القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مصطفى صادق الرافعي الكل
المجموع : 37
تمايلَ دهرُكَ حتى اضطربْ
تمايلَ دهرُكَ حتى اضطربْ / وقد ينثني العطفُ لا من طربْ
ومرَّ زمانٌ وجاءَ زمان / وبينَ الزمانينِ كلُّ العجبْ
فقومٌ تدلوا لتحتِ الثرى / وقومٌ تعالوا لفوق الشُّهبْ
لقد وعظتنا خطوبُ الزمان / وبعضُ الخطوبِ كبعضِ الخطبْ
ولو عرف الناسُ لم تهدهمْ / سبيلَ المنافعِ إلا النوبْ
فيا ربَّ داء قد يكونُ دواءً / إذا عجز الطبُّ والمستطب
ومن نكد الدهر أن الذي / أزاح الكروب غدا في كُرَبْ
وإن امرءاً كان في السالبين / فأصبحَ بينهُمُ يستَلبْ
ألست ترى العربَ الماجدين / وكيفَ تهدمَ مجد العربْ
فأينَ الذي رفعتهُ الرماح / وأين الذي شيدتهُ القضبْ
وأين شواهق عزٍ لنا / تكادُ تمسُّ ذراها السحبْ
لقد أشرقَ العلم لما شرقنا / وما زال يضؤل حتى غَرَبْ
وكنا صعِدنا مراقي المعالي / فأصبحَ صاعدنا في صببْ
وكم كان منا ذَوو همةٍ / سمتْ بهم لمعالي الرُّتبْ
وكم من هزبرٍ تهزُ البرايا / بوادرهُ إن ونى أو وثبْ
وأقسمُ لولا اغترارُ العقول / لما كفَّ أربابها عن أربْ
ولولا الذي دبَّ ما بينهم / لما استصعبوا في العلا ما صعب
ومن يطعم النفس ما تشتهي / كمن يطعمُ النار جزلَ الحطبْ
الا رحمَ اللهُ دهراً مضى / وما كاد يبسمُ حتى انتحبْ
وحيى لياليَ كنا بها / رعاةً على من نأى واقترَب
فملكاً نقيل إذا ما كبا / وعرشاً تقيمُ إذا ما انقلب
سلوا ذلكَ الشرق ماذا دهاه / فأرسلهُ في طريق العطبْ
لو أن بنيه أجلوا بنيه / لأصبحَ خائبهم لم يخبْ
فقد كانَ منهمْ مقرُّ العلوم / كما كان فيهم مقرُّ الأدب
وهل تنبتُ الزهرُ أغصانهُ / إذا ماءُ كلِّ غديرٍ نضَب
وكم مرشدٍ بات ما بينهم / يُسامُ الهوانَ وسوء النصب
كأن لم يكن صدرهُ منبعاً / لما كانَ من صدرهِ ينسكبْ
ومن يستبقْ للعلا غايةً / فأولى به من سواه التعبْ
وليس بضائرِ ذي مطلبٍ / إذا كفهُ الناسُ عما طلبْ
فكم من مصابيحَ كانت تضيء / بين الرياحِ إذا لم تهبْ
وما عِيْبَ من صدفٍ لؤلؤٌ / ولا عابَ قدْرَ الترابِ الذهبْ
بني الشرقِ أينَ الذي بيننا / وبينَ رجالِ العلا من نسبْ
لقد غابتِ الشمسُ عن أرضكم / إلى حيثُ لو شئتُم لم تغبْ
إلى الغرب حيث أولاءِ الرجال / وتيكَ العلومِ وتلك الكتبْ
وإن كان مما أردتم فما / تنال العلا من وراءِ الحجبْ
فدوروا مع الناسِ كيف استداروا / فإن لحكم الزمان الغلبْ
ومن عاند الدهر فيما يحب / رأى من أذى الدهرِ ما لا يُحبْ
إذا صحتَ في شرقنا صيحةً
إذا صحتَ في شرقنا صيحةً / وقلت أرى الغربَ منا اقتربْ
فما أنت مسمعُ من في القبور / ولا أنتَ مفزعُ من في السحب
إذا ما استشارك ذو كربةٍ
إذا ما استشارك ذو كربةٍ / فضيق عليه طريق الأمل
فإنَّ النُّفوسَ يؤملنَ حتَّى / ليدَخُلنَ سُمَّ الخياطِ الجَملْ
أما حدثوكَ بأخبارها
أما حدثوكَ بأخبارها / وقد نزلَ البينُ في دارِها
ليالي امرؤِ القبسِ بينَ الخيامِ / يباهي السماء بأقمارِها
فما لكَ تذكرُ تلكَ الديارْ / ومالكَ تبكي لتذكارِها
وبينَ الضلوعِ قلوبٌ عفت / وضنَّ الغرامُ بآثارِها
قلوبٌ فزعنا بها للدموعِ / فما أطفأ الدمع من نارِها
تهزُّ لها الغانياتُ القدودَ / إذا ما تناجت بأسرارها
ألا فرعى الله تلكَ القصور / وحلى السماءَ بأنوارها
يبيتُ يحنُّ لها جارها / وإن لم تحنَّ إلى جارها
قصورٌ تدلُّ بأيامها / دلال الرياضِ بآذارها
إذا طلع الصبحُ حيتْ ذكاءُ / شموساً توارتْ بأستارها
تكادُ لرقةِ سكانها / تردُّ السلام لزوَّارِها
همُ علموها اجتذابَ القلوبِ / وشقَّ مرائرِ نظَّارها
وقد سامحتها خطوبُ الزمانِ / وضنتْ عليها بأكدارها
ودارتْ بمعصمها كالسوار / رياضُ تسامتْ بأسوارها
تحاكي المجرةُ أنهارها / وتحكي النجومُ بأزهارها
كساها الشتاءُ ثيابَ الربيعِ / وزرت عليها بأزرارها
إذا اعتلَ فيها نسيمُ الصباح / ناحتْ بألسنِ أطيارها
وإن طلبَ الظلُّ فيها الهجيرَ / تأبتْ عليهِ بأشجارها
وإن حلَّ الندامى فيها رأوا / لياليها مثل أسحارها
ودبَّ النسيمُ لعيدانهم / فباتت تنوحُ بأوتارها
وأنستهمُ معبداً والغريضَ / وشدو القيانِ بأشعارها
وأهل البضيعِ وذكرى حبيبٍ / وشد المطيِّ بأكوارها
سقتها السماءُ بما تشتهي / وجادتْ عليها بأمطارها
تجنى الخبيبُ فقالوا غضبْ
تجنى الخبيبُ فقالوا غضبْ / وتاهَ دلالاً فقالوا اجتنبْ
الا دعهمُ ذاكَ بدرُ السما / إذا ما أضاءَ السماءَ احتجبْ
وهذي عروسُ الصبا أقبلتْ / تزفُّ إلينا عجوزُ الحقبْ
فقم فاجلها إن بنتَ الضحى / تخافُ أشعةَ بنتَ العنبْ
ولا تأمنِ الماءَ يخلو بها / فيولدها من بناتِ الحببْ
وكم غشني حينَ عاملتهُ / فمزْ بينَ فضتهِ والذهبْ
وإما دعاني داعي الصبا / ومالت بعطفيَ أمُّ الطربْ
فقلْ لخطيبِ الرياضِ ارتجلْ / فإنَّ خطيبَ الهوى قد خطبْ
وللصبحِ يبدي تباشيرَهُ / ويروي الهنا عن إمامِ الأدبْ
زهَتهُ الملاحةُ حتى سفرْ
زهَتهُ الملاحةُ حتى سفرْ / وخلى الدلالَ لذاتِ الخفرْ
وباتَ يسامرُ أهلَ الهوى / وقدْ طابَ للعاشقينَ السمرْ
يحدثنا عن بني عُذْرة / ويروي لنا عن جميلٍ خبرْ
وليلى وعن حبِّ مجنونِها / وعمن وفى للهوى أو غدرْ
ويذكرنا فعلاتِ الردى / بأهلِ البوادي وأهلِ الحضرْ
كحظِّ السعيدِ إذا ما ارتقى / وحظِّ الشقيِّ إذا ما انحدرْ
أرى كل شيءٍ له آيةٌ / وآيةُ هذي الليالي العبرْ
فيا قمرَ الأفقِ ماذا الزمان / جيلٌ تخلَّى وجيلٌ غبرْ
ويومٌ يمرُّ ويومٌ يكر / فآناً نساءُ وآناً نُسرْ
بربكَ هل بالدجى لوعةٌ / فإن غابَ عنهُ سناكَ اعتكرْ
كغانيةٍ فارقتْ صبَّها / فأرختْ غليها حدادَ الشعرْ
إذا ما سهرنا لما نابنا / فما للنجومِ وما للسهرْ
أترثي لمن باتَ تحتَ الدجى / يُقَلِّبُ جنبيهِ حرُّ الضجرْ
على لوعةٍ يصطلي نارَها / وحرُّ الهوى في حشاهُ استعرْ
وقد بسطَ البدرُ فوقَ الثرى / بساطاً فنامَ عليهِ الزهرْ
إلى أن طوتهُ يمينُ الصَّبا / وقد بللتهُ عيونُ السحَرْ
وباحَ الصباحُ بأسرارهِ / فحجبتِ الشمسُ وجهَ القمرْ
أناديكَ يا قلبُ مذ ودعوا
أناديكَ يا قلبُ مذ ودعوا / فما لي أنادي ولا تسمعُ
أما أنتَ أخضعتني للهوى / وما كنتُ لولا الهوى أخضعُ
أما قد أطعتكَ في حبهِ / وكنتُ لهُ العبدُ بل أطوعُ
ألم ائتمنكَ على أضلعي / وكانتْ مغانيكَ الأضلعُ
أما أنتَ بيتُ حياتي وهلْ / لنفسي من بعدها مطمعُ
وكنتُ أظنكَ لي راجعاً / فما لكَ يا قلبُ لا ترجعُ
أما والذي في يدهِ القلوبُ / فأنى ذكرتُ اسمهُ تدمعُ
ويسرعُ في خاطري ذكرهُ / ودمعيَ من ذكرهِ أسرعُ
وقد غادرتْني النوى بعدهُ / إذا وصفوا لي النوى أجزعُ
نحيل كأنيَ من خصرهِ / ولكنني دونهُ الموجعُ
وقد حسبوني طيفَ الخيالِ / لولا الوسادةُ والمضجعُ
فيا ظبيُ كيفَ أسلتَ الحشا / وكنتَ بوادي الحشااترتعُ
ويا بدرُ كيفَ صعدتَ الفؤاد / وكنتَ بآفاقهِ تطلعُ
أقامَ بموضعِ قلبي الأسى / فلو عادَ لم يسعِ الموضعُ
ألا أيها القلبُ لا تيأسِ
ألا أيها القلبُ لا تيأسِ / وأيتها النفسُ لا تيأسي
أَئِنْ نفرُّوا الظبيَ لم تأنسا / لوحشةِ ليلي فلم آنسِ
وضاقتْ بي الأرضُ حتى كأني / من الضيقِ أمسيتُ في محبسٍ
دعاهُ يُحَجَّبْه داجي الهموم / فما تطلعِ الشمسُ في الحِندِسِ
وإلا تُعينا على سلوةٍ / فصبراً على الأعينِ النُعسِ
عهدتكما طائري بانةٍ / وعودكما خَضِرٌ مكتسي
فأيبسهُ حرُّ هذا الهوى / وماء الصبا فيهِ لم ييبسِ
وسامكما الشوقُ هذا الهوان / وساءكما في الهوى ما يُسي
وإني ليحزنني بعدَ ذاكَ / أن يذهبَ الحبُّ بالأنفسِ
فيا أنسَ اللهُ أهل الهوى / ومن يخلقونَ بلا مؤنسِ
ترى الصبَّ تحسبهُ ميتاً / ضجيعاً على القبرِ لم يُرمسِ
وحسبُ بني الشوقِ أن يعرفوا / بذلَ رؤسهمُ النُّكسِ
لقد ضلَّ بينَ الهوى والعيونِ / رأيُ الفتى الحازم الأكيسِ
كما ضيعَ العقلُ أهلَ العقولِ / بينَ المدامةِ والأكؤسِ
فيا كوكبَ الصبحِ إما بزغتْ / تألق تاجاً على الأرؤسِ
ويا طلعةَ البدرِ إما سفرتِ / كما تسفرُ الخودُ في المجلسِ
ويا غادةَ الروضِ إما جررتِ / ذيولَ الحرائرِ والسندسِ
ويا أُذُنَ الريحِ إما وعيتِ / سلامَ ذوي الكلفِ البؤَّسِ
ويا شفةَ الوردِ إما لثمتِ / عيوناً تفتحُ في النرجسِ
ويا لمةَ الآسِ فينانة / كُلَمَّةِ ذي الصَّيِّدِ الاشوسِ
ويا قضبَ البانِ مياسةٌ / ترنحُ كالأهيفِ المحتسي
خذي للمحجبِ عني السلامَ / وقولي نسيتَ فتىً ما نسي
إذا ما بكيتُ فنحْ يا حمامْ
إذا ما بكيتُ فنحْ يا حمامْ / وطارحْ أخاكَ شجونَ الغرامْ
ويا نفحاتُ الصباحِ احملي / بجيبِ الصبا نفحاتِ السلامْ
ومرِّي بتلكَ الديارِ التي / بكيتُ عليها بكاءَ الغمامْ
فكم زمنٍ هامَ فيها الفؤادُ / بينَ الفتاةِ وبينَ الغلامْ
بكيتَ لصحبي فابكيتهمْ / وكم مستهامٍ بكى مستهامْ
وذو الشوقِ يرثي لأخوانهِ / كذي السقمِ يرحمُ أهلَ السقامْ
الا فرعى اللهُ ذاكَ الأنيسَ / وإن كانَ روَّعنا بالخصامْ
هو البدرُ لكنهُ ظالمٌ / وذلكَ يكشفُ عنا الظلامْ
وقالَ صحابي خذ في المنى / فقلتُ أراهُ ولو في المنامْ
ومن لي بذاكَ الرضابِ الذي / أرى كلَّ خمرٍ سواهُ حرامْ
لقد هجرَ الحبُّ جلَّ القلوب / ولكنهُ في ضلوعي أقامْ
خلقَ اللهُ الجمالَ حكمةً
خلقَ اللهُ الجمالَ حكمةً / تذكرُ الناسَ نعيمَ الآخرةْ
كلُّ عينٍ سهرتْ فيهِ ولمْ / تكُ من قبلِ الهوى بالساهرةْ
ليسَ ما يروى عن السحرِ سوى / ما تراهُ في العيونِ الساحرةْ
صبا للقصورِ وغزلانها
صبا للقصورِ وغزلانها / وتلكَ الليالي وأشجانِها
لياليَ تجري جيادُِ الهوى / الى الغانياتِ بفرسانها
وتبعثها خطراتُ القلوب / لمرعى صبِاها برعيانها
فهل عَلمتْ حادثاتُ الزمان / اساءتها بعدَ إحسانها
رأينا لياليَ أفراحِها / تجرُّ لياليَ أحزانها
وكم حاربتني عيونُ المهى / وحاربت أعداءَ سلطانها
فردتْ سيوفي وتلكَ اللحاظِ / لا غمادِِها ولأجفانها
أبعدَ الوصالِ وبعدَ الودادِ / تروعُ الغواني بهجرانها
وتطرحُ شأنكَ عن همَّها / وتصدفُ عنكَ الى شأنِها
فلا تستنمْ لنؤمِ الضحى / ولا ترجُ برةَ أيمانِها
ولا تغتررْ بالتي خلتَها / تسر الغرامَ بإعلانها
تعلَّمَتِ الودَّ بعدَ النفورِ / من خاطبي ودِ يابانها
فدع غصن البان في أرضه / إذا ظللْتهم بأغصانِها
وجنبْ فؤادَك نارَ الهوى / إذا ما حمتهمْ بنيرانها
فما العزُّ في حُجُرات الكعابِ / ولا في الرياضِ وريحانِها
ولا في الشعورِ كموجِ السحابِ / إذا ما تراختْ على بانِها
ولا في الحواجبِ مثلَ الهلالِ / ولا في العيونِ وأجفانِها
ولا هو في طلعةِ النيِّرينِ / ولا في النجومِ وكيوانِها
ولا في جمالِ زهورِ الرياضِ / إذا اختلْنَ في ثوبِ نيسانها
ورتلَ مما شجاهُ الحمامُ / أفانينَ شجوٍ بأفنانها
وما السيفُ من غيرِ أبطالِهِ / وما العينُ من غيرِانسانِها
وهل ترتقي صادحاتُ الطيورِ / من الجوِّ مرقاة عقبانها
علاكَ أحق بهذي اليالي / من الغانياتِ بريعانها
إذا غبتَ عن أعيني لم أجدْ
إذا غبتَ عن أعيني لم أجدْ / سواكَ تقرُّ بهِ أعيني
إلى البيضِ سورةُ هذا الجماحِ
إلى البيضِ سورةُ هذا الجماحِ / وللسمرِ خِفقَةُ هذا الجناحِ
لحاني العواذل في حبهنَّ / وهيهاتَ من حبهنَّ اللواحي
فما البيضُ إلا طرارُ السيوفِ / ولا السمرُ إلا عوالي الرماحِ
يرجُّ بها الأرضَ هذا الفتى / ويدمي عليها عيونَ البطاحِ
يجوبُ المعامعَ جوبَ الحِمامِ / ويطوي المهامهَ طيَّ الرياحِ
على أشقرٍ كوميضِ البروقِ / تحفزهُ غلواء المراحِ
جريءٌ على اليلِ مستجمعٌ / يهبُ هبوبَ نسيمِ الصباحِ
تكادُ لنشوةِ أعطافهِ / إذا مرَّ تحسبهُ غيرَ صاحِ
تبلجَ صبحُ الهنا مشرقاً
تبلجَ صبحُ الهنا مشرقاً / ونورتِ الشمس افقَ السرايةْ
وقد زينَ السعدُ أبراجَها / على كلِ برجٍ ترفرفُ رايةْ
وقامتْ بناتُ العلى خادمات / فهذي تخيطُ وهاتيكَ دايةْ
وقالوا أبوها مثالُ الكمال / فقلنا الكمالُ مثالُ الهدايةْ
وما هي إلا عنايةُ ربك / فابق سعيداً بهذي العنايةْ
لكلِّ امرئٍ أجلٌ منتظرُ
لكلِّ امرئٍ أجلٌ منتظرُ / ويبقى من الذاهبينَ الأثرْ
يردِّدُهُ الناسُ جيلاً فجيلاً / ويروونهُ زمراً عن زمرْ
ترى فيهِ نفسُ الفتى مثلما / ترى في المرآةِ وجوهَ البشرْ
فذلكَ مرآتهُ للنفوسِ / وهاتيكَ مرآتها للصدرْ
وما الناسُ إلا حديثٌ يدومُ / فالخيرُ خيرٌ والشرُّ شرْ
أقلُّ الأعادي أذ
أقلُّ الأعادي أذ / لكَ الصاحبُ الأعوجُ
وللمرءِ بينَ الأنا / مِ متسعٌ يفرجُ
ومن يغنَ عن غيرهِ / فما غيرُهُ الأحوجُ
وأعدى أعادي الورى / نفوسٌ بها أُحرِجوا
وذا عالمٌ مظلمٌ / يحارُ بهِ المدلجُ
فيا من سعى للدنا / وأكفانهُ تنسجُ
طبختَ ولكنما / طعامكَ لا ينضجُ
حياتكُ كالطيبِ لا / يدومُ متى يأرجُ
وكم نفَسٍ في الهوا / بنفسِ الفتى يخرجُ
تعلمْ من الختلِ ما تنقي
تعلمْ من الختلِ ما تنقي / به كيدَ كلِّ فتىً خاتلِ
وخذ لمشيبكَ مكرَ الشبابِ / ومن حادثِ العامِ للقابلِ
وإن كانَ جُلُّ الورى في جنونٍ / فما أنتَ وحدكَ بالعاقلِ
فكنْ عالماً عاملاً بينهم / فهم خدمُ العالمِ العاملِ
لقد أنحلَ الهمُّ جسمي فهل
لقد أنحلَ الهمُّ جسمي فهل / لذا الجسمِ من همهِ مخرجُ
ولم تكُ تسقمني الحادثاتُ / ولا كنتُ قبلُ بها أزعجُ
إذا طبخَ الدهرُ جسمَ امرئٍ / بنارٍ سوى الهمِّ لا ينضجُ
رأيتُ نساءَ الزمانِ كثاراً
رأيتُ نساءَ الزمانِ كثاراً / وحسبكَ واحدةٌ في الزمانْ
فإن رمتها فالتمسْ وصفها / فقدء ميزتْ بصفاتٍ ثمانْ
بوجهِ الجمالِ ورأسِ الذكاءِ / وعينِ العفافِ وصدقِ اللسانْ
وقلبِ الحبِّ وصدرِ الصبورِ / ونفسِ الكمالِ ودمِّ الحنانْ
وتلكَ هي السعدُ من نالها / فقد صارَ من بيتهِ في الجنانْ
ومن لم يكنْ حسنُها هكذا / فسخريةٌ عدُّها في الحسانْ
يداكِ أبرُّ بهذا السوار
يداكِ أبرُّ بهذا السوار / فإن صارَ في يدِ أخرى انفصمْ
وصدركِ أولى بمن هو منهُ / فؤاداً ونفساً ولحماً ودمْ
ومن فيكِ تُبعثُ فيهِ الحياة / ويسقمهُ غيرهُ كلُّ فمْ
وما الطفلُ لا زيادةُ بطن / لجدٍّ وأبٍّ وخال وعمْ
فإن تعطِ طفلكِ للخادمين / فما زدتِ إلا عديدَ الخدمْ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025