِي / وَأَبْرَحُ مِمَّا أَصِفْ
فَصَدَّقَ لَكِنّهُ / تَجَاهَلَ لَمَّا عَرَفْ
وَقَالَ أَطَعْتَ الْمُنَى / وَبَعْضُ الأَمَانِي سَرَفْ
وَمَا كُلُّ ذِي حَاجَةٍ / يَفُوزُ بِهَا إِنْ عَكَفْ
فَأَشْفَقْتُ مِنْ قَوْلِهِ / وَلَكِنَّ رَبِّي لَطَفْ
فَلَمَّا رَأَى أَدْمُعِي / تَوَالَتْ وَقَلْبِي رَجَفْ
تَبَسَّمَ لِي ضَاحِكَاً / وَمَانَعَ ثُمَّ انْعَطَفْ
فَأَغْرَمْتُهُ قُبْلَةً / عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفْ
أَلا مَنْ مُعِينِي عَلَى صَاحِبٍ
أَلا مَنْ مُعِينِي عَلَى صَاحِبٍ / جَرَعْتُ بِصُحْبَتِهِ الْعَلْقَمَا
يَسُوءُ الْخَلِيلَ وَيُؤْذِي الْجَلِي / سَ وَيَأْنَفُ إِنْ زَلَّ أَنْ يَنْدَمَا
يَلُومُ عَلَى غَيْرِ ذَنْبٍ جَرَى / وَيَغْضَبُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَفْهَمَا
فَإِنْ قُلْتُ مَهْلاً لَوَى شِدْقَهُ / وَإِنْ لَمْ أُجِبْ قَوْلَهُ بَرْطَمَا
لَهُ جَهَلاتٌ تُمِيتُ الرِّضَا / وَحُمْقٌ يَكَادُ يُسِيلُ الدِّمَا
يُكَابِرُ فِي الْحَقِّ إِنْ مَضَّهُ / وَلا يَدَعُ الظنَّ أَوْ يَأْثَمَا
فَلا أَنَا مِنْهُ أَرَى رَاحَةً / وَلا أَنَا عَنْهُ أَرَى مَنْسِمَا
تَبَدَّلَ أُنْسِي بِهِ وَحْشَةً / وَعَادَ نَهَارِي بِهِ مُظْلِمَا
فَلا رَحِمَ اللَّهُ يَوْماً جَرَى / عَلَيَّ بِهِ طَائِرَاً أَشْأَمَا