القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : سِبْط ابن التَّعاويذي الكل
المجموع : 32
عَسى قاعِدُ الحَظِّ يَوماً يَثِب
عَسى قاعِدُ الحَظِّ يَوماً يَثِب / فَيَسفِرَ عَن وَجهِهِ المُنتَقِب
وَيَفرِجَ لي عَن طَريقِ العُلى / زِحامَ الخُطوبِ وَحَشدَ النُوَب
فَأَدرِكَ أَبعَدَ ما يَرتَمي / إِلَيهِ مَرامٌ وَيَسمو طَلَب
وَيُنصِفَ جائِرُ دَهرٍ يُبا / عُ في سوقِهِ الدُرُّ بِالمَخشَلَب
زَمانِ نِفاقٍ يُهابُ الثَراءُ / في أَهلِهِ وَيُهانُ الحَسَب
فَكَم لِيَ مِن تَرَةٍ عِندَهُ / وَمِن طَيِّ أَيّامِهِ مِن أُرَب
وَقَد غَرَّ أَبنائَهُ أَنَّني / ضَحِكتُ وَما ضَحِكي مِن عَجَب
فَظَنّوا خُشوعي لَهُم ذِلَّةً / وَتَحتَ سُكوتِيَ صِلٌّ يَثِب
وَإِنَّ وَراءَ اِبتِسامي لَهُم / فُؤاداً بِأَشجانِهِ يَنتَحِب
وَقَد يُرعَدُ السَيفُ لا خيفَةً / وَقَد يَنثَني الرُمحُ لا عَن طَرَب
فَلِلَّهِ دَرُّ أَخي عَزمَةٍ / رَأى الضَيمَ في مَوطِنٍ فَاِغتَرَب
فَما لي رَضيتُ بِدارِ الهَوانِ / كَأَن لَيسَ في الأَرضِ لي مُضطَرَب
وَقَد حَدَّثَني مَعالي الأُمورِ / بِأَنّي سَأُدرِكُها عَن كَثَب
وَأَنّي أَنالُ إِذا كُنتُ جارَ / عَبدِ الرَحيمِ أَعالي الرُتَب
فَكَيفَ وَأَحبَبتُهُ أَصحَبُ ال / مَذَلَّةِ وَالمَرءُ مَعَ مَن أَحَب
هُوَ المَرءُ تَهزَءُ أَقلامُهُ / بِسُمرِ العَوالي وَبيضِ القُضُب
كَتائِبُهُ في الوَغى كُتبُهُ / وَآراؤُهُ بَيضُهُ وَاليَلَب
كَريمُ المَناسِبِ مُستَصرَخٌ / لِسَترِ العَوارِ وَكَشفِ الكُرَب
مِنَ القَومِ لا جارُهُم مُسلَمٌ / وَلا حَبلُ ميثاقِهِم مُنقَضِب
تَذِلُّ لَهُم سَطَواتُ الأَسودِ / وَتَشقى البُدورُ بِهِم وَالسُحُب
بِهِم سارَ ذِكرِيَ بَينَ الأَنامِ / وَفَضلي إِلى جودِهِم مُنتَسِب
وَلَم تَعتَلِق حينَ أَعلَقتُها / يَدي مِنهُمُ بِضَعيفِ السَبَب
وَصُلتُ عَلى الدَهرِ مِن بَأسِهِم / بِعَضبٍ إِذا مَسَّ شَيئاً قَضَب
وَعَوَّلتُ مِنهُم عَلى ماجِدٍ / إِذا غالَبَتهُ اللَيالي غَلَب
كَريمِ الشَمائِلِ طَلقِ اليَدينِ / حُلوِ الفُكاهَةِ مُرِّ الغَضَب
هُوَ الغَيثُ إِن عَمَّ جَدبٌ أَثابَ / وَاللَيثُ إِن عَنَّ خَطبٌ وَثَب
فَمُنصُلُهُ مِن دِماءِ العِشارِ / أَو مِن دِماءِ العِدى مُختَصِب
جَوادٌ تُزَمُّ مَطايا الرَجاءِ / إِلى بابِهِ وَرِكابُ الطَلَب
فَلا ظَلُّ إِحسانِهِ قالِصٌ / وَلا شَمسُ مَعروفِهِ تَحتَجِب
إِذا فالَ أَبدَعَ فيما يَقولُ / وَإِن جادَ أَجزَلَ فيما يَهَب
نَدىً يَستَميلُ فُؤادَ الحَسودِ / وَبَأساً يَرُدُّ الخَميسَ اللَجِب
وَقى عِرضَهُ وَحَمى جارَهُ / وَأَموالُهُ عُرضَةٌ تُنتَهَب
عَلى ثِقَةٍ أَنَّهُ لَيسَ بِال / مُحَصَّلِ مِنها سِوى ما ذَهَب
وَلَولا الأَجَلُّ تَفانى الكِرامُ / وَغيضَ السَماحُ وَضَيمَ الأَدَب
وَلَمّا تَقَلَّصَ ظِلُّ الرِجالِ / لَجَأتُ إِلى عيصِهِ المُؤتَشِب
فَأَنضَبَ ماءَ الوُجوهِ السُؤالُ / وَوَجهي بِجَمَّتِه ما نَضَب
إِذا الفاضِلُ الماجِدُ الأَريَحيُّ / وَجَلَّت مَناقِبُهُ عَن لَقَب
سَقَتني يَداهُ فَقُل لِلغَمامِ / مَتى شِئتَ فَاِقلِع وَإِن شِئتَ صُب
كَفاني نَداهُ سُرى اليَعمَلاتِ / وَوَخدَ القِلاصِ المَهاري النُجُب
وَراضَت عَطاياهُ حَظي الحَرونَ / فَأَصحَبَ في كَفِّهِ وَاِنجَذَب
وَرَفَّت غُصونِيَ بَعدَ الذُبولِ / بِهِ وَاِكتَسى العودُ بَعدَ السَلَب
فَيا نَجمَ سَعدي الَّذي لا يَغيبُ / وَيا غَيثَ أَرضي الَّذي لا يَغِب
فَداكَ بَخيلٌ عَلى مالِهِ / يَعُدُّ المَناقِبَ جَمعَ الذَهَب
بَطيءُ المَساعي عَنِ المَكرُماتِ / سَريعٌ إِلى موبِقاتِ الرُتَب
إِذا عَقَدَت كَفَّهُ مَوعِداً / لَواهُ وَإِن قالَ قَولاً كَذَب
يَرُدُّ مُؤَمِّلَهُ خائِباً / يُرَدِّدُ وا سَوأَةَ المُنقَلَب
يُسِرُّ العَداواةَ في نَفسِهِ / وَشَرُّ الحَقيبَةِ ما يَحتَقِب
يَراكَ فَتَبرُدُ أَعضائُهُ / وَفي صَدرِهِ جَذوَةٌ تَلتَهِب
فَخُذ مِن ثَنائِكَ ما أَستَطيعُ / فَنُطقي يُقَصِّرُ عَمّا يَجِب
وَدونَكَ مِنّي ثَناءَ الوَليِّ / يُخَلِّصِهِ وَدُعاءَ المُحِب
عَرائِسَ ما كُنتُ في نَظمِها / بِخابِطِ لَيلٍ وَلا مُحتَطِب
مِنَ العَرَبِيّاتِ لَمّا يُزَنَّ / والِدُهُنَّ وَلَمّا يَخِب
فَأَضحَت بِهِنَّ صُدورُ الرُواةِ / مَملُؤَةً وَبُطونُ الكُتُب
وَسيرَتُها فيكَ تَطوي البِلادَ / فَأَيَّ حُزونِ فَلاً لَم تَجُب
وَجَوَّدَها فيكَ أَنّي بِها / مُوالٍ لِمَجدِكَ لا مُكتَسِب
فَلا زِلتَ وارِثَ عُمرِ الزَمانِ / تُبلي ثِيابَ البَقاءِ القُشُب
تُبَشِّرُ مُلكَكَ أَعوامُهُ / بِكَرِّ السِنينَ وَمَرِّ الحِقَب
أَياعَضُدَ الدينِ شَكوى فَتىً
أَياعَضُدَ الدينِ شَكوى فَتىً / عَلى دَهرِهِ واجِدٍ عاتِبِ
يَمُتُّ إِلَيكَ بِما لا يَمُتُّ / بِهِ اليَومَ مَولى إِلى صاحِبِ
لَهُ مَديحٌ فيكَ مَشهورَةٌ / تَدُلُّ عَلى حَقِّهِ الواجِبِ
كوشي الرِياضَ جَلاها الرَبيعُ / وَالعِقدِ في عُنُقِ الكاعِبِ
تَسيرُ شَوارِدُها الغُرُّ فيكَ / سَيرَ المَطِيَةِ بِالراكِبِ
إِذا شاهَدت نادياً غبتَ عَنهُ / دَلَّت عَلى فَضلِكَ الغائِبُ
فَيُثني عَليكَ لِسانُ الحَسودِ / بِإِنشادِها وَفَمُ العاتِبِ
فَكَيفَ تَوَخَّيتَهُ مُصَمياً / بِسَهمِ تَجَرُّمِكَ الصائِبِ
وَكانَ خَطيبَ مَعاليكُمُ / فَأَسكَتَ شِقشِقَةِ الخاطِبِ
يُقارِعُ مِن دونِ أَحسابِكُم / بِصارِمِ مِقوَلِهِ القاضِبِ
حَديقَةُ مَدحٍ رَماها شَواظُ / تَناسيكَ بِالفادِحِ الحاصِبِ
عَهِدتُكَ تَمنَحُ قَبلَ السُؤالِ / فَتَبهَرُ أُمنِيَةَ الطالِبِ
وَما زِلتَ ذا أَنفٍ أَن يَبيتَ / جارُكَ ذا أَمَلٍ خائِبِ
فَما لَكَ أَعداكَ طَبعُ الزَمانِ / فَجُزتَ عَنِ السَنَنِ اللاحِب
وَأَخلافُ جودِكَ ما بالُها / أَبَت أَن تَدُرَّ عَلى الحالِبِ
فَإِن كُنتَ تَعرِفُ حَقَّ الجِوارِ / وَإِلّا فَحَبلي عَلى غارِبي
وَتَعلَمُ أَنّي كَثيرُ العِيالِ / قَليلُ الجَرايَةِ وَالواجِبِ
وَلَستُ عَلى ظَمَئي قانِعاً / بِوِردٍ مِنَ الوَشَلِ الناضِبِ
وَلا شَكَّ في أَنَّني هارِبٌ / فَدَبِّر لِنَفسِكَ في كاتِبِ
دَعِ الحِرصَ فَالحُرُّ مَن لا يَبي
دَعِ الحِرصَ فَالحُرُّ مَن لا يَبي / تُ في رِبقَةِ الأَمَلِ الكاذِبِ
فَإِنَّ اِجتِماعَ الغِنى وَالنُهى / مَرامٌ يَشُقُّ عَلى الطالِبِ
لِأَنَّ الكِفايَةَ في جانِبٍ / مِنَ الناسِ وَالحَظ في جانِبِ
لَحى اللَهُ شَيبانَ إِن صَحَّ أَنَّ
لَحى اللَهُ شَيبانَ إِن صَحَّ أَنَّ / أَبا خالِدٍ بَعضُ ذُرِّيَّتِه
فَبُعداً لِمَن هُوَ سِرٌّ لَهُ / وَسُحقاً لِمَن هُوَ مِن أُسرَتِه
فَما الكَلبُ عِندي أَخَسُّ أَباً / مِنَ اِبنِ الخَطيبِ عَلى خِسَّتِه
لَقَد رُمِيَ الناسُ مِن خُلقِهِ ال / ذَميمِ بِأَقبَحَ مِن صورَتِه
وَقَد سَرَّني اليَومَ أَنّي رَأيتُ / نُهوضَ النَعامَةِ في نُصرَتِه
فَأَيقَنتُ أَنَّ رِداءَ النُحوسِ / سَيَشمَلُهُ وَهوَ في كُفَّتِه
وَأُقسِمُ لَو أَنَّ كِسرى قُبا / دَ أَمسى النَعامَةُ مِن شيعَتِه
لَأَرداهُ مِن شُؤمِ خِذلانِهِ ال / مُبيرِ وَأَعداهُ مِن حُرفَتِه
فَما الصِلُّ أَخبَثُ مِن طَبعِهِ / وَلا البومُ أَشأَمُ مِن طَلعَتِه
فَقُل لِلنَعامَةِ فَرخِ اللِئامِ / وَمَن عُجِنَ اللُؤمُ في طينَتِه
وَمَن تَنفُرُ الجِنُّ مِن وَجهِهِ / وَتَخشى المَكارِهِ مِن وَجنَتَه
وَمَن قيمَةُ الكَلبِ أَغلى وَقَد / أَثِمتُ مَعَ الكَلبِ مِن قيمَتِه
وَمَن يَستَعيذُ نَكيرٌ غَداً / إِذا ضَمَّهُ القَبرُ مِن نَكهَتِه
وَمَن يَسخَرُ الناسُ مِن رَأيِهِ / وَتَنبو النَواظِرُ عَن رُؤيَتِه
ثَكِلتُكَ أَيَّ جَميلٍ رَأَي / تَ مِن ذَلِكَ النَذلَ في صُحبَتِه
وَهَل مَن يُعاشِرُ ذاكَ المَهي / نَ في الأَرضِ أَخسَرُ مِن صَفقَتِه
مَتى صِرتَ تَعرِفُ حَقَّ الصَديقِ / عَليكَ وَتُجمِلُ في عِشرَتِه
وَما زِلتَ تَبحَثُ عَن عَيبِهِ / وَتَنحِتُ في الغَيبِ عَن أَثلَتِه
وَهَل أَنتَ إِلّا صَديقُ الرَخاءِ / وَعونٌ عَلى المَرءِ في شِدَّتِه
وَقَد كُنتَ تَغشاه في دارِهِ / كَثيراً وَتَأكُكُ مِن سُفرَتِه
فَقُل لي بِمَن يَدفَعُ الصالِحا / تِ عَنكَ وَيُقصيكَ مِن رَحمَتِه
رَأَيتَ عَلى أَحَدٍ نِعمَةً / أَخَسَّ وَأَقذَرَ مِن نِعمَتِه
وَهَل مَقَلَت قَبلَهُ مُقلَتا / كَ أَدنى وَأَسقَطَ مِن هِمَّتِه
وَأَنزَرَ في الفَضلِ مِن حَظِّهِ / وَأَغزَرَ في الجَهلِ مِن ديمَتِه
وَأَطوَعَ مِنهُ لِغِلمانِهِ اِن / قِياداً وَأَليَنَ مِن حُرمَتِه
فَيا رَبِّ جازِ أَبا خالِدٍ / بِما باتَ يُضمِرُ في نِيَّتِه
وَحَقِق دَعاويهِ في نَفسِهِ / وَمَكِّن يَدَ الفَقرِ مِن ثَروَتِه
فَما الحَليُ يَلبَسُهُ الغانِياتُ / بِأَبهى وَأَحسَنَ مِن عُتلَتِه
أَلا يا حَمامَةُ لا صَوَّحَت
أَلا يا حَمامَةُ لا صَوَّحَت / غُصونُ أَراكَتِكِ النابِتَه
وَدِدتُّ بِأَنَّكِ لَمّا هَتَفتِ / بِوَعدٍ وَلَم تُنجِزي ساكِتَه
وَكُنتِ قَطاةً عَلى ما عَهِدتُّ / فَصَيَّرَكِ الوَعدُ لي فَاختَه
أَرى ماءَ وَردِكُم قَد سَرَت
أَرى ماءَ وَردِكُم قَد سَرَت / فَأَعدَت رَوائِحُهُ حُرقَتي
تَغَيَّرَ عَن عَهدِهِ في الذَكاءِ / وَلَم تَتَغَيَّر لَكُم نيَّتي
وَعَهدي بِكُم قَبلَ إِعراضِكُم / لَهُ أَرَجٌ طَيِّبُ النَفحَةِ
تَضوعُ مَطاوي ثَنائي بِهِ / وَيُزري عَلى المِسكِ في الثُبنَةِ
فَأَسقَطتُمُ لَفظَةَ الوَردِ مِنهُ / وَجِئتُم بِماءٍ مِنَ البِركَةِ
فَلَم تَبرَ عِندي لَكُم ذِمَّةٌ / وَقَد بَرِأَت مِنكُمُ ذِمَّتي
وَلَمّا رَأَيتُ دَساتيجَهُ / تَطَيَّرتُ مِنهُ عَلى مُهجَتي
لِأَنِّيَ حَيٌّ وَهَذا الَّذي / بَعَثتُم بِهِ بابَهُ المَيِّتِ
أَلا ياسَمِيَّ الإِمامِ الوَصِيِّ
أَلا ياسَمِيَّ الإِمامِ الوَصِيِّ / وَمَن بِمُوالاتِهِ يُنجَحُ
وَيا اِبنَ الخَلائِفِ مِن هاشِمٍ / وَمَن لَهُمُ النَسَبُ الأَوضَحُ
بِهِم شَرُفَ البَيتُ وَالرُكنُ وَال / حَطيمُ وَزَمزَمُ وَالأَبطَحُ
إِذا وُزِنَ الناسُ طُرّاً بِهِم / فَكَفَّةُ ميزانِهِم تَرحَجُ
أَتَرضى وَحاشاكَ تَرضى بِأَن / تَخيبَ قَصيدي وَلا تَنجَحُ
وَيُفتَحُ بابُ النَدى لِلعُفاةِ / وَيُغلَقُ دوني فَلا تُفتَحُ
وَأُمنَعُ وَحدِيَ عَن مَورِدِ ال / عَطاءِ وَبي ظَمَّأٌ يَذبَحُ
وَيَفرَحُ كُلٌّ بِما نالَهُ / وَما لِيَ قِسمٌ بِهِ أَفرَحُ
وَإِن سُرِحوا في رِياضِ السَماحِ / فَما لي في جودِهِ مَسرَحُ
إِلى كَم أُعاتِبُ حَظّي المَشومِ / وَأَقتادُهُ وَهوَ لا يُسمِحُ
فَأُقسِمُ لَو كانَ مِن صَخرَةٍ / لَآنَ لَها أَنَّها تَرشَحُ
أَما كَونُ مِثلى يَذُمُّ الزَما / نِ في عَصرِ مِثلِكَ مُستَقبَحُ
فَها أَنا أَشرَحُ حالي إِلَيكَ / لِتَشرَحَها مِثلَ ما أَشرَحُ
وَأَشكوكَ مِن حِرفَةٍ لا تَريمُ / مُلازِمَةً لي وَلا تَبرَحُ
أُفَكِّرُ لَيليَ حَتّى الصَبا / حِ فيها وَأُمسي كَما أُصبِحُ
فَقَد بَرَّحَت بي وَكَوني خُصِصتُ / مِنَ الناسِ وَحدي بِها أَبرَحُ
إِذا كُنتُ في عَصرِ هَذا الإِما / مِ وَهوَ بِأَموالِهِ يَسمَحُ
وَسُحبُ مَواهِبِهِ يَستَهِلُّ / وَبَحرُ مَكارِمِهِ يَطفَحُ
وَلي مِدَحٌ فيهِ سارَ الرُواةُ / بِها وَهوَ أَكرَمُ مَن يُمدَحُ
وَكُنتَ وَأَنتَ أَجَلُّ الأَنامِ / شَفيعي وَأَمري كَذا يَنجَحُ
فَمائِلُ أَمري مَتى يَستَقيمُ / وَفاسِدُ حالي مَتى يَصلُحُ
وَهاكَ يَدي وَعَلَيَّ الوَفا / ءُ أَنّي مُذُ الدَهرِ لا أُفلِحُ
أَتَرضونَ يا أَهلَ بَغداذَ لي
أَتَرضونَ يا أَهلَ بَغداذَ لي / وَعَنكُم حَديثُ النَدى يُسنَدُ
بِأَنّي أَرحَلُ عَن أَرضِكُم / أَجوبُ البِلادَ وَأَستَرفِدُ
أَلا رَجُلٌ مِنكُم واحِدٌ / يُحَرِّكُهُ المَجدُ وَالسودَدُ
يُقَلِّدُني مِنَّةً يَستَرِقُّ / بِها حُرَّ شُكري وَيَستعبِدُ
وَيَغضَبُ لي غَضبَةً مُرّةً / يَعودُ بِها المُصلِحَ المُفسِدُ
لَقَد شانَني أَدَبي بَينَكُم / كَما شينَ بِاللِحيَةِ الأَمرَدُ
أَما لي مِنكُم سِوى شِعرُهُ / رَقيقٌ وَخاطِرُهُ جَيِّدُ
يَسُرُّكُمُ أَن يُغَنّى / بِهِ وَيُطرِبُكُم أَنَّهُ يُنشَدُ
وَأُقسِمُ أَنَّ رَغيفاً لَدَيَّ / مِن قَولِكُمُ هَيِّداً جَيِّدُ
أَرى البَحرَ مُعتَرِضاً دونَكُم / وَما لي عَلى سيفِهِ مَورِدُ
وَيَبعَدُ خَيرُكُمُ إِن دَنَوتُ / عَنّي وَالشَرُّ لا يَبعَدُ
وَأَشهَدُ في الرَوعِ يَومَ اللِقاءِ / وَإِن قُسِمَ الفَيءُ لا أَشهَدُ
وَأَغرُسُ مَدحي فَلا أَجتَني / وَأَزرَعُ شُكري وَلا أَحصُدُ
أَبيعُ ثَنائي وَكُتبي وَلا يَمُدُّ / إِلَيَّ بِرِفدٍ يَدُ
وَيوسِعني الدَهرُ ظُلماً وَلا / أُعانُ عَليهِ وَلا أُنجَدُ
زَمانٌ يُحَنِّقُني صَرفُهُ / كَأَنَّ حَوادِثَهُ مِبرَدُ
أَما يَنتَبِه لي مِنكُم كَريمٌ / فَيُسعِفَني فيهِ أَو يُسعِدُ
سَأَحتَقِبُ الصَبرَ مُستَأنِياً / لَعَلَّ عَواقِبَهُ تُحمَدُ
وَإِن كَسُدَت سوقُ مَدحي لَكُم / فَسوقُ الدَفاتِرِ لا تَكسُدُ
وَأَرحَلُ عَنكُم إِلى بَلدَةٍ / بِها في الشَدائِدِ مَن يَرفِدُ
أَحِلُّ مَحَلّي مِن أَهلِها / بِفَضلٍ فيها وَلا يُجحَدُ
إِلى بَلدَةٍ لا تَقومُ الخُطوبُ / بِالحُرِّ فيها وَلا تَقعَدُ
فَماءُ السَماحِ بِها لا يَغيضُ / وَريحُ المَكارِمِ لا تَركُدُ
وَلا الأَسَدُ الوَردُ فيها يَموتُ / جوعاً وَلا الكَلبُ يَستَأسِدُ
يُسالِمُ أَيّامُها أَهلَها / فَسَيفُ الخُطوبِ بِها مُغمَدُ
لَحى اللَهُ بِغَداذَ مِن مَوطِنٍ / بِهِ كُلُّ مَكرُمَةٍ تُفقَدُ
هِيَ الدارُ لا ظِلُّ عَيشي بِها / ظَليلٌ وَلا زَمَني أَغيدُ
نَسيمُ الهَوِيِّ بِها بارِدٌ / وَسوقُ القَريضِ بِها أَبرَدُ
وَأَخلاقُ سُكّانِها كَالزُلالِ / وَلَكِنَّ أَيديهِمُ جَلمَدُ
فَكَفُّ العَوارِفُ مَقبوضَةُ البَنانِ / وَوَجهُ النَدى أَربَدُ
وَسُحبُ المَكارِمِ لا تَستَهِلُّ / وَنارُ المَظالِمِ لا تَخمَدُ
يُرى كُلَّ يَومٍ بِها سِفلَةٌ / يَسودُ وَلَمَ يَنمِهِ سودَدُ
يُناضِلُ مِن دونِهِ وَفرُهُ / وَيَخذُلُهُ الأَصلُ وَالمَحتِدُ
وَيُعجِبُهُ طيبُ أَثوابِهِ / وَقَد خَبُثَ الأَصلُ وَالمَولِدُ
يُباري المُلوكَ وَأَفعالُهُ / بِخِسَّةِ آبائِهِ تَشهَدُ
وَيَعنى بِمُبيَضٍّ أَثوابِهِ / وَوَجهُ الزَمانِ بِهِ أَسوَدُ
فَبَينا تَراهُ عَلى حالَةٍ / يَرِقُّ لِرِقَّتِها الحُسَّدُ
إِلى أَن تَراهُ وَقَد أَمَّهُ / الدَواةُ وَمِن خَلفِهِ المُسنَدُ
حَلَلتُ بِها كارِهاً لا أَحُلُّ / إِذا الناسُ حَلّوا وَلا أَعقُدُ
كَما حَلَّ في قَبضَةِ القَرمَطِيِّ / تَحيّاتِهِ الحَجَرُ اّلأَسوَدُ
كَأَنّي لَمّا لَزِمتُ الجُلوسَ / بِأَكنافِها زَمِنٌ مُقعَدُ
يَطولُ المَطالُ عَلى ذِلَّةٍ / وَمِثلي عَلى الضَيمِ لا يَرقُدُ
وَلا لي لِلعَزمِ مِن نَهضَةٍ / يَكونُ سَميري بِها الفَرقَدُ
يَعَضُّ الحَسودُ بِها كَفَّهُ / وَمِثلي عَلى مِثلِها يُحسَدُ
لَنا يا أَبا حَسَنٍ عادَةٌ
لَنا يا أَبا حَسَنٍ عادَةٌ / عَليكَ وَدينُكَ حِفظُ العَوائِد
بِأَنَّكَ تَطرُدُ عَنّا الهُمومَ / وَما زالَ قُربُكَ لِلهَمِ طارِد
فَبِادِر إِلَينا فَصَرفُ الزَمانِ / خَفِيُّ الغَوائِلِ جَمُّ المَكائِد
وَماضي شَبابِ الفَتى لا يُرَدُّ / وَذاهِبُ عَيشِ الصِبى غَيرُ عائِد
فَسارِع إِلى مَجلِسٍ غابَ عَنهُ / كُلُّ رَقيبٍ وَواشٍ وَحاسِد
وَقَد جُمِعَت فيهِ شيناتُهُ / شَرابٌ وَشَمعٌ وَشَهدٌ وَشاهِد
أَلا قُل لِمُفتَخِرٍ بِالمَجوسِ
أَلا قُل لِمُفتَخِرٍ بِالمَجوسِ / أَبوهُ عَلى زَعمِهِ المُؤبِذُ
شَحَذتَ غِراراً وَإِنّي إِخالُ / أَنَّ لِهاديكَ ما تَشحَذُ
رَمَتكَ الوِلايَةُ في هُوَّةٍ / فَما لَكَ مِن قَعرِها مُنقِذُ
فَلو نَصَبوا جَهبَذاً ما اِرتَضى / بِما تَرتَضيهِ لَكَ الجَهبَذُ
فَحُكمُكَ عِندَهُمُ ساقِطٌ / وَقَولُكَ مُطَّرَحٌ يُنبَذُ
وَكَيفَ تُطيعُكَ صيدُ المُلوكِ / وَأَمرُكَ في البابِ لا يَنفُذُ
فَخَلِّ وَلا يَتَهُم وَاِجتَمِع / كَما جَمَعَت نَفسَها القُنفُذُ
وَدَعها اِختِياراً وَإِلّا فَأَن / تَ أَو هِيَ مِنكَ غَداً تُؤخَذُ
تَهَنَّ بِها أَشرَفَ الأَرضِ دارا
تَهَنَّ بِها أَشرَفَ الأَرضِ دارا / جَمَعتَ العَلاءَ لَها وَالفَخارا
وَأَلبَستَها هَيبَةً مِن عُلاكَ / مَلَأتَ النَواظِرَ مِنها وَقارا
أَعادَ المَساءَ صَباحاً بِها / ضِياؤُكَ وَاللَيلَ فيها نَهارا
تَبَوَّأتَها فَكَأَنَّ الجِبالَ / حَلَّت بِأَرجائِها وَالبِحارا
تَتيهُ عَلى البَدرِ بَدرَ السَماءِ / بِساكِنِها شَرَفاً وَاِفتِخارا
بِها عارِضٌ لا يَغِبُ العَطاءَ / وَبَدرُ دُجىً لا يَخافُ السِرارا
قَضاها بِأَلطَفِ تَدبيرِهِ / فَأَحسَنَ فيما قَضاهُ اِختِيارا
وَأَنشَأَها كَعبَةً لِلسَماحِ / فَأَوضَحَ نَهجاً وَأَعلى مَنارا
تَرى لِوُفودِ النَدى حَولَها / طَوافاً بِأَركانِها وَاِعتِمارا
فَكادَت وَقَد رَمَقَتها السَماءُ / تُلقي النُجومَ عَليها نِثارا
وَأَضحَت حِمى مَلِكٍ لا يُجارُ / عَليهِ وَبَحرُ نَدىً لا يُجارا
إِمامٌ تَبَلَّجَ وَجهُ الزَمانِ / بِوَجهِ خِلافَتِهِ وَاِستَنارا
وَكانَت تَرى الغَدرَ أَيّامُنا / فَعَلَّمَها كَيفَ تَرعى الذِمارا
وَآلى عَلى الدَهرِ أَن لا يَنالَ / مَآرِبَهُ مِنهُ إِلّا اِقتِسارا
وَأَصبَحَ بِاللَهِ مُستَنجِداً / فَخَوَّلَهُ بَسطَةً وَاِقتِدارا
كَريمُ المَغارِسِ مِن هاشِمٍ / يُجيرُ العِدى وَيُقيلُ العِثارا
يُضَيِّقُ بِالجودِ عُذرَ الجُناةِ / وَيوسِعُ ذَنبَ المُسيءِ اِغتِفارا
جَوادٌ إِذا لَم يَكُن يَبتَديكَ / قَبلَ السُؤالِ رَأى الجودَ عارا
أَماتَ السُؤالَ وَأَحيى النَوالَ / وَراضَ الجِماحَ وَخاضَ الغِمارا
هَنيءُ المَوارِدِ جَمُّ الحِياضِ / يَدنو قُطوفاً وَيَحلو ثِمارا
بَرى البَأسُ وَالجودُ أَقلامَهُ / فَطوراً نَجيعاً وَطوراً نُضارا
كَما اِعتَرَضَت في عَنانِ السَماءِ / وَطفاءُ تَحمِلُ ماءً وَناراً
حَمى حوزَةَ الدينِ مُرُّ الإِباءِ / أَبى أَن يُذِلَّ لَهُ الدَهرُ جارا
وَرَدَّ ظُبى الجَورِ مَفلولَةً / وَأَيدي الحَوادِثِ عَنّا قِصارا
إِذا أَنضَتِ البيضُ أَغمادَها / كَسَت خَيلُهُ الجَوَّ نَقعاً مُثارا
مِنَ القَومِ تُشرِقُ أَحسابُهُم / كَما وَضَحَ الصُبحُ ثُمَّ اِستَطارا
هُمُ خيرَةُ اللَهِ مِن خَلقِهِ / وَأَكرَمُهُم يَومَ فَخرٍ فِخارا
إِذا عَنَّ خَطبٌ وَجَدبٌ قَرَوهُ / وُجوهاً صِباحاً وَأَيدٍ غِزارا
سَأَملَأُ فيهِ أَقاصي البِلادِ / ثَناءً مَتى سارَتِ الشَمسُ سارا
وَأُبقي عَلى مَفرِقِ الدَهرِ مِن / هُ تاجاً وَفي مِعصَمَيهِ سِوارا
قَوافٍ كَأَنّي عَلى السامِعينَ / أُديرُ بِهِنَّ شُمولاً عُقارا
تَضَوَّعَ مِسكاً كَأَنَّ الثَناءَ / شَبَّ بِها مَندَلِيّاً وَغارا
وَتَفتَرُّ عَن شِيَمٍ كَالرِياضِ / ضاحَكَ نَوّارُها الجُلَّنارا
حِسانٌ فَإِن كُنتُ أَرسَلتُهُنَّ / عَوناً فَإِنَّ المَعاني عَذارا
وَأَشكُرُ ما خَوَّلَتني يَداهُ / شُكرَ رِياضِ الرَبيعِ القُطارا
وَإِنّي لَراجٍ بِهِ أَن أَنالَ / مَحَلّاً رَفيعاً وَأَمراً كُبارا
فَيُعدِمَ لي مِن زَمانِ الشَبابِ / لَيالِيَ قَضَّيتُهُنَّ اِنتِظارا
فَلا زالَ يُبلي لُبوسَ الزَمانِ / وَيَنضوهُ ما كَرَّ فينا وَدارا
تَؤُمُّ وُفودُ التَهاني حِماهُ / كَما أَمَّ دُفّاعُ سَيلٍ قَرارا
وَأَغيَدَ ما عَنهُ لِلصَبِّ صَبرُ
وَأَغيَدَ ما عَنهُ لِلصَبِّ صَبرُ / إِلَيهِ مِنَ اللَومِ فيهِ المَفَرُّ
أَقولُ لِمَن لامَني في هَواهُ / رُوَيداً فَلي في عِذارَيهِ عُذرُ
بِخَدَّيهِ ماءٌ وَنارٌ وَفي / مُقَبَّلِهِ العَذبِ مِسكٌ وَخَمرٌ
حَمَتهُ صَوارِمُ أَلحاظِهِ / فَأَصبَحَ وَالثَغرُ مِن فيهِ ثَغرُ
لَواحِظُ فيها رُقىً لِلمُحِبِّ / إِذا ما كَشَرنَ لِوَعدٍ وَسِحرُ
حَكى قَلَقي وَنُحولي بِهِ / وِشاحٌ يَجولُ عَليهِ وَخَصرُ
كَسَتهُ المَلاحَةُ ثَوباً عَليهِ / لِحَظِّ العِذارِ مِنَ الحُسنِ شَطرُ
أَصَرَّ العَذولُ عَلى العَذلِ فيهِ / وَقَلبي عَلى الوَجدِ فيهِ مُصِرُّ
فَكَيفَ أُطيقُ جُحودَ الغَرا / مِ في حُبِّهِ وَدُموعي تُقِرُّ
نَشَدتُكَ يا ظالِمَ المُقلَتَينِ / هَل عِندَ قَلبي لِعَينيكَ وِترُ
حَظَرتَ عَلى مُقلَتَيَّ الرُقادَ / وَحَلَّلتَ سَفكَ دَمي وَهوَ حُجرُ
إِذا لَم يَكُن فيكَ لِلمُستَهامِ / عَطفٌ وَلَيسَ لَهُ عَنكَ صَبرُ
فَكَيفَ يُرَجّى لَهُ سَلوَةٌ / وَأَنّى يُفَكُّ لَهُ مِنكَ أَسرُ
أَتَذكُرُ لَيلَةَ نادَمتِني / وَمالَ بِعَطفَيكَ تيهٌ وَسُكرُ
وَزَوَّدتَني قُبَلاً لِلوَداعِ / بِأَبرَدِها وَهيَ في القَلبِ جَمرُ
فَلَمّا هَتَكنا قِناعَ الوَقارِ / وَمُدَّ عَلَينا مِنَ اللَيل سِترُ
أَذلَتُ دُموعي حِذاراً عَلَيكَ / مِنَ البَينِ وَالحُبُّ حُلوٌ وَمُرُّ
فَكَيفَ أَعادَ أَصيلَ الوِصالِ / مِنكَ هَجيراً بِعادٌ وَهَجرُ
كَذا شيمَةُ الدَهرِ في أَهلِهِ / سُرورٌ وَحُزنٌ وَنَفعٌ وَضُرُّ
وَلَستُ إِذا كُنتُ جارَ الأَميرِ / مِمَّن يُراعُ إِذا جارَ دَهرُ
هُوَ المَرءُ يَكبَرُ يَومَ الفِخارِ / قَدراً وَما في سَجاياهُ كُبرُ
كَريمٌ يُبَشِّرُ راجي نَداهُ / بِالنُجحِ مِنهُ اِبتِسامٌ وَبِشرُ
لَهُ نَسَبٌ واضِحٌ نورُهُ / كَما اِنشَقَّ عَن غَسَقِ اللَيلِ فَجرُ
سَليلُ الأَئِمَّةِ مِن هاشِمٍ / وَمَن أَمرُهُم في بَني الدَهرِ أَمرُ
مَساميحُ تُخصِبُ أَكنافُهُم / وَوَجهُ الثَرى مُجدِبٌ مُقشَعِرُّ
بِمَجدِهِمُ شَرُفَت في القَديمِ / قُرَيشٌ وَسادَت عَلى الناسِ فِهرُ
فَيا اِبنَ الدَوامِيِّ أَنتَ اِمرِءٌ / بِحَقِّ الصَديقِ عَلَيهِ مُقِرُّ
وَلي إِرَبٌ إِن تَوَصَّلتَ فيهِ / عادَ بِنَفعي وَلا تُستَضَرُّ
إِذا ما وَقَفتَ بِبابِ الأَميرِ / وَلاحَ لَكَ القَمَرُ المُستَسِرُّ
فَقَبِّل ثَرى الأَرضِ عَنّي فَلي / بِتَقبيلِ مَوطىءِ نَعلَيهِ فَخرُ
وَقُل يا عَليُّ العَلِيَّ المَحَلِّ / وَيا مَن مَواهِبُ كَفَّيهِ غَزرُ
سَماؤُكَ لِلسائِلِ المُستَميحِ / هَطولٌ وَبَحرُ عَطاياكَ غَمرُ
وَأَنتَ إِذا أَجدَبَ المُعتَفونَ / سَحابٌ وَإِن أَظلَمَ الخَطبُ بَدرُ
وَسِعتَ المُسيئينَ عَفواً وَجُدتَ / فَصَدرُكَ بَرٌّ وَيُمناكَ بَحرُ
أَعِنّي عَلى سُنَّةٍ لِلخَليلِ / جَدِّكَ فيها إِلى اليَومِ ذِكرُ
فَإِنَّ لِيَ اِبناً يَباتُ الفُؤا / دُ مِن فَرطِ حُبّي لَهُ ما يَقِرُّ
تَوانَيتُ عَنهُ إِلى أَن أَتَت / عَليهِ سِنونَ مِنَ العُمرِ عَشرُ
وَقَد كانَ تَطهيرُهُ في النِفاسِ / أَنفَعَ لي وَالتَواني مُضِرُّ
وَقَد صَحَّ عَزمي عَلى طُهرِهِ / وَما لِيَ إِلّا عَطاياكَ ذُخرُ
وَما أَبتَغيهِ يَسيرٌ إِذا / أُضيفَ إِلى جودِكَ الغَمرِ نَزرُ
شَرابِيَّةٌ سِلكُها كَالغُبارِ / تَرى عَينُ لابِسِها ما يَسُرُّ
لِأَعلامِها نَسَبٌ في العِراقِ / عَريقٌ وَلِلرَقمِ وَالنَسجِ مِصرُ
كَرِقَّةِ شِعري وَإِن جَلَّ ما / تَمودُ بِهِ أَن يُدانيهِ شِعرُ
حَريرِيَّةٌ وَجهُها بِالنُضارِ / إِذا ما اِجتَلَت حُسنَهُ العَينُ مَضرُ
إِذا أَنتَ أَهدَيتَها كَالعَرو / سِ حالِيَةً فَلَها الحَمدُ مَهرُ
يُجَدِّدُ ذِكرَكَ أَخلاقُها / وَفي طَيِّها لِمَعاليكَ نَشرُ
فَعِندَكَ ما شِئتَ أَمثالُها / وَعِندِيَ ما شِئتُ حَمدٌ وَشِكرُ
وَما لَكَ عُذرٌ إِذا لَم تَجُد / وَما لي إِذا لَم أُجِد فيكَ عُذرُ
فَبادِر بِها وَاِنتَهِز فُرصَةً / لِسَعيِكَ فيها ثَوابٌ وَأَجرُ
فَإِنَّ المَدائِحِ عُمرَ الزَمانِ / باقِيَةٌ وَالعَطايا تَمُرُّ
وَما كُلَّ يَومِ عَدَتكَ الخُطوبُ / يَكونُ لِعَبدِ أَياديكَ طُهرُ
فَلا قَصُرَت فيكَ آمالُنا / وَلا طالَ يَوماً لِشانيكَ عُمرُ
وَلا زالَ يُنضي رِكابَ الهَناءِ / إِلَيكَ صِيامٌ وَعيدٌ وَفِطرُ
أَلا يا أَبا الحَسَنِ المُستَماحُ
أَلا يا أَبا الحَسَنِ المُستَماحُ / وَمَن في الخُطوبِ هُوَ المُستَجارُ
وَيامَن إِلى قَومِهِ الأَكرَمينَ / يُنمى العَلاءُ وَيُعزى الفِخارُ
لَهُم هِمَمٌ في اِكتِسابِ الثَنا / ءِ عالِيَةٌ وَنُفوسٌ كِبارُ
يا اِبنَ المُظَفَّرِ يا ما جِداً / أَبى أَن يَذِلَّ لَكَ الدَهرَ جارُ
أُعيذُ عُلا بَيتِكَ الكِسرَوِيِّ / أَن يُستَعادَ إِلَيكَ المُعارُ
فَلَستَ وَحاشاكَ مِمَّن يُعيرُ / يَوماً وَلا أَنا مِمَّن يُعارُ
وَلَستَ بِمُستَنكِرٍ أَن تَجودَ / وَلا لَكَ أَن لا تَجودَ اِعتِذارُ
وَأُقسِمُ أَنّي لَفي غَيرَةٍ / عَليكَ وَكُلُّ مُحِبٍّ يُغارُ
فَسَقِّ غُروسَ أَبيكَ الَّتي / سَقَتهُنَّ سُحبُ يَدَيهِ الغِزارُ
وَليسَ اِنخِداعُكَ عاراً عَليكَ / وَلَكِنَّ خَيبَةَ راجيكَ عارُ
وَلِلشُعَراءِ عَدَتكَ الخُطوبُ / عَلى مالِ كُلِّ كَريمٍ غِوارُ
وَها أَنَذا قَد بَعَثتُ الثَناءَ / مُعارَضَةً وَإِلَيكَ الخِيارُ
فَعَلتَ وَأَنجَزتَ فِعلَ الكِرامِ
فَعَلتَ وَأَنجَزتَ فِعلَ الكِرامِ / وَغَيرُكَ إِن قالَ لا يُنجِزُ
وَأَنتَ إِذا قُلتَ قَولاً أَقَمتَ / عَليهِ وَغَيرُكَ مُستَوفِزُ
وَإِنَّي طَويلُ لِسانِ الثَناءِ / عَليكَ وَلَكِنَّني موجِزُ
فَدونَكَ حَمداً كَزَهرِ الرِياضِ / فَالحَمدُ أَنفَسُ ما يُحرَزُ
وَأُقسِمُ لَو سُمتَني أَن تَنالَ
وَأُقسِمُ لَو سُمتَني أَن تَنالَ / كَفّي الكَواكِبَ لَم أَعجِزِ
وَلَو رُمتَ مِنِّيَ بيضَ الأَنوُقِ / وَعَنقاءَ مَغرِبَ لَم تُعوِزِ
وَقَد غادَرَتني صُروفُ الزَمانِ / لَديكَ جَريحاً وَلَم يُجهَزِ
وَمِلتَ عَلَيَّ مَعَ الحادِثاتِ / وَما في قَناتِيَ مِن مَغمَزِ
وَلي عِندَ أَيّامِ دَهري المَشومِ / وُعودٌ مِنَ الحَظِّ لَم تُنجَزِ
فَكُن ثابِتاً في الرِضى وَاِختَلِس / عَلى السُخطِ خُلسَةَ مُستَوفِزِ
لَنا صاحِبٌ قالِصٌ ظِلُّهُ
لَنا صاحِبٌ قالِصٌ ظِلُّهُ / إِلَيهِ نُحِثُّ الهِجانَ القِلاصا
فَيا رَبِّ قَرِّب لَنا بُعدَهُ / وَعَجِّل لَنا مِن يَدَيهِ الخَلاصا
إِذا ما غَدَونا إِلى بابِهِ / غَدَونا بِطاناً وَرُحنا خِماصا
فَبِالجوعِ نَهلِكُ في دارِهِ / وَبِالذَمِّ نَأخُذُ مِنهُ القَصاصا
فَلا جادَها الغَيثُ مِن أَربُعٍ / وَلا بارَكَ اللَهُ فيها عِراصا
أَعيذُكِ مِن لَوعَتي وَاِشتِياقي
أَعيذُكِ مِن لَوعَتي وَاِشتِياقي / وَداءِ هَوىً مالَهُ فيكِ راقي
وَلَيلٍ طَويلٍ أُقَضّيهِ فيكِ / بِنارِ الضُلوعِ وَماءِ المَآقي
بِجِسميَ ما في الجُفونِ المِراضِ / مِن سَقَمٍ وَالخُصورِ الدِقاقِ
وَحَمَّلتِني الهَجرَ غِبَّ الفِراقِ / فَهَلّا اِكتَفَيتِ بِيَومِ الفِراقِ
بِعَينيكِ ما أَشتَكي مِن جَوىً / مُعَذِّبَتي وَلَها ما أُلاقي
يُسَهِّلُ لي فيكَ صَعبَ المَلامِ / خَلِيُّ الحَشا لَم يَبِت في وِثاقِ
إِلَيكِ فَبَيني وَبَينَ السُلُوِّ / ما بَينَ أَردافِها وَالنِطاقِ
وَرُبَّ لَيالٍ نَصَحنا بِها / حَرَّ الفِراقِ بِبَردِ التَلاقي
بِصُفرِ التَرائِبِ حُمرِ الخُدودِ / بيضِ المَباسِمِ سودِ الحِداقِ
وَبِتُّ أُمازِحُ حَتّى الصَباحِ / نَشرَ العِتابِ بِلَفِّ العِناقِ
تَقَضَّت قِصاراً وَلَكِنَّها / أَطالَت عَلَيَّ اللَيالي البَواقي
وَوَلّى الصِبى وَلَيالي التَمامِ / يَعقُبُهُنَّ لَيالي المُحاقِ
وَآمِرَةٍ لي بِجَوبِ البِلادِ / وَإِنضاءِ كُلِّ أَمونٍ دِفاقِ
دَريني فَإِنَّ سُؤالَ الرِجالِ / مُستَكرَهُ الطَعمِ مُرُّ المَذاقِ
وَإِنَّ القَناعَةَ لَو تَعلَمينَ / عَلى المَرءِ دِرعٌ مِنَ الغارِ واقي
كَفاني أَبو الفَرَجِ الأَريَحِيُّ / سُرى اليَعمَلاتِ وَحَثَّ النِياقِ
أَأَطلُبُ وِرداً بِأَرضِ الشَآمِ / وَدونيَ بَحرٌ بِأَرضِ العِراقِ
غَزيرُ النَوالِ لَهُ راحَةٌ / إِذا نَضَبَ البَحرُ ذاتُ اِندِفاقِ
إِذا صَرَّدَ الباخِلونَ العَطاءَ / سَقَتكَ يَداهُ بِكَأسٍ دِهاقِ
أَروحُ وَأَغدو عَلى جودِهِ / فَمِنهُ اِصطِباحي وَمِنهُ اِغتِباقي
فَيَوماهُ يَومٌ لِنَحرِ العِشارِ / وَيَومٌ لِقَودِ المذاكي العِتاقِ
غَنيتُ بِجودِكَ فَخرَ المُلوكِ / عَن خَلَقٍ ما لَهُم مِن خَلاقِ
بِأَيدٍ خِفافٍ إِذا ما اِقتَرَيتَ / أَخلاقَها وَوُجوهٍ صِفاقِ
يَجودونَ لِلطارِقِ المُستَثيبِ / بِما شِئتَ مِن كَذِبٍ وَاِختِلاقِ
شَفَيتَ عَلى ظَمَإٍ غُلَّتي / وَنَفَّستَ مِن بَعدِ ضيقٍ خُناقي
وَأَحمَدتَّ عِندَكَ سوقَ المَديحِ / وَقَد كانَ قَبلُ قَليلَ النَفاقِ
كَأَنَّكَ في الدَستِ يَومَ السَلامِ / جَدُّكَ وَالتاجُ تَهتَ الرُواقِ
فِداؤُكَ كُلُّ مَشوبِ الوِدادِ / قَليلِ الحَياءِ كَثيرِ النِفاقِ
أَيُدرِكُ شَأوَكَ ذو كَبوَةٍ / قَصيرُ خُطى المَجدِ يَومَ السِباقِ
وَناوٍ رَآكَ تَفوتُ العُيونَ / فَمَنَّتهُ أَطماعُهُ بِاللِحاقِ
رُوَيداً لَقَد كَذَبَتكَ الظُنونُ / وَلَو كُنتَ عالي سَراةِ البُراقِ
كَلِفتَ بِحُبِّ المَعالي كَما / كَلِفتُ بِحُبِّ القُدودِ الرِشاقِ
فَما يَستَفيقُ كِلانا هَوىً / بِسُمرٍ دِقاقٍ وَبيضٍ رِقاقِ
رَفَعتُ إِلَيكَ رُؤوسَ الثَناءِ / عَذراءَ مِن حُسنِها في نِطاقِ
وَسَيَّرتُها فيكَ فَاِسأَل بِها / رِكابَ الفَلا وَحُداةَ الرِفاقِ
لِيَهنَ مَعاليكَ يا اِبنَ الكِرامِ / مَدحٌ إِذا نَفِدَ المالُ باقي
وَإِنَّكَ تَبقى بَقاءَ الزَمانِ / مَشيدَ البِناءِ رَفيعَ المَراقي
أَلا مُنصِفٌ لي مِن ظالِمٍ
أَلا مُنصِفٌ لي مِن ظالِمٍ / تَمَلَّكَني جورُهُ وَاِستَرَق
وَأَصبَحتُ مُرتَزِقاً راحَتَيهِ / وَبِئسَ المَعيشَةُ والمُرتَزَق
قَليلُ الصَوابِ إِذا ما اِرتَأى / بَذِيُّ اللِسانِ إِذا ما نَطَق
كَثيرُ التَحَيُّفِ في ظُلمِهِ / إِذا أَخَذَ اللَحمَ يَوماً عَرَق
يَضَنُّ عَلى الناسِ مِن بُخلِهِ / بِروحِ نَسيمِ الصَبا المُنتَشَق
وَلَو كانَ يَقدِرُ مِن لُؤمِهِ / حَمى الطَيرَ أَن يَستَظِلَّ الوَرَق
يُظاهِرُ لِلناسِ يَومَ السَلامِ / لِباساً جَديداً وَعَرِضاً خَلَق
وَيَنعَرُ في دَستِهِ مُجلِباً / فَتُقسِمُ أَنَّ حِماراً نَهَق
فَلا عِرضُهُ قابِلٌ لِلثَناءِ / وَلا عِطفُهُ بِالمَعالي عَبِق
وَلَيسَ لَهُ مِن سَجايا المُلوكِ / غَيرُ اللَجاجِ وَسوءِ الخُلُق
يُحاسِبُ ذَبّاحَهُ بِالكُبودِ / وَطَبّاخَهُ بِكِسارِ الطَبَق
وَإِن جِئتَ يَوماً إِلى بابِهِ / لِأَمرٍ عَرى أَو مُهِمٍّ طَرَق
يَقولونَ في شاغِلٍ / بِحِفظِ القُدورِ وَكَيلِ المَرَق
لَهُ مَنظَرٌ هائِلٌ شَخصُهُ / تُعَرُّ الوُجوهُ بِهِ وَالخِلَق
وَوَجهٌ إِذا أَنا عايَنتُهُ / تَعَوَّذتُ مِنهُ بِرَبِّ الفَلَق
تَجيشُ إِذا ذَكَرَتهُ النُفوسُ / وَتَنبو إِذا نَظَرَتهُ الحَدَق
وَيُكسِبُهُ ظُلمُهُ ظُلمَةً / تُعيرُ النَهارَ سَوادَ الغَسَق
فَلَيتَ دُجى وَجهِهِ المُدلَهِمِّ / مِن دَمِ أَوداجِهِ في شَفَق
يَمُدُّ يَداً قَطُّ ما أَسلَفَت / يَداً وَفَماً دَهرَهُ ما صَدَق
يَداً أَغلَقَت بابَ آمالِنا / بِوَدِّيَ لَو أَنَّها في غَلَق
لِمَيمونَ وَجهٌ يَسوءُ العُيونَ
لِمَيمونَ وَجهٌ يَسوءُ العُيونَ / مَنظَرُهُ الأَسوَدُ الحالِكُ
وَحَمّامُهُ مُظلِمٌ بارِدٌ / يَضَلُّ بِأَرجائِهِ السالِكُ
وَهَب أَنَّ حَمّامَهُ جَنَّةٌ / أَلَيسَ عَلى بابِهِ مالِكُ
فَلا يُضجِرَنكَ اِزدِحامُ الوُفودِ
فَلا يُضجِرَنكَ اِزدِحامُ الوُفودِ / عَلَيكَ وَكَثرَةُ ما تَبذُلُ
فَإِنَّكَ في زَمَنٍ لَيسَ فيهِ / جَوادٌ سِواكَ وَلا مُفضِلُ
وَقَد قَلَّ في أَهلِهِ المُنعِمونَ / وَقَد كَثُرَ البائِسُ المُرمِلُ
وَما فيهِ غَيرُكَ مَن يُستَماحُ / وَما فيهِ إِلّاكَ مَن يُسأَلُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025